بحوث قانونية

الخصوصيات القانونية لتأسيس المقاولة الصحفية عدنان حليم ومحمد حيدة –

الخصوصيات القانونية لتأسيس المقاولة الصحفية

إعداد : عدنان حليم ومحمد حيدة

باحثين في القانون



 

نظم المشرع المغربي أحكام المقاولة الصحفية في القانون 88.13 بمثابة قانون الصحافة والنشر باعتبار ان هذه الأخيرة تتميز عن غيرها من المؤسسات القانونية المشابهة، بمجموعة من الخصوصيات على مستوى الإدارة والتأسيس، و لذلك كان من اللازم على المشرع ان يفرد لها إطاراً قانونياً يتلاءم مع هذه الخصوصية، وقد خص المشرع المغربي المؤسسة الصحفية الأجنبية بأحكام وشروط مغايرة عن تلك الخاصة بالمؤسسة الصحفية الوطنية، (المطلب الأول: شروط تأسيس المقاولة الصحفية الوطنية) (المطلب الثاني : شروط تأسيس المقاولة الصحفية الأجنبية)

المطلب الأول : شروط تأسيس المقاولة الصحفية الوطنية

نصت المادة التاسعة من الباب الأول من القانون 88.13 تحت عنوان “في مؤسسات الصحافة والنشر” على مايلي : “باستثناء المؤسسات الصحفية الأجنبية الخاضعة للباب الخامس من هذا القانون، يجب على المؤسسات الصحفية، سواء كانت شخصا ذاتياً او اعتباريا ان يكون :

  • مقرها الرئيسي بالمغرب …”

وبناءً عليه فمقر المقاولة الرئيسي لابد ان يكون بالمغرب لما يحظى به من أهمية قصوى، فعلى أساسه تحدد المحكمة المختصة، في حالة وجود نزاع، والتي يتم التصريح لها كذلك بالبيانات الواردة في المادة 21 التي نصت على انه “يجب التصريح بنشر أي مطبوع دوري او صحيفة الكترونية داخل اجل 30 يوما السابقة لليوم الذي يتوقع فيه إصداره، ويودع هذا التصريح في ثلاثة نظائر لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية الذي يوجد فيه المقر الرئيسي للمؤسسة الصحفية ويتضمن البيانات التالية:

  • اسم المطبوع الدوري وطريقة نشره وتوزيعه او اسم الصحيفة الالكترونية واسم نطاقها؛()
  • الحالة المدنية لمدير النشر والمحررين عند الاقتضاء وكذا جنسيتهم عند الاقتضاء ومحل سكناهم ومستواهم الدراسي الموثق بشهادة ووثائق رسمية وأرقام بطائقهم الوطنية او بطاقة الإقامة بالنسبة للأجانب وسجلهم العدلي
  • اسم وعنوان المطبعة المعهود اليها بالطباعة او اسم وعنوان مضيف() مقدمي الخدمات بالنسبة للصحيفة الالكترونية.
  • اسم وعنوان مالك النطاق؛()
  • اسم وعنوان المؤسسة الصحفية المالكة او المستأجرة او المسيرة للمطبوع الدوري او الصحيفة الالكترونية؛
  • رقم تسجيل المؤسسة الصحفية في السجل التجاري؛
  • بيان اللغة الأساسية التي ستعمل في نشر؛
  • مبلغ رأس مال الموظف في المؤسسة الصحفية مع بيان اصل الأموال المستثمرة وجنسية مالكي السندات والأسهم الممثلة لرأسمال المؤسسة.

اما فيما يخص المؤسسة الصحفية المكونة على شكل شركات فيجب ان يضاف الى جانب البيانات أعلاه، تاريخ عقد تأسيس الشركة والمكان الذي وقع فيه الإشهار القانوني، الى جانب الحالة المدنية لأعضاء مجلس الإدارة والمساهمين وبصفة عامة مسيري وأعضاء الشركة ومهنتهم وجنسيتهم ومحل سكناهم وكذا اسم الشركات التجارية او الصناعية او المالية التي يعتبرون متصرفين او مديرين او مسيرين فيها.

كما نصت نفس المادة على انه في حالة حصول تغيير على البيانات التي تضمنتها فيجب التصريح به داخل أجل 60 يوماً الموالية له لدى وكيل الملك بالمحكمة التي تلقت التصريح الأول. أما اذا لم يقع التصريح بإحداث الصحيفة الالكترونية او المطبوع الدوري() فيعاقب مالكهما أو المضيف بالنسبة للأولى بغرامة من ألفين الى عشرة آلاف درهم، ولا يمكن استمرارهما الا بعد القيام بالإجراءات المنصوص عليها في المادة 21.()

ومن أهم الخصوصيات التي جاء بها القانون 88.13 هو اشتراط توفر المقاولة الإعلامية على مؤسسة مدير النشر() الذي يتولى توقيع التصريح الوارد في المادة 21 والذي يتلقى في مقابله شهادة الإيداع() متضمنةً للبيانات المصرح بهـــــا أعلاه مختومة ومؤرخة من طرف وكيل الملك المختص الذي يرسل بدوره نسخة من التصريح والوثائق المرفقة به الى المجلس الوطني للصحافة والى السلطة الحكومية المكلفة بالاتصال.()

ولاعتبار المقاولة الإعلامية وطنية لابد من ان يكون ثلثي ملاكها على الأقل او الشركاء فيها او المساهمين فيها او من لهم حقوق التصويت في الجموع وأجهزة إدارة المؤسسة او هما معاً يمتلكها شخص ذاتي او اعتباري، من جنسية مغربية.()

يمنع كذلك اعارة الاسم لأية مؤسسة ناشرة من خلال التظاهر باكتتاب اسم الحصص او اقتناء اصل تجاري او سند او استئجاره لتسييره، تحت طائلة غرامة يصل حدها الأقصى خمسين مرة مبلغ الاكتتاب أو الاقتناء او القرض الخفي حسب المادة 12من القانون 88,13.

ومن أجل معرفة من هم الملاك الحقيقيون للمقاولة بالأسهم، ألزم المشرع ان تكون الأسهم اسمية خلافاً لمـــــــــا يجري في باقي المقاولات الأخرى. وتستثنى المقاولات المسجلة في البورصة، كما ان أي نقل للأموال يجب ان تتم المصادقة عليه بالمجلس الإداري، () ولفض الغموض عن الملاك الحقيقيين للمقاولة الإعلامية، ألزمت المادة 11 من نفس القانون على كل شخص ذاتي او اعتباري يملك اكثر من 30% في رأس مال او حقوق التصويت داخل اجهزة إدارة او تسيير مؤسسة صحفية او المؤسسة المالكة لها او هما معاً ان يصرح بذلك الى المجلس الوطني للصحافة. كما اوجبت على كلَ مؤسسة صحفية تملك أكثر من 10 في المائة من رأس مال او حقوق التصويت داخل أجهزة إدارة او تسيير مؤسسة صحفية أخرى او هما معاً ان تصرح بذلك الى المجلس الوطني للصحافة والى مجلس المنافسة.

كل ذلك تحت طائلة معاقبة الشخص المالك لأكثر من 30 في المائة من اسهم المؤسسة الصحفية او المؤسسة المالكة لها، او المؤسسة الصحفية المالكة لأكثر من 10في المائة من الرأس مال عن ذلك، بغرامة من 15 ألف الى 30ألف درهم.

بعد تحقق الشروط واستيفاء الإجراءات اللازمة، يمكن اصدار المطبوع الدوري او الصحيفة الالكترونية بعد أجل شهر من تسلم شهادة الإيداع شريطة ان لا يتلقى مدير النشر اعتراضاً كتابياً معللاً من طرف وكيل الملك المختص، والا فالإجراءات ستتخذ مجرى اخر صوب المحكمة الإدارية المختصة لرفع الدعوى من طرف المعني بالأمر لأجل البث في مبررات الرفض المتضمنة في الاعتراض.

مع الإشارة الى انه لا يجوز خلال مرحلة الطعن اصدار المطبوع الدوري او الصحيفة الالكترونية. وفي كلا الحالتين يمكن ان يصدر المطبوع الدوري او الصحيفة الالكترونية داخل اجل أقصاه سنة من تاريخ تسلم شهادة الإيداع او بعد صدور الحكم النهائي للمحكمة الإدارية المختصة في حالة الاعتراض أعلاه، والا اعتبر التصريح عديم الأثر.

اذاً فأهم ما يميز المقاولة الإعلامية الوطنية هو توفر شرطين اثنين، اولهمــــا ان مقرها الرئيس بالمغرب وثانيهما الجنسية المغربية بثلثي مالكيها على الأقل او الشركاء فيها او المساهمين فيها او من لهم حقوق التصويت في الجموع وأجهزة إدارة المؤسسة أو هما معاً يمتلكهما شخص ذاتي او اعتباري، اذا ما الذي يمكن قوله عند غياب احد هذين الشرطين او كلاهمـا ؟

المطلب الثاني : شروط تأسيس المقاولة الصحفية الأجنبية

اخضع المشرع المغربي المؤسسة الصحفية الأجنبية للباب الخامس من القانون 88.13 فتولاه بالتعريف والتمييز عن المقاولة الإعلامية الوطنية، (الفقرة الأولى) وقيد محتواه بمجموعة بنود تحت طائلة عقوبات من قبيل المنع وسحب الاذن (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: المقاولة الصحفية الأجنبية، التعريف والتأسيس


عمل المشرع المغربي على تعريف المطبوع الأجنبي، في المادة 29 بأنه كل مطبوع مهما كانت دعامته يتوفر فيه احد الشرطين التالين:


ان يصدر في الخارج؛ او ان يصدر في المغرب ، غير ان ما يفوق ثلث المالكين او الشركاء او المساهمين او رأس المال او من لهم حقوق التصويت في الجموع وأجهزة إدارة المؤسسة او هما معاً يمتلكهمــا شخص ذاتي او اعتباري من جنسية اجنبية.

فمفاد الشرط الأول، هو أن يكون خارج التراب الإقليمي المغربي، لكن ذلك لا يعني انه في حالة كانت المقاولة الإعلامية المعنية داخل الإقليم المغربي فهي غير أجنبية، إذ أنه لو تحقق عكس الشرط المكاني أعلاه وكانت المقاولة الإعلامية مملوكة لما يفوق ثلث المالكين أو الشركاء بالنسبة لشركات الأشخاص او المساهمين حالة شركات المساهمة أو رأس المال إذا ماكنا أمام شركات الأموال أو من لهم حقوق التصويت في الجموع وأجهزة إدارة المؤسسة أو هما معا حسب الحال يمتلكها شخص ذاتي أو اعتباري من جنسية أجنبية، فإننا نكون أمام مقاولة إعلامية غير وطنية خاضعة لمقتضيات القانون 88.13 والنصوص الصادرة لتطبيقه.()

يوجه مالك او مستأجر او مسير أو مدير نشر لمطبوع دوري اجنبي مراد احداثه او نشره او طبعه بالمغرب، الى رئيس الحكومة او من يفوضه لذلك، طلباً كتابياً وفق البيانات والكيفيات المنصوص عليها في المادة 21 من نفس القانون أعلاه، وان يُرفقَ طلبُهُ ببطاقة تقنية
وفق النموذج التالي
() :

()
نموذج البطاقة التقنية الخاصة بالبيانات الواجب الإدلاء بها قصد إحداث أو

يودع الطلب المذكور والوثائق المرفقة به والمشهود بصحتها من طرف مدير نشر المطبوع الدوري الأجنبي، مقابل وصل ، بمكتب ضبط مصالح رئيس الحكومة، ويوجه هذا الأخير نسخة من الطلب والوثائق المرفقة به الى السلطة الحكومية المكلفة بالاتصال قصد ابداء الرأي فيه، ويمنح اذن رئيس الحكومة المتعلق بالمطبوع الدوري الأجنبي بالمغرب، بمرسوم ينشر في الجريدة الرسمية، والذي يسند أمر تنفيذه الى وزير الثقافة والاتصال.()

الفقرة الثانية : القيود الواردة على محتوى المقاولات الصحفية الأجنبية

قيد المشرع احداث او نشر او طبع أي مطبوع دوري اجنبي، تحت طائلة الحجز الإداري بإذن رئيس الحكومة او من يفوض له ذلك كما سبق الذكر أعلاه، وفي حالة صدور المطبوع الأجنبي دون الحصول على اذن رئيس الحكومة والتقيد بالبيانات والإجراءات القانونية المنصوص عليها في المادة 30 من القانون المذكور، فان الطابع ومدير نشر المطبوع وصاحب المطبعة يتحملون عند الاقتضاء أداء غرامة على وجه التضامن من 30.000 الى 100.000 درهم.

الا انه يعتبر الاذن عديم الأثر اذا لم يصدر المطبوع الدوري الأجنبي بعد انصرام اجل 6 اشهر من تاريخ الحصول عليه، او اذا انقطع المطبوع الدوري الأجنبي عن الصدور لمدة سنة، مع ضرورة التصريح بأي تغيير يطرأ على البيانات المنصوص عليها في المادة 21، داخل أجل 30 يوم الموالية لدى السلطة الحكومية المكلفة بالاتصال.

حصر المشرع المغربي، محتوى المطبوع الأجنبي بمجموعةٍ من خطوط حمراء تتضمن عدم الإساءة الى الدين الإسلامي او النظام الملكي او تحريضاً ضد الوحدة الترابية للملكة، او قذفاً او سباً او مساً بالحياة الخاصة لشخص الملك وولي العهد او لأعضاء الأسرة المالكة او اخلالاً بواجب التوقير والاحترام لشخص الملك، كما يمنع ان يتضمن المطبوع تحريض الجنود والوحدات العسكرية على العصيان او التمرد او الامتناع عن القيام بالواجب او التحريض على العنف او الكراهية او التحريض على الإرهاب او الإشادة به، او التحريض على التمييز العنصري او الجنسي او التحريض على الاضرار بالقاصرين، واذا حدث العكس على السلطات المختصة عدم الترخيص بتوزيع المطبوعات الأجنبية والمطبوعات الدورية الأجنبية للبيع وعرضها على انظار العموم ومسكها قصد التوزيع او البيع او عرضها لأجل الدعاية، كما تطلب السلطة الحكومية المعنية او النيابة العامة من رئيس المحكمة الابتدائية المختصة بناءً على طلب ان يتم حجز العدد بأمر من هذا الأخير، والذي يصدر داخل اجل 8 ساعات من توصله بالطلب وينفذ امر الرئيس فوراً على الأصل.

والى غاية اتخاذ رئيس المحكمة الابتدائية المعنية قراره المذكور يجوز للسلطة الحكومية المعنية، او النيابة العامة عدم الترخيص المؤقت لتوزيع عدد المطبوع او المطبوع الدوري المعني، الا انه اذا وقع عن قصد نشر او عرض مطبوعات او المطبوعات الدورية الأجنبية المتضمنة للأفعال المحظورة، والصادر الأمر في حقها، للبيع او توزيعها او إعادة يعاقب عن ذلك بغرامة من 100.000 الى 500.000 درهم .

وتجدر الإشارة الى انه يمكن لضباط الشرطة القضائية ان يباشروا بموجب القرار القضائي الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية المختصة، حجز اعداد المطبوعات والمطبوعات الدورية الأجنبية الممنوعة وكذا الأعداد المنقولة عنها، وفي حالة الحكم بعقوبة، ينص وجوبا في الحكم على مصادرة الأعداد واتلافها.()

الا ان المشرع خول للمقاولة الإعلامية الأجنبية حق طلب تعويض يوازي الضرر المترتب عن ذلك في حالة ثبوت كل منع او حجز تعسفي للمطبوع.()

وما يجدر التنبيه اليه الى ان المقاولة الإعلامية الأجنبية تمتاز بشروط وخصوصيات معينة عن المؤسسة الإعلامية الوطنية، الا ان إجراءات تأسيسهما لا يعرفان تبايناً كبيراً.

والملاحظ ان المقاولة الإعلامية عموماً سواء الأجنبية منها أو الوطنية، تحكمها قواعد عامة للقانون التجاري وقانون الشركات لكنها تتميز عن غيرها من المقاولات بخصائص تأسيسية فريدة شملها القانون 88.13، كضرورة وجود مدير نشر، وكالتصريح لدى وكيل الملك بالنسبة للمؤسسات التي يوجد مقرها بالمغرب، ولرئيس الحكومة بالنسبة للمؤسسات الأجنبية، بالإضافة الى اسمية الأسهم في شركات المساهمة قصد التعرف على المالكين الحقيقين الشيء الذي يخول تمييز المؤسسة الإعلامية عن ما اذا كانت وطنيةً او اجنبية…، وقد حرص المشرع على احترام بنود هذا القانون عبر فرض مجموعة من العقوبات المالية .

 

 

 

المراجع

 

  • الدكتور امحمد اقبلي، الدليل العملي في قضايا الصحافة والنشر، الطبعة الأولى، مطبعة الرباط نت، 2019
  • الدكتور امحمد اقبلي، مدونة الصحافة والنشر في شروح، الطبعة الأولى، مطبعة الرباط نت، 2020
  • الحسين الصفاوي، الثقافة المقاولاتية بين النظرية والتطبيق في أفق رقمنة الوثائق والإجراءات، الدار البيضاء صوماديل ، 2019
  • عبد الرحيم شميعة، “الشركات التجارية في ضوء آخر التعديلات القانونية” مطبعة سلجماسة، طبعة 2020
  • محمادي لمعكشاوي، المفيد في شرح قانون الصحافة والنشر بالمغرب، الطبعة الأولى2009

 


 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى