دور المحكمة في انقطاع الخصومة بالدعوى المدنية في إطار قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني
الباحثة : اماني فرج المحامي الدكتور حسين عاهد عيسه
دور المحكمة في انقطاع الخصومة بالدعوى المدنية في إطار قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني
The role of the court in interrupting the litigation of the civil lawsuit within the framework of the Palestinian Civil and Commercial Procedures Law
? الباحثة : اماني فرج ? المحامي الدكتور حسين عاهد عيسه باحث رئيس محامية وباحثة قانونية باحث مشارك أستاذ القانون المدني – فلسطين
كلية الحقوق والإدارة العامة – جامعة بيرزيت – فسلطين
الملخص
يتناول البحث مفهوم انقطاع الخصومة في الدعوى وأسبابه، والآثار المترتبة على انقطاع السير في الدعوى، وصولاً إلى دور المحكمة في إعادة السير بالخصومة المنقطعة. وتكمن أهمية البحث في كونه يعالج جانب عملي من مراحل سير الدعوى المدنية، ومن جانبٍ آخر يسلط الضوء على الثغرات التي تواجهنا في الواقع العملي عند تطبيق نصوص قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم (2) لسنة 2001. وتتمثل إشكالية البحث في الإجابة على السؤال الجوهري: ما هو دور المحكمة في حالات الانقطاع؟ وكذلك الإجابة على التساؤلات المنبثقة عنه: إلى أي مدى يتفق الواقع مع النص القانوني؟ وما هي الثغرات التي تعاني منها النصوص التي عالجت الانقطاع؟
يهدف البحث إلى توضيح دور المحكمة عند حدوث الانقطاع في كل سبب من أسباب الانقطاع، هذا إلى جانب بيان النواقص التي يعاني منها القانون عند التطبيق، والوصول إلى توصية بنصوص بديلة. وينحصر النطاق الموضوعي للبحث في معالجة دور المحكمة في حالات انقطاع الخصومة، دون التطرق إلى باقي العوارض، ومن حيث النطاق الزماني والمكاني فهو يغطي الموضوع في فلسطين استناداً إلى قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم (2) لسنة 2001، وتعديلاته، وذلك باستخدام المنهج الوصفي التحليلي، والاستعانة بالمنهج المقارن لإغناء الدراسة.
توصل البحث للعديد من النتائج، أهمها: إنّ المحكمة لا تملك من تلقاء نفسها الحكم بآثار الانقطاع، إلا أنّه تقع على عاتقها مسؤولية تقدير قيام سبب الانقطاع، ويؤثر انقطاع الخصومة على سيرها، وليس على قيامها، فالخصومة رغم انقطاعها لا تزال قائمة، وتبقى الإجراءات التي اتخذت قبل الانقطاع قائمة وصحيحة.
توصل البحث إلى عدة توصيات: إعادة النظر في موقع المادة (84) من قانون أصول المحاكمات المدنية، وإعادة النظر في دمج المادتين (128) و (84)، فكلاهما مكملتان لبعضهما البعض. إلى جانب ذلك نوصي المشرع باستخدام مصطلح “انقطاع الخصومة” بدلاً من انقطاع الدعوى، ذلك أنّ الانقطاع يرد على الخصومة كإجراءات وليس على الدعوى، فالدعوى تبقى قائمة بالرغم من حالة الانقطاع، وكذلك النّص على دور إيجابي للمحكمة بمخاطبة دائرة الأحوال المدنية في حالة وفاة أحد الخصوم.
الكلمات المفتاحية: دور القاضي، وفاة الخصم، إعادة السير في الدعوى، الدعوى مهيأة للسير فيها.
Abstract
This study seeks the concept of interruption of the litigation in the lawsuit and its reasons, and the implication of the interruption, and finally the court’s role in the interruption. This study is important as it deals with a practical aspect of the Stages of civil proceedings, On the other hand, it highlights the gaps that we face in practice when applying the Provisions of the Civil & Commercial Law. However, the research problem is to answer the essential question: What is the role of the court in each case of interruption?
The research aims to clarify the role of the court in each case of interruption, in addition, Indicating the deficiencies that the law suffers from when implementing its provisions regarding the interruption. In the other side, the objective scope is limited to addressing the court’s role in cases of interruption of litigation. On the other side, the temporal and spatial scope cover the subject in Palestine based on the Civil and Commercial Procedures Law No. (2) of 2001, and its amendments; using descriptive analytical method, and the comparative method to enrich the study.
The research reached many results, the most are: The court does not have the power to rule on the effects of the interruption, however, it is responsible for assessing the cause of the interruption, and the interruption of the litigation affects its progress, not its establishment.
The research reached many Recommendations: First of all, reconsidering the position of Article (84) of the Code of Civil Procedure. Moreover, merging the Articles (128) and (84), both of which are complementary to each other.
Key Words: Judge, lawsuit , opponent. Proceeding with the lawsuit.
مقدمة
تنشأ الخصومة من تاريخ تبليغ لائحة الدعوى للمدعى عليه، وتقوم على مجموعة من الإجراءات القانونية التي ينبغي السير عليها حتى صدور حكم قضائي، وتلعب المحكمة في هذا الصدد دوراً كبيراً في الإشراف على سير هذه الإجراءات واتباعها، إلا أنّ السير العادي للإجراءات وفق المألوف قد يعتريه في بعض الأحيان حدوث عوارض تخل بالسير الطبيعي للدعوى المقامة أمام المحكمة، ومن ذلك: وفاة أحد الخصوم، أو فقدان أهليته، أو بزوال صفة من كان يمثله، وهذا ما يعرف قانوناً باسم “انقطاع السير في الدعوى”.
إنّ أسباب انقطاع السير في الدعوى هي ظروف تتعلق بشخص أحد الخصوم، وهي في ذات الوقت ظروف خارجة عن إرادة الأطراف، ولا يجوز قانوناً السير في الدعوى دون تدارك هذه الأسباب، فمثلاً لا يجوز القيام بإجراءات ضد ميت، فلا خصومة بمواجهة ميت.
لم تغفل القوانين عن معالجة هذه الأسباب في نصوصها، على الرغم من وجود بعض الاختلافات في القوانين المقارنة، فبعضها كان أكثر توفيقاً في معالجة حالات الانقطاع دون الآخر. وقد عالجها المشرع الفلسطيني في الباب الثامن الفصل الثاني من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية.
يعتبر معالجة قوانين أصول المحاكمات لموضوع انقطاع السير في الدعوى أمرُ في غاية الأهمية، فالانقطاع يحمي الطرف الذي حصل بشأنه، وهو بذلك يكفل له حقوقه القضائية، ويضمن سير العدالة على أكمل وجه.
أهمية الدراسة
تكمن أهمية الدراسة في كونها تغطي جانب عملي في مراحل سير الدعوى المدنية، ومن جانبٍ آخر فهي تسلط الضوء على الثغرات القانونية التي تعتري النص القانوني عندما يوضع موضع التطبيق.
هدف الدراسة
تهدف الدراسة إلى:
- تسليط الضوء على أسباب انقطاع الخصومة، ودور المحكمة عند وقوع كل سبب.
- توضيح جوانب النقص في النصوص القانونية ذات العلاقة.
- اقتراح نصوص وتعديلات تشريعية على النصوص التي يعتريها النقص.
إشكالية الدراسة
خلال السير في الدعوى قد يصادفنا بعض العوارض التي من شأنها قطع السير في الدعوى، من ذلك وفاة أحد الخصوم، أو فقدان أهليته، أو صفة من يمثله، وهذا الأمر يترتب عليه العديد من الآثار القانونية، ويحدث تغييراً في حالة الخصومة، ولكن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه في هذا المقام، هل الواقع القانوني مشابه للنص القانوني أم يعتري النص بعض النقض ويشوبه عيب؟
للإجابة على الإشكالية لا بدّ من التطرق للإجابة على عدة أسئلة:
- ما هي الإشكاليات التي تعترض حالة انقطاع الخصومة في الدعوى المدنية؟
- ما هي الآثار القانونية المترتبة على انقطاع الخصومة؟
- إلى أي مدى يتفق النص القانوني مع الواقع؟
- ماذا يتوجب على المحكمة عمله عند انقطاع الخصومة؟
- هل للمحكمة سلطة تقديرية في حالة الانقطاع؟
منهجية الدراسة
تقوم الدراسة على اتباع النهج الوصفي التحليلي، حيث تقوم بتحليل نصوص القانون ذات العلاقة وفهمها وربطها بالواقع القانوني، إلى جانب ذلك تقوم الدراسة على المنهج المقارن؛ لإغناء الدراسة والاستفادة من تجارب الدول المقارنة.
نطاق الدراسة
تعالج الدراسة من الناحية الموضوعية دور المحكمة في حالات انقطاع الخصومة، وذلك دون التطرق إلى باقي عوارض الخصومة، أما من حيث النطاق الزماني والمكاني فهي تغطي الموضوع في فلسطين، تحديداً قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم (2) لسنة 2001، وتطبيقاته العملية في المحاكم الفلسطينية، مع الاستعانة ببعض التجارب المقارنة.
خطة الدراسة
المبحث الأول: الإطار القانوني لانقطاع الخصومة
المطلب الأول: ماهية انقطاع الخصومة
المطلب الثاني: أسباب انقطاع الخصومة
المبحث الثاني: الطبيعة القانونية في الواقع العملي لانقطاع الخصومة
المطلب الأول: الآثار المترتبة على انقطاع السير في الدعوى
المطلب الثاني: دور المحكمة في إعادة السير بالخصومة المنقطعة
المبحث الأول: الإطار القانوني لانقطاع الخصومة
إنّ انقطاع الخصومة هو من العوارض التي تصيب الدعوى، وهي من الأمور الخارجة عن إرادة الأطراف، وفي هذا المبحث سنتطرق لتوضيح مفهومها ابتداءً في المطلب الأول، ومن ثم توضيح أسباب الانقطاع في المطلب الثاني.
المطلب الأول: ماهية انقطاع الخصومة
إنّ انقطاع الخصومة خلال السير في الدعوى هي إحدى العوارض التي تعتري السير الطبيعي للإجراءات القانونية، وهذا ما يدعو إلى إرجاء الفصل في الدعوى إلى حين اتخاذ إجراءات قانونية لمعالجة حالة الانقطاع التي نصّ عليها القانون.
إنّ انقطاع الخصومة هو وقف مؤقت وجوبي للسير في الدعوى بحكم القانون، دون طلب من أحد الأطراف أو المحكمة، لسببٍ مقرر في القانون يقتضي ذلك حتى استيفاء إجراءات معينة قانوناً.[1]
لم يغفل المشرع الفلسطيني هذه المسألة فقد عالجها في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم (2) لسنة 2001، في المادة (128)، فقد نصّ في الفقرة الأولى على:
“1- ينقطع السير في الدعوى بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم أو فقدان أهليته أو بزوال صفة من كان يمثله إلا إذا كانت الدعوى مهيأة للحكم في موضوعها. 2- إذا طلب أحد الخصوم أجلاً لتبليغ من يقوم مقام الخصم الذي تحقق في شأنه سبب الانقطاع، وجب على المحكمة قبل أن تقضي بانقطاع سير الخصومة أن تكلفه بالتبليغ خلال أجل تحدده له، فإذا لم يقم بالتبليغ خلال الأجل دون عذر قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة منذُ تحقق سببه. 3- لا ينقطع السير في الدعوى بوفاة محامي أحد الخصمين، أو بتنحيه أو بعزله، على أن يبلغ الموكل في حالتي الوفاة والتنحي”.
يلاحظ من هذه المادة أنّها فرقت بين حدوث الانقطاع قبل أن تكون الدعوى مهيأة للحكم في موضوعها،[2] وبين الانقطاع بعد أن تكون الدعوى مهيأة للحكم في موضوعها. أما إذا كانت الدعوى مهيأة للحكم في موضوعها فلا انقطاع في ذلك؛ لأنّ الخصوم قد أدلوا بما لديهم، وهم فقط ينتظرون صدور الحكم الفاصل في الدعوى. وأما إذا لم تكن الدعوى مهيأة للحكم في موضوعها، فإنّ الدعوى تنقطع قانوناً حتى يتبلغ من ينوب عمّن حدث الانقطاع في حقه قانوناً.
يتشابه انقطاع الخصومة في الدعوى مع بعض الأوضاع القانونية الأخرى المنصوص عليها قانوناً، وقد تختلط المفاهيم لدى البعض؛ لذا وجب التفريق بينها قانوناً، من ذلك وقف إجراءات الدعوى. فكلاهما يتشابهان في عدم السير في الدعوى مدة من الزمن، إلا أنّهما يختلفان في عدة جوانب.
في بادئ الأمر إذا نظرنا إلى أسباب الوقف، نجد أنّ هناك وقفاً اتفاقياً، بناءً على طلب الخصوم واتفاقهم، وهناك وقف قضائي، بناءً على طلب المحكمة، ويكون ذلك للنظر في موضوع آخر يؤثر الحكم فيه على الدعوى الموقوفة.[3] وقد يكون وقفاً قانونياً، وهو ما ينص عليه القانون، من ذلك وقف النظر في الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجزائية المرتبطة بها.[4] أما أسباب الانقطاع فقد أوضحها القانون على سبيل الحصر، وهي تتمثل في وفاة أحد الخصوم، أو فقدان أهليته، أو بزوال صفة من كان يمثله.[5] وهذا يقودنا للقول بأنّ الانقطاع لا يد للأطراف فيه، بخلاف الوقف الذي قد يكون اتفاقياً.
من ناحيةٍ أخرى، فإنّ للمحكمة سلطة تقديرية في إقرار الوقف، بينما لا يكون للمحكمة مثل هذه السلطة في حالة الانقطاع؛ لأنّه يحصل بحكم القانون.[6]
سبق وأشرنا أنّ حالات الانقطاع جاءت على سبيل الحصر، وهي وفاة أحد الخصوم، أو فقدان أهليته، أو بزوال صفة من كان يمثله. إلا أنّه يلاحظ أنّ قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني رقم (24) لسنة 1988 عالجها تحت عنوان “وقف الدعوى”، وهذا ما نصت عليه المادة (123) في الفقرتين (3،4): ”
3- إذا تقرر إعلان إفلاس أحد فرقاء الدعوى أو طرأ عليه ما يفقده أهلية الخصومة تبلغ المحكمة من يقوم مقامه قانوناً. أما في حالة وفاته تبلغ المحكمة أحد ورثته المذكورين في سجل الاحوال المدنية كما تبلغ الورثة جملة دون ذكر أسماؤهم وصفاتهم في آخر موطن للمتوفى وبالنشر في صحيفتين يوميتين محليتين وفق أحكام المادة (12) من هذا القانون.
4- إذا وقعت الوفاة والدعوى جاهزة للحكم، تنطق المحكمة بالحكم رغم الوفاة”.
يلاحظ وجود عدة اختلافات ما بين القانونين، فقد اعتبر القانون الفلسطيني هذه الأسباب من أسباب انقطاع الدعوى، بخلاف القانون الأردني، لعل السبب في ذلك أنّ أثرها هو وقف الدعوى، إلا أنّ المشرع الفلسطيني كان أكثر توفيقاً عندما فرق بين الوقف والانقطاع، فكلاهما يختلفان من حيث أسبابهما وآثارهما.
ومن جانبٍ آخر، فقد أضاف القانون الفلسطيني أنّ الدعوى تنقطع إلا إذا كانت مهيأة للحكم في موضوعها، وهذا الأمر ينطبق على جميع حالات الانقطاع، في حين نلاحظ أنّ القانون الأردني في الفقرة (4) أعلاه نصّ على أنّ المحكمة تحكم في الدعوى إذا وقعت الوفاة وكانت الدعوى جاهزة.
من القوانين التي نصت على أحكام مشابهة لما جاء في القانون الفلسطيني، القانون السوري، فقد نصّ في المادة (165): ” ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم أو بفقد الأهلية أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين إلا إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها”.[7]
إلا أنّه يلاحظ أنّ القانون السوري في المادة (166) ترك أمر الحكم في الدعوى وإن كانت مهيأة للحكم في موضوعها للسلطة التقديرية للمحكمة، بناءً على طلب من قام مقام من تحقق الانقطاع بحقه، فقد نصت على:
“إذا حدث سبب من أسباب الانقطاع المتقدمة وكانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها جاز للمحكمة أن تحكم فيها على موجب الأقوال والطلبات الختامية أو أن تؤجلها بناء على طلب من قام مقام الذي توفي أو فقد أهلية الخصومة أو من زالت صفته أو بناء على طلب الطرف الآخر”.
من الممكن أن يكون لمن يقوم مقام من تحقق الانقطاع بشأنه بينات يود تقديمها في الدعوى لم تكن في متناول الخصم الذي انقطعت الخصومة بشأنه وحل محله.
المطلب الثاني: أسباب انقطاع الخصومة
إنّ انقطاع السير في الدعوى هو أمرٌ عارض عليها، ويحدث لسببٍ لا يد للأطراف فيه، فهو سببٌ شخصي يتعلق بشخص من تحقق الانقطاع بحقه، وقد أوضح القانون أسباب الانقطاع وذكرها على سبيل الحصر، فلا قياس عليها، وهي ما وردت في المادة (128): وفاة أحد الخصوم، أو فقدان أهليته، أو بزوال صفة من كان يمثله، وهو ما سيتناوله هذا المطلب تباعاً.
أولاً: وفاة أحد الخصوم
يترتب على وفاة أي من أطراف الدعوى (المدعين المدعى عليه) وجوب انقطاعها، فلا دعوى بمواجهة ميت، إذ لا تنعقد الخصومة إلا بين الأحياء، وقد استقر الفقه والقضاء على انعدام الدعوى التي تقام ضد الميت، وهذا الانعدام لا يصححه أي إجراء آخر، وهذا ما قضت به محكمة النقض الفلسطينية في القضية رقم (1215/2018) بتاريخ 30/9/2018.[8]
وواقعة الوفاة يمكن تصورها في الشخص الطبيعي والاعتباري على حدٍ سواء، فالشخص الاعتباري تنقضي شخصيته وينتهي بالدمج أو بالحل، وفقاً لأحكام القانون، وفي هذه الحالة تنقطع الخصومة إلى حين حلول شخص اعتباري آخر.[9]
أما فيما يتعلق بوفاة المتدخل، فهو يعتبر طرفاً في الدعوى، وهذا يعني أنّه يسري عليه ما يسري على الأطراف، وبالتالي تنقطع الخصومة بوفاته.[10] وهذا ما قضت به محكمة النقض المصرية في الطعن المدني رقم (1434) بتاريخ 4/2/2013.
يتوجب على محامي الخصم أن يعلم المحكمة بوفاة خصمه أو أحد ممن هو موكل عنهم، وفي حال عدم قيامه بذلك فليس له أن يتمسك ببطلان الإجراءات أو بطلان الحكم لصدوره رغم انقطاع الخصومة بسبب الوفاة.[11] إلا أنّ وفاة المحامي لا تعد سبباً من أسباب الانقطاع، وهو ما أكدته المادة (128/3).
من الأمور الواجب اتباعها قانوناً في حالة الوفاة أن يتم تعديل لائحة الدعوى واللائحة الجوابية، ذلك أنّ الحكم في الدعوى لا يجوز أن يصدر ضد ميت، وإنّما يتم مخاصمة الورثة. وهذا ما ورد في حكم محكمة التمييز الأردنية في قرارها رقم (3637/2020) بتاريخ 4/11/2020: “نجد أنّ وكيل المميزين (المدعى عليهم) في التمييز الأول قد أرفق صورة طبق الأصل عن شهادة وفاة المدعى عليه (هاشم حمدي بدوي عليان) تتضمن أنّ المذكور قد انتقل إلى رحمة الله تعالى بتاريخ 9/4/2019، وصورة أخرى عن حجة إرث صادرة باسم المتوفى.
وحيث إنّه وطبقاً لأحكام المادة (123) من قانون أصول المحاكمات المدنية، وفي ضوء وفاة المدعى عليه المذكور كان يتوجب على محكمة الاستئناف تكليف كل طرف من طرفي الاستئناف بتقديم لائحة معدلة مختصماً فيها ورثة المرحوم المدعى عليه (هاشم حمدي بدوي عليان) وتبليغهم ليصار الحكم بمواجهتهم، وحيث إنّ ذلك يتعلق بالخصومة وهي من النظام العام، ولم تتم مراعاته، الأمر الذي يتوجب معه نقض الحكم المميز (تمييز حقوق رقم 1838/2013).
لهذا وتأسيساً على ما تقدم نقرر نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني”.
في هذا السياق، قررت محكمة النقض بأنّه: “… وعليه وبالرجوع إلى أوراق ملف الاستئناف نجد أنّ المستأنف عليه (المدعي) قد توفي بتاريخ 26/3/2012 طبقاً لحجة الإرث الصادرة من محكمة طولكرم الشرعية بتاريخ16/7/2012 وبأنّ الوفاة جرت بعد تقديم الاستئناف في 20/3/2012 ولما كان ذلك وكان الحكم محل الطعن الماثل قد صدر في مواجهة شخص ميت بدلاً من الورثة علماً أنّ جرى تقديم وكالة جديدة عن الورثة الذين تقرر تبليغهم لموعد الجلسة طبقاً للقرار المؤرخ في 25/11/2012”.[12]
ثانياً: فقدان الأهلية
يشترط في أطراف الدعوى توفر الأهلية، إلى جانب العديد من الشروط، فلا يقبل رفع الدعوى ممن لا يتمتع بالأهلية، وكذلك لا يجوز رفعها على من لا يتمتع بالأهلية القانونية.
يقصد بأهلية التقاضي: صلاحية الخصم لمباشرة الإجراءات أمام القضاء على النحو الصحيح، سواء تعلق الأمر بالشخص الطبيعي، أو بالشخص الاعتباري.[13] وقد نصت المادة (79) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية على: “يجب أن يكون كل من طرفي الخصومة متمتعاً بالأهلية القانونية التي تتعلق بها الدعوى، وإلا وجب أن ينوب عنه من يمثله قانوناً، فإن لم يكن له ممثل قانوني تعين المحكمة المختصة من يمثله”.
إلى جانب ذلك، لا بد من تمتع أطراف الدعوى بالأهلية القانونية طوال فترة السير في الدعوى، والقول بغير ذلك يؤدي إلى انقطاع السير بالدعوى إلى حين تدارك السبب.[14] ومن صور فقد الأهلية: الجنون والعته والسفه وكذلك الغفلة، إلى جانب الحكم بشهر إفلاس التاجر.
وينطبق الأمر كذلك على الشخص المعنوي، فهو أيضاً يجب أن يتمتع بالأهلية التي تؤهله للتقاضي، ومن الحالات التي تثار فيما يتعلق بالشخص المعنوي، وضعه تحت التصفية، ففي مثل هذه الحالة تبقى شخصيته قائمة، إلا أنّ المصفي هو من يمثله قانوناً، أما في حال الانتهاء من أعمال التصفية، فإنّ الشخصية المعنوية تكون قد انتهت.[15]
ثالثاً: زوال صفة الممثل لأحد الأطراف
في بعض الأحيان يكون للمدعي أو المدعي عليه ممثل ينوب عنه، وقد يكون ذلك بحكم القانون “نيابة قانونية”، كما هو الحال في الولي، وقد يكون بحكم القضاء “نيابة قضائية”، كما هو الحال في الوصي أو القيم، أو مأمور التفليسة،[16] وفي حال وفاة الممثل أو فقدان أهليته تنقطع الخصومة في الدعوى، ومن الأمثلة على ذلك: عزل الوصي أو القيم أو مأمور التفليسة، أو انتهاء صفة الولي أو الوصي ببلوغ القاصر سن الرشد، ففي مثل هذه الحالة لا صلاحية لقيام الولي أو الوصي بأي عمل في الخصومة.[17]
إلا أنّ بلوغ القاصر سن الرشد لا يكفي بحد ذاته لانقطاع الخصومة، وإنّما يحصل الانقطاع بسبب ما يترتب على البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن القاصر، لذلك إذا بلغ القاصر سن الرشد أثناء سير الخصومة وترك نائبه القانوني يستمر في تمثيله في الخصومة، فإنّه يعد قبولاً من طرفه بالتزامه السكوت، وهو قبول ضمني وبالتالي لا يحدث الانقطاع، وإنّما تتغير صفة النيابة من نيابة قانونية إلى نيابة اتفاقية؛ والغاية من ذلك حماية الغير حسن النية.[18]
أما إذا كان الشخص بالغاً قبل رفع الدعوى، فإنّ الخصومة تكون قد رفعت من غير ذي صفة أو على غير ذي صفة، وبالتالي فإنّها تكون غير مقبولة ولا يجوز تصحيحها باختصامه فيها بعد ذلك،[19] فمن شروط رفع الدعوى شرط الصفة.
ومن الأمثلة العملية على حدوث الانقطاع بسبب زوال صفة الممثل وفاة ممثل الشركة، في الملف الاستئنافي رقم (25/2008) لدى محكمة بداية جنين بصفتها الاستئنافية. الذي تتلخص وقائعه بوفاة ممثل الشركة (س) في مرحلة الاستئناف، حيث أثار الخصم (وهو هنا وكيل المستأنف) دفعاً مفاده بأنّ المفوض بالتوقيع عن الشركة المستأنف ضدها (س) قد انتقل إلى رحمة الله تعالى، وبالتالي فإنّ وكالة لمحامي بصفته وكيلاً للمستأنف ضدها قد انقضت، وفي ذات الوقت التمس من المحكمة الموقرة تزويده بكتاب لمراقب الشركات لتزويده بشروحات من هو المفوض الجديد بالتوقيع عن الشركة المستأنف ضدها لمتابعة السير في الدعوى حسب الأصول والقانون، وقررت المحكمة انقطاع السير بالدعوى بحكم القانون عملاً بأحكام المادة (128/1) من قانون أصول المحاكمات، وألغت كافة الإجراءات التي حصلت بعد وفاته، وأمهلت وكيل المستأنف لإحضار شروحات من مراقب الشركات لتزويد المحكمة باسم المفوض الجديد؛ لغايات تبليغه بالحضور.
وفيما يتعلق بشرط زوال صفة من كان يمثله كسبب للانقطاع، فإنّنا إذا ألقينا نظرة إلى القانون الجزائري فسنرى أنّه قد جاء أوسع من النص الفلسطيني من حيث الصياغة، فقد نص في المادة (210) من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على: “تنقطع الخصومة في القضايا التي تكون غير مهيأة للفصل للأسباب الآتية: 1. تغير في أهلية التقاضي لأحد الخصوم. 2. وفاة أحد الخصوم، إذا كانت الخصومة قابلة للانتقال. 3. وفاة أو استقالة أو توقيف أو شطب أو تنحي المحامي، إلا إذا كان التمثيل جوازياً”.
في حين إذا دققنا النظر في قانون الأصول الفلسطيني وقارناه مع ما ورد أعلاه (القانون الجزائري)، فإنّنا نلاحظ أنّ المشرع الفلسطيني كان واضحاً باعتبار وفاة المحامي أو تنحيه أو عزله ليست سبباً من أسباب انقطاع الدعوى،[20] وهو الأمر الذي أكدته المادة (128/3).
يمكن القول بأنّ سبب عدم انقطاع الخصومة في حالة وفاة محامي أحد الأطراف أو عزله أو تنحيه لأنّ المحامي هو وكيل بالخصومة، والوكيل بالخصومة لا يعد خصماً في الدعوى، لكن إذا حدث وأن تم عزل المحامي أو تنحى أو وافته المنية، فإنّ المحكمة تؤجل الدعوى إلى جلسة تالية، ويتم تبليغ الموكل بها حتى يحضر أو يوكل محامياً آخر، وحتى يتمكن الوكيل الجديد من دراسة أوراق الدعوى وإعداد دفاعه فيها، ويمكن القول بأنّ المشرع الفلسطيني قد وفق في صياغة نص المادة (128) من قانون الأصول، واقتصاره حالات الانقطاع على الحالات الثلاث المنصوص عليهم على سبيل الحصر.
ويشترط لحصول الانقطاع بالإضافة لتوفر أحد الحالات الثلاث المذكورة أعلاه، أن يتحقق سبب الانقطاع بعد بدء الخصومة،[21] وأيضاً أن يتحقق سبب الانقطاع قبل أن تصبح الدعوى مهيأة للحكم في موضوعها.[22]
المبحث الثاني: الطبيعة القانونية في الواقع العملي لانقطاع الخصومة
دائماً ما يثير الواقع العملي العديد من الإشكاليات، فانقطاع الدعوى يترتب عليه العديد من الآثار القانونية التي تؤثر على الوضع الطبيعي لسير الخصومة، وكذلك على الدور المناط به القاضي، سواء أكان دوراً إيجابياً أم سلبياً. وهو ما سيتم التطرق له في هذا المبحث. حيث سيتناول المطلب الأول الآثار المترتبة على انقطاع السير في الدعوى، في حين يعالج المطلب الثاني دور المحكمة في إعادة السير بالخصومة المنقطعة.
المطلب الأول: الآثار المترتبة على انقطاع السير في الدعوى
كل تصرف أو إجراء قانوني في الدعوى يؤثر على سير الخصومة، ومن ذلك انقطاع السير في الدعوى، فقد نصت المادة (130) من قانون الأصول الفلسطيني الآثار التي تترتب على انقطاع السير في الدعوى، فقد نصت على: “يترتب على انقطاع السير في الدعوى وقف جميع المواعيد التي كانت جارية في حق الخصوم وبطلان جميع الإجراءات التي تحصل أثناء الانقطاع”. وبالتدقيق في نص المادة نجد أنّ الآثار هي:
الأثر الأول: وقف جميع المواعيد والإجراءات السارية في حق الخصوم.
الأثر الثاني: بطلان الإجراء الذي يحصل أثناء الانقطاع.
أما فيما يتعلق بوقف المواعيد والإجراءات في الدعوى، فهو وقف قانوني، بحكم القانون، مادة (129/1). ومن الأمثلة العملية على ذلك، كأن يتم شطب الدعوى لتخلف المدعى والمدعى عليه عن الحضور وبقيت الدعوى مشطوبة ستين يوماً اعتبرت الخصومة كأن لم تكن، فإذا توفي المدعي بعد شطب الدعوى وقبل انقضاء المدة وقف سريانها، ولكن إذا تعلق سبب الانقطاع بالمدعى عليه فلا تقف المواعيد التي تسري في حق المدعي لمصلحة المدعى عليه؛ لإنّ انقطاع الخصومة شرع لحماية الخصم الذي قام به سبب الانقطاع حتى لا تتخذ إجراءات الخصومة بغير علمه ولا يصدر الحكم بغفلة عنه.[23]
ومن باب أولى أن يقف ميعاد الطعن في الحكم بانقطاع الخصومة أياً كان سبب الانقطاع؛ ذلك أنّ الانقطاع هو من القواعد العامة التي تطبق في أية حالة تكون عليها الخصومة.
أما فيما يتعلق بالأثر الثاني من آثار الانقطاع، فإنّه إذا تم اتخاذ أي إجراء من إجراءات الخصومة بقصد السير فيها تعتبر باطلة، ومن باب أولى الأحكام الصادرة أثناء الانقطاع. وهذا البطلان لا يجوز التمسك به إلا لمن شرع لحمايته، وهم ورثة الخصم المتوفى في حالة الانقطاع بسبب وفاة الخصم؛ والغاية من ذلك كي لا يصدر حكم في غفلة عنهم.[24] فلا يجوز للخصم الآخر طلب البطلان، وكذلك المحكمة، لا يجوز لها أن تحكم بالبطلان من تلقاء نفسها، واستقر الفقه على اعتبار هذا النوع من البطلان بطلاناً نسبياً.[25]
من الأمثلة التي تساق على ذلك، إغفال اختصام أحد ورثة الخصم عند تعجيل الدعوى، ففي مثل هذه الحالة لا يجيز لغيره من الخصوم التمسك بالبطلان.[26] فنص المادة (24) واضح في ذلك: “1. لا يجوز أن يتمسك بالبطلان إلا من شرع البطلان لمصلحته، ولا يجوز التمسك بالبطلان من الخصم الذي تسبب فيه. 2. يزول البطلان إذا نزل عنه صراحة أو ضمناً من شرع لمصلحته”.
في ذلك قررت محكمة النقض الفلسطينية في الطعن رقم (219/2018) بتاريخ 18/4/2018: “… ولما كان ذلك وكان من المقرر أنّ الاجراءات التي تحصل أثناء الانقطاع تنحدر إلى البطلان… الامر الذي يجعل من كافة الإجراءات المتخذة بعد الوفاة باطلة بما في ذلك الحكم محل الطعن الماثل لأنّ ما بني على باطل فهو باطل، وحيث أنّ بطلان الحكم محل الطعن الماثل مؤداه النقض.
وعليه ولكل ما تقدم ودونما حاجة لبحث باقي أسباب الطعن في هذه المرحلة تقرر محكمة النقض نقض الحكم محل الطعن الماثل لعله البطلان وكذلك إعلان بطلان الإجراءات المتخذة منذ تاريخ الوفاه منوهين إلى أنّه لا يمكن لمحكمة البداية الخليل بصفتها الاستئنافية أن تسير في الاجراءات منذ الوفاة إلا بعد أن تراعي الإجراءات الواجب اتخاذها طبقاً للأصول الناظمة لذلك وأنّه بعد استكمال الإجراء القانوني المتصل بذلك تتابع السير في الدعوى بحق جميع الطاعنين بالاستئناف مع مراعاه أنّ وكالة الوكيل المحامي (س) بحدود المستأنف الخامس (ص) قد انتهت وإعادة الأوراق إلى محكمة بداية الخليل بصفتها الاستئنافية لإجراء المقتضى القانوني وبالتالي إصدار الحكم المناسب وعلى أن يتم النظر في الطعن من قبل هيئة مغايرة”.
أما في حال تعدد الخصوم في الدعوى، وحدث انقطاع للخصومة بالنسبة لأحدهم، فإنّها تستمر بالنسبة لغيره من الأطراف متى كان موضوع الدعوى قابلاً للتجزئة، أما إذا لم يكن الموضوع قابلاً للتجزئة، فإنّ الخصومة تنقطع بالنسبة للجميع، وفي حال اتخذت إجراءات أثناء الانقطاع كانت باطلة بطلاناً نسبياً، ولا يجوز التمسك به إلا ورثة المتوفى أو من قام مقام من فقد أهلية الخصومة أو زالت صفته.[27]
لا بدّ من الإشارة إلى أنّ المشرع فرق بين الحالة التي تكون فيها الدعوى مهيأة للحكم فيها من عدمه، ففي حال كانت الدعوى مهيأة للحكم في موضوعها فإنّ إجراءاتها تستمر ولا يترتب تتوقف أو يترتب عليها البطلان. فقد نصت المادة (129) وأوضحت متى تعتبر الدعوى مهيأة للحكم في موضوعها، وذلك عندما يكون الخصوم قد أبدوا مرافعاتهم وطلباتهم الختامية في جلسة المرافعة قبل حدوث سبب الانقطاع.[28]
في ذلك جاء حكم محكمة النقض الفلسطينية رقم (1741/2018) بتاريخ 6/6/2018: ” ولما كان الثابت أنه بوفاة المدعي (المطعون عليه) بتاريخ 27/6/2018 قد حصل بتاريخ سابق على الجلسة التي ترافع بها الخصوم في 17/9/2018 ما يعني أنّ الدعوى لم تكن بعد مهيأة للحكم في موضوعها فقد كان على محكمة الاستئناف والحالة هذه ان تقرر الحكم بانقطاع سير الدعوى، ووقف جميع المواعيد التي كانت جاريه في حق الخصوم.
وحيث أنّ المادة (130) من الاصول المدنية والتجارية ترتب بطلان جميع الاجراءات التي تحصل أثناء الانقطاع.
وحيث إنّه بزوال الصفة او بفقدان الأهلية أو بوفاة أحد الخصوم ينقطع السير في الدعوى بحكم القانون، وأن تقرير المحكمة لهذا الواقع ما هو الا كاشف عنه، ولا تستأنف الدعوى سيرها إلا إذا حضر الجلسة أحد ورثة الخصم المتوفي، أو من يقوم مقام فاقد الاهلية أو من زالت عنه الصفة وباشر السير فيها (المادة: 131) فإنّ ما تم من إجراءات أمام محكمة الاستئناف لاحق على وفاة المدعي بتاريخ 27/6/2018 تغدو باطلة بما في ذلك الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه دونما حاجه لبحث باقي أسباب الطعن”.[29]
ولكل ذي مصلحة من الخصوم في حالة عدم السير في الدعوى أن يطلب “سقوط الخصومة”، ويحدث ذلك في حالة تبليغ ورثة الخصم الذي توفى، أو من قام مقام من فقد أهليته للخصومة، أو مقام من زالت صفته، ويبدأ السقوط من اليوم الذي قام فيه من يطلب الحكم بسقوط الخصومة بتبليغهم، ويكون ذلك إذا انقضت ستة أشهر اعتباراً من آخر إجراء اتخذ في الدعوى.[30] وهو ما أكدته محكمة النقض الفلسطينية بقرارها رقم (1019/2017) بتاريخ 27/3/2018: “و عليه و بما أنّ تبليغ الورثة بعد تقرير الانقطاع لم يتحقق فإنّ حساب المدة المقررة للحكم بسقوط الخصومة لم يكن قد تحقق الامر الذي يكون معه الاستئناف في محله و يكون معه القرار المستأنف حرياً بالإلغاء”.
يمكن تقسيم آثار انقطاع الخصومة المتعلقة بإجراءاتها إلى ثلاث حالات:
أولاً: تنبيه المحكمة من أحد الخصوم أو من غيرهم إلى سبب الانقطاع.
قد يقوم زوج الخصم الذي وقع بشأنه الانقطاع، أو زوجه، أو غيرهم، بتنبيه الحكمة لواقعة الوفاة، ويتوجب على المحكمة في مثل هذه الحالة التحقق من صحة ذلك، وبعدها تقوم بتطبيق المادة (128)، وإذا لم يطلب الخصم أجلاً لتبليغ من قام مقام الخصم الذي تحقق الانقطاع بشأنه، أو لم يقم بالتبليغ خلال الأجل الذي حددته له المحكمة دون عذر، تقرر المحكمة الانقطاع، ويترتب على ذلك بطلان جميع الإجراءات التي اتخذت منذ تحقق الانقطاع وليس من تاريخ تنبيه المحكمة، طالما أنّ الخصم الذي تحقق في شأنه الانقطاع لم يكن ماثلاً في الدعوى عند تحقق هذا السبب.[31]
أما إذا ثبت بعد قرار الانقطاع عدم تحقق السبب، فإنّ المحكمة تحكم في هذه الحالة بالعدول عن قرار الانقطاع، وتكليف قلم المحكمة بتبليغ الخصوم، وتكون الإجراءات السابقة صحيحة ومنتجة لآثارها، ولا يحوز قرار الانقطاع على أية حجية.[32]
ثانياً: مثول الشخص الذي تحقق في شأنه سبب الانقطاع بنفسه أو بوكيل عنه ولم ينبه المحكمة إلى ذلك.
ففي مثل هذه الحالة تكون القرارات خلال فترة الانقطاع صحيحة، كما لو حضر الخصم الذي فقد أهليته وصادفت الجلسة وقت إفاقته، أو حضر من ينوب عن الخصم رغم زوال صفته، ولم ينبه المحكمة لذلك، أو حضر وكيل جميع المدعين بالرغم من وفاة أحدهم ولم ينبه المحكمة لذلك.[33]
ثالثاً: عدم مثول من تحقق سبب الانقطاع في شأنه، وعدم تنبيه المحكمة إلى هذا السبب.
وفي هذه الحالة تبطل كافة الإجراءات التي اتخذت خلال فترة الانقطاع، بما فيها الحكم الصادر في الدعوى.[34]
المطلب الثاني: دور المحكمة في إعادة السير بالخصومة المنقطعة
تقع أسباب الانقطاع دون أن يكون لأحد الأطراف يدٌ فيها، ومن المفترض قانوناً أنّها تؤدي إلى وقف السير في الدعوى،[35] وقد عالجها المشرع الفلسطيني في المواد (128، 131) من قانون الأصول، وفي هذه الحالات تنقطع الخصومة بمجرد تحقق أسبابها بحكم القانون، وبالتالي ليس على المحكمة سوى أن تحكم بالانقطاع متى وصل إلى علمها تحقق أحد أسباب الانقطاع، ودون أن يتعلق ذلك على علم الخصم الآخر بواقعة الوفاة،[36] وهي في ذلك لا تملك السلطة التقديرية متى تحقق السبب.[37]
إنّ المقصود بعلم المحكمة هو المعرفة اليقينية، ويكون ذلك بالتثبت من تحقق سبب الانقطاع، ومن الوارد في مثل هذه الحالات أن يطلب أحد الأطراف أجلاً لتبليغ من يقوم مقام من تحقق في شأنه سبب الانقطاع، وعلى المحكمة أن تجيب طلبه، وهذا ما ورد ذكره في المادة (128/2) من قانون الأصول، فعلى المحكمة عند قيام سبب الانقطاع أن توقف السير في الدعوى لحماية الخصم الذي نشأ الانقطاع بحقه أو من يقوم مقامه قانوناً، وهذه القاعدة من النظام العام؛ كونها تقع بقوة القانون.[38]
إنّ الحكم بالانقطاع هو قرار كاشف وليس منشئ، وهذا يعني أنّه سواء أصدر قرار بالانقطاع أم لم يصدر، فإنّ حالة الانقطاع واقعة بمجرد تحقق سببها، إلا أنّ آثار الانقطاع لا يتم إعمالها إلا إذا تمسك بها من شرع الانقطاع لمصلحته، وليس للقاضي أن يرتب آثار الانقطاع من تلقاء نفسه.[39]
في مثل هذه الحالات إذا لم يحكم القاضي بالانقطاع، فإنّ الإجراءات التي تحصل بعد ذلك تعتبر باطلة، وهذا ما يفهم من نص المادة (130) من قانون الأصول، إلا أنّه يشترط للحكم بالبطلان في هذه الحالة تمسك من قام مقام من تحقق في شأنه الانقطاع بالبطلان؛ لأنّ البطلان مقرر لمصلحته.[40] ويعد البطلان في مثل هذه الحالة بطلاناً نسبياً مقرراً لمصلحة من شرع البطلان لمصلحته، وهذا ما قضت به محكمة النقض الفلسطينية: “إلا أنّه وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة وما استقر عليه الفقه إنّ عدم مراعاة أحكام هاتين المادتين (84 و 128) يترتب عليه بطلان نسبي مقرر لمصلحة من شرع لمصلحته من شرع لمصلحته الانقطاع المبني عليه البطلان وهم الحالة محل البحث ورثة المتوفي الخصم الآخر والذين لهم الاحتجاج بهذا البطلان ولا تملك المحكمة أيضاً في هذه الحالة أن تقضي بالبطلان من تلقاء ذاتها الأمر الذي يستوجب معه رد هذا الدفع”.[41]
إنّ المحكمة لا تملك من تلقاء نفسها الحكم بآثار الانقطاع، إلا أنّه تقع على عاتقها مسؤولية تقدير قيام سبب الانقطاع، وذلك ببحث المراكز القانونية الشخصية للخصوم،[42] فعندما يصل إلى علم المحكمة وفاة أحد الخصوم، فإنّ عليها التثبت من وقوع هذه الواقعة وذلك عن طريق الأوراق الثبوتية، شهادة الوفاة المصدقة من المحكمة الشرعية، أما في حال كان الخصم شخصاً معنوياً فإنّ عليها الرجوع إلى أحكام انقضاء الشخص المعنوي المنصوص عليها في قانون الشركات الساري، وطلب تزويدها بالمرفقات التي تثبت انقضاء الشركة، كلٌ حسب نوعها.
ويلاحظ باستقراء نص المادة (128) من قانون أصول المحاكمات الفلسطيني، ومقارنته مع نص المادة (123) من قانون أصول المحاكمات الأردني، أنّ النص الأردني أعطى دوراً فعالاً وإيجابياً للمحكمة في حالة انقطاع الخصومة بسبب الوفاة، فقد خولت المحكمة سلطة تبليغ أحد ورثة الخصم المتوفى من خلال سجل الأحوال المدنية، فالمحكمة بعد التحقق من واقعة الوفاة تقوم بمخاطبة دائرة الأحوال المدنية للحصول على اسم أحد الورثة، وهكذا تستكمل الدعوى إجراءاتها.
لقد أعطى المشرع الفلسطيني دوراً للمحكمة، وإن لم يكن مثل الدور الذي خوله المشرع الأردني للمحكمة، فبالنظر إلى المادة (128) من قانون الأصول الفلسطيني جنباً إلى جنب مع نص المادة (84) من ذات القانون، التي عالجت وفاة أحد الخصوم في الدعوى،[43] فقد خول النّص المحكمة من تلقاء نفسها أو بناءً على من يقوم مقام الخصم الميت قانوناً الحضور للمحكمة في الوقت الذي تعينه المحكمة للسير في الدعوى من النقطة التي وصلت عندها، والذي يهمنا في الربط بين هذين النصين هو دور المحكمة الإيجابي الذي خولها إياه الخصوم، وهو القيام باتخاذ الإجراء المناسب لتبليغ الورثة من تلقاء نفسها، وذلك بعد التحقق من واقعة الوفاة ابتداءً.
من الجدير ذكره أنّ القاضي ملزم بإجابة طلب الخصم بتبليغ الورثة، لكن للقاضي سلطة تقديرية في تكرار تأجيل التبليغ إذا وجد عذراً في عدم التبليغ في الأجل المحدد.[44] وعند حضور أحد الورثة تستأنف الدعوى سيرها،[45] ويقوم الوريث بإبراز شهادة الوفاة، أو حجة حصر الإرث، وهذا ما قضت به محكمة النقض الفلسطينية: “إنّ ما توصلت إليه المحكمة مصدرة الحكم الطعين يستند إلى صحيح القانون ذلك أنّ ما توصلت إليه بأنّ صدور الحكم باسم المدعي لا يعيب الحكم المستأنف طالما أنّ المحكمة الصلحية ولدى وفاة المدعي قد اتبعت الاجراءات التي قررتها أحكام المادتين (128، 131) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، إذ أنّ الدعوى تستأنف سيرها إذا حضر الجلسة أحد ورثة الخصم المتوفى، وبالتالي فإنّ ذكر اسم المدعي في الحكم الصلحي لا ينهض سبباً جوهرياً ولا يعيب الحكم طالما أنّ المحكمة قد اتبعت الإجراءات القانونية السليمة وطالما أنّ من حضر المحاكمة هم ورثة المدعي وتابعوا السير فيها لحين صدور الحكم”.[46]
من الجدير ذكره، أنّ على المحكمة في حال انقطاع السير في الدعوى وتبليغ الورثة أن يتم تبليغ جميع الورثة، هذا من جانب ومن جانبٍ آخر، فلا بدّ من التأكد من واقعة الوفاة من خلال المبرزات، وبذلك يكون حكم الصادر عن محكمة النقض بصفتها الحقوقية رقم (117/2010) بتاريخ 20/4/2010 قد جانب الصواب؛ ذلك أنّ المحكمة الموقرة كان يتوجب عليها الالتزام باتباع إجراءات معينة في حالة وفاة أحد الخصوم، ونلاحظ في هذه الدعوى أنّ وكيل المطعون ضدهم أعلن وفاة المدعية الثالثة، لكنه لم يبزر حجة حصر إرث ولا وكالة من الورثة.[47]
مجمل القول أنّه يتوجب إحضار حجة حصر إرث وأسماء الورثة لتتمكن المحكمة من تبليغهم، وإذا لم يتمكن الخصم من إحضارها تقرر المحكمة انقطاع السير في الدعوى بسبب الوفاة، وفي حال زال سبب الانقطاع على أي طرف أن يقدم للمحكمة طلب لتعجيل النظر في الدعوى،[48] وإلا انقضت الخصومة بمضي سنتين على آخر إجراء صحيح تم فيها.[49] ومن الجدير ذكره أن الطرف المدعي عادةً هو من يهمه أمر السير في الدعوى.[50]
أما فيما يتعلق بالسلطة التقديرية للمحكمة في حالة فقدان الأهلية، فإنّه عندما يثور دفع بفقدان الخصم لأهليته، فعلى من يدعي ذلك أن يثبته، وعلى الآخر أن يدحضه، وعلى المحكمة ان تنظر في ذلك وتتثبت من صحة الأقوال، للتوصل إلى معرفة إذا كان الخصم لا زال يتمتع بالأهلية من عدمه.[51]
في حالة إثارة دفع بفقدان الشخص المعنوي لأهليته، فإنّ دور المحكمة هنا يقوم على التحقق من قيام التصفية أو انتهائها، أو أن يتثبت بأنّ واقعة الاندماج التي حصلت هو اندماج بالمعنى الذي يترتب عليه انقضاء الشركة.[52]
أما فيما يتعلق بتقدير المحكمة لانقطاع الخصومة بزوال صفة الممثل، فإنّ على المحكمة أن تقدر تحقق العارض من عدمه بالتحقق من الصفة بأنّها لا زالت قائمة، فيبحث مثلاً في أسباب زوال صفة الولي أو الوصي أو القيم أو غيرهم، كما ويبحث أيضاً تحول النيابة من قانونية إلى اتفاقية، كما في حال بلوغ القاصر سن الرشد.[53]
من الأمور التي أثيرت فيما يتعلق بسلطة المحكمة في فتح باب المرافعة بعد أن تهيأت الدعوى للحكم فيها في حالة الوفاة، إذا حضر من يقوم مقام المتوفى في الدعوى، فهناك من يرى بأنّ الأمر جوازي للمحكمة، ومع ذلك إذا طلب من قام مقام من تحقق في شأنه الانقطاع تأجيل الدعوى أو فتح باب المرافعة لإبداء طلبات جديدة للقاضي أن يجيب طلبه.[54] إنّ فتح باب المرافعة هو سلطة تقديرية للمحكمة، وهو ما نصت عليه المادة (166) من قانون الأصول: “يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب أحد الخصوم أن تقرر فتح باب المرافعة لأسباب جدية وضرورية للفصل في الدعوى”.
لقد سار المشرع الفلسطيني على نهج المشرع المصري في قانون المرافعات رقم (38) لسنة 1968 في المادة (130)، وهو الأمر الذي يخالف ما نصّ عليه المشرع الأردني في المادة (70/2) من قانون الأصول: “1. إذا توفي أحد الفرقاء أو تقرر إعلان إفلاسه أو طرأ عليه ما يفقده أهليته للخصومة والدعوى قائمة تبلغ المحكمة الورثة أو من يقوم مقامه قانوناً بناء على طلب الفريق الآخر أو من تلقاء نفسها لزوم الحضور إلى المحكمة في وقت تعينه للسير في الدعوى من النقطة التي وقفت عندها. 2. إذا كانت الوفاة والدعوى جاهزة للحكم وجب على المحكمة النطق بالحكم رغم الوفاة”.
يلاحظ أنّ المشرع الأردني أوجب على المحكمة النطق بالحكم في حالة الوفاة، أما في حالة فقدان الأهلية أو فقدان الصفة فعليها تبليغ من يقوم مقام من فقد الأهلية أو فقد الصفة. في حين استخدم المشرع الفلسطيني، وكذلك المصري لم يستخدما صيغة الوجوب.
لا بدّ من الإشارة إلى أنّ انقطاع السير في الدعوى وارد الحدوث أمام محكمتي الدرجة الأولى والثانية، وغير وارد الحدوث أمام محكمة النقض؛ ذلك لأنّ محكمة النقض هي محكمة قانون وليست محكمة موضوع، فهي لا تقوم على مبدأ المواجهة بين الخصوم، فالمحكمة تنظر في الملف المطعون به نقضاً دون حضور الخصوم أو محاميهم، استثناءً على ذلك إذا طلبوا ذلك كتابتاً، والأمر في نهاية المطاف يعود للسلطة التقديرية للمحكمة.[55]
في نهاية المطاف إذا انعقدت الخصومة بين أحياء ثم مات أحد أطرافها، فإنّها تنقطع شريطة أن تكون قابلة للانتقال إلى الخلف سواء أكان خلفاً عاماً أو خاصاً، فالشخص الخصم في الدعوى الذي يموت ولا يكون له خلف فإنّ الدعوى في هذه الحالة تنقضي ولا تنقطع.[56]
الخاتمة
إنّ انقطاع الخصومة كأحد عوارض الأهلية، هو سبب شخصيٌ عارض، يتعلق بأحد الخصوم في الدعوى، وحتى تبقى الخصومة صحيحة ولا يشوبها الانقطاع لا بدّ من توافر شروط إقامة الدعوى من بداية إقامتها حتى الفصل فيها بحكم قضائي، فيجب أن يتوافر في كلا الخصمين الأهلية القضائية، وكذلك بقاء صفة من يمثل الخصوم حتى مرحلة إصدار الحكم، أو على أقل تقدير مرحلة المداولة، ففي هذه المرحلة يكون كلا الخصمين قد قدما ما لديهما من أدلة وبينات وإثباتات.
ولا بد ّأيضاً من بقاء كلا الخصمين على قيد الحياة طيلة مراحل الدعوى، أو حتى تكون الدعوى مهيأة للحكم فيها. وهذا الأمر من النظام العام، فلا يجوز مخاصمة الميت. إنّ دور المحكمة في حالات الانقطاع هو دورٌ كاشف وليس منشئ، فهي لا تملك السلطة التقديرية في ذلك، وكل ما عليها هو التحقق من وقوع سبب الانقطاع.
النتائج:
- إنّ الحكم بالانقطاع هو قرار كاشف وليس منشئ.
- إنّ المحكمة لا تملك من تلقاء نفسها الحكم بآثار الانقطاع، إلا أنّه تقع على عاتقها مسؤولية تقدير قيام سبب الانقطاع.
- انقطاع السير في الدعوى وارد الحدوث أمام محكمتي الدرجة الأولى والثانية، وغير وارد الحدوث أمام محكمة النقض؛ ذلك لأنّ محكمة النقض هي محكمة قانون وليست محكمة موضوع، فهي لا تقوم على مبدأ المواجهة بين الخصوم، فالمحكمة تنظر في الملف المطعون به نقضاً دون حضور الخصوم أو محاميهم، استثناءً على ذلك إذا طلبوا ذلك كتابتاً، والأمر في نهاية المطاف يعود للسلطة التقديرية للمحكمة.
- إنّ وفاة أحد الخصوم قبل المطالبة القضائية يؤدي إلى انعدام الخصومة، وليس انقطاعها، فلا خصومة في مواجهة الميت، وهذا الأمر من النظام العام.
- يؤثر انقطاع الخصومة على سيرها، وليس على قيامها، فالخصومة رغم انقطاعها لا تزال قائمة، وتبقى الإجراءات التي اتخذت قبل الانقطاع قائمة وصحيحة.
التوصيات:
- إعادة النظر في موقع المادة (84) من قانون أصول المحاكمات المدنية الفلسطيني، وحبذا لو تم دمج المادتين (128) و (84)، فكلاهما مكملتان لبعضهما البعض.
- نوصي المشرع الفلسطيني باستخدام مصطلح “انقطاع الخصومة” بدلاً من انقطاع الدعوى، ذلك أنّ التوقف يرد على الخصومة كإجراءات وليس على الدعوى، فالدعوى تبقى قائمة بالرغم من حالة الانقطاع.
- النّص على دور فعال وإيجابي للمحكمة في حالة وفاة أحد الخصوم، وهو بمخاطبة دائرة الأحوال المدنية، أسوةً بالمادة (123) من قانون الأصول الأردني، ومن الصيغ المقترحة: “على المحكمة في حالة علمها بوفاة أحد أطراف الدعوى وتحققها من ذلك، أن تبلغ أحد ورثة المتوفى المذكورين في سجل الأحوال المدنية جملةً دون ذكر أسمائهم في آخر موطن للمتوفى، وبالنشر في صحيفتين يوميتين وفقاً لأحكام هذا القانون
المراجع والمصادر
المصادر:
- قانون أصول المحاكمات السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (84) بتاريخ 28/9/1953.
- قانون أصول المحاكمات الأردني رقم (24) لسنة 1988 وتعديلاته، بتاريخ 15/3/1988.
- قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني رقم (2) لسنة 2001، المنشور في العدد (38) من الوقائع الفلسطينية، بتاريخ 5/9/2001، صفحة 5.
المراجع:
الكتب فقهية:
- أبو الوفا، أحمد. المرافعات المدنية والتجارية، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، مصر، 2007.
- التكروري، عثمان. الكافي في شرح قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم (2) لسنة 2001، دار الفكر، الجزء الأول، 2013.
- راغب، وجدي. مبادئ القضاء المدني، ط3، دار النهضة العربي، القاهرة، 2001.
- سليم، عماد؛ وممدوح عليان؛ وبلال أبو هنطش، شرح قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني رقم (2) لسنة 2001، الطبعة الأولى، فلسطين، بدون دار نشر، 2002.
- عمر، نبيل إسماعيل. سلطة القاضي التقديرية في المواد المدنية والتجارية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2002.
- هندي، أحمد. قانون المرافعات المدنية والتجارية- الخصومة والحكم والطعن، دار الجامعة الجديدة للنشر، ج2، 1995.
الرسائل:
- حمد الله، سائد وحيد كامل. انقطاع سير الدعوى المدنية في ظل القانون الفلسطيني- دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، 2009، صفحة الملخص.
- خير الدين، كاهينة؛ وهشام كيروان. عوارض الخصومة القضائية في ظل قانون الإجراءات المدنية والإدارية، رسالة ماجستير، جامعة عبد الرحمن -ميرة، الجزائر، 2013/2014.
- زاغة، مبرة سلام. التنظيم القانوني لوقف السير في الدعوى المدنية، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، فلسطين، 2017.
الدوريات:
- آل خنين، عبد الله بن محمد بن سعد. انقطاع الخصومة، وزارة العدل، مج 14، ع56، 2012، 309-312.
- سالم، إبراهيم جوهر إبراهيم. عوارض سير الخصومة في غرفة البحرين لتسوية المنازعات وفقاً للمرسوم بقانون رقم 30 لسنة 2009، الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، مج106، ع517، 2015، 249-290.
- العماري، حبيب عبيد مرزة. وقف إجراءات الدعوى المدنية- دراسة مقارنة، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، العدد الثاني، السنة الحادية عشر، 2019، 408-438.
- عوزيري، أحمد جودت علي آغا، العوارض المعطلة لسير الخصومة في الدعوى المدنية: دراسة مقارنة، المجلة الدولية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، ع9، 2019، 55-73.
مراجع أخرى:
- دليل إدارة الدعوى المدنية، سلسلة الدليل التدريبي للمعهد القضائي الفلسطيني، سلسلة دليل المدرب رقم (2)، المعهد القضائي الفلسطيني، 2018.
- محمود دودين، التعليق على الحكم الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بصفتها الحقوقية بتاريخ 20/4/2010 في الطعن رقم (117/2010).
[1] عبد الله بن محمد بن سعد آل خنين، انقطاع الخصومة، وزارة العدل، مج 14، ع56، 2012، 309-312، 309.
[2] أوضحت المادة (129) متى يمكن اعتبار الدعوى مهيأة للحكم في موضوعها، فقد نصت: “تعتبر الدعوى مهيأة للحكم في موضوعها متى كان الخصوم قد أبدوا مرافعاتهم وطلباتهم الختامية في جلسة المرافعة قبل الوفاة، أو فقدان أهلية الخصومة أو زوال الصفة”.
[3] مادة (126) من قانون أصول المحاكمات الفلسطيني.
[4] مبرة سلام زاغة، التنظيم القانوني لوقف السير في الدعوى المدنية، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، فلسطين، 2017، 7.
[5] مادة (128) من قانون أصول المحاكمات الفلسطيني.
[6] حبيب عبيد مرزة العماري، وقف إجراءات الدعوى المدنية- دراسة مقارنة، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، العدد الثاني، السنة الحادية عشر، 2019، 408-438، 411.
[7] قانون أصول المحاكمات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (84) بتاريخ 28/9/1953.
[8] راجع أيضاً حكم محكمة النقض الفلسطينية رقم (1038/2015)، بتاريخ 2/1/2019، وكذلك حكم محكمة النقض الفلسطينية رقم (1548/2018)، بتاريخ 23/1/2019.
[9] إبراهيم جوهر إبراهيم سالم، عوارض سير الخصومة في غرفة البحرين لتسوية المنازعات وفقاً للمرسوم بقانون رقم 30 لسنة 2009، الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، مج106، ع517، 2015، 249-290، 253.
[10] إبراهيم جوهر إبراهيم، مرجع سابق، 253.
[11] عثمان التكروري، الكافي في شرح قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم (2) لسنة 2001، دار الفكر، الجزء الأول، 2013، 550.
[12] حكم محكمة النقض الفلسطينية رقم (635/2016)، بتاريخ 12/11/2018.
[13] كاهينة خير الدين؛ وهشام كيروان، عوارض الخصومة القضائية في ظل قانون الإجراءات المدنية والإدارية، رسالة ماجستير، جامعة عبد الرحمن -ميرة، الجزائر، 2013/2014، 20.
[14] إبراهيم جوهر إبراهيم سالم، مرجع سابق، 253.
[15] رائد زيدات، سلطة القاضي في إدارة الخصومة المدنية في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني ” دراسة مقارنة”، رسالة ماجستير، جامعة بيرزيت، 2012، 186.
[16] بالإضافة إلى الممثل القانوني، والممثل القضائي، هناك الممثل الاتفاقي، كما هو الحال في الوكالة، إلا أنّ هذه الحالة لا ينطبق عليها حالة الانقطاع.
[17] عثمان التكروري، مرجع سابق، 551.
[18] عثمان التكروري، مرجع سابق، 551.
[19] عثمان التكروري، مرجع سابق، 551.
[20] وهذا ما تبنته أيضاً محكمة التمييز الأردنية في رقم (6728/2019) بتاريخ 18/6/2020.
[21] أحمد جودت علي آغا عوزيري، العوارض المعطلة لسير الخصومة في الدعوى المدنية: دراسة مقارنة، المجلة الدولية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، ع9، 2019، 55-73، 67.
[22] مادة (129) من قانون أصول المحاكمات المدنية الفلسطيني.
[23] عماد سليم؛ وممدوح عليان؛ وبلال أبو هنطش، شرح قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني رقم (2) لسنة 2001، الطبعة الأولى، فلسطين، بدون دار نشر، 2002، 64.
[24] “… إذا أصدرت المحكمة حكمها في مواجهة المدعى عليه الميت في غفلة منها ودون علمها أو حصلت الوفاة بعد تقديمه لمرافعته الختامية فإنّ تبليغ الحكم في هذه الحالة يجب أن يتم إلى ورثته ولا يبدأ ميعاد الطعن بالحكم إلا من تاريخ تبلغهم أصولياً…”، للمزيد راجع المقتفي، حكم محكمة النقض رقم (134/2016) ورقم (142/2016) بتاريخ 11/2/2019.
[25] وهذا ما قضت به محكمة النقض الفلسطينية في النقض المدني رقم (117/2010) بتاريخ 20/4/2010.
[26] عماد سليم؛ وممدوح عليان؛ وبلال أبو هنطش، 64.
[27] عماد سليم؛ وممدوح عليان؛ وبلال أبو هنطش، 64.
[28] حكم محكمة النقض الفلسطينية رقم (1741/2018) بتاريخ 6/6/2019.
[29] وهذا أيضاً ما أكدته محكة التمييز الأردني في قرارها رقم (4124/2020) بتاريخ 222/10/2020.
[30] مادة (132) و(133) من قانون أصول المحاكمات الفلسطيني.
[31] عثمان التكروري، مرجع سابق، 557.
[32] عثمان التكروري، مرجع سابق، 557.
[33] وهذا ما قررته محكمة النقض الفلسطينية في النقض المدني رقم (561/2011) بتاريخ 27/2/2012.
[34] عثمان التكروري، مرجع سابق، 558.
[35] من الجدير بالذكر أنّ المشرع الأردني قد أطلق مصطلح “الوقف” على حالات الانقطاع؛ ذلك لأنّها تؤدي إلى وقف السير في الدعوى، مادة (123) من قانون أصول المحاكمات الأردني.
[36] وهذا ما أكدته محكمة النقض المصرية في الطعن رقم (319) بتاريخ 18/5/1967.
[37] رائد زيدات، مرجع سابق، 181.
[38] أحمد أبو الوفا، المرافعات المدنية والتجارية، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، مصر، 2007، 604.
[39] نبيل إسماعيل عمر، سلطة القاضي التقديرية في المواد المدنية والتجارية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2002، 251.
[40] وهذا ما أكدته المادة (24): “فيما عدا الحالات التي يتعلق فيها البطلان بالنظام العام: 1. لا يجوز أن يتمسك بالبطلان إلا من شرع البطلان لمصلحته، ولا يجوز التمسك بالبطلان من الخصم الذي تسبب فيه. 2. يزول البطلان إذا نزل عنه صراحةً أو ضمناً من شرع لمصلحته”.
[41] حكم محكمة النقض الفلسطينية، نقض مدني/ حقوق، رقم (436/2013)، بتاريخ 18/3/2015.
[42] رائد زيدات، مرجع سابق، 183.
[43] نصّت المادة (3) المعدلة للمادة (84) من القرار بقانون رقم (16) لسنة 2014 بشأن تعديل قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، أنّه: “إذا تعذر على الخصم الحصول على حجة حصر إرث الخصم المتوفى، فتحرر مذكرة التبليغ باسم الورثة جملةً دون تحديد أسمائهم، ويبلغوا على آخر مكان إقامة للخصم المتوفى وفق أحكام المادة (20) من القانون الأصلي”.
[44] وجدي راغب، مبادئ القضاء المدني، ط3، دار النهضة العربي، القاهرة، 2001، 659.
[45] مادة (131) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني.
[46] حكم محكمة النقض الفلسطينية، نقض مدني، رقم (241/2010).
[47] محمود دودين، التعليق على الحكم الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بصفتها الحقوقية بتاريخ 20/4/2010 في الطعن رقم (117/2010).
[48] دليل إدارة الدعوى المدنية، سلسلة الدليل التدريبي للمعهد القضائي الفلسطيني، سلسلة دليل المدرب رقم (2)، المعهد القضائي الفلسطيني، 2018، 37.
[49] مادة (137) من قانون أصول المحاكمات الفلسطيني.
[50] حكم محكمة النقض الفلسطينية، نقض مدني/ حقوق، رقم (516/2014)، 31/1/2016.
[51] أحمد هندي، قانون المرافعات المدنية والتجارية- الخصومة والحكم والطعن، دار الجامعة الجديدة للنشر، ج2، 1995، 269.
[52] رائد زيدات، مرجع سابق، 186.
[53] رائد زيدات، مرجع سابق، 187.
[54] أحمد أبو الوفا، مرجع سابق، 609.
[55] سائد وحيد كامل حمد الله، انقطاع سير الدعوى المدنية في ظل القانون الفلسطيني- دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، 2009، صفحة الملخص.
[56] كاهينة خير الدين، وهشام كيراون، مرجع سابق، 21.