في الواجهةمقالات قانونية

المنازعات الجبائية خلال المرحلة القضائية

 

المنازعات الجبائية خلال المرحلة القضائية

من إعداد: توفيق عمروشي

طالب باحث في القانون الخاص

ماستر العقار والتعمير، الكلية المتعددة التخصصات الناظور

مقدمة:

تعتبر الضريبة أداة ناجعة وفعالة من أدوات السياسة الاقتصادية، بحيث تشكل قطبا رئيسيا ومصدرا تمويليا أساسيا للميزانية العامة، ففي التشريعات الضريبية الحديثة أصبحت الضريبة أداة حكم وأداة إصلاح اجتماعي واقتصادي لذا تعدد أنواعها وأشكالها وصور تطبيقها.

والعمل على تطبيق السياسة الضريبية في الواقع يحتاج إلى مصالح وأجهزة مختصة تتولى تنظيم هذا القطاع الحيوي وضبط الوقائع المنشئة لهذه الضرائب وضمان استخلاصها وتحصيلها، وهكذا عهد المشرع لإدارة الضرائب والخزينة العامة أمر فرضها وتحصيلها وزودها من السلطات والامتيازات العامة بما يكفي لأداء وضيفتها تلك وفي المقابل سن ضمانات واسعة للخاضعين للضريبة لحمايتهم من كل تعسف أو شطط قد يرتكب في حقهم من قبل الإدارة الضريبية.

غير أن التدخل المستمر للإدارة الضريبية بحكم وظيفتها المتمثلة في فرض وتحصيل الضرائب قد يجعلها تخل بالضمانات المخولة للملزم مما قد يؤدي إلى نشوء نزاع بين أطراف العلاقة الضريبية[1].

وتعتبر المنازعة الضريبية أو الجبائية مجموعة من القواعد الشكلية والموضوعية التي تطبق على الخلافات الناشئة عن عملية ربط وتحصيل الضريبة والرسوم التي في حكمها بين الإدارة والملزم بمناسبة الطعن الإداري والقضائي.

فإذا لم يتمكن الطرفان من الوصول إلى حل مرض لهما، بعد استنفاذ جميع أطوار المرحلة الإدارية، يمكن اللجوء إلى القضاء، حيث يعتبر اللجوء إلى هذا الأخير من بين أهم الضمانات الأساسية التي يتوفر عليها الملزم لحماية مصالحه المالية والجبائية المخولة له قانونا سواء كان شخصا ذاتيا أو اعتباريا، وذلك من أجل تحقيق العدالة الجبائية بما يحافظ على حقوق المكلف الضريبي من جهة، وبما يضمن تمويل الخزينة العامة للدولة من جهة أخرى[2].

والمنازعة الجبائية أمام القضاء لم تكون وليدة اليوم، وإنما عرفت مجموعة من التطورات المتلاحقة، فقبل الحماية كان النزاع الجبائي يقدم إلى وزير الشكايات الذي يسجله ويلخصه ويعرضه على السلطان[3].

أما خلال فترة الحماية، قد أدخلت فرنسا بمقتضى بنود الحماية لسنة 1912 عدة إصلاحات همت النظام القضائي المغربي، وقد صدرت عدة نصوص ذات طبيعة جبائية مثل ظهير 9 أكتوبر 1920 بإحداث ضريبة على البحار. أما بعد الاستقلال ورغم الإصلاحات المتتالية التي عرفها الجهاز القضائي فإن المحاكم الابتدائية كانت هي المختصة في المنازعات  الجبائية بالنظر للولاية العامة التي تتمتع بها جميع أنواع القضايا طبقا للفصل 18 من قانون المسطرة المدنية، لكن بعد صدور القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية[4]، أسند المسرع الفصل في المنازعات الضريبية للمحاكم الإدارية باعتبارها ذات الولاية العامة في المجال الضريبي عملا بأحكام المادة 8 و 28 من القانون 41.90، وذلك سواء على مستوى الوعاء أو على مستوى التحصيل وذلك بغية صيانة حقوق وامتيازات الخاضعين للضريبة.

وتعتبر مرحلة المنازعات الضريبية من أهم المساطر التي يتعين دراستها ومعرفتها، لارتباطها الوثيق ولتأثيرها المباشر على حقوق الملزم الخاضع للضريبة وعلى مصالح الإدارة أيضا.

وانطلاقا مما سبق، يمكن صياغة إشكالية محورية لهذا الموضوع والمتمثلة فيما يلي:

مدى نجاح المشرع الجبائي المغربي من خلال تنظيمه لمقتضيات الدعوى الجبائية في تكريس التوازن المنشود بين طرفي العلاقة الضريبية؟

وتتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات:

  • ما هي المحاكم المتخصصة في الدعوى الضريبية؟
  • ما هي طبيعة الدعوى الضريبية؟
  • وما هي قواعد التقاضي في المادة الضريبية؟
  • وما هي أهم الضمانات التي خولها القضاء الإداري لأطراف العلاقة الضريبية؟.

وارتباطا بما سبق، ومن أجل الإجابة عن الإشكالية والتساؤلات الفرعية، سيتم تقسيم هذا البحث إلى المبحثين الآتيين:

المبحث الأول: المسار الإجرائي للمنازعات الضريبية أمام القضاء الإداري

المبحث الثاني: تجليات تدخل القضاء الإداري في تحقيق التوازن بين الملزم والإدارة الضريبية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول: المسار الإجرائي للمنازعات الضريبية أمام القضاء الاداري

اختلفت الآراء الفقهية واتجاهات القوانين المقارنة حيال كيفية تحديد القضاء المختص في النظر والفصل في المنازعات الضريبية التي تنشأ بين الملزم بالضريبة والجهة الحكومية المختصة بشؤون الضرائب، فبعض القوانين أسندت إلى القضاء العادي ولاية الفصل في المنازعات الضريبية بينما أسندت بعض القوانين الأخرى ولاية الفصل فيها للقضاء الإداري.

أما بالنسبة للمغرب وبعد إنشاء المحاكم الإدارية، فقد أوكل الاختصاص في جل المنازعات الضريبية لهذه المحاكم حيث أصبحت هي صاحبة الولاية العامة للنظر في المنازعات التي تنشأ بين الإدارة الضريبة والملزمين بالضريبة.

لذلك سنتناول في هذا المبحث الحديث عن اختصاص القضاء الإداري في المنازعات الضريبية وأنواع الدعوى الضريبية في (المطلب الأول)، وقواعد التقاضي في الدعوى الضريبية أمام القضاء الإداري في (المطلب الثاني).

المطلب الأول: نطاق اختصاص القضاء الإداري وأنواع الدعوى الضريبية

تعتبر المحاكم الإدارية هي صاحبة الولاية للنظر في المنازعات الضريبية بمقتضى القانون 90.41 حسب المادة 8 منه والباب الخامس منه، كما تخضع أحكامها للاستئناف أمام المحاكم الإدارية.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن مسالة تحديد اختصاص القضاء الإداري في المنازعات الضريبية يعرف جدلا فقهيا حول طبيعتها القانونية، أي ما إذا كانت الدعوى الضريبية تندرج ضمن ولاية قضاء الإلغاء للمحاكم الإدارية، أم أنها تندرج ضمن ولاية القضاء الشامل لهذه المحاكم، أم أنها ذات طبيعة مزدوجة تجمع بين الدعويين معا، إضافة إلى دعوى القضاء الاستعجالي المنصبة على إيقاف تنفيذ الدين الضريبي. لذلك سنعمل في هذا المطلب على دراسة اختصاص القضاء الإداري في المنازعات الضريبية في (الفقرة الأولى)، ثم ننتقل بعد ذلك لدراسة أنواع الدعوى الضريبية في (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: اختصاص القضاء الإداري في المنازعات الضريبية

بعد إنشاء المحاكم الإدارية بمقتضى القانون رقم 41.90، أصبحت هي صاحبة الولاية العامة للنظر في المنازعات الضريبية كدرجة ابتدائية، تخضع أحكامها للاستئناف أمام محاكم الاستئناف الإدارية.

وفي هذا الإطار سنميز في هذا الاختصاص، بين الاختصاص النوعي (أولا)، ثم الاختصاص المحلي (ثانيا).

 

 

 

 

أولا: الاختصاص النوعي للقضاء الإداري في المنازعات الضريبية

يعرف الاختصاص النوعي بأنه توزيع العمل بين الجهات القضائية المختلفة وتحديد نصيبها فيها من ولاية القضاء بناء على طبيعة الدعوى[5].

ولما كان الاختصاص القضائي في المادة الجبائية موكولا للمحاكم الابتدائية فإن إحداث المحاكم الإدارية بالمغرب نقل هذا الاختصاص لصالح هذه الأخيرة في المواد 32 – 33 – 34 – 35 و 36 من القانون 41.90 حيث أن هذه المواد قد حددت نوعية النزاعات التي تختص بالنظر فيها المحاكم الإدارية على سبيل الحصر ويتعلق الأمر بالنزاعات الناشئة عن تحصيل الضرائب والرسوم المعهود بتحصيلها إلى إدارة التسجيل والدمغة (المادة 31) والنزاعات المتعلقة بالضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها (المادة 32) والنزاعات المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة، الضريبة على الشركات، الضريبة العامة على الدخل (المادة 33) النزاعات المتعلقة بالضرائب الحضرية المفروضة على العقارات (المادة 34) النزاعات التي يكون موضوعها الطعون في قرارات لجنة العمالة أو الإقليم المتعلقة بالضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها (المادة 35)[6].

ولقد أثار هذا الجرد والتعدد تساؤلا يرتبط بحدود الاختصاص القضائي في دعوى المنازعة الضريبية، أي هل هذا التعدد وارد على سبيل المثال أم على سبيل الحصر؟.

وبالرجوع إلى المادة 8 من القانون 41.90 نجدها تنص على أن المحاكم الإدارية تختص بالنظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالضرائب…وبالبت في الدعاوى المتعلقة بتحصيل الديون المستحقة للخزينة العامة[7].

والواضح من خلال نص المادة أن المحاكم الإدارية لها الاختصاص الشامل في المنازعات الضريبية.

وتجدر الإشارة إلى أن قواعد الاختصاص النوعي تعتبر من النظام العام فقد نصت المادة 12 من القانون 41.90 على أن:” القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي تعتبر من قبيل النظام العام وللأطراف أن يدفعوا بعدم الاختصاص النوعي في جميع مراحل إجراءات الدعوى، وعلى الجهة القضائية المعروضة عليها القضية أن تثيرها تلقائيا”، وبالتالي فإنه لا يمكن الاتفاق على ما يخالفها.

وإذا أثير دفع بعدم الاختصاص النوعي أمام جهة قضائية عادية أو إدارية وجب عليها أن تبت فيه بحكم مستقل ولا يجوز لها أن تضمه إلى الموضوع وعلى الأطراف أن يستأنفوا الحكم المتعلق بالاختصاص النوعي أيا كانت الجهة القضائية الصادر عنها أمام محكمة النقض التي يجب عليها أن تبت فيه داخل أجل 30 يوما يبتدئ من تاريخ تسليم كتابة الضبط فيه لملف الاستئناف[8].

 

 

ثانيا: الاختصاص المحلي للمحاكم الإدارية في المنازعات الضريبية

يقصد بالاختصاص المحلي توزيع القضايا جغرافيا بين محاكم الطبقة الواحدة على أساس الموقع أو المكان، فقواعده هي التي تحدد المنازعات الداخلة في الدائرة الإقليمية لكل محكمة أي معرفة المحكمة التي سترفع إليها الدعوى من الناحية المكانية أو الجغرافية، ومن هنا جاءت تسميته بالاختصاص المحلي أو الإقليمي لأن قواعده تنبني في الغالب على اعتبارات محلية أو إقليمية كموطن الخصوم، أو محل الأموال موضوع النزاع[9].

ففي المغرب فإن المحكمة المختصة مكانيا في الفصل في المنازعات الضريبية هي التي نستشفها من خلال المادة العاشرة[10] من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية.

ومن خلال هذه المادة يتضح أن قواعد الاختصاص المحلي المطبقة أمام المحاكم الإدارية هي نفسها المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية إلا أن هذه الحالة جاءت معلقة على شرطين أساسيين:

  • أن لا ينص في صلب قانون المحاكم الإدارية على ما يخالف المبدأ العام الذي يحدد الاختصاص المحلي وفق قواعد المسطرة المدنية.
  • أن لا يوجد نص خاص ببعض المنازعات ينظم الاختصاص المحلي في موضوعه يخالف المبادئ العامة التي تحكمه[11].

وعليه، فبالنسبة للمنازعات الجبائية المحلية، فإن الاختصاص المحلي فيها يرجع إلى المحكمة الإدارية الواقعة في دائرة اختصاصها المكان المستحقة الضريبة فيها[12]، بينما يعود اختصاص النظر في الطعون المتعلقة بقرار لجنة العمالة أو الإقليم والمرتبطة بالضرائب المستحقة للجماعات وهيئاتها إلى المحكمة الإدارية الواقعة في دائرة اختصاصها مقر اللجنة[13].

الفقرة الثانية: طبيعة الدعوى الضريبية

تطرح الدعوى الضريبية إشكالية هامة أمام القضاء الإداري المغربي تتمحور أساسا حول طبيعتها، بحيث يتم التساؤل على النحو الآتي: هل تقام الدعوى الضريبية في شكل دعوى القضاء الشامل أم في شكل دعوى الإلغاء؟ بمعنى آخر هل يوجه الملزم دعواه في شكل طعن ينصب على جوهر النزاع، أي على أساس الضريبة واحتسابها أم يوجه دعواه في صيغة إلغاء تثير فقط مشروعية القرار الضريبي؟.

في إطار تنظيم العمل القضائي للمحاكم الإدارية أفرد المشرع المغربي مجموعة من النزاعات التي ادخلها في إطار دعوى القضاء الشامل، وذلك تمييزا لها عن دعوى الإلغاء التي لها مميزات خاصة بها. وتعتبر المنازعات الضريبية من جملة المنازعات التي ترفع في شكل دعوى القضاء الشامل أمام القضاء الإداري، الذي يتعين عليه مراقبة مدى احترام هذه الصيغة تحت طائلة عدم قبول الدعوى، إلا أنه واستثناء من الأصل يمكن رفع الدعوى الضريبية في شكل دعوى الإلغاء أمام المحاكم الإدارية.

لذلك سوف نتناول في هذه الفقرة، الحديث عن دعوى الضريبة كدعوى القضاء الشامل (أولا)، ثم نتحدث عن دعوى الضريبة كدعوى الإلغاء (ثانيا).

أولا: الدعوى الضريبية كدعوى قضاء شامل

كانت إشكالية تحديد الطبيعة القانونية للمنازعة الضريبية محط دراسات وأبحاث متعددة من طرف الفقهاء، وباستقراء بعض الآراء الفقهية المغربية نجد كلها تجتمع حول مسألة اعتبار المنازعة الضريبية منازعة قضاء شامل بامتياز، حيث يرى هذا الجانب من الفقه أن إدراج المشرع المنازعة الضريبية ضمن القضاء الشامل يعتبر من أهم الضمانات المقررة للملزم  في المرحلة القضائية، ما دام القاضي الإداري يتمتع في إطارها بسلطات أوسع تمكنه من مناقشة جميع ملتمسات المتقاضي[14].

وعليه فدعوى القضاء الشامل هي المنازعة التي يفصل فيها القاضي بين طرفين غير متساويين، يكون أحدهما شخصا عاما أو ذا نفع عام يساهم في سير مرفق عام أو سلطة إدارية مستقلة، سواء كانت الدعوى ترمي إلى حماية حق شخصي أو إلى إقرار المشروعية، أو إلى الأمرين معا أو إلى أي هدف آخر من المصلحة العامة بشكل يتطلب قيام القاضي بعمليتين على الأقل أو بعملية واحدة تقتضي سلطات واسعة، ودورا ايجابيا في توجيه إجراءات الدعوى[15].

ويعتبر النزاع الضريبي بالأساس قضاء شاملا، يهدف من خلاله الملزم إما الإسقاط الكلي للضريبة أو الجزئي لها، فهو يوجه دعواه في شكل مطالبة تتعلق بموضوع الضريبة، لا في شكل دعوى الإلغاء التي تثير فقط مشروعية القرار الضريبي فما يقصده الملزم هو أن يصبح مدعي لا مجرد طاعن[16].

ويتمتع القاضي في إطار منازعات القضاء الشامل بسلطات تقديرية واسعة في مجال الوقائع كما في مجال القانون[17]، والقاضي الاداري حينما يبت في النزاع الضريبي باعتباره جزء من القضاء الشامل فإنه ينظر في مشروعية القرار الإداري المؤسس عليه الضريبة لا إلغاءه فقط، ولكن لترتيب الآثار القانونية الناتجة عن عدم مشروعية القرار. فهو يتجاوز مسألة إلغاء القرار الذي فرضت عليه الضريبة لكونه قرار غير مشروع وإحلال قرار آخر محله يتضمن المبلغ الضريبي المعدل أو إعطاء أمر للإدارة بإرجاع المبلغ الذي تم تحصيله بغير حق من طرف الطاعن وذلك بعد إلغاءه[18].

وقد كرس القضاء المغربي المنازعات الضريبية ضمن ولاية القضاء الشامل وذلك من خلال عدة اجتهادات لمحكمة النقض – المجلس الأعلى سابقا –حيث جاء في أحد قراراتها[19] ما يلي:”…ومن جهة أخرى حيث أن المنازعة الضريبية لا تدخل في دعوى الإلغاء إلا استثناء في حالة انعدام الصلة بين الضريبة والشخص المخاطب بها فتبقى خاضعة في غير ذلك وبوجه عام لولاية القضاء الشامل كما في الدعوى الحالية ما دامت المنازعة فيها تتعلق بمسطرة المراجعة والإجراءات الخاصة بها في نطاق مقتضيات الفصل 43 وما بعده من القانون 85-30 المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة مما تكون معه خاضعة  لأداء الرسوم القضائية كما تؤكد الفقرة السادسة من الفصل 10 من القانون المنظم للمصاريف القضائية المدنية والتجارية والإدارية”.

يتضح من خلال هذا القرار أن محكمة النقض أحالت من المنازعة الضريبية بوجه عام مجالا لدعوى القضاء الشامل، وبالتالي خضوعها لأداء الرسوم القضائية واستثناء رفعها في إطار دعوى الإلغاء في حالة انعدام الصلة بين الضريبة والشخص المخاطب بها.

ثانيا: الدعوى الضريبية كدعوى إلغاء

نظم المشرع المغربي طلبات أو دعاوى الإلغاء في الباب الثالث[20] من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية.وتعرف دعوى الإلغاء بأنها الدعوى التي يرفعها أحد الأفراد إلى الجهة القضائية المختصة يطلب منها إلغاء القرار الإداري غير المشروع[21].

وبمعنى آخر فإن دعوى الإلغاء هي التي يفحص فيها القاضي القرار الإداري المطعون فيه لكي يقرر إذا كان غير مشروع الحكم بإلغائه[22]. وتشكل دعوى الإلغاء أحسن أنواع الرقابة الإدارية على الإدارة وأكثرها ضمانا لحقوق الملزمين، وقد وصفت بأنها دعوى موضوعية يرمي رافعها إلى مخاصمة قرار إداري، وليست دعوى شخصية تستهدف حماية المصلحة الشخصية لرافع الدعوى  في حد ذاتها بل إنها تستهدف بالأساس مبدأ الشرعية والنظام القانوني السائد في الدولة[23].

ويشترط لقبول دعوى الإلغاء أمام القضاء انعدام الدعوى الموازية، فلا يقبل طلب الإلغاء الموجه ضد القرارات الإدارية إذا كان باستطاعة المعني بالأمر المطالبة بما يدعيه من حقوق بطريق الطعن العادي أمام القضاء الشامل[24].

كما يشترط أيضا أن يكون القرار الإداري المطعون فيه مؤثرا في مركز الطاعن تأثيرا مباشرا وله مصلحة شخصية في هذا الطعن[25].

ولكي تعتبر المنازعة الضريبية دعوى إلغاء، يتعين أن يكون القرار متعلقا بالمنازعة في الأساس الضريبي ومتوفر على مقومات القرار الإداري، وهناك مجالان لاختصاص قاضي الشطط في استعمال السلطة في المادة الجبائية:

  • الحالة الأولى: تشمل المقررات العامة المتعلقة بتنظيم الضريبة أو الرسم.
  • الحالة الثانية: تشمل القرارات الفردية التي تتعلق بتطبيق الضريبة أو الرسوم الصادرة أساسا على اثر طعن نزاعي أو استعطافي أو اثر القرارات الصادرة عن اللجان الضريبية ولم يصدر بشأنها أمر بالتحصيل[26].

والمجلس الأعلى اتجه إلى قبول دعوى الإلغاء في المجال الضريبي في حالتين: الأولى كلما تعلق النزاع بمبدأ الضريبة نفسه والثانية إذا تعلق الأمر بقرار السلطة الإدارية الرامي إلى استخلاص رسم لإحدى الجماعات المحلية.

وقد أضاف الاجتهاد القضائي إلى هاتين الحالتين القضائيتين بعض الحالات الأخرى التي يتم على إثرها تقديم دعوى تجاوز السلطة مباشرة دون النزاع على اللجان الضريبية المحلية و الوطنية، حتى ولو تعلق الأمر بطعن في عملية تحديد أساس الضريبة[27].

ومن بين هذه الحالات التي تسمح للقاضي بالفصل في المنازعة الضريبية في إطار دعوى الإلغاء كالنظر في الطعون المقدمة ضد القرارات التي تصدر بمعزل عن عملية فرض الضريبة، وهذا ما أكدته محكمة النقض – المجلس الأعلى سابقا – في أحد قراراتها[28] الذي جاء فيه:”…لكن حيث أن الطاعنين المستأنف عليهم أثبتوا بوثائق لا نزاع فيها أنهم باعوا العقار الذي كان في ملكهم فكان من حقهم أن يطلبوا تسليمهم شهادة البراءة أو الإعفاء من الضريبة التي يخضع لها الربح العقاري وأن رفض منح إحدى الشهادتين المذكورتين يشكل قرارا إداريا منفصلا في المنازعة في الضريبة ويقبل الطعن بالإلغاء وكان ما أثير بدون أساس”.

ويتضح من خلال هذا القرار أن رفض الإدارة منح شهادة الإبراء أو الإعفاء من الضريبة، يعتبر قرارا منفصلا عن المنازعة في الضريبة وبالتالي يكون موضوعا للطعن في إطار دعوى الإلغاء.

والملاحظ أنه رغم أهمية دعوى الإلغاء في المادة الضريبية، فإن السلطات المخولة للقاضي في هذا الإطار تبقى محدودة يكتفي فيها بالإلغاء ولا يستطيع أن يحكم بتخفيض كلي أو جزئي للضريبة، وهذه المحدودية هي التي تجعل اللجوء إلى دعوى الإلغاء ضعيفا، لأن هدف الملزم يكون في غالب الأحيان هو تخفيض مبلغ الرسم أو الضريبة التي يرى أن مبالغها كبيرة، لذلك غالبا ما يدرج دعواه في إطار القضاء الشامل الذي يتيح للقاضي الإداري مجال أوسع وحرية أكبر.

 

المطلب الثاني: قواعد التقاضي في الدعوى الضريبية أمام القضاء الإداري

تحيل قواعد التقاضي في المنازعات الضريبية على مجموعة من القواعد التي تحكم مسار الدعوى الضريبية أمام المحكمة الإدارية وكل الإجراءات المتبعة أمامها بدء بتحديد مختلف الشكليات الواجب إتباعها عند رفع النزاع بين الملزم والإدارة الضريبية أمام القضاء. بالإضافة إلى بيان حقوق أطراف الدعوى وصفتهم بدء بالبحث في إجراءات تقديم الدعوى ثم إجراءات التحقيق والإثبات وصولا إلى إصدار الأحكام والطعن فيها[29].

وعلى هذا الأساس سأقسم هذا المطلب إلى فقرتين، سأتناول في (الفقرة الأولى) شروط رفع النزاع الجبائي أمام المحاكم الإدارية، ثم الحديث عن الإجراءات المسطرية للدعوى الضريبية في (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: شروط رفع الدعوى الضريبية أمام المحاكم الإدارية

تشكل دعوى المنازعة الضريبية مرحلة مهمة في المساطر الضريبية لكونها تمكن طرفي النزاع من حسم الخلاف الدائر بينهما، ويعتبر حق التقاضي من الحقوق التي كفلها القانون للجميع، لأن هذا الحق يبقى رهينا بتوفر مجموعة من الشروط الموضوعية والشكلية، سواء تعلق الأمر بأسبقية سلوك المرحلة الإدارية أو الآجال أو تقديم الدعوى لممارسة هذا الحق[30].

لذلك تخضع مسطرة التقاضي أمام المحكمة الإدارية في المنازعات الضريبية للقواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية بشروط وكيفية رفع الدعوى والإجراءات المحددة في الفصل الثاني من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية[31].

وعلى هذا الأساس سوف نعالج هذه الفقرة من خلال التطرق لتحديد أطراف الدعوى الضريبية وتبيان الشروط الواجب توفرها فيهم، وكذا الشروط المتعلقة بالآجال(أولا)، ثم التطرق للشروط المرتبطة بمضمون عريضة الدعوى الضريبية(ثانيا).

 

أولا: الشروط المتعلقة بأطراف الدعوى الضريبية

تحيل الشروط المتعلقة بأطراف دعوى المنازعة الضريبية على الإجراءات الشكلية الواجب توافرها، فمن يريد عرض نزاعه على القضاء من طرفي المنازعة الضريبية سواء أكان ملزما أو إدارة ضريبية.

  • الشروط المتعلقة بالملزم

إذا كان المشرع قد منح للملزم حق اللجوء إلى المحاكم الإدارية قصد متابعة المسطرة التنازعية أمام القضاء[32]، فإن ممارسة هذا الحق لا يقبل إلا من الملزم الذي فرضت عليه الضريبة شخصيا، ولهذا ينص الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية على أنه:” لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة والأهلية والمصلحة، لإثبات حقوقه…”.

وقد اعتبر المشرع المغربي هذه الشروط من النظام العام يمكن للقاضي أن يثيرها تلقائيا في حالة انعدامها، ويحكم بالتالي بعدم قبول الطعن، وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بالرباط في أحد أحكامها[33] حيث جاء فيه:”…حيث لئن كان المشرع قد خول للملزم حق الطعن على أساس الضريبة وفي مسطرة سلوكها، فإنه اشترط أن تتوفر في الطاعن صفة الملزم ما يكون معه الطلب مقدما من غير ذي صفة وبالتالي يكون مآله عدم القبول”.

فالدعوى الضريبية لا يمكن رفعها إلا من طرف المكلف شخصيا أو بوكالة أو الشريك على أن يقتصر أثرها عليه وحده، كما أنه لا تقبل إلا إذا كان للمدعي حقا أو مركزا لنفسه هذا بالنسبة للأشخاص الطبيعيين، أما إذا كان الطاعن شخصا معنويا  كالشركات مثلا فإن الطعن لا يمكن أن يرفع إلا باسم من يمثلها قانونا أي باسم رئيس مجلس إدارة الشركة أو مديرها.

كما يجب أن يتوفر المدعي على الأهلية القانونية لممارسة حقه في الطعن القضائي وذلك ببلوغه سن الرشد القانوني[34]، أما بالنسبة للشخص المعنوي فالأهلية تقتضي أن يكون متمتعا بالشخصية المعنوية، وعلى غرار الشروط الآنفة الذكر يعتبر شرط المصلحة ركنا أساسيا لقيام الحق في الدعوى وقد أكد الفقهاء على أن المصلحة هي مناط الدعوى وجوهرها[35].

بالإضافة للشروط المنصوص عليها في الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية، هناك شرط آخر يجب توفره في الملزم، والذي نستشفه من خلال المادة الثالثة من القانون 41.90 التي ألزمت المتقاضي أمام المحكمة الإدارية بتنصيب محام مسجل في جدول هيئة المحامين بالمغرب، وكما ألزم نفس القانون أداء الرسوم القضائية وهو الشيء الذي يرفضه أو يجهله عدد من المدعين على أساس أن منازعتهم تدخل في منازعات تجاوز في استعمال السلطة[36].

  • الشروط المتعلقة بالإدارة الضريبية

نظرا لكون الإدارة الضريبية تتمتع بمجموعة من الامتيازات والسلطات والصلاحيات الواسعة لكونها جهاز إداري يخضع للقانون العام، يجعل منها في موقع غير متكافئ مع الملزمين  باعتبار هؤلاء طرف ضعيف في العلاقة، الشيء الذي يجعلها في غالب الأحيان في موقف المدعى عليها وبالتالي إعفاءها من واجب الإثبات[37].

وبالرغم من ذلك تملك الإدارة إمكانية اتخاذ مبادرة اللجوء إلى المحكمة، وفي هذا الإطار يرى بعض الفقهاء أن إمكانية الإدارة في رفع الدعوى ضد الملزم تتمحور في حالات قليلة نذكر منها:

  • هناك الحالة التي تلجأ الإدارة الضريبية فيها إلى المحكمة الإدارية على اثر مقرر صادر عن لجان التحكيم الضريبية إذا ثبت بغير وجه حق في مسائل قانونية.
  • وهناك الحالة التي تلجأ فيها إلى المحكمة الإدارية على اثر منازعة زجرية ضد الملزم، خاصة في ميدان الجمارك أو في جريمة الغش الضريبي.
  • إذا رأت الإدارة الضريبية أن الخلاف مع الملزم عميق ومعقد في هذه الحالة تحيل تلقائيا ملف الشكاية إلى المحكمة المختصة مع إعلام الملزم المعني بالأمر[38].

وبالرجوع إلى العمل القضائي للمحاكم الإدارية، يتضح أن الإدارة الضريبية غالبا ما تكون في موقف المدعى عليه، وبالتالي يطرح التساؤل حول من ترفع الدعوى الضريبية ضده، ولا سيما أن تحديد من له الصفة لتمثيل الإدارة الضريبية له أهمية قصوى بالنسبة للملزم بالضريبة الذي ينازع الإدارة الضريبية، حيث أن عدم تحديد أو التحديد الخاطئ للمطلوب ضده الدعوى يترتب عنه عدم قبول الدعوى من الناحية الشكلية لوقوعها على غير ذي صفة. وفي هذا الصدد ورد في حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط ما يلي:” وحيث أن طبيعة هذه المنازعة تقتضي توجيهها ضد الخزينة العامة في شخص الخازن العام طبقا لمقتضيات الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية لأنها تعتبر طرفا أساسيا في الدعوى ما دام الأمر يتعلق بإيقاف إجراءات المتابعة والتحصيل حتى يمكنها إبداء دفاعها.

وحيث إنه أمام عدم إدخال الخزينة العامة في هذه الدعوى فإن الطلب يكون معيبا شكلا ومآله عدم القبول”[39].

ولذلك غالبا ما يعمد الملزمين بالضريبة بواسطة دفاعهم مخافة عدم قبول دعواهم على ذكر أطراف عديدة في مقال الدعوى لتوجيه الدعوى ضدهم ودون تمييز بين منازعات الوعاء والتحصيل، لكن بالعودة إلى المادة 515 من قانون المسطرة المدنية نجد أن الدعوى الضريبية يمكن أن توجه إما ضد مدير الضرائب إذا كانت المنازعة الضريبية تتعلق بوعاء الضريبة[40]، وإما أن توجه هذه الدعوى ضد الخازن العام للمملكة إذا كانت المنازعة الضريبية تهم مرحلة تحصيل الضريبة[41].

وقد عمد المشرع المغربي إلى توضيح هذه الجهة بالضبط عندما أكد على أنه تمثل المديرية العامة للضرائب بكيفية صحيحة أمام القضاء، مطالبة كانت أو مطلوبة ضدها بالمدير العام للضرائب أو الشخص الذي يعينه لهذا الغرض والذي يمكنه إن اقتضى الحال، توكيل محام[42].

 

 

  • الشروط المتعلقة بالآجال

يتعين على الملزم كشرط أساسي لرفع دعوى قضائية، أن يحترم الآجال المنصوص عليها في القوانين الضريبية لممارسة الطعن القضائي. بمعنى أن الملزم إذا رفع دعوى بعد فوات الأجل فإنها ستكون معرضة للرفض من طرف المحكمة، وهو نفس المصير الذي تعرفه الدعوى التي يرفعها الملزم قبل تبليغه قرار الإدارة الجبائية أو مقرر اللجنة الضريبية، أو قبل انتهاء المدة المرخص بها للإدارة للرد على المطالبة التي تقدم بها ويتعين على الملزم أن يرفع الدعوى القضائية في غضون الأجل المحدد لذلك في قانون الضريبة المتنازع بشأنها[43].

وسنتناول هذه الآجال من خلال التمييز بين الطعن على إثر المراقبة الضريبية أي خلال سلوك الإدارة لمسطرة التصحيح، ثم حالة تقديم المطالبات من قبل الملزم.

  • آجال الطعن القضائي على اثر المراقبة الضريبية

حسب المادة 242 من المدونة العامة للضرائب يجوز للإدارة والخاضع للضريبة أن ينازع عن طريق المحاكم في المقررات الصادرة عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة أو عن اللجنة الوطنية  في الطعون المتعلقة بالضريبة وفي المقررات المتضمنة لتصريح اللجان المذكورة بعدم اختصاصها داخل أجل الستين (60) يوما الموالية لتاريخ تبليغ مقررات هذه اللجان.

ويمكن كذلك للإدارة والخاضع للضريبة أن ينازعا عن طريق المحاكم داخل الأجل المنصوص عليه أعلاه في المقررات الصادرة عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة أو اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة سواء تعلقت هذه المقررات بمسائل قانونية أو واقعية.

كما يمكن أن ينازع عن طريق المحاكم في إطار عمليات تصحيح الضرائب المفروضة في نطاق المساطر المنصوص عليها في المادة 221 أو 224 أعلاه داخل (60) يوما الموالية لتاريخ التبليغ المقرر الصادر حسب الحالة عن اللجنة المحلية لتقدير الضريبة أو الصادر عن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة[44].

  • آجال الطعن القضائي على اثر المطالبة

بالنسبة للآجال على اثر المطالبة فقد حددتها المادة 243 [45]  من المدونة العامة للضرائب لتبليغ قرار الإدارة عقب بحث الملزم، أما إذا لم تجب الإدارة داخل أجل 3 أشهر[46] الموالية لتقديم المطالبة فإنه جاز للملزم أن يرفع دعواه أمام القضاء داخل أجل 30 يوما لتاريخ انصرام الأجل المحدود لجواب الإدارة.

أما الدعوى المتعلقة بالتحصيل فإن أجل الطعن في إجراءات التحصيل حسب المادة 28 من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية والمادتين 120 و 121 من مدونة تحصيل الديون العمومية محددة في 30يوما تحتسب من تاريخ تبليغ مقرر الإدارة (الخزينة العامة) جوابا على مطالبة المدين ومن تاريخ انقضاء اجل الرد الممنوع للإدارة (الخزينة العامة) والمحدد في 60 يوما الموالية لتاريخ توصلها بالمطالبة.

إن ما يميز الآجال السالفة الذكر هو أنها آجال كاملة بحيث لا يعتبر احتساب اليوم الأول من الأجل ويوم حلول الأجل، وإذا صادفت الآجال عيد أو عطلة قانونية ثم إرجاء حلول الآجال اليوم الأول من أيام العمل الموالية[47].

ثانيا: الشروط المتعلقة بعريضة الدعوى

ألزم المشرع المغربي المدعي في المنازعة الضريبية رفع دعواه أمام المحاكم الإدارية، بواسطة مقال مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب[48]، وهو شرط يميز الدعوى الإدارية عن باقي الدعاوى حيث نص الفصل 31[49] من قانون المسطرة المدنية على أن المقال يمكن أن يكون موقعا من طرف المدعي، ويجب أن يتضمن هذا المقال مجموعة من البيانات، من قبيل وجوب توفرها على الأسماء العائلية والشخصية، وكذلك صفة أو مهنة وموطن أو محل إقامة المدعي والمدعى عليه، كما يجب عليه أن يحدد المدعى عليه المطلوب في الدعوى –الإدارة الضريبية- تحت طائلة عدم قبول دعواه، وكذا ملخص لموضوع الدعوى والوقائع والوسائل المثارة[50].

ويجب أن تقتصر طلبات الملزم على الحدود التي تضمنها تظلمه أمام الإدارة الضريبية والتي لم تستجب لها هذه الأخيرة[51]، ويسلم كاتب ضبط المحكمة الإدارية وصلا بإيداع المقال يتكون من نسخة منه يوضع عليها خاتم كتابة الضبط وتاريخ الإيداع مع بيان الوثائق المرفقة[52].

وكذلك لقبول دعوى المنازعة الضريبية، يشترط أداء الرسوم القضائية على اعتبار أن هذه الدعوى تدخل ضمن منازعات القضاء الشامل، وهي منازعات غير معفاة من الرسوم على عكس دعوى الإلغاء المعفاة بقوة القانون[53].

الفقرة الثانية: الإجراءات المسطرية للدعوى الضريبية

تشكل المسطرة القضائية المرحلة الحاسمة في المنازعات الضريبية، باعتبارها آخر مرحلة يلجأ إليها المتقاضي بعد أن يكون قد استنفذ المرحلة الإدارية، دون وصوله إلى حقه، يراعي خلالها القضاء التوفيق وحفظ التوازن بين مصلحتين متعارضتين، مصلحة الإدارة الضريبية ومصلحة الملزمين الخاضعين للضريبة.

حيث إن إجراءات التقاضي في المادة الإدارية تستمد من القواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية وكذلك من القانون المحدث للمحاكم الإدارية 41.90، وكذا من القوانين الخاصة بكل منازعة على حدة. وتجدر الإشارة إلى أن المسطرة القضائية هي مسطرة كتابية وحضورية تواجهية وتفتيشية.

وعليه سنتطرق في هذه الفقرة، للإثبات والتحقيق في الدعوى الضريبية (أولا)، ثم الحديث عن طرق الطعن (ثانيا).

أولا: الإثبات والتحقيق في الدعوى الضريبية

يتدخل القضاء الإداري للفصل في دعوى المنازعة الضريبية بمجرد إيداع المقال الافتتاحي، ليقول كلمته في مضمون الادعاء المفروض عليه من المدعي، الذي لا ينال ما ادعى به إلا بتقديمه الحجج والوثائق التي تثبت ادعاءاته للمحكمة مستعينا في ذلك بكل وسائل الإثبات المعتمدة قانونا، إلا أن القاضي قد لا يقتنع بالوسائل المثارة أمامه من قبل المدعي أو أن هذه الوسائل تكون ناقصة، فيلجأ إلى إجراءات التحقيق مثل الخبرة أو المعاينة من أجل تكوين قناعته بخصوص ادعاء المدعي في موضوع المنازعة الضريبية.

  • الإثبات في الدعوى الضريبية

يعتبر الإثبات مرحلة أساسية في سير كل دعوى أمام القضاء، ويبقى في المادة الضريبية هو الكفيل لجعل المواطنين سواسية أمام الجباية وتحقيق عنصر العدالة الضريبية[54].

وعلى هذا الأساس فإن كل طرف يعمل من جانبه على تدعيم ملفه بالحجج والمستندات اللازمة لتأكيد ادعاءه أمام القضاء، إذ تعمل الإدارة الضريبية جاهدة على إثبات توفر شروط إعمال النصوص الضريبية، خاصة ما يتعلق بإثبات الواقعة المنشئة للضريبة والمادة الخاضعة للضريبة ثم الإجراءات المرتبطة بفرضها وتصحيح الضرائب وأيضا إثبات المخالفة للنظام الضريبي، كل ذلك بهدف  تطبيق النصوص القانونية الضريبية، وخلق نوع من المساواة في تحمل الأعباء العامة[55].

وأما بالنسبة للملزم فغايته من الإثبات هو إثبات انعدام صفته كملزم بالفرض الضريبي أو إثبات انعدام الواقعة المنشئة للضريبة كما تكون غايته هي إثبات حقه أو إعفاءه من الواجب الضريبي.

ويقوم الإثبات في المجال الجبائي على عدة مبادئ يمكن إجمالها في ما يلي:

  • يتحمل عبء الإثبات من يدعي خلاف الأصل؛
  • يتحمل عبء الإثبات من كلفه المشرع باحترام التزام إجرائي؛
  • يعفى من عبء الإثبات من كانت القرينة لصالحه، سواء كانت قرينة قانونية بسيطة أو قرينة واقعية أو قرينة قضائية؛
  • يتحمل عبء الإثبات من يدعي خلاف تقدير اللجان، سواء اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية أو اللجنة المحلية لتقدير الضريبة؛
  • لا يجب تحميل المتقاضي أكثر مما في وسعه[56].

أنا بالنسبة لوسائل الإثبات في مجال الخصومة الضريبية لم يتم تحديدها أو تجميعها في القانون الضريبي المغربي، لذلك فوسائل الإثبات اللازمة أمام القاضي في المنازعات الضريبية تشمل جميع الوسائل المعمول بها في إطار الخصومة العادية باستثناء اليمين أو شهادة الشهود لتعارضهما مع الطابع الكتابي للمسطرة في الطعون الضريبية.

وعموما يمكن إجمال وسائل الإثبات في المادة الجبائية في ما يلي:

  • التصريح بالضريبة: يعرف التصريح على أنه تلك الواقعة الأولية التي بواسطتها يقر الملزم، أو يسلم بالمداخيل التي حققها خلال فترة معينة إلى الإدارة الضريبية أثناء المهلة المحددة لذلك، وبشكل يتيح لهذه الأخيرة معرفة كل عناصر تقدير أساس الفرض الضريبي.

فالإقرار الجبائي مبني على قرينة الصدق بما ضمنه الملزم من معلومات تتعلق بالواقعة المنشئة للضريبة أو بوعاء الضريبة، وهكذا فإن القرار يحمي الملزم ويشكل قرينة لصالحه لأن الإدارة ملزمة بالأخذ به ما لم تقم الدليل على عدم صدقه عن طريق مسطرة تواجهية تقوم على إعلام الملزم بالاخلالات التي تشوب هذا الإقرار أو بالنقصان الذي يطبع أرقامه[57].

  • الوثائق المحاسبية: تعتبر الوثائق المحاسبية من أهم وسائل الإثبات في النظام الضريبي وهو من الإثبات الجاهز إذا كانت ممسوكة بانتظام أي وفق القانون المحاسبي، وهكذا ورد في قانون الضريبة على الشركات بأن الإدارة الضريبية لا يمكن أن تشك في ممارسة المقاولة الممسوكة بانتظام والتي لا تشوب إختلالات جسيمة إذا أثبتت نقصان الأرقام المصرح بها.

وقد حرص المشرع على النص صراحة على مبدأ مسك محاسبة في أكثر من نص قانوني، وذلك تأكيدا منه على أهمية هذا الالتزام[58].

  • الحجة الكتابية: يتضمن القانون الضريبي على مقتضيات قانونية تخول معاينة بعض الوقائع المادية من خلال محاضر كتابية، تسمح للإدارة الضريبية بإثبات هذه الوقائع بالاعتماد على هذه الوسيلة، لذلك فالمحاضر المحررة بمناسبة المخالفات المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب تعتبر وسيلة إثبات متى استجمعت الشروط القانونية، بالإضافة إلى المحاضر، هناك الشواهد الإدارية المسلمة من طرف السلطة المحلية التي تعتبر وسيلة إثبات في الميدان الضريبي، مثل شهادة التوقف عن العمل مثلا[59].
  • الإقرار: يقصد بالإقرار الاعتراف الذي يقوم به الخصم أو نائبه المأذون له في ذلك إذنا خاصا، فهو قد يكون قضائيا وقد يكون ناتج عن القانون، فالأول حينما تكون الإدارة أو الملزم بالصمت لا تطلب منه أجلا للإجابة عنه، فيوجه إليها القاضي صراحة الإجابة عن الدعوى الموجهة إليها[60].

أما الثاني، أي الإقرار الناتج عن القانون أو ما يسمى بالقبول الضمني، يكون حينما يفرض القانون على كل من الملزم أو الإدارة الضريبية التزاما أثناء مرحلة تحديد الوعاء الضريبي ولا يقبلان به، ويتجلى القبول الضمني في عدم جواب الملزم على جميع ملاحظات الإدارة في إطار المسطرة التواجهية[61].

  • التحقيق في المنازعة الضريبية

تتسم المنازعة الضريبية عادة بطابعها التقني والمحاسبي، ولهذا فمرحلة التحقيق في الدعوى التي يقوم بها القاضي المقرر تبدو مرحلة حاسمة في تكييف هذه الأخيرة وتوجيهها، بحيث عليه أن يستعمل جميع الوسائل المتوفرة لديه لكي يظهر حقيقة الالتزام الضريبي ويطبقها على أطراف الدعوى، ومن ضمن الوسائل المتوفرة لديه بالإضافة لاستدعاء الأطراف وسيلتي البحث وإجراء الخبرة، وذلك طبقا لمقتضيات إجراءات التحقيق المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية[62]، فللمحكمة أن تأمر من تلقاء نفسها أو بناء على طرف أحد طرفي النزاع أو هما معا بالقيام بإحدى إجراءات التحقيق متى رأت ذلك ضروريا.

وتعتبر الخبرة  وسيلة قررها المشرع لمساعدة القاضي لإثبات وقائع معينة، وتعتبر من أكثر إجراءات التحقيق استعمالا في المادة الضريبية، حيث يستعين القاضي الإداري بخبير مختص  قصد تنويره في مشكل تقني أو محاسبي. وعموما فإن الخبرة تخضع في المنازعات الجبائية لنفس القواعد العامة.

وتختلف مهمة أو صلاحيات الخبير باختلاف الواقعة المنشئة والتي على أساسها تم فرض الضريبة، فنجد هناك خبرة عقارية لتحديد القيمة التجارية للعقار وهناك خبرة حسابية لتقييم المحاسبة.

وترتبط مهام الخبير بعدة شروط أساسية أكدت عليها جميع النصوص القانونية التي تعرضت للخبرة، منها المادة 242 من المدونة العامة للضرائب في فقرتها الأخيرة، ويمكن تلخيصها في ما يلي:

  • يجب أن تقتصر الخبرة على البحث في الأمور الفنية دون القانونية التي تدخل في الولاية الحصرية للقاضي.
  • يجب أن تنحصر الخبرة في موضوع النزاع كما حدد من طرف المدعي، وهكذا فإن كان النزاع مثلا يهم الضريبة عن سنة معينة فإن الخبرة لا يمكن أن تمتد إلى سنوات أخرى لاحقة أو سابقة.
  • يجب أن تنصب الخبرة على الإثباتات المقدمة من الأطراف، أي أن الخبير لا يمكن له أن يحل محل الأطراف في إدارة وتقديم الإثبات.
  • يجب أن تنصب الخبرة على وقائع من شأنها التأثير على الحل في النزاع، وهذا الشرط هو نتيجة طبيعية لخاصية الإثبات المفيد ولهذا تعد خارج الخبرة الوقائع المستحيلة أو غير الموجودة أو غير القانونية[63].

ثانيا: طرق الطعن في الأحكام الصادرة في المادة الضريبية

تعتبر طرق الطعن إحدى الوسائل القضائية الاختيارية التي نظمها القانون لفائدة المحكوم عليه بحيث يمكنه الاعتراض على الحكم الصادر ضده، بهدف إلغاؤه أو تعديله أو إزالة أثره.

وفيما يخص المنازعات الجبائية بالمغرب فهي تخضع لنفس طرق الطعن التي نجدها في المنازعات العادية، وعليه سنتطرق لطرق الطعن العادية، وطرق الطعن غير العادية.

  • الطرق العادية للطعن

طرق الطعن العادية في القانون المغربي هي التعرض والاستئناف، وقد نظمها المشرع المغربي في الفصول من 130 إلى 133 من قانون المسطرة المدنية بالنسبة للأول، ومن 134 إلى 146 من نفس القانون بالنسبة للثاني.

  • التعرض:

يعتبر التعرض طريق من طرق الطعن العادية في الأحكام الغيابية الصادرة عن المحكمة الإدارية ما لم تكن قابلة للاستئناف. وهو ما كرسه القانون 80.03 المحدث للمحاكم الاستئناف الإدارية الذي أكد في المادة 14 منه على:” أن القرارات الغيابية الصادرة عن المحاكم الإدارية تقبل التعرض”.

ويعتبر الحكم غيابيا في المنازعات الجبائية عندما لا يقدم الملزم مذكراته بعد أن تم تبليغه من قبل المحكمة بالطعن المقدم من الإدارة الجبائية، ولكن مع ذلك يبقى مجال الطعن بالتعرض جد ضيق، خاصة بعد أن أصبحت إقامة الدعوى أمام المحاكم الإدارية تقتضي إلزاما أن تكون بواسطة محام[64]. وأجل الطعن بالتعرض في الأحكام الغيابية يحدد في عشرة أيام[65].

  • الاستئناف:

يهدف الاستئناف إلى مراقبة صحة الحكم المستأنف وإعادة الفصل في القضية من جديد من حيث الوقائع والقانون.

فقبل إحداث محاكم الاستئناف الإدارية كانت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى سابقا – محكمة النقض حاليا – تبت استئنافيا في الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية الإدارية[66]، إلا أن هذه الوضعية ستعرف تغييرا كبيرا بدخول القانون 80.03 المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية حيز التنفيذ، حيث أسند هذا الأخير اختصاص النظر في الأحكام الابتدائية الصادرة عن المحاكم الإدارية إلى محاكم الاستئناف الإدارية[67] وذلك داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ تبليغ الحكم الإداري الابتدائي[68].

ويقدم الاستئناف بمقال مكتوب يوقعه محام تراعى فيه القواعد المقررة في الفصول 141 و 142 من قانون المسطرة المدنية[69] إلى كتابة ضبط  المحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم المستأنف ويعفى طلب الاستئناف من أداء الرسوم القضائية[70]، ويتم رفعه مع باقي المستندات داخل أجل أقصاه خمسة عشر (15) يوما[71].

  • طرق الطعن غير العادية

تعتبر طرق الطعن غير العادية تلك الطرق التي يجوز فيها الطعن في الأحكام لأسباب يحددها القانون وهي إعادة النظر وتعرض الغير الخارج عن الخصومة والطعن بالنقض.

 

 

 

  • الطعن بإعادة النظر

يعتبر الطعن بالتماس إعادة النظر طعن استثنائي يقدم من احد أطراف الدعوى للوصول إلى إلغاء حكم قضائي، لم يعد قابل للطعن بالطرق العادية كالتعرض والاستئناف

فهو طريق غير عادي للطعن في الأحكام الانتهائية ترفع أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه إذا تحقق سبب أو أكثر من الأسباب التي حددها القانون على سبيل الحصر في الفصل 402 من قانون المسطرة المدنية.

والسؤال الذي يطرح هل تقبل الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية في المنازعات الضريبية الطعن بالتماس إعادة النظر؟

إن أحكام المحاكم الإدارية في المادة الجبائية تكون غير قابلة للطعن بالتماس إعادة النظر باعتبارها أولا أحكاما صادرة عن محكمة أول درجة ثم ثانيهما لقابليتها للاستئناف أمام محاكم الاستئناف الإدارية.

وتجدر الإشارة أن المشرع المغربي لم يدرج في القانون المحدث للمحاكم الإدارية إمكانية اللجوء إلى الطعن بالتماس إعادة النظر[72].

  • تعرض الغير الخارج عن الخصومة

يعتبر تعرض الغير الخارج عن الخصومة، طريق غير عادي للطعن وضعه المشرع لمصلحة كل شخص لم يكن طرفا أو ممثلا في دعوى صدر فيها حكم أضر بمصالحه وحقوقه، من أجل الحصول على مراجعة الحكم.

وتعتبر منازعات التحصيل أهم مجال لتعرض العير الخارج عن الخصومة في المنازعة الضريبية، حيث يشكل هذا الطعن أهم وسيلة لحماية حقوق وامتيازات الخزينة العامة التي قد تأتي على إثر صدور حكم قضائي لم يكن القابض طرفا فيها ويهدد حقوقها.

ويقبل تعرض الغير الخارج عن الخصومة جميع الأحكام سواء كانت ابتدائية أو انتهائية، حضورية أو غيابية، الصادرة عن جميع المحاكم بما فيها المحاكم الإدارية، إعمالا للمادة السابعة من قانون المحاكم الإدارية التي تحيل على تطبيق قانون المسطرة المدنية.

  • الطعن بالنقض

يعتبر الطعن بالنقض طريق غير عادي، يهدف إلى عرض الحكم المطعون فيه على محكمة النقض من أجل إلغائه، نظرا لما يشوبه من عيوب قانونية سواء من حيث الشكل أو الموضوع، فمحكمة النقض لا تعتبر درجة ثالثة من درجات التقاضي، بل هي محكمة قانون سلطتها تنحصر من الناحية المبدئية في البحث في موافقة الحكم المطعون فيه لأحكام القانون[73].

ومع صدور القانون المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية فإن القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف تكون قابلة للطعن بالنقض أمام محكمة النقض.

ويحدد اجل الطعن بالنقض في ثلاثين يوما من تاريخ تبليغ القرار المطعون فيه، وتطبق في شأن مسطرة النقض القواعد العامة المقررة في الفصل 353 وما يليه إلى الفصل 385 من قانون المسطرة المدنية. وقد تم تحديد الأسباب الموجبة للنقض في الفصل 359 من قانون المسطرة المدنية[74].

وقد تم الاعتراف لأطراف النزاع الضريبي بإمكانية توجيه الطعن بالنقض بمقتضى المادة 16 من القانون 80.03 المحدث للمحاكم الاستئناف الإدارية، حيث نادرا ما تتوقف المنازعة عند حدود طرق الطعن العادية.

وبناء على كون محكمة النقض محكمة قانون لا محكمة واقع فإنه يمنع إثارة أسباب جديدة لم يسبق إثارتها في المراحل السابقة للدعوى واستثناء يمكن قبول الأسباب المتعلقة بالنظام العام[75].

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثاني: تجليات تدخل القضاء الاداري في تحقيق التوازن بين الملزم والإدارة الضريبية

يعتبر التوازن في الميدان الجبائي، هو ذلك الاعتراف بحقوق وواجبات الملزمين مقابل حقوق الدولة والخزينة العامة. وهذه الحقوق والواجبات قد أقرها المشرع عبر ترسانة جبائية قوية.

وعليه فإن إحقاق الحقوق لأصحابها لن تأتي إلا بوجود جهاز قضائي فعال همه الأسمى هو تكريس وتحقيق العدالة، فالمحاكم الإدارية لعبت دورا مهما في توفير مجموعة من الضمانات التي أقرها التشريع، سواء لحماية الخزينة العامة من جهة أو لحماية الملزم من جهة ثانية.

ومن هنا يكمن الاختلاف في الدوافع التي تبرر للقضاء تدخله في إعادة التوازن في العلاقة النظامية بين الملزم والإدارة الضريبية والعمل على ضمان الحماية للحقوق سواء تعلق الأمر بحقوق الملزم أو حقوق الإدارة الضريبية.

لذلك يشكل التدخل القضائي في المنازعات الضريبية آلية أساسية لإقرار مختلف الضمانات التي خولها المشرع الضريبي للملزمين بالضريبة وذلك على أساس احترام المساطر الضريبية واحترام المبادئ والقواعد القانونية المقررة في هذا الشأن لصالح الملزمين مع الحفاظ على المصالح المالي للدولة.

ومن هذا المنطلق فإن المحاكم الإدارية لعبت دورا هاما في توفير مجموعة من الضمانات التي أقرها التشريع الضريبي لحماية الخزينة العامة (المطلب الثاني) من جهة، ولحماية الملزم (المطلب الأول) من جهة ثانية.

المطلب الأول: دور القضاء الإداري في تكريس الضمانات المخولة للملزم

إن السلطات الواسعة التي تتمتع بها الإدارة الضريبية تبرر ضرورة ومشروعية توفير الحماية القضائية للطرف الثاني في المنازعة وهو الملزم المفتقر لأي سلطة أو امتياز سوى سلطة القانون، لتكون المحاكم الإدارية مؤهلة أكثر من غيرها لتوفير الحماية اللازمة للملزمين على تكريس الضمانات والحقوق المخولة لها في إطار النصوص الجبائية، وذلك على أساس احترام المساطر القانونية في مختلف العمليات الضريبية، وكذا المبادئ والقواعد المقررة في هذا الشأن لصالح الملزمين دون إهدار للمصالح المالية للدولة.

لذلك، سنعمل في دراستنا لهذا المطلب، على الدور الذي يلعبه القاضي الإداري في تكوين الضمانات المخولة للملزمين وذلك من خلال الضمانات المخولة له في مرحلة الوعاء (الفقرة الأولى)، وكذا في مرحلة التحصيل (الفقرة الثانية).

 

 

 

الفقرة الأولى: الحماية القضائية للملزم في مرحلة الوعاء

تشكل العمليات المرتبطة بالوعاء الضريبي المجال الخصب والأكثر إثارة للنزاع بين الإدارة والملزم، ويقصد بالمنازعات في الوعاء الضريبي كل النزاعات التي تثار بشأن تأسيس الضرائب والرسوم الجبائية سواء تعلق الأمر بالأساس القانوني أو الواقعي لهذا التأسيس.

وفي هذا الشأن فإن المشرع الجبائي المغربي كرس في إطار الإصلاح الجبائي مجموعة من الضمانات للملزم في مرحلة الوعاء سواء في إطار مسطرة فرض الضريبة أو تصحيح وعاءها والتي تتمثل في وجوب لإشعار الملزم بالدفاع عن مركزه القانوني لكل فرض تلقائي للضريبة أو تصحيح وعاءها التي تمكنه من التصرف على أساس تلك الضريبة، وكل إخلال بتلك الضمانات يرتب القضاء قرار البطلان عن الإخلال بها.

تأسيسا على ما سبق يتضح أن تدخل القاضي الإداري في حماية الملزم في مرحلة الوعاء ستجلى في الرقابة على مسطرتي الفرض التلقائي، والتصحيح الضريبي.

أولا: الضمانات القضائية المخولة للملزم في مسطرة الفرض التلقائي

إن الأصل في تحديد المادة الضريبية في النظام المغربي يكون بناء على تصريح عفوي من طرف الخاضعين للضريبة داخل الآجال المحددة قانونا باعتباره من بين الضمانات المخولة للملزم، والتي من خلالها يعبر هذا الأخير عن رغبته في تمويل النفقات العامة للدولة إراديا، حتى يتسنى للغدارة الضريبية تحديد الضريبة المستحقة[76].

لكن في الحالة التي يتقاعس فيها الملزم عن تقديم التصريح داخل الآجال المقررة في التشريع الضريبي، يحق للإدارة الانتقال مباشرة إلى مسطرة الفرض التلقائي وذلك وفق الشروط المنصوص عليها قانونا. وبالرجوع إلى المواد 228 و 229 من المدونة العامة للضرائب نجد المشرع الضريبي المغربي حدد الحالات التي تلجأ إليها الإدارة الضريبية إلى الفرض التلقائي على سبيل الحصر، وهما فرض الضريبة بصورة تلقائية لعدم تقديم الإقرار[77]. ثم فرض الضريبة بصورة تلقائية على مخالفة الأحكام المتعلقة بتقديم الوثائق المحاسبية وحق المراقبة[78].

من خلال ما سبق يتضح أن المشرع  المغربي قيد الإدارة الضريبية بهذه الحالات التي تلجأ إليها لفرض الضريبة على الملزم بشكل تلقائي، حيث لا يمكن لها أن تخرج عن هذه الحالات.

بالإضافة إلى ذلك، إن الإدارة الضريبية ملزمة باحترام مسطرة التبليغ القانوني عند اللجوء إلى مسطرة الفرض التلقائي للضريبة، لذلك تبقى مسطرة التبليغ ضمانة من الضمانات المخولة للملزم ويتعين على الإدارة احترامها لكونها من النظام العام.

وقد رتب القضاء الإداري بجميع مستوياته على خرق الإدارة مقتضيات التبليغ يؤدي إلى بطلان مسطرة الفرض التلقائي للضريبة وذلك لارتباطها الوثيق مع حق الدفاع المخول للملزم بالضريبة.

وهناك مجموعة من الأحكام والقرارات التي تصب في هذا الاتجاه، وهذا ما دأبت عليه الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى سابقا، التي ألغت الضريبة المطعون فيها لعدم التبليغ القانوني بالإجراءات القانونية المتطلبة في فرضها إلى القول ما يلي:”…لكن حيث أن فرض الضريبة تلقائيا كما هو الوضع في النازلة يستوجب أن يكون الملزم قد سبق إنذاره بوجوب تقديم تصريحه، وتمكينه من إبداء ملاحظاته حول أسس فرض الضريبة قبل فرضها حسب الكيفيات التي حددها الفصل 28 من القانون المنظم للضريبة على القيمة المضافة، الأمر الذي لا تجادل فيه المستأنفة التي تذكر أنها وجهت رسالتين موصى بهما لإنتاج آثارهما، وأن المستأنفة عليها بالرسالتين ليكون فيما قضى به إلغاء الضريبة مؤسسا…”[79].

وعموما يمكن القول، أن القضاء الإداري المغربي حريص كل الحرص على تمتيع الملزم بالضمانات المقررة له قانونا وذلك بترتيب جزاء بطلان مسطرة الفرض التلقائي عن كل إخلال من طرف الإدارة.

ثانيا: الضمانات القضائية المقررة للملزم أثناء تصحيح الأساس الضريبي

تشكل مسطرة تصحيح الضريبة ضمانة أساسية للملزم لما لها من ارتباط بحقوق الدفاع المخولة له، والتي تهدف إلى إقرار حقه المتمثل في إشراكه في عملية تصحيح الوعاء الضريبي، وذلك لمعرفة وسائله وحقوقه من الأساس المنوي اعتماده في تصفية الضريبة. حيث يتم تصحيح الأساس الضريبي وفق المسطرة التواجهية حيث يعرض كل طرف (الإدارة من جهة والملزم من جهة ثانية) موقفه وملاحظاته بنية التوصل إلى اتفاق حول الأساس الضريبي الجديد[80].

وبالرجوع إلى المواد 220 و 221 من المدونة العامة للضرائب نجد أن مسطرة تصحيح أساس الضريبة تفرض إما في إطار المسطرة العادية أو إما في إطار المسطرة السريعة للتصحيح، وعلى الإدارة أن توجه رسالة أولى للتصحيح للملزم بالضريبة، تضمن فيها أسباب التصحيح وطبيعته ومبلغه ليكون الملزم على بينة من أمره حتى يتمكن من الدخول في حوار مع الإدارة من خلال مسطرة تواجهية، وإذا لم يتم الوصول إلى اتفاق، فإن الإدارة تلجأ إلى توجيه رسالة ثانية تحدد فيها أساس فرض الضريبة الواجب اعتماده والذي سيصبح نهائيا إذا لم يطعن فيه الخاضع أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة.

يلاحظ أن الإدارة الضريبية ملزمة بالتبليغ القانوني برسالتي التصحيح الأولى والثانية، فخرق هذه المسطرة يؤدي إلى بطلان مسطرة التصحيح، كما نصت على ذلك المواد 220 و 221 من المدونة العامة للضرائب.

وفي هذا الإطار لعب القضاء الإداري دورا ايجابيا في حماية الضمانات التي قررها القانون الضريبي للملزم في مسطرة تصحيح الضريبة. وهكذا استقر على أن كل إخلال لمسطرة تصحيح الضريبة يقضي إلى اعتبار مسطرة التصحيح باطلة.

وهكذا ذهبت المحكمة الإدارية بأكادير في حكم لها بتاريخ 15/11/2007 جاء فيه:” وحيث أن الثابت من الرسالة الثانية الصادرة عن إدارة الضرائب أن هذه الأخيرة توصلت بجواب الملزم عن الرسالة الأولى بتاريخ 02/06/2004، وحيث أن الثابت كذلك من شهادة التبليغ أن الملزم توصل بالرسالة الثانية بتاريخ 18/09/2004 أي بعد انصرام أجل الستين يوما المذكور أعلاه، مما يجعل مسطرة التصحيح لإعلامه يجعل الضريبة المؤسسة بناء على هذه المسطرة باطلة”[81].

يتضح من خلال ما سبق أن التبليغ يعتبر ضمانة أساسية للملزم حيث يفسح له المجال للدفاع عن مركزه القانوني والمالي في إطار المسطرة التوجيهية.

الفقرة الثانية: الحماية القضائية للملزم على مستوى التحصيل الضريبي

تعتبر عملية التحصيل مجموعة من العمليات والإجراءات التي تهدف إلى حمل مديني الدولة والجماعات الترابية وهيأتها والمؤسسات العمومية على ما بذمتهم من ديون بمقتضى القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، أو الناتجة عن أحكام وقرارات القضاء أو عن الاتفاقات.

فالمنازعة في التحصيل تهدف إلى فرض احترام القواعد القانونية، وذلك من خلال الضوابط القانونية التي ينبغي التقيد بها من قبل الجهة الإدارية التي تتولى تحصيل الضرائب، وذلك ضمانا لاستيفاء ديون الدولة، وفي نفس الوقت الحفاظ على ضمانات وحقوق الملزم بالضريبة.

لذلك، سوف أتناول في هذه الفقرة الحماية القضائية للملزم أثناء مرحلة التحصيل، وذلك من خلال التطرق لدور القضاء الموضوعي في تكريس ضمانات الملزم أثناء مرحلة التحصيل (أولا) ثم الدور الذي يلعبه القضاء الاستعجالي في حماية الملزمين في مواجهة مساطر التحصيل(ثانيا).

أولا: حماية القضاء الموضوعي للملزم في مرحل التحصيل

المنازعة في إجراءات التحصيل تعتبر دعوى موضوعية بطبيعتها، وتثار أمام قضاء الموضوع، وعليه يضطلع هذا الأخير بدور فعال في أقرار مبدأ الشرعية على تصرفات إدارة تحصيل ومدى احترامها للضوابط القانونية أثناء متابعة إجراءات التحصيل أو في الحالة التي تتراخى فيها الإدارة عن قيامها بإجراءات التحصيل الضريبي إلى حين مرور الوقت القانوني.

وفي هذا الإطار سوف نركز على بعض الضمانات القضائية المخولة للملزم في مرحلة التحصيل، أهمها الرقابة التي يمارسها القضاء الإداري على مشروعية إجراءات التحصيل الجبري، ثم سلطة القضاء الإداري في مراقبة اجل التقادم.

  • الرقابة القضائية على مشروعية إجراءات التحصيل الجبري

تتمحور الرقابة التي يمارسها القاضي الإداري على مستوى تحصيل الديون العمومية حول الإجراءات المباشرة من طرف المحاسبين العموميين المكلفين بعملية استخلاص الديون العمومية، ومدى احترامهم للمسطرة التي حددها القانون[82].

ولعل من أهم المنازعات القضائية المثارة في هذا الشأن المنازعة في الإجراءات سواء العادية المنصوص عليها في المادة 39 من مدونة تحصيل الديون العمومية، والمتمثلة في الإنذار والحجز أو البيع. أو الإجراءات الاستثنائية المتمثلة في الإكراه البدني والإشعار لغير الحائز والتي لا يتم اللجوء إليها إلا في حالات الضرورة لضمان حقوق الخزينة العامة من الضياع[83] .

وفي حالة عدم احترام الإدارة لهذه الإجراءات يمكن للملزم أن ينازع في إجراءات المتابعة والتي تكون على شكل التعرض بحيث يمكنه التعرض على هذه الإجراءات أمام القضاء باعتباره الجهة التي تعمل جاهدا على تحقيق نوع من التوازن بين المدينين بأداء الضريبة والخزينة العامة[84].

وفي هذا الإطار جاء في حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء ما يلي:”… وحيث أن تخلف القابض عن الإدلاء بالوثائق التي تفيد قيامه بإجراءات التحصيل على وجه الصحيح كما في الفصل أعلاه، وذلك بتبليغ إنذار قانوني للمدعية قبل مباشرته لمسطرة الحجز أو مواصلة الإجراءات وفق التدرج المنصوص عليه بالمادة أعلاه، واكتفاءها فقط بتوجيه إنذارات بدون صائر في فترات متفاوتة ودون إثبات تبليغها بتوجيه إنذارات بدون صائر في فترات متفاوتة ودون إثبات تبليغها المدعية بصفة قانونية يقتضي ترتيب الآثار المنصوص عليه في المادة المشار إليها أعلاه والتصريح تبعا لذلك بالبطلان”[85].

  • سلطة القضاء الإداري في مراقبة آجال التقادم

تكمن أهمية التقدم في مجال منازعات تحصيل الدين الضريبي في دوره الحاسم في صحة التحصيل من عدمه ، وأحقية الإدارة المسندة لها مهمة التحصيل في استخلاص الدين الضريبي ، كما تكمن أهميته من ناحية أخرى بالنظر إلى أن أغلب الدعاوى المرفوعة ضد الخزينة العامة والقباضات تتعلق بادعاءات تقادم إجراءات التحصيل. وأن القضاء الإداري ألغي العديد من عمليات التحصيل في إطار حرصه على مشروعية الضريبة من حيث احترام مساطر استخلاصها ، فهذا النوع من الدعاوی الأكثر فائدة بالنسبة للملزم ، كما أنها الأيسر بالنسبة لإثبات القضاء بخصوص تحقق التقادم من عدمه ، حيث بمجرد ما يثبت لدى القضاء الإداري عدم قيام القابض بالإجراءات الضرورية لاستخلاص الدين الضريبي داخل الأجل القانوني التحصيل يعلن عن وجود حالة التقادم ويقضي تبعا لذلك بإبطال الضرائب المعنية[86].

وبالرجوع إلى مقتضيات المادة 123 من مدونة تحصيل الديون العمومية نجدها تنص على أنه ” تتقادم إجراءات تحصيل الضرائب والرسوم والحقوق الجمركية وحقوق التسجيل والتمبر بمضي أربع سنوات ( 4 ) من تاريخ الشروع في تحصيلها .

ثانيا : دور القضاء الاستعجالي في حماية حقوق الملزمين

إن غاية المشرع من إحداث القضاء الاستعجالي هي إسعاف المتقاضين بصفة عامة والملزم بأداء الضريبة بصفة خاصة، باعتباره الحلقة الضعيفة في العلاقة الجبائية وذلك من خلال بسط رقابة القاضي الاستعجالي الإداري على قرار المحاسب بالتحصيل القاضي برفض إيقاف الأداء، وكذلك من خلال إصداره لأوامر استعجالية من اجل إيقاف التنفيذ.

  • دور القضاء الاستعجالي في مجال مسطرة إيقاف الأداء

يقصد بمسطرة وقف الأداء، هو ذلك الحق المخول بمقتضى القانون لكل شخص مطالب بدين ضريبي أن يلجأ إلى المحاسب من أجل أن يوقف إجراءات المتابعة إلى حين البت في شكايته المتعلقة بموضوع الدين أو صدور الحكم في الدعوى المقامة المتعلقة بنفس الدين ، وذلك شريطة تقديم ضمانة تأمين من هذا الدين[87].

فالقضاء الاستعجالي ألقي على عاتقه مراقبة المسطرة الإدارية لتأجيل الدين الضريبي من خلال إعمال سلطته التقديرية في فحص النزاع والتبصر في طلب إلغاء قرار المحاسب المكلف بالتحصيل شأنه في ذلك شأن باقي القرارات الإدارية ، في حالة رفضه منح إيقاف الأداء الجزئي أو الكلي للدين العمومي وذلك وفق القواعد العامة تحكم اختصاص مؤسسة الرئيس ودون المساس بأصل الحق[88] .

وفي هذا الإطار جاء في حيثيات الأمر الصادر عن المحكمة الإدارية بمكناس ما يلي : “… هكذا يمكن القول أن المنازعة المتعلقة بقبول الضمانات من اجل إيقاف أداء تتيح إمكانية  لجوء المدين إلى القضاء الاستعجالي في حالة رفض المحاسب المكلف بالتحصيل الضمانات المقدمة من طرف الملزم.

وحيث أن الطلب يهدف إلى إيقاف إيراد التحصيل الضريبة العامة على الدخل موضوع الأمر بالتحصيل عدد 10.

وحيث أن الطالب يتمسك بانتفاء أسباب التهريب باعتبار أن فرض الضريبة أعلاه تم استنادا على حفظ في طريقة عرض حصيلة أنشطته والذي ورد بالبيان الختامي المودع لدى إدارة الضرائب برسم السنة المحاسبية 2009.

حيث أدلى الطالب بكتاب مؤرخ في 26/11/2014 موجه للخازن الجهوي بفاس توصل به هذا الأخير يطلب فيه منه إعطاء تعليماته للسيد قابض أرفود قصد إيقاف إجراءات التحصيل الجارية في مواجهته، إلى حين البت في النزاع المعروض على المحكمة الإدارية بمكناس مشيرا إلى أنه شكل ضمانة تؤمن لدين المتنازع بشأنه عبارة من أصل تجاري وحيث أبدى القابض استعداده لقبول الضمانة شريطة تغطيتها للدين المتنازع بشأنه.

 وحيث أدلى الطالب بتقرير خبرة منجزة من طرف الخبير القضائي حدد فيها قيمة الأصل التجاري الذي يملكه الطالب والكائن بشارع مولاي إسماعيل محطة أرفود والمسجل بالسجل التجاري لدى المحكمة الابتدائية بالرشيدية تحت عدد 1092/1981 في مبلغ 2.000.000,00 درهم، وأرفق التقرير بنسخة التقييدات المضمنة بسجل التحليل رقم 1092/1981 مؤرخة في 20/11/2014 تفيد أن هذا الأصل التجاري غير مثقل بأية رهون أو حجوزات …

وحيث أن مقتضيات المادة 117 من مدونة تحصيل الديون العمومية تجيز إيقاف الدين المتنازع عليه شريطة تقديم ضمانة تؤمن تحصيل هذا الدين.

وحيث اعتبارا لكون الضمانة المقدمة لتأمين أداء الدين تغطي هذا المبلغ، فإنه يتعين الاستجابة للطلب”[89].

  • دور القضاء الاستعجالي في مجال إيقاف تنفيذ الديون العمومية

تعتبر طلبات إيقاف تنفيذ الديون العمومية طلبات وإجراءات وقتية يكتنفها الطابع الاستعجالي، ولا تحتمل أي تأخير، اعتبارا لكون انتظار سلوك الإجراءات العادية التقاضي من شانه إلحاق أضرار بالغة بالملزم بصعب أو يستحيل تداركها في المستقبل.

وفي هذا الإطار نعرض بعض النماذج من هذه الإجراءات التي تكون من اختصاص القضاء الاستعجالي الإداري،  كإيقاف الإنذار الضريبي، وإيقاف إجراءات الحجز .

  • إيقاف الإنذار الضريبي

إن عدم سلوك مسطرة الإنذار أو خرق مبدأ تدرج إجراءات التحصيل يؤدي إلى إيقافها وكذا بطلانها.

وفي هذا الإطار نجد رئيس المحكمة الإدارية بأكادير أصدر أمرا في هذا الشأن نقرأ من حيثياته ما يلي :” حيث ان الطلب يرمي إلى الحكم بإيقاف إجراءات التحصيل الجارية في حق العارضة بموجب الإنذار عدد2501/2009 المؤرخ في 26/10/2009، الإنذار الأخر تنبيه المؤرخ في 10/12/2009، إلى حين انتهاء دعوى الموضوع المفتوح لها الملف الإداري497/2008. مع ما يترتب على ذلك قانونا وحيث تبين للمحكمة بعد دراسة الطلب وتفحص ظاهر الوثائق المدلى بها والنصوص القانونية المتمسك بها ودون المساس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر أن المدعية تنازع بجدية في قانونية الدين، ومما يتعين معه الحكم بإيقاف إجراءات الاستخلاص الجبري المباشرة في حق المدعية من طرف قباضة أولاد تايمة إلى حين البت في الموضوع … “[90].

  • إيقاف إجراءات الحجز

يمثل الحجز حالة استعجال تتطلب تدخل قاضي المستعجلات لإيقافه نظرا لكون هذا الإجراء إجراء عملي يغل يد المدين ويمنعه من التصرف في أمواله، ويشل حركة الاستثمار، وإذا لم يؤدي ما عليه الضريبي، يتم الانتقال مباشرة إلى البيع بالمزاد العلني لاستخلاص الدين الضريبي.

وفي هذا الإطار جاء في قرار المحكمة الاستئنافية بالرباط ما يلي:” … وحيث من جهة ثالثة، فإن المستأنف عليه يطعن في الضرائب التي كانت سببا في حجز منقولاته لتقادم إجراءات تحصيلها، وهي المنازعة التي قدرت المحكمة أنها ذات طابع جدي من جهة لكون الضرائب الممتدة لتواريخ الشروع في تحصيلها إلى غاية 29/05/2009 لم يدل القابض بالإجراءات المقيدة في قطع التقادم، أما بالنسبة لباقي الضرائب الصادرة برسم السنوات من 2010 إلى 2013، فإن لجوء القابض إلى الحجز على منقولات المستأنف عليه يشكل ضمانة لاستخلاص قيمتها، الأمر الذي يضفي على المنازعة عنصر الجدية المقترن بحالة الاستعجال، مما يبقي معه ما أثير في هذا الشأن غير مؤسس ويتعين استبعاده وأمر المستأنف مؤسس وواجب التأييد”[91] .

 المطلب الثاني: أوجه تدخل القضاء الإداري في حماية الإدارة الضريبية

إن المشرع المغربي عمل على إقرار سلطات واسعة للإدارة الضريبية مثل سلطة المراقبة، تصحيح الإقرارات الضريبية التي يقدمها الملزم، الفرض التلقائي عند تقاعس الملزم، سلطة توقيع الجزاء على الملزم الذي يخل بواجباته الضريبية … وغيرها من السلطات. فان القضاء الإداري  بدوره عمل على إقرار مجموعة من القواعد التي تكرس مبدأ حماية موارد خزينة الدولة، وعلى هذا الأساس سوف نتحدث عن بعض مظاهر الحماية القضائية للإدارة الضريبية سواء في مرحلة الوعاء (الفقرة الأولى) أو في مرحلة التحصيل (الفقرة الثانية) .

 الفقرة الأولى: بعض مظاهر الحماية القضائية للإدارة على مستوى الوعاء

کرس القضاء الإداري المغربي في مرحلة الوعاء مجموعة من القواعد التي تقرر حماية الموارد العامة للدولة، ومن بين هذه القواعد، حق الإدارة في عدم إعفاء الملزم من الغرامات (أولا)، ثم عدم حصول الملزم على الرخصة الإدارية وعدم الإقرار لا يعفي خضوع النشاط للضريبة (ثانيا).

أولا: حق الإدارة في عدم إعفاء الملزم من الغرامات

إن إدارة الضريبة لها حق فرض الغرامات والجزاءات على الملزمين الذين يتماطلون أو يتهاونون في أداء الضريبة، وذلك بهدف حماية حقوق الدولة من الضياع التي بموجبها تقوم بالإبقاء على الأعباء العامة التي يستفيد منها جميع الأفراد بما فيهم الملزمين بالضريبة، وبالمقابل خول قانون الضريبة كذلك لإدارة الضريبة ممثلة في شخص وزير المالية أو من يفوض له ذلك الحق في إعفاء أو تخفيض بعض الغرامات المالية المفروضة على بعض الملزمين الذين يمرون من ظروف مالية صعبة في إطار الطلبات المتعلقة بالنظام الاستعطافي، وفي حالة عدم استجابة إدارة الضريبة للتنظيم القاضي بالتخفيض أو الإعفاء من الغرامات فلا شيء عليها مادام أن الغرامات والجزاءات المتخذة في حق الملزم ليست من لغة القانون[92].

ثانيا: عدم حصول الملزم على الرخصة الإدارية وعدم وضع الإقرار لا يعفي خضوع النشاط للضريبة

قد يحتاج الملزم يكون نشاطه غير خاضع للضريبة نظرا لكونه لا يتوفر على رخصة لمزاولة النشاط المهني بالضريبة، لكن على خلاف ذلك لا يربط القضاء الضريبي إلا بمدى وجود النشاط من عدمه فالعبرة أولا بوجود النشاط.

وقد كرس القضاء هذه القاعدة من خلال مجموعة من القرارات والأحكام مثلا قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى سابقا – محكمة النقض حاليا – المؤرخ في 25 يناير 2001 حيث جاء فيه ما يلي:”… وحيث يتضح من الوثائق المدلى بها من طرف إدارة الضرائب وخصوصا طلب المستأنف بتسجيله بالضريبة المهنية سنتی 1991 – 1999 بالإضافة إلى طلب تخفيض الضريبة سنة 1993 والمحضر المنجز من طرف الضابطة القضائية بتاريخ 29/08/2005 رغم عدم حصوله على رخصة استخدام محلين موضوع الضريبة فقد كان يزاول بهما مهنة طعن مخلفات البلاستيك وبذلك تكون الواقعة المنشئة للضريبة محققة، إلا أن العبرة بممارسة النشاط المفروض عليه الضريبة لا بالحصول على الرخصة أو عدمها وتكون هذه الوسيلة بدورها غير قائمة على أساس والحكم المطعون فيه قد صادف بذلك الصواب ويتعين تأييده”[93].

يتضح من هذا القرار أن الغرفة الإدارية تبين لنا أن الملازم الذي يريد أن يتهرب من أداء الضريبة بعلة أنه لم يحصل على الرخصة الإدارية لمزاولة النشاط التجاري بالأداء ما دام من الواقعة المنشئة للضريبة متوفر من حيث الواقع، لأن العبرة كما قلنا بممارسة النشاط المفروضة عليه الضريبة لا بالحصول على الرخصة أو عدم الحصول عليها[94].

الفقرة الثانية : مظاهر الحماية القضائية لمداخيل الخزينة في مرحلة التحصيل

لقد وفر القانون الضريبي عدة الضمانات للخزينة العامة قصد ضمان حقوقها من بينها قيامها بعملية تحصيل الدين الضريبي الذي يقع على كاهل الملزم .

وقد كرس القضاء الإداري هذه الضمانات كما عمل على توضيح أبعادها وشروطها وأفرزت التجربة القضائية عدة قرارات تسير في هذا الاتجاه. ومن بين هذه الضمانات، ضرورة توفير الضمانة لمن يطالب بوقف الأداء (أولا)، ضرورة توفر الشروط الموضوعية لمن يطلب بإيقاف تنفيذ إجراءات الدين الضريبي (ثانيا).

أولا: ضرورة توفير الضمانة لمن يطالب بوقف الأداء

لقد نصت جل التشريعات الضريبية على مبدأ وقف الأداء وأثقلت الاستفادة منه بمجموعة من الشروط القانونية والمادية من أهمها ضرورة تقديم الضمانة، بحيث تعتبر الطلب المقدم إلى الجهات المعنية بدون تقديم ضمانات كافية كأن لم يكن، وهذا ما نصت عليه المادة 117 من القانون 15-97 المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية، ويستفاد من خلال هذه المادة أن تقديم الضمانات يعتبر شرطا أساسيا وضروريا بوقف الأداء الضريبي والهدف من إقرار هذا الشرط هو التصدي للطلبات التي يهدف من ورائها بعض المدينين الحصول على متسع من الوقت لإخفاء أموالهم وممتلكاتهم عن متابعة الخزينة أو التأخير التعسفي في تسديد الديون العمومية.

وقد كرست المحاكم الإدارية هذا المبدأ من خلال مجموعة من القرارات، حيث جاء في قرار لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط ما يلي:” حيث أن من شروط الاستجابة لطلب إيقاف تنفيذ إجراء تنفيذ إجراءات تحصيل وجوب إدلاء الطالب بضمانة كافية لتغطية الدين الضريبي، طبقا للمادتين 117 و118 من مدونة تحصيل الديون العمومية والمادة 242 من المدونة العامة الضرائب”[95].

وخلاصة القول أن طلب وقف الأداء بدون تقديم ضمانات أو تقديمها بشكل غير كافي، يعتبر كأن لم يكن الأمر الذي يخول الحق للمحاسب المكلف بالتحصيل في متابعة إجراءات التحصيل إلى حين استيفاء هذا الشرط أو إلى حين استفاء الدين المطالب به[96].

ثانيا: ضرورة توفر الشروط الموضوعية لمن يطلب بإيقاف تنفيذ إجراءات الدين الضريبي

حتى يجد طلب إيقاف التنفيذ إجراءات التحصيل سبله لقبول أمام القضاء الاستعجالي، فلابد من استجماعه لبعض الشروط الموضوعية التي تتمثل في جدية المنازعة والاستعجال وعدم المساس بأصل الحقوق وكذا تقديم الضمانات عند اللزوم.

وفي هذا الإطار يتبين، أن القضاء الإداري تشدد على ضرورة توفر الشروط الموضوعية لإيقاف تنفيذ إجراءات التحصيل وذلك لضمان حماية خزينة الدولة[97].

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة:

ختاما يمكن القول أن موضوع المنازعات الضريبية خلال المرحلة القضائية، حيث يلعب القضاء الإداري فيها دور مهم يتمثل في تحقيق التوازن بين الملزم والإدارة الضريبية تمت معالجته وفق مبحثين، الأول تم التطرق فيه للمسار الإجرائي للمنازعات الضريبية أمام القضاء الإداري، وذلك من خلال الحديث عن نطاق اختصاص القضاء الإداري في الدعوى الضريبية وأنواع هذه الأخيرة، ثم بعد ذلك تناولت قواعد التقاضي في المادة الضريبية وذلك بالحديث عن شروط رفع الدعوى الضريبية والإجراءات المسطرية لها من خلال تناول إجراءات الإثبات والتحقيق وصولا إلى الطعن في الأحكام الصادرة في المادة الضريبية.

كما تم الوقوف في المبحث الثاني كمحاولة للإجابة عن الإشكالية المحورية المتمثلة في مدى نجاح المشرع الجبائي المغربي من خلال تنظيمه لمقتضيات الدعوى الجبائية في تكريس التوازن المنشود بين طرفي العلاقة الضريبية؟، حيث تم التطرق فيه للدور الذي يلعبه القضاء الإداري كمحطة حاسمة في المنازعة الضريبية سواء في ما يتعلق بالمنازعة في الوعاء والمنازعة في التحصيل. فالقاضي الإداري عمل على تكريس مجموعة من الضمانات التي تروم على توفير حماية أكبر للملزمين بالضريبة مقابل الحفاظ على حقوق الإدارة الجبائية أو الضريبية.

فقد تم التطرق في هذا المبحث لبعض  الضمانات التي أقرها القضاء الإداري للملزم بالضريبة في مرحلة الوعاء وكذا في مرحلة التحصيل، ومن بينها الرقابة التي يمارسها القضاء الإداري على المساطر الضريبية التي تقوم بها الإدارة  سواء على مستوى الفرض التلقائي أو على مسطرة التصحيح الضريبي، حيث أن كل إخلال بهذه  المساطر يرتب القضاء بطلانها. ففي مرحلة التحصيل فإن القضاء الإداري سواء القضاء الموضوعي أو الاستعجالي منحا مجموعة من الضمانات حماية للملزمين بالضريبة، ومن بين هذه الضمانات نجد الرقابة التي يمارسها القضاء الموضوعي على إجراءات التحصيل وكذلك مراقبة آجال التقادم، إضافة للحماية التي أقرها القاضي الاستعجالي للملزمين على مستوى إيقاف إجراءات التحصيل عند توفر الشروط اللازمة لها.

وفي مقابل هذه الضمانات القضائية المقررة للملزم، هناك الضمانات المقررة للإدارة الضريبية التي أقرها القضاء الإداري وعمل على توضيح شروطها، وقد تطرقنا لتلك الضمانات بعض منها في مرحلة الوعاء والبعض الآخر في مرحلة التحصيل.

وخلاصة القول فإن القضاء الإداري لعب دورا كبيرا في تحقيق نوع من التوازن بين الملزم والإدارة الضريبية، وكما يسعى جاهدا إلى سد الثغرات القانونية سواء في مرحلة الوعاء أو في مرحلة التحصيل.

 

 

 

 

 

 

[1] فدوى الحسناوي، دور القضاء في بناء التوازن في العلاقة بين الإدارة الضريبية والملزم، بحث لنيل دبلوم الماستر، جامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس، السنة الجامعية 2016 – 2017، ص 1.

[2]  حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، بحث لنيل دبلوم الماستر في قانون المنازعات، جامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مكناس، السنة الجامعية 2017 – 2018، ص 7.

[3]  فدوى الحسناوي، نفس المرجع، ص 3.

 [4]  ظهير شريف رقم 1.91.225 الصادر بتاريخ 22 ربيع الأول 1414 الموافق ل10 شتنبر 1993 بتنفيذ القانون 41.90 المحدث بموجبه المحاكم الإدارية، الجريدة الرسمية عدد 4227 بتاريخ 18 جمادى الأولى 1414 الموافق ل 3 نونبر 1993، ص 2168.

[5]  إدريس العلوي العبدلاوي، الوسيط في شرح قانون المسطرة المدنية – الجزء الأول، مطبعة النجاح الجديدة – الطبعة الأولى – 1998، ص 540.

[6]  مصطفى الفوركي، المسطرة القضائية في المنازعات الضريبية، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، العدد الخامس دجنبر 2013،ص 12.

[7]  المادة 8 من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية.

[8]  المادة 13 من نفس القانون.

[9]  كريم لحرش، المنازعات الضريبية في القانون المغربي، مطبعة طوب بريس، الرباط 2013، ص 104.

[10]  جاء في المادة 10 من القانون 41.90 ما يلي:” تطبق أمام المحاكم الإدارية قواعد الاختصاص المحلي المنصوص عليها في الفصل 27 وما يليه إلى الفصل 30 من قانون المسطرة المدنية. ما لم ينص على خلاف ذلك في هذا القانون أو في نصوص أخرى خاصة…”.

[11]  ياسين بطاح، خصوصية الإجراءات المسطرية في المنازعات الضريبية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة السنة الجامعية 2013- 2014، ص 33.

[12]  المادة 32 من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية.

[13]  المادة 35 من نفس القانون.

[14]  العباسي عبد الغني، مسطرة تصحيح الأساس الضريبي وضمانات حقوق الملزم، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سطات، السنة الجامعية 2014 – 2015، ص92.

[15]  يونس مليح، الضمانات المسطرية للملزم في مواجهة الإدارة الضريبية، السلسلة المغربية والتقنيات الضريبية، العدد التاسع، مطبعة الأمنية الرباط، سنة 2015، ص 156.

[16]  نجيب جبري، المنازعات الضريبية بالمغرب – النظام القانوني والإشكالات التطبيقية، مجلة القضاء الإداري، العدد الثامن، سنة 2016، ص 85.

[17]  عبد الكريم حيضرة، سلطات القاضي الإداري في المنازعة الضريبية، مجلة دفاتر الحكامة، العدد 02، دجنبر 2015، ص 197.

[18]  نجيب جبري، المنازعات الضريبية بالمغرب – النظام القانوني والإشكالات التطبيقية، مرجع سابق، ص 85.

[19]  قرار عدد 248 بتاريخ 05/04/2001 ملف إداري عدد 1104/4/1/2000. أورده حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 19.

[20]  أنظر الباب الثالث من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية (المواد من 20 إلى 25).

[21]  وداد ألمو، دور القاضي الجبائي في حماية الاستثمار، بحث لنيل دبلوم الماستر، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، السنة الجامعية 2008 – 2009، ص 58.

[22]  عزيزة هنداز، المساطر الضريبية بين القانون والتطبيق، مطبعة دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، الطبعة الأولى 2011، ص 128.

[23]  أحمد أجعون، القضاء الإداري، طبع وتوزيع مطبعة وراقة سجلماسة، مكناس، طبعة 2013-2014، ص 68.

[24]  الفقرة السادسة من المادة 23 من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية. وكذلك الفقرة السادسة من الفصل 360 من قانون المسطرة المدنية.

[25]  حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 23.

[26]  حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، نفس المرجع، ص 24.

[27]  نجيب جبري، المنازعة في شرعية القرارات الضريبية بين دعوى الإلغاء ودعوى القضاء الشامل، مجلة القضاء المدني، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الجزء الأول، سنة 2015، ص 138.

[28]  قرار عدد 44 صادر في 12/10/2000 في الملف الداري عدد 1481/4/1/1999. أورده حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 26.

[29]  كريم لحرش، المنازعات الضريبية في القانون المغربي، مرجع سابق، ص 108.

[30]  عزيزة هنداز، المساطر الضريبية بين القانون والتطبيق، مرجع سابق، ص 178.

[31]  أنظر المواد 3 و 4 و 5 و 7 من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية.

[32]  كريم لحرش، المنازعات الضريبية في القانون المغربي، مرجع سابق، ص 109.

[33]  حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 522/2008 بتاريخ 31/03/2009، أورده حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 48.

[34]  تنص المادة 209 من مدونة الأسرة على أنه:” سن الرشد القانوني 18 سنة شمسية كاملة…”.

[35]  عز الدين عظامي، المنازعة الجبائية في المرحلة القضائية، رسالة لنيل دبلوم الماستر، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سطات، السنة الجامعية 2013/2014، ص 54.

[36]  حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 42.

[37]  عز الدين عظامي، المنازعة الجبائية في المرحلة القضائية، مرجع سابق، ص 56.

[38] كريم لحرش، المنازعات الضريبية في القانون المغربي، مرجع سابق، ص 110.

[39] حكم المحكمة الإدارية بالرباط رقم 960 بتاريخ 14/05/2007 في الملف رقم 447/07، أورده عبد الحق عميمي، أحكام اجتهاد القضاء الإداري المغربي في المنازعات الضريبية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال – الرباط، السنة الجامعية 2012/2013، ص 107-108.

[40] وذلك وفق التعديل الذي أدخل على ق.م.م سنة 2002 بمقتضى القانون رقم 48.01 الصادر الأمر بتنفيذه بموجب الظهير الشريف رقم 1.02.12 بتاريخ 15 من ذي القعدة 1422 (29 يناير 2002)، الجريدة الرسمية عدد 4977 بتاريخ 11/02/2002، ص 2490.

[41] الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية.

[42] تنص المادة 244 من المدونة العامة للضرائب لسنة 2018 على أنه: ” بصرف النظر عن جميع المقتضيات المخالفة

– تمثل مديرية الضرائب بكيفية صحيحة أمام القضاء، مطالبة كانت أو مطلوبا ضدها، بمدير الضرائب أو الشخص الذي يعين لهذا الغرض والذي يمكنه إن اقتضى الحال توكيل محام؛

  • لا يمكن للنزاعات المتعلقة بتطبيق القانون الجبائي أن تكون موضوع تحكيم”.

 

  [43] لالة بوزنكاط، التقاضي في المادة الضريبية، نشر وتوزيع الشركة المغربية لتوزيع الكتاب الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2014، ص 36.

 [44]   المادة 242 من المدونة العامة للضرائب 2020.

 [45]  تنص المادة 243 من المدونة العامة للضرائب على أنه:” إذا لم يقبل الخاضع للضريبة القرار الصادر عن الإدارة عقب بحث مطالبته، جاز له أن يرفع الأمر إلى المحكمة المختصة داخل أجل الثلاثين (30) يوما الموالية لتاريخ تبليغ القرار المذكور.

إذا لم تجب الإدارة داخل أجل الثلاثة أشهر (3) الموالية لتاريخ المطالبة، جاز كذلك للخاضع للضريبة الطالب رفع طلب إلى المحكمة المختصة داخل أجل الثلاثين (30) يوما الموالية لتاريخ انصرام أجل الجواب المشار إليه أعلاه”.

  [46]   تم خفض هذا الأجل من 6 إلى 3 أشهر بمقتضى البند 7 من المادة 8 من قانون المالية لسنة 2016.

[47]  المادة 245 من المدونة العامة للضرائب والفصل 512 من قانون المسطرة المدنية.

[48]  المادة 3 من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية.

[49]  الفصل 31 من قانون المسطرة المدنية.

[50]  الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية.

[51]  كريم لحرش، المنازعات الضريبية في القانون المغربي، مرجع سابق، ص 113.

[52]  المادة 38 من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية.

[53]  لالة بوزنكاط، التقاضي في المادة الضريبية، مرجع سابق، ص 39.

[54]  لالة بوزنكاط، التقاضي في المادة الضريبية، مرجع سابق، ص 41.

[55]  كريم لحرش، المنازعات الضريبية في القانون المغربي، مرجع سابق، ص 114.

[56]  حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 50/51.

[57]  حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 53.

[58]  انظر بهذا الخصوص على سبيل المثال المادة 145 من المدونة العامة للضرائب.

[59]  حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 55.

[60]  كريم لحرش، المنازعات الضريبية في القانون المغربي، مرجع سابق، ص 118.

[61]  حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 56.

[62]  كما ينص عليها الفصل 55 من قانون المسطرة المدنية.

[63]  السعدية جماني، الخبرة القضائية في المادة الضريبية، السلسلة المغربية للعلوم والتقنيات الضريبية، العدد الخامس، مطبعة الأمنية الرباط 2014، ص 68 – 69.

[64]  حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 66.

[65]  أنظر الفصل 132 من قانون المسطرة المدنية.

[66]  المادة 45 من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية، تم نسخ هذه المادة بموجب المادة 20 من القانون 80.03 المحدث بموجبه محاكم استئناف إدارية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.06.07 بتاريخ 15 من محرم 1427 (14 فبراير 2006) الجريدة الرسمية عدد 5398 بتاريخ 24 محرم 1427 (23 فبراير 2006)، ص 490، كما تم تغييره وتتميمه.

[67]  المادة 5 من القانون 80.03 المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية.

[68]  المادة 9 من نفس القانون.

[69]  المادة 10 من نفس القانون.

[70]  المادة 15 من نفس القانون.

[71]  المادة 11 من نفس القانون.

[72]  حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 70.

[73]  مصطفى الفوركي، المسطرة القضائية في المادة الضريبية، مرجع سابق، ص 22.

[74]  ينص الفصل 359 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي:” يجب أن تكون طلبات نقض الأحكام المعروضة على محكمة النقض مبنية على أحد الأسباب التالية:

  • خرق القانون الداخلي؛
  • خرق قاعدة مسطرية أضر بأحد الأطراف؛
  • عدم الاختصاص؛
  • الشطط في استعمال السلطة؛
  • عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني أو انعدام التعليل”.

[75]  حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 72.

[76]  حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 80 – 81.

[77]  أنظر المادة 228 من المدونة العامة للضرائب.

[78]  أنظر المادة 229 من المدونة العامة للضرائب.

[79]  قرار صادر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 619 في الملف عدد 1647/1/2000، أورده حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 82.

[80]  حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 84/85.

[81]  حكم المحكمة الإدارية بأكادير عدد 07/405 بتاريخ15/11/2007 ملف عدد 138/2007، أورده حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 86.

[82]  حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 90.

[83]  فدوى الحسناوي، دور القضاء في بناء التوازن في العلاقة بين الإدارة الضريبية والملزم، مرجع سابق،  ص 110.

[84]  فدوى الحسناوي، نفس المرجع، ص 115.

[85] حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، عدد 2055 بتاريخ 21/07/2016، ملف إداري عدد 668/133/15، أورده حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 90 – 91.

[86] عبد الحق عميمي، أحكام الاجتهاد القضاء الإداري المغربي في مادة المنازعة الضريبية، مرجع سابق، ص 228.

[87] حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 94.

[88] رضوان عميمي، ضمانات المدين في الاستخلاص الجبائي بين امتيازات الإدارة الضريبية وسلطات القضاء الإداري، أطروحة لنيل دبلوم شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سلا، السنة الجامعية 2014 – 2015، ص 431.

[89] أمر صادر عن المحكمة الإدارية بمكناس رقم 01/710/2015، الصادر بتاريخ 27/01/2015، رقم 104/7101/2014، أورده حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 95 – 96.

[90] أمر صادر عن رئيس المحكمة الإدارية بأكادير رقم 10/2010 بتاريخ 14/01/2010، ملف رقم 268/2009، أورده حميد حماني، نفس المرجع، ص 98.

[91] قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، عدد 83، المؤرخ في 23/03/2015، ملف عدد 65/7202/2015، أورده حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 99.

[92] عبد الحق عميمي، أحكام اجتهاد القضاء الإداري المغربي في مادة المنازعات الضريبية، مرجع سابق، ص 244.

[93]  قرار صادر عن الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى عدد 65، ملف إداري عدد 79 بتاريخ 04/01/2000 منشور بمجلة دفاتر المجلس الأعلى، العدد التاسع، سنة 2005، ص 71.

[94]  حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص109.

[95] قرار صادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بتاريخ 29/02/2016، عدد 11، ملف رقم 12/7201/2016، غير منشور.

[96]  حميد حماني، القضاء الإداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين الإدارة والملزم، مرجع سابق، ص 112.

[97]  حميد حماني، نفس المرجع، ص 113.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى