في الواجهةمقالات قانونية

الضوابط النظامية في انتقال السلطة في النظام الدستوري السياسي السعودي

الضوابط النظامية في انتقال السلطة في النظام الدستوري السياسي السعودي

 

الدكتور : محمد بن علي معجب الكبيري

أستاذ الأنظمة المشارك في كليات الأفلاج – المملكة العربية السعودية 

الضوابط النظامية في انتقال السلطة
الضوابط النظامية في انتقال السلطة

الملخص

تحرص الأنظمة مع اختلاف مصادرها ، على إن تصدَر دساتيرها، ونظم الحكم فيها ، بالنصوص الخاصة بانتقال وتداول السلطة وكيفية ممارستها ، ومن بين هذه الأنظمة ، النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية ، وسوف أتناول من خلال هذه الدراسة القواعد الدستورية المنظمة لأحكام انتقال السلطة  في النظام الدستوري السعودي من خلال المنهج التأصيلي القائم على الاستقراء للواقع السعودي في ظل المرحلة العرفية لهذه القواعد، وإلى ما قبل صدور نظام هيئة البيعة ، ثم المنهج التحليلي لها في مرحلتها المنظمة من خلال نصوص النظام الأساسي للحكم ، ونظام هيئة البيعة ،ولائحته التنفيذية ، ثم الأوامر التي تلتها. ممهداً لذلك بإلقاء الضوء بإيجاز على قواعد تولي وانتقال سلطة الحكم في الشريعة الإسلامية والأنظمة الوضعية.

وقد قسمت هذه الدراسة إلى مبحثين وأربعة مطالب على النحو التالي :

المبحث الأول : انتقال السلطة في النظام السعودي قبل إصدار نظام هيئة البيعة

المطلب الأول : طرق انتقال السلطة في الشريعة الإسلامية والأنظمة الوضعية.

المطلب الثاني : انتقال السلطة في النظام السعودي من الممارسة العرفية إلى التنظيم.

المبحث الثاني : انتقال السلطة في النظام السعودي بعد إصدار نظام هيئة البيعة

المطلب الأول : الانتقال الدائم للسلطة.

المطلب الثاني : الانتقال المؤقت للسلطة.

ثم بعد ذلك ما توصل له الباحث من نتائج وتوصيات

The abstract:

All regimes and systems of governance are keen to issue their constitutions starting with the texts for the transfer and delegation of power and how to exercise them and from these regimes, the Statute of the rule in Saudi Arabia.  This study will tackle the constitutional rules governing the terms of the transfer of power in the Saudi constitutional order through themethod of Taisulbased on the induction of the Saudi reality under the customary stage of these rules and to the pre-issuance of Allegiance Council system.This is followed by the analytical method of it in the phase of the organization through the texts of the Basic Law and the system of Allegiance and its implementing regulations body and the commands which followed. Starting the introductionwith brief notes of the rules of taking over and transmission of power to rule in Islamic law and customs rule.

The study was divided into two sections and four demands as follows:

First topic: the transition of power in Saudi regime before Allegiance Council system version

First requirement: the nature and methods of transfer of power.

The second requirement: the transition of power in the Saudi system of customary practice to the organization.

The second topic: the transition of power in Saudi regime after Allegiance Council system version

First requirement: the permanent transition of power.

The second requirement: the transition to the interim authority.

Then the findings of a researcher and the recommendations

المقدمة

لا شك إن النفس مجبولة على حب السلطة ، إذ الكل فيها طامع ومن أجلها يصارع ، ومالم تكن حدودها مرسومة ، وطرق انتقالها معلومة ، لأدى ذلك إلى إيقاظ الفتن ، ووقوع الناس في المحن ، لاسيما وإن أول عروة تنتقض من هذا الدين ، هي عروة الحكم ، وهي في غيره  من الأنظمة الأخرى أسرع نقضاً ، وأشد إنحرافاً ، لقوله r ” لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة ……” إلى إن قال ” ….فأولها نقضاً الحكم وآخرها الصلاة” ([1] ) .

وقد قال العلامة الشهرستانى” وأعظم خلافٍ بين الأمة ، خلاف الإمامة ، إذا ماسل سيف في الإسلام على قاعدةٍ دينية مثل ما سل على الإمامة في كل زمان” ([2]) .

لذلك حرصت الأنظمة مع اختلاف مصادرها ، على إن تصدَر دساتيرها ،ونظم الحكم فيها ، بالنصوص الخاصة بانتقال، وتداول السلطة، وكيفية ممارستها ، ومن بين هذه الأنظمة ، النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية ، محل دراستني في هذا البحث ([3]).

ولما كان الإسلام يعارض الفوضى بجميع صورها، وعلى رأسها الفوضى السياسية  ، لذا أوجب إقامة السلطة التي تنظم شؤون الناس العامة ،والخاصة ([4])، فقال صلى الله عليه وسلم ” إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم”([5]) ،ومن هنا أستنبط الفقهاء وجوب وجود القيادة السياسية فقال ابن تيمية  رحمه الله إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أوجبها في الاجتماع الأصغر فهذا دليل على وجوبها في الاجتماع الأكبر، وهو اجتماع الأمة، فالناس لا تتم مصلحتهم لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا بالاجتماع والتناصر([6]). ولذلك قال على رضي الله عنه ” لايُصلِح الناس إلا أمير برٌ ،أو فاجر” قالوا يا أمير المؤمنين هذا البر فكيف الفاجر؟ قال ” إن الفاجر يؤمن الله عز وجل به السبل ، ويجاهد به العدو ، ويجبى به الفئ ، وتقام به الحدود ، ويحج به البيت ، ويعبد الله فيه المسلم أمناً حتى يأتيه أجله”([7]).

 موضوع البحث :

وسوف أتناول من خلال هذه الدراسة، القواعدالنظامية الدستورية، المنظمة لأحكام انتقال السلطة ، في النظام الدستوري السعودي، من خلال المنهج التأصيلي، القائم على الاستقراء للواقع السعودي ،في ظل المرحلة العرفية لهذه القواعد ،وإلى ما قبل صدور نظام هيئة البيعة ، ثم المنهج التحليلي لها في مرحلتها المنظمة، من خلال نصوص النظام الأساسي للحكم ، ونظام هيئة البيعة ،ولائحته التنفيذية ، ثم الأوامر التي تلتها، ممهداً لذلك بإلقاء الضوء بإيجاز على قواعد تولي، وانتقال سلطة الحكم في الشريعة الإسلامية، والأنظمة الوضعية.

وقد قسمت هذه الدراسة إلى مبحثين، وأربعة مطالب ،على النحو التالي :

المبحث الأول : انتقال السلطة في النظام السعودي قبل إصدار نظام هيئة البيعة.

المطلب الأول : طرق انتقال السلطة في الشريعة الإسلامية، والأنظمة الوضعية .

المطلب الثاني : انتقال السلطة في النظام السعودي من الممارسة العرفية إلى التنظيم.

المبحث الثاني : انتقال السلطة في النظام السعودي بعد إصدار نظام هيئة البيعة.

المطلب الأول : الانتقال الدائم للسلطة.

المطلب الثاني : الانتقال المؤقت للسلطة.

مشكلة البحث :

تثير قواعد انتقال السلطة في المملكة العربية السعودية العديد من التساؤلات ،التي ترجع في حقيقتها إلى الطبيعة الخاصة لهذا النظام ، حيث يستمد قواعده ،وأحكامه من الشريعة الإسلامية، هذا من جانب  ، ومن جانب  آخر اعتماده على نظام التوارث أساساً لانتقال سلطة الحكم ، الأمر الذي يقتضى التعرف على طبيعة هذه القواعد، والأساس الذي تستند إليه ،لاسيما في مرحلتها العرفية أثناء  تأسيس المملكة العربية السعودية ، ثم مرجعية هذه القواعد بعدما تم تقنينها في نصوص مكتوبة.

أهمية البحث :

ترجع أهمية هذا البحث إلى أمرين، أحدهما عام ،والآخر خاص، وذلك على النحو التالي:

الأمــر الأول : مرجعه إلى صعوبة البحث في القانون الدستوري السعودي بصفة عامه ؛نظراً لندرة المراجع التي كتبت عنه ؛إذ لا تتجاوز الكتب ،والبحوث التي كتبت عن القانون الدستوري السعودي، أصابع اليد الواحدة ، كما يقر بذلك معظم إن لم يكن جميع الباحثين في هذا المجال. ([8])

الأمر الثاني : متعلق بطبيعة القواعد التي يتناولها هذا البحث، والخاصة بتولي سلطة الحكم، وانتقالها ؛نظراً لما لهذه القواعد من أهمية بالغه في جميع الدساتير عامه، والدستور السعودي  خاصة، لما يتناوله المؤيدون، والمعارضون لهذا النظام من أقاويل في هذا الخصوص ، حيث يرى المؤيدون إنها قواعد شرعيه خالصة ، بينما يرى المعارضون بأنها توارث ليس إلا.

ومن هنا فإن هذه الدراسة تعد إضافة إلى المكتبة الدستورية السعودية من جانب  أول ، كما تعد وميض من نور لإضفاء الوضوح حول هذه القواعد من جانب  آخر، فيزول بذلك اللبس الواقع في هذا الموضوع.

  الدراسات السابقة .

على قدر بحثي  المتواضع ، وعلى قدر علمي ، إلا أنه يعد من أوائل البحوث التي تتناول هذا الموضوع باستثناء دراسة وحيدة للباحث / على بن سليمان العطية ، وهي عبارة عن رسالة دكتوراه ،مقدمة إلى قسم السياسة الشرعية بالمعهد العالي للقضاء ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1427هـ، بعنوان ” السياسة الشرعية في النظام الأساسي للحكم ” ،وقد تناول الباحث في أحد مباحث الفصل الأول من الباب الأول لرسالته موضوع (المقارنة بين طرق اختيار حاكم الدولة من خلال السياسة الشرعية ،والنظام الأساسي للحكم) ، غير إن دراستي  تختلف عن الدراسة المشار إليها من جانبين:

الجانب الموضوعي :حيث تنصب الدراسة السابقة ،على أحكام اختيار حاكم الدولة الواردة في النظام الأساسي للحكم فقط ،ومقارنتها بالسياسة الشرعية ، أما دراستي فتشمل بُعداً أوسع ،وهو قواعد انتقال السلطة وضوابطها من خلال نصوص النظام الأساسي، بالإضافة إلى نصوص نظام هيئة البيعة، ولائحته التنفيذية بل، والأوامر التي تلت ذلك.

الجانب الزمنـــي : الدراسة المشار إليها اقتصرت على الفترة الزمنية اللاحقة لصدور النظام الأساسي للحكم ،وإلى ما قبل إصدار نظام هيئة البيعة ، أما دراستي  فتبحث في قواعد انتقال السلطة وضوابطها في المملكة منذ تأسيسها ،وحتى الآن.

المبحث الأول : انتقال السلطة في النظام السعودي قبـل إصدار نظــام هيئـة البيعـة.

بادئ ذي بدء أشير إلى إن المقصود بالسلطة التي سأتناول  أحكام انتقالها في هذا البحث هي سلطة الحكم في المملكة العربية السعودية ،والتي يأتي على رأسها بلا شك منصب الملك ، يتلوه منصب ولي العهد ، ثم آخر هذه المناصب استحداثاً وهو منصب ولى ولي العهد ، باعتبار إن سلطة الحكم الدستورية في النظام السعودي تتشكل من هذه المناصب مجتمعة ، مع تفاوت صلاحيات كل منها،وقد وضعت فكرة التحول من الممارسة العرفية إلى التنظيم الكامل لقواعد هذا الانتقال ،بإصدار نظام هيئة البيعة في المملكة العربية السعودية، معياراً فاصلاً بين هاتين المرحلتين ، وقد قسمت هذا المبحث إلى مطلبين أتناول في أولهما ، طرق انتقال السلطة في كل من الشريعة الإسلامية، والأنظمة الوضعية ، وفي ثانيهما، انتقال السلطة في النظام السعودي من الممارسة العرفية إلى التنظيم.

المطلب الأول : طرق انتقال السلطة في الشريعة الإسلامية والأنظمة الوضعية .

سوف أوضح من خلال هذا العنصر طرق انتقال السلطة في كلٍ من الشريعة الإسلامية، ثم الأنظمة الوضعية بشئ من الإيجاز ، حتى إذا ما تناولت هذه القواعد في النظام السعودي  تفصيلياً بعد ذلك، كان من السهل معرفة طبيعتها، وإلى أي النظامين تميل .

الفرع الأول : طرق انتقال السلطة في الشريعة الإسلامية.

  • البيعة.
  • معنى البيعة في اللغة.

البيعة مادة  بيع: بفتح الباء تطلق، ويراد بها الصفقة على إيجاب البيع ، وعلى المبايعة ،والطاعة.وقد تبايعوا على الأمر : كقولك أصفقوا عليه ، وبايعه عليه مبايعهً : عاهده ، وبايعته من البيع  والبيعة جميعاً ،.( وفي الحديث إنه قال : ألا تبايعونى على الإسلام )؟ هو عبارة عن المعاقدة والمعاهدة ، كان كل واحد منهما باع ما عنده من صاحبه ،وأعطاه خالصة نفسه ،وطاعته، ودخيلة أمره ، وقد تكرر ذكرها في الحديث .([9])

  • معنى البيعة في الاصطلاح.

عرفت البيعة بتعريفات متعددة للمتقدمين ،والمتأخرين، وسأقتصر بتعريف واحد للمتقدمين، حيث عرفها ابن خلدون بقوله “البيعة هي العهد على الطاعة، كان المبايع يعاهد أميره على إنه يسلم له النظر في أمر نفسه ،وأمور المسلمين ، لا ينازعه في شئ من ذلك ، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط، والمكره ، وكانوا إذا بايعوا الأمير، وعقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيداً للعهد فأشبه ذلك فعل البائع، والمشترى ، هذا مدلولها في عرف اللغة ،ومعهود الشرع”.([10]) فالبيعة إذاً عقد بين الراعي، والرعية بالتراضي، على السمع، والطاعة من جانب  الرعية ، ومن جانب  الراعي مراعاة حقوق الرعية، وما يلزمه الشرع تجاههم.

جـ – أدلة مشروعية البيعة .

ورد ذكر مشروعية البيعة كأصل عام  في القرآن الكريم، والسنة ،ومن ذلك:

قول الله تعالى {إن الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إنمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإنمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفي بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} ( الفتح /10).

وقوله تعالى {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة …. الآية} (الفتح/18).

فهذه الآيات تتكلم عن بيعة الصحابة رضوان الله عليهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، سواء بيعة عامة كما في الآية الأولى ، أو خاصة كبيعة الرضوان ،في الآية الثانية.

وجاءت السنة المطهرة بأحاديث قولية، وفعلية، تثبت البيعة، ومشروعيتها، وقد عقد أئمة الحديث، كأصحاب الصحيحين ،والسنن أبواباً كثيرة فمنها ،كيف يبايع الإمام الناس ، بيعة الأعراب ، بيعة الصغير ، بيعة النساء  ، ومن ذلك حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع، والطاعة في المنشط ،والمكره ، وإن لا ننازع الأمر أهله ، وإن نقوم أو نقول بالحق حسبما كنا لا نخاف في الله لومة لائم” ([11]) .

  • الاستخلاف أو (العهد).
  • معنى الاستخلاف”العهد” في اللغة:

الاستخلاف في اللغة مادة (خلف) ([12])

وخَلَفَهُ يخلُفُهُ : صار خلفه . واختَلَفَهُ : أخذه من خلفه . واختلفه وخَلَفَهُ وأَخلَفَهَ : جعله خلفَهُ ، قال النابغة :                 حتى إذا عـــزل التـــوائمَ            ذات العشاء وأخلف الأركاحاَ

وجلست خلف فلأن أي بعده . ….. وفي حديث عبد الله ابن عتبه قال : جئت في الهاجرة فوجدت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، يصلى ، فقمت عن يساره  فأخلفني، فجعلني عن يمينه…، قال أبومنصور : قوله فأخلفني أي ردني إلى خلفه .

والعهد في اللغة مادة (عهد)([13])

والعهد : كل ما عوهد الله عليه ،قال تعالى ” وأفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا” (الإسراء/34) وكل ما بين العباد من المواثيق فهو عهد. والعهد :الوصية ويقال عهد إلى فلان في كذا أوصاني .

  • معنى الاستخلاف “العهد” في الاصطلاح.

العهد في اصطلاح علماء السياسة الشرعية ، هو اختيار إنسان معين لعمل معين من أعمال الدولة ، ويبدأ من رئاستها ، وينتهي في أدنى درجه من درجاتها ،ويسمى هذا الاختيار عهداً ، ثم انتقل المصدر “عهد” إلى الوثيقة المكتوبة التي يمليها، أو يكتبها العاهد لغيره ، فإذا ما قيل “عهد” انصرف المفهوم إلى أحد المعنيين وفقاً لسياق العبارة ، أو لكليهما معاً. والعهد بالخلافة  فهو في الأصل إن يقترح الخليفة، أو إن يرشح شخصاً يتولي الخلافة من بعده ، ويكون العهد حال الحياة . ثم أصبح العهد بالخلافة تعييناً .([14])

جـ – أدلة مشروعية الاستخلاف”العهد”

  • ماروته عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : قال لي رسول الله r : في مرضه : أدع لي أباك ،وأخاك حتى أكتب لأبى بكر كتاباً ، فإنى أخاف إن يتمنى متمن ،ويقول قائل : إنا أولى ، ويأبى الله ،والمؤمنون إلا أبا بكر “([15]). ففي هذا الحديث دلالة واضحة على مشروعية العهد، أو الاستخلاف، وإلا لما هم النبيrبأن يعهد لأبى بكر، ثم تركه لعلمه إن الناس لن يختاروا غير أبى بكر رضي الله عنه ، فدل ذلك على جوازه
  • ومن الأدلة كذلك على مشروعيته ثبوت فعله من الصحابة ،وعلى رأسهم الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، فقد استخلف أبوبكر،عمر بن الخطاب ، كما أستخلف عمر، كذلك الستة، الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عنهم راضٍ وقال عمر “إن أستخلف فقد أستخلف من هو خير منى”يعنى أبوبكر([16]).

أخيراً : أرجح الرأي القائل بأن الاستخلاف، أو العهد في حقيقته ما هو إلا ترشيح من الخليفة القائم لمن بعده، وهو لاينفذ في حق الأمة، ولا يلزمها إلا بالمبايعة منها، ممثلة في أهل الحل والعقد ،ودخول عموم الناس فيها اختياراً ،وذلك لما لهذا المنصب من خطورة بالغة ؛إذ الخليفة وكيل عن الأمة في شؤون الدين، والدنيا .

ويؤكد هذا المعنى حرص أبي بكر عندما أستخلف عمر، أن يأخذ مشورة الناس، وأهل الحل والعقد فيهم ،علي رضاهم به ،بل ومبايعة الناس لعمر بعد اختياره من أبى بكر لخلافته ، وكذلك اختيار عبدالرحمن بن عوف لعثمان بن عفان كان في حقيقته مجرد ترشيح، لم تثبت به الخلافة لعثمان، إلا بعدما بايعه الناس، وارتضوه لها .

الفرع الثاني: طرق انتقال السلطة في الأنظمة الوضعية.

تتعدد طرق اختيار رئيس الدولة في الأنظمة الوضعية ،حسب النظام السياسي المتبع ،والطريقة التي يتبناها دستور كل دوله على حدة ،فهناك الاختيار على مرحلة واحدة ، وهناك الاختيار على مرحلتين – والاختيار المباشر ، وغير المباشر – والاختيار على أساس النسبة المطلقة ، والاختيار على أساس النسبة النسبية ……إلى غير ذلك من الطرق، وعلى هذا الأساس يمكن إن نقسم طرق اختيار رئيس الدولة في الأنظمة الوضعية، إلى قسمين أساسيين هما:

  • الاختيار المباشر .

وفيه يقوم الناخبون باختيار …. رئيس الدولة مباشرةً ودون وساطة([17])، ومن الأنظمة التي تأخذ بهذه الطريقة النظام الفرنسي([18]) ،وكذلك النظام المصري الحالي([19])، حيث يعرض المرشحين لمنصب رئاسة الدولة على الشعب ،ليتولي هو الاختيار من بينهم بإرادته المباشرة ، وهذا هو جوهر فكرة الانتخاب، وإن اختلفت الأنظمة التي تأخذ بهذه الطريقة بعد ذلك، في كيفية تحديد الفائز بالمنصب، من بين المرشحين ،على أساس النسبة المطلقة ،أم النسبة النسبية ،ومن دور واحد، أم على دورين، إلى غير ذلك من تفصيلات لا تؤثر على جوهر هذه الطريقة، والتي تقوم على فكرة الإرادة الشعبية المباشرة في الاختيار.

  • الاختيار غير المباشر .

وطبقاً لهذه الطريقة ،فإن الاختيار يتم على درجتين ، فبعض الأنظمة التي تأخذ بهذه الطريقة كما في النظام الأمريكي([20]) يقوم الشعب باختيار مندوبين عنه يشكلون ما يسمى بالمجمع الانتخابي، وهذه هي الدرجة الأولى ، ثم يتولي هؤلاء المندوبون اختيار رئيس الدولة من بين المرشحين لهذا المنصب ، وهذه هي الدرجة الثانية ، علماً بأن كل مندوب يعلن مقدماً عن الشخص الذي يؤيده لرئاسة الدولة، ومن ثم فإن إعلان نتيجة الدرجة الأولى يكون مؤشر واضح على معرفة الفائز بمنصب الرئيس([21]) ،كما إن بعض الأنظمة التي تأخذ بهذه الطريقة كما في الدستور المصري السابق لسنة  1971م، قبل تعديلات عام 2005م ([22]) ، كان يتولى مجلس الشعب الاختيار من بين المتقدمين لمنصب الرئيس، والمرشح الذي يحصل على أغلبية ثلثي أعضاء المجلس، هو الذي يطرح على الشعب للاستفتاء عليه، فإذا حصل على النسبة المطلقة لمن أدلو بأصواتهم ، يتولى منصب الرئيس، وإذا لم يحصل على تلك النسبة ،يقوم مجلس الشعب بعرض من يليه من المتقدمين للمنصب على الشعب للاستفتاء عليه.

وهكذا يتضح إن جوهر هذه الطريقة أقرب ما يكون إلى الاستفتاء ([23]) ،وليس الانتخاب ،حيث إن دور الشعب هو التأشير بنعم، أو بلا، أمام المرشح الذي يعرض عليه، كما في حالات الاستفتاءات على الدستور،أوتعديلاته، لذا هي أشبه بالاستفتاء

المطلب الثاني :انتقال السلطة في النظام السعودي من الممارسة العرفية إلى التنظيم.

لاتوجد دوله في العالم على مر التاريخ بدأ نظامها الدستوري مكتملاً منذ اللحظة الأولى لنشأتها ،  والنظام الدستوري السعودي ليس بدعاً من هذا الأمر ، وإن كانت المبادئ العامة فيه واضحة منذ البداية باعتباره مستمد من أحكام الشريعة الغراء، التي لا تتبدل ولا تتغير ، بيد إنه لامناص له عن هذا التطور بالصياغة ،والتقنين، بما يضفي مزيد من الوضوح، والاستقرار على النظام الدستوري بوجه عام ، وانتقال السلطة بوجه خاص.

ويمكن تقسيم المراحل التي مر بها النظام الدستوري في المملكة ،من حيث انتقال وتداول سلطة الحكم بمرحلتين، مرحلة الممارسة العرفية ، ثم مرحلة التنظيم .

الفرع الأول : انتقال السلطة في النظام السعودي في ظل الممارسة العرفية.

إن الممارسة العرفية لانتقال السلطة لا تعنى عدم وجود قواعد تنظم هذا الانتقال ، إذ إن عدم وجود هذه القواعد يعنى الفراغ الدستوري للدولة ،وهو ما لم يعد موجود في أغلب إن لم يكن جميع الأنظمة الدستورية،  في العصر الحديث، على اختلاف، وتنوع أنظمة الحكم فيها،وإنما الممارسة العرفية تعنى، إن القواعد المنظمة لتداول السلطة، وطرق انتقالها غير مقننة في دستور مكتوب، يحتوى على القواعد التفصيلية لانتقالها ، أو على الأقل يتضمن المبادئ ،والقواعد العامة لها، تاركاً التفاصيل للتنظيمات، والأنظمة العادية، بما لا يخالف تلك المبادئ العامة، وبالنظر إلى النظام السعودي أثناء تأسيس الدولة الثالثة ،نجد إن الأنظمة كانت يسيره وبدائية، أشبه ما تكون عرفيه؛ إذ كانت الأمور تتركز في يد الملك عبدالعزيز، والعلماء، وكانت الجهود مركزة في ذلك الوقت على الناحية العسكرية، لحماية حدود الدولة الوليدة عن غيرها من الأمور، ومن بينها البنية التشريعية لها([24]). وقد استمر العمل بالقواعد الدستورية العرفية ، حتى صدور النظام الأساسي للحكم 1412هـ.([25])

لذلك سأحاول من خلال استقراء الواقع السعودي بداية من تأسيس الدولة السعودية الثالثة على يد الملك عبدالعزيز ،وحتى صدور النظام الأساسي للحكم عام 1412هـ ،ببحث، ودراسة القواعد التي تم الاستناد إليها في انتقال وتداول السلطة، خلال تلك الفترة في ظل الممارسة العرفية.

أولاً : انتقال السلطة على أساس المغالبة ثم المبايعة.

عندما شرع الملك عبدالعزيز في استرداد الدولة السعودية، بدأ بالرياض فدخلها 1319هـ ،ثم ضم المقاطعات الجنوبية لها 1321هـ ،ثم ضم القصيم 1324هـ ،ولقب بسلطان نجد وملحقاتها 1337هـ، وبعد ضم الحجاز، وانتهاء الحرب ،ومبايعة الأهالي له 1344هـ ،لقب بملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها ، تم إعلان توحيد المملكة تحت اسم لمملكة العربية السعودية ،بموجب الأمر الصادر في 17 جمادى الأولى 1351هـ ([26])، وخلال تلك الفترة من 1319هـ ،حتى 1344ه، تحديداً لم يكن هناك أي دستور مكتوب، يتضمن القواعد الحاكمة للدولة الوليدة، وعلى رأسها، قواعد انتقال السلطة، وتداولها ، وفي 19 ربيع الثاني لعام 1344هـ، صدر بلاغ من الملك ،ونشر في جريدة أم القرى العدد 45 ، تضمن النص على إن الحكم في المملكة الحجازية للشريعة الإسلامية ، فكانت هذه أول قاعدة دستورية في الدولة الجديدة،ثم صدر أمر أخر بتشكيل هيئة تأسيسية، تتكون من ثمانية أعضاء ،تم انتخابهم بطريق الاقتراع السري ،

ثم أضيف لها خسة أعضاء آخرين، مهمتهم وضع النظام المركزي للدولة،فرفعوا للملك مقترحا بالتعليمات الأساسية للمملكة الحجازية ،اشتملت على٧٩مادة نظامية،وصدرت الموافقة السامية على هذه التعليمات في٢١/2/1345هـ ،وقد تضمنت  التعليمات الأساسية ،دستور المملكة الوليدة، غير إن هذا الدستور لم يشتمل على قواعد تنظيم انتقال السلطة باستثناء المادة الثانية، التي نصت على إن يكون الحكم فيها ملكي،ثم ألغيت هذه التعليمات عملياً عام 1351هـ ،عقب إعلان توحيد المملكة – وإن لم يصدر أمرا بإلغائها صراحةً – ،حيث إنها كانت تنظم شؤون المملكة الحجازية، ومن ثم لم تعد تنطبق بعد توحيد المملكة العربية السعودية، واعتبرت منتهية بذلك الإعلان([27]).

ثم بقيت المملكة بدون دستور مكتوب ينظم شؤون الحكم فيها، وبخاصة مسألة انتقال وتداول السلطة، حتى أصدر الملك فهد النظام الأساسي للحكم في عام 1412هـ ، باستثاء بعض مشروعات الدساتير، التي لم تصدر لأسباب سيتم ذكرها في موضع لاحق من هذا البحث.

ومن خلال هذا الاستقراء، يتضح إن قاعدة إقرار الشريعة الإسلامية، كدستور للحكم في المملكة، والتي وردت في البلاغ الصادر في 19 ربيع الثاني 1344هـ، هي القاعدة الوحيدة، التي يمكن الاستناد عليها لتحديد مبادئ ،وقواعد انتقال السلطة أثناء حكم الملك عبدالعزيز، ثم من خلفه بعد ذلك من ولاة الأمر، حتى صدور النظام الأساسي للحكم في عهد الملك فهد رحمه الله تعالى ،واستثناءً من الأصل السابق، تؤول السلطة بالقهر، والإجبار عن طريق المغالبة([28])، حال المنازعة بين طرفين ،فيتغلب أحدهما على الآخر ،فتكون له الولاية، ويثبت له حكم السلطان في كل شئ، وتجب طاعته في المعروف ،بالتغلب لا بالمبايعة ،مالم يُرَ منه كفراً بواحاً ،فتجب مجاهدته عندئذٍ ،حتى لا يكون للكافر على المؤمنين سبيل، عملاً بقوله تعالى ” ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً” (النساء/141) .

وثبوت الإمامة للمتغلب، قائم على دفع الفتن ، ودرء المفاسد، وارتكاب أخف الضررين حقناً للدماء .

وبإسقاط القاعدة السابقة على فترة حكم الملك عبدالعزيز ،نجد إن بسط سلطانه على مناطق المملكة، مر بمرحلتين ،الأولى هي مرحلة السلطة على أساس التغلب، والثانية هي مرحلة السلطة على أساس المبايعة.

ثانيا: تداول السلطة على أساس قاعدة الاستخلاف “العهد”.

اعتمدت الدولة السعودية الثالثة في تداول السلطة،على قاعدة الاستخلاف، والعهد ،وذلك على غرار ما كان متبع في الدولتين السعوديتين الأولى، والثانية ، من خلال تسلسل الخلافة ،بحيث تنتقل السلطة،من الملك المؤسس ،إلى أبنائه([29])،وهذه القاعدة تجد أساسها الدستوري في النظام السعودي في مصدرين،أولهما، بلاغ 19 ربيع الثاني 1344هـ ،الذي سبق ذكره ، وما تضمنه من إن “الحكم في المملكة للشريعة الإسلامية “،ومن ثم وجد تداول السلطة عن طريق ولاية العهد أساسه الدستوري هنا في طريقة الاستخلاف، التي قال بها فقهاء الشريعة الإسلامية([30])، عملاً بهذا البلاغ، وثانيهما، المادة الثانية من التعليمات الأساسية للحكم ـالصادرة عام1345هـ ،فيما تضمنته من “إن الدولة ملكيه” ،وهذه التعليمات الأساسية، وإن أَلغي العمل بها ضمنياً بإعلان توحيد المملكة عام1351هـ ،إلا إن هذا النص بقى حكماً، باعتباره أصبح مبدأً دستورياً مستقراً، جرى العمل به في ظل الممارسة العرفية لانتقال السلطة في النظام السعودي.

وعملاً بالقاعدة السابقة ، وحرصاً على انتقال سلس للسلطة، في ظل أسس دستورية، قام الملك عبدالعزيز عقب إعلان توحيد المملكة رسمياً، وتغيير اسمها إلى ” المملكة العربية السعودية”([31]) ، بترشيح ابنه الأمير سعود ولياً للعهد، وبعد تشاور أفراد العائلة ،والعلماء ،والمشايخ، ومجلس الوكلاء، ورئاسة القضاء، والمحاكم على ذلك ،أخذت البيعة له على ولاية العهد بالمسجد الحرام في 16من شهر محرم  عام1352هـ.

ثم صدر المرسوم الملكي رقم 5/19/4288 في 1 صفرعام 1373هـ([32])،قبيل وفاة الملك عبدالعزيز بشهر، بإصدار نظام مجلس الوزراء،وتعيين ولى العهد الأمير سعود رئيساً له ، ثم ما لبث الأمير سعود، إن أصدر أمراً بعد يومين من سريان نظام مجلس الوزراء، بتعيين الأمير فيصل نائباً لرئيس مجلس الوزراء، وكان ذلك ترسيخاً لقاعدة انتقال السلطة لولى العهد، واعتبار الأمير فيصل خلفاً له.([33]) ،وبعد وفاة الملك عبدالعزيز يوم الاثنين الثاني من ربيع الأول عام 1373هـ، بويع الأمير سعود ملكاً على المملكة العربية السعودية ، وبويع الأمير فيصل ولياً للعهد في الوقت نفسه([34]) ، ومنذ ذلك التاريخ ،أصبح التداول الدستوري، لسلطة الحكم في النظام السعودي، يسير على هذا النسق، ويخضع لهذه القواعد، ففي الوقت الذي يبايع فيه الملك، يبايع أيضاً لمن يختاره الملك ،خلفاً له بولاية العهد ، غير إن تلك القواعد الدستورية، بقيت عرفية، حيث لم يتم صياغتها في وثيقة دستوريه مكتوبة، إلا عندما صدر النظام الأساسي للحكم ،في عهد الملك فهد، بموجب الأمر الملكي رقم أ/90لسنة 1412هـ ، لتنتقل بذلك المملكة العربية السعودية من القواعد الدستورية العرفية، إلى مرحلة الدستور المكتوب، كما سيرد لاحقاً.

 

الفرع الثاني : انتقال السلطة في ظل التقنين الدستوري في المملكة العربية السعودية.

أولاً : التطور الدستوري للمملكة ومشاريع الأنظمة الأساسية للحكم:

مر التاريخ الدستوري للمملكة العربية السعودية منذ نشأتها، بالكثير من محاولات التطوير في البنية السياسية لها، إلى جانب  البنية الإدارية ،من أجل إرساء القواعد الدستورية الحاكمة لها، وخاصة ما يتعلق منها بانتقال السلطة ،باعتباره من أخطر الموضوعات الدستورية للدول ،وبعض هذه المحاولات خرجت إلى النور، وساهمت في هذا التطور الدستوري فعلياً ، والبعض الأخر بقى مجرد مشاريع دساتير لم تصدر لأسباب مختلفة .

  • التعليمات الأساسية للحكم 1345هـ.

بعد ضم مكة المكرمة إلى ملك السلطان عبدالعزيز، وانتهاء الحرب في الحجاز، ومبايعة الأهالي له ملكاً على الحجاز عام١٣٤٤هـ، أمر بتشكيل هيئة تأسيسية، تتكون من ثمانية أعضاء، تم انتخابهم بطريق الاقتراع السري ،ثم أضيف لها خمسة أعضاءآخرين،مهمتها وضع النظام المركزي للدولة،فرفعوا للملك مقترحاً “بالتعليمات الأساسية للمملكة الحجازية” اشتملت على٧٩ مادة نظامية، وصدرت الموافقة السامية على هذه التعليمات في 21/2/1345هـ ،وقد تضمنت هذه التعليمات الأساسية، دستورا ًللمملكة الوليدة ، تضمن القواعد الأساسية للنظام الأساسي للحكم، وتضمنت التعليمات الأساسية أن تكون الدولة الجديدة ملكية، وعاصمتها المقدسة مكة المكرمة ([35]) ،وأنشأت العديد من المجالس منها مجلس الشورى ،الذي خولت إليه صلاحيات السلطة التنظيمية ([36]) ،واستمر العمل بالتعليمات الأساسية سبع سنوات، إلى إن تم توحيد جميع أجزاء المملكة في عام 1351 هـ، تحت اسم المملكة العربية السعودية، ولم يصدر أي مرسوم، أو أمر ملكي بإلغائها صراحةً،ولم تتضمن التعليمات الأساسية، أي مادة تحدد كيف يتم تعديلها، أو إلغائها، ولكنها عمليا ًألغيت؛ لأنها كانت تنظم أعمال المملكة الحجازية([37]).

  • مشروع النظام الأساسي للمملكة لعام 1355هـ.

بعد توحيد أجزاء الدولة ،وتغيير اسمها إلى “المملكة العربية السعودية” ،قررالملك عبدالعزيز إن “تظل تشكيلات حكومتنا الحاضرة في الحجاز ،ونجد وملحقاتها على حالها الحاضرة مؤقتا، ًإلى إن يتم وضع تشكيلات جديدة للمملكة كلها،على أساس التوحيد الجديد، وعلى مجلس وكلائنا الحالي الشروع حالا، في وضع نظام أساسي للمملكة، ونظام لتوارث العرش، ونظام لتشكيلات الحكومة، وعرضها علينا لاستصدار أوامرنا فيها”([38]).

وقد أقر مجلس الشورى، في دورته لعام1355هـ، مسودة مشروعا للنظام الأساسي للمملكة، الذي تكون من (140) مادة، وتم رفعه للملك للمصادقة عليه، ولكن الركود الاقتصادي ،الذي ساد العالم آنذاك ،وتأثر المملكة على وجه الخصوص به ، وأحداث الحرب العالمية الثانية ،التي تسببت في تأخير إنتاج النفط السعودي، بكميات تجارية، لم يمكّن الحكومة من تنفيذ برامجها الإصلاحية، التي كانت تتطلب مبالغ مادية كبيرة ،لاتستطيع الحكومة توفيرها في ظل تلك الظروف، وتم وقف إصدار هذا المشروع([39]).

  • مشروع دستور عام 1380هـ.

رغبة من الملك سعود في استمرار مسيرة التطوير الدستوري، للمملكة العربية السعودية ، واستكمالاً  لما بدأه الملك عبدالعزيز، وإرساءً للقواعد الدستورية فيها، بشكل مكتوب، مسايرة للكثير من الدول المتقدمة ، عزم على وضع دستور مكتوب للمملكة العربية السعودية ،وذلك في جلسة مجلس الوزراء ،التي ترأسها جلالته في رجب عام 1380هـ، حيث جاء على لسانه “وسنسعى لوضع نظام أساسي للدولة، يحدد اختصاصات الجماعات، والأفراد،مبيناً حقوقهم ،وواجباتهم ،وذلك لما نص عليه ديننا الحنيف، وسنة نبينا الكريم….”.([40]) ،وتنفيذا لذلك التوجيه، والعزم، صيغت مسودة دستورية ،تحت إشراف الأمير طلال بن عبدالعزيز، مع بعض الخبراء ،والمختصين، وقد تضمن المشروع المطروح ، مقدمة، ثم مذكرة شارحة ، ثم النظام الأساسي للحكم ،ويشمل (200) مادة، مقسمة على ثمانية أبواب :

الباب الأول : الدولة ونظام الحكم ، وقد نصت المادة الأولى منه على إن نظام الحكم ملكي، بينما المادة الرابعة قررت توارث العرش في ذرية الملك عبدالعزيز ،وينظم ذلك التوارث نظام خاص، الباب الثاني: مقومات المجتمع الأساسية ، الباب الثالث: الحقوق والواجبات العامة ، الباب الرابع: الملك وهو رئيس الدولة وسنه لا تقل عن 20 سنة هلالية ،وهيئة مباشرة صلاحيات الملك في حالة صغر سنه، أو تعذر ممارسته لصلاحياته، الباب الخامس: السلطة التنظيمية وهي منوطة بالملك بالاشتراك مع المجلس الوطني، الباب السادس: السلطة التنفيذية ممثلة في مجلس الوزراء ، الباب السابع: السلطة القضائية ، الباب الثامن : أحكام عامة وأحكام وقتية.

ثانياً : صدور النظام الأساسي للحكم 1412هـ:([41]).

بصدور النظام الأساسي الحالي للحكم بموجب الأمر الملكي رقم أ /90 لعام 1412هـ، في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز، دخلت المملكة العربية السعودية، في مرحلة جديدة من مراحل التطور الدستوري لها، حيث تحولت من نظام الدستور العرفي، إلى نظام الدستور المكتوب ،لأول مرة منذ توحيدها عام 1351هـ .

وقد تضمن النظام الأساسي للحكم 83 مادة، مقسمة على تسعة أبواب ،على النحو التالي ،الباب الأول :المبادئ العامة ، الباب الثاني: نظام الحكم، الباب الثالث: مقومات المجتمع السعودي ، الباب الرابع: المبادئ الاقتصادية،الباب الخامس: الحقوق والواجبات ، الباب السادس: سلطات الدولة ، الباب السابع الشؤون المالية ، الباب الثامن : أجهزة الرقابة ، الباب التاسع : أحكام عامه ،وقد تناول الباب الثاني ، نظام الحكم في المملكة، حيث نص على إن الحكم ملكي ، و إنه وراثي في أبناء الملك عبدالعزيز وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح منهم على الحكم على كتاب الله وسنة رسوله ، ويختار الملك ولى العهد ويعفيه بأمر ملكي ، ويتفرغ ولى العهد لولاية العهد وما يكلفه به الملك، و على إن يتولى ولى العهد سلطات الملك عند وفاته، حتى تتم البيعة، كما نص كذلك على مبايعة الملك على كتاب الله وسنة رسوله، وعلى السمع والطاعة، في المنشط، والمكره، والعسر، واليسر([42]).

وقد تضمنت هذه النصوص القواعدالدستورية المنظمة لانتقال ،وتداول السلطة الدائم، في المملكة في ظل النظام الأساسي للحكم، بينما نظم الباب السادس ،الانتقال المؤقت للسلطة، أو ما يعرف بتفويض السلطة من الملك إلى ولى العهد، في حالة وجود مانع مؤقت لدى الملك، كالسفر خارج البلاد، ونحوه ([43])،وإن كانت هذه الأحكام – كما هو الشأن في النصوص الدستورية غالباً – قد وردت في مجملها أحكام عامة، وليست تفصيلية، فلم تحدد ضوابط الاختيار من بين أبناء الملك المؤسس، وأبناء الأبناء ،واكتفت بوضع  شرط اختيار الأصلح ،لذا فإنه يرجع في ذلك، لتفصيلاته الشرعية، وذلك اتساقاً مع المبدأ الدستوري العام الذي قامت عليه المملكة منذ نشأتها، والذي أكد عليه النظام الأساسي ذاته، في مادته السابعة بأن “يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله ،وهما الحاكمان على هذا النظام، وجميع أنظمة الدولة”  ، ومن ثم فإن الأمر في النهاية فيما لم يرد فيه نص دستور مآله إلى أحكام الشريعة ، باعتبارها الدستور الأعلى للمملكة العربية السعودية .

ويبقى هنا سؤال حول الطبيعة المنشئة، والكاشفة للنظام الأساسي للحكم فيما يتعلق بقواعد انتقال السلطة، بمعنى هل هذا النظام أستحدث أحكاماً جديدة، فيما يتعلق بانتقال السلطة، في المملكة العربية السعودية ،أم إنه فقط ذو طبيعة كاشفه للأحكام التي كانت موجودة، ومطبقه بشكل عرفي قبل صدوره؟

والحقيقة إن صدور النظام الأساسي للحكم ،يعد نقلة سياسية كبيرة، في تاريخ المملكة العربية السعودية، ووثيقة دستورية مهمة لها، أكدت على إن الشريعة الإسلامية هي أساس النظام السياسي فيها، والحاكمة على الجميع ،حكاماً ومحكومين ، غير أنه بالنظر في قواعد انتقال السلطة ،التي تضمنها النظام الأساسي للحكم ،ومقابلتها بالقواعد التي كانت متبعة في ذات الشأن قبل إصداره، نجد إنه لم يستحدث هذه الأحكام ،وإن صياغته لها، ما هي إلا إقرار لوضع قائم من قبل، وتوثيق لأمر واقع معمول به، حيث صيغت نصوصه على هدى من الشريعة الإسلامية، التي لا تخضع للتبديل ،ولا التغيير، والتي هي دستور المملكة العام ، ومن ثم جاءت نصوص هذا النظام من أجل إرساء مبادئ سارت عليها الدولة، منذ تاسيسها ،تلبية لمتطلبات التطور السياسي الذي تعيشه المملكة([44]).

وإن أضفت على القواعد المنظمة لانتقال السلطة مزيد من الوضوح ،والحسم الذي ينأى بها عن أي لبس، أو تأويل، وهو ما يساعد على الانتقال السلس للسلطة ، ويحقق الاستقرار السياسي في المملكة، ويؤكد على تلك الطبيعة الكاشفة للنظام الأساسي للحكم فيما يتعلق بانتقال السلطة .كذلك إنه وعلى الرغم من عدم صدور أي دستور مكتوب بعد توحيد المملكة عام 1351 هـ ،إلا إن هوية الدولة كانت محددة ،وواضحة، منذ مرسوم التأسيس، على إنها ملكية

وهذا يقتضي إن تكون أمور توارث العرش واضحة للأسرة المالكة ،وهذا ماجرى العمل عليه، منذ تتويج الملوك لرئاسة الدولة ،واحداً بعد آخر،ولم تعرف المملكة مايسمى  “بالفراغ الدستوري”؛لأنها طوال مسيرتها تحكم بموجب مبادئ دستورية موجهة ،وقواعد ملزمة ،وأصول واضحة([45]).غير إنه بصدور هذا النظام عام 1412هـ، ومن بعده نظام هيئة البيعة عام 1427هـ،  تكون قد انتهت مرحلة الممارسة العرفية لانتقال السلطة في المملكة ، ليدخل بذلك النظام الدستوري السعودي، مرحلة انتقال السلطة ،المستند إلى قواعد دستورية مكتوبة، والتي سأتناول نصوصها، وأحكامها في المطلب التالي من المبحث الثاني.

المبحث الثاني : انتقال السلطة في النظام السعودي بعد إصدار نظــام هيئـة البيعة .

بصدور نظام هيئة البيعة بالأمر الملكي رقم أ/135 بتاريخ 26/9/1427هـ ، ولائحته التنفيذية، بالأمر الملكي رقم أ/164 بتاريخ 26/9/1428هـ ، إلى جانب  النظام الأساسي للحكم ،تكون قد اكتملت القواعد الدستورية، المنظمة لانتقال السلطة، في النظام السعودي ،بتضمن الأخير للمبادئ العامة،بينما الأحكام التفصيلية، قد تناولها نظام هيئة البيعة ،ولائحته التنفيذية .

وباستقراء النصوص الواردة في الأنظمة سالفة الذكر، بشأن انتقال السلطة، يتضح انقسامها إلى ، انتقال دائم (المبايعة على السلطة) ، وانتقال مؤقت ( تفويض السلطة) ، وقد عالجت هذه النصوص أحكام الانتقال الدائم بشكل تفصيلي ، بينما اكتفت فيما يتعلق بالانتقال المؤقت ،بوضع المبادئ العامة ، تاركة تفاصيل ذلك، للأوامر الملكية ،التي تصدر في كل حالة على حده .

المطلب الأول  : الانتقال الدائم للسلطة.

سوف أتناول هنا النصوص الدستورية الخاصة بانتقال السلطة، الواردة بكل من النظام الأساسي للحكم، و نظام هيئة البيعة، ولائحته التنفيذية ، متبع ذلك بأهم المبادئ الدستورية، المتعلقة بذات الأمر، والتي أستقر العمل عليها، في النظام السعودي.

الفرع الأول : النصوص الدستورية المنظمة لانتقال السلطة.

تضمن الباب الثاني من النظام الأساسي، القواعد العامة لمبايعة الملك ، وكيفية اختيار ولى العهد ، بينما بيّن نظام البيعة، ولائحته التنفيذية، الأحكام التفصيلية، المنظمة لذلك .

وبالإضافة لما تقدم فقد تم استحداث منصب دستوري جديد، في النظام السعودي، وهو منصب ولى ولي العهد، وذلك بموجب الأمر الملكي رقم أ / 86 الصادر بتاريخ 26/5/1435هـ ، وسوف أتناول النصوص المنظمة لكل ذلك على النحو التالي:

أولاً : مبايعة الملك.

قامت الدولة السعودية منذ نشأتها الأولى، على النظام الملكي أساساً للحكم فيها ، وظل العمل بهذا المبدأ الدستوري  ثابتاً ،ومستقراً ،على مدار مراحلها المختلفة حتى الآن ([46]) ،وهو ما يعني انتقال الحكم في أبناء الملك المؤسس، وأبناء الأبناء ، حيث يبايع الأصلح منهم ،على كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم([47]) ،وعلى السمع، والطاعة في المنشط، والمكره ([48]) ، فيما لا معصية فيه ولا مخالفة للشرع، إذ الحكم في المملكة مستمد من سلطان الشريعة([49]) ، القائم على العدل ،والشورى ، والمساواة وفق الشريعة الإسلامية([50]).

وتجد النصوص الدستورية المنظمة لانتقال السلطة ،في النظام السعودي ،طريقها للظهور بخلو منصب الملك  بالوفاة([51]) ،حيث يتولى عندئذٍ ولى العهد، سلطات الملك لإدارة شؤون البلاد، حتى تتم البيعة ، وفقاً لما نصت عليه المادة (5/5) من النظام الأساسي للحكم، والذي وضع المبادئ العامة لنظام الحكم، والقائم على أساس الملكية ،والذي ينتقل عن طريق البيعة الشرعية ،عند خلو المنصب بالوفاة ، وقد اكتفى المنظم الدستوري ،في النظام الأساسي للحكم ،بالنص على الأحكام سالفة الذكر ،بينما لم يتعرض لحالة خلو المنصب حكمياً، بعدم قدرة الملك على ممارسة سلطاته بشكل دائم ، كما لم يبين ،الإجراءات الدستورية واجبة الأتباع لأخذ البيعة ،ومن هي الجهة المخولة بالدعوة لأخذ هذه البيعة ،وما المدة النظامية لذلك ، ولم يحدد النصاب النظامي لتلك الجهة، ولا نسبة التصويت فيها ، ولا مكان انعقادها، وشروط العضوية فيها ، وكذلك الجهة المختصة بتحديد الحالة الصحية للملك،

ومدى قدرته على ممارسة هذه السلطات من عدمه ، وفي ظل الصمت الدستوري للنظام الأساسي عن الإجابة على هذه الحالات وتلك الإجراءات ، وعدم إسناده هذا الأمر لنظام عادى يصدر بعده ،كان المرجع في ذلك للعرف الدستوري السائد منذ نشأت المملكة العربية السعودية ،والذي كان ينظم هذه الإجراءات في ضوء السوابق المتبعة  بالديوان الملكي ، وظلت الحالات، والإجراءات المسكوت عنها في النظام الأساسي ،خاضعة للعرف الدستوري، إلى إن صدر نظام البيعة ولائحته التنفيذية، واللذين أجابا عن هذه الأسئلة، ووضعا قواعد تفصيلية، ومنضبطة لكل هذه الإجراءات، فنجد نظام البيعة قد أكد على حالة خلو منصب الملك بالوفاة ، في المادة السادسة منه ، ثم أضاف حالة الخلو الحكمي للمنصب بعدم قدرة الملك على ممارسة سلطاته بشكل دائم في الفقرة الثانية من المادة الحادية عشرة منه، بل أكثر من ذلك تعرض لحالة خلو منصبي الملك وولى العهد معاً في وقت واحد، سواء بالوفاة، أو بالعجز الدائم ،ووضع الحلول الدستورية لذلك([52]).

فبخلو منصب الملك، تبدأ هيئة البيعة في مباشرة اختصاصاتها، التي أناطها بها المنظم الدستوري لإتمام الإجراءات الدستورية لأخذ البيعة لمن سيشغل هذا المنصب ، وسوف أتناول هنا حالات خلو هذا المنصب، وصور كل منها ،والإجراءات واجبة الإتباع ،في كل حالة على حدة، وذلك في ضوء النصوص الدستورية.

  • حالة الخلو الحقيقي للمنصب (الوفاة).

وتنقسم حالة الخلو الحقيقي للمنصب  إلى صورتين ،الأولى هي وفاة الملك وحده ، والثانية هي وفاة الملك وولى العهد معاً في وقت واحد ، ولكل صورة من الصورتين قواعدها الدستورية المختلفة عن الأخرى.

  • الصورة الأولى: وفاة الملك وحده([53]).

فعند وفاة الملك وحده، يتولى ولى العهد سلطات الملك، لتسيير شؤون البلاد ،حتى تتم البيعة ، والتي تقوم الهيئة بالدعوة إليها طبقاً لنظامها، والنظام الأساسي للحكم ، حيث تعقد اجتماعاً بصفة فورية، لمبايعة ولى العهد ملكاً على البلاد، وقد وضع المنظم الدستوري هنا قيداً موضوعياً للمدة التي تتم خلالها تلك الإجراءات، بأن قرنها بصفة الفورية ،وهذه الفورية تعنى برأيي إن تبدأ هذه الإجراءات فور الإعلان رسمياً عن وفاة الملك من قبل الديوان الملكي ، إذ في هذه اللحظة، يبدأ عمل الهيئة لأخذ البيعة لولى العهد ،ملكاً على البلاد، حيث لم ينص النظام على وجوب إخطار الديوان الملكي لرئيس الهيئة بذلك، واكتفى بالنص على إنه “عند وفاة الملك تقوم الهيئة بالدعوة إلى مبايعة ولى العهد ملكاً على البلاد” ومن ثم لا يشترط الإخطار، وإنما يكفي العلم اليقيني بذلك ،وهذا العلم اليقيني لايكون منضبطاً إلا بتلقي هذا النبأ من الإعلان الرسمي للديوان الملكي .

  • الصورة الثانية: وفاة الملك وولى العهد في وقت واحد([54]).

نصت على هذه الحالة ،المادة الثالثة عشرة من نظام هيئة البيعة ،وهي حالة وإن كانت نادرة الحدوث إلا إنها ليست مستحيلة ،وقد أوردها المنظم حرصاً منه على سد أي فراغ دستوري، فيما يتعلق بهذا المنصب ،وكيفية شغله ،نظراً لحساسيته ،وخطورته ، مما قد يعرض البلاد إلى عدم الاستقرار السياسي.

والخطورة في هذه الحالة، ترجع إلى خلو منصبي الملك وولى العهد في آن واحد ،ولذا كان المنظم الدستوري حصيفاً عندما أستحدث المجلس المؤقت للحكم، والذي تشكله الهيئة من خمسة من أعضائها، طبقاً للمادة العاشرة من نظام هيئة  البيعة، وأناط به إدارة شؤون البلاد بصفة مؤقتة، في مثل هذه الحالة حفاظاً على وحدة الدولة ،ومصالحها الداخلية والخارجية ، إلى حين مبايعة الملك ، حيث تقوم الهيئة خلال مدة لاتتجاوز سبعة أيام، باختيار الأصلح للحكم، من أبناء الملك المؤسس، وأبناء الأبناء ، والدعوة إلى مبايعته ملكاً على البلاد،

وفقاً لأحكام نظام البيعة، والنظام الأساسي للحكم. ونلحظ هنا إن المنظم  لم يكتف بالقيد الموضوعي للمدة التي تتم خلالها تلك الإجراءات، كما في الصورة الأولى ، وإنما وضع قيداً زمنياً محددا لا ينبغي تجاوزه،  وهو سبعة أيام من وقت وفاة الملك وولى العهد معاً ،كما نلحظ هنا أيضاً ،إن صلاحيات هيئة البيعة في الاختيار هنا مطلقة، حيث تختار من تراه الأصلح، من بين ذرية الملك عبدالعزيز، وذلك على عكس الصورة الأولى، حيث صلاحيتها مقيدة بالدعوة لمبايعة ولى العهد دون غيره .

  • حالة الخلو الحكمي للمنصب (العجز).

وهذه الحالة أيضاً وضع النظام لها صورتان، الأولى عند عجز الملك الدائم عن ممارسة سلطاته ، والثانية عند عجز كلا من الملك وولى العهد معاً ،بشكل دائم عن ممارسة سلطاتهما الدستورية.

  • الصورة الأولى : العجز الدائم للملك وحده([55]) .

في حالة توافر القناعة لدى الهيئة، بعدم قدرة الملك على ممارسة سلطاته، لأسباب صحية ،تقوم الهيئة بتكليف اللجنة الطبية – المنصوص عليها في المادة الرابعة عشرة من نظام البيعة، والمواد من الثامنة حتى العاشرة من اللائحة التنفيذية له – بإعداد تقرير طبي عن الحالة الصحية للملك ، وإذا أثبت التقرير الطبي، إن عدم قدرة الملك على ممارسة سلطاته، تعد حالة دائمة، تُعِدُ الهيئة محضر إثبات لذلك، وتدعو لمبايعة ولى العهد ملكاً على البلاد ، على إن تتم هذه الإجراءات، في مدة لا تتجاوز أربعاً وعشرين ساعة ،

والملاحظ هنا إن القيد الزمني الذي وضعه المنظم لهذه الإجراءات (وهو أربع وعشرين ساعة) ،يبدأ من وقت ثبوت العجز الدائم للملك، بموجب التقرير الطبي ،وهي لحظة الاطلاع على التقرير الطبي، في اجتماع الهيئة، بعد تسلم رئيس الهيئة له من قبل اللجنة الطبية، عملاً بنص المادة التاسعة، من اللائحة التنفيذية لنظام هيئة البيعة.

بيد إن المنظم الدستوري هنا، لم يحِدِّد الجهة التي تباشر سلطات الملك، من وقت ثبوت هذا العجز، وإلى حين الانتهاء من إجراءات مبايعة ولى العهد ملكاً ،فلم يسندها إلى ولى العهد، كما في الصورة الأولى من الحالة الأولى ، ولم يخول سلطة إدارة البلاد للمجلس المؤقت للحكم، كما في الصورة الثانية للحالة الأولى ، ولعل ذلك راجع إلى قصر المدة التي اشتُرِط إتمام إجراءات البيعة خلالها ،وهي أربع وعشرين ساعة .غير إنني أرى في هذه الحالة، إن ولى العهد هو الذي يتولي هذه السلطات، قياساً على حالة وفاة الملك ،عملاً بنص المادة (5/5) من النظام الأساسي، باعتبار ذلك هو الأصل الدستوري العام، الذي يجب أتباعه ،فيما لم يرد فيه نص خاص يخالف ذلك .

ب – الصورة الثانية :العجز الدائم للملك وولى العهد معاً([56]).

في هذه الصورة إذا كانت حالة العجز الدائم عن ممارسة السلطة، شامله للملك وولى العهد معاً، وذلك حسب ما يثبته تقرير اللجنة الطبية المختصة سالفة الذكر، وتعرضه على هيئة البيعة في هذا الشأن ، فعلى الهيئة في هذه الحالة، إعداد محضر إثبات لذلك ، وعندئذٍ يتولى المجلس المؤقت للحكم إدارة شؤون الدولة ، على إن تقوم الهيئة خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام، باختيار الأصلح للحكم ،من بين أبناء الملك عبدالعزيز ،وأبناء الأبناء، والدعوة إلى مبايعته ملكاً على البلاد، ونلحظ هنا إن المنظم الدستوري السعودي، استصحب ذات الحكم الخاص بحالة وفاة كلا من الملك وولى العهد في وقت واحد، وطبّقه هنا أيضاً، وذلك لاتحاد العلة في كليهما، وهي خلو منصبي الملك وولى العهد معاً في ذات الوقت، وإن كان الخلو هنا خلواً حكمياً، نظراً لبقاء صاحب المنصب حياً ،لكن مع عجزه عجزاً دائماً، فيعتبر كأنه غير موجود حكماً.

ثانياً : استخلاف ولى العهد ( اختياره).

ينبغي قبل إن أتناول كيفية اختيار ولى العهد في النظام الدستوري السعودي، إن أقف أولاً على حقيقة المقصود بالاستخلاف والعهد، من حيث مدى كفايته لتوليه الخليفة في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية ، ومقارنة ذلك بما نصت عليه الأنظمة السعودية من قواعد لشغل هذا المنصب .

وإذا كانت تولية الخليفة لا تصح إلا بالبيعة المأخوذة من الأمة، وهو الرأي الذي رجحته سابقاً ([57])، ولا تكون بالعهد إليه من الخليفة القائم ، فماذا يكون هذا العهد وما تكييفه ؟

إن العهد والاستخلاف في حقيقته ما هو إلا ترشيح ،لا يكون له أثر إلا بالبيعة من الأمة، وهذا الترشيح يملكه الخليفة القائم، كما يملكه كل من المسلمين([58])، لاسيما من ينوبون عن الأمة وهم أهل الحل والعقد.

يؤكد هذا المعنى ما أخذ به النظام الدستوري السعودي، حين نص على إن “يختار الملك … واحداً أو اثنين أو ثلاثة ممن يراه لولاية العهد، ويعرض هذا الاختيار على الهيئة …..للوصول إلى ترشيح واحدٍ من هؤلاء بالتوافق، لتتم تسميته وليا للعهد….وللهيئة ترشيح من تراه ولياً للعهد ، وللملك … إن يطلب من الهيئة ترشيح من تراه لولاية العهد. وفي حالة عدم موافقة الملك على من رشحته الهيئة….فعلى الهيئة التصويت على من رشحته، وواحد يختاره الملك ، وتتم تسمية الحاصل من بينهما على أكثر الأصوات ولياً للعهد”([59]).

كما نص المنظم كذلك على ” إن يتوافر في المرشح لولاية العهد …..إلى آخر المادة”([60]).

ومن صياغة هذه النصوص، يتأكد لنا أخذ النظام السعودي بهذا الرأي، كونه يجسد المعنى الصحيح لفكرة العهد، ولذا استخدم لفظ الترشيح ،وكرر ذلك عدة مرات عند تنظيمه لمنصب ولاية العهد، كما أعطى الحق في الترشيح لكل من الملك ،وكذلك الهيئة ،وهذا يؤكد ماذكرته من أن هذا الترشيح يملكه الخليفة القائم، كما يملكه كل  من المسلمين .

أخيراً فإن هذا الترشيح لايكون له أثر في حق الأمة، إلا بالبيعة الصادرة منها ،ولذا أطلق المنظم السعودي على اختيار المرشح لولاية العهد، لفظ تسمية، ولم يستخدم لفظ البيعة، كما أوجب بأخذ البيعة له ملكاً على البلاد، عند خلو منصب الملك، مما يعنى إن العهد له لا يخوله تقلد منصب الملك، إلا بعد صدور البيعة له من الأمة ،على شغل هذا المنصب،

ويسرى على ولى العهد باعتباره المرشح المستقبلي لمنصب الملك، ذات الأحكام الخاصة بنظام الحكم، الواردة في الباب الثاني من النظام الأساسي، لاسيما فيما يتعلق بكونه من ذرية الملك المؤسس، وكذا إن يكون من بين الأصلح فيهم ، وقد أوجبت ذلك المادة الثامنة من نظام هيئة البيعة، حيث نصت على إنه “يجب إن يتوافر في المرشح لولاية العهد ما تنص عليه الفقرة(ب) من المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم”.

وقد كانت الفقرة (جـ) من المادة الخامسة من النظام الأساسي تنص على إن “يختار الملك ولى العهد ويعفيه بأمر ملكي” ، بيد إن هذه الفقرة تم تعديلها بموجب الأمر الملكي رقم أ/135لسنة 1427هـ بإصدار نظام هيئة البيعة، حيث نص البند ثانياً منه على إن “تعدل الفقرة (جـ) من المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم ….لتكون بالنص الآتي

” جـ – تتم الدعوة لمبايعة الملك ، واختيار ولى العهد وفقاً لنظام هيئة البيعة”.

وبعد صدور هذا التعديل، فقد أصبح اختيار ولى العهد، خاضع لأحكام نظام هيئة البيعة، ولائحته التنفيذية .

ومن خلال دراسة، وتحليل هذه الأحكام، يتضح لنا حالات خلو منصب ولى العهد ، وكيف يتم اختياره ، وما هي المدة النظامية لهذا الاختيار وذلك على النحو التالي :

  • حالات خلو منصب ولى العهد .

يصبح منصب ولى العهد شاغراً في الحالات التالية :

  • عند تقلد ولى العهد لمنصب الملك بعد خلوه بشكل دائم([61]).
  • عند وفاة ولى العهد ([62]).
  • في حالة عجز ولى العهد عن ممارسة مهامه([63]).
  • كيفية اختيار ولى العهد.

ومتى ما أصبح المنصب خالياً بشكل دائم لأحد الأسباب سالفة الذكر، تبدأ إجراءات اختيار ولى العهد، في ضوء أحكام المادة السابعة من نظام هيئة البيعة، وذلك بأن يتم ترشيح ولى العهد الجديد، وهذا الترشيح قد أسنده النظام بشكل أساسي للملك، ثم من بعده لهيئة البيعة .

فبالنسبة للملك .

يختار بعد التشاور مع أعضاء البيعة، واحداً، أو اثنين، أو ثلاثة ممن يراه الأصلح لولاية العهد ،ويعرض هذا الاختيار على الهيئة لتعمل جهدها للوصول إلى ترشيح واحد منهم، ويتم تسميته ولياً للعهد.

وقد يطلب الملك من الهيئة ابتداءً ترشيح من تراه هي لولاية العهد ، فإن حظي بموافقته ،تم تسميته ولياً للعهد.

أما بالنسبة للهيئة.

فقد أعطاها المنظم في حالة عدم موافقتها على أي ممن رشحهم الملك لولاية العهد، إن ترشح هي من تراه ولياً للعهد ، كما إن لها حق الترشيح، متى طلب الملك منها ذلك. وفي جميع الأحوال يجب إن يحظى المرشح لولاية العهد بقبول الملك والهيئة معاً ، فإن تعذر ذلك ،تقوم الهيئة بالتصويت على من رشحته وواحد يختاره الملك ، ومن يحصل منهما على أكثر الأصوات يتم تسميته ولياً للعهد.

  • المدة النظامية لاختيار ولى العهد.

لقد حدد المنظم الدستوري المدد التي تتم خلالها إجراءات ذلك الاختيار بشكل تفصيلي، في المادة  السابعة من اللائحة التنفيذية لنظام هيئة البيعة ، حيث أوجب على الملك إن يبعث خلال العشرة أيام التالية لمبايعته ملكاً على البلاد ،كتاباً إلى رئيس هيئة البيعة ،يتضمن من اختاره لولاية العهد، لعرضه على هيئة البيعة، أو الطلب من الهيئة ،ترشيح من تراه لولاية العهد، كما ألزم الهيئة كذلك، بتسمية المرشح لولاية العهد، خلال العشرة أيام التالية لتسلمها كتاب الملك ،ومن ثم فإن المنظم منح للملك عشرة أيام، تبدأ من اليوم التالي لصدور قرار الهيئة بمبايعته ملكاً ؛ليقوم خلالها بأحد أمرين، أما كتاب بمن رشحه، أو طلب إلى الهيئة لترشح هي من تراه، وعلى الهيئة خلال العشرة أيام التالية لذلك، إن ترد على كتاب الملك ،بقبول من رشحه، أو من رشحته هي، بناء على طلب الملك ،أو عند رفض من رشحهم الملك، وفي جميع الأحوال ،يتم اختيار ولى العهد في مدة لاتزيد عن ثلاثين يوماً من تاريخ مبايعة الملك([64]).

ويتبقى هنا عدة نقاط تحتاج إلى إيضاح وهي:

  • ما هو الجزاء المترتب على تجاوز المدد الدستورية التي نص عليها المنظم، سواء فيما يتعلق بمنصب الملك، أو ولى العهد ؟

والحقيقة إن النصوص الدستورية لم تجب على هذا التساؤل، فلم يبين المنظم الدستوري، النتيجة المترتبة على تجاوز هذه المدد ، وفي ظل هذا الصمت ، فإنني أرى إن هذه المدد تنظيمية ،وليست وجوبية، بمعنى إن المنظم قصد من ورائها إن يستحث الهيئات الدستورية في الدولة، على المسارعة إلى اتخاذ تلك الإجراءات، دون تراخٍ، لما يمثله  خلو هذه المناصب لفترات طويلة ،من فراغ دستوري، يعرض البلاد لمخاطر جسيمة ، و لم يقصد إن يرتب على تجاوز تلك المدد ببطلان ،أو عوار دستوري ، والدليل على صحة رأيي هذا مايلي :

أ)الألفاظ التي استخدمها  المنظم ذاته عند النص على هذه المدد، حيث جاءت خالية من صيغة الوجوب، أو حتى الإلزام، واكتفى بقوله في “مدة لا تزيد عن كذا ….”أو بصفة فورية …”أو خلال مدة كذا…..”بما يوحى بأنها مدد استرشادية، تفيد التنظيم، وليس السقوط، أو البطلان.

ب)إن النظام الدستوري السعودي، وعلى عكس الأنظمة الوضعية ،يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية، وهي لم تضع مدد محددة لنصب الإمام ،بحيث لاينبغي تجاوزها ،وإنما ذلك متروك لظروف البيعة ،وأحوالها ،فليس هناك نص من كتاب ،أوسنة، ولا في فعل الصحابة ،مما يوجب بأن يكون نصب الإمام خلال مدة محددة.

جـ)إن المقرر في أصول الفقه ،هو إن الأمر غير المقترن بجزاء يفيد الاستحباب ،وليس الوجوب، وحيث إن الأمر الوارد في النصوص الدستورية باتخاذ تلك الإجراءات خلال هذه المدد لم يرتب على مخالفتها جزاءً معيناً ،فهذا يؤكد إنه أورد الأمر هنا للاستحباب وليس الوجوب.

  • لم يبين النظام كذلك من يقوم بمهام ولى العهد عند عجزه منفرداً ،عجزاً مؤقتاً بسبب المرض؟

وأرى إن ذلك راجع إلى إن من يشغل منصب ولى العهد، بحسب الأصل الدستوري، غير مكلف بمهام محددة ، وإنه متفرغ لولاية العهد، وما يكلفه به الملك من أعمال، طبقاً لنص الفقرة(د) من المادة الخامسة للنظام الأساسي للحكم، وهذه الحالة تختلف بطبيعة الحال ،عن ما إذا كان العجز المؤقت للملك وولى العهد معاً، حيث يتولى عندئذٍ المجلس المؤقت للحكم إدارة شؤون البلاد، لحين تجاوز أي منهما لهذا العجز ،حسب نص الفقرة الأولى من المادة الثانية عشرة من نظام هيئة البيعة.

  • مفهوم تفرغ ولى العهد الوارد بالمادة الخامسة فقرة(د) من النظام الأساسي للحكم في ضوء شغل ولى العهد الحالي لمنصب وزير الداخلية.

يبرز هنا تساؤل حول المقصود بالالتزام الدستوري، الذي ألقاه النظام الأساسي للحكم، على عاتق ولى العهد، بضرورة التفرغ لولاية العهد ، وهل يقتضى ذلك عدم جواز تقلّده لأي منصب رسمي آخر في الدولة من عدمه؟

والإجابة على هذا التساؤل، تكمن في الغاية التي قصدها المنظم الدستوري، من وراء ذلك ، وأرى إن هذه الغاية تتجلى في رغبة المنظم ،في عدم انشغال ولى العهد بشؤون أخرى، تصرفه عن الاستعداد، والتهيئة لمهام الحكم ؛نظراً للمنصب الرفيع الذي ينتظره في المستقبل، والذي يضعه على رأس الدولة، مما يستوجب تفرغه من أجل الاحتكاك عن قرب بشؤون الحكم ،واكتساب أكبر قدر من الخبرة السياسية اللازمة لهذا المنصب، ومن ثم فإن الأمر يتوقف على نوع المنصب الذي يتقلده ، فإن كان هذا المنصب ينافي تلك الغاية، ويبعده عن هذا الهدف فإنه بذلك يجافي مقصد النص الدستوري، وبالتالي يكون غير جائز،

وأما إن كانت طبيعة هذا المنصب الذي يتقلده إلى جانب ولاية العهد،لاتنافي هذا القصد ؛بل تزيد من تحقق هذه الغاية ،وتكسبه خبرات سياسيه أوسع، فإنه يكون جائز بل مستحب ، وعليه فإن شغل ولى العهد الحالي (الأمير محمد بن نايف) لمنصب وزير الداخلية إلى جانب  ولاية العهد ،لايتنافى مع مقصد النص الدستوري ؛بل يتوافق معه على نحو أكثر تمشياً مع هذه المقاصد، دون الوقوف عند حرفية النص، ويعضد هذا المعنى ما ذيلت به المادة الخامسة  الفقرة د :من النظام الأساسي للحكم “….وما يكلفه به الملك من أعمال” مما يفهم منه إن هذا التفرغ ليس مطلقاً، كما يوحى كذلك، بأن الأعمال التي يكلف بها تكون من جنس مهام الحكم السياسية ،وهو ما يحقق الغاية التي سبقت الإشارة إليها.

  • أخيراً : بدء سريان تلك القواعد الدستورية من حيث الزمان .

نص البند ثالثاً من الأمر الملكي رقم أ/135 لسنة 1427هـ ، بإصدار نظام هيئة البيعة ،على إن “تسرى أحكام نظام هيئة البيعة، على الحالات المستقبلية ،ولا تسرى أحكامه على الملك وولى العهد الحاليين” ،والعلة من وراء هذا النص ترجع إلى إن الأصل ،هو سريان الأنظمة بأثر فوري، من وقت صدورها ،ونشرها بالجريدة الرسمية، ولا ترتد بأثر رجعى على الوقائع السابقة على إصدارها، عملاً بالمبدأ الدستوري المنصوص عليه في المادة الحادية والسبعون من النظام الأساسي للحكم ، ومقتضى ذلك إن بدء تطبيق تلك القواعد يكون عند اختيار الملك وولى العهد اللذين يتم اختيارهما بعد نفاذه، وألا يطبق على الملك وولى العهد الموجودين في الحكم عند صدوره.

غير إن ماسبق ينطبق على النصوص الخاصة، بمبايعة الملك، واختيار ولى العهد ، أما ما يتعلق بغير ذلك من أحكام مثل حالات العجز الصحي المؤقت للملك، أو ولى العهد، وما يستتبعه من قيام ولى العهد ،أو مجلس الحكم المؤقت ،على حسب الأحوال ،بإدارة شؤون الدولة ،في هذه الحالات ،فإن الأثر الفوري للنظام يقتضى سريانها على الملك وولى العهد الموجودين وقت إصدار النظام ، لولا إن النص حدد لسريانها تاريخ أخر ،هو الحالات المستقبلية، طبقاً لما ورد بذيل المادة الحادية والسبعون من نظام الحكم، فيما يتعلق بنفاذ مفعول الأنظمة ،من تاريخ نشرها ،”.. مالم ينص على تاريخ آخر”، وعلى كل حال لم تعد هذه الجزئية تثير خلافا الآن، بعد إن تغير الواقع الذي وضعت لتنظيمه ، ولكنني ذكرتها هنا من باب عموم الفائدة الأكاديمية.

ثالثاً : اختيار ولى ولي العهد.

حرصاً من المؤسسات الدستورية في الدولة ،على تحقيق الوحدة ،واللحمة الوطنية ، وانطلاقاً من المبادئ الشرعية، التي استقر عليها نظام الحكم في المملكة ، ورعاية لكيان الدولة ،ومستقبلها السياسي ، وضمانا لاستمرارها، على الأسس التي قامت عليها منذ نشأتها ([65]) ،صدر الأمر الملكي رقم أ/86 بتاريخ 26/5/1435هـ ، متضمناً استحداث منصب دستوري جديد، في المملكة العربية السعودية، وهو منصب ولى ولي العهد ، وذلك تأكيداً على تحقيق الاستقرار السياسي، وسد أي فراغ دستوري محتمل، في مؤسسات الحكم في الدولة ، وحيث إن الأمر الملكي سالف الذكر هو المصدر الدستوري ،المنشئ لمنصب ولى ولي العهد ،وما يتعلق به من أحكام دستورية ،  فقد تضمن القواعد الخاصة بكيفية اختياره ، وكذلك المهام التي تسند إليه في نطاق البيعة، والتي تتلخص فيما يلي:

  • كيفية اختيار ولى ولي العهد.

ينبغي إن نفرق بالنسبة لقواعد اختيار ولى ولي العهد بين أول اختيار لمن يشغل هذا المنصب ، وبين الاختيارات الثانية، وذلك على النحو التالي:

أول اختيار: وهو ما تم عند استحداث ذلك المنصب بالأمر الملكي المباشر، حيث كانت تلك الآلية  الدستورية كافيه بذاتها لهذا الاختيار، دون إن تكون ملزمة بموافقة هيئة البيعة عليه ، وإن كان قد عرض بالفعل على هيئة البيعة ،وتم أخذ رأيها عليه، وقد أيدت هذا الاختيار، إلا إن ذلك العرض لم يكن إلزامياً على الملك ، حيث إن ذلك المنصب لم يكن داخلاً عند صدور هذا الأمر في اختصاص هيئة البيعة ،طبقاً لما ينص عليه نظامها ، كما إن أحكام نظام هيئة البيعة ،كانت غير ملزمه للملك عبدالله؛ لصدورها في ظل ولايته للحكم ،عملاً بنص البند ثالثاً من الأمر الملكي رقم أ/135 لسنة 1427هـ.

الاختيارات التالية: أما فيما يتعلق باختيار من يشغل هذا المنصب مستقبلياً ( أي في المرات التالية لأول اختيار) فيقوم الملك بعرض من يرشحه لذلك، على أعضاء هيئة البيعة ، فإذا حظي من رشحه الملك لهذا المنصب ، بموافقة أغلبية أعضاء هيئة البيعة ، يصدر أمراً ملكياً باختياره، ومن ثم أصبح العرض على هيئة البيعة، وموافقتها على من يرشح لمنصب ولى ولي العهد إلزامياً على الملك، طبقاً لما ورد بالبند رابعاً من الأمر الملكي رقم أ/86 لسنة 1435هـ ، وصار ذلك داخلاً في اختصاص الهيئة بموجب هذا البند .

  • حالات ولى ولي العهد في البيعة.

كما سبق إن أشرت فإن الغاية من استحداث منصب ولى ولي العهد، هي سد أي فراغ دستوري محتمل في مؤسسة الحكم، لاسيما في حالة خلو منصبي الملك وولى العهد في وقت واحد ، لذا قصر النص الدستوري حالات هذا المنصب في البيعة على هذه الغاية، وذلك حين نص على إن “يبايع ….ولى ولى العهد  ، ولياً للعهد في حال خلو ولاية العهد ، ويبايع ملكاً على البلاد في حال خلو منصبي الملك وولى العهد في وقت واحد.([66]) ”

ومن ثم يكون لولى ولى العهد حالتان فقط هما:

  • يتولى ولاية العهد في حال خلوها.
  • يتولى ملكا على البلاد في حال خلو منصبي الملك وولى العهد في وقت واحد.

ويقتصر منصب ولى ولي العهد في البيعة على هاتين الحالتين فقط.

بقى إن أشير هنا إلى أمر أخير في هذا الشأن وهو:

مدى إلزامية منصب ولى ولي العهد دستورياً: بمعنى هل يجب دستورياً إن يتم اختيار ولياً لولى العهد، أم إنه منصب اختياري ، بحيث يمكن تركه خالياً دون تسمية ولى ولي العهد؟

بالنظر في البند رابعاً من الأمر الملكي رقم  أ / 86  نجد إنه أخضع هذا الأمر لرغبة الملك ،فإن شاء اتخذ إجراءات اختيار ولياً لولى العهد ، وإن شاء تركه دون إن يتم اختيار أحد لشغل هذا المنصب ، حيث نص البند المذكور على إنه ” للملك – مستقبلاً- في حال رغبته اختيار ولى لولى العهد، إن يعرض من يرشحه لذلك على أعضاء هيئة البيعة……..إلى آخر النص”. بما يعنى إن  تنصيب ولى لولى العهد أمراً اختيارياً للملك.

الفرع الثاني  : من المبادئ الدستورية المتعلقة بانتقال السلطة.

مبدأ الأصلح وليس الأكبر.

أعتمد النظام الدستوري السعودي مبدأ الصلاح ،وليس السن، معياراً فيمن يتولى سلطة الحكم ،وأخضع المناصب السيادية الثلاثة لهذا المعيار، غير إن النظام الأساسي أورد هذا المبدأ في صيغة عامة ، كما إنه لم يسند تفصيلاته إلى نظام عادى ، كذلك جاء نظام هيئة البيعة، ولائحته التنفيذية، خاليان من مثل هذا الأمر، وفي ضوء عمومية هذا المبدأ ،يكون المرجع بشأن تفصيلاته، هو أحكام الشريعة الإسلامية ،باعتبارها المرجعية التي اعتمدها النظام السعودي ،وجعلها هي الحاكمة على جميع الأنظمة فيه ، ومن ثم يرجع إليها فيما لم يرد فيه نص في النظام.

بقى هنا سؤال حول هل الأصلح يعنى إن يكون متولي السلطة هو أفضل الموجودين على الإطلاق ؟ وما معنى الصلاح هنا، هل يعنى الصلاح في الدين، أم الصلاح في تدبير شؤون الرعية؟

والحقيقة إن للعلماء في ذلك أراء كثيرة ،ولكن الرأي الذي  أرجحه، هو ما ذهب إليه إمام الحرمين الإمام الجويني، حيث اعتبر الأصلح هنا يعنى الأفضل والأنفع للمسلمين فقال “فالمعني بالفضل استجماع الخلال التي يشترط اجتماعها في التصدي للإمامة، فإذا أطلقنا الأفضل في هذا الباب عنينا به الأصلح للقيام على الخلق بما يستصلحهم”([67])، ومن ثم يتضح إنه أراد بالأصلح هنا، الأصلح في تدبير أمور الناس، وليس الأصلح في الدين ، لأنه لو كان الأصلح في الدين وكان ضعيفاً في تدبير الرعية ؛لأثر ذلك على الأمة كلها ، بينما لو كان قوياً في سياسة الأمة، ولديه تقصير في الطاعة، لم يؤثر ذلك على الرعية ،وبقى تقصيره على نفسه  وحده. هذا إذا لم تجتمع المصلحة والفضل في شخص واحد، أما إذا اجتمعتا في شخص واحد، فهو الأولى بها بلا شك. وأرى إن نفس الرأي السابق، ينطبق كذلك بخصوص المفاضلة بين الأصلح وبين الأكبر سناً ، فإذا اجتمع الأكبر سنا ،والأصلح في شخص واحد، فهو الأولى بالحكم قطعاً ، وإذا لم يجتمعا، قدم الأصلح ،وهو ما أخذ به النظام الأساسي للحكم([68]).

المطلب الثاني  : الانتقال المؤقت للسلطة.

اقصد بالانتقال المؤقت للسلطة هنا ،الحالات التي يطرأ فيها ما يحول بين الملك ،وبين ممارسة سلطاته، بصفة مؤقتة ،سواء كان ذلك راجعاً إلى أمر اضطراري، مثل المرض، أو كان اختياري، كما في التفويض، والإنابة.

الفرع الأول : الانتقال الاضطراري.

نص نظام هيئة البيعة على  الانتقال الاضطراري لسلطات الملك ([69])، وهذا الانتقال له حالتان هما:

أولاً : العجز المؤقت للملك وحده ([70]).

في حالة ثبوت عدم قدرة الملك على ممارسة سلطاته، بصفة مؤقتة، لأسباب صحية، بموجب تقرير اللجنة الطبية المختصة، بناءَ على تكليف من هيئة البيعة ، تُعِدُ الهيئة محضر إثبات لذلك ، وعندئذٍ تنتقل مباشرة سلطات الملك بصفة مؤقتة إلى ولى العهد لحين شفاء الملك، فإذا ثبت شفاء الملك ،وزوال هذا المانع، بموجب تقرير اللجنة الطبية سالفة الذكر ، خلال أربعاً وعشرين ساعة من تكليف الهيئة لها بذلك ، سواء كان هذا التكليف بناءً على توافر قناعة الهيئة بتجاوز الملك للأسباب الصحية التي لم تمكنه من ممارسة سلطاته ، أو بناءً على كتاب من الملك إلى رئيس الهيئة بتجاوزه  لتلك الأسباب . فعندئذٍ تعد الهيئة محضر إثبات لذلك ، ويستأنف الملك ممارسة سلطاته.

وقد وضع الدستور عدة ضوابط لهذه الحالة :

أولها : ثبوت هذا العجز، وزواله بموجب تقرير من اللجنة الطبية، المنصوص عليها في المادة الرابعة عشرة من نظام هيئة البيعة.

وثانيها : إعداد محضر إثبات من الهيئة، بما اتخذ من إجراءات، في حالة ثبوت العجز، وفي حالة زواله.

وثالثها : إن يكون فحص الحالة الصحية للمك عند الشفاء ،خلال أربع وعشرين ساعة من تكليف الهيئة للجنة الطبية بذلك ، وهذا يعكس حرص النظام على سرعة إعادة اختصاصات الملك له؛ باعتباره صاحب السلطة الأصلي ، وحتى لايُساء استخدام هذا الإجراء، وجعله ذريعة لحجب سلطات الملك عنه.

ويلاحظ أخيراً ،إن انتقال سلطات الملك لولى العهد، عند ثبوت عجزه،هو انتقال بقوة النظام، لا يحتاج إلى تكليف من هيئة البيعة بذلك، ولا حتى إخطار ، لذلك  نص النظام على ” فتقوم الهيئة بإعداد محضر إثبات لذلك ،وعندئذٍ تنتقل مباشرة سلطات الملك بصفة مؤقتة إلى ولى العهد لحين شفاء الملك”، ولم يعلق ذلك على تكليف من الهيئة، أو إخطار.

ثانياً : العجز المؤقت للملك وولى العهد معاً ([71]).

في حالة ما إذا كان العجز المؤقت عن ممارسة السلطة ،شامل للملك وولى العهد معاً، في نفس الوقت، فتتخذ هيئة البيعة، في هذه الحالة أيضاً ،ذات الإجراءات المتخذة في الحالة السابقة.

وعندئذٍ يتولى (المجلس المؤقت للحكم) ،إدارة شؤون الدولة ،ورعاية مصالح الشعب، لحين شفاء أي منهما، ويكون ثبوت شفاء أي منهما، بذات الإجراءات المذكورة في الحالة السابقة ،لذا أحيل إليها منعاً من التكرار.

ووجه الاختلاف بين هذه الحالة والحالة السابقة يتمثل في أمرين:

أولهما : إن السلطة في هذه الحالة، تنتقل مؤقتاً إلى مجلس الحكم المنصوص عليه في المادة العاشرة من نظام البيعة ،إلى حين شفاء الملك ،أو ولى العهد، حيث تعود السلطة إلى أسبقهما شفاءً.

وثانيهما : إن سلطة المجلس المؤقت مقيدة، وليست مطلقة، حيث لايجوز له خلال فترة إدارته لشؤون الدولة، إن يعدل النظام الأساسي ،أو أي من الأنظمة ذات العلاقة بالحكم، وليس له حل أي من المؤسسات الدستورية في الدولة، أو إعادة تكوينها،- حيث لم يضع النظام هذا القيد على ولى العهد عند ممارسته لسلطات الملك مؤقتاً- ، وعلى المجلس خلال المدة الانتقالية، المحافظة على وحدة الدولة ، ومصالحها الداخلية، والخارجية، وأنظمتها.([72]

 

 

الفرع الثاني : الانتقال الاختياري.

على عكس الانتقال الاضطراري المؤقت للسلطة ، فإن الانتقال هنا اختياري ،أي راجع إلى إرادة الملك ،ويكون ذلك بالتفويض، أو الإنابة على حسب الأحوال .

وقد سبق علماء الشريعة إلى معرفة هذه الأفكار، ووضع الضوابط اللازمة لها ، حيث لما كانت الإمامة ولاية عامة في شؤون الدين، والدنيا معاً – كما عرفت بذلك – فلا يتصور إن يباشر الإمام، ويتصرف ، في كل تلك الشؤون بنفسه ، ومن ثم لا مناص له إذا ،عن التفويض، والإنابة ، وقد أورد ذلك الماوردي في الأحكام ، وابن خلدون في المقدمة ،وغيرهما؛ لأن السلطان في نفسه ضعيف، يحمل أمراً ثقيلاً ،فلابد له من الاستعانة بأبناء جنسه، وأهتدوا في ذلك إلى فكرة التفويض ،والإنابة، وقالوا بأنها ولاية لاتمنح إلا بعقد ، يوضح شروطها، وحدودها ،حيث إنها تعطي لمن تمنح له حكماً، وتصرفاً في الأعمال والأموال ([73]). ولخشية الإطالة لن أذكر التفويض والإنابة  بشروطهما ،وضوابطهما ،  فيكفي من القلادة ما أحاط بالعنق

أولاً : التفويض. نص النظام الأساسي على إن ” للملك تفويض بعض الصلاحيات لولى العهد بأمر ملكي” ([74]).

تعريف التفويض : تعددت تعريفات فقهاء القانون للتفويض ،إلا إنها تتفق في النهاية من حيث المعنى الإجمالي ،والمبادئ ،والأحكام المنظمة له ، ومن هذه التعريفات  ” إن يعهد صاحب الاختصاص الأصيل بجزء من اختصاصه إلى شخص أخر ،أو هيئة أخرى ، استناداً إلى نص دستوري، أو قانوني، أو لائحي يأذن له في ذلك” ([75]) ،وبالتالي نخلص إلى إن دراسة التفويض، في الفكر القانوني، تنطلق من خلال الدستور، أو القانون، أو النظام الذي يأذن بالتفويض في أحوال محددة ،من خلال الإجراء الذي يعهد بمقتضاه سلطة لسلطة أخرى، بجزء من اختصاصها بناءً على نص قانوني يحدد ذلك.

ويبقى هنا سؤال في التفويض، هل ينتهي بخلو منصب الملك ،أو ولى العهد الذين صدر التفويض في عهدهما ؟ والحقيقة إنني أرى إن الركن الأساسي للتفويض، هو عنصر الثقة من الأصيل فيمن يفوضه، ولذلك أرى إن التفويض يعتبر منتهياً بتغير أحدهما ،غير إنه عملياً نجد إنه في النظام السعودي فإن تغير الملك يعنى إن يصبح ولى العهد هو الملك، وبالتالي يصبح هو  صاحب السلطة الأصيل ، وفي حال تغير ولى العهد، فإن ولى العهد الجديد، يكون بترشيح من الملك غالباً ،أو موافقته ،وبالتالي هذا يعنى إنه محل ثقته التي هي أساس التفويض،وعلى كلٍ فإن الأمر الملكي الذي يصدر بالتفويض ،هو الدستور المنظم لهذا التفويض، والذي يرجع إليه في تفصيلات ذلك.

ثانياً : الإنابة. “يصدر الملك في حالة سفره إلى خارج المملكة أمراً ملكياً بإنابة ولى العهد في إدارة شؤون الدولة ، ورعاية مصالح الشعب ، وذلك على الوجه المبين بالأمر الملكي” ([76]).

تعريف الإنابة :عرفَ  فقهاء القانون الإنابة  بأنها ([77])، ( قيام الأصيل بإنابة آخر، يقوم مقامه، في ممارسة اختصاصاته عند غيابه، وذلك لحين عودة الأصيل ، ومن ثم فهي تفترض وجود مانع مؤقت، يعوق الأصيل عن ممارسة اختصاصاته، فينوب عنه غيره، إلى إن يزول هذا المانع ) ،ومما تقدم يتضح لنا اتفاق الإنابة مع التفويض في إن كلا منهما تحتاج إلى صدور قرار من صاحب الاختصاص إلى المفوض إليه أو النائب ، وكلاهما على سبيل التأقيت .

وبالنظر إلى القواعد السابقة ، نجد إن ما ورد في النظام الأساسي في المادة السادسة والستون ، يعد أحد أهم تطبيقات الإنابة، في النظام الدستوري السعودي ، غير إن النص قصرَ الغيبة المقتضية للإنابة، على السفر خارج المملكة ، كما قصرَ الإنابة على ولى العهد دون غيره ، ونظراً لكون الإنابة هنا شامله لكافة سلطات الملك، فيما يتعلق بإدارة شؤون الدولة ،ورعاية مصالح الشعب ،فقد اشترط ممارسة ذلك، في ضوء ما يبينه الأمر الملكي الصادر في هذا الشأن.

بقى إن أشير هنا إلى إنه وبعد إن أصبحت الدساتير تقوم بتقسيم السلطات، وتحديد اختصاصات كل سلطه في الدولة ،فإن الأصل هو اضطلاع كل سلطه أسند إليها الدستور اختصاصاً معيناً بممارسة ذلك الاختصاص بنفسها، دون تفويض ،أو إنابة غيرها في ذلك، إلا في أضيق الحدود .

 

 

الخاتمــــــــــــــــة

لقد تناولت على مدار صفحات هذا البحث، القواعد النظامية الحاكمة لانتقال وتداول السلطة، في النظام الدستوري السعودي ، وقد خلصت من خلال تلك الدراسة، إلي مجموعه من النتائج، والتوصيات التي أوردها فيما يلي:

أولاً : نتائج البحث

  • الشريعة الإسلامية ،هي دستور المملكة العربية السعودية الأعلى، ونظامها العام، الذي يخضع الجميع لسلطانه، حكاماً ،ومحكومين ، وهو ما يحرص ولاة الأمر فيها،على التأكيد عليه في كل مناسبة، وعند إصدار أي نظام من أنظمتها ، وهذا هو سر استقرار المملكة السياسي، بل والاجتماعي أيضاً ،حيث لا تمايز فيها لأحدٍ على أحد إلا فيما تمنحه الشريعة من سلطات، أو تفرض عليه من مسئوليات.
  • الحياة السياسية في المملكة العربية السعودية ،محكومة منذ نشأتها، بقواعد دستورية واضحة، وراسخة ، ومن ثم لم تعرف المملكة العربية السعودية مايسمى بالفراغ الدستوري، لاسيما فيمــا يخــص”انتقال السلطة” ،وإن كانت هذه القواعد قد بقيت في شكلها العرفي، حتى تم صياغتها من خلال الأنظمة المختلفة، حسب مقتضيات التطور الدستوري للسعودية ، في ضوء ما يناسب كل مرحلة من أنظمة ولوائح، وهو ما يتفق و مبدأ التدرج .
  • مر التاريخ الدستوري للمملكة العربية السعودية بمراحل ،ومحاولات تطوير متعددة، منذ تأسيسها وحتى الآن ، مما يؤكد على إن فكرة وضع دستور مكتوب، وأنظمة مكملة له ،كانت حاضرة في ذهن ولاة أمر هذه البلاد، من البداية ،حيث أصدر الملك عبدالعزيز، التعليمات الأساسية للحكم عام1345هـ ، ومروراً بكافة مشاريع أنظمة الحكم التالية ، وانتهاءً بصدور النظام الأساسي للحكم الحالي في سنة 1412هـ.
  • تستمد جميع الأنظمة، واللوائح الصادرة في المملكة العربية السعودية ، وعلى رأسها النظام الأساسي للحكم ، ثم الأنظمة الأساسية ،كنظام هيئة البيعة ،وغيره من الأنظمة ذات العلاقة بشؤون الحكم ، أحكامها من الشريعة الإسلامية، بمصدريها الكتاب، والسنة ، ومن ثم فإنه فيما لم يرد فيه نص في نظام ،أو لائحة ، يُرجَع فيه إلى المصدر الأصلي، وهو الشريعة الإسلامية، باعتبارها الشريعة العامة والتامة .
  • إن حرص الأنظمة عامة، والنظام السعودي خاصة ،على وضع قواعد، وتفاصيل أحكام انتقال ،وتداول السلطة ، ليس مرجعه تفضيل شخصاً بعينه، أو فئةً دون غيرها، بهذه السلطة، بقدر ما هو حفاظ على كيان الدولة من التفكك ، وعلى عقدها الاجتماعي من التبعثر، والأنهيار ، وهي ذات العلة التي من أجلها سارع صحابة رسول الله r إلى اختيار ،ونصب خليفةً للمسلمين ،حتى قبل إن يوارى جسد رسول الله r الثرى ، كي  لايُفتح على الناس باب الفتنة ، فيتمنى متمنٍ ويقولَ قائلٌ أنا أولى بها.
  • تعتبر البيعة الشرعية الصادرة من أهل الحل والعقد ،هي الوسيلة التي يتبعها النظام السعودي ،في اختيار الأصلح لولاية الأمر، سواء في منصب الملك، أو ولى العهد ،أو ولى ولي العهد بناءً على دعوة هيئة البيعة لذلك
  • لما كان الأشخاص زائلون ، والمجتمعُ باقٍ إلى إن يشاء الله ، فإنه تأييداً من المنظم الدستوري السعودي في الحفاظ على رباط هذا المجتمع من التفكك ، وحرصاً على استمرارية استقراره من الفوضى، والتشرذم ، لم يكتفِ بتنظيم قواعد تنصيب الملك ، وإنما نظَّم منصب ولي العهد ، بل واستحدث منصب ولي ولى العهد ،لينأى بالدولة عن أي فراغ دستوري، ولو محتمل .
  • إن مسؤولية الحكم جسيمة ، وتحمل أمانة الرعية عظيمة ، لذا أناطت الأنظمة على اختلافها بالحاكم وحده ،ممارسة اختصاصات الحكم، لما لاختياره من شروط، وضوابط ،قد لا تشترط في غيره ، ولم تعطه حق تفويض، أو إنابة غيره في سلطاته، إلا في أضيق نطاق، ولأجلٍ محدود، وفي ضوء ضوابط ،وقواعد محددة تحرص الدساتير على إن توردها في صلب نصوصها، بل ولا تعفي الحاكم من مسؤوليته عن عمل من فوضه ،أوأنابه في هذا الشأن كأصلٍ عام .

ثانياً : توصيات الباحث:

(1) الأصل إن الدساتير تصدر، وتعدل بوسيلة أشد، وأصعب مما تصدر، وتعدل به الأنظمة العادية ، ولما كان النظام الأساسي للحكم بمثابة الدستور النظامي للمملكة العربية السعودية ، فقد نص في المادة الثالثة والثمانون منه على إن يعدل بذات الوسيلة التي صدر بها ،وهي الأمر الملكي ، بينما نظام هيئة البيعة ،ولائحته التنفيذية صادران  بالأمر الملكي بعد موافقة هيئة البيعة، ولا يعدلان إلا بعد موافقتها أيضاً ، فكيف تكون وسيلة إصدار، وتعديل الدستور الذي يتضمن المبادئ العامة للحكم ، وتنظيم سلطات الدولة المختلفة ، وانتقالها أقل من وسيلة إصدار النظام العادي ،حتى ولو كان نظاماً أساسياً ، ومن ثم أوصى بدراسة هذه الجزئية، من جانب  المنظم السعودي، وصياغتها، بما يتفق مع مبدأ سمو الدستور، واتساقاً مع مبدأ التدرج النظامي في الدولة.

(2) تختلف هيئة البيعة بتشكيلها الحالي في النظام ، عن أهل الحل والعقد شرعاً، لذا جعل المنظم السعودي دور الهيئة قاصر على الدعوة إلى المبايعة ،بينما البيعة الشرعية تكون من أهل الحل والعقد ، وهو ما يؤدى إلى تعدد الأدوار بما قد يستغرق وقتاً طويلاً ،وفي ذات الوقت فإن هيئة البيعة التي نظمتها النصوص، وجعلت لها صلاحيات محددة ليس لها الوصف الشرعي ، وأهل الحل والعقد التي لها الوصف الشرعي لم تضع النصوص النظامية لها صلاحيات محددة ، ومنظمة .

وأرى إن الأمر يكون أوفق لو عدل المنظم تشكيل هيئة البيعة بحيث يضم إليها كبار العلماء ،ورؤساء الهيئات، والمجالس العليا، كمجلس الشورى، ومجلس القضاء ،وهيئة كبار العلماء ،وأمراء المناطق بحكم مناصبهم ، فيكون لها عند ذلك، الوصف الشرعي لأهل الحل والعقد ،ويكون لها كذلك سلطات المبايعة المباشرة ، وليس مجرد الدعوة إليها. لذا أوصي  باتخاذ هذه المسألة في عين الاعتبار من جانب  المنظم.

(3) أخيراً أرى بعد استحداث منصب ولى ولي العهد بالأمر الملكي رقم أ/86 لسنة 1435هـ ،إنه من الأفضل إن يسند إليه القيام بمهام الحكم ،في حالة عدم قدرة كل من الملك وولى العهد معاً عن ممارسة سلطاتهما مؤقتاً ، بسبب المرض في وقت واحد، إلى حين شفاء أحدهما، بدلاً من مجلس الحكم المؤقت ، وكذلك في حالة وفاتهما معاً في وقت واحد، لحين مبايعته ملكاً على البلاد ، وهو ما يقتضى تعديل المادة الثانية عشرة من نظام هيئة البيعة لذا أوصى به ،وذلك قياساً على النصوص المنظمة لمنصب ولى العهد ،  ولأنه الأفضل لإدارة شؤون البلاد من وجهة نظري .

 

 

 

 

قائمـــــــة المراجــــــــــع

 

 

الكتـــــــــــــب والأبحــــــــــــــاث

اسم المؤلف                                  بيانات الكتاب

  • إبراهيم محمد الحديثي تعديل النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية – مجلة الشريعة والقانون –كلية القانون – جامعة الإمارات العربية المتحدة العدد الخامس والخمسون – رمضان 1434هـ
  • ابن تميمة مجموع فتاوى ابن تيمية، مجمع الملك فهد، سنة النشر 1416هـ 1995م
  • ابن تيمية السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والراعية – الرياض – مكتبة الرياض الحديثة – 1951م
  • أبو الأعلى المودودي الحكومة الإسلامية – ترجمة أحمد إدريس – القاهرة – دار المختار الإسلامي للطباعة والنشر – 1977م
  • أبو الحسن على بن محمد الماوردى الأحكام السلطانية والولايات الدينية –  الطبعة الثالثة  – شركة مكتبة ومطبعة مصطفى الباب الحلبي – القاهرة- 1393هـ
  • أبو المعالي عبدالملك الجويني غياث الأمم في التياث الظلم – تحقيق عبدالعظيم الديب – قطر – مطابع الدوحة الحديثة – 1400هـ
  • أحمد بن عبدالله بن باز النظام السياسي والدستوري للمملكة العربية السعودية– الخريجى للنشر والتوزيع – الطبعة الثالثة  – 1421هـ
  • تقي الدين أحمد بن تيمية الحسبة في الإسلام أو وظيفة الحكومة الإسلامية – “بيروت  دار الكتاب العربي ” بدون سنة نشر
  • جابر سعيد حسن القانون الإداري في المملكة العربية السعودية – الطبعة الثانية 1427/1428هـ
  • جمال الدين بن محمد (ابن منظور) معجم “لسان العرب ” – تونس – مطبعة دار المعارف – بدون سنة نشر
  • جوزيف أ . كيشيشيان   الخلافة في العربية السعودية – ترجمة غادة حيدر-دار الساقى 2002م
  • رعد عبدالجليل مفهوم السلطة السياسية– مجلة الدراسات الدولية – العدد السابع والثلاثون-جامعة بغداد-2008م
  • سعاد الشرقاوي  النظم السياسية في العالم المعاصر– القاهرة – 2007م –دار النهضة العربية – الطبعة الأولى
  • ظافر القاسمي نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي – (الكتاب الأول “الحياة الدستورية”) – دار النفائس – الطبعة الأولى -1407ه
  • عبدالرحمن بن محمد بن خلدون       مقدمة ابن خلدون– الطابعة الرابعة – مكة – دار الباز

للنشر – 1398هـ

  • عبدالكريم بن أبى بكر أحمد الشهرستاني       الملل والنحل –  طبعة الأزهر الثانية– 1395هـ
  • عبدالله بن عمر بن سليمان الدميجي  الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة– الرياض – دار طيبة للنشر والتوزيع – بدون سنة نشر
  • على بن سليمان العطية       السياسة الشرعية في النظام الأساسي للحكم (رسالة دكتوراه) مقدمه للمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1427هـ
  • محمد أبوبكر الرازي (الرازى) معجم ” مختار الصحاح”– مصر – مطبعة دار النهضة– 1953
  • محمد أحمد مفتي أركان وضمانات الحكم الإسلامي – الطبعة الأولى – 1417هـ، مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع
  • محمد بن عبدالله العثمان    تفويض السلطة وأثره على كفاءة الأداء (رسالة ماجستير) – مقدمة لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية – قسم العلوم الإدارية – 1424هـ
  • محمد ضياء الدين الريس النظريات السياسية الإسلامية– القاهرة – مكتبة دار التراث – الطبعة السابعة
  • محمد محمد عبدالجواد  التطور التشريعي في المملكة العربية السعودية – مطبعة جامعة القاهرة – 1397هـ-الأسكندرية – منشأة المعارف
  • محمد يوسف موسى نظام الحكم في الإسلام– القاهرة – دار الفكر العربى – مطبعة المدني – بدون سنة نشر
                                  الأنظمــــــــــة والـلـــــــــــوائح
  • الأمر الملكي رقم أ 86 صادر بتاريخ 26/5/1435هـ
  • التعليمات الأساسية للحكم صادرة بتاريخ 21/2/1345هـ
  • الدستور الأمريكي لسنة 1788م
  • الدستور الفرنسي لسنة 1958م حسب تعديلات 2008م
  • الدستور المصري الحالي لسنة 2014م
  • الدستور المصري السابق لسنة 1971م قبل وبعد تعديلات 2005م
  • اللائحة التنفيذية لنظام هيئة البيعة صادرة بالأمر الملكي رقم أ /164 بتاريخ 26/9/1428هـ
  • اللائحة الداخلية لمجلس الشورى صادرة بالأمر الملكي رقم أ/15 بتاريخ 3/3/1414هـ
  • المرسوم الملكي رقم 2716 صادر بتاريخ 17/5/1351هـ
  • النظام الأساسي للحكم صادر بالأمر الملكي رقم أ /90 بتاريخ 27/8/1412هـ
  • نظام مجلس الوزراء صادر بالأمر الملكي رقم أ/13 بتاريخ 3/3/1414هـ
  • نظام هيئة البيعة صادر بالأمر الملكي رقم أ /135 بتاريخ 26/9/1427هـ
                             محاضرات وجرائد ورقية والكترونية
  • الأمير الدكتور/ فيصل بن مشعل بن عبدالعزيز قراءة في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية – محاضرة نظمتها الجمعية العلمية السعودية للدراسات الفكرية المعاصرة بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم وألقيت بمركز الملك خالد الحضاري في مدينة بريدة مساء يوم الثلاثاء 3/7/1431هـ –
  • الأمير طلال بن عبدالعزيز رسالة إلى مواطن “كلمة للتاريخ وتوثيق لمسيرة الدساتير السعودية” طبعة 1425هـ
  • جريدة الرياض الإلكترونية تقرير منشور الجمعة 25/6/1435هـ لحمد الضويحي بعنوان أول تطبيق شهدته المملكة كان للملك سعود “بيعة سيدي سمع وطاعة”
  • جريدة أم القرى العدد 1485 في 8/2/1373هـ
  • جريدة أم القرى العدد 406 في 22/5/1351هـ

من كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز        بمناسبة إصدار النظام الأساسي للحكم (منشور بكتيب المجلة العربية ،الصادر عام   1414هـ

  • الموسوعة الإلكترونية “مقاتل من الصحراء” الفصل السابع “تنظيم الدولة السعودية في عهد الملك عبدالعزيز”

[1]))  أخرجه الإمام أحمد في باقى مسند الأنصار رقم (21139) عن أبى أمامه الباهلى

[2]))الشهرستانى – الملل والنحل “طبعة الأزهر” جـ 1– ص 20

[3])) انظر الباب الثاني من النظام الأساسي للحكم – المواد من الخامسة إلى الثامنة

([4]) محمد أحمد مفتي – أركان وضمانات الحكم الإسلامي الطبعة الأولى 1417هـ – ص 19

([5])أخرجه أبوداود – جامع الأصول من أحاديث الرسول : الجزء السادس – ص 13

([6]) تقى الدين أحمد بن تيميه – الحسبة في الإسلام أو وظيفة الحكومة الإسلامية ص 5،3،2(بيروت – دار الكتاب العربي)

([7]البيهقي – شعب الإيمان ( جـ 10 / ص 5 / رقم 7102)

[8])) انظر على سبيل المثال) إبراهيم الحديثي – تعديل النظام الأساسي للحكم – ص 25 + وكذلك على العطية – السياسة الشرعية في النظام ا

الأساسي للحكم – ( ملخص رسالة دكتوراه) التوصية الثانية – ص 13

([9])ابن منظور – لسان العرب : مادة بيع ص 402.

([10])  ابن خلدون – مقدمه ابن خلدون –  ص 209.

([11])  صحيح البخاري (13/204)

([12])  ابن منظور – لسان العرب : مادة خلف  ص 1234

([13]) المرجع السابق : مادة عهد ص 3148

([14])  ظافر القاسمي– نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي الكتاب الأول “الحياة الدستورية” ص 168

([15])  رواه مسلم في كتاب:فضائل الصحابة باب فضائل أبى بكر حديث رقم 2387(4/1857)

([16])  متفق عليه – وسبق تخريجه ص7 من هذا البحث

([17])  سعاد الشرقاوي– النظم السياسية في العالم المعاصر- ص 151

([18])  المادة السادسة من الدستور الفرنسي الحالي والصادر سنة 1958 م حسب آخر التعديلات التي طرأت عليه في عام 2008م

([19])  المادة  (143) من الدستور المصري الحالي المعدل لسنة 2014م

([20])  المادة الثانية (الفقرة الأولى) من الدستور الأمريكي لعام 1788م

([21])  سعاد الشرقاوي– النظم السياسية في العالم المعاصر – ص 151

([22])  المادة (76) من الدستور المصري لسنة 1971م قبل تعديلها عام 2005م

([23])  المادة(192مكرر) من الدستور المصري لسنة 1971م مضافة بموجب تعديلات 2005م يتغيير مسمى الاستفتاء بالانتخاب فيما يتعلق

باختيار رئيس الجمهورية في جميع مواد الدستور

([24])  محمد عبدالجواد – التطور التشريعي في المملكة العربية السعودية –  مطبعة جامعة القاهرة 1397هـ – ص 44

([25])  إبراهيم الحديثي– تعديل النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية – مجلة الشريعة والقانون كلية القانون جامعة

الإمارات العربية المتحدة العدد الخامس والخمسون – رمضان 1434هـ  يوليو 2013 م ص 31

([26])  حمد الضويحي– أول تطبيق شهدته البلاد كان للملك سعود 1352هـ  باتفاق مجلس الوكلاء “بيعة سيدي سمع وطاعة”-تقرير

منشور على موقع جريدة الرياض الالكترونية يوم الجمعة 25 جمادى الآخرة 1435هـ

([27])  إبراهيم الحديثى– تعديل النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية –  ص 27 ، 28

([28])  عبدالله الدميجي – الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة – ص 158

([29])  جوزيف أ. كيشيشيان– الخلافة في العربية السعودية – ص 46 –  ترجمة غادة حيدر – دار الساقى طبعة 2002م

([30]) انظر هذا البحث ص 6

([31])  مرسوم ملكي رقم 2716 في 17 جمادى الأولى 1351هـ  ابتداءً من 21جمادى الأولى 1351هـ

([32])  جريدة أم القرى العدد رقم 1485 في 8/2/1373هـ

([33])  جوزيف أ . كيشيشيإن– الخلافة في العربية السعودية –  ص 47

([34])  الموسوعة  الالكترونية “مقاتل من الصحراء” – الفصل السابع “تنظبم الدولة السعودية في عهد الملك عبدالعزيز”

([35]) التعليمات الأساسية – المادة الأولى ، والمادة الثالثة

([36])التعليمات الأساسية – القسم الرابع ، المواد من 28 : 41

([37])  إبراهيم الحديثى– تعديل النظام الأساسي للحكم ص 28

([38])جريدة أم القرى ، العدد 406 في 22/5/1351هـ

([39])  أحمد بن باز – النظام السياسي والدستوري للمملكة العربية السعودية – ص 96

([40])  الأمير طلال بن عبدالعزيز – رسالة إلى مواطن “كلمه للتاريخ وتوثيق لمسيرة الدساتير السعودية”  ط 1425هـ ص 7

([41])  النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/90 بتاريخ 27/8/1412هـ

([42])  النظام الأساسي للحكم المواد (5 و 6)

([43])  النظام الأساسي للحكم المواد(65 و66)

([44])  الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن عبدالعزيز– قراءه في النظام الأساسي للحكم –  ص 7

([45])  من كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز بمناسبة إصدار النظام الأساسي للحكم(منشور بكتيب المجلة العربية ،الصادر عام

1414هـ ، ص 6

([46]) المادة  رقم  (5)   فقره (1) من النظام الأساسي للحكم – ومن قبل ذلك أيضاً المادة الثانية من التعليمات الأساسية للمملكة الحجازية لعام 1345 هـ

([47])  المادة رقم  (5)  فقره (2) من النظام الأساسي للحكم

([48])  المادة رقم  (6)  من النظام الأساسي للحكم

([49])  المادة رقم  (7)  من النظام الأساسي للحكم

([50])  المادة رقم  (8)  من النظام الأساسي للحكم

([51])  المادة رقم  (5)  فقرة (5) من النظام  الأساسي – وكذلك المادة رقم (6) من نظام هيئة البيعة – وكذلك المادة رقم (6) من اللائحة التنفيذية لنظام هيئة البيعة

([52])المادتان  الثانية عشرة والثالثة عشرة من نظام هيئة البيعة

([53])  المادة رقم (5) فقرة (5) من النظام الأساسي للحكم – والمادة السادسة من نظام هيئة البيعة – والمادة السادسة من اللائحة التنفيذية لنظام هيئة البيعة

([54])  المادة الثالثة عشرة من نظام هيئة البيعة

([55])  المادة الحادية عشرة (الفقرة الثانية) من نظام هيئة البيعة

([56])  المادة الثانية عشرة (الفقرة الثانية) من نظام هيئة البيعة

[57])) انظر هذا البحث ص 8

([58])أحمد يوسف موسى – نظام الحكم في الإسلام   ص 93 ، 94 :  وكذلك ضياء الريس – النظريات الإسلامية-  ص216 وما بعدها – وص 240  وما بعدها

([59]) المادة السابعة من نظام هيئة البيعة

([60])  المادة الثامنة من نظام هيئة البيعة

([61]) انظر مضمون المادة الخامسة (هـ) من النظام الأساسي للحكم – والمادة السادسة من نظام هيئة البيعة ولائحته التنفيذية

([62])  المادة الثالثة عشرة من نظام هيئة البيعة

([63])  المادة الثانية عشرة من نظام هيئة البيعة

([64])  المادة التاسعة من نظام هيئة البيعة

([65])انظر  ديباجة الأمر الملكي رقم أ /86 لسنة 1435هـ

([66])  البند ثانياً من الأمر الملكي رقم أ /86 لسنة 1435هـ

([67])  الإمام الجوينى – غياث الأمم في التياث الظلم – ص 122

([68])  الدكتور الأمير فيصل بن مشعل – قراءه في النظام الأساسي للحكم – ص 11

([69])  الفقرة الأولى من المادتين الحادية عشرة والثانية عشرة من نظام هيئة البيعة

([70])  المادة الحادية عشرة (الفقرة الأولى ) من نظام هيئة البيعة

([71])  المادة الثانية عشرة (الفقرة الأولى) من نظام هيئة البيعة

([72])  الفقرة الثانية من المادة العاشرة من نظام هيئة البيعة

([73])  الماوردي – الأحكام السلطانية – ص 21 – وكذلك ابن خلدون : المقدمة ص 196

([74])  المادة رقم (65) من النظام الأساسي للحكم

([75])  محمد العثمان – تفويض السلطة وأثرة على كفاية الأداء(ملخص رسالة ماجستير) – ص43 وما بعدها

([76])  المادة رقم (66) من النظام الأساسي للحكم

([77])  جابر سعيد حسن- القانون الإداري في المملكة العربية السعودية – الطبعة الثانية 1427/1428هـ  – ص 146 ومابعدها– وكذلك محمد العثمان – المرجع السابق ص 54 ، 55

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى