إذا كانت الدول السائرة في طريق النمو تعتمد إلى وقت قريب على سياستها الجمركية من أجل حماية اقتصادها الوطني عن طريق وضع رسوم جمركية مرتفعة بغية عرقلة دخول المنتوجات الأجنبية إلى أراضيها ، فإن مصادقة تلك الدول على كل من اتفاقية الكات و المنظمة العالمية للتجارة، و كذا على الاتفاقيات الثنائية الخاصة بالتبادل الحر ، تفرض على الدول النامية أن تفتح أبوابها تجاه السلع الأجنبية عن طريق تطبيق برنامج التفكيك الجمركي .
ومهما يكن فإن المغرب قد عقد في 26 فبراير 1996 اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لخلق منطقة حرة، ودخل الفترة الأولى من التفكيك الجمركي في بداية الدورة الثانية لسنة 1998 وفقا لالتزاماته الخارجية في إطار منظمة التجارة العالمية[1].
كما عقد المغرب مجموعة من اتفاقيات التبادل الحر التي تقضي بإزالة الحواجز الجمركية بشكل تدريجي في أفق التفكيك الكامل للرسوم الجمركية، ومنها اتفاق التبادل الحر المبرم مع الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2004.
وتبرز أهمية دراسة موضوع التفكيك الجمركي بالنظر إلى التحدي الذي فرضته كل من اتفاقية الكات والمنظمة العالمية للتجارة على دول العالم الثالث، إذ حولت العالم إلى قرى صغيرة وموحدة يسهل التنقل داخلها دون قيد أو شرط.
انطلاقا من ذلك تبدو الحاجة ملحة إلى معرفة الآثار التي سيخلفها التفكيك الجمركي على اقتصاديات الدول النامية أمام المنافسة الشرسة للدول المصنعة، وهو ما من شأنه أن ينعكس وبقوة على المداخيل الجبائية والجمركية التي تعتبر من أهم موارد الدول السائرة في طريق النمو، وموردا مهما من موارد ميزانيتها.
أمام هذه الوضعية التي تعيشها هذه الدول فإن ذلك يقتضي منها ضرورة البحث عن الموارد الجبائية وغير الجبائية الكفيلة بتعويض النقص الذي سيخلفه التطبيق الكامل لبرنامج التفكيك الجمركي.
من خلال ما سبق فإن الإشكالية التي يثيرها موضوع التفكيك الجمركي تتمثل في إبراز الحد الذي ستستطيع معه الدول النامية مواجهة المنافسة المرتقبة للدول الأكثر تصنيعا؟ وما هي الوسائل التمويلية لميزانية الدول النامية أمام تراجع الموارد الجمركية الذي يعتبر أبرز آثار التفكيك الجمركي؟
وهو ما يدفعنا إلى محاولة تقييم أثار التفكيك الجمركي على المستوى الجبائي ( المطلب الأول) وكذا على مستوى تأثيره على الميزانية ( المطلب الثاني).
المطلب الأول: الآثار الجبائية للتفكيك الجمركي.
إن الحديث عن آثار التفكيك الجمركي على الموارد الجبائية يفرض ضرورة التطرق إلى انخفاض الموارد الضريبية وما ينجم عنه من مشاكل، خاصة بالنسبة للدول السائرة في طريق النمو( الفقرة الأولى)، كما أن هذه الآثار تنصرف إلى الموارد الجمركية التي بدأ حجمها يتراجع من سنة لأخرى( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: آثار التفكيك الجمركي على الموارد الضريبية.
إن المسألة الضريبية تحتل مكانة الصدارة داخل إشكالية التنمية في عالم أصبح محكوما بنظام العولمة وإستراتيجية الانفتاح الاقتصادي[2]، خاصة إذا علمنا أن جل دول العالم الثالث تتوفر على نظام ضريبي يعتمد بالدرجة الأولى والأساسية على الضرائب والرسوم المفروضة على المبادلات الدولية.
كما ينضاف إلى ذلك أن تلك الدول ومساهمة في إنعاش اقتصادها تقوم بتقديم مجموعة من الإعفاءات الضريبية، الشيء الذي ينعكس في نهاية المطاف على مواردها المالية وخاصة الموارد الضريبية، مما يدفع الدول النامية إلى البحث تبعا لذلك عن وسائل مالية جدية لتعويض ذلك العجز[3].
كما أن الانفتاح على الاقتصاد العالمي يفرض الانتقال إلى نظام ضريبي مغاير يعتمد على وسائل من شأنها المساهمة في تعويض انخفاض الموارد الجبائية الناتجة عن التفكيك الجمركي، وذلك بفرض ضرائب داخلية مرتفعة، وهو ما يدفع إلى التساؤل حول مستقبل العائدات الضريبية في ظل المهمة الجديدة لهذه الأخيرة بعد تحرير المبادلات العالمية وإلغاء الحواجز الجمركية[4] .
وفي هذا الإطار نشير إلى أن المداخيل الجبائية من التجارة الخارجية في الدول المتقدمة لا تمثل إلا جزءا بسيطا من المداخيل الجبائية ككل، إذ لا تتعدى 0.72% من الناتج الداخلي الخام، أما بالنسبة للدول النامية فتعد السياسة الضريبية وسيلة من وسائل تحقيق التنمية الاقتصادية، إلا أن هذا الدور بدأ يتلاشى مع إلغاء الحواجز الجمركية. وهو ما يفرض القيام بمجهودات كبيرة من أجل التحكم في الموارد المالية وفي السياسة الضريبية للحفاظ على توازن الميزانية وعلى دورها في تطبيق السياسة الاقتصادية والاجتماعية.
أما بالنسبة لحجم الموارد الضريبية بالمغرب وخاصة بالنسبة للضرائب المباشرة نجد أنها ساهمت في تنمية الموارد الجبائية بنسبة 2.9 % عوض 1.8 سنة 2001[5].
وقد وصلت قيمة هذه الضرائب المباشرة إلى 30.4 مليار درهم بحصيلة إضافية وصلت 1.5 مليار درهم بالنسبة للتوقعات.
أما بالنسبة للضرائب غير المباشرة[6] فقد بلغت سنة 2002 ما قيمته 32.9 مليار درهم بزيادة %2.1 مقارنة مع سنة 2001، إذ تمثل %83 من الناتج الداخلي الخام[7].
وعليه نخلص إلى أن التفكيك الجمركي له أثر مباشر على تراجع حجم الموارد الضريبية، وهو ما يفرض على الدول النامية بالخصوص أن تبحث عن موارد ضريبية بديلة .
حيث إن المجال الضريبي يحتل مكانة مهمة فيما يخص تمويل الميزانية، وبالمقابل تبقى الدول مضطرة بعد انخفاض مداخيلها إلى تغيير بنية نظامها الجبائي على حساب الضرائب المفروضة على النشاطات الداخلية ، إلا أن ذلك يبقى صعبا بالنسبة للمغرب بسبب هشاشة المالية العامة وضعف الاقتصاد[8]. وهو ما يفرض على المغرب موازنة وارداته من المنتجات والخدمات لتعويض الخسائر الضريبية، حيث إن التفكيك الجمركي يشكل محكا حقيقيا بالنسبة للاقتصاد ولمالية الدولة[9].
وما يمكن أن نؤكد عليه في هذا الإطار، أن آثار التفكيك الجمركي على المادة الجبائية تمس شطرين اثنين، فمن جهة يحدث انخفاضا ملحوظا في المداخيل الجبائية المتعلقة بالتجارة الخارجية الدولية، ومن جهة أخرى يعمل على زيادة خفض حقل الوعاء الضريبي الداخلي بسبب توقف مجموعة من النشاطات الداخلية للشركات المتأثرة أساسا بالمنافسة[10].
وفي الأخير نشير إلى أنه بجانب هذه الآثار السلبية للتفكيك الجمركي على مستوى تراجع الموارد الضريبية، فيمكن القول أنه سيحد نوعا ما من ظاهرتي التهرب والازدواج الضريبي، إذ سيزولان نسبيا بزوال الضرائب التي ينتجان عنها[11].
الفقرة الثانية: آثار التفكيك الجمركي على الموارد الجمركية.
إذا كانت كل الإحصائيات والمعطيات تشير إلى أن التفكيك الجمركي سيؤدي إلى تراجع الموارد الجمركية[12]، فإنه لا بد من إلقاء الضوء على حجم تلك الموارد قبل تطبيق برنامج التفكيك الجمركي( أولا) حتى يتضح لنا مدى تأثير رفع الحواجز الجمركية على الموارد الجمركية(ثانيا).
أولا: حجم الموارد الجمركية قبل التفكيك الجمركي.
على خلاف الإطار العام الذي يحكم التفكيك الجمركي، فإن السياسة الجمركية كانت منذ نشأتها تعتمد على الزيادة في معدل الرسم الخاص بالواردات[13]، فانطلاقا من معدل 2.5% المؤسس سنة 1906، انتقل إلى 5% سنة 1973، ثم إلى 8% سنة 1977، ثم 12% سنة 1978، ثم إلى 15% سنة 1979. أما في سنة 1982 فقد بلغت حصيلة الرسم الخاص على الاستيراد إلى 17% من مجموع الموارد الجبائية.
أما التنبر الجمركي الذي كانت نسبته 4% من مجموع الرسوم المفروضة على الواردات فقد تم رفعه ليصل إلى 10% سنة 1979، وعليه فقد كان المنتوج المستورد يخضع إلى أربعة رسوم في بداية الثمانينات[14].
كما نشير إلى أن هذه الرسوم كانت تؤدي إلى انعكاسات اجتماعية يستفيد عن طريقها المستوردون من إدماج الرسوم التي أدوها في أثمنة السلع المستوردة، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. وبالتالي إلى ظهور عدة آثار سلبية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، خاصة إذا تعلق الأمر بالمواد الغذائية الأساسية بسبب انتقال عبء هذه الرسوم على كاهل المستهلك.
أما بالنسبة للرسوم الجمركية التي كانت تفرض على الصادرات فكانت جد منخفضة لتشجيع المقاولات على تصدير منتجاتها إلى الخارج.
وللوقوف على حجم الرسوم الجمركية التي كان يحققها المغرب قبل التفكيك الجمركي نشير إلى أن الرسم الجمركي المفروض على الواردات ارتفع من 2.5% سنة 1906، إلى 17% سنة 1982. أما عائداته فقد ارتفعت من 154 مليون درهم سنة 1956 إلى 1598 مليون درهم سنة 1983[15]. بعد استعراض حجم الرسوم الجمركية المطبقة سواء على الواردات أو الصادرات يتضح أنها كانت تشكل نسبة هامة من مجموع المداخيل الجبائية، وبالتالي من مجموع مداخيل الميزانية. كما عملت بالمقابل على تعزيز التوجه الحمائي للصناعة الوطنية، وهو ما يدعونا إلى التساؤل حول ماهية الوسائل التي يجب اعتمادها لتعويض النقص الذي سيخلفه تطبيق برنامج التفكيك الجمركي[16].
ثانيا: حجم الموارد الجمركية بعد التفكيك الجمركي.
إن كل المقتضيات المتعلقة بالتجارة الخارجية المتخذة من طرف الحكومة في علاقاتها بالتزاماتها الدولية تؤكد انخفاض المداخيل الجبائية ذات المصدر الجمركي، ويجدر بنا أن نقيم قدر الخسائر المتكبدة انطلاقا من التوقعات الاقتصادية وتوقعات الميزانية، ولن يتأتى لنا ذلك إلا بتحليل العوامل المؤدية إلى هذا الانخفاض ولو بشكل تقريبي، إلا أن الأهم من ذلك يتعلق بضمان ديمومة واستمرارية مستوى المداخيل الجمركية وحماية المنتوج الوطني، وهو ما شكل الإكراه السياسي لإصلاح عميق للتعريفة الجمركية بالمغرب.[17]
ويضاف إلى ذلك الأخذ بعين الاعتبار متغيرين اثنين، التغيرات الحاصلة في الأنظمة الجبائية للواردات، وكذا عدم استقرار نشاطات الفاعلين الاقتصاديين.
إن المداخيل الجمركية تنبع أساسا من أربع عناصر أساسية[18]، سلم التفكيك، أنظمة الاستيراد، مستويات الحصص و التعريفية الجمركية، وقيمة الواردات.
أما فيما يخص سلم التفكيك الجمركي فإنه يختلف حسب كون المنتوج صناعيا، فلاحيا، أو صناعي- فلاحي.
كما تجدر الإشارة إلى أنه إذا كانت الخسائر الضريبية للتفكيك الجمركي تقدر ب 2.8% من الناتج الداخلي الخام بناء على الاتفاقية المبرمة مع الاتحاد الأوربي، فإنه قد يصل إلى 4.4% من الناتج الداخلي الخام في حالة الانفتاح على باقي دول العالم[19].
ويقدر انخفاض المداخيل الجمركية ب 3% في السنة في أفق التفكيك الجمركي مع الاتحاد الأوربي، وهو ما يوجب البحث عن سبل تعويض تلك الخسائر. هل عن طريق الضريبة على القيمة المضافة، وفي هذه الحالة يجب أن ترتفع ب 36% في حالة الانفتاح على أوربا فقط، و 65% في حالة الانفتاح على باقي الدول، الأمر الذي يستدعي العمل على الرفع من النمو الاقتصادي وليس الرفع من الضغط الضريبي، وذلك بغية تعويض النقص في حجم الرسوم الجمركية الناتج عن التفكيك الجمركي، حيث إن الرسوم الجمركية بدأت في الانخفاض منذ إعلان المغرب عن تبنيه لليبرالية الاقتصادية، خاصة بعد انضمامه للمنظمة العالمية للتجارة، والتوقيع على اتفاقية التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي، الشيء الذي انعكس على ضعف مساهمة الرسوم الجمركية في تنمية الموارد الجبائية، إذ أن قيمة الرسوم الجمركية سنة 2002 لم تتعدى 12.2 مليار درهم أي بانخفاض بلغ 0.9% مقارنة مع سنة 2001 [20]، ويرجع سبب ذلك إلى بداية تطبيق الشطر الثالث من إلغاء التعريفة التي نصت عليها الاتفاقية المبرمة مع الاتحاد الأوربي. مما أدى إلى زيادة الواردات[21] التي تتمتع بالإلغاءات الجمركية بنسبة بلغت 4.4% ، وهو ما كلف خزينة الجمارك خسارة بلغت 1.5 مليار درهم، أما حجم الخسائر سنة 2003 فقد بلغت 880 مليون درهم.
وعلى العموم فإن المكانة التي تحتلها الرسوم الجمركية داخل اقتصاد الدول النامية تجعل أي إلغاء أو تخفيض لتلك الرسوم مصدر قلق بالنسبة لها، وذلك بالنظر إلى تأثيره على حجم المداخيل الجبائية وعلى الميزانية في نهاية المطاف.
المطلب الثاني: آثار التفكيك على الميزانية
تعتبر المداخيل الجبائية ومن بينها الموارد الجمركية أحد أهم موارد الميزانية بالمقارنة مع الموارد الأخرى، ومع ذلك فقد ظل معدل تغطية المداخيل الجبائية لمداخيل الميزانية ضعيفا بحيث تراوحت نسبته ما بين 47% و 71%[22].
وإذا كان هذا هو حال الميزانية قبل التفكيك الجمركي، فإن تطبيق برنامج هذا الأخير سيزيد من نقص المداخيل الجبائية( الفقرة الأولى)، الشيء الذي يدعو إلى البحث عن الوسائل الكفيلة بتغطية العجز في الميزانية الذي سينتج عن دخول برنامج التفكيك الجمركي حيز التنفيذ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: درجة تأثير التفكيك الجمركي على حجم الميزانية .
إذا كان للرسوم الجمركية مكانة هامة ضمن موارد الدولة، على اعتبار أنها كانت تشكل نسبة مهمة من مجموع المداخيل الجبائية، فإن تطبيق برنامج التفكيك الجمركي سيؤثر لا محالة على تلك الموارد، وبالتالي ستكون له انعكاسات بليغة على حجم الميزانية في السنوات القادمة[23]، خصوصا وأن المغرب محتاج في هذه الآونة لتمويلات كبيرة ولميزانية قوية.
كما تجدر الإشارة إلى أن المغرب ظل يعاني من عجز الميزانية منذ بداية تطبيق اتفاقية إلغاء التعريفة الجمركية وتحرير الاقتصاد العالمي، حيث انخفضت موارد الرسوم الجمركية من 400% سنة 1984 إلى 35% سنة 1993[24]. أما العجز الذي عرفته الميزانية سنة 1999 فقد بلغ ما يناهز 12.8 مليار درهم، أي 3.6% من الناتج الداخلي الخام[25].
وعليه فإن تراجع حجم الميزانية سيبقى مقترنا بتراجع عائدات المغرب من الرسوم الجمركية، الشيء الذي سينعكس على موارد الدول وعلى اقتصادها بصفة عامة[26]، وهو ما يستدعي البحث عن وسائل بديلة ودائمة لتغطية العجز الذي سيسببه تطبيق برنامج التفكيك الجمركي.
الفقرة الثانية: وسائل تغطية عجز الميزانية
لقد لجأ المغرب إلى عدة وسائل لمحاولة تغطية النقص الذي تعرفه الميزانية بسبب إلغاء الحواجز الجمركية[27]، ومنها اللجوء إلى خوصصة المؤسسات العامة، الشيء الذي ساهم سنة 2000 في خفض عجز الميزانية من 3.6% من الناتج الداخلي الخام إلى 3%.
ومع ذلك نرى بأن الخوصصة لا تعد حلا ناجعا لتعويض النقص في الميزانية الذي سيسببه التفكيك الجمركي على اعتبار أن عدد المؤسسات العامة يبقى محدودا، أي أنه لا يمكن للدولة أن تعمد كل سنة إلى بيع مؤسسة عمومية للخواص بغية سد عجز الميزانية، وإلا فإن المغرب سيجد نفسه في وقت من الأوقات بدون مؤسسات عمومية، وبالتالي بدون اقتصاد وطني.
وأمام هذا النقص فإن الدولة تحاول التغلب عليه عن طريق اللجوء إلى سياسة الاقتراض سواء الداخلية أو الخارجية، إلا أن ما يعاب على هذه الطريقة هو ارتفاع نسبة الفائدة التي تتجاوز في جل الأحيان أصل الدين، وهو ما من شأنه أن يزيد من مشاكل الدولة عوض أن يكون حلا فعالا لتغطية عجز الميزانية[28].
وأمام عدم فعالية الحلول المقدمة سابقا لتجاوز عجز الميزانية بسبب إلغاء الحواجز الجمركية، فإن البديل يبقى هو ضرورة إعادة النظر في السياسة الضريبية عن طريق مراجعة القوانين الجبائية المتعلقة بالاستثمار والتي تكون في أغلب الحالات غير واضحة ومكلفة، إذ تضيع المحفزات الضريبية التي يقدمها المغرب للاستثمارات مجموعة من المداخيل الجبائية التي يعتبر المغرب في أمس الحاجة إليها [29].
كما أن تجاوز الآثار السلبية للتفكيك الجمركي يقتضي النهوض بالاقتصاد الوطني عن طريق تأهيل المقاولة لتكون ذات قدرة تنافسية عالية.
خاتمة
إن تقييم آثار التفكيك الجمركي يبقى أمرا صعبا بالنظر إلى العديد من المتغيرات كالأثمنة والكميات المستوردة، وتحويل التبادل مع الدول الأخرى، وهو ما يمكن أن ينعكس على المداخيل المنتظرة من الضرائب والرسوم.
وفي إطار المنافسة الدولية واقتصاد السوق تبقى مسؤولية المنافسة راجعة إلى المقاولات، بحيث يجب عليها أن تفر ض نفسها ونجاحها وقدرتها على التأقلم، الأمر الذي لن يتأتى إلا في إطار مناخ مليء بالصعوبات خاصة منها الجبائية، حيث إن المناخ الجبائي لا ينحصر فقط في بعده الداخلي بل على العكس يتجه نحو العولمة، وهو ما فرض على المغرب الدخول في سلسلة من الإصلاحات القانونية والضريبية لتوفير الشروط اللازمة لتأقلم الاقتصاد الوطني مع متطلبات العولمة .
ولكن هل تكفي هذه الإصلاحات لوضع أسس قوية لتحقيق هذا المناخ علما أن الجبايات تشكل جزءا لا يتجزأ من هذا المناخ الذي يتميز بانفتاح كبير، وانخفاض مهم في المداخيل الضريبية ؟.
* طالب باحث ، حاصل على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون الأعمال والاستثمار من كلية الحقوق بوجدة.
[1]-Abdelkader TIALATI: la fiscalité Marocaine face a la mondialisation, quelles répercussions? Revue Marocaine d'économie et de droit, N°1, juin 2000, P 35.
[2] – Yves MOISSERAU- Guy POURCET: fiscalité, développement et mondialisation, p.15
[3] – Najib AKESBI: l'impôt et l'Etat et l'ajustement, édition actes, Rabat 1993, p.326
[4] – فاطمة الحمدان بحير: السياسة الجمركية المغربية وإشكالية المبادلات التجارية الدولية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2005، ص 327
[5] – http/www.finances.gov.ma
[6] – للإشارة فقد حققت الضريبة على القيمة المضافة نسبة فاقت %102.6 سنة 2002 بزيادة 2.8% عن سنة 2001 .
[7] – للمزيد من التفصيل يراجع: البريبري سي محمد ، إدارة الجمارك والتنمية الاقتصادية في المغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس اكدال الرياط، السنة الجتمعية2003/2004، ص 114 و115 .
[8] – Abdelkader TIALATI : la fiscalité marocaine face à la mondialisation, op cit p.35
[9] – عبد القادر تيعلاتي: الضمانات الجبائية من خلال التشريع والقضاء، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 10 أبريل يونيو 97 ، ص: 33.
[10] – Abdelkader TIALATI : la fiscalité marocaine face à la mondialisation op cit p.36
[11] – للمزيد من التفصيل حول التهرب والازدواج الضريبي يراجع:
Abdelkader TIALATI: la fraude et l'évasion fiscale internationales ,revue ALMAYADINE, N° 4, année 1989, p, 79 et s.
[12] – عبد الله ولد : مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة مع اجتهاد الفضاء المغربي و المقارن، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2005، ص 11.
[13] – عبد السلام أديب: السياسة الضريبية وإستراتيجية التنمية، إفريقيا الشرق، الطبعة الأولى 1998، ص: 148.
[14] – تتمثل في كل من أداءات الاستيراد، الرسم الخاص على الواردات، التنبر الجمركي والضريبة عل المنتجات.
[15] – عبد السلام أديب :مرجع سابق، ص
[16] – Fatiha JABOUIRIK: évaluation de l'impact fiscal du démantèlement tarifaires au Maroc: une analyse en équilibre général calculable. Thèse de doctorat en sciences économiques, faculté de droi, Rabat Agdal, 2003-2004, p31 et s.
[17] – Abdelkader TIALATI : la fiscalité marocaine face à la mondialisation, op cit, p.37
[18]– Abdelkader TIALATI : la fiscalité marocaine face à la mondialisation, op cit, p 39
[19]– ibid, p 47.
[20] –. فاطمة الحمدان بحير، مرجع سابق، ص: 331.
[21] -محمد البريبري ، مرجع سابق، ص: 115.
[22] – عبد السلام أديب: مرجع سابق، ص: 60.
[23] – Alal Youssef BAKHTI: Système financier marocain et l'Uruguay Round, quelles implications?ANNALES MAROCAINE D'ECONOMIE, 4 Avril 1994, p 117.
[24] – Abdellatif BEN MANSOUR: la mondialisation et la politique d'ajustement structurel: implications et enjeux, REMALD, N° 27 Avril- Juin 1999,p.94
[25] -فاطمة الحمدان بحير : مرجع سابق، ص 332.
[26] – Hassan SEBBAR:GATT: quelle évaluation de l'impact sur l'économie marocaine?ANNALES MAROCAINE D'ECONOMIE, 4 Avril 1994,p.149
[27] عبد العزيز لعراش،النظام الجمركي ومسالة التنمية الاقتصادية بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، شعبة القانون العام، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، الدار البيضاء، السنة الجامعية 1998/1999، ص:74.
[28] – محمد البريبري:مرجع سابق، ص: 118.
[29] – فاطمة الحمدان بحير: الوضع الجبائي للشركات متعددة الجنسية بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، تخصص المالية العامة ، نوقشت بالرباط سنة 1991 -1992، ص: 290.