غل يد النيابة العامة في الجرائم البسيطة يتجه بالدعوى العمومية نحو الخوصصة – الباحث عبد العالي عصفور
غل يد النيابة العامة في الجرائم البسيطة يتجه بالدعوى العمومية نحو الخوصصة
الباحث عبد العالي عصفور
خريج ماستر قانون الأعمال بجامعة عبد المالك السعدي
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان
مــــــــــقدمــــــــــــة
جاءت فكرة إخراج هذا المقال إلى حيز الوجود انطلاقا من المبدأ القائل النيابة العامة تقيم وتمارس الدعوى العمومية[1]، في حين المتضرر يقيمها لا يمارسها، وبالبحث والتنقيب توصلنا بالفعل أن ممارستها حكر في يد النيابة العامة، أما إقامتها كقاعدة من اختصاص هذه الأخيرة وكاستثناء في القضايا ذات الطابع الأسري خاصة تصبح في يد المتضرر المشتكي وله أن يقيمها كما له أن يقطع الطرف عنها[2]، وبذلك تغل وتشل يد قضاة النيابة العامة، وهو ما بات يعرف بخوصصة أو خصخصة الدعوى العمومية، أي أنها متوقفة على شكاية المتضرر المشتكي، بل يمكن له أن يتنازل عنها أو يتصالح بشأنها في أي مرحلة من مراحل الدعوى أو قبلها، وبالتالي تسقط وتنقضي.
وتماشيا مع الفلسفة العقابية الحديثة التي بدأت تتجه نحو محاولة التخلص من عقوبة السجن والبحث عن بدائل لها، ولعل ذلك مرده للمساوئ الناتجة عن تنفيذ العقوبات القصيرة بدليل حالة العود التي تؤكد أن العقاب لم يعد يفي بالغرض المتجسد في الردع الخاص في عدم العودة إلى ارتكاب الجريمة، الأمر الذي سلك بنا إلى القول أننا نواجه أزمة في العدالة الجنائية.
وتلازمت ظاهرة أزمة العدالة الجنائية مع ظاهرة التضخم العقابي، هذه اللازمة ما هي إلا ميلاد طبيعي لتزايد عدد القضايا الجنائية، الأمر الذي أصبح معه من غير الممكن للقانون الجنائي أن يظل حبيس قواعده التقليدية، بل أضحى على المشرع المغربي البحث عن سياسة إجرائية حديثة، تقليلا على منصات القضاء من كثرت الدعاوى الجنائية المعروضة أمامها، وتخفيفا على المؤسسات السجنية من العدد المهول من نزلائها.
مما أدى بجل التشريعات المقارنة بما فيها بلادنا إلى البحث عن بدائل لإقامة الدعوى العمومية، وتفادي طول إجراءاتها والمعاناة التي يتحملها المتهمون أنفسهم، فظهرت فكرة الصلح الجنائي كوسيلة كفيلة لتحقيق ذلك، وكذلك من خلالها ينقضي حق الدولة في العقاب.
هكذا حاول المغرب تأسيا بعض التشريعات الأخرى بتوجهها ومشيا على نهجها الجديد، وتبني وتفعيل وتسهيل التقاضي وإجراءاته، لذلك بادر إلى إحداث هذه المؤسسة لرفع العبء عن القضاء الذي كان يجد نفسه أحيانا مرغما في البت في قضايا بسيطة.
وذكر القانون أن المجال الجنائي يتميز بخصوصية معينة تجعل الاهتمام التشريعي بقواعده وأسسه مكتسبا لأهمية بالغة أكثر مما هو عليه في مجالات أخرى، ويرجع ذلك إلى أن مقتضيات القانون الجنائي[3] تدخل في صلب النظام العام نظرا لما تسببه الجرائم المرتكبة من اضطراب اجتماعي قد يهدد كيان المجتمع.
وما لاحظناه في الآونة الأخيرة، أن السياسة الجنائية أضحت تمكن الضحايا من الوصول إلى حقوقهم عبر تسوية ودية بينهم الشيء الذي انتهجه المشرع المغربي بغية الحفاظ على العلاقات والاستقرار الاجتماعي والعائلي من تمكين المتضرر أو المشتكي من مكنة تقديم شكاية في بعض القضايا أو العزوف عن ذلك.
فالتشريعات الجنائية تظل بشكل أساسي محصورة بين الثنائية (الردع والنفع)، إذ أن التوجه العام يتمحور حول ردع الفرد من اجل نفع الفرد والمجتمع معا، حيث إن نفع الفرد يتجلى في اصلاحه وحمايته وضمان حقوقه وحرياته، أما نفع المجتمع يتجلى في جعله يتسم بصفات الطمأنينة والأمان وبالتالي تحقيق أسس استقرار الجماعة، وهذه الثنائية المتمثلة في الردع والنفع يمكن شملها بما يعرف ب “العقوبات البديلة”[4]، فهذه الاخيرة من جهة يمكن أن تردع كل من سولت له نفسه ارتكاب فعل جرمي، وكذا التقليل من حالات العود، ومن جهة أخرى وبالنظر إلى محتواها فإنه بإمكانها أن تنفع المجتمع (أداء خدمة عمومية، التخفيف من الاكتظاظ المرصود على مستوى السجون).
وبالنظر إلى أهمية ذلك فقد حرصت العديد من الدول على تضمينها في تشريعاتها الجنائية وجعلها إحدى الأنماط المعمول عليها وذلك لإضفاء الحس الحقوقي والمعنى التهذيبي على مفهوم “العقوبة”، والتي تتشكل من تركيبة “الجزاء والعلاج”، والتي تفرض باسم المجتمع[5].
وفي هذا الإطار فإن المشرع المغربي خطا خطوة جبارة، حيث أكدت مسودة مشروع القانون الجنائي المغربي ولأول مرة العقوبات البديلة إلى جانب العقوبات الأصلية والإضافية المعمول بها في القانون الجنائي الساري المفعول، والتي يمكن الحكم بها كبديل للعقوبة السالبة للحرية والتي جاء بها المشرع المغربي في الفصل 1-35 من مسودة مشروع القانون الجنائي[6]، وكذا تحديد أصناف العقوبات البديلة من خلال الفصل 2-35 من نفس المسودة[7]، ومن بين البدائل التي نهجها المشرع المغربي الصلح في الدعوى العمومية، وهذا الأخير عبارة عن “عقد بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان قيامه، وذلك بالتنازل كل منهما للأخر عن جزء مما يدعيه لنفسه، أو بإعطائه مالا معينا أو حقا”[8].
هذا وعمد المشرع المغربي بالإضافة إلى مقتضيات الصلح المنظمة في المادة المدنية الى تبني مبدأ الصلح في قانون المسطرة الجنائية الجديد، كآلية حديثة وحضارية لاستبدال العقوبة السالبة للحرية ولفض النزاع قبل تحريك الدعوى العمومية أو خلال ممارستها.
والمشرع المغربي ظل هاجسه منذ مدة منشغلا بإشكالية كيفية رفع العبء عن القضاء خاصة في الجرائم البسيطة[9]، وذلك اقتناعا منه بأن السياسة الجنائية لم تعد تعتمد على الأدلة الجنائية كجواب رسمي وقانوني للجريمة المرتكبة، بل أصبحت ترى في الميكانيزمات المجتمعية الجواب المناسب والفعال لها، وذلك من خلال فسح المجال لحل بعض المشاكل دون الحاجة للجوء إلى القضاء نظرا لطول المسطرة والاكتظاظ التي تعرفه المؤسسات السجنية[10] بحثا عن أكثر فاعلية وسرعة في حل النزاعات بأقل تكلفة.
ولما كانت الوسائل البديلة تعد من أنجع الطرق لفض النزاعات التجارية والمدنية وقضايا الشغل، فإن العديد من الفقهاء نادوا بضرورة توسيع نطاق الوسائل البديلة إلى الميدان الجنائي وكذا تبني الوساطة الجنائية للوصول الى العدالة التصالحية[11]، وهذا ما دفع بالمشرع المغربي في ظل قانون المسطرة الجنائية الجديد إلى إحداث مؤسسة الصلح وذلك من خلال المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية[12].
وبالرجوع لقانون المسطرة الجنائية الجديد نجده قد واكب هذه التشريعات الحديثة من خلال النص في ديباجته على أن “…هذا التدبير أحدث حلا وسطا بين قراري الحفظ والمتابعة الذين تملكهما النيابة العامة إذ سيمكن من تجنب متابعة المتهم وفي نفس الوقت ليقدم حلا للضحية بالحفاظ على حقوقه ويصون حقوق المجتمع”.
لكل هذا يتضح جليا أن مكنة الصلح وتوقف الدعوى العمومية على شكاية المتضرر لهما أهمية بالغة جدا كما أسلفنا، سواء على مستوى تخفيف العبء على منصات القضاء أو تقليل من الاكتظاظ الذي تعرفه المؤسسات السجنية، هذا إلى جانب توفير وقت المتقاضين والتكلفة المالية التي تصرف على صيرورة الدعوى برمتها.
بناء على ما سبق نجد أنفسنا امام ضرورة التساؤل حول إشكالية مفادها: أي دور للصلح كحل بديل في منظومة المسطرة الجنائية؟ وهل شل يد النيابة العامة في بعض القضايا المتوقفة على شكاية المتضرر ساهم في تحقيق المبتغى المتمثل في تقليل العبء على القضاء والتخفيف على المؤسسات السجنية من عدد نزلائها؟
للإجابة على هذه الإشكالية سنعتمد على المنهج الوصفي التحليلي، ندرس في (المبحث الأول) خوصصة الدعوى العمومية من خلال الصلح الجنائي، أما (المبحث الثاني) فسنتحدث من خلاله عن الشكاية والتنازل عنها يذهب بالدعوى العمومية نحو الخصخصة.
المبحث الأول: خوصصة الدعوى العمومية من خلال الصلح الجنائي
عمد المشرع المغربي بالإضافة إلى مقتضيات الصلح المنظمة في المادة المدنية[13] إلى تبني مبدأ الصلح[14] في قانون المسطرة الجنائية الجديد، كآلية حديثة وحضارية لاستبدال العقوبة السالبة للحرية ولفض النزاع قبل إقامة الدعوى العمومية من طرف المشتكي الذي تضرر من تصرف مرتكب الفعل الذي يعد جريمة.
ويلاحظ في هذا الإطار أن المشرع المغربي منذ أمد طويل لم يهدئ له بال لرفع العبء عن القضاء نظرا لكثرة النزاعات المعروضة عليه وإثقال كاهله بدعاوى الجرائم البسيطة، فحاول فسح المجال لحل بعض المشاكل دونما حاجة للجوء إلى الجهاز القضائي، نظرا لطول المسطرة والاكتظاظ التي تعرفه المؤسسات السجنية من جهة، وتنقيبا عن أكثر الحلول فاعلية وسرعة في فض النزاعات وبأقل تكلفة ممكنة، وهو ما دفع المشرع المغربي في كنف قانون المسطرة الجنائية إلى إحداث مؤسسة الصلح وذلك من خلال المادة 41 منه، وقبلها المادة 4 من ذات القانون[15] إلى جانب مواد أخرى.
عموما، سنحاول مقاربة مؤسسة الصلح من خلال مطلبين، (المطلب الأول) سنخصصه للحديث عن السياج التشريعي للصلح، في حين (المطلب الثاني) سنتركه للحديث عن آثار صحة شروط الصلح الجنائي.
المطلب الأولى: السياج التشريعي للصلح الجنائي
الأكيد أن مفهوم الصلح تطرقت إليه عدة تشريعات سواء كانت عربية أم أجنبية، غير أننا سنقتصر فقط على بعضها على السبيل المثال، على أن نختم بالتشريع المغربي الذي يهمنا في الأمر (الفقرة الأولى)، من ثم نمر للحديث عن ضوابطه في (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: النصوص المؤطرة للصلح الجنائي
بالنسبة للمشرع المصري، يمكن القول أنه نظم الصلح من خلال المادتين 19 و20 من قانون الإجراءات الجنائية المصري، والدعوى الجنائية في حقيقتها مملوكة المجتمع، حيث يحركها الادعاء العام نيابة عن المجتمع، إلا أن هناك أسبابا خاصة في انقضاء الدعوى الجنائية من بينها الصلح، وهدف المشرع من خروجه عن الأصل بعدم جواز الصلح في الدعوى العمومية، أن هناك جرائم قليلة الأهمية بالنسبة لموضوعها، وقد تشكل عبأ على القضاء وغالبا ما يحكم فيها بالغرامة فقط، وأن ينتهي معه الادعاء العام وينهي الدعوى الجنائية بالصلح تبعا لذلك[16]، وقد صدر حديثا القانون رقم 174 لسنة 1998 الذي أضاف إلى قانون الإجراءات الجنائية نصين برقم 18 و18 مكرر أجاز بموجبهما التصالح في مواد المخالفات، وكذلك في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة فقط، والعامل المشترك فيها أنها من قبيل الجنح التي تمس مصالح المجني عليه بطريق مباشر أكثر مما تمس مصلحة المجتمع، ولذلك رخص القانون للمجني عليه أن يعبر عن إرادته، وينهي الدعوى الجنائية بإثبات الصلح[17].
ومن التشريعات العربية كذلك التي تناولت نظام الصلح الجنائي نجد التشريع الكويتي في المادة 240 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائي الصادر سنة 1968، ودولة البحرين وذلك في المادة 186 من قانون أصول المحاكمات البحريني الصادر سنة 1966، وكذا المشرع الفلسطيني الذي نص على ذلك في المواد 16 و17 من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني الصادر سنة 2001.
أما بخصوص المشرع المغربي، سبق وأن أشرنا أنه منظم في ظهير 1913 المعتبر بمثابة قانون الالتزامات والعقود، والذي من خلاله وعلى ضوئه يتنازل كل طرف على حق من حقوقه، والصلح بينهما يتم ين الأطراف فيصبح ملزما لهم، وهو ما يستشف من خلاف الفصل 1098 من ذات القانون الذي ينص على أن الصلح: “عقد بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان قيامه وذلك بتنازل كل منهما للآخر عن جزء مما يدعيه لنفسه أو بإعطائه مالا معينا أو حقا”.
كما نظمه من خلال قانون المسطرة الجنائية في المواد 4 و41 و39 و 461 و303، إلى جانب ما ورد بشأنه في ديباجة نفس القانون، حيث اعتبره وسيلة وآلية لفض النزاع قبل قيام الدعوى العمومية، رغم أن القوانين الجنائية تعد من النظام العام التي لا يجوز الاتفاق على خالفتها، إلى أنه سمح للأطراف في المقابل في جرائم معينة لما تتسم به من طابع اجتماعي وأسري إبرام الصلح بين الطرفين والذي يؤدي في نهاية المطاف إلى إقبار النزاع في مهده.
وقد نص في المادة 41 على: “يمكن للمتضرر أو المشتكى به قبل إقامة الدعوى العمومية وكلما تعلق الأمر بجريمة يعاقب عليها بسنتين سجنا أو بغرامة لا يتجاوز حدها الأقصى 5000 درهم، أن يطلب من وكيل الملك تضمين الصلح الحاصل بينهما في محضر”.
يتضح من خلال ما تقدم أن الصلح يتم بطلب من المتضرر أو المشتكى به إلى وكيل الملك لتضمين الصلح في محضر، إلا أن نطاق الصلح يقتصر على جرائم محددة حصرا وهي تلك المعاقب عليها سجنا أو بغرامة لا يتجاوز حدها الأقصى 5000 درهم، أي الجرائم التي تتسم بالبساطة ولا تشكل تهديدا على النظام العام، ويقوم وكيل الملك بتحرير محضرا بالصلح الحاصل بعد تراضي الطرفين عليه، ويتم تضمينه بما تم الاتفاق عليه.
ويترتب عن هذا الصلح وقف إقامة الدعوى العمومية، إلا أنه يبقى لوكيل الملك الصلاحية في إقامتها في حالة عدم المصادقة على محضر الصلح، أو إذا لم يتم تنفيذ الالتزامات المتفق عليها في الأجل المحدد أو إذا ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية.
عموما، يمكن تعريف الصلح عامة، كما هو متفق عليه من طرف المشرع أو من طرف الفقه، هو عقد يحسم بواسطته الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان قيامه مستقبلا وذلك بأن يتنازل كل منهما على وجه التقابل عن جزء مما يدعيه، فإذا كان مباح في المادة المدنية، فإن نطاقه ضيق في المادة الجنائية.
وقد اختلفت الآراء حول طبيعة الصلح في المادة الجنائية، فهناك من وصفه بأنه عمل قانوني لأن المشرع رتب عليه أثرا محددا حتى ولو لم تتحه إرادة المتهم أو المجني عليه إلى تحقيق هذا الأثر، إذ العبرة بتحقيق ذلك العمل أي الصلح وإن توافرت شروطه أما آثاره فلا شأن للإدارة به.
ويرى أحد الباحثين[18]، ونتفق معه في ذلك، أنه تصرف قانوني يسري على نوع معين من الجرائم حددها المشرع على سبيل الحصر وبشروط معينة إن هي توفرت تجعل حدا لإقامة الدعوى العمومية.
الفقرة الثانية: ضوابط الصلح الجنائي
بالرجوع للمسطرة الجنائية فيما يتعلق بالصلح نجد أن المشرع أفرز له عدة شروط ذات الصلة، منها ما هو موضوعي (أولا)، ومنها ما هو إجرائي شكلي (ثانيا).
أولا: المعايير الموضوعية للصلح الجنائي
يمكن اختزال هذه الشروط فيما يلي :
- احترام موضوع الصلح:
انطلاقا من المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية نجد أن المشرع المغربي قد حدد الجرائم التي يجوز أن يطبق فيها الصلح كآلية بديلة للدعوى العمومية من خلال النص على أنه: “يمكن للمتضرر أو المشتكى به قبل إقامة الدعوى العمومية وكلما تعلق الأمر بجريمة يعاقب عليها بسنتين أو أقل أو بغرامة لا تتجاوز حدها الأقصى 5000 درهم أن يطلب من وكيل الملك تضمين الصلح الحاصل بينهما في محضر”.
وتبعا لذلك فإن المعيار الذي اعتمد عليه المشرع المغربي من أجل تحديد الجرائم التي تكون موضوع الصلح الجنائي، هي ذات معيار عام، والذي يقوم على أساس عقوبة الفعل الجرمي، بمعنى أن المشرع المغربي حصر الصلح في الجنح الضبطية والتي تتسم بعدم خطورتها على النظام العام، ويقتصر ضررها على أطرافها الذين يعتبر رضائهم ضروري لتحقيق الغاية من اللجوء إلى هذه المسطرة، وهكذا يكون المشرع المغربي قد اتبع نفس النهج الذي سار عليه كل من المشرع الفرنسي والمصري، من خلال استثناء الجنايات من الخضوع للصلح الجنائي.
وبالتمحيص في مجموعة القانون الجنائي نجده أيضا نص على جواز إبرام الصلح إذا كان القانون يسمح بذلك، تاركا المجال لمن أراد معرفة مجالات الصلح في المادة الجنائية عناء البحث عن النصوص الخاصة التي حددت الجرائم الجائز التصالح بشأنها، نذكر منها على سبيل المثال في : القضايا المالية، القضايا الجمركية، القضايا الضريبية، قضايا التبغ والمخدرات، قضايا الزيادة غير المشروعة في الأثمنة.
- رضا أطراف الصلح وموافقة النيابة العامة:
إن من الشروط الضرورية لأعمال مسطرة الصلح طبقا للمادة 41 من قانون المسطرة الجنائية هو تراضي طرفيه وموافقة وكيل الملك، وبالرجوع إلى العملي نجد بأن البادرة تبدأ من قبل أحد الأطراف سواء كان المتضرر أو المشتكى به، وبعد موافقة الطرف الآخر يمكن للنيابة العامة الشروع في مسطرة الصلح، لكن ما دامت النيابة العامة تملك سلطة الملائمة فإن القانون منح لها السلطة التقديرية في الموافقة على ذلك باعتبارها ممثلة للمجتمع، وبعد تراضي الأطراف وموافقة النيابة العامة تأتي المرحلة الأخيرة وهي المصادقة على المحضر من قبل رئيس المحكمة[19].
- المصادقة على محضر الصلح من ظرف رئيس المحكمة:
من خلال الاطلاع على دور النيابة العامة من خلال مسطرة الصلح يتبين بأن دورها لا يتجاوز دور الاقتراح والتوفيق، في حين أن سلطة التصديق الفعلي على محضر الصلح يبقى بيد رئيس المحكمة بموجب أمر قضائي غير قابل لأي طعن .
ثانيا: البنود الشكلية لمؤسسة الصلح الجنائي
بالإضافة إلى الشروط الموضوعية التي تحدثنا عنها سابقا، هناك شروط شكلية منظمة لعمل هذه الآلية البديلة في الدعوى العمومية، حيث توخى المشرع المغربي حماية الأطراف المتنازعة من التعسف والتحكم في مصير نزاعهم، وكذلك بغية التوصل إلى ضمان وحماية حق استيفاء حقوقهم بشكل ودي.
وطبقا لمقتضيات المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية فإن هذه الشروط الشكلية تتجلى أساسا في تحرير محضر قانوني للصلح من طرف وكيل الملك بحضور طرفي الخصومة، مع الإشارة إلى إشعار هؤلاء، وكذا دفاعهم بتاريخ غرفة المشورة[20]، وبعد ذلك يتم إحالة الملف من طرف وكيل الملك على رئيس المحكمة الابتدائية قصد التصديق عليه بحضور ممثل النيابة العامة وأطراف الخصومة بغرفة المشورة بأمر قضائي غير قابل لأي طعن[21]، مع تحديد زمن تنفيذ الصلح الذي خضعه المشرع للسلطة التقديرية لرئيس المحكمة.
المطلب الثاني: آثار الصلح الجنائي
بالرجوع للمادة 41 من قانون المسطرة الجنائية المومأ إليها سابقا، تحديدا في فقرتها ما قبل الأخيرة نجدها تنص على أن الصلح يرتب آثارا منها ما ينصرف لأطراف الدعوى العمومية (الفقرة الأولى)، ومنها ما هو مرتبط بالنيابة العامة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الآثار المنصرفة لأطراف الدعوى العمومية
من المعروف أن الصلح يجُبُّ ما قبله، أي أن النزاع الذي كان قبله والعدم سواء، غير أنه يرتب حقوقا للطرفين ويلقي على عاتقهما التزامات، وعلى الخصوص ما التزم به مرتكب الفعل، على هذا الأساس سنبين (أولا) التزامات وحقوق المتضرر المشتكي، أما (ثانيا) سنسلط الضوء على التزامات وحقوق المشتكى به.
أولا: التزامات وحقوق المتضرر المشتكي
- بالنسبة لحقوق المتضرر المشتكي:
إن أهم ما يستفيد منه المتضرر من مسطرة الصلح هو رد الاعتبار والتعويض أو باسترجاع حيازته أو إصلاح الضرر الذي ألحقته الجريمة به وبمصالحه، إلى جانب ذلك فإن المتضرر يستفيد من سرعة الاجراءات لما لمسطرة الصلح من مرونة، عكس ما هو عليه الحال إذا ما رفع الدعوى أمام قضاء الحكم حيث تطول الإجراءات لشهور عديدة.
لكن الأشكال الذي يطرح هو في حالة تعدد المشتكون إذا اقترف المشتكى به جريمة واحدة تضرر منها عدة ضحايا فهل بإبرام الصلح مع أحدهم تنقضي الدعوى العمومية تجاهه أم لا؟
إن إبرام الصلح مع ضحية واحدة لا يمكن أن يوقف الدعوى العمومية تجاه الظنين[22] طالما أن هناك ضحية ثاني، وهذا فيه ضرر للمشتكى به لأنه يتساءل من أجل الفعل مرتين، لذلك فإن الصلح إذا صدر من أحد المجني عليهم فإنه لا ينتج أثره إلا بالنسبة لمن صدر منه فقط، ولا يكون له آثار على انقضاء الدعوى العمومية إلا اذا صدر من جميع المجني عليهم، ونستنتج من ذلك قاعدة في غاية الأهمية، وهي أن الصلح لا يضر بالغير و لا ينفعه في شيء[23].
- التزامات المتضرر:
من بين ما يلتزم به المتضرر من خلال اجراءات الصلح، هو الحضور لأجراء الصلح مع المشتكى به، لكن يمكنه أن لا يحضر ويكتفي في هذه الحالة بكتابة تنازل، وهنا يلزم وكيل الملك على المشتكي صلحا يتمثل في أداء نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو إصلاح الضرر الناتج عن الفعل، و هذا الاجراء يتم كذلك في الحالة التي لا يوجد فيها المتضرر.
ثانيا: التزامات وحقوق المشتكى به
- التزامات المشتكى به:
يلتزم المشتكى به بعدة التزامات تتمثل في تنفيذ ما هو متضمن في المحضر الذي صادق عليه رئيس المحكمة، وذلك داخل الآجال المحدد لذلك، تحت إشراف النيابة العامة ففيما يخص الالتزامات التي ينفذها الفاعل قد تتخذ عدة أشكال ومن بينها:
- الحضور: لأن المشتكي ملزم بالحضور على عكس المتضرر الذي يمكنه ألا يحضر ويكتفي فقط بكتابة تنازل ويترك الباقي على النيابة العامة التي تتكلف بتتمة الصلح.
- القيام بإصلاح الضرر الناتج عن فعله: والمقصود بالضرر هنا ذلك الضرر المتعلق بالحالة التي يوجد فيها المتضرر، لكن يمكن لهذا الأخير أن يتنازل عن التعويض كمقابل لجبر الضرر الذي لحق به، و تكون النيابة العامة في هذه الحالة ملزمة بتنفيذ محتوى التنازل.
- أداء غرامة: لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للغرامة المقرر قانونا، وينفذ المشتكى به هذا الالتزام متى اقترحه عليه وكيل الملك.
وإذا كانت هذه كلها التزامات واقعة على عاتق المشتكي به، فهل له حقوق يستفيد منها من خلال هذه المسطرة التصالحية؟
- حقوق المشتكي به:
من أبرز ما يحق للمشتكى به من خلال مسطرة الصلح الزجري، هو إمكانية مؤازرته من طرف محام أثناء سريان مسطرة الصلح، وذلك ما لم يتنازل عن ذلك، فقد ورد في المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية في الفقرة الثانية (…. يحرر وكيل الملك محضرا بحضورهما، وحضور دفاعهما ما لم يتنازل أحدهما عن ذلك …)، ويعتبر هذا من ضمانات المحاكمة العادلة الذي تحدثت عنه ديباجة القانون رقم 22.01 المتعلق بقانون المسطرة الجنائية، والملاحظ هو كون هذا المقتضى ينسجم مع المادة 73 من نفس القانون[24].
زد على ذلك، فإن المشتكى به يعفى من العقوبة الحبسية، ويرى الفقه، حسب أحد الباحثين[25]، أن هذا الإجراء جاء به المشرع لتحبيب هذه المسطرة للمواطن لكي يقبل عليها طالما أنه سيعفى من العقوبة الحبسية، وإذا كان هذا الإجراء يعتبر مكسبا للمشتكى به إلا أنه يعتبر تجاوزا على نظام السوابق القضائية، بحيث إن المجرم العائد يستعصى عمليا تطبيق حالات العود المنصوص عليها في القانون الجنائي، وهذا يعد إشكالا، بالإضافة إلى ذلك فهناك إشكال لم تُجِب عنه المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية وهو إذا تعدد الجناة و أبرم المتضرر صلحا مع أحدهم دون الآخر، كمن يتعرض للاعتداء بالضرب والجرح ويتنج عن ذلك عجز عن العمل لمدة 20 يوم من طرف شخصين وتصالح مع أحد منهم دون الأخر و يستوي أن يكون الشخص الأخر مساهما أو مشاركا، ففي هذه الحالة فالقضاء مستقر على أن الصلح ينتج أثره بالنسبة للمتصالح معه وحده دون شركائه لأنه لو ثم إبرام الصلح بالنسبة إليهم جميعا لما انتفت الدعوى العمومية تجاه الجميع.
الفقرة الثانية: آثار الصلح بالنسبة للنيابة العامة
تتمتع النيابة العامة بدور أساسي في مسطرة الصلح، فمن خلال الدور المنوط بها الذي يهدف إلى حماية الحقوق، يتوجب عليها الاستمرار في تتبع مسطرة الصلح بعد تحرير المحضر بشأنه، ومراقبة مدى تنفيذ الالتزامات الواقعة على عاتق المشتكى به، عموما سنستعرض في سبيل ذلك الأثر الواقف المؤقت لمسطرة الصلح الجنائي (أولا)، من ثم الحديث عن الأثر المسقط لمسطرة الصلح (ثانيا).
أولا: الأثر الواقف المؤقت لمسطرة الصلح الجنائي
يترتب عن مسطرة الصلح إيقاف الدعوى العمومية في مواجهة الفاعل[26]، حيث ينتج عن هذا التوقف محو أثر الجريمة لفترة محددة[27].
واجراءات الصلح هذه التي يتعين ممارستها قبل إقامة الدعوى العمومية توقف إقامة هذه الدعوى سواء في مرحلة تحضير محضر الصلح أمام النيابة العامة، أو في مرحلة المصادقة على الصلح من قبل المحكمة، ويبقى الأثر الواقف هذا إلى حين انتهاء الأجل الذي حدده رئيس المحكمة في المحضر لتنفيذ الصلح أو إلى تاريخ صدور قرار رئيس المحكمة بالرفض.
هذا وتهدف مسطرة الصلح بالأساس إلى إخماد الشقاق الذي يحدث بين طرفي النزاع، وذلك مقابل مجموعة من الحقوق التي يحصل عليها المتضرر ولو أن عليه بعض الالتزامات يجب عليه الالتزام بها، لأنه قد قبل القيام بالصلح في إطار المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية.
ثانيا: الأثر المسقط لمسطرة الصلح الجنائي
السبب وراء اعتماد المشرع للصلح كآلية لإيقاف الدعوى الجنائية دون سقوطها نظرا للآثار المستقبلية المترتبة عن الصلح، حيث إن المشرع المغربي أخذ بعين الاعتبار حالة التملص المطلوب في الشكوى أو المشتبه فيه في تنفيذ الالتزامات التي صادق عليها رئيس المحكمة داخل الحيز الزمني المعد لذلك، مالم تخضع هذه الأخيرة للتقادم[28].
وذلك على عكس المشرع المصري الذي نص صراحة في المادة 18 مكرر المعدلة بقانون 145 لسنة 2006 على أنه “يترتب عن الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر، وتأمر النيابة العامة بوقف العقوبة إذا حصل الصلح أثناء تنفيذها ولا آثار للصلح على حقوق المتضرر من الجريمة”، كما لا يجوز الطعن في هذا الانقضاء لأنه يحوز قوة الشيء المقضي به[29].
ولعل خير ما نختم به طرح سؤال نرى أنه مهم جدا، وهو على النحو الآتي: أسند المشرع للنيابة العامة مهمة السهر على تنفيذ مقرر الصلح بعد المصادقة عليه بغرفة المشورة، ما هو جزاء الإخلال بمقرر الصلح؟ وهل الأمر القضائي يسقط الدعوى العمومية؟
إن الأمر القضائي يتمتع بقوة الشيء المقضي به مادام أنه لا يقبل أي طعن فهو يصدر باسم جلالة الملك وبشكل انتهائي، ومن ثم يمكن لوكيل الملك تحريك المتابعة في حالة عدم تنفيذ الالتزامات التي صادق عليها القاضي، أما الجواب عن التساؤل الثاني فهو أن الصلح لا يؤدي إلى سقوط الدعوى العمومية بل إلى إيقافها فقط بصريح المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية، كما وضحنا قبلا، فإذا ما ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية يمكن للنيابة العامة تحريك المتابعة رغم مقرر الصلح ما لم يطل التقادم المسقط للجريمة موضوع المقرر الصادر.
صفوة القول، تحدثنا في الشق الأول من خوصصة الدعوى العمومية في شقها المتعلق بالصلح الجنائي، هذا الأخير مادام لم يخرج من زهرة الوسائل البديلة لحل المنازعات، فلابد بالإشادة بأهمية فلسفة العدالة التصالحية في جميع الميادين بما فيها المجال الجنائي، ولو أن الأمر به نوع من الصعوبة في إعماله أمام مختلف الجرائم، لكن جيد أن تجد مسطرة الصلح طريقها على الأقل في مواجهة الجرائم البسيطة، ليتمكن المغرب من جني ثمار العدالة التصالحية في الشق الجنائي، إلا أنه كما سبق أن قلنا يتطلب عمل وجهد مكثف من قبل مختلف الفاعلين والمؤسسات المعنية، فماذا عن الشق الثاني المتعلق بالشكاية والتنازل عنها الذي حددناه للحديث عن خصخصة الدعوى العمومية؟
المبحث الثاني: الشكاية والتنازل عنها يذهب بالدعوى العمومية نحو الخصخصة
الأصل أن تباشر وتمارس النيابة العامة الدعوى العمومية، إلا أنه في حالات يمكن التنازل عنها كأحد بدائل إجراءات الدعوى، والأكيد أن المشرع عندما سمح بذلك إنما كان يطمع في تحقيق أهداف السياسة الجنائية.
فالشكاية سبيل الضحية إلى العدالة، يستوفي من خلالها حقه في اللجوء إلى القضاء، وهذا السبيل مفتوح لكل مواطن في أي واقعة مادية ذات طابع جزري، لكن الشكوى في إطار خوصصة الدعوى العمومية منحصرة في بعض الجرائم دون غيرها، بحيث لا يجوز للنيابة العامة تحريك الدعوى العمومية، نظرا لخصوصية تلك الجرائم، إما لطابعها الاجتماعي أو للجانب الأسري.
ويلاحظ التوجه الحديث من طرف التشريعات المقارنة نحو تفعيل نظام الشكاية يتجه نحو خوصصة الدعوى العمومية، نظرا لكون نظام الشكاية والتنازل عنها هو أحد إفرازات الزخم التشريعي الواقع على المستوى العالمي من إقرار وصفات أخرى مشابهة لها مثل نظام الوساطة والتسوية الجنائية والصلح ……، وغيرها من الوصفات التشريعية التي تبحث عن مخرج للمأزق الذي توجد فيه العقوبة، بمعنى آخر عن بديل للدعوى العمومية.
وبالتالي المشرع على غرار باقي التشريعات المقارنة جعل الشكاية قيد على المتابعة الجنائية، من أهم آثارها رفع هذا القيد، كما أن لها طبيعة قانونية اختلف حولها بين من يقول بالطبيعة الموضوعية وبين قائل بالطبيعة المسطرية، ولكل طبيعة آثار تلقي بظلالها على أحكام الشكاية.
وفي المقابل جعلت التشريعات المقارنة سبيلا آخر بين يد الضحية المتضرر من الفعل المجرم تجعله يتحكم في مصير الدعوى العمومية، ولكن هذه المرة عن طريق التنازل عن الشكاية، هذا الطريق الذي من خلاله تنقضي الدعوى العمومية، وهو شكل من أشكال خوصصة هذه الأخيرة.
بناء على ما سبق، سنحاول الخوض في أتون هذا المبحث من خلال الحديث ولو بشكل مقتضب عن المقصود بالشكاية بتقديم بعض التعاريف من ثم التطرق لأنواعها (المطلب الأول)، لننتقل إلى التنازل عن الشكاية والآثار المترتبة عنه في (المطلب الثاني).
المطلب الأول: المقصود بالشكاية
إن للشكاية كقيد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية خصائص تميزها عن غيرها من النظم المشابهة، كما أن لها عدة أشكال وصور، دون أن ننسى إحصاء الجرائم المتوقفة على تقديم الشكاية في التشريع المغربي.
وفي سبيل تحديد مفهوم الشكاية لابد من إعطاء تعريف لها من مشارب مختلفة (الفقرة الأولى)، ثم الحديث عن أصنافها لنخلص إلى ما يهمنا منها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تعريف الشكاية
الشكاية في اللغة مشتقة من “الشكو” و”الشكاة” و”الشكوى” وهي إظهار البت، ويقال فتح الشكوة وأظهر ما فيها وهي سقاء صغير يجعل فيه الماء، فالشكوى إذن هي أن يقدم شخص لآخر مشكلته وأن يبته همومه وأن يظهر له ما في قلبه من أحزان ويضع بين يديه ما يعانيه من الآلام بهدف الحصول على مساعدته، أو أن يجد له حلا لما هو فيه، وذلك لصفة المشتكى إليه أو ظرف لصيق به من شأنه بفضل مركزه أن يفرج عن المشتكي ويجد له حلا لما هو فيه[30].
ويعرف الفقه العربي الشكاية في إطارها القانوني على عدة أوجه، فنجد مثلا البعض[31] يعرفها بأنها “تعبير المجني عليه عن إرادته في أن تتخذ الإجراءات الجنائية الناشئة عن الجريمة”، ويعرفها آخرون[32] بأنها “تبليغ المجني عليه أو من يقوم مقامه إلى السلطات العامة عن جريمة وقعت عليه”، كما يعرفها بعض الفقه[33] بأنها” إجراء يعبر به المجني عليه في جرائم معينة عن إرادته في رفع العقبة الإجرائية التي تحول دون ممارسة السلطات المختصة لحريتها في المطالبة بتطبيق أحكام قانون العقوبات”.
أما الفقه الفرنسي قدم عدة تعريفات كذلك، نذكر منها على سبيل المثال تعريف ستيفاني Stéfani، ولفاسور Levasseur، وبولوك Bouloc، “الشكوى عبارة عن بلاغ صادر من ضحية الفعل الجرمي، يقدمها هذا الأخير إلى ضابط شرطة قضائية أو مباشرة إلى وكيل الجمهورية، دون أن تكون مقيدة بشكليات معينة، كما يمكن تقديمها إلى قاضي التحقيق مصحوبة بادعاء مدني”[34].
وبخصوص المشرع المغربي لم يتطرق لتعريف الشكاية على اعتبار وضوح الكلمة في حد ذاتها، وإنما جاءت على حالتها في بعض فصول المسطرة الجنائية وكان أولها الفصل 21 و40 و49 و84 و92 و93 و98 و118 و708 من قانون المسطرة الجنائية، ثم جاءت كلمة شكاية في شكل عنوان بالباب السادس باسم الشكاية الرسمية فجاء الفصلان 748 و749 من ذات القانون اللذان يتحدثان عن الجرائم التي يرتكبها بعض الأجانب في المغرب أو في دولة أجنبية، فتقدم شكاية رسمية بالطريقة الدبلوماسية إلى البلد الأصلي لمرتكب الجريمة الذي يكون قد غادر الحدود قبل محاكمته من أجل ما ارتكب من جرم.
وبقراءة متأنية لهذه الفصول نجد أن المشرع المغربي كما سبق القول لم يعرف الشكاية في مفهومها القانوني والسبب والغاية في تقديمها إلى الجهة المشتكى لديها، إذ ترك ذلك للوصول إلى شرح مضامينها في كل فعل على حدى.
لهذا يمكن إعطاء تعريف لها على الصيغة الآتية: “الشكاية هي كل طلب للبحث في جريمة معينة، يتقدم به متضرر فعلي أو مفترض من هذا الجرم، أو ولي له أو وكيل عنه إلى السلطة القضائية أو إلى إدارة عمومية لها حق امتياز في إقامة الدعوى العمومية، وذلك في مواجهة مرتكبها أكان معلوما أو مجهولا شخصا ذاتيا أو معنويا”[35].
وحيث أن العدالة الجنائية لا يمكن أن تصل إلى علمها جميع الجرائم، باستثناء بعض الحالات، إلا من خلال ما تتلقاه من شكايات ووشايات، فالأولى كما عبرنا عنه سابقا، وسيلة أقرها القانون للأشخاص قصد تبليغ السلطة المختصة بالجريمة التي كانوا ضحيتها والتي يمكن أن توجه في الطريق العادي أي إلى النيابة العامة أو الضابطة القضائية، وإما الطريق المباشر أمام قاضي التحقيق إذا تعلق الأمر بجنحة وأمام المحكمة إذا تعلق الأمر بمخالفة.
أما الثانية أي الوشاية، فلم يعرفها المشرع المغربي، وإنما ترك مفهومها في اصطلاح الكلمة نفسها إذ نص في المادة 21 من قانون المسطرة الجنائية على أن ضباط الشرطة القضائية يتلقون الشكايات والوشايات، وفي المادة 40 من قانون المسطرة الجنائية أن وكيل الملك يتلقى المحاضر والشكايات والوشايات، وكذا المادة 49 من قانون المسطرة الجنائية التي جاء فيها أن الوكيل العام للملك يحيل ما يتلقاه من محاضر وشكايات ووشايات إلى هيئات التحقيق وهيئات الحكم المختصة.
وانطلاقا من هذه المواد يمكن القول أن كل إخبار عن جريمة معينة يعتبر وشاية، مادام أن المخبر أو الواشي فضل عدم الكشف عن هويته أو عدم توقيع شكايته المكتوبة لأنه غير معني بمضمون الوشاية في حد ذاتها، أو أنه يخبر عنها لأنه ملزم بذلك بحكم وظيفته أو موقعه الاجتماعي، وإذا كانت بعض الوشايات أو الإخباريات تكون صادرة عن صاحبها بدافع المواطنة أو بدافع الدين، كالنهي عن المنكر أو بدافع الغيرة، ويفضل طمس هويته خوفا من جبروت المشتكى به أو خوفا من خدش علاقة بينهما، فإن أغلب الوشايات تتم عن سوء نية الواشي الذي فضل عدم الكشف عن هويته، لأنه يهدف من وراءها الإضرار بالموشى به، إما على وجه الباطل أو بدافع الانتقام، ومن هؤلاء الأشخاص الواشون من يدخل في مرحلة الإدمان، ففي مفهوم علم الإجرام هناك أشخاص بسيكوباتيون مصابون بأمراض عقلية وظيفية، تصنف في باب جنون الكذب[36]، وبالتالي كلاهما وسيلة قانونية أقرها المشرع، غير أن الأولى للضحية أو من ينوب عنه، والثانية للغير للتصريح بجريمة عاينها، وهي أنواع مستحبة، حقيقية وكاذبة.
الفقرة الثانية: أصناف الشكايات
تختلف الشكاية من جريمة إلى أخرى، فهناك جرائم عادية تتطلب شكاية عادية أو مطلقة أو مقيدة بناء على تقديمها من طرف المتضرر بالذات أو من بنوب عنه، وهناك جرائم تشكل خطرا على المجتمع وبالتالي الانتقال مباشرة إلى الجهاز القضائي كما هو الحال بالنسبة للشكاية المباشرة، وقد تستدعي بالضرورة اعتماد مسطرة معينة إذا كنا أمام أجنبي وبالتالي نكون أمام شكاية رسمية.
- الشكاية العادية:
وهي شكاية غير مباشرة والتي تدخل في إطار الشكايات المألوفة المقدمة إلى النيابة العامة والى الجهات الإدارية الأخرى المختصة، والتي لا تتطلب شكليات معينة وسلوك مسطرة خاصة في تقديم الشكاية، ومثال على ذلك شكاية الضرب والجرح أو شكاية السرقة أو شكاية التزوير…. والتي يمكن تقديمها مباشرة إلى الشرطة القضائية للبحث فيها أو تقديمها بصفة غير مباشرة إلى النيابة العامة لإصدار تعليمات البحث بصددها إلى الشرطة القضائية.
- الشكاية المباشرة:
هذا النوع من الشكاية يتم تقديمها إذا كانت الجريمة قد تخلف منها اضطرابا في المجتمع أو ت
سببت ضررا للضحية وتنقسم الشكاية المباشرة إلى قسمين هما:
أولا: الشكاية المباشرة أمام قاضي التحقيق، وهذا النوع من الشكايات يتم تقديمها مباشرة أمام قاضي التحقيق، ويؤدى عنها مبلغ مالي يحدده قاضي التحقيق[37] حسب نوعية الشكاية ووفق سلطته التقديرية، وذلك ضمانا للجدية في تقديم الشكاية المباشرة ….
ثانيا: الشكاية المباشرة أمام المحكمة، والتي يتم تقديمها مباشرة أمام هيئة الحكم، حسب نص المادة 348 وما بعدها و المادة 384 من قانون المسطرة الجنائية.
- الشكاية المطلقة:
هذا النوع يقصد به الشكاية التي تكون فيها للنيابة العامة السلطة المطلقة في التدخل في إقامة وممارسة الدعوى العمومية، وذلك في إطار محاربة الجريمة والدفاع عن المجتمع وتمثيله في إجراء البحث وإقامة الدعوى العمومية بدون وجود شكاية المعني بالأمر، وبتدخل تلقائي من النيابة العامة في تطبيق القانون.
- الشكاية الآمرة:
يدخل في هذا النوع من الشكايات تلك التعليمات القانونية الموجهة للنيابة العامة من طرف السلطة الرئاسية أو الإدارة التسلسلية التي تتبع لها، وذلك من أجل تحريك الدعوى العمومية دون وجود خيار الملاءمة في هذا الصدد[38].
- الشكاية الرسمية أو الدولية:
وهي شكاية رسمية مقدمة من دولة إلى دولة أخرى في إطار تسليم المجرمين، عندما لا تكون بين الدوليتين اتفاقية تسليم المجرمين، وفي هذه الحالة يمكن تقديم شكاية رسمية إلى الدولة الأخرى التي يتواجد بها المجرم ولا يوجد معها اتفاقية تسليم المجرمين من أجل العمل على تنفيذ القانون الدولي في هذا الصدد[39].
- الشكاية المقيدة أو المقيمة للدعوى العمومية: وهي ما يهمنا في موضوع الحال
وهو نوع من الشكاية المقيدة لسلطة النيابة العامة ولا يمكن تحريكها إلا بناء على طلب المشتكي، فلا يمكن للنيابة العامة في هذه الحالة تحريك الشكاية من تلقاء نفسها أو المتابعة إلا بوجود رغبة المشتكي في ذلك، ومثال على ذلك شكاية الخيانة الزوجية التي لا يحق تقديمها إلا من طرف أحد الزوجين ضد الزوج الآخر، أو النيابة العامة إذا كان المشتكي يقيم خارج المغرب، وبعض الجرائم الأخرى، كالسرقة بين الأصول أو استعمال ناقلة دون إذن من صاحبها، وجريمة القذف والسب في قانون الصحافة … الخ، وهذا النوع من الشكايات مقيد لسلطة النيابة العامة ولا يمكن تحريك البحث أو تحريك الدعوى العمومية إلا بناء على شكاية المشتكي، وأي تنازل من طرف المعني بالأمر يسقط الدعوى العمومية في أي مرحلة من المراحل …
وهذا النوع من الشكايات يقزم دور النيابة العامة في ممارسة الدعوى العمومية وزجر مرتكبي الجرائم فلا تمارس سلطة الدعوى العمومية لأنها تصبح حقا للمشتكي الذي له أن يتنازل بشأنها على خلاف النيابة العامة التي لم يخول لها المشرع الحق في التنازل عنها لأنها تمارس سلطة ولا تمارس حقا، اللهم ما تم استثنائه في المادة 372 من قانون المسطرة الجنائية الذي أعطى الحق لممثل النيابة العامة في التماس وقف سير الدعوى العمومية، وكذا المادة 41 التي تعطي الحق في تضمين الصلح وتحرير محضر بشأنه ورفعه لرئيس المحكمة[40].
ومن بين الجرائم المتوقفة على شكاية المعني بالأمر نذكر مثلا الجنايات والجنح التي يرتكبها ممونو القوات المسلحة الملكية[41]، جريمة إهمال الأسرة[42]، بعض جرائم الاستغلال الجنسي وإفساد الشباب[43]، جريمة السرقات بين الأزواج[44]، جريمة انتهاك الآداب[45]، جريمة السرقات وانتزاع الأموال[46].
المطلب الثاني: مآل التنازل عن الشكاية
أجاز المشرع المغربي التنازل عن الدعوى العمومية، عن طريقه تنقضي هذه الأخيرة، ويعد التنازل جائزا في أي مرحلة كانت عليها الدعوى إلى غاية صدور حكم نهائي حائز لقوة الشيء المقتضى فيه، ومن شأن الاستمرار فيها رغم وجود التنازل عن الشكوى تفويت الغرض الذي ابتغى المشرع تحقيقه، ويترتب على حدوث التنازل صدور حكم بانقضاء الدعوى العمومية، وإن حصل أمام الضابطة القضائية أصدرت النيابة العامة أمرا بحفظ الملف، وإن حصل أمام قاضي التحقيق أو المحكمة أصدر أمرا أو قررا بانتفاء وجه الدعوى، وسنحاول من خلال هذا المطلب أن نتطرق إلى ماهية التنازل عن الشكاية (الفقرة الأولى)، ثم بعد ذلك نتصدى للآثار الناجمة عنه (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: ماهية التنازل عن الشكاية
اختلفت الآراء في تعريف التنازل عن الشكاية لكن المضمون واحد، فكلها تؤكد أنه مكنة في يد الضحية المشتكي يمارسه متى شاء وفي أي مرحلة من مراحل التقاضي طالما لم يصدر حكم نهائي بات، ولا خلاف بين اثنين أنه أحد أسباب سقوط الدعوى العمومية كما سيأتي معنا في حينه، وبالتالي سنخوض في سبر أغوار التعاريف المقدمة بخصوص التنازل عن الشكاية (أولا)، ونبين محددات قبولها بعد ذلك (ثانيا).
أولا: تعريف التنازل
يعتبر التنازل من الأسباب الخاصة لانقضاء الدعوى الجنائية وهو في نفس الوقت من الأسباب الإرادية لانقضاء حق الشكوى، بمعنى أن ذلك يرجع إلى إرادة المجني عليه الحرة والصحيحة، ذلك أن المجني عليه له وحده الحق في الـشكوى باعتبارها إبلاغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي بوقـوع جريمـة معينة، طالبا تحريك الدعوى الناشئة عنها، توصلا إلى معاقبة فاعلهـا، وللمجنـي عليه أيضا الحق في التنازل عن الشكوى بعد تقديمها في أية مرحلة من مراحـل الدعوى حتى يصدر فيها حكم نهائي[47].
كما عرف البعض[48] التنازل عن الشكوى هو “عمل قانوني يصدر من المجنـي عليـه يتضمن التعبير عن إرادته في عدم السير في إجراءات الدعوى”، وعرفه آخر[49] على أنه “عمل قانوني يصدر من صاحب الحق في الشكوى، ويترتب عليه انقـضاء هـذا الحق ولو كان ميعاد استعماله لا يزال ممتدا، وعرفه الـبعض الآخـر[50] بأنـه: ” تصرف قانوني من جانب المجني عليه بمقتضاه يعبر عن إرادته في وقف الأثر القانوني لشكواه أي وقف السير في إجراءات الدعوى”.
أما بخصوص المشرع المغربي كعادته لم يعطي تعريفا للتنازل في المادة الجنائية وإنما اكتفى بالحديث عنه في ديباجة قانون المسطرة الجنائية بالقول إسناد حق رعاية الصلح في الجنح التي يرتكبها أحداث للنيابة العامة، التي أصبح بإمكانها أيضاً المطالبة بإيقاف سير الدعوى العمومية المرفوعة ضد الحدث في حالة سحب الشكاية أو تنازل المتضرر (المادة 461).
كما اعتبره أيضا سببا من أسباب سقوط الدعوى العمومية حيث نص في الفقرة الثالثة من المادة 4 من قانون المسطرة الجنائية على “….. تسقط أيضا بتنازل المشتكي عن شكايته، إذا كانت الشكاية شرطاً ضرورياً للمتابعة، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك”، وأشار أيضا إلى التنازل في عدة مواد من قانون المسطرة الجنائية كالمادة 41 والمادة 461، وفصول أخرى من القانون الجنائي تحديدا في الفقرة الأولى من الفصل 1-481، الفقرة الأخيرة من الفصل 1-2-503، الفقرة الأخيرة من الفصل 1-526، وأخيرا الفصل 492.
كما اعتبر القضاء المغربي أن التنازل يمحي الترافع أمامه، وهو ما يستشف من حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ 27 أكتوبر 2009 الذي جاء فيه “التنازل عن الدعوى يترتب عنه محو الترافع أمام القضاء وتسجله المحكمة ولا يقبل حكمها أي طعن”[51].
وما وجب الإشارة إليه، التميز بين التنازل عن الشكاية والتنازل عن الحق، فالأول تنازل عن الدعوى يعني إسقاط المدعي دعواه دون أن يتأثر الحق المدعى به، الذي من أجله رفعت الدعوى، ودون أن يبرأ المدعى عليه من ذلك الحق، وفي هذه الحالة يحتفظ المتنازل بحقه في تحريك الدعوى متى شاء، أما الثاني أوسع شمولاً من التنازل عن الدعوى، فيسقط الحق ولا يعود للمتنازل أن يدعي به مجدداً، فالتنازل عن الحق يعني انقضاء الحق تماماً، وبالتالي لا حاجة لموافقة وقبول المدعى عليه بالتنازل، لزوال السبب الذي أُسس عليه وجوب قبول المدعى عليه التنازل في الدعوى، وهو إمكانية رفع الدعوى مجدداً وعدم تأثر الحق المدعى به بالتنازل عن الدعوى.
ثانيا: محددات قبول التنازل عن الشكاية
يعتبر التنازل عن الشكاية تصرفا قانونيا يجب أن تتوافر فيه كل شروط التصرف القانوني، وقد اتفق معظم الفقهاء على بعض الشروط الواجب توفرها في التنازل نذكر منها:
- أن يصدر التنازل ممن بدأ الخصومة[52].
- يجب أن يصدر التنازل من صاحب الحق في الشكوى، أي أن يكون صـادرا من المنجي عليه (الضحية بمفهوم القانون المغربي)، فلا عبرة بالتنازل الصادر من غير المجني عليـه مهمـا كان وثيق الصلة به[53]، غير أنه يمكن لمن ينوب عنه أن يقدم التنازل بناء على إذن من المتضرر وموافقته التامة.
- يجب أن يكون التنازل باتا غير معلق على شرط، وذلك لأن المجنـي عليـه يكون بين أمرين إما أن يرغب الاستمرار في مباشرة الإجـراءات أو يبغـي التنازل عنها فإن كان من رأيه أن يتنازل بشرط معين، فعليه هو أن يتريـث حتى يتحقق الشرط من عدمه، فإن توافر تقدم بتنازل بات فإن هو علقه علـى شرط بطل هذا التنازل[54].
- أن يصدر التنازل عن إرادة صحيحة خالية من العيوب المفسدة للرضى فإن شابها عيب من تلك العيوب بطل التنازل[55].
- أن يكون سبب التنازل مشروعا.
- أن تتوفر في المتنازل الأهلية الإجرائية اللازمة لبدء الخصومة.
- أن لا تتعلق بالدعوى مصلحة عامة ذلك أن التنازل لا يرد على الدعاوى التي تتعلق موضوعيا بالنظام العام[56].
- أن يكون التنازل وفق الشكل الذي نص عليه النظام، ونشير في هذا الصدد أن المشرع المغرب نص في الفقرة السادسة من المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية على “إذا لم يحضر المتضرر أمام وكيل الملك، وتبين من وثائق الملف وجود تنازل مكتوب صادر عنه، أو في حالة عدم وجود مشتكي، يمكن لوكيل الملك أن يقترح على المشتكى به أو المشتبه فيه صلحاً يتمثل في أداء نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو إصلاح الضرر الناتج عن أفعاله، وفي حالة موافقته يحرر وكيل الملك محضراً يتضمن ما تم الاتفاق عليه وإشعار المعني بالأمر أو دفاعه بتاريخ جلسة غرفة المشورة، ويوقع وكيل الملك والمعني بالأمر على المحضر”، وما يفهم من هذه الفقرة أن المشرع تطلب في التنازل عن الشكاية أن يكون كتابة وفقا ما سلفنا ذكره من شروط، لكن لا ضير أن يصدر شفهيا على أن يتم تضمينه في المحضر أو في ملف القضية إذا كانت رائجة امام المحكمة.
الفقرة الثانية: آثار التنازل عن الشكاية
لقد حدد قانون المسطرة الجنائية حالات لا تجوز فيها المتابعة إلا بناء على شكاية يتقدم بها المعني بالأمر المتضرر من الجريمة، كما وضحنا سابقا، وعليه فإن مثل هذه الحالات تسقط فيها المتابعة بمجرد التنازل عن هذه الشكاية، وبذلك فسقوط الدعوى العمومية نتيجة التنازل عن حق شخصي مرتبط بصاحبه يباشره بنفسه أو بواسطة وكالة خاصة وينتقل إلى الغير ويباشره المعني بالأمر إما كتابة أو شفويا، وعليه فإن الدعوى العمومية تنقضي في جميع الجرائم التي تتوقف فيها المتابعة على الشكاية متى كانت هذه الأخيرة شرطا لازما لإثارتها.
إلى أن ما وجب الإشارة إليه أن النصوص القانونية التي أوجبت الشكاية لتحريك المتابعة إما أنها تنص بشكل صريح أن التنازل عن الشكاية أو سحبها يسقط الدعوى العمومية (الفصول 492 و535 و541 ….)، أو أنها لا تصرح بذلك، ولم توضح أثر التنازل عن الشكاية على المتابعة، غير أن هذا لا يعني أنه لا تنتج أي أثر، بل ينتج عنها سقوط الدعوى العمومية، ولذلك ما يفسره كون المادة 4 ربطت عدم سقوط الدعوى العمومية رغم التنازل بضرورة وجود نص بذلك، حيث جاء في الفقرة الأخيرة من المادة 4 “تسقط الدعوى أيضاً بتنازل المشتكي عن شكايته، إذا كانت الشكاية شرطا ضروريا للمتابعة، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك”.
ويؤدي التنازل عن الشكاية الى انقضاء المتابعة وسقوط الدعوى العمومية، وكذلك الأمر بالنسبة لبعض المخالفات الجمركية أو بعض مخالفات قانون السير وبعض مخالفات الصيد البحري، علما أنه إذا كانت التنازلات في القضايا الأسرية تشكل حماية الأسرة والحيلولة دون تفككها، وتمكن من رأب الصدع أحيانا، فإن إيجابياتها تكمن أيضًا في تخفيف العبء على المحاكم وربح الوقت وتخفيف الاكتظاظ على السجون وتحقيق التوازن بين حقوق الإنسان الكونية وحق المجتمع الذي تمثله النيابة العامة والذي خولها المشرع دور الإشراف على مساطر الصلح في المادة الجنائية[57] .
وتبقى الإشارة في الأخير أن التنازل عن الشكاية حق شخصي للمشتكي يباشره بنفسه أو بواسطة وكالة من دون أن يتقيد بأي شكلية على غرار الشكاية، كما أن التنازل لا يستفيد منه إلا من تتطلب متابعته تقديم الشكاية كما جاء في الفصل 492 من القانون الجنائي “ولا يستفيد مشارك الزوجة ولا مشاركة الزوجة من هذا التنازل”.
وهكذا يكون المشرع بموجب المادة 4 حاول أن يحدد على سبيل الحصر أسباب سقوط الدعوى العمومية كأسباب عامة ترتبط بجميع الجرائم وأسباب خاصة ترتبط بشريحة من الجرائم التي أمكن الصلح بشأنها، وكذا تلك التي تطلب المشرع بشأنها تقديم شكاية.
وإذا كان المشرع قد سمح بإبرام صلح في بعض القضايا الأسرية وجعل من التنازل سببًا مؤديًا الى انقضاء المتابعة وسقوط الدعوى العمومية، فإن بعض الحالات قد تفرغ مقاصد المكتسبات التشريعية من محتواها ولا تفي بالغرض المتوخى، ولعل خير مثال على ذلك أن المشرع سبق له أن حذف الفقرة الثانية من الفصل 475 من القانون الجنائي، والتي كانت تقضي بإمكانية تزويج المغرر بالضحية للإفلات من العقاب، والحال أن القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء أتى بفصل ظاهره حماية المرأة التي قد تكون قاصرا ما دامت المادة 20 من مدونة الأسرة تسمح استثناءً بتزويج القاصر[58] من واقعة الإكراه على الزواج باستعمال العنف أو التهديد[59].
والسؤال المطروح في هذا الصدد، هل بإمكان النص القانوني حماية القاصر أو المكرهة على الزواج من زواج فرض عليها بالعنف والإكراه؟ الحال أن واقع الحال يجعلها ملزمة بالتنازل عن الشكاية بضغط من الأسرة أو عدم تقديم الشكاية أصلا، اعتبارًا للروابط العائلية وضغطًا من العائلة قصد حماية الجاني الذي قد يكون وليًا أو وصيًا وتمكينه من الإفلات من العقاب، علمًا أن العنف كما عرفته المادة الاولى من القانون 103.13 قد يكون جسديًا أو جنسيا أو نفسيا أو اقتصاديا، ونحن نعلم مدى خطورة أشكال العنف الممارس على القاصرات أو الفتيات من طرف الأقارب وأولياء أمورهم من أجل تزويجهن إكراها، إما لقلة ذات اليد أو لكون طالب يد القاصر أو الفتاة ميسور ووعد بالتكفل بالعائلة ككل أو لأسباب مختلفة نتج عنها استعمال الإكراه والعنف النفسي أو الجسدي من أجل حمل المتضررة على الزواج قسرًا، علما أن الإكراه على الزواج باستعمال العنف أو التهديد يطال المرأة في غلب الأحيان إن لم نقل كلها رغم أن المشرع أشار الى عبارة “شخص” وشدد العقاب في الفقرة الثانية إذا تعلق الأمر بامرأة بسبب جنسها أو بالقاصر أو المختلة عقليًا .
لذلك نتفق مع تسأل أحد الباحثين[60]، هل سيلجأ المشرع إلى تعديل النص القانوني بحذف الفقرة الأخيرة التي تجعل التنازل عن الشكاية يضع حدًا للمتابعة، بل الأكثر من ذلك حدًا لآثار القرار القضائي المكتسب لقوة الشيء المقضي به في حالة صدوره، ونعيد سيناريو حذف الفقرة الثانية من الفصل 475 من القانون الجنائي؟ أم سيبقى النص الحالي على حالته ولا تحظى القاصرات خصوصا بأي حماية في حالة تزويجهن بالعنف أو التهديد لأنهن فاقدات لحرية الاختيار ويخضعن لا محالة لضغوط عائلية رهيبة من أجل التنازل عن شكايتهن وبالتالي يبقى النص حبرا على ورق؟
خــــــــــــاتمــــــــــــة
نافلة الحديث وصفوته، عمد المشرع إلى وضع بعض الآليات بين يدي الضحية المشتكي نتيجة لذلك غلت يد النيابة العامة في إقامة الدعوى العمومية، كنمط جديد يروم خوصصة أو خصخصة هذه الأخيرة، وقد حاولنا من خلال هذا المقال المتواضع الإتيان على بعضها بشكل ينير بصيرة القارئ، حيث تم التطرق إلى بعضها فقط تحت ما يسمى الحلول البديلة لفض النزاعات ذات الطابع الجنائي المتعلق على وجه التحديد بالجرائم البسيطة، والتي توصلنا إلى أن أغلبها ذات طابع أسري، كجريمة الخيانة الزوجية أو السرقة بين الأقارب، وأخرى ذات طابع مالي محض كخيانة الأمانة، أو استعمال ناقلة ذات محرك دون إذن مالكها…..
هذا التضيق فقط في بعض الجرائم المومأ إليها سابقا، أما الجرائم الأخرى يبقى لقضاة النيابة العامة كافة الصلاحيات في إقامتها بمجرد بلوغ العلم إليهم عن طريق أي وسيلة كانت، حتى لو لم يقدم المتضرر شكاية بشأنها، بل حتى لو تنازل المعني بالأمر عن حقه في الدعوى، فهذا لا يعني أن تتنازل النيابة العامة عن تحريكها وممارستها، وذلك لكونها لا تنوب فقط عن المتضرر المشتكي بل تنوب عن المجتمع برمته، وهي الضامن لاستقرار البلاد، وبسط جناح الأمن والأمان، فالدعوى العمومية ما تزال تحتفظ بصفة العمومية، أخذا بعين الاعتبار أنها ملك للمجتمع، كما أن للنيابة للعامة دور محوري وأساسي في تحريكها وتبيين مسارها.
هذا من جهة ومن جهة أخرى، نرى من باب إبداء بعض المقترحات أنه:
- إذا كان فعلا للمشرع نية تخفيف ما يثقل كاهل القضاء من خلال شل يد قضاة النيابة العامة في إقامة الدعاوى العمومية لا تتحرك إلا بناء على شكاية المعني بالأمر أو من يقوم مقامه، فحبذا لو كان هذا النوع من القضايا يستلزم ضرورة إجراء الصلح قبل عرض النزاع على المؤسسة القضائية.
- إشراك فعاليات المجتمع المدني للتنقيب عن حلول للخصومات الجنائية، من خلال مؤسسات مسيجة قانونا ومعترف بها أيضا، على سبيل المثال الوساطة كضرورة لا محيد عنها في الجرائم البسيطة التي يجوز الصلح فيها، مع ضرورة جبر الضرر الحاصل للمشتكي.
- الاهتمام بالجانب الوقائي للحد من الجرائم لتقليص من حجم دائرة العقاب وبدائله.
لائـــــــــحـــــــــة المــــــــــراجــــــــــــع
- قائمة الكتب باللغة العربية:
- أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون المسطرة المدنية الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، الطبعة 7، سنة 1993.
- رشيد مشقاقة، دليل النيابة العامة في مسطرة الصلح الجنائي، دراسة تحليلية نقدية لقانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، الطبعة 1، سنة 2004.
- عبد الوهاب حومد، الوسيط في الإجراءات الجزائية الكويتية، الطبعة 4، جامعة الكويت، سنة 1989.
- عمر سالم، نحو تيسير الإجراءات الجنائية – دراسة مقارنة، الطبعة 1، دار النهضة العربية، القاهرة، سنة 1997.
- مأمون سلامة، الإجراءات الجنائية في التشريع المصري، دار الفكر العربي، مصر، سنة 1988.
- محمد على سويلم، المبادئ المستقر عليها في قضاء النقض الجنائي، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، سنة 2010.
- محمود نجيب حسني، شرح قانون المسطرة المدنية الإجراءات الجنائية، الطبعة 2، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، سنة 1995.
- البحوث العلمية:
- الأطاريح:
- عبد الحليم فؤاد عبد الحليم عبد الحي الفقي، الشكوى والتنازل عنها – دراسة مقارنة، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، قسم القانون الجنائي، سنة 2012.
- العروض الجامعية:
- عبد الله الحيكي وآخرون، الصلح في المسطرة الجنائية، عرض في مادة النظرية العامة للتقنيات البديلة لحل المنازعات، ماستر التقنيات البديلة لحل المنازعات، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانون والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، الموسم لجامعي غير مذكور.
- المقالات:
- عبد الرحمان خلفي، اتجاه جديد نحو خوصصة الدعوى العمومية، مقال متوفر على شكل PDF، باقي المعلومات غير متوفرة.
- محمد بن حم، فضاء الصلح أو غرفة المشورة في ظل المسطرة الجنائية، مجلة الملف، ع 3، ابريل 2004.
- المواقع الالكترونية:
- عبد العالي المصباحي، استراحة قانونية – الشكاية والوشاية، مقال متاح عبر الرابط الآتي:
https://www.alouatan24.com/?p=60692
- عبد العالي المصباحي، الشكاية والوشاية، مقال متاح عبر الرابط الآتي:
- عبد اللطيف إدزي، الصلح في قانون المسطرة المدنية المسطرة الجنائية، مقال متاح عبر الرابط الآتي:
https://www.bibliotdroit.com/2017/09/blog-post_2.html
- عدنان السباعي، آلية الصلح الجنائي في التشريع المغربي والمقارن (مع قراءة في الحصيلة المغربية)، متاح عبر الرابط الآتي:
https://www.droitetentreprise.com/21505/#_ftnref17
- سليمة فراجي، لما يؤدي تنازل المجني عليهم عن الشكاية الى انقضاء المتابعة وسقوط الدعوى العمومية، متاح عبر الرابط الآتي:
- فهد إبراهيم اللحيدان، عوارض الخصومة – التنازل عن الدعوى – الصلح، بحث نهاية التكوين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المعهد العالي للقضاء، السعودية، الموسم 1434-1435 هجري، متاح عبر الرابط الآتي:
https://qawaneen.blogspot.com/2020/05/Waiver-of-the-lawsuit—conciliation.html
- justice.gov.ma
- https://mahkamaty.com/blog/2013/12/03/%D8%AA%D9%86%D8%A7%D8%B2%D9%84-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%88%D9%89-%D8%A3%D8%AB%D8%B1%D9%87/
- الندوات العلمية:
- فؤاد عبد المنعم احمد، مفهوم العقوبة وأنواعها في الأنظمة المقارنة، ضمن أشغال الملتقى العلمي، الاتجاهات الحديثة في العقوبات البديلة، المنظم من طرف وزارة العدل السعودية بمدينة الرياض، من 15 إلى 17 أكتوبر 2011.
- محمد بوزلافة، مداخلة في الندوة المنظمة بكلية الحقوق بفاس، تحت عنوان الوسائل البديلة لحل المنازعات – الرهانات و التحديات، بتاريخ 6 مارس 2019.
[1] الفقرة الثانية من المادة 3 من قانون المسطرة المدنية المسطرة الجنائية: “يقيم الدعوى العمومية ويمارسها قضاة النيابة العامة، كما يمكن ييمها الموظفون المكلفون بذلك قانونا…….”.
ظهير شريف رقم 1.02.255 صادر في 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 27 ذي القعدة 1423 (30 يناير2003)، ص 315.
[2] الفقرة الثالثة من المادة 3 من قانون المسطرة الجنائية: “يمكن أن يقيمها الطرف المتضرر طبقا للشروط المحددة في هذا القانون…”.
[3] ظهير شريف رقم 1.59.413 صادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، الجريدة الرسمية عدد 2640 مكرر بتاريخ 12 محرم 1383 (5 يونيو 1963)، ص 1253.
[4] وإن كنا نتحفظ بخصوص هذه التسمية، كما يرى ذلك البعض، إذ غالبا ما تقترح تسميات أخرى من قبيل، “التدابير البديلة” أو ” بدائل العقوبات “، أي أنها ليست بعقوبات بل هي مجرد تدابير وإجراءات يبقى هدفها الأول هو الهدف الإصلاحي /التقويمي.
[5] فؤاد عبد المنعم احمد، مفهوم العقوبة وأنواعها في الأنظمة المقارنة، ضمن أشغال الملتقى العلمي، الاتجاهات الحديثة في العقوبات البديلة، المنظم من طرف وزارة العدل السعودية بمدينة الرياض، من 15 إلى 17 أكتوبر 2011.
[6] ينص الفصل 1-35 من مسودة مشروع القانون الجنائي المغربي على أن: ”العقوبات البديلة هي العقوبات التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من اجلها سنتين حبسا.
تحول العقوبة البديلة دون تنفيذ العقوبة السالبة للحرية على المحكوم عليه, في حالة تنفيذه للالتزامات المفروضة عليه بمقتضاها, وفقا للشروط المنصوص عليها في هذا الفرع .
لا يحكم بالعقوبات البديلة في حالة العود .
[7]ينص الفصل 35-2 من مسودة مشروع القانون الجنائي المغربي على ان : العقوبات البديلة هي :
- العمل لأجل المنفعة العامة.
- الغرامة اليومية.
- تقييد بعض الحقوق او فرض تدابير رقابية او علاجية او تأهيلية”.
[8] موقع وزارة العدل https://www.justice.gov.ma/
[9] رشيد مشقاقة، دليل النيابة العامة في مسطرة الصلح الجنائي، دراسة تحليلية نقدية لقانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، الطبعة 1، سنة 2004، ص 3.
[10] كما تسعى السياسات الجنائية المعاصرة الى الحد من مشكل الاكتظاظ التي تعرفه المؤسسات السجنية, والذي يشكل عائقا امام تطبيق اي برنامج للإصلاح واعادة الادماج. ووفقا لدراسات قام بها المركز الدولي لدراسات السجون يوجد اكثر من 908 مليون شخص مودعين في المؤسسات التأديبية في شتى ارجاء العالم .
هذا وكإجراء مؤقت لمكافحة ظاهرة الاكتظاظ لجأت بعض الدول التي تعرف سجونها اكتظاظا الى كراء سجون من الدول المجاورة, كما هو الشأن في بلجيكا التي قامت بموجب اتفاقية مع هولندا بكراء سجن لإيداع 650 سجين سنة 2010 لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة نقابل 30 مليون يورو. نفس الشيء بالنسبة لدولة النرويج التي ابرمت اتفاقية مع نفس الدولة هولندا لإيداع 242 سجين بإحدى سجونها المجاورة مقابل مبلغ 25 مليون يورو سنويا لمدة ثلاث سنوات ابتداء من شتنبر 2015 مع امكانية التجديد لسنة واحدة .
اما فيما يخص السجون المغربية فالطاقة الاستيعابية لا تتعدى 40000 سجين في احسن التقديرات بينما يتكدس فيها اكثر من 80000 سجين, لذلك فان ظاهرة الاكتظاظ تساهم بشكل كبير في وقوع انتهاكات التي قد تطال حقوق السجناء.
[11] محمد بوزلافة، مداخلة في الندوة المنظمة بكلية الحقوق بفاس، تحت عنوان الوسائل البديلة لحل المنازعات – الرهانات والتحديات، بتاريخ 6 مارس 2019.
[12] تنص الفقرة الاولى من المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية على انه ” يمكن للمتضرر او المشتكى به قبل اقامة الدعوى العمومية وكلما تعلق الامر بجريمة يعاقب عليها بسنتين او اقل او بغرامة لا تتجاوز حدها الاقصى 5000 درهم ان يطلب من وكيل الملك تضمين الصلح الحاصل بينهما في محضر”.
[13] نظم المشرع المغربي الصلح في الباب الفريد من القسم التاسع من الكتاب الثاني في الفصول من 1098 إلى 1116 من ظهير 1913 المعتبر بمثابة قانون الالتزامات والعقود.
الظهير الشريف الصادر بتاريخ 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود، الجريدة الرسمية الصادرة باللغة الفرنسية عدد 46 بتاريخ 10 شوال 1331 (12 شتنبر 1913)، ص 132.
[14] وهو ما جاء في ديباجة قانون المسطرة المدنية المسطرة الجنائية عند الحديث عن الآليات الجديدة لمكافحة الجريمة وحماية الضحايا بالقول: “أصبح التشريع الجنائي الدولي الحديث يولي اهتماماً كبيراً لضحايا الجرائم الذين تم تجاهلهم وإقصاؤهم في وقت تنامى فيه الاهتمام بالجناة. ولذلك فإن من أسباب الاطمئنان إلى العدالة الجنائية تمكن الضحايا من الوصول إلى حقوقهم عبر تسوية حبية دون اللجوء إلى حكم قضائي، علماً أن من أسباب استقرار الأمن واستتباب الطمأنينة بالمجتمع تحقيق تصالح بين طرفي الخصومة المباشرين. وهو ما يؤدي إلى رأب الصدع وجبر الضرر والقضاء على الفتن والاضطرابات والحد من النزعات الانتقامية لدى الضحايا. وهذا التدبير أحدث حلاً وسطاً بين قراري الحفظ والمتابعة اللذين تملكهما النيابة العامة إذ سيمكن من تجنب متابعة المتهم وفي نفس الوقت يقدم حلاً للضحية بالحفاظ على حقوقه ويصون حقوق المجتمع. ويهم هذا التدبير جنحاً محددة على سبيل الحصر تتسم بكونها لا تعتبر خطيرة على النظام العام ويقتصر ضررها الظاهر على أطرافها الذين يعتبر رضاهم ضرورياً لتحقيق المصالحة، وقد قيد هذا التدبير بمراقبة القضاء الذي له أن يتأكد من وقوعه بحضور الأطراف ودفاعهم قبل إقراره بأمر قضائي يصدره رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه (المادة 41)……
إسناد حق رعاية الصلح في الجنح التي يرتكبها أحداث للنيابة العامة، التي أصبح بإمكانها أيضاً المطالبة بإيقاف سير الدعوى العمومية المرفوعة ضد الحدث في حالة سحب الشكاية أو تنازل المتضرر (المادة 461)”.
[15] المادة 4 من قانون المسطرة الجنائية: ” تسقط الدعوى العمومية بموت الشخص المتابع، وبالتقادم وبالعفو الشامل وبنسخ المقتضيات الجنائية التي تجرم الفعل، وبصدور مقرر اكتسب قوة الشيء المقضي به.
وتسقط بالصلح عندما ينص القانون صراحة على ذلك.
تسقط أيضا بتنازل المشتكي عن شكايته، إذا كانت الشكاية شرطاً ضرورياً للمتابعة، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك”.
[16] عمر سالم، نحو تيسير الإجراءات الجنائية – دراسة مقارنة، الطبعة 1، دار النهضة العربية، القاهرة، سنة 1997، ص 30.
[17] محمد على سويلم، المبادئ المستقر عليها في قضاء النقض الجنائي، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، سنة 2010، ص 677.
[18] عبد اللطيف إدزي، الصلح في قانون المسطرة المدنية المسطرة الجنائية، مقال متاح عبر الرابط الآتي:
https://www.bibliotdroit.com/2017/09/blog-post_2.html
تاريخ الاطلاع 21 مارس 2022 على الساعة 18:57.
[19] عدنان السباعي، آلية الصلح الجنائي في التشريع المغربي والمقارن (مع قراءة في الحصيلة المغربية)، متاح عبر الرابط الآتي:
https://www.droitetentreprise.com/21505/#_ftnref17
تاريخ الاطلاع 21 مارس 2022 على الساعة 19:24.
[20] محمد بن حم، فضاء الصلح او غرفة المشورة في ظل المسطرة الجنائية، مجلة الملف، ع 3، ابريل 2004، ص 88.
[21] الفقرة 4 من المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية.
[22] يطلق هذا اللفظ على الفاعل أما قاضي التحقيق والنيابة العامة، أما أمام الضابطة القضائية يسمى المشتبه به، وأمام المحكمة يسمى المتهم.
[23] عبد الله الحيكي وآخرون، الصلح في المسطرة الجنائية، عرض في مادة النظرية العامة للتقنيات البديلة لحل المنازعات، ماستر التقنيات البديلة لحل المنازعات، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانون والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، الموسم لجامعي غير مذكور، ص 12.
[24] المادة 73 من قانون المسطرة الجنائية: “إذا تعلق الأمر بالتلبس بجناية طبقا لمقتضيات المادة 56، ولم تكن الجريمة من الجرائم التي يكون التحقيق فيها إلزامياً طبقاً لمقتضيات المادة 83 بعده، استفسر الوكيل العام للملك أو أحد نوابه المعين من طرفه المتهم عن هويته وأجرى استنطاقه بعد إشعاره أن من حقه تنصيب محام عنه حالاً وإلا عين له تلقائياً من طرف رئيس غرفة الجنايات. يحق للمحامي المختار أو المعين أن يحضر هذا الاستنطاق كما يحق له أن يلتمس إجراء فحص طبي على موكله، وأن يدلي نيابة عنه بوثائق أو إثباتات كتابية. ويمكنه أيضاً أن يعرض تقديم كفالة مالية أو شخصية مقابل إطلاق سراحه، إذا تعلق الأمر بالمتابعة من أجل جنحة. وتطبق عندئذ المقتضيات المتعلقة بالكفالة المشار إليها في المادة 74 بعده. يستعين الوكيل العام للملك بترجمان أو بكل شخص يحسن التخاطب أو التفاهم مع من يقع استنطاقه عند الاقتضاء. إذا ظهر أن القضية جاهزة للحكم، أصدر الوكيل العام للملك أمراً بوضع المتهم رهن الاعتقال وأحاله على غرفة الجنايات داخل أجل خمسة عشر يوما على الأكثر. إذا ظهر أن القضية غير جاهزة للحكم، التمس إجراء تحقيق فيها.
يتعين على الوكيل العام للملك إذا طلب منه إجراء فحص طبي أو عاين بنفسه آثاراً تبرر ذلك أن يخضع المشتبه فيه لذلك الفحص. إذا تعلق الأمر بحدث يحمل آثاراً ظاهرة للعنف أو إذا اشتكى من وقوع عنف عليه يجب على ممثل النيابة العامة وقبل الشروع في الاستنطاق إحالته على فحص يجريه طبيب.
ويمكن أيضاً لمحامي الحدث أن يطلب إجراء الفحص المشار إليه في الفقرة السابقة”.
[25] عبد الله الحيكي وآخرون، مرجع سابق، ص 13.
[26] انظر الفقرة 8 من المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية.
[27] محمد بن حم، مرجع سابق، ص 31.
[28] تنص المادة 5 من قانون المسطرة الجنائية على انه ” تتقادم الدعوى العمومية مالم تنص قوانين خاصة على خلاف ذلك بمرور :
- خمس عشرة سنة ميلادية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجناية
- أربع سنوات ميلادية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجنحة
- سنة ميلادية كاملة من يوم ارتكاب المخالف”.
[29] عدنان السباعي، م،س. نفس تاريخ الاطلاع.
[30] عبد العالي المصباحي، الشكاية والوشاية، مقال متاح عبر الرابط الآتي:
تاريخ الاطلاع 22 مارس 2022 على الساعة 17:40.
[31] محمود نجيب حسني، شرح قانون المسطرة المدنية الإجراءات الجنائية، الطبعة 2، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، سنة 1995، ص 119.
[32] رؤوف عبيد، مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري، الطبعة 3، مطبعة النهضة، مصر، سنة 1954، ص 27. أشار إلي عبد الرحمان خلفي، اتجاه جديد نحو خوصصة الدعوى العمومية، مقال متوفر على شكل PDF، باقي المعلومات غير متوفرة، ص 393.
[33] محمد زكي أبو عمر، الإجراءات الجنائية، الطبعة 2، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، مصر، سنة 2005، ص 378. أورده المرجع السابق في نفس الصفحة.
[34] «La Plainte est une dénonciation émanant de la victime de l’infraction, elle peut être adressée soit à un officier de police judiciaire, soit même directement au procureur de la république sans être astreinte à des formes déterminées, et elle peut être adressée au juge d’instruction accompagnée d’une constitution de partie civile » Gaston Stefani, Gorges Levasseur, Bernard Bouloc, procédure pénale, précis Dalloz, 16 ême éd. 1996. p 311.
أشار إلي عبد الرحمان خلفي، مرجع سابق، ص: 393.
[35] عبد العالي المصباحي، الشكاية والوشاية، مرجع سابق، نفس تاريخ الاطلاع.
[36] عبد العالي المصباحي، استراحة قانونية – الشكاية والوشاية، مقال متاح عبر الرابط الآتي:
https://www.alouatan24.com/?p=60692
تاريخ الاطلاع 22 مارس 2022 على الساعة 19:30.
[37] انظر المادة 92 من قانون المسطرة الجنائية.
[38] انظر في ذلك المادة 51 من قانون المسطرة الجنائية، وقد كرست المادة 110 من الدستور الجديد هذا المبدأ إذ قضت بما يلي :”يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون، كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها”.
[39] انظر في ذلك المادة 748 و749 من قانون المسطرة الجنائية، حيث إنهما تتحدثان عن هذا النوع من الشكايات وكيفية اجراءها.
[40] عبد العالي المصباحي، استراحة قانونية، مرجع سابق، نفس تاريخ الاطلاع.
[41] الفصل 281 من القانون الجنائي: ” في الحالات المختلفة المنصوص عليها في هذا الفرع (المقصود الفرع 4 في الجنايات والجنح التي يرتكبها ممونو القوات المسلحة الملكية) لا يمكن أن تثار المتابعة إلا بناء على شكاية من وزير الدفاع الوطني”.
[42] الفصل 481 من القانون الجنائي: ” إلى جانب المحاكم المختصة طبقا لقواعد الاختصاص العادية فإن المحكمة التي يقيم بدائرتها الشخص المهمل أو المستحق للنفقة أو المطرود من بيت الزوجية، تختص هي أيضا بالنظر في الدعاوى المرفوعة تنفيذا لمقتضيات الفصول 479 و480 و 1-480.
لا يجوز رفع هذه الدعاوى، إلا بناء على شكاية من الشخص المطرود من بيت الزوجية أو الشخص المهمل أو المستحق للنفقة أو نائبه الشرعي مع الإدلاء بالسند الذي يعتمد عليه، غير أنها ترفع مباشرة من طرف النيابة العامة عندما يكون النائب الشرعي المذكور هو المقترف للجريمة، يجب أن يسبق المتابعة، إعذار المحكوم عليه بالنفقة بأن يقوم بما عليه في ظرف ثلاثين يوما….”.
الفصل 1-481 من القانون الجنائي: ” في الحالات المنصوص عليها في الفصول 479 و480 و1-480 من هذا القانون، فإن تنازل المشتكي عن الشكاية يضع حدا للمتابعة ولآثار المقرر القضائي المكتسب لقوة الشيء المقضي به في حالة صدوره.
تم تعديل الفصل 481 وإضافة الفصل 1-481 بموجب القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.19 بتاريخ 5 جمادى الآخرة 1439 (22 فبراير 2018)؛ الجريدة الرسمية عدد 6655 بتاريخ 23 جمادى الآخرة 1439 (12 مارس 2018)؛ ص 1449.
[43] الفصل 1-2-503 من القانون الجنائي: …… لا تجوز المتابعة إلا بناء على شكاية الشخص المتضرر من الجريمة….”.
تمت تغير عنوان الفرع وإضافة الفصل 1-2-503 أعلاه، بمقتضى المادة 5 من القانون رقم 103.13، السالف الذكر.
[44] الفصل 1-526 من القانون الجنائي: “….. لا تجوز المتابعة إلا بناء على شكاية الزوج المتضرر من الجريمة….”.
تمت إضافة الفصل 1-2-503 أعلاه، بمقتضى المادة 5 من القانون رقم 103.13، السالف الذكر.
[45] انظر الفصل 491 المتعلق بالخيانة الزوجية، و492 المتعلق بالتنازل عن الشكاية المتعلقة بالخيانة الزوجية.
تم تغير هذا الفصل بموجب القانون رقم 24.03 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم1.03.207 بتاريخ 16 من رمضان 1424 (11 نوفمبر 2003)، الجريدة الرسمية عدد 5175 بتاريخ 12 ذو القعدة 1424 (5 يناير 2004)، ص 121.
[46] الفصل 522 من القانون الجنائي: ” من استعمل ناقلة ذات محرك، بغير علم صاحب الحق فيها أو رغم اعتراضه، يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين، ما لم يكون فعله جريمة أشد. ولا تجوز المتابعة إلا بناء على شكوى من أضرت به الجريمة، وتنتهي المتابعة إذا سحبت الشكوى”.
[47] عبد الحليم فؤاد عبد الحليم عبد الحي الفقي، الشكوى والتنازل عنها – دراسة مقارنة، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، قسم القانون الجنائي، سنة 2012، ص 247.
[48] عبد الوهاب حومد، الوسيط في الإجراءات الجزائية الكويتية، الطبعة 4، جامعة الكويت، سنة 1989، ص 89.
[49] أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون المسطرة المدنية الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، الطبعة 7، سنة 1993، ص 414.
[50] مأمون سلامة، الإجراءات الجنائية في التشريع المصري، دار الفكر العربي، مصر، سنة 1988، ص 130.
[51] حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء عدد 10107 بتاريخ 27/10/2009 في الملف رقم 632/2009، متاح عبر الرابط الآتي:
تاريخ الاطلاع 22 مارس 2022 على الساعة 23:46.
[52] فهد إبراهيم اللحيدان، عوارض الخصومة – التنازل عن الدعوى – الصلح، بحث نهاية التكوين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المعهد العالي للقضاء، السعودية، الموسم 1434-1435 هجري، متاح عبر الرابط الآتي:
https://qawaneen.blogspot.com/2020/05/Waiver-of-the-lawsuit—conciliation.html
تاريخ الاطلاع 23 مارس 2022 على الساعة 00:18.
[53] عبد الحليم فؤاد عبد الحليم عبد الحي الفقي، مرجع سابق، ص 253.
[54] المرجع السابق، نفس الصفحة.
[55] فهد إبراهيم اللحيدان، مرجع سابق، نفس تاريخ الاطلاع.
[56] المرجع السابق.
[57] سليمة فراجي، لما يؤدي تنازل المجني عليهم عن الشكاية الى انقضاء المتابعة وسقوط الدعوى العمومية، متاح عبر الرابط الآتي:
تاريخ الاطلاع 23 مرس 2022 على الساعة 01:21.
[58] المادة 20 من مدونة الأسرة: “لقاضي الأسرة المكلف بالزواج، أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه في المادة 19 أعلاه، بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي.
مقرر الاستجابة لطلب الإذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن.”
القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.04.22 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 (3 فبراير 2004)؛ الجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ في 14 ذو الحجة 1424 (5 فبراير 2004)، ص 418.
[59] سليمة فراجي، مرجع سابق، نفس تاريخ الاطلاع.
[60] المرجع السابق، نفس تاريخ الاطلاع.