تعويض الأجير المصاب بفيروس كورونا المستجد بفعل عمله وفق التشريع المغربي – احلي محمد
تعويض الأجير المصاب بفيروس كورونا المستجد بفعل عمله وفق التشريع المغربي
من اعداد الباحث “احلي محمد” باحث بسلك ماستر القانون المدني الاقتصادي بكلية الحقوق السويسي-الرباط
يعيش العالم ووطننا الغالي حاليا بعض الاحداث والأوضاع غير المسبوقة في ظل انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، وما ترتب عن انتشاره من اضرار وخسائر بشرية ومالية… وأثرها الكبير على الاقتصاد نتيجة تجميد عدد كبير من الأنشطة المهمة في مختلف المجالات، بفعل اتخاد بعض التدابير الاحترازية التي اقرتها السلطات المختصة في إطار الحجر الصحي لتجنب بقدر الإمكان الاثار الأكثر خطورة اذا ما قدر الله انتشار هذه الجائحة.
من بين هذه التدابير التي تم اتخادها حظر وتوقيف مجموعة من الانشطة من بينها أنشطة بعض المقاولات، في حين مقاولات أخرى استمرت في العمل مع التزامها ببعض التدابير لمنع انتشار المرض بين العمال اثناء القيام بعملهم.
لكن بالرغم من أخد تلك الاحتياطات والتدابير، فلسبب او لأخر يمكن ان يجد الأجير نفسه قد انتقلت اليه العدوى بإصابته بفيروس كورونا المستجد، سواء اثناء القيام بمعمله او بمناسبة القيام به، وتحت اشراف ورقابة مشغله او اثناء الذهاب والإياب من المنزل الى مقر العمل او العكس.
مما يطرح التساؤل، حول الطبيعة القانونية لإصابة الأجير بفيروس كورونا والطرق التي يجب عليه وعلى دوي حقوقه في حالة وفاته بالمرض المذكور اتباعها من اجل الحصول على تعويض وفق ما تتيحه قوانين الحماية الاجتماعية وغيرها من القوانين الواجبة التطبيق في هذه الحالات.
لكن التعويض الدي يمكن للأجير ان يطالب به، فهو يختلف بحسب ما تعلق الامر بحادث شغل او حادثة طريق او مرض مهني او غير مهني. ومدى اعتبار إصابة الأجير بفيروس كورونا بانها حادثة شغل او حادثة طريق او مرض مهني يترتب عنها الاثار القانونية وفق القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل (1)، وفي حالة عدم إمكانية ذلك مدى اعتبار إصابة الأجير بكورونا كونها مرض عادي غير مهني تمكن الأجير او دوي حقوقه في حالة وفاته بالتقدم بطلب الى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وفق ظهير 1972 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي (2) للمطالبة بالتعويض عن المرض عند توفره على شروط التعويض المذكور.
وفي جميع الأحوال، عند عدم إمكانية كل ذلك فهل من مجال لإعمال وتطبيق القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية وفق مقتضيات ظهير الالتزامات والعقود.
من خلال ما سبق، يتضح ان هذا الموضوع يثر إشكالية أساسية تتمثل في تحديد أساس وطبيعة تعويض الأجير نتيجة اصابته بفيروس كورونا المستجد اثناء قيامه بعمله تحت اشراف ورقابة مشغله، او بمناسبته عند الذهاب او الإياب من مقر العمل الى المنزل او العكس، ومدى إمكانية تعويض دوي حقوق الأجير في حالة وفاته بسبب اصابته بفيروس كورونا المستجد؟
للإجابة عن هذه الإشكالية سنقسم هذا البحث الى شقين: الشق الأول سنحدد فيه الطرق الممكنة لتعويض الأجير الدي اصيب بفيروس كورونا المستجد وفق قوانين الحماية الاجتماعية “الفقرة الأولى”. اما الشق الثاني، سنخصصه لإمكانية تعويض الأجير المصاب بفيروس كورونا المستجد وفق القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية في ظل ظهير الالتزامات والعقود “الفقرة الثاني”.
الفقرة الاولى: التعويض عن اصابة الأجير بفيروس كورونا المستجد وفق قوانين الحماية الاجتماعية
ان الأجير في العديد من الأحيان يكون معرض لمجموعة من المخاطر، إما اثناء القيام بعمله وتحت رقابة مشغله او بمناسبته، لكن الخطر الأكبر الذي يحيط بالإنسانية جمعاء وخاصة الاجراء في القطاع الخاص، هو انتقال العدوى لهذه الفئة وإصابتها بفيروس كورونا المستجد، على اعتبار ان العديد من الوحدات التجارية والصناعية لم توقف أنشطتها بسبب التدابير التي اتخذتها السلطات المختصة لإنجاح الحجر الصحي والحد من انتشار هذه الجائحة. مما يجعل إمكانية إصابة الأجير بالفيروس المذكور احتمال وارد التحقق في أي وقت، وهذا ما شهدته بلادنا في الآونة الأخير بعد اكتشاف مجموعة من البؤر في عدد من المدن المغربية كالدار البيطاء ومراكش وطنجة وغيرها، ليطرح التساؤل حول التكييف القانوني لإصابة الأجير بالفيروس كورونا المستجد؟ واساس حصوله على تعويض نتيجة ما أصابه من اضرار؟ وهل يمكن اعتبار هذه الإصابة بانها حادثة شغل او الحادثة طريق؟ “أولا” او انها مرض مهني؟ “ثانيا” ام يمكن اعتبارها مرض غير مهني؟ “ثالثا”، كلها تساؤلات ستكون محل نقاش في صلب الموضوع من اجل إعطاء أجوبة عنها.
أولا: مدى اعتبار إصابة الأجير بفيروس كورونا حادثة شغل او حادثة طريق
قليلة هي التشريعات التي عملت على تحديد تعريف لحادثة الشغل، على غرار المشرع الفرنسي، فالمشرع المغربي لم يعطي تعريف لها وانما اكتفى فقط بالإشارة الى نطاقها وذكر بعض أسبابها سواء في الفصل 3 من ظهير 1963 المنسوخ والماد 3 من قانون 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل.
تنص المادة 3 من القانون المذكور على ما يلي ” تعتبر حادثة شغل كل حادثة، كيفما كان سببها يترتب عنها ضرر، للمستفيد من أحكام هذا القانون، سواء كان أجيرا أو يعمل بأية صفة تبعية كانت وفي أي محل كان إما لحساب مشغل واحد أو عدة مشغلين، وذلك بمناسبة أو بسبب الشغل أو عند القيام به، ولو كانت هذه الحادثة ناتجة عن قوة قاهرة أو كانت ظروف الشغل قد تسببت في مفعول هذه القوة أو زادت في خطورتها إلا إذا أثبت المشغل أو مؤمنه طبقا للقواعد العامة للقانون أن مرض المصاب كان سببا مباشرا في وقوع الحادثة.
ويقصد بالضرر في مفهوم هذا القانون كل إصابة جسدية أو نفسية تسببت فيها حادثة الشغل وأسفرت عن عجز جزئي أو كلي، مؤقت أو دائم، للمستفيد من أحكامه.”
ومن بين اهم التعاريف الفقهية (3) التي تم إعطائها لحادثة الشغل بأنها “ما يصيب جسم الأجير بشكل خارجي وعنيف”.
من خلال المادة 3 من قانون 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل نجد ان المشرع قد عمل على تحديد بعض العناصر حتى نتمكن من القول بأن ما أصاب الأجير من اضرار تكيف بأنها حادثة شغل وهذه العناصر هي:
- وقوع حادثة كيف ما كان سببها حتى ولو كانت راجعة الى قوة قاهرة .
- وجود علاقة سببية بين الحادثة والضرر التي لحق الأجير.
- خضوع الأجير لتبعية مشغله اثناء الحادثة والا كنا اما حادثة طريق.
ادن حتى يمكننا الحديث عن حادثة شغل لابد من توفر هذه العناصر التي اشرنا اليها أعلاه، الشيء الذي يدفعنا الى اعتبار ان إصابة الأجير بفيروس كورونا المستجد اثناء القيام بعمله لا يمكن اعتبارها حادثة شغل، مما يجعلنا نبحث عن أساس وتكييف اخر لتلك الإصابة.
فاذا كان من السهل اثبات وجود العلاقة التبعية وبشكل نسبي لا مطلق العلاقة السببية، فمن الصعب القول ان انتقال العدوى-أي عدوى فيروس كورونا- للأجير انها حادثة شغل وذلك للأسباب التالية:
فمن جهة أولى لانعدام وجود حادثة مادام ان الاصابة بفيروس كورونا تتم عن طريق انتقال العدوى الى الأجير من شخص اخر من خلال التصافح او لمس اشياء معينة … ومن جهة أخرى ان حادثة الشغل تعتبر حدثا مباغتا ومفاجئا ويعرف وقت ومكان حدوثه وكذا الضرر المترتب عنه فور حصول الإصابة للأجير، الامر الذي لا يمكن تصوره بالنسبة للأجير الدي اصيب بهذا الفيروس، اذ لا يمكن معرفة الوقت التي انتقلت اليه العدوى ومكان ورمان اصابته بل من الصعب القول انه قد انتقلت اليه العدوى اثناء قيامه بعمله وتحت رقابة مشغله ، اضافة الى ذلك، فما يجعل الامر اصعب هو ان اعراض الإصابة بهذا الفيروس لا تظهر في الحين، بل بعد مرور مدة معينة تختلف من حالة لأخرى، كما هناك حالات تأكد اصابتها دون ان تظهر عليها الاعراض المعروفة حتا يمكن القول ان الأجير أصيب بفيروس كورونا وهو يقوم بعمله مما يجعلنا نستبعد اعتبار اصابة الأجير بفيروس كورونا انها حادثة شغل .
ونفس الامر بالنسبة للحالة التي يصيب فيها الأجير بالفيروس وهو في طريقه الى مقر العمل ذهابا او إيابا. فلا يمكن اعتبار اصابته في هذه الحالة بانها حادثة طريق لنفس الأسباب التي اشرنا اليها سابقا بصدد الحديث عن حادثة الشغل، خاصة اد لم يكن الأجير قد اتخذ كافة التدابير الاحتياطية اللازمة لتجنب الإصابة بالفيروس، فضلا على صعوبة التأكد من ان اصابته بالفيروس كانت فعلا نتيجة ذهابه الى مقر العمل او بعد انتهاء من عمله عائدا الى منزله، هذا من ماحية، ومن ناحية اخرى لصعوبة معرفة وتحديد وقت ومكان انتقال العدوى اليه .
ثانيا: إصابة الأجير بفيروس كورونا المستجد نتيجة قيامه بعمله مرضا مهنيا
يعتبر مفهوم المرض المهني من أكثر المفاهيم صعوبة في تحديد تعريف له، على اعتبار انه من الصعب من الناحية الطبية وضع حدود فاصلة بين المرض المهني والمرض العادي، لمجموعة من العوامل (4).
المشرع المغربي لم يعطي تعريف للمرض المهني واكتفى في المادة 11 من قانون 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل والامراض المهنية على ما يلي ” وتطبق أيضا أحكام هذا القانون على الأجراء والمستخدمين المصابين بأمراض مهنية طبقا للشروط المحددة في النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالأمراض المهنية”.
فالأمراض المهنية، “هي الامراض والالتهابات التي هي نتيجة تعفن الجراثيم وكذا الامراض المبينة في قرار السيد وزير الشغل والشؤون الاقتصادية بعد استشارة وزارة الصحة”(5).
كما قام المشرع بإبراز عدد من الامراض المعتبرة مهنية وفق الفصل 2 من ظهير1943 كما تم تعديله وتغييره (6)، اذ نص المشرع في الفصل المذكور بأنه ” تعتبر كأمراض مهنية حسب معنى ظهيرنا الشريف هذا كل العلل المؤلمة والامراض المتسببة عن الجراثيم التعفنية وكذا الامراض المبينة في قرار وزير الشغل والشؤون الاجتماعية المتخذة بعد استشارة وزير الصحة العمومية والعائلة، ويشمل هذا القرار جداول يبين فيها بدقة ووضوح ما يلي: …. ”
وهذه الامراض تصنف الى ثلاث أصناف، امراض التسمم المزمنة او الحادة والالتهابات الميكروبية ثم الامراض الناجمة عن المحيط او الوسط الذي يوجد فيه الأجير.
كما ينص الفصل 9 من ظهير الشريف 31 مايو 1943 والمعدل بالظهير الشريف 18 أكتوبر 1945 والظهير الشريف 16 اكتوبر 1947 والظهير الشريف 29 شتنبر 1952 والظهير الشريف 18 ماي 1957، بانه ينبغي على كل طبيب مزاول لمهنة الطب ان يقدم تصريحا بالمرض المهني او المعنون انه مهني الذي شاهده في أحد العمال سواء كان ذلك المرض مبينا او غبر مبين في الجدول المعنية بمقتضى قرار وزير الشغل، ويشير الطبيب في التصريح إشارة دقيقة الى نوع المادة التي سببته ومهنة المصاب به.
يقدم التصريح الى السلطات البلدية او السلطات المراقبة المحلية وهي التي ترسله الى السيد وزير التشغيل.
على كل عامل أصيب بمرض مهني ان يقدموا تصريحا بذلك في ظرف الخمسة عشر يوما الموالية لتاريخ الكف عن العمل، ويقدم التصريح الى السلطات البلدية او سلطة المراقبة المحلية للمكان الموجود فيه المؤسسة التي قام المريض لاشتغال من شأنها ان يكون قد سبب لهم حدوث المرض….”
وحتى نقول ان المرض هو مرض مهني لابد من توفر بعض الشروط التي نص عليها المشرع قانونا، وبالرجوع الى ظهير 31 ماي 1943 كما تم تغييره وتعديله فيجب على الأجير المصاب بالمرض:
- ان يثبت انه مصاب بمرض مهني وذلك بشهادة طبية يسلمها له الطبيب المعالج.
- كما يجب على الأجير او دوي حقوقه التصريح بالمرض المهني لدى الجهات المختصة.
- ان يثبت انه عمل بانتظام في الشغل او الاشتغال التي حددها المشرع كأسباب لهذا المرض او في الاعمال التي يمكن ان تؤدي الى ظهوره (7).
- ان يرفع الأجير المصاب دعواه خلال المدة التي يبقى فيها المشغل مسؤولا عن تلك الامراض.
فمتى تحققت الشروط المشار اليها أعلاه يكون المرض مهنيا يخضع لظهير 18.12 المعلق بالتعويض عن حوادث الشغل وبالتالي يمكن للأجير المصاب او لدوي حقوقه المطالبة بالتعويض او الايراد بحسب الأحوال، لكن التساؤل المطروح هو هل الأجير الدي أصيب بفيروس كورونا يعتبر مرضا مهنيا؟
ففي هذا الإطار هناك من الفقه من ذهب الى اعتبار ان فيروس كورونا الذي يصيب الجهاز التنفسي لا يعد مرضا مهنيا، اللهم فيما يتعلق بالأعمال المنجزة من قبل الاعوان الطبيين او مماثليهم في المختبر او مصلحة الصيانة او المصالح الاجتماعية، والتي يترتب عنها إصابة هؤلاء بالفيروس المذكور “(8).
لكن من وجهة نظرنا المتواضع نذهب بخلاف الرأي المذكور، مادام ان شروط المرض المهني متوفرة في حالة الأجير الدي أصيب بالفيروس المذكور، مادام ان الامراض الوارد تعدادها في اللوائح الملحقة بظهير 31 ماي 1943 ليست على سبيل الحصر وانما فقط على سبيل المثال.
وما يؤكد موقفنا هذا، ففي الآونة الأخيرة قد استقرت اجتهادات محكمة النقض بإن الامراض المذكورة في الجداول الصادرة بموجب قرارات وزارة واردة على سبيل المثال وليس الحصر ومن ذلك:
قرار محكمة النقض عدد 318 الصادر بتاريخ 25 ابريل 2000 في الملف الاجتماعي عدد 456 /5/1/1999، الذي جاء في بعض حيثياته:
“لكن حيث ان الامراض موضوع ظهير 31/05/1943 وقرار 20/05/1967 انما هي واردة على سبيل الارشاد، وعلى الطبيب المزاول لمهنة الطب ان يقدم تصريحا بالمرض المهني او المضمون انه كذلك الدي شاهده في أحد العمال، سواء كان ذلك المرض مبينا او غير مبينا في الجداول.
وحيث انه وان كان مرض عرق النسا المصاب به المطلوب في النقض غير وارد في جداول الامراض المهنية، فإن ذلك لا يمنعه من اثبات العلاقة السببية بين ذلك المرض والعمل الذي يقوم به.
والقرار المطعون فيه عندما خلص الى ان “مرض عرق النسا” المصاب به المطلوب في النقض هو مرض مهني بالنظر الى الوسط الذي يعمل فيه كسائق لشاحنات مشتغلته طالبة النقض لمسافات طويلة ولعدة سنوات. واعتمد على التقارير الطبية المنجزة، والتي اكدت بأن ذلك المرض له علاقة مباشرة بعمله كسائق. ورتب على ذلك الأثر القانوني، يكون مرتكزا على أساس وغير خارق للمقتضى القانوني المثار، وتبقى الوسيلة المستدل بها غير جديرة بالاعتبار”(9).
وكذا قرار عدد 453 الصادر بتاريخ 21 شتنبر 1987، اذ جاء في احدى حيثياته:
“لكن ان الامراض المهنية موضوع ظهير 31/5/1943 وقرار 20 ماي 1967 ليست مذكورة على سبيل الحصر بل على سبيل الارشاد وان على الطبيب المزاول لمهنة الطب ان يقدم تصريحا بالمرض المهني او المظنون انه كذلك الذي شاهده في احدى العمال سواء كان ذلك المرض مبينا او غير مبين في الجدول”(10).
وبالتالي متى اثبت الأجير المصاب بالفيروس ان اصابته كانت نتيجة قيامه بعمله يمكنه ان يطالب بحقه في التعويض والاستفادة من مقتضيات القانون رقم 18.12 المتعلق بحوادث الشغل
ومتى تعدر عليه ذلك أي ان الإصابة بالفيروس المذكور لم تتم نتيجة القيام بعمله وتحت رقابة مشغله فيكون ذلك المرض مرضا عاديا يمكنه من الاستفادة من التعويض عن المرض عند توفر شروط هذا التعويض وفق المواد 32 و 33 من ظهير 1972 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي.
ثالثا: إمكانية التعويض عن إصابة الأجير بفيروس كورونا كونه مرضا عاديا وفق نظام الضمان الاجتماعي
كما أكدنا سابقا، متى تعدر على الأجير اثبات ان اصابته بفيروس كورونا كانت نتيجة قيامه بالعمل تحت رقابة مشغله، اعتبر حين ادن ان المرض عادي وغير مهني لانعدام احد اهم شروط المرض المهني. لكن هذا لا يعني ان الأجير لن يستفيد من أي تعويض عن الضرر الدي لحق به من جراء مرضه بالفيروس، بل هناك امكانية للحصول على تعويض عن المرض غير المهني من خلال تقديم طلب للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من اجل ذلك، وفق المواد 32 و 33 من ظهير 1972 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي.
بالرجوع الى المواد أعلاه نجد المشرع حدد مجموعة من الشروط للاستفادة من التعويض عن المرض غير المهني، وهذه الشروط تتمثل في:
- ان يؤدي المرض او الحادث الى إصابة الأجير بعجز بدني يمنعه من استئناف عمله، الا ان هذا المقتضى يثير اشكال على اعتبار ان المشرع أشار فقط الى العجز البدني ليطرح التساؤل حول مدى استفادة الأجير من هذا التعويض اذ تعرض لمرض نفسي او عقلي؟ وفي هذا الاطار نؤيد بعض الفقه (11) الدي دهب الى اقتراح تعديل الفصل المذكور واستبدال عبارة العجز البدني بالعجز الصحي .
- ان يكون الأجير قد أدى واجب الاشتراك عن 54 يوم متصلة او غير متصلة خلال 6 أشهر من الاشتراك المدنية السابقة لحصول العجز.
- عدم إمكانية الأجير المطالبة من جديد بالتعويض الا بعد ان تنقضي على استئنافه لعمله مدة لا تقل عن ستة أيام متصلة او غير متصلة مدفوعة عنها الاشتراك.
- اذ كان العجز ناتج عن حادثة اعترف للمصاب بالحق في التعويضات اليومية دون مراعاة شرط التمرين على ان يكون التأمين قد فرض عليه في تاريخ وقوع الحادثة.
- ان يقوم الأجير المأمن له تحت طائلة إيقاف صرف التعويضات ان يوجه خلال الثلاثين يوما التالية لانقطاعه عن العمل او تمديد التوقف عنه الى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مالم تحول دون ذلك قوة قاهرة اعلاما بانقطاعه عن العمل يوقعه الطبيب المعالج والمشغل على المطبوع يحدد نموذج المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
- يجب إيداع طلب الاستفادة من التعويض المذكور داخل اجل 6 اشهر ابتداء من تاريخ التوقف عن العمل.
عند توفر هذه الشروط يثبت للأجير المأمن له الحصول على التعويض اليومي عن المرض ابتداء من اليوم الأول للعجز(12) .
كما عمل المشرع في المادة 34 من ظهير 1972 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي على تحديد مدة أداء التعويضات عن المرض او الحادث، وذلك يتم ابتداء من اليوم الرابع طوال 52 أسبوع على الأكثر خلال 24 اشهر المتتابعة التي تلي بداية العجز ويستحق عن كل يوم عطلة .
- بالنسبة للتعويضات المستحقة للمؤمن له عن العجز الناتج عن المرض فقد تم تحديد بموجب المادة 35 من نفس القانون مبلغ هذه التعويضات في ثلثي الاجر اليومي المعمول به يوم الانقطاع عن العمل أي الاجر اليومي المتوسط الخاضع للاشتراك والمقبوض خلال 6 اشهر السابقة لابتداء العجز ولا يمكن ان يقل هذا التعويض عن ثلثي الحد الأدنى القانوني للأجور.
- اما بالنسبة لمبلغ التعويضات المستحقة للمؤمن له على العجز الناتج عن الحادث فإن المشرع في المادة 35 من ظهير 1972 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي في الفقرة الأخيرة نص بانه ” اذا تعلق الامر بعجز ناتج عن حادثة، وكانت مدة التأمين المتوفرة للمصاب تقل عن ثلاثة اشهر في حالة العجز الأول، او عن شهر في حالات العجز الطارئة بعد العجز الأول، فإن الاجر اليومي المتوسط المتخذ أساسا لحساب التعويض اليومي يكون مساويا في كلتا الحالتين لناتج قسمة مبلغ الأجور الخاضعة للاشتراك التي قبضها المؤمن له خلال مدة من التأمين على عدد الأيام التي اشتغل فيها فعلا اثناء تلك المدة”.
وإذا ترتب عن إصابة الأجير بفيروس كورونا وفاته يمكن لدوي حقوقه ان يتقدموا بطلب الى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للحصول على حقهم في التعويض عن الوفاة وفق 34 من ظهير 1972 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي، وذلك متى توفرت الشروط التي تم التنصيص عليها في المادة المذكورة التي جاء فيها بأنه “تمنح اعانة في حالة وفاة مؤمن له كان يستفيد من تعويضات يومية او من تعويض عن فقدان الشغل او كانت تتوفر فيه الشروط المطلوبة لاكتساب الحق فيها او في حالة وفاة مستفيد من راتب عن الزمانة او الشيخوخة….”.
وما تجب الإشارة اليه ان هذا التعويض لا يمنح لأي شخص ينسب الى اسرة الأجير وانما يجب ان يكون الشخص المستفيد من الأشخاص الذي حددهم المشرع في الفصل 45 من ظهير 1972 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي، وبالتالي فهذا التعويض يؤدى حسب الترتيب الاتي للأشخاص الذين كان المؤمن له (الأجير) يتكفل بهم بالفعل عند وفاته وهم:
- الزوج المتوفى عنه او الزوجات.
- الفروع عند عدم الزوج.
- الأصول عند عدم الفروع.
- الاخوة او الاخوات عند عدم الأصول.
وفي جميع الأحوال، لسبب او لأخر متى لم يتمكن الأجير او دوي حقوق في حالة وفاته من الاستفادة من التعويض نتيجة اصابته بفيروس كورونا المستجد، فهناك إمكانية كبير ومهمة لتطبيق القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية وفق ظهير الالتزامات والعقود التي تمكنه من الحصول على تعويض من جراء ما أصابه من اضرار، والتي ستكون محل دراسة في الشق الثاني من هذا المقال.
الفقرة الثانية: تعويض الأجير المصاب بفيروس كورونا المستجد وفق القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية
اذا تعدر على الأجير الحصول على تعويض عن الضرر الدي أصابه نتيجة اصابته بفيروس كورونا وفق ما اشرنا اليه في الشق الأول من هذا البحث، فحق الأجير لا يضيع مادام هناك طرق أخرى للحصول على تعويض عن ما أصابه من اضرار، وذلك وفق ما تتيحه القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية في ضوء ظهير الالتزامات والعقود، سواء بإثارة المسؤولية الشخصية للمشغل عن اخطائه المتسببة في ذلك “أولا”، او اثارة مسؤوليته باعتباره متبوعا مسؤولا عن أخطاء تابعه اد تبث ان هذا الأجير كان السبب في نقل العدوى اليه اثناء العمل وتحت رقابة مشغلهما” ثانيا”، او باعتباره حارسا للمعدات والآلات اللازمة التي يستعملها الأجير للقيام بعمله والتي كانت سبب في نقل العدوى الى الأجير بناء على قواعد مسؤولية حارس الاشياء عن الاضرار التي تسببها للغير “ثالثا”.
أولا: مسؤولية المشغل الشخصية عن اخطائه المتسببة في إصابة الأجير بفيروس كورونا
لسبب او لأخر قد يتم تكييف إصابة الأجير بفيروس كورونا المستجد بانها مرض غير مهني مما يدفع مسؤولية المشغل عن ما أصاب الأجير من ضرر بسبب مرضه نتيجة قيامه بعمله، وبالتالي استبعاد تطبيق مقتضيات قانون رقم 12.18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، لكن هذا لا يمنع الأجير من سلوك ما تتيحه له القواعد العامة للمسؤولية المدنية وعلى الخصوص مسؤولية المشغل التقصيرية عن اخطائه المتسببة في إصابة الأجير بفيروس كورونا وفق الفصول 77 و 78 من ظهير الالتزامات والعقود.
واثارة مسؤولية المشغل وفق الفصول 77 و 78 من القانون المذكور لابد من توفر عناصر المسؤولية التقصيرية المعروفة من حطأ وضرر وعلاقة سببية.
على خلاف عنصر الضرر والعلاقة السبية التي يمكن وبسهولة اقامة الدليل عليهما، فإن الامر على خلاف ذلك بالنسبة لعنصر الخطأ، اذ من الصعب اثباته من قبل الأجير خاصة في حالة انعدام الشهود الدين عاينوا الخطأ التقصيري الدي قام به المشغل او لعدم كفاية الأدلة او انعدامها(13).
لكن في المقابل، فبالرجوع الى قانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل(14) نجد المشرع قد اقر مجموعة من الالتزامات على عاتق المشغل خاصة ما يتعلق باتخاذه لبعض التدابير اللازمة لحماية سلامة الاجراء وصحتهم بموجب الفقرة الأولى من المادة 24 من مدونة الشغل او عدم السهر على نظافة أماكن الشغل او عدم الحرص على توفير شروط الوقاية الصحية (15) بموجب المادة 281 من مدونة الشغل، او عدم عرض الاجراء على الفحص الطبي طبقا للمادة 290 (16) من مدونة الشغل …،و اكثر من ذلك فهذه المقتضيات التي تتضمن تلك الالتزامات على عاتق المشغل تعتبر من النظام العام(17)، مما يجعل عدم احترام تلك الالتزامات التي ترتب عنها إصابة الأجير بفيروس كورونا كافية للقول بوجود خطأ تقصيري من جانب المشغل يجعل مسؤوليته قائمة في هذا الاطار، ليلتزم بأداء التعويضات المستحقة للأجير المتضرر او لدوي حقوقه عن وفاته، كل ذلك دون ان ننسى إمكانية دفع هذه المسؤولية من قبل المشغل بإثبات السبب الأجنبي من خلال اثبات ان الضرر الحاصل تم نتيجة قوة قاهرة او حادث فجائي او نتيجة خطأ المضرور نفسه أي الأجير المصاب .
ثانيا: مسؤولية المتبوع عن الفعل التابع المتسبب في إصابة الأجير بفيروس كورونا المستجد
تعتبر مسؤولية المتبوع عن فعل التابع احد اهم مظاهر المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير بالنظر الى الاحكام المستقلة والخاصة بها في مختلف التشريعات بما فيها التشريع المغربي، التي في مجملها في صالح المضرور بالظر الى أساس هذه المسؤولية التي تقوم على الخطأ المفترض غير القابل لإثبات العكس ولا يمكن التخلص او دفع هذه المسؤولية الا بإثبات السبب الأجنبي (18).
المشرع المغربي قد نظم هذه المسؤولية بموجب الفقرة الثالثة من الفصل 85 من ظهير الالتزامات والعقود، اذ جاء في هذه المادة ” المخدومون ومن يكلفون غيرهم برعاية مصالحهم يسألون عن الضرر الذي يحدثه خدامهم ومأمورهم في أداء الوظائف التي شغلوهم فيها “.
فمتى تحققت شروط مسؤولية المتبوع عن فعل التابع يكون ملزم بتحمل اثار هذه المسؤولية بالالتزام بأداء التعويض المستحق للمتضرر، من اجل جبر الضرر الذي لحق به. وشروط هذه المسؤولية ثلاثة : ان يكون المتبوع مرتبط بخدمه بمقتضى علاقة تبعية قانونية او اقتصادية وان يتسبب التابع في ارتكاب الفعل الضار اثناء تنفيذه للمهام المسندة اليه او بسببها وان يترتب عن هذا الفعل ضرر للغير(19).
ادن متى تأكد اصابة الأجير بفيروس كورنا المستجد وهو يقوم بعمله تحت رقابة مشغله ،وذلك نتيجة انتقال العدوى اليه عن طريق اجير اخر معه في نفس العمل وتحت تبعية مشغله، فيحق لهذا الأجير المتضرر او ذوي حقوقه في حالة ما ترتب عن ذلك وفاته مطالبة المتبوع عن فعل تابعه الضار الدي يتجلى في تسببه لنقل العدوى الى الأجير المتضرر. ولا يمكن للمسؤول دفع هذه المسؤولية مادام شروط قيامها متوفر الا بإثبات السبب الأجنبي كالقوة القاهرة والحادث الفجائي، او ان الضرر الحاصل جاء نتيجة لخطأ المضرور كإثبات انه لم يتخذ التدابير اللازمة التي ينصح بها لتفادي انتقال العدوى، كعدم ارتدائه للكمامة او انه لم يحترم مسافة متر الواحد اللازمة بينه وبين الأجير الذي نقل العدوى اليه مثلا.
ثالثا: مسؤولية المشغل كونه حارسا للأشياء اللازمة لقيام الأجير بعمله المتسببة في اصابته بفيروس كورونا المستجد
لقد تم تنظيم هذا النوع من المسؤولية من قبل المشرع المغربي في الفصل 88 من ظهير الالتزامات والعقود الذي جاء فيه بأن “كل شخص يسأل عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في حراسته، اذ تبين ان هذه الأشياء هي السبب المباشر للضرر، وذلك مالم يثبت:
- انه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر.
- وان الضرر يرجع اما لحادث فجائي، او قوة قاهرة، او لخطأ المضرور”.
فأساس هذه المسؤولية تقوم على قرينة افتراض الخطأ من جانب حارس الشيء، وهذه القرينة لا تنتفي الا بإثبات السبب الأجنبي. ومرد ذلك، من جهة، أولى فإن التطور الدي شهده مجال الصناعة من خلال اتساع نطاق استعمال الآلات التي قد تكون خطيرة بطبيعتها، وما قد يترتب عنها من اضرار نتيجة استخدامها. ومن جهة ثانية من الصعب على المتضرر اثبات الخطأ من جانب مشغله بل قد يتعذر عليه ذلك في بعض الأحيان(20).
حتى تقوم هذه المسؤولية لابد من توفر بعض الشروط التي نستشفها من مقتضيات الفصل 88 من ظهير الالتزامات والعقود والمتمثلة (21) في:
- ان يتعلق الامر بشيء بالمعنى المنصوص عليه في الفصل المذكور أعلاه.
- ان يتسبب هذا الشيء في إلحاق ضرر بالغير.
- ان يكون لهذا الشيء حارس قانوني يسأل عنه مدنيا.
وبما ان الأجير الدي تربطه علاقة شغل بمشغله ويقوم بعمله تحت رقابته واشرافه وباستخدام الآلات والمعدات والاشياء الأخرى اللازمة لقيامه بذلك، فيمكن ان يترتب عن لمسه لتلك الآلات والمعدات انتقال العدوى اليه واصابته بفيروس كورونا المستجد، مما يعطي للأجير المتضرر او لذوي حقوقه في حالة وفاته الحق في رفع دعوى المسؤولية ضد المشغل باعتباره حارسا لتلك المعدات والآلات التي تدخل في مفهوم الشيء(22) المنصوص عليه في الفصل 88 من ظهير الالتزامات والعقود .
لكن في مقابل ذلك، يمكن للمشغل ان يدفع هذه المسؤولية بإثبات انه قام بكافة التدابير وتوفير شروط السلامة الصحية اللازمة لمنع إصابة الاجراء بفيروس كورونا المستجد وانتشاره في مقر العمل، و اثبات ان الضرر جاء نتيجة خطأ للمضرور كنقله للعدوى من مكان اخر وليس نتيجة استعماله للآلات والمعدات المخصصة واللازمة للقيام بعمله(23).
في ختام هذا البحث، نخلص بأن إصابة الأجير بفيروس كورونا المستجد نتيجة القيام بعمله او بمناسبته، قد يثير العديد من الإشكالات من الناحية القانونية خاصة من حيت التعويض واساس هذا الأخير. اذ بعد هذه الدراسة المتواضعة لهذا الموضوع، يتضح انه لا يمكن اعتبار إصابة الأجير بفيروس كورونا نتيجة ممارسته لمهامه في العمل بأنها حادثة شغل، كما لا يمكن اعتبارها بمثابة حادثة طريق عندما يصاب الأجير بفيروس كورونا المستجد بمناسبة الذهاب الى مقر عمله او العودة منه. الا انه في مقابل ذلك فإصابته هذه تعتبر مرضا مهنيا، مادام ان المشرع لم يعدد الامراض المهنية على سبيل الحصر وانما فقط على سبيل الإرشاد والمثال، وهذا ما أكدته محكمة النقض في اخر القرارات الصادر عنها كما بيناه في صلب الموضوع اعلاه، لكن مع ذلك يبقى للقضاء الدور من اجل الحسم حول اعتبار إصابة الأجير بفيروس كورونا المستجد عند قيامه بمهامه او بمناسبته مرضا مهنيا ام لا.
عموما، حتى ولو افترضنا عدم اعتباره مرضا مهنيا وانه مرضا عاديا، فهذا لا يمنع الأجير من الحصول على تعويض سواء من خلال تقديم طلب للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي او رفع دعوى المسؤولية وفق القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية وفق مسؤولية المشغل عن اخطائه المتسببة في نقل الفيروس الى الأجير(الفصل77-78 من ق.ل.ع)، او وفق مسؤولية المتبوع عن الفعل التابع عندما يتسبب اجير تحت رقابة المشغل في نقل العدوى لأجير اخر عند قيامهم بعملهم (الفقرة 3 من الفصل 85 من ق.ل.ع)، او وفق مسؤولية المشغل باعتباره حارسا للأشياء التي يستعملها الأجير لممارسة مهامه التي كانت سبب في نقل العدوى اليه (الفصل88 ق.ل.ع).
بناء على ما سبق واغناء لهذا البحث المتواضع نقترح ما يلي:
- يجب على المشرع ان يتدخل بمقتضيات زجرية اقصى من تلك الموجود في مدونة الشغل، او تشديد عقوباتها لإرغام المقاولات على احترامها بشكل اكبر واتخادها بالجدية اللازمة جدية.
- يجب على السلطات المختصة ان تتشدد في احترام التدابير اللازمة بشكل أكبر صرامة داخل الوحدات التجارية والصناعية.
- يجب تفعيل وتقوية الدور الرقابي لمفتشية الشغل وتعزيزها بكفاءات بشرية إضافية، حتى نتمكن من تشديد الدور الرقابي لهذا الجهاز مع العلم ان عدد مفتشي الشغل في المغرب لا يتجاوز 317 مفتش في المغرب بأكمل.
- توقيف بعض الوحدات الصناعية والتجارية غير الأساسية او توقيف بعض اجرائها مؤقتا، او ان يتم القيام بعملهم بالتناوب لمنع انتشار هذه الجائحة للحد من البؤر التي يتم اكتشافها مؤخرا.
المراجع المعتمدة
- الحاج الكوري، قانون الضمان الاجتماعي دراسة تحليلية ونقدية، مكتبة دار السلام، الرباط، الطبعة الأولى 2001.
- امال جلال، مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل والامراض المهنية في التشريع المغربي، مطبعة النجاح الجديدة 1977.
- عبد القادر العرعاري، مصادر الالتزامات، المسؤولية المدنية، مكتبة دار الأمان-الرباط، الطبعة السادسة 2017.
- عبد الرحمان الشرقاوي، القانون المدني، الجزء الثاني مصادر الالتزام، الواقعة القانونية، مطبعة المعارف الجدبدة-الرباط2019،الطبعة الثانية 2016.
- عبد الإله شني، الامراض المهنية والمرض المترتب عن فيروس كورونا اية علاقة ممكنة؟، منشور بالموقع الالكتروني ” droitetentreprise.com ، على الرابط التالي : https://www.droitetentreprise.com/?p=18860، بتاريخ 16 ابريل 2020ن دون ذكر الساعة.
- رشيدة احفوض ، هل يعتبر مرض كورونا المستجد مرضا مهنيا، منشور بالموقع الالكتروني sawtaladala.com ، على الرابط التالي: http://www.sawtaladala.com/2020/04/%d9%87%d9%84-%d9%8a%d8%b9%d8%aa%d8%a8%d8%b1-%d9%85%d8%b1%d8%b6-%d9%83%d9%88%d8%b1%d9%88%d9%86%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%aa%d8%ac%d8%af-%d9%85%d8%b1%d8%b6%d8%a7-%d9%85%d9%87%d9%86%d9%8a%d8%a7/ .،بتاريخ 21 ابريل 2020، على الساعة 18.28.
- قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء رقم 60 بتاريخ 06/04/1994 ملف اجتماعي عدد 562/92، جاء في حيثياته :
- “حيث انه بالرجوع الى تقرير الخبرة والشهادة الطبية يتبين ان الضحية أصيب بمرض الكليكوز وهو مرض مهني.
- حيث ان الضحية أصيب في الفترة التي كلن يعمل فيها لدى المقاولة المشغلة.
- وحيث ان والحالة هذه فالعلاقة السببية بين العمل والمرض المهني هي ثابتة خاصة وليس بالملف ما يثبت كون الضحية كان مصابا بهذا المرض قبل دخوله الى هذا العمل، وبدلك فدفوعات المقاولة المذكورة غير مبررة ويتعين استبعادها”.
- قرار محكمة النقض عدد 383 بتاريخ 07/04/2011 ملف اجتماعي عد 1204/5/1/2009 جاء فيه ما يلي:
- “ان المرض المهني للأجير مشروطا بتوافر العلاقة السببية بين المرض الحاصل والعمل الممارس”.
- قرار محكمة النقض عدد 318 الصادر بتاريخ 25 ابريل 2000 في الملف الاجتماعي عدد 456/5/1/1999، الذي جاء في بعض حيثياته:
- “لكن حيث ان الامراض موضوع ظهير 31/05/1943 وقرار 20/05/1967 انما هي واردة على سبيل الارشاد، وعلى الطبيب المزاول لمهنة الطب ان يقدم تصريحا بالمرض المهني او المضمون انه كذلك الدي شاهده في أحد العمال، سواء كان ذلك المرض مبينا او غير مبينا في الجداول.
- وحيث انه وان كان مرض عرق النسا المصاب به المطلوب في النقض غير وارد في جداول الامراض المهنية، فإن ذلك لا يمنعه من اثبات العلاقة السببية بين ذلك المرض والعمل الذي يقوم به.
- والقرار المطعون فيه عندما خلص الى ان “مرض عرق النسا” المصاب به المطلوب في النقض هو مرض مهني بالنظر الى الوسط الذي يعمل فيه كسائق لشاحنات مشتغلته طالبة النقض لمسافات طويلة ولعدة سنوات. واعتمد على التقارير الطبية المنجزة، والتي اكدت بأن ذلك المرض له علاقة مباشرة بعمله كسائق. ورتب على ذلك الأثر القانوني، يكون مرتكزا على أساس وغير خارق للمقتضى القانوني المثار، وتبقى الوسيلة المستدل بها غير جديرة بالاعتبار”
- قرار عدد 453 الصادر بتاريخ 21 شتنبر 1987، اذ جاء في احدى حيثياته:
- “لكن ان الامراض المهنية موضوع ظهير 31/5/1943 وقرار 20 ماي 1967 ليست مذكورة على سبيل الحصر بل على سبيل الارشاد وان على الطبيب المزاول لمهنة الطب ان يقدم تصريحا بالمرض المهني او المظنون انه كذلك الذي شاهده في احدى العمال سواء كان ذلك المرض مبينا او غير مبين في الجدول”
الهوامش
(1) ظهير شريف رقم 1.14.190 صادر في 6 ربيع الأول 1436 (29 ديسمبر 2014) بتنفيذ القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، الجريدة الرسمية عدد 6328 بتاريخ فاتح ربيع الآخر 1436 (22 يناير 2015)، ص 489.
(2) ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.72.184 بتاريخ 15 جمادى 1392 الموافق ل 27 يوليوز 1972 يتعلق بنظام الضمان الاجتماعي، الجريدة الرسمية عدد3121 بتاريخ 13 رجب 1392 الموافق ل 23 غشت 1972 ص 2178.
(3) امال جلال، مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل والامراض المهنية في التشريع المغربي، مطبعة النجاح الجديدة 1977، الصفحة 185.
(4) “لصعوبة اثبات علاقة المرض بطبيعة العمل المنجز من قبل الأجير، نظرا لاختلاف فترة التعرض لمخاطر المهنية ومدى ملائمة مزاولتها، فضلا عن اختلاف الاجراء انفسهم من ناحية الاستعداد لتقبل المرض إيجابا او سلبا، لاختلاف الحالة البيولوجية من شخص لأخر.
انظر عبد الإله شني، الامراض المهنية والمرض المترتب عن فيروس كورونا اية علاقة ممكنة؟، منشور بالموقع الالكتروني ” www.droitetentreprise.com ، على الرابط التالي : https://www.droitetentreprise.com/?p=18860، بتاريخ 16 ابريل 2020ن دون ذكر الساعة.
(5) رشيدة احفوض ، هل يعتبر مرض كورونا المستجد مرضا مهنيا، منشور بالموقع الالكتروني www.sawtaladala.com ، على الرابط التالي: http://www.sawtaladala.com/2020/04/%d9%87%d9%84-%d9%8a%d8%b9%d8%aa%d8%a8%d8%b1-%d9%85%d8%b1%d8%b6-%d9%83%d9%88%d8%b1%d9%88%d9%86%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%aa%d8%ac%d8%af-%d9%85%d8%b1%d8%b6%d8%a7-%d9%85%d9%87%d9%86%d9%8a%d8%a7/ .،بتاريخ 21 ابريل 2020، على الساعة 18.28.
(6) ظهير شريف في تغيير وتتميم الظهير الشريف الصادر يوم 56 جمادى الأول عام 1362 الموافق 31 مايو سنة 1643 والممتدة بمقتضاه الى الامراض الناشئة عن الخدمة المهنية مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 25 ذي الحجة عام 1345 الموافق 25 يونيو سنة 1927 بشأن المسؤولية الناتجة عن النوازل الطارئة التي تصيب العملة اثناء الخدمة او العمل. منشور في الجريدة الرسمية عدد 2088 بتاريخ 31 أكتوبر 1952، الصفحة 6480.
(7) انظر:
- قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء رقم 60 بتاريخ 06/04/1994 ملف اجتماعي عدد 562/92، جاء في حيثياته :
“حيث انه بالرجوع الى تقرير الخبرة والشهادة الطبية يتبين ان الضحية أصيب بمرض الكليكوز وهو مرض مهني.
حيث ان الضحية أصيب في الفترة التي كلن يعمل فيها لدى المقاولة المشغلة.
وحيث ان والحالة هذه فالعلاقة السببية بين العمل والمرض المهني هي ثابتة خاصة وليس بالملف ما يثبت كون الضحية كان مصابا بهذا المرض قبل دخوله الى هذا العمل، وبدلك فدفوعات المقاولة المذكورة غير مبررة ويتعين استبعادها”.
- قرار محكمة النقض عدد 383 بتاريخ 07/04/2011 ملف اجتماعي عد 1204/5/1/2009 جاء فيه ما يلي:
“ان المرض المهني للأجير مشروطا بتوافر العلاقة السببية بين المرض الحاصل والعمل الممارس”.
اشارت لهما الدكتورة رشيدة احفوض في مقال لها بعنوان …ص 10-11.
(8) عبد الإله شني، مقال سابق.
(9) اشارت اليه الدكتورة رشيدة احفوض، مقال سابق .
(10) منشور في المجلة المغربية للقانون، العدد 15، سنة 1987، الصفحة 281.
(11) الحاج الكوري، قانون الضمان الاجتماعي دراسة تحليلية ونقدية، مكتبة دار السلام، الرباط، الطبعة الأولى 2001، ص :158.
(12) وذلك بموجب التعديل الدي ادخله المشرع في سنة 1992 بمقتضى القانون رقم 2.91 المغير لظهير 27 يوليوز 1972 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي. اد كان يصرف للأجير التعويض الا ابتداء من اليوم الثامن لبداية العجز عن العمل.
(13) عبد الإله شني، مقال سابق.
(14) ظهير شريف رقم 1.03.194 صادر في 14 من رجب 1424 (11 سبتمبر 2003) بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، الجريدة الرسمية عدد 5167 بتاريخ 13 شوال 1424 (8 ديسمبر 2003)، ص 3969.
(15) بل اعتبر المشرع عدم الالتزام بدلك جنحة معاقب عليها بموجب المادة 296 من مدونة الشغل بغرامة تتراوح بين 2000 و 5000 درهم
(16) وعاقب المشرع عن عدم احترام ذلك بغرامة تتراوح بين 10000 و 20000 درهم تطبيقا للفصل 297 من مدونة الشغل.
(17) قرار عدد 1203 الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 14 ماي 2015 في الملف الاجتماعي عدد 2014/5/661، السلسلة رقم 4 العدد 19، مطبعة ومكتبة الأمنية 2015 الصفحة 46.
أشار اليه عبد الإله شني، مقال سابق.
(18) عبد القادر العرعاري، مصادر الالتزامات، المسؤولية المدنية، مكتبة دار الأمان-الرباط، الطبعة السادسة2017، الصفحة 164.
(19) للتعمق اكثر في فهم شروط هذه المسؤولية انظر:
- عبد القادر العراعاري، مرجع سابق الصفحة 165 وما يليها.
- عبد الرحمان الشرقاوي، القانون المدني، الجزء الثاني مصادر الالتزام، الواقعة القانونية، مطبعة المعارف الجدبدة-الرباط2019،الطبعة الثانية 2016، الصفحة 150.
(20) عبد القادر العراعري، مرجع سابق، الصفحة: 202.
(21) للتعمق اكثر في هذه الشروط انظر:
- عبد القادر العراعاري، مرجع سابق، الصفحة 203.
- عبد الرحمان الشرقاوي، مرجع سابق، الصفحة 168.
(22) وفي هذا الإطار دهب استنادنا الفاضل الدكتور عبر الرجمان الشرقاوي ان” القضاء المغربي يميل في الآونة الأخيرة لاعتبار المتبوع حارسا للشيء الذي يستخدمه التابع في أداء العمل لحساب الطرف الأول، أي المتبوع: حيت انه لم يعد يعتمد في تفسيره للمسؤولية المدنية على أساس الفصل 85 من ق.ل.ع. فقط، وانما اصبح يعتمد هذا الفصل من اجل اثبات علاقة التبعية والفصل 88 كأساس للمسؤولية التي تجعل منها مسؤولية موضوعية لا تنتفي الا بإثبات السبب الأجنبي.
ذلك انه بالرجوع لأحكام القضاء المغربي نجدها سارت في الاتجاه الذي استقر عليه الفقه والقضاء الفرنسيين، أي ان قيام علاقة التبعية تثبت صفة الحراسة: من هذه القرارات ما سارت عليه محكمة النقض المغربية في قرارها الصادر بتاريخ 25 يوليوز 1975، الذي جاء فيه “…والمقصود بالحراسة الواردة في الفصل 88 من ق.ل.ع. هو ان تكون للحراسة السلطة الفعلية في الرقابة والتوجيه، والتصرف في الشيء المتسبب في الضرر، ولو لم تكن له الحيازة المادية لذلك الشيء”. انظر عبد الرحمان الشرقاوي، مرجع سابق، الصفحة 154.
(23) عبد الإله شني، مقال سابق.