تعزيز مكانة المعارضة في الدستور ومتطلبات تخليق الحياة البرلمانية
مقال بعنوان: تعزيز مكانة المعارضة في الدستور ومتطلبات تخليق الحياة البرلمانية
مصطفى الهايج، باحث في سلك الدكتوراه القانون العام والعلوم السياسية بكلية الحقوق أكدال الرباط .
المحور الأول: دسترة حقوق المعارضة البرلمانية
تعتبر المعارضة البرلمانية في الأنظمة السياسية البرلمانية أحد الآليات الأساسية لمراقبة الأداء الحكومي، ونظرا لأهمية أدوارها الرقابية فقد تم دسترتها في كل دساتير الأنظمة الديمقراطية، حيث نجد أن النظام البريطاني يعترف بها كمؤسسة من مؤسسات النظام السياسي منذ عام 1937[1]، أما النظام الفرنسي فقد نص في التعديل الدستوري لسنة 2008، في العديد من فصول الدستور على تخويل فرق المعارضة مجموعة من الحقوق التي تمكنها من القيام بمهامها[2].
بالنسبة للبرلمان المغربي فقد عرف تطورا كبيرا بمقارنة بفترات سابقة قبل دستور 2011، حيث أخد مسألة تخليق الحياة العامة وضبط السلوك بجدية، ثم ترجمتها في العديد من المقتضيات القانونية مرتبطة بالعمل البرلماني والسياسي.
وعليه سيتم من خلال (أولا)، الحديث عن حقوق المعارضة البرلمانية قبل دستور2011، والتطرق إلى مستجدات المعارضة البرلمانية في ظل دستور 2011 (ثانيا).
أولا: حقوق المعارضة البرلمانية قبل دستور 2011
لقد عرفت مهام المعارضة البرلمانية في التجربة النيابية المغربية، تقييدا من طرف المشرع الدستوري، وذلك على مدار التجربة الدستورية التي عرفها المغرب، ابتداء من دستور 1962 مرورا بالتعديلات الدستورية لسنوات 1970 و 1972 و 1992 و 1996، عرفت حقوق المعارضة البرلمانية تقييدا من طرف المشرع الدستوري، وبالرغم من مذكرة الكتلة الديمقراطية للإصلاحات الدستورية لسنة 1992، والتي تم من خلالها المطالبة بتقوية دور المعارضة البرلمانية، كحقها في استجواب الحكومة ومساءلتها، ومراعاة حقوقها البرلمانية في مجال المراقبة والتشريع، فإن المشرع الدستوري لم يستجب إلا لبعض هذه المطالب، أما المطالب الأخرى فقد بقيت معلقة[3] .
ففي الوقت الذي كانت فيه الدول الديمقراطية تعترف بحقوق الأقلية وسيادة ثقافة الإختلاف، من أجل إقرار نوع من التوازن داخل المؤسسة وعدم الإنفراد والإستئثار بالقرار التشريعي من طرف الحكومة. فقد عانت المعارضة البرلمانية طيلة الحياة النيابية المغربية من سياسة الإقصاء والتهميش داخل المؤسسة التشريعية لمدة طويلة، رغم أنه كان لها حضور داخل البرلمان الأول، إلا أن مقاطعتها للولاية التشريعية الثانية أدت إلى تعطيل مجلس النواب بعد سنة من عمله، وعانت المعارضة اليسارية أيضا من تمثيلية ضعيفة جدا داخل البرلمان الثالث في الوقت الذي دخل فيه الإستقلال اللعبة السياسية، ورغم التحاق هذا الأخير بصفوف المعارضة خلال الولاية التشريعية االرابعة وإعطاء الشرعية لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي، بقيت مع ذلك الأقلية داخل البرلمان تعاني الإقصاء والتهميش.
في الولاية الخامسة حصلت المعارضة على مقاعد مهمة في الإنتخابات التشريعية المباشرة، لكن الإنتخابات غير المباشرة أعطت فوزا كبيرا لأحزاب الأغلبية.
لم تدخل المعارضة اللعبة السياسية إلا مع حكومة عبد الرحمان اليوسفي سنة 1998، عندما عينه الملك الراحل الحسن الثاني على رأس الوزارة وهذا ما جعل وظيفة المعارضة تنتقل إلى الأغلبية السابقة وخصوصا الوفاق[4] .
ثانيا: مستجدات المعارضة البرلمانية في ظل دستور 2011
لقد خصص دستور فاتح يوليوز 2011 في فصله العاشر للمعارضة البرلمانية حقوقا خاصة، كفيلة بالنهوض بمهامها النيابية والسياسية بشكل يترجم مدى المكانة التي تحتلها في المسار الديمقراطي، وكطرف فاعل ومشارك في تدبير الشأن العام[5].
وبقراءة لمضمون الفصل العاشر من الدستور 2011، نجده يضمن للمعارضة البرلمانية مجموعة من الحقوق ذات البعد التشريعي على الشكل التالي:
- حرية الرأي والتعبير والإجتماع.
- حيزا زمنيا في وسائل الإعلام الرسمية يتناسب مع حجم تمثيلها.
- الاستفادة من التمويل العمومي وفق مقتضيات القانون.
- المشاركة الفعلية في مسطرة التشريع، لاسيما عن طريق تسجيل مقترحات قوانين بجدول أعمال مجلسي البرلمان.
- تمثيلية ملائمة في الأنشطة الداخلية لمجلسي البرلمان.
- رئاسة اللجنة المكلفة بالتشريع بمجلس النواب.
- التوفر على وسائل ملائمة، للنهوض بمهامها المؤسسية.
وإلى جانب الفصل العاشر، نص الفصل 82 أيضا إلى أنه: “يخصص يوم واحد على الأقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين، ومن بينها تلك المقدمة من طرف المعارضة”. ما يعني تخويل المعارضة إمكانية تقديم مقترحات قوانين وإلزام البرلمان بدراستها. نظرا لكون منطوق هذا الفصل جاء لتعزيز مشتملات الفصل العاشر ونقلها من مجال التنصيص إلى مجال الأجرأة، خصوصا ما يتعلق منه بالمشاركة الفعلية في مسطرة التشريع عبر تسجيل مقترحات في جدول أعمال مجلسي البرلمان، ولتفادي محاصرة الأغلبية لمقترحات المعارضة تم التأكيد على ضرورة تخصيص يوم واحد في الشهر للتداول حول مقترحات القوانين ومن بينها تلك المقدمة من قبل المعارضة.
وقد نص الفصل 67 من دستور 2011، على إمكانية تشكيل اللجان بطلب من ثلث أعضاء المجلس المعني بشرط ألا تكون وقائع تشكيلها موضوع متابعات قضائية، وبالتالي لم يعد مشكل النصاب عائقا أمام المعارضة، خصوصا بعد إعطائها نسبة من المناصب الرئيسية في اللجان كرئاستها، ومقرري اللجان توازي نسبة المقاعد النيابية التي تحتلها في المجلس[6]، وهو ما جاء في الفصل 69 عندما نص على أنه: “مع تخصيص رئاسة لجنة أو لجنتين للمعارضة على الأقل مع مراعاة مقتضيات الفصل 10 من هذا الدستور”.
كما أن مسألة التخفيض من النصاب القانوني للتوقيع على ملتمس الرقابة يشكل سلاحا جديدا في يد المعارضة التي ستصبح بإمكانها تجميع عدد معقول من الموقعين وبالتالي سهولة تحريك مسطرة نفاذ هذه الآلية، فلقد نص الفصل 105 من دستور 2011، على أنه: “لمجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بالتصويت على ملتمس الرقابة ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس”. أما فيما يتعلق بمسألة الحيلولة دون صدور أي نص قانوني مخالف للدستور، ولتمكين المعارضة البرلمانية من اللجوء إلى هذه الآلية تم تخفيض النصاب القانوني لطلب إحالة هاته القوانين على المحكمة الدستورية من ربع الأعضاء في الفصل 81 من دستور 1996، إلى خمس أعضاء مجلس النواب أو أربعين عضوا من مجلس المستشارين، طبقا للفصل 132 من دستور 2011، ولاشك أن هذه الآلية ستمكن المعارضة من التصدي لأي قانون تراه مخالفا للدستور قد تمرره الحكومة أو الأغلبية عبر المسطرة التشريعية.
وقد ضمن لها الدستور أيضا عدة امتيازات بما فيها المشاركة الفعلية في مراقبة العمل الحكومي لاسيما عن طريق ملتمس الرقابة، ومساءلة الحكومة، والأسئلة الموجهة لرئيس الحكومة واللجان النيابية لتقصي الحقائق، وبالتالي يتضح من خلال هذه المقتضيات أن في تعدد وتنوعية مصادر المبادرات التشريعية ظاهرة متميزة تنعكس بشكل إيجابي على القرار التشريعي، وتزيد من ديمقراطية العملية التشريعية في حد ذاتها التي تبنى على أساس إشراك مختلف الفرقاء البرلمانيين، كيفما كانت توجهاتهم السياسية والنظرية والإديولوجية، كما يتبين أن كل هذه الإمتيازات جاءت من أجل الرفع من جودة عمل المعارضة إلى جانب الأغلبية وتخليق وعقلنة العمل البرلماني، تماشيا مع نهج الديمقراطيات المتقدمة.
المحور الثاني: تخليق الممارسة البرلمانية
يحتل البرلمان مكانة متميزة في النظام السياسي والدستوري للدول، بالشكل الذي يجعل منه أحد المقومات الأساسية للدولة الحديثة، فإلى جانب مهامه المرتبطة بالتشريع، وإعمال الرقابة على العمل الحكومي ورسم السياسات العمومية للدولة، تحظى الهيئات التشريعية في مختلف الأنظمة الدستورية ببعض الصلاحيات المرتبطة بالشأن الدبلوماسي، الأمر الذي يفترض احتضانه لنخب قادرة على تحمل هذه المسؤوليات بصورة فعالة وبناءة.
وحرصا من المشرع الدستوري المغربي على عقلنة العمل البرلماني، وتخليق الحياة السياسية خصوصا والحياة العامة عموما، فقد نص على العديد من المقتضيات القانونية والدستورية لضبط الممارسات السلبية، والقضاء على كل أشكال الفساد وإضفاء طابع الإستقرار المؤسسي.
ولتناول هذا المحور ارتأينا تقسيمه إلى نقطتين أساسيتين، (أولا)، لمناقشة الدور التخليقي للبرلمان في ضبط السلوك البرلماني، و(ثانيا) للحديث عن تخليق الحياة العامة من خلال الأنظمة الداخلية.
أولا: الدور التخليقي للبرلمان في ضبط السلوك البرلماني
يشكل إفراز تمثيلية برلمانية تحقق نوع من التوازن بين مختلف الفئات الاجتماعية، مجالا خصبا للتعبير عن المطالب المجتمعية على اختلافها وتشعبها، ويدفع البرلمان على العمل كممثل للأمة وبصفته مدافعا عن المصلحة العامة الوطنية أو القومية[7]، والابتعاد عن الممارسات والسلوكيات السلبية التي عرفتها التجارب البرلمانية السابقة.
كثيرة هي الظواهر والسلوكات التي كانت تشوش على مصداقية المؤسسة البرلمانية، وتسيء إلى سمعتها وصورتها لدى الرأي العام، والتي تحولت بسبب تواترها والتسامح غير المبرر تجاهها، إلى ثقافة تستوطن مختلف مفاصل العمل البرلماني بالمغرب، كالتعسف في استعمال الحصانة البرلمانية، والترحال السياسي، والغياب، مما أكسبها ميزات الاعتيادية والقبول والانسياق وراءها لكل برلماني جديد وافد للمؤسسة البرلمانية.
وفي إطار تعزيز مسلسل تخليق الممارسة البرلمانية، خطى المشرع الدستوري خطوة أكثر جرأة عندما ألغى الحصانة الجنائية، التي كانت تشكل درعا لحماية فساد بعض أعضاء البرلمان، واكتفى بالحصانة الموضوعية التي تكفل للعضو البرلماني حرية الرأي وحرية المناقشة والتعبير وحرية التصويت بالموافقة أو المعارضة، دون أن يتعرض للمتابعة أو الاعتقال أو المحاكمة مع مراعاة الاستثناءات المقررة في الفصل 64 من الدستور[8]، مما يعني أن العضو البرلماني أصبح مواطنا عاديا ينطبق عليه ما ينطبق على باقي المواطنين، يحتفظ له القانون فقط بالحصانة اللازمة لتامين أداء دوره النيابي داخل المجلس لا خارجه[9].
وإذا كان تفعيل المادة الخامسة من قانون الأحزاب السياسية رقم 04-36[10]، الذي سبق ومنع الترحال البرلماني، قد تعارض مع مقتضيات الفصل 36 من دستور 1996، التي كانت تنص على أن النواب يستمدون نيابتهم من الأمة، فإن الدستور الجديد لسنة 2011، قطع الشك باليقين، وارتقى بمضمون المادة الخامسة السالفة الذكر إلى مرتبة المقتضى الدستوري، عندما نص في الفقرة الأولى من الفصل 61 على أنه: “يجرد من صفة عضو في أحد المجلسين كل من تخلى عن ائتمانه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها”، وهو ما سيؤدي إلى تخليق وتطبيع الممارسة البرلمانية الداخلية وإضفاء طابع الاستقرار المؤسساتي عليها[11].
وسعيا منه للحد من ظاهرة غياب أعضاء البرلمان عن أشغال وجلسات البرلمان، فقد ألزم المشرع الدستوري البرلمان بمناسبة صياغة النظام الداخلي لمجلسيه، التنصيص على الجزاءات المطبقة في حالة الغياب[12]، وإذا كانت الإصلاحات البرلمانية السابقة اعتمدت بالدرجة الأولى على ما هو مرتبط بالبنية والوظيفة، وأغفلت الجانب المهم في أي عملية إصلاحية وهو العنصر البشري، أي تأهيل أعضاء البرلمان بالدرجة الأولى، فالمشرع الدستوري لسنة 2011، سار في اتجاه تخليق الممارسة البرلمانية، والحد من العديد من السلوكيات، على غرار العديد من النظم البرلمانية المقارنة التي نجحت إلى حد كبير في الدفع بالبرلمانيين إلى الارتقاء بأدائهم وبلورة السلوكيات والممارسات البرلمانية الجيدة.
لذلك اعتمدت العديد من البرلمانات مدونة لسلوكيات وأخلاقيات العمل البرلماني، تعد دليلا إرشاديا يعتمد عليه العضو البرلماني في عمله وأدائه[13]، حيث تشمل هذه المدونات على مجموعة من القواعد والضوابط التي تحدد حقوق وواجبات العضو البرلماني التي يلتزم وينضبط لها في القيام بعمله على أحسن وجه[14].
فمدونة السلوك البرلماني هي: “عبارة عن منظومة جامعة لمجموعة القواعد المعيارية والقيمية، والأنماط والسلوكيات والممارسات التي يمكن الالتزام بها وإتباعها، من طرف البرلمانيين في سبيل أداء عملهم”.
فهي بمثابة ميثاق شرف بين أعضاء البرلمان، ويمكن أن تتخذ شكل مدونة قانونية جامعة وشاملة لكل ما يتعلق بالعمل البرلماني، وتعد بدون شك مكسبا حقيقيا للمؤسسة البرلمانية وإضافة نوعية لها، في اتجاه الرفع بتأهيل العمل البرلماني ومردوديته.
وهذا ما دعا إليه الملك محمد السادس في خطابه مؤكدا بقوله: “وفي هذا الصدد ندعو البرلمان إلى الانكباب على بلورة مدونة أخلاقية ذات بعد قانوني، تقوم على ترسيخ قيم الوطنية وإيثار الصالح العام والمسؤولية والنزاهة، والالتزام بالمشاركة الكاملة والفعلية، في جميع أشغال البرلمان“[15]، فهذا يعتبر دعوة بشكل عام إلى تخليق الممارسة البرلمانية باحترام الوضع القانوني للمعارضة البرلمانية ولحقوقها الدستورية، وجعل المؤسسة البرلمانية فضاء للنقاش والحوار البناء، ومدرسة للنخب السياسية، وفضاء أكثر مصداقية وجاذبية، من شأنه أن يحقق المصالحة مع الرأي العام.
ثانيا: تخليق الحياة العامة من خلال الأنظمة الداخلية
يعتبر النظام الداخلي للبرلمان مجموعة من المقتضيات التي تؤسس لقواعد السلوك البرلماني والأداء داخل المؤسسة البرلمانية من خلال احترام أعضاء البرلمان للقواعد المتبعة للمداولات والانضباط في الممارسة البرلمانية، نظرا لأهمية الأنظمة الداخلية باعتبارها الركيزة الأساسية التي يستند إليها البرلمان في سير أعماله، فهي تعد بمثابة سلطة التنظيم الداخلي وهي توصف بأنها دستور ينظم قواعد اللعبة البرلمانية ويرسم حدودها، وضوابطها. ولم يعد مشكل تموقع الأنظمة الداخلية مطروحا بعدما نصت الفقرة الأخيرة من الفصل 10 من الدستور 2011، على أن: “تحدد كيفيات ممارسة فرق المعارضة لهذه الحقوق، حسب الحالة بموجب قوانين التنظيمية أو القوانين أو بمقتضى الأنظمة الداخلية لكل مجلس من مجلسي البرلمان”. وبذلك تم الحسم في تموقع الأنظمة الداخلية داخل الهرم التشريعي ولم يعد هناك مجال للجدل في تراتبيتها .
كما أن هذا الإطار القانوني الداخلي يوفر للبرلمانيين ضمانات وامتيازات تؤمن لهم وضع مادي مريح يجعلهم يمارسون عملهم في ظروف ملائمة بعيدا عن أي اغراءات أخرى، إضافة إلى منح البرلمان حصانة تمكنه من إبداء رأيه بكل حرية وثقة، ورغم أن دستور 2011، حصرها في إبداء الرأي والتعبير، كما تم وضع مقتضيات أخرى تحت عنوان التأديبات والتنبيهات من شأنها الحد من عدة سلوكات التي تصدر عن أعضاء البرلمان بسبب تباين الآراء والمواقف التي يمكن أن تتطور إلى نزاعات من شأنها عرقلة العمل وتشويه صورة البرلمان أمام المواطن، لذلك تتدخل هذه القواعد القانونية لضمان حسن سير العمل البرلماني.
ويمكن القول أن مجموع الإجراءات الدستورية التي تضمنتها وثيقة دستور2011، والرهانات التي رفعتها يمكنها أن تكسب المؤسسة البرلمانية هوية خاصة تميزها عن المؤسسات البرلمانية السابقة، وتساهم في نزع تلك النعوت والتوصيفات التي ساهمت في تقهقر صورتها لدى شرائح واسعة من المجتمع. وذلك عن طريق تجاوز معيقات تخليق الحياة البرلمانية، ولهاته الغاية يمكن الأخذ بعين الاعتبار مايلي:
- تخليق الممارسة البرلمانية من خلال التنصيص في الأنظمة الداخلية على اجراءات تأديبية وعقابية للبرلمانيين وتفعيل مضامينها خاصة ما يتعلق بالحضور سواء في الجلسات التشريعية والرقابية وكذلك اللجان البرلمانية.
- تجويد الأنظمة الداخلية للبرلمان وتضمينها مبادئ الحكامة البرلمانية.
- التنصيص في الأنظمة الداخلية على الزامية التكوين وتأهيل النخب البرلمانية.
- مد البرلماني بوسائل بشرية ذات كفاءة لتجويد التشريع والعمل البرلماني.
وكخلاصة فإن إشتغال المؤسسة البرلمانية وفق ثنائية الفعالية والمردودية، رهين بمدى فعالية الأحزاب وموقعها ودورها في النظام السياسي، فقوة المؤسسة البرلمانية من قوة الأحزاب التي تعمل في إطارها، وضعفها يؤشر على وجود اختلالات في الأداء البرلماني. لذلك فالتنصيص الدستوري على حقوق المعارضة البرلمانية، خطوة إيجابية بالنسبة للمشرع الدستوري، من خلال إعطاء فصول خاصة في الدستور لهذه الحقوق وتعددها، وهي كلها تتجه نحو تعزيز موقعها في نسق العمل البرلماني، والمساهمة بشكل جيد في رفع مردوديته، مع الابتعاد عن كل المظاهر السلبية داخل المؤسسة التشريعية أو الفساد الذي يمس الإنتخابات والأحزاب السياسية بمختلف أنواعه، بل مدى التطبيق الفعلي لهذه النصوص على الواقع العملي، وفرض جزاءات كفيلة بتقويم مختلف التجاوزات والإختلالات البرلمانية والسياسية، بشكل يعيد الإعتبار للمشهد السياسي، ويعطي صورة لائقة بالمؤسسة البرلمانية.
المراجع المعتمدة:
– زين العابدين حمزاوي: إشكالية التناوب رفي ضوء التطور السياسي والدستوري في المغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام 1998-1999، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بوجدة ص، 202. (4)
— الفيلالي التهامي: مكانة المعارضة البرلمانية في الدستور المغربي الجديد، موقع منبر مراكش 30 نونبر 2011. (3)
– نجيب جيري، “الاختصاص المالي في دستور 2011 ومتاهات الإصلاح الدستوري في المغرب”، منشورات مجلة الحقوق، العدد 5، 2012، ص 140. (11)
– غريغ باور، “دليل البرلمانيين حول الأخلاقيات وقواعد السلوك البرلمانية”، مجموعة العمل العالمية المعنية بالأخلاقيات البرلمانية، منشورات copac، أنظر الرابط (14): www.wfd.org/upload/docs/political.guidebook_arabic_20110429.pdf
– لزعر عبد المنعم، “المؤسسة البرلمانية بالمغرب: توصيفات التردي ورهانات الإصلاح الدستوري الجديدة لسنة 2011″، مجلة وجهة نظر، العدد 50، خريف 2011 ص 45. (9)
– عثمان الزياني، “الحماية الدستورية لحقوق المعارضة البرلمانية”، مقاربة على ضوء دستور 2011، منشورات مجلة الحقوق، عدد 5، 2012، ص 66. (1)
– عثمان الزياني، “الإصلاح البرلماني في المغرب، بحث في الأسس والمرتكزات”، المجلة الدولية، العدد 5، 2009، ص 33. (7)
– مقتطف من الخطاب الملكي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الأولى عن السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية التاسعة، أنظر (15) الخاص بالوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني www.mcrp.gov.ma
– خلاصات اليوم الدراسي، حول النظام الداخلي لمجلس النواب، تحت شعار أي نظام لتحسين الأداء البرلماني والتنزيل الديمقراطي للدستور، مارس 2012، غير منشور، ص 19. (5)
– دستور المملكة المغربية 2011 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر الصادر بتاريخ 29 يوليوز 2011 . (8)، (12)
– القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية الصادر الأمر بتنفيذه بموجب طهير شريف رقم 1.11.166 بتاريخ 24 من ذي القعدة 1432، الموافق 22 أكتوبر2011. (10)
– عرض النائب غسان مخيير، رئيس “منظمة برلمانيون عرب ضد الفساد”، التقرير النهائي لإطلاق “دليل البرلمانيين حول الأخلاقيات وقواعد السلوك البرلمانية”، ماي 2011، ص 14. أنظر الرابط الإلكتروني: (13) (13)www.arpocnetwork.org/arpactivities/amman052011/report_amman.pdf
Ariane Vidal-Naquet, L’institutionnalisation de l’opposition quel statut pour quelle opposition … Droit constitutionnel, N ° 77, Janvier 2009, P: 153. (2)
[1] – عثمان الزياني، “الحماية الدستورية لحقوق المعارضة البرلمانية، مقاربة على ضوء دستور 2011″، منشورات مجلة الحقوق، عدد 5، 2012، ص 66.
[2] – Ariane Vidal-Naquet, L’institutionnalisation de l’opposition quel statut pour quelle opposition ……… Droit constitutionnel, N ° 77, Janvier 2009, P: 153.
[3] — الفيلالي التهامي: مكانة المعارضة البرلمانية في الدستور المغربي الجديد، موقع منبرمراكش 30 نونبر 2011.
[4] – زين العابدين حمزاوي: إشكالية التناوب رفي ضوء التطور السياسي والدستوري في المغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام 1998-1999، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بوجدة ص، 202.
[5] – خلاصات اليوم الدراسي حول النظام الداخلي لمجلس النواب، تحت شعار أي نظام لتحسين الأداء البرلماني والتنزيل الديمقراطي للدستور، مارس 2012، غير منشور، ص 19.
[6] – عثمان الزياني، “الحماية الدستورية لحقوق المعارضة البرلمانية”، ص 74.
[7] – عثمان الزياني، “الإصلاح البرلماني في المغرب، بحث في الأسس والمرتكزات”، المجلة الدولية، العدد 5، 2009، ص 33.
[8] – ينص الفصل 64 من دستور 2011 على ما يلي: “لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان، ولا البحث عنه، ولا إلقاء القبض عليه، ولا اعتقاله ولا محاكمته، بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولة مهامه، ما عدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل النظام الملكي والدين الإسلامي، أو يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك”.
[9] – لزعر عبد المنعم، “المؤسسة البرلمانية بالمغرب: توصيفات التردي ورهانات الإصلاح الدستوري الجديدة لسنة 2011″، مرجع سابق، ص 45.
[10] – ظهير شريف رقم 1.06.18 الصادر في 15 محرم 1427 (14 فبراير 2006) بتنفيذ القانون رقم 36-04 المتعلق بالأحزاب السياسية.
[11] – نجيب جيري، “الاختصاص المالي في دستور 2011 ومتاهات الإصلاح الدستوري في المغرب”، منشورات مجلة الحقوق، العدد 5، 2012، ص 140.
[12] – أنظر الفصل 69 من دستور 2011.
[13] – عرض النائب غسان مخيير، رئيس “منظمة برلمانيون عرب ضد الفساد”، التقرير النهائي لإطلاق “دليل البرلمانيين حول الأخلاقيات وقواعد السلوك البرلمانية”، ماي 2011، ص 14.
أنظر الرابط الإلكتروني: www.arpocnetwork.org/arpactivities/amman052011/report_amman.pdf
[14] – غريغ باور، “دليل البرلمانيين حول الأخلاقيات وقواعد السلوك البرلمانية”، مجموعة العمل العالمية المعنية بالأخلاقيات البرلمانية، منشورات copac، أنظر الرابط الإلكتروني: www.wfd.org/upload/docs/political.guidebook_arabic_20110429.pdf
[15] – مقتطف من الخطاب الملكي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الأولى عن السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية التاسعة، أنظر الموقع الخاص بالوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني www.mcrp.gov.ma