في الواجهةمقالات قانونية

عقد العمل عن بعد في الجامعة الافتراضية – الباحثة  فاطمة الزهراء الفضلي  طالبة باحثة بسلك الدكتوراه  جامعة الحسن الأول بسطات، كلية العلوم القانونية والسياسية  مختبر قانون الأعمال، المغرب

 

عقد العمل عن بعد في الجامعة الافتراضية

Telecommuting contract at Virtual University

الباحثة  فاطمة الزهراء الفضلي

 طالبة باحثة بسلك الدكتوراه  جامعة الحسن الأول بسطات،

كلية العلوم القانونية والسياسية  مختبر قانون الأعمال، المغرب.

 

 

الملخص:

   لقد تولد عن ثورة تكنولوجيا المعلومات العديد من التطبيقات التي أثرت بدرجة كبيرة على عدد من أوجه النشاط الاجتماعي والتعليمي والاقتصادي، كان من أهمها ظهور الجامعات الافتراضية الخاصة، على اعتبار أن تطبيق التكنولوجيا في الجامعة بالشكل الصحيح له دور فعال في تحسين المنظومة التعليمية، وقد واكب ذلك تفعيل نمط جديد من العقود يتماشى مع البنية التحتية الرقمية للجامعة الافتراضية، وهي عقود العمل عن بعد. إذ تهدف هذه الدراسة إلى بيان مفهوم عقد العمل عن بعد وتكييفه القانوني، مع بيان مدى ملائمة القواعد العامة والقوانين الحالية لطبيعة هذا العقد.

   وقد توصلت هذه الدراسة إلى ضرورة إصدار تشريع يواكب طبيعة المعاملات الإلكترونية، بهدف خلق توازن بين حقوق الأجراء عن بعد وبين المصالح الاقتصادية لرب العمل، وذلك من أجل النهوض بعقد العمل عن بعد والذي يشهد تطورات مستمرة سعيا إلى توفير ضمانات حقيقية للراغبين في مزاولته، بغية تشجيع هذا النوع من الجامعات التي تتلاءم مع طلبة هذا العصر وتسهل عليهم عملية التكوين الجامعي والذاتي.

  الكلمات المفتاحية: الجامعة الافتراضية، عقد العمل عن بعد، الأجير عن بعد.

Abstract:

The Technology revolution has generated many applications that have significantly affected a number of aspects of social, educational and economic activity, the most important of these was the emergence of private virtual universities, since the proper application of technology in the University is instrumental in improving the educational system’s digital infrastructure, namely telecommuting contracts. This study aims to demonstrate the concept and legal adaptation of the telecommuting contract, while indicating the appropriateness of the general rules and existing laws to the nature of the contract.

This study found the need for legislation to keep pace with the nature of electronic transactions. With a view to creating a balance between remotely employed workers’ rights and the economic interests of the employer, In order to promote the contract of telecommuting, which is constantly evolving in an effort to provide genuine guarantees to those who wish to do so.

Keywords: Virtual University, Telecommuting Contract, teleworker.

 

 

 

 مقدمة:

   نتيجة التطور التكنولوجي أصبح العالم اليوم عالما رقميا أساسه المعلومة والتي أضحت محددا استراتيجيا للأعمال والإنتاج والقرار في منظومة الدولة الحديثة وحسن حكامتها، والمقصود هنا ليس المعلومة بذاتها، وإنما القدرة على توفيرها ومعالجتها وتحويلها إلى قيمة مضافة تستغل في النشاط الإنساني بكل صوره.

   وقد أسفر عن ذلك ظهور نوع جديد من الجامعات الخاصة، والتي يطلق عليها مصطلح “الجامعة الافتراضية: L’université virtuelle “، وهي مؤسسة أكاديمية تهدف إلى تعليم الطلبة من أماكن إقامتهم بواسطة شبكة الأنترنت، وذلك عن طريق إنشاء بيئة تعليمية إلكترونية متكاملة تعتمد على شبكة فائقة التطور، وتقدم مجموعة من الشهادات الجامعية المعترف بها دوليا، كما توفر كل أنواع الدعم والمساعدة للطلاب بإشراف تجمع افتراضي يضم نخبة من الخبراء والأساتذة الجامعيين من مختلف أنحاء العالم عبر بعض التطبيقات من قبيل: ( Skype, Zoom, Google Meet…).

   ومن بين هذه الجامعات نجد “جامعة حمدان بن محمد الذكية Hamdan Bin Mohammed Smart University”، المتواجد مقرها بدبي، والتي توفر بيئة عمل متميزة بما يتناسب مع مكانتها كمؤسسة تعليم إلكتروني توفر كل ما يحتاجه موظفوها لأداء عملهم في بيئة احترافية متعددة الثقافات، حيث تتاح لهم الفرصة لتطوير أنفسهم في مجالات مختلفة ومتنوعة بأسلوب مبتكر، لكونها تحرص على استقطاب أفضل الكفاءات، في كافة الإدارات والأقسام مثل التعليم والتطوير الأكاديمي وإدارة الطلبة وإدارة المعرفة والتطوير التكنولوجي والموارد والقدرات المؤسسية[1].

   و”الجامعة الأفرواسيوية المفتوحة AFRO-ASIA Open University :”، المتواجد مقرها بتركيا، والتي تسعى إلى استحداث نمط تعليمي متميز يحقق مقاييس الأداء والجودة العالمية ويلبي احتياجات سوق العمل ويهدف إلى نشر التعليم والمعرفة بلا قيد من خلال تقنيات وأساليب تكنولوجية متنوعة وبرامج عالية الجودة[2].

   وأيضا “الجامعة الافتراضية السورية: Syrian Virtual University”، وهي جامعة تجسد منظومة تعليم وتدريب وبحث حديثة في المجال الأكاديمي والمهني تمكن الطلبة من الانخراط في سوق العمل من خلال تطوير مهاراتهم ومعارفهم في مختلف المجالات الحديثة، كما تهدف إلى تلبية الاحتياجات الوطنية والعربية للعلم والثقافة وتأهيل الموارد البشرية وتنمية وتطوير الرصيد المعرفي للمجتمع باستخدام الوسائل الحديثة. زيادة على تطوير تقنيات التعليم الإلكتروني وترسيخه واستثماره في المجال الأكاديمي والمهني[3].

   فبالرغم من اختلاف أسماء وأماكن هذه الجامعات إلا وانه تكتسي بكل أصنافهما أهمية بالغة تتمثل في اعتماد مؤهلات بشرية وتقنية ذات خلفيات متنوعة، ستساهم لا محال في تحسين طرق التعليم والمحتوى التعليمي عن طريق الانفتاح على مختلف ثقافات العالم دون التقيد بالحيز الزمكاني، وعن طريق تسهيل عملية التعليم على الطلبة إذ يمكنهم استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة دون الحاجة إلى التنقل.    

    لكن الملاحظ أن الطبيعة القانونية والفنية للجامعة الافتراضية تتطلب نوعا خاصا من العقود في عملية توظيف الأساتذة وباقي الموظفين، وهي عقود العمل عن بعد، والتي تعتبر اتفاقية دائمة أو مؤقتة بين صاحب العمل أو المقاولة والموظفين للعمل خارج مقر المقاولة أي عن بعد، يشار من خلالها إلى كافة الضوابط الملزمة للطرفين، من حيث عدد ساعات العمل، والمهام المطلوبة، وطريقة إدارتها عن بعد، مع الراتب المتفق عليه. 

   وعلى هذا الأساس تبرز إشكالية أساسية ومحورية، والتي يمكن صياغتها وفق الآتي:

  • ما ماهية عقد العمل عن بعد في الجامعة الافتراضية؟ وما مدى ملائمة القواعد العامة لطبيعة هذا العقد؟

   وينبثق عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات الفرعية التالية:

  • ما مفهوم عقد العمل عن بعد في الجامعة الافتراضية؟
  • ما هي الضمانات القانونية للأجير عن بعد في الجامعة الافتراضية؟
  • كيف يمكن حماية الأجير عن بعد من المخاطر المهنية؟
  • هل تخضع الجامعة الافتراضية الخاصة للقوانين المنظمة للمقاولة أم لها نظام خاص؟

   من أجل الإجابة على هذه الإشكالية والتساؤلات المتفرعة عنها سوف نقسم الموضوع إلى محورين نعالج في المحور الأول ماهية عقد العمل عن بعد في الجامعة الافتراضية، أما المحور الثاني سنخصصه للحماية القانونية لعقد العمل عن بعد في الجامعة الافتراضية

 

   المحور الأول: ماهية عقد العمل عن بعد في الجامعة الافتراضية.

 

   قد نتج عن الثورة الرقمية ظهور نوع جديد من العقود يسمى عقد العمل عن بعد يختلف عن نظيره التقليدي من حيث البيئة التي يتم فيها إذ تعتمد تجهيزات الإلكترونية مختلفة، ومنها أجهزة الحاسوب ووسائل الاتصال الحديثة كالهواتف الذكية واللوحات الإلكترونية.

   ويخضع عقد العمل عن بعد للأركان المتطلبة في جميع العقود، غير أن وسائل الإعلام والاتصال جعلت منه عقدا يتميز عن غيره من العقود ببعض الخصوصيات في إبرامه أفرزتها طبيعة المعاملات الإلكترونية سواء على مستوى إبرام العقود أو تنفيذها أو عند انقضائها.

   وبناء على ذلك سنقوم ببيان مفهوم عقد العمل عن بعد في الجامعة الافتراضية وصوره (الفقرة الأولى)، ثم بعد ذلك سنتناول التكييف القانوني لهذا العقد (الفقرة الثانية).

   الفقرة الأولى: مفهوم عقد العمل عن بعد في الجامعة الافتراضية وصوره.

   يعرف قانون تحسين العمل الرقمي الأمريكي الصادر في دجنبر 2010 في مادته 6501 عقد العمل عن بعد على أنه: ” ترتيب عمل مرن يقوم خلاله الموظف بأداء واجباته ومسؤولياته الخاصة بمنصبه، والمهام الموكلة إليه من خلال موقع عمل موافق عليه، يختلف عن موقع العمل المعتاد”[4].

   كما يعرفه بعض الفقه الفرنسي[5] على أنه: ” العمل الذي يستخدم من خلاله العامل تقنيات الاتصال والمعلومات التي تمكنه من أداء العمل سواء إن كان مستقلا أو تابعا بما يعطي المرونة لمفهومي وقت العمل ومكانه”.

   وقد عرف المشرع الفرنسي عقد العمل عن بعد من خلال المادة 9-1222 من قانون العمل الفرنسي على أنه: ” كل شكل من أشكال تنظيم العمل من خلاله يتم تنفيذ كل عمل ممكن التنفيذ في المؤسسة خارج أساور هذه الأخيرة من طرف الأجير بشكل إرادي مستعملا تكنولوجيات الإعلام والاتصال”[6].

   كما عرفته منظمة العمل الدولية بأنه: ” نظام عمل قائم في مكان بعيد عن المقر الرئيسي أو مواقع الإنتاج، إذ يكون الأجير في معزل عن الاتصال الشخصي مع باقي الأجراء الآخرين، وتقوم التكنولوجيا الحديثة بتسهيل عملية الاتصال”[7].

   وعليه يمكن تعريف عقد العمل عن بعد بالجامعة الافتراضية على أنه العقد الذي يتم بمقتضاه استيفاء العمل عن طريق اعتماد تقنيات الاتصال الحديثة من قبل الأساتذة الجامعيين وباقي الموظفين الإداريين بعيدا عن مقر الجامعة، وقد يتم تلك من خلال الموقع الالكتروني الخاص بالجامعة.

   ويتخذ عقد العمل عن بعد مجموعة من الصور والتي قد تتخذ طابع تقني له اتصال باستعمال وسائل المعلومات والاتصال أو ذات طابع إداري، أما الأعمال أو الأشغال التي تتطلب مجهود جسماني أو يدوي فلا يمكنها الاستفادة من هذا النوع من العقود، ومن بين أبرز صور عقد العمل عن بعد نذكر:

  1. العمل عن بعد من المنازل:

   يعد هذا النوع من العمل، من الصور الشائعة التي مكنت بعض الأساتذة والإداريين من إنشاء مكاتب عمل في المنازل باستغلال التطور التكنولوجي لوسائل الإعلام والاتصال لأداء المهام الموكلة لهم، وللاتصال بالمكتب الرئيسي للجامعة عن طريق استخدام الحاسوب أو الهاتف أو البريد الإلكتروني وما شابه ذلك. وتختلف هذه الصورة عن عقد العمل التقليدي بالمنزل المذكور في المادة 8[8] من مدونة الشغل المغربية[9] من حيث التنفيذ، إذ يتم تنفيذ هذا الأخير بطرق تقليدية دون استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة.

  1. العمل عن بعد من خلال مواقع مجهزة.

   وهي مرافق معدة إلكترونيا لأداء العمل بها بعيدا جغرافيا عن مقر الشغل الرئيسي، حيث يتم أداء العمل باعتماد تقنيات الاتصالات الهاتفية سواء منها السلكية أو اللاسلكية، إذ يقوم الأجير بتلقي اتصالات الزبائن الراغبين في خدمة معينة والرد عليها باستخدام تقنية توزيع المكالمات التلقائي الذي يمزج بين توزيع المكالمات الهاتفية وخدمات الحاسوب وذلك بتوفير مجموعة من الخدمات كتفعيل أداء المعاملات البنكية من الهاتف، أو حجز تذاكر السفر، أو استفسار الزبائن، أو البيع والتسويق أو خدمات المساعدة والطوارئ.

   وبالنسبة للجامعة الافتراضية يمكنها أن تقدم دروسا على الخط او إرشادات حول كيفية تسجيل الطلبة أو معلومات عن منهجية التدريس والتوظيف باعتماد هذه الصورة من العمل.

  1. العمل في مراكز الاتصال:

   تتجسد هذه الصورة من العمل عن بعد عن طريق قيام الجامعة بتشييد مراكز للعمل مجهزة بوسائل الاتصال الحديثة، يتشارك فيها المستخدمين على اختلافهم، قد تنشئها جامعة واحدة أو مجموعة من الجامعات ليكون كل موظف في اتصال مع مشغله عبر شبكات الاتصال، كما هو الحال لبعض المقاولات والشركات. وكذلك يمكن للجامعات عبر هذه الصورة تنظيم مؤتمرات وورشات علمية باستخدام تقنيات التواصل المرئي.

  1. العمل عن بعد العابر للحدود:

   وذلك عندما تفصل الحدود الإقليمية بين الأجير والمؤاجر، وفي هذا الصدد تستعين الشركات – الجامعات-وخصوصا الشركات المتعددة الجنسيات أو العابرة للحدود بوسائل تكنولوجية لأداء العمل عن بعد بوسائل الاتصال الحديثة قصد إيجاد سوق عمل افتراضي عبر شبكة الأنترنت، يتم من خلاله تبادل طلبات العمل وعروضه.

   ومما لا شك فيه ستساعد هذه الصورة الجامعات على الانفتاح على باقي الدول، مع الاستفادة من خبرات الأساتذة الجامعيين من جنسيات مختلفة، إضافة الى استقطاب كفاءات مهنية من مختلف أنحاء العالم.

   يستشف مما سبق أن عقد العمل عن بعد يتميز بعنصرين أساسيين، أحدهما أن أداء العمل فيه يتم خارج المقر المعتاد لصاحب العمل أو وكيله التنظيمي أو المركزي، بمعنى أن موقع أداء العمل مستقل بشكل جزئي أو كامل عن الموقع الإداري لصاحب العمل، والثاني يتم إنجاز هذا النوع من العمل والتواصل بشأنه والوقاية فيه باستخدام تقنيات الاتصالات والمعلومات بالحاسوب الآلي والأجهزة الذكية المحمولة والاتصالات السلكية واللاسلكية[10].

   الفقرة الثانية: التكييف القانوني لعقد العمل عن بعد في الجامعة الافتراضية:

   يعتبر عقد العمل عن بعد من عقود المعاوضة يقدم فيها كل طرف في العلاقة الشغلية مقابلا لما يحصل عليه من الطرف الاخر، فالأجير يقدم خدماته لحساب مشغله نظير أجر يتلقاه من عمله، فبالرغم من حداثة هذا النمط من العمل في الساحة القانونية والواقعية وفي ظل انعدام قانون خاص يؤطره يبقى خاضعا للقواعد والأحكام المنظمة لعقد الشغل التقليدي برغم من الخصائص المميزة له عن عقود العمل التقليدية، وهنا نتساءل عن حدود قدرة القواعد العامة والمعايير الكلاسيكية على احتواء هذا النمط من العمل؟ وعن مدى قدرتها على إعطاء التكييف لعنصر التبعية المطلوب في عقد العمل عن بعد؟

   ويعد عنصر التبعية القانونية هو المميز لعقد العمل التقليدي عن باقي العقود الأخرى، إذ بموجبها يقدم الأجير خدماته ويضع نفسه رهن إشارة رب العمل، مع التزام بالامتثال لأوامره في نطاق العمل. بينما يمتلك صاحب العمل سلطة الرقابة والتوجيه على العامل، ويستطيع التحكم والسيطرة والإشراف والرقابة عليه. حيث تتحقق هذه الرقابة عندما يؤدي الأجير الخدمات المفوضة له في مقر العمل المعتاد، إذ أنها خاضعة لنظام ثابت، من جهة تحديد ساعات العمل، وأوقات الاستراحة، والواجبات المنوطة بالعامل، وكيفية أدائه لعمله، وما إلى ذلك.

   وللإشارة لم يعرف المشرع المغربي عنصر التبعية لا من خلال ظ إ ع ولا من خلال مدونة الشغل بل جعل من خلال المادة 8 من مدونة الشغل قاعدة عامة قابلة للتطور، خصوصا أمام التطور الحديث لوسائل الإعلام والاتصال ومساهمتها في بروز نمط جديد من الشغل لم يعد مبنيا على تدخل المشغل أساسا في الإدارة والتنفيذ والمراقبة المباشرة، وأصبح معه الأجير يتوفر على نوع من الحرية عند أداء عمله، وهي حرية تتعارض مع مفهوم التبعية بمفهومها التقليدي، مما يجعلنا أمام تطور لمفهوم التبعية الذي أصبح يتغير مع الزمان. وقد ألزمت المقاولة باتباع بشتى مكوناتها الابتعاد عن مفهوم التبعية الضيق إذا ما أرادت الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة[11]. وقد تم الأخذ بهذا الاتجاه منذ الحرب العالمية الثانية في الدول المتقدمة، حيث بدأ أنداك النظر لمفهوم التبعية نظرة مرنة خاصة مع تزايد عدد العاملين المهنيين المتعاقدين بعقد عمل مع أرباب العمل، (كالأطباء، والجراحين، والمحامين)، فلا يمكن أن يقال أن طريقة عمل هؤلاء، كانت خاضعة بشكل مباشر لأرباب العمل من حيث الرقابة والإشراف والتوجيه. لاسيما فيما يتمتعون به من استقلالية في أداء مهنهم، وكذلك في الأحوال التي لا يكون فيها رب العمل ملما بالتخصص الذي يمارس فيه الأجير عمله.

   فالتبعية القانونية ليست صورة واحدة، وإنما تتنوع صورها، فقد تكون تبعية فنية، تتمثل في إشراف صاحب العمل إشرافا فنيا كاملا ودقيقا على عمل الأجير، إذ يستجيب هذا الأخير – الأجير- لما يسند إليه من أوامر وطلبات مرتبطة بتفاصيل العمل وجزئياته، وقد تكون تبعية تنظيمية أو إدارية محضة، ومفادها خضوع العامل لتوجيه صاحب العمل فيما يعنى بالظروف الخارجية لأداء العمل، من قبيل تحديد وقت العمل ومكانه، دون اشتراط أن تكون هذه التبعية فنية أو مهنية، حيث يكون إشراف صاحب العمل ذا طبيعة خارجية، لا تمس جوهر نشاط الأجير وتخصصه[12].

   والملاحظ أن الأخذ بالمفهوم الواسع لتبعية القانونية قد لا يتلاءم مع عقد العمل عن بعد، ويرجع ذلك لعدم تمكن رب العمل من الاتصال المادي المباشر مع الأجراء عن بعد، ومن ثمة فرض رقابته المباشرة عليهم، أو حتى بسط هيمنته في تحديد ساعات العمل. لكن فقدان هذا نوع من الاتصال والرقابة لا يدل بالضرورة على غياب الإشراف والتوجيه، حيث أن الظروف التي يعمل بها الأجراء عن بعد لا تختلف عن الظروف التي يعمل فيها الأجراء تقليديا- سوى من حيث الوسيلة المستعملة والمكان-، فالأجير عن بعد يعمل أيضا تحت إدارة أو إشراف رب العمل، كما أنه من الضروري توفير حماية لهم لا تقل عن الحماية المقررة لزملائهم في العمل التقليدي.

   لذلك يتضح أن المسألة تحتاج إلى البحث عن معيار مناسب لتمييز الأجراء التقليدين عن الأجراء عن بعد، وهو ما قد يصطلح عليه بالتبعية الافتراضية، حيث يتم من خلالها منح القضاء سلطة تقديرية واسعة، للبحث عن طبيعة العقد، من خلال تقييم جميع الظروف المحيطة بالتعاقد، خاصة الجوانب التنظيمية والرقابية والاقتصادية.

   وتتخذ التبعية الافتراضية صور متعددة، فالأجير عن بعد يبقى خاضعا لمشغله في العمل خلال أوقات تنفيذه لعمله، وذلك بفضل التكنولوجيا الحديثة التي مكنت من تطوير آليات وأساليب المراقبة المباشرة للعمل دون أن يتطلب الأمر التواجد الفعلي والمادي لرب العمل في مكان أداء الشغل، فالعمل من خلال الشبكة المعلوماتية للمقاولة أو للجامعة مكنت رب العمل من مراقبة أوقات ونشاط الأجير إلكترونيا، وهذا ما جعل فكرة الاختلاف والفرق بين أوقات ونشاط الأجير عن بعد يتلاشى شيئا فشيئا[13].

   بناء على ذلك تقوم التبعية الافتراضية على ركيزتين أساسيتين وفق الآتي:

  • تطوير معيار التبعية القانوني التقليدي، ليتماشى مع طبيعة عقد العمل عن بعد، من خلال تفعليه بدرجة عالية من المرونة، التي تسمح بأن تحل الرقابة الإلكترونية محل الرقابة التقليدية المباشرة، حيث أن استخدام صاحب العمل لكاميرات المراقبة، أو فرض سلطته في تتبع أعمال الأجير عن بعد بشكل مستمر عن طريق وسائل الاتصال الحديثة، يفرض مطلبا مهما في الحاجة إلى عقد عمل يحتاج إلى حماية قانونية.
  • الاستعانة بمعيار التبعية الاقتصادية[14]، لكن ليس بصورة مستقلة، بل ليتمم معيار الرقابة والإشراف ويعززه، وذلك بمفهومه الجديد القائم على الرقابة الإلكترونية. وفي هذا الإطار ينظر إلى العلاقة الاقتصادية كقرينة دالة في هذا المجال، فإذا كان الأجير خصص كل جهده للمشغل، وأنه كان يعتمد في مورد رزقه على أجره الذي يتقاضاه من المشغل، فإن ذلك يؤكد وجود عقد عمل. أما إذا كان للأجير موارد متعددة من جهات مختلفة، أو أنه كان يعمل بفائدة أكثر من جهة، ويتقاضى مبالغ إزاء عمله من جهات متعددة، فأن ذلك يخرج العلاقة من أن تكون علاقة عمل. وللإشارة إن المنهج العام المعتمد حاليا في القانون المقارن، لا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا هو قريب مما ذكر، إذ يميل إلى الأخذ بمعيار عملي مرن يطلق عليه ” موازنة العوامل المتعددة في العلاقة “[15]. وذلك للتوصل لتحديد طبيعة هذا العقد. فيقوم هذا المعيار على أساس موازنة جميع العوامل ذات صلة، وأخذها بالحسبان، والتي تشمل صيغة العمل وطبيعته، وطريقة الدفع، وأدوات الرقابة والإشراف وعناصرهما، وطريقة تنظيم العمل، وأساليب تجهيز أدوات العمل ومعداته، وطريقة انهاء العمل[16].

   وختاما إن انتشار وسائل الاتصال الحديثة واستخدامها في اتصال المشغل مع أجرائه في أي وقت وأي مكان حتى بعد انتهاء الأـجير من عمله قد يشكل مساسا بالحياة الخاصة لهذا الأخير، وفي هذا الإطار صدر قرار عن محكمة النقض الفرنسية حول أجيرة رفضت الرد على اتصال مشغلها بالهاتف الخاص واعتبرت المحكمة أن تصرف الأجيرة لا يعتبر خطأ مرتكب من طرفها[17]. وفي قرار آخر لها ذهبت على أن مراقبة المشغل لأجرائه خلال فترة الأكل يعد فعلا غير مشروع لكون هذا الوقت يكون الأجير مستقلا عن التبعية الفعلية لمشغله[18].

المحور الثاني: الحماية القانونية لعقد العمل عن بعد في الجامعة الافتراضية.

   يتمتع الأجير عن بعد بالحقوق ذاتها المخولة للأجير التقليدي رغم بعد المسافة، ويلتزم أيضا بنفس الالتزامات من أداء العمل المتفق عليه داخل الأجل المحدد، وذلك عن طريق وسائل الاتصال الحديثة وبالرد على الاتصالات وتنفيذ العمل عن بعد، مع المحافظة على الأدوات والأجهزة المسلمة إليه بمناسبة أداء عمله وكتمان السر المهني مع السماح للجهات الرسمية المختصة بتفتيش موقع العمل والالتزام أيضا باتخاذ تدابير السلامة الصحية خلال أوقات العمل، وفي المقابل يلتزم المشغل بأداء الأجر وتسليم الأجير أدوات و أجهزة العمل إلكترونيا، كما أنه يبقى مسؤولا عن اتخاذ التدابير اللازمة لحماية البيانات تجاه نظم المعالجة الإلكترونية.

   ولذلك يبقى الحق في احترام الحياة الخاصة ولاسيما الخصوصية المعلوماتية والمراسلات من أهم المواضيع المرتبطة بالحقوق الأساسية للفرد بصفة عامة وللأجير بصفة خاصة، فكيف يمكن حماية الحق في الخصوصية للأجير في عقد العمل عن بعد للجامعة الافتراضية؟  وكيف يمكن حمايته من المخاطر المهنية؟

   فتأسيسا على ذلك سنتحدث عن حماية الحق في الحياة الخاصة أثناء إبرام وتنفيذ عقد العمل عن بعد (الفقرة الأولى)، ثم نبين بعد ذلك حماية الأجير عن بعد من المخاطر المهنية (الفقرة الثانية).

   الفقرة الأولى: حماية الحق في الحياة الخاصة أثناء إبرام وتنفيذ عقد العمل عن بعد.

   يعتبر الحق في الحياة الخاصة هو حق الفرد في أن يكون حرا مع أدنى حد للتدخل الخارجي[19]، وقد حاول الفقه تحديد نطاق الحق في الحياة الخاصة عن طريق تحديد مختلف العناصر التي ترتبط به مستعينا في ذلك باجتهادات القضاء، ويمكن التمييز بين فئتين من هذه العناصر لدى الفقه الفرنسي، الفئة الأولى متفق عليها كعناصر الحق في الحياة الخاصة، أما الفئة الثانية فهي عناصر مختلف فيها. فبالنسبة للعناصر المتفق عليها نجد الحياة العاطفية والزوجية والعائلية، والحالة الصحية والرعاية الطبية، والمحادثات الشخصية[20]، وحرمة المراسلات، وكذا موطن الشخص أو محل إقامته ورقم هاتفه، والذمة المالية، والآراء السياسية والمعتقدات الدينية للفرد. وفيما يخص العناصر المختلف فيها بين الفقه فهي الحق في الاسم، والحق في الصورة، وحرمة الجسم، والنشاط المهني، وحق الدخول في طي النسيان، ثم قضاء أوقات الفراغ، ومن أجل ذلك تدخلت مختلف التشريعات لإضفاء حماية مختلف هذه العناصر عن طريق تجريم الأفعال التي تشكل اعتداء عليها[21].

   فلا شك أن استخدام الوسائل التكنولوجية أثر بشكل كبير على مفهوم الحياة الخاصة، ويرجع ذلك إلى مختلف التأثيرات التي جاءت بها التطورات التكنولوجية على حقوق وحريات الأفراد، وبشكل خاص على الحق في احترام الحياة الخاصة، مما يستوجب إعادة النظر في مفهوم هذا الحق، وذلك من أجل توسيع نطاقه لمواجهة المخاطر التي ظهرت مع استعمال الحاسوب وباقي الأجهزة الحديثة، خاصة في ظل انتشار هذا النوع من العقود -عقد العمل عن بعد-وهو ما يستدعي إيجاد قواعد لحماية المعطيات الشخصية من المخاطر التي يمكن أن تواجهها جراء استخدام الوسائل التكنولوجية، إذ تسهل هذه الأخيرة الاعتداء على هذه المعطيات انطلاقا من تغلبها على مختلف العقبات التي كانت تحول دون المساس بالمعلومات الخاصة بالأجير أو الوصول إليها.

   لعل أبرز الصعوبات التي تعتري مفهوم الحياة الخاصة للأجير، تلك الصعوبات المتمثلة في مسألة تمييز الأوقات المهنية والأوقات الشخصية، لاسيما إذا علمنا أن الأجير يتمتع في عقد العمل عن بعد بهامش من الحرية والاستقلالية في تحديد زمان ومكان الشغل، لهذا السبب عملت بعض التشريعات على إيجاد حل لهذه الإشكالية عبر إقرار ما يسمى بالحق في قطع الاتصال ” The right to disconnect”[22]، ومن خلاله يمكن للأجير القطع مؤقتا مع الوسائل الرقمية التي تسمح له بأن يبقى متصلا في إطار مهني، بعد الاتفاق المسبق على هذا القطع المؤقت مع رب العمل[23].

   كما تعد مسألة الفصل بين الأوقات المهنية والأوقات الشخصية، الفاصل في القضاء في الإقرار بارتكاب الأجير خطأ جسيم من عدمه، وفي هذا الاتجاه اعتبر القضاء خطأ استعمال الأجير الأنترنت المهني لولوج المواقع الإباحية، إذ اعتبر مجلس الخبراء ل Nanterre أن فصل الأجير لهذا السبب مبرر جدي ليس له أي طابع تعسفي، بينما قضاة Versailles اعتبروا المسألة ذات طابع تعسفي أخذا بعين الاعتبار وقت ولوج الأجير لهذه المواقع، حيث ثبت لديهم أن تاريخ الولوج كان يوم 8 أكتوبر 1999 بعد الثامنة والنصف، ويوم 9 أكتوبر 1999 من الحادية عشر إلى الرابعة وثلاثين دقيقة.

   إذ بعد الرجوع إلى جدول العمل ثبت أن يومي الثامن والتاسع من أكتوبر كانا يومي العطلة الأسبوعية، وبالتالي فاستعمال الأجير للأنترنيت كان ضمن الأوقات الشخصية، مما يجعل فصله لهذا السبب فصلا تعسفيا[24].

  علاوة على ذلك عندما يتقدم المرشح للعمل إلى رب العمل بهدف التعاقد معه والعمل لديه عن بعد، يقوم هذا الأخير بالبحث والتحري عنه، بغية اختيار أنسب مؤهل بشري للعمل المطلوب، غير أن هذا البحث قد يمس بخصوصية المرشح عن طريق نبش في أسراره -سواء بحسن النية أو سوء النية- وبهذا الصدد ألزم المشرع المغربي رب العمل بمجموعة من الالتزامات فيما يخص المعلومات الخاصة بالأجير من خلال القانون 09.08 [25]المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي من المادة 3 إلى المادة 5 وفق الآتي:

  • ضرورة الحصول على رضا الأجير المفترض لقيام رب العمل بعملية تجميع المعلومات الشخصية عنه.
  • التزام رب العمل بإعلام العامل إعلاما كافيا بطبيعة المعطيات التي سيتم تجميعها عنه إلكترونيا.
  • إلزام رب العمل بإعلام الأجير المفترض بخضوع هذه المعطيات للتسجيل والتدوين وتحديد الغرض من هذه العملية.
  • إلزام رب العمل في جمعه للمعطيات عن الأجير الاكتفاء بالمعلومات المتصلة بالعمل المعروض، إذ يتوقف عند المعلومات المرتبطة بكفاءة المترشح لأداء العمل موضوع العرض.

   كما نصت المادة 479 من مدونة الشغل المغربية على أنه: ” يجب أن يتم معالجة البيانات الشخصية لطالبي الشغل من قبل وكالات التشغيل الخصوصية بكيفية تراعي احترام الحياة الخاصة للمعنيين بالأمر مع اقتصارها على المسائل التي ترتبط بمؤهلاتهم وخبراتهم المهنية” غير أن الملاحظ من هذه المادة قصور هذا التوجه بالرغم من التأكيد على ضرورة معالجة البيانات الشخصية للمترشحين للعمل بشكل لا يمس حياتهم الخاصة، لأن المشرع حصر هذه الحماية في حدود المرحلة المتعلقة بالولوج إلى الشغل دون تمديدها للمرحلة الموالية.

   فانطلاقا من ذلك يستشف أنه خلال مرحلة تنفيذ عقد العمل عن بعد، يحق لرب العمل مراقبة الأجير بمختلف الوسائل والأجهزة الحديثة، من قبيل كاميرات المراقبة التي يمكنها مراقبة الأجراء ليس فقط في أداء العمل المنوط بهم بل حتى أثناء تواجدهم في أكثر الأماكن خصوصية[26]، أو من قبيل مراقبة البريد الإلكتروني الخاص بالأجير.

   وفي هذا الإطار ذهب القضاء الفرنسي إلى اعتبار الرسائل الإلكترونية الشخصية التي يرسلها الأجير أو يستقبلها على الحاسوب الخاص برب العمل تدخل في إطار حياة العامل الخاصة، مما يمنع الاطلاع عليها أو المساس بسريتها[27].

   إلا أن بعض الآخر يرى وجوب عدم المغالاة في هذا المبدأ إذ يستطيع رب العمل في حالة الخطر الذي يهدد العمل أن يقوم بمراقبة البريد الإلكتروني للعاملين لديه شريطة أن تكون المراقبة متناسبة مع الهدف منها وتبررها طبيعة العمل[28].

   وقد نص المشرع الفرنسي من خلال المادة [29]L120-2 من قانون العمل الفرنسي على منع الاطلاع على الرسائل الشخصية ليس مطلقا، بل يمكن السماح وبصفة استثنائية الاطلاع على مثل هذه الرسائل خاصة إذا كانت مصلحة المؤسسة تقتضي ذلك، مثل وجود مؤشرات توحي باستعمال الأجير التعسفي وغير المشروع لوسائل المؤسسة بحضور ممثل العمال.

بينما اعتبر القضاء المغربي أن قيام الأجير بتسريب بعض معلومات مشغله إلى أحد الزبناء حسب الثابت من الرسائل الإلكترونية على موقع Google، يعتبر إخلالا منه بمسطرة الاشتغال على هذا الموقع الذي التزم به ووقع عليه، ولذلك اعتبرت المحكمة فعل الأجير خطأ جسيم ورتبت عليه الأثر القانوني، وأعملت سلطتها التقديرية في تقييم أدلة الإثبات التي تقدم إليها والتزمت التطبيق السليم للقانون وجاء قرارها معللا بما فيه الكفاية دون تحريف أي مقتضى قانوني[30].

   وعليه يمكن لرب العمل إدراج مجموعة من البنود في عقد العمل عن بعد، يعلم من خلالها الأجير باستعمال المقاولة أو الجامعة الوسائل تكنولوجية الحديثة في المراقبة، وبالتالي يتطرق لحجية هذه الوسائل فيما تنتجه من أدلة إثبات تتعلق بالأخطاء التي قد يرتكبها الأجراء أثناء ممارسة العمل المنوط بهم، فتكون بذلك هذه البنود كوسيلة لإعلام الأجراء مسبقا بوجود وسائل المراقبة وتبيان حجيتها، بحسب طبيعة العمل[31].

     الفقرة الثانية: حماية الأجير عن بعد من المخاطر المهنية.

   تحظى مسألة السلامة والصحة المهنية في إطار العمل عن بعد بأهمية خاصة، ذلك أن الأجير يقوم بتنفيذ العمل في ظروف غير ملائمة قد تؤثر سلبا عليه وعلى المحيطين به والمترددين عليه، مما يؤدي إلى احتمالية تعرضه لبعض المخاطر والأضرار الناتجة عن العمل وعلى هذا الأساس تلزم المادة L281 من قانون العمل الفرنسي صاحب العمل بتوفير بيئة آمنة وصحية خالية من المخاطر مع توفير وسائل الوقاية الصحية ومتطلبات السلامة اللازمة قصد الحفاظ على سلامة العمال، لاسيما فيما يتعلق بأجهزة الوقاية من الحرائق والإنارة، والتدفئة والتهوية، كما أكدت المادة L282  على ضرورة اتخاذ الإجراءات الوقائية في أماكن العمل لضمان سلامة العمال من المخاطر التي قد تهددهم بسبب بيئة وظروف العمل.

   وقد أقرت المادة 8 من الاتفاقية الأوربية الصادرة في 16 يوليوز 2002 مسؤولية صاحب العمل عن حماية صحة وسلامة العمال “عن بعد” إذ توجب عليه إخبار العمال عن بعد بالأخطار التي يمكن أن تمس صحتهم وسلامتهم أثناء العمل لاسيما فيما يتعلق بشاشات العرض[32].

   وبالنسبة للمشرع المغربي فقد حدد مفهوم حادثة الشغل من خلال القانون [33]18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل على أنها: ” كل حادثة، كيفما كان سببها يترتب عنها ضرر، للمستفيد من أحكام هذا القانون، سواء كان أجيرا أو يعمل بأي صفة تبعية كانت وفي أي محل كان إما لحساب مشغل واحد أو عدم مشغلين، وذلك بمناسبة أو بسبب الشغل، أو عند القيام به، ولو كانت هذه الحادثة ناتجة عن قوة قاهرة أو كانت ظروف الشغل قد تسببت في مفعول هذه القوة أو زادت في خطورتها إلا أذا أثبت المشغل أو مؤمنه طبقا للقواعد العامة للقانون أن المرض المصاب كان سببا مباشرا في وقوع الحادثة”. كما أعطت محكمة النقض مفهوما واسعا لحادثة الشغل، إذ اعتبرتها: ” ما يصيب جسم الإنسان فجأة بفعل عنيف وبسبب خارجي”[34]. ومن هنا نتساءل عن أمكانية اعتبار الحادثة التي تطرأ للأساتذة وباقي الأجراء عن بعد في الجامعة الافتراضية حادثة شغل أم لا؟  وهل يترتب عليها الحق في الاستفادة من التعويض أم لا؟

   فعلى اعتبار أن المشرع المغربي لم يشترط مكان معين لوقوع الحادثة، بل اكتفى بالأخذ بوقت وقوع الحادثة، أي وقوعها أثناء أوقات العمل الفعلية للأجير، كما أنه لو يشترط نوعا معينا من التبعية لإعتبارها حادثة شغل، فيمكننا أن نقول أن الحادثة التي تصيب موظفي الجامعة الافتراضية بمثابة حادثة الشغل بمفهوم القانون رقم 18.12، متى توافرت شروط هذه الأخيرة. كما هو الشأن في القانون العمل الفرنسي الذي نص من خلال المادة[35]L1222-9 على اعتبار الحادثة التي تقع في المكان الذي يجري فيه العمل عن بعد أثناء مزاولة العميل لنشاطه المهني عن بعد حادثة شغل بالمعنى المقصود في المادة L411-1 [36]من قانون الضمان الاجتماعي.

  بالإضافة إلى ذلك جعل المشرع الفرنسي بموجب المادة  [37]L611-1من قانون العمل على عاتق مفتشي العمل مراقبة مدى تطبيق أحكام قانون العمل ومدى توافق ظروف العمل مع ما تشمله من أحكام  واتفاقيات جماعية، إذ يتولى مفتش العمل مسؤولية ضمان تطبيق أحكام هذا القانون والقوانين ذات صلة، وفي حالة مخالفة قواعد الصحة والسلامة في البيئة الداخلية للعمل أو انتهاك هذه الأحكام، يطلب مفتش العمل من المشغل إيقاف هذا العمل بمعية ضباط الشرطة القضائية. الشيء الذي يجعلنا نتساءل عن حدود مسؤولية المشغل ومفتش العمل في إطار مراقبة العمل عن بعد.

   فالمشكل الذي يمكن أن يعتري نظام الوقاية عن طريق تفتيش مسكن العامل في الجامعة الافتراضية هو اصطدام هذا النظام مع حق العامل في احترام حياته الخاصة والعائلية، وبالتالي يصعب على مفتش الشغل ولوج المسكن في غالب الأحيان لتمتعه بخصوصية خاصة كونه مسكن أسرة. ولتحقيق التوان بين سلطات صاحب العمل من جهة، وسلطات مفتش الشغل من جهة أخرى، وحقهما في ممارسة هذه السلطات وبين الحقوق الشخصية للعامل في الجامعة الافتراضية، فإن ذلك يقتضي ان تكون هناك حالة ضرورة لقيام سلطة الرقابة والتفتيش ولاسيما التأكد من حسن تنفيذ العامل عن بعد لأداه مهام عمله، ومدى التزامه بالقواعد المحددة له أو التأكد من سلامة بيئة العمل وخلوها من المخاطر مع إخبار العامل بذلك النظام مسبقا والحصول على إذنه، ولا تثريب عليهم بعد ذلك طالما أنه تمت مراعاة النص القانوني أو الاتفاقي وبذلك ينبغي على الإدارة التي يقع على عاتقها مسؤولية مراقبة وضمان تنفيذ الأحكام القانونية المتعلقة بقانون العمل الحصول على إذن بإجراء التفتيش، وهذا ما أكدته الاتفاقيات الدولية والتشريعات المقارنة يساندهما الفقه والقضاء من أن مسكن العامل عن بعد يجمع بين مكاني العمل والسكنى، وهذا يؤدي إلى وجود قيود تعوق مفتشي العمل من أداء مهامهم ومن ثم يلزم الحصول على إذن الأجير عن بعد لإمكانية ممارسة تفتيش مسكنه للتأكد من مدى تطبيق من مدى تطبيق قواعد الصحة والسلامة المهنية في بيئة العمل والامتثال لها[38]

خاتمة:

   في إطار مواكبة التطور التكنولوجي الحاصل الذي ساهم في تسهيل المعاملات وإنجاز الأعمال بين الأفراد دون مراعات المكان، وفي ظل ظهور جامعات خاصة افتراضية تستوجب عقود عمل عن بعد، نأمل ان يصدر تشريع يواكب مستجدات البنية الرقمية، بهدف خلق توازن بين حقوق الأجراء عن بعد وبين المصالح الاقتصادية لرب العمل، وذلك من أجل النهوض بهذا النوع من العقود والذي يشهد تطورات مستمرة سعيا إلى توفير ضمانات حقيقة للراغبين في مزاولته، ومن أجل تشجيع هذا النوع من الجامعات ” الجامعات الافتراضية” التي تتلاءم مع طلبة هذا العصر وتسهل عليهم عملية التكوين الجامعي والذاتي.

   وعلى اعتبار أن تنفيذ العمل في الجامعات الافتراضية يتم خارج مقر الجامعة وقد يشتمل على عنصر أجنبي يجب وضع تشريع دولي ينظم طبيعة هذا النمط من العمل، ويضمن حقوق العاملين عن بعد لاسيما ممن يتواجد في دولة أخرى غير الدولة التي يتواجد بيها مقر الجامعة الافتراضية.  

 

 

   لائحة المراجع:

المراجع باللغة العربية:

  • ابا خليل: ” الحماية الجنائية للمعطيات ذات الطابع الشخصي على ضوء القانون المغربي والقانون المقارن”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون المقاولة التجارية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الأول، سطات، سنة 2009/2010.
  • أشرف جنوي: ” الشغل عن بعد باستعمال وسائط إلكترونية”، مجلة أطروحة – النظام القانوني للعقد المبرم بشكل إلكتروني في ضوء القانونين المغربي والمقارن- العدد الأول، يناير 2020، مكتبة الرشاد، المغرب.
  • آمال جلال: ” مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل والأمراض المهنية في التشريع المغربي”، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1977.
  • آمنة سميع: ” عقد العمل عن بعد والحماية القانونية لحق الأجير في الخصوصية”، مجلة القانون والأعمال الدولية، عدد خاص بالمؤتمر الدولي المعنون ب: ” الرقمنة والقانون تطلعات المستقبل في الدول العربية، المنعقد بتاريخ 15/16 يوليوز2022، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض-مراكش-
  • زكية الوصيف: “عقد الشغل عن بعد بين التأصيل التشريعي والحماية القانونية”، رسالة لنيل ديبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والسياسية، جامعة الحسن الأول-سطات-، المغرب، سنة 2019-2020.
  • المهدي حاتم: ” حدود استعمال الوسائل التقنية الحديثة في مراقبة المشغل لأجرائه- ضرورة علم الأجراء بوجود وسائل المراقبة-“، مجلة المحامي، العدد 75 دجنبر 2020، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
  • نجلاء توفيق نجيب فليح، نادية محمد مصطفى قزمار: “التكييف القانوني للعمل عن بعد – دراسة مقارنة-“، المجلة الزرقاء للبحوث والدراسات الإنسانية، المجلد الثامن عشر، العدد الأول، سنة 2018.

المراجع باللغة الفرنسية:

  • Code Dalloz expert code du travail 72 éme édition 2010, Dalloz –paris.
  • Jean Pradel et Jean Francois Flauss : « les écoutes téléphoniques : une région sous surveillance », Rev, fr, Droit admi, N°7, jan- févr, 1999.
  • E. Mnaruel Ray : «temps professionnel et temps personnel », Rev, Droit social, N°1 jan 2004.
  • Laitier Guy, Démission départ négocié, licenciement, Retraite, Sanctions, 8éme édition 2007, Maxima ; paris.
  • Paul- Henri Antonmattei : « NTIC et vie personnelle au travail », Revue droit social, N° 1 jan 2002

المواقع الإلكترونية:

https://www.maroclaw.com/

[1] – رابط الجامعة: https://www.hbmsu.ac.ae/ar

[2]– رابط الجامعة: https://aaou.edu.sd

[3] – رابط الجامعة: https://svuonline.org/ar

[4] – أشرف جنوي: ” الشغل عن بعد باستعمال وسائط إلكترونية”، مجلة أطروحة – النظام القانوني للعقد المبرم بشكل إلكتروني في ضوء القانونين المغربي والمقارن- العدد الأول، يناير 2020، مكتبة الرشاد، المغرب، ص: 199.

[5] – زكية الوصيف: “عقد الشغل عن بعد بين التأصيل التشريعي والحماية القانونية”، رسالة لنيل ديبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والسياسية، جامعة الحسن الأول-سطات-، المغرب، سنة 2019-2020، ص: 21.

[6] – Article 1222-1 code du travail en France : « le télétravail désigne toute forme d’organisation du travail dans laquelle un travail qui aurait également pu être exécuté dans les locaux de l’employeur est effectué par un salarié hors de ces locaux de façons volontaire en utilisant les technologie de l’information et de la communication »

[7] – آمنة سميع: ” عقد العمل عن بعد والحماية القانونية لحق الأجير في الخصوصية”، مجلة القانون والأعمال الدولية، عدد خاص بالمؤتمر الدولي المعنون ب: ” الرقمنة والقانون تطلعات المستقبل في الدول العربية، المنعقد بتاريخ 15/16 يوليوز2022، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض-مراكش-ص: 535.

[8] – المادة 8: “يعتبر أجراء مشتغلين بمنازلهم، في مدلول هذا القانون، من توفر فيهم الشرطان أدناه، دون داع إلى البحث عن وجود أو انتفاء علاقة تبعية قانونية تربطهم بمشغلهم، ولا عن كونهم يشتغلون أو لا يشتغلون مباشرة واعتياديا تحت إشراف مشغلهم، ولا عن كون المحل الذي يعملون فيه والمعدات التي يستعملونها ملكا لهم أو لا، ولا عن كونهم يقدمون، إلى جانب شغلهم، كلا أو بعضا من المواد الأولية التي يشتغلون بها، إذا كانوا يشترون تلك المواد من مستنجز شغل ثم يبيعونه الشيء المصنوع، أو يتسلمونها من مورد يعينه لهم مستنجز الشغل ويفرض عليهم التزود منه، ولا عن كونهم يحصلون بأنفسهم على المواد الإضافية أو لا يحصلون:

1-أن يعهد إليهم بصفة مباشرة أو بواسطة الغير بأن يؤدوا، لقاء أجر، شغلا لحساب مقاولة واحدة أو عدة مقاولات من المقاولات المبينة في المادة الأولى؛

2-أن يشتغلوا إما فرادى وإما بمعية مساعد واحد أو أزواجهم أو أبنائهم غير المأجورين”.

[9] -القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، كما تم تغييره بموجب القانون رقم 11.58 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.170 بتاريخ 27 من ذي القعدة 1432 (25 أكتوبر 2011) المتعلق بمحكمة النقض المغير بموجبه الظهير الشريف رقم 1.57.223 بتاريخ 2 ربيع الأول 1377 (27 سبتمبر 1957) بشأن المجلس الأعلى؛ الجريدة الرسمية عدد 5989 مكرر بتاريخ 28 ذو القعدة 1432 (26 أكتوبر 2011) ص 5228.

[10] – زكية الوصيف: مرجع سابق، ص: 23.

[11] – زكية الوصيف: مرجع سابق، ص: 38.

[12] –  نجلاء توفيق نجيب فليح، نادية محمد مصطفى قزمار: “التكييف القانوني للعمل عن بعد – دراسة مقارنة-“، المجلة الزرقاء للبحوث والدراسات الإنسانية، المجلد الثامن عشر، العدد الأول، سنة 2018، ص: 208.

[13] – أشرف الجندي: مرجع سابق، ص: 240.

[14] -التبعية الاقتصادية: “لا يخضع من خلالها الأجير أثناء قيامه بعمله إلى توجيه وإشراف وإدارة المشغل، وانما يكفي القول بوجود عقد الشغل رغم غياب مظاهر الخضوع والانصياع بمجرد قيام حاجة الأجير الذي يحصل عليه من طرف مشغله واعتماده كمورد رزقه الرئيسي والوحيد، والواقع أن التبعية الاقتصادية التي يعتبر فيها الأجر الذي يتقاضاه العامل نظير عمله هو المصدر الوحيد أو الأساسي له”. زكية الوصيف: مرجع سابق، ص: 39-40.

[15] – Weighing all relevant factors in the relationship.

[16] – نجلاء توفيق نجيب فليح، نادية محمد مصطفى قزمار: مرجع سابق، ص: 209.

[17] – Laitier Guy, Démission départ négocié, licenciement, Retraite, Sanctions, 8éme édition 2007, Maxima ; paris, p : 206.

[18] – Code Dalloz expert code du travail 72 éme édition 2010, Dalloz –paris, p : 577.

[19] – أمنة سميع: مرجع سابق، ص: 535.

[20] – Jean Pradel et Jean Francois Flauss : « les écoutes téléphoniques : une région sous surveillance », Rev, fr, Droit admi, N°7, jan- févr, 1999, p : 84.

[21] – ابا خليل: ” الحماية الجنائية للمعطيات ذات الطابع الشخصي على ضوء القانون المغربي والقانون المقارن”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون المقاولة التجارية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الأول، سطات، سنة 2009/2010، ص: 48.

[22] – The right to disconnect is : « Where an employer contacts an employee during the period when there is no mutually agreed out-of-work hours, the employee :

a- shall not be obliged to respond and shall have the right to disconnect.

b- may choose to respond, for which the employee shall be entitled to get compensation”. Megain Cerullo, Article posted on website “ CBS NEWS”, by the link: https://www.cbsnews/the-right-to-disconnect-from-work-more-laws-are-banning-after-hours-emails-and-calls/ . is consulted: 25/06/20, at 8:00.

[23] – بلال الفقيري: ” العمل عن بعد”، مقال منشور بمجلة مغرب القانون، على الموقع: https://www.maroclaw.com ، تم الاطلاع عليه بتاريخ 05/06/2023، على الساعة 12:13.

[24] – Jean. E. Mnaruel Ray : «  temps professionnel et temps personnel », Rev, Droit social, N°1 jan 2004, p : 59.

[25] -القانون 09.08، الصادر بموجب ظهير شريف رقم 1.09.15 صادر في 22 من صفر 1430 (18 فبراير 2009) بتنفيذ القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي .

[26] – بلال الفقيري: مرجع سابق.

[27] – Paul- Henri Antonmattei : « NTIC et vie personnelle au travail », Revue droit social, N° 1 jan 2002, p : 32.

[28] – زكية الوصيف: مرجع سابق، ص: 49.

[29] Art L120-2 : « Nul ne peut apporter aux droits des personnes et aux libertés individuelles et collectives de restrictions qui ne seraient pas justifiées par la nature de la tâche à accomplir ni proportionnées au but recherché ».

[30] – قرار صادر عن محكمة النقض، عدد 674 الصادر بتاريخ 12 يوليوز 2017، في الملف الاجتماعي عدد 2184/5/2/2016، منشورات قرارات محكمة النقض، الغرفة الاجتماعية العدد 37، ص: 29.

[31] – المهدي حاتم: ” حدود استعمال الوسائل التقنية الحديثة في مراقبة المشغل لأجرائه- ضرورة علم الأجراء بوجود وسائل المراقبة-“، مجلة المحامي، العدد 75 دجنبر 2020، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص: 80.

[32] – زكية الوصيف: مرجع سابق، ص: 51.

[33]  القانون 18.12، الصادر بموجب ظهير شريف رقم 190-14-1 صادر في 6 ربيع الأول 1436 (29 ديسمبر 2014) بتنفيذ القانون رقم 12-18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل.

[34]– قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط، بتاريخ 11/03/1960، أشار إليه، آمال جلال: ” مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل والأمراض المهنية في التشريع المغربي”، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1977، ص: 184.

[35] – Act L 1222-9 : «… L’accident survenu sur le lieu où est exercé le télétravail pendant l’exercice de l’activité professionnelle du télétravailleur est présumé être un accident de travail au sens de l’article L411-1 du code de la sécurité sociale ».

[36] Act L 411-1: « est considéré comme accident du travail, qu’en soit la cause, l’accident survenu par le fait ou à l’occasion du travail à toute personne salariée ou travaillant, à quelque titre ou en quelque lieu que ce soit, pour un ou plusieurs employeurs ou chefs d’entreprise » ; code de la sécurité sociale.

[37] -Act L 611-1 : « les inspecteurs du travail sont chargés de veiller à l’application des dispositions du code du travail et des lois et règlements non codifiés relatifs au régime du travail, ainsi qu’à celles des conventions et accords collectifs de travail répondant aux conditions fixées au titre lll du livre 1er dudit code. Ils sont également chargés, concurremment avec les agents et officiers de police judiciaire, de constater, s’il y échet, les infractions à ces dispositions ».

[38] – زكية الوصيف: مرجع سابق، ص: 52.

 

لتحميل الاصدار 

من هنا 

للتوثيق 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى