في الواجهةمقالات قانونية

تخبط حماية الأجير ببعض قواعد مدونة الشغل

بسم الله الرحمان الرحيم

. تخبط حماية الأجير ببعض قواعد مدونة الشغل

عبدالصمد فرطاس : طالب باحث بسلك ماستر تخصص قانون الأعمال بتطوان

 

 

 

مقدمة :

 

لقد عرف المغرب في العقود الأخيرة تحولات عديدة لم يكن المجتمع على عهد بها، و لم يكن ينظر إليها بنفس الإهتمام الذي هو عليه الأمر في وقتنا الحاضر ، حيث كان ينظر إلى واقعه الإقتصادي و الإجتماعي و الثقافي .. على أنه نتيجة لسيرورة التاريخ و لتراكماته و لنتائجه الحتمية التي يبقى الإنسان مسيرا في التعامل معها كما هي ،غير أن توالي الأحداث و تعقد الحياة في مختلف مجالاتها أفرضت إعادة النظر في منهجية باعتماد أسلوب يهدف إلى تجاوز أزمات الحاضر بمختلف تحدياته.

و يبقى أهم تحد يواجهه المجتمع المغربي بمختلف مكوناته الذي يعرقل المسيرة التنموية للبلاد ، الوضع الذي تعيش في ظله الطبقة العاملة المغربية التي تعاني من مختلف أشكال الإستغلال و الحرمان من أبسط الحقوق مما يجعل هذا معضلة ذات طابع إجتماعي و إقتصادي تستوجب التدخل العاجل لمواجهته بكل الآليات المتاحة و الممكنة ، خاصة و أن ما تقوم به هذه الطبقة في العصر الحاضر يكتسي أهمية بالغة نظرا لما تلعبه من دور أساسي في النهوض بالحياة الإقتصادية للمجتمع و تنمية موارده الطبيعية و تطويرها وذلك داخل مجتمع يخيم عليه عدالة إجتماعية متوازنة تراعى فيه حقوق جميع الأطراف

و حتى تؤدي هذه الطبقة كل هذه الأدوار يتطلب ذلك توفرها على جو ملاءم للعمل تضمن من خلاله مستقبلها و مستقبل أبنائها، و لا يتأتى ذلك إلا من خلال آليات قانونية حمائية عادلة تضمن المصالح المشتركة للعامل و المشغل و ترشد سلوك الإنسان و قراراته.

و بعد مخاض طويل صدرت مدونةجديدةأطلق عليها مدونة الشغل[1] محملة بالعديد من المقتضيات القانونية التي تقارب 589 مقتضىيات لجمع الشتات و التجزئة التي كان يعرفها القانون الإجتماعي في المغرب منذفجر الإستقلال جاءت ساعية من أجل تحقيق رهان سعت له كل الدول في العديد من الإتفاقيات هو خلق التوازن في عالم الشغل و يتعلق الأمر بالتوازن التلاثي العامل، و رب العمل تم ،الإقتصاد الوطني

و بما أن المحور الأساسي الذي يدور حوله الموضوع هو الأجير فإن الاشكالية التي تطرح نفسها في هذا الصدد هي كالآتي  هل حقا توفق مشرع مدونة الشغل في حماية هذه الفئة من المجتمع ام أن هذه الحماية لم تصل الى  الحد المطلوب ، بمعنى آخر هل من حواجز و عوائق تعيق طريق هذه الحماية مما تجعل منها حماية قاصرة و مختلة ؟؟ و أنطلاقا من هذه الاشكالية تجعلنا نقف على جملة من الاشكالات المتفرعة عنها :

ما هي أهم مظاهر و تجليات العراقيل التي تهدد حماية الاجير في مدونة الشغل ؟

وهل من دور للقضاء في القضاء على هذه الحواجز و العراقيل و اعتباره مسعفا و معالجا ؟

و نظرا لطبيعة الموضوع و اهميته يحتم علينا اختيار التصميم الآتي :

       المطلب الاول:مظاهر  تخبط حماية الأجير في مدونة الشغل

المطلب التاني : التدخل القضائي كمسعف لصيانة حماية الأجير     

 

       المطلب الاول: تجليات تخبط مدونة الشغل في حماية الأجير 

صحيح أن مدونة جاءت محملة بالعديد من المقتضيات  الحمائية لصالح الأجير بالدرجة الأولى حفاظا على مركزه القانوني و على كل حقوقه المشروعة و القانونية

لكن داخل هذه الحماية عراقيل تعرقلها مما تخلخل و تزعزع إستقراراها لذلك في هذا المطلب سنقف حول ابرز هذه المشاكل و القواعد التي تشكل شبحا يهدد حماية الأجير عبر العديد من مقتضيات مدونة الشغل ،لنستشف و نقف عن بعض هذه القواعد  على مستوى الأشخاص الخاضعين لمدونة الشغل و على مستوى الحقوق الشخصية الممنوحة للأجير بمقتضاها (الفقرة الأولى )و لنرى في( الفقرة التانية )مظاهرها و تجلياتها على مستوى مسطرة الفصل و التعويضات الممنوحة للأجير

         الفقرة الاولى : مظاهر  قصور بعض القواعد القانونية ذات البعد الشخصي

و تتمثل أساسا في نقطتين أساسيتين أولها على مستوى الأشخاص الخاضعين لهذه المدونة أما تانيها تتمحور حول الحقوق الشخصية المرتبطة بالأجير سنقف على كل مستوى لنبين أبرز تجليات قصور قواعد مدونة الشغل في هذا الصدد :

         أولا : على مستوى الأشخاص الخاضعين لمدونة الشغل  

كما نعلم أن مشرعنا المغربي عمل على تعداد الأشخاص الخاضعين لحماية  مدونة الشغل  ،و فئات أخرى أحالنا على أنظمتها الأساسية سنقف حول مسألة الإحالة لنرى هل إحالة المشرع كانت في محلها فنؤيدها أم لم تكن كذلك فننتقدها

فالمادة 3 من م ش[2] هو المقتضى القانوني الذي يحيلنا على الأنظمة الأساسية لبعض الفئات لكن برجوعنا الى هذه الأنظمة هي الأخري تقوم بإحالتنا الى مدونة الشغل إذن نسجل اننا أمام تلاعب تشريعي كأننا أمام مشرعين متناقضين مشرع  مدونة الشغل من جهة و مشرع الأنظمة الاساسية لبعض الفئات من الاجراء من جهة تانية

لذلك يجب ان نؤكد أن المشرع في بعض  الحالات كانت احالته غير صائبة  لذلك يجب التدقيق في هذه المسألة ليرى و ليعرف الأجير أين يتوجه و أين يحتكم عندما يتم الاعتداء عليه

قاعدة  أخرى في نفس المادة 3 في فقرتها الاخير تؤكد لنا ان اجراء القطاع العام  يخضعون لأحكام هذا القانون بمعنى أن مدونة الشغل لم تبقى حكرا على الأجراء الذين يعملون في القطاع الخاص طرح التساؤل هل الموظف يخضع الى مدونة الشغل باعتباره يعمل في القطاع العام صحيح أن هذه الفئة لديها نظامها الخاص بها  و بالتالي عدم خضوعها ما أردت أن اؤكده  على المشرع ان يكون حكيما في سنها للقواعد التشريعية فمثلا في هذه الحالة عليه أن يوضح من هم هؤلاء الاجراء الذين يعملون في القطاع العام و يستفدون من الحماية التي توفرها هذه المدونة

و كآخر نقطة تتعلق بنطاق تدخل مدونة الشغل  المادة 4 من م ش أقرت و أكدت على ان خدم البيوت سيأتينظاما  ينظمها و يعمل على حمايتها لن اناقش  حسنات و سيئات هذا النظام النظام الذي جاء  بعد طول الان[3]تظار لكن السؤال الذي يطرح قبل دخول هذا النظام الخاص بهذه الفئة حيز التنفيذ ماهو القانون الذي كان علينا ان نطبقه لحماية هذه الطبقة  بطبيعة الحال سيكون الاستنجاد بقواعد الشريعة العامة المشكل ليس هنا ووانما نسجل ان  سلطتنا القضائية أصرت على طرح هذه الفئة حتى من الحماية التي يقدمها ق ل ع مستدلة و مبررة أحكامها و قراراتها بحجج وصفتها بكونها واهية

و نقدم لكم بض الحجج من طرف القضاء أول حجة هي حرمة البيت ،تاني  حجة كون هذه الفئة لا تتقن أعمالهم  و آخر حجة مقدمة من طرف محكمة النقض هي طبيعة مهامها فوجدت و لا مست إستنادا الى هذه المقتضيات تضاربا و تناقض بين محمكة النقض من جهة و مدونة الشغل من جهة تانية مدونة الشغل تؤكد على أن العلاقة بين خادم البيت و رب البيت هي علاقة شغل و محكمة النقض تنفي ذلك

و لهذا استحضر قول أستاذ محمد بنحساين فيإحدى مقالاته العلمية  ” إن القضاء مصر على إستبعادكم من حماية مدونة الشغل ”

لذلك نستنجد من مدون  مدونة الشغل أن يضع قواعد حكيمة و رزينة من أجل تحقيق الهدف التي جاءت من أجله هذه الاخيرة

و لن أتحدث عنأجراء القطاع التقليدي الصرف لأن المدونة منذ أن أقرت أن هناك نظام خاص سيأتي و يحميهم من ذلك الوقت و هو لم يرى النور، عن أي حماية نتحدث ؟؟

تانيا : على مستوى الحقوق الشخصية          

نعلم أن الحقوق الشخصية هي تلك الحقوق الوتيقة الصلة بشخصية الإنسان مثلا الحق في المظهر ، الحق في الكرامة ، الحق في الإسم …[4]

يمكن أن نسجل منذ الوهلة الأولى أن صعوبة  حمايتها تطرح بالدرجة الأولى حينما يتعلق الأمر في علاقة ليست مبنية على المساواة مثل علاقة الشغل مما يجعل الأجير في الكثير من الأحيان التنازل عن حقه في سبيل الحفاظ على علاقة الشغل سؤال الذي يطرح نفسه أين الخلل ؟ و إن صح القول ما مدى وجود نصوص قانونية تحمي هذه الحقوق في مدونة الشغل ؟

لكي لا أكاد أجزم يمكنني القول أن مدونة الشغل عملت على إجهاط حماية هذا النوع من الحقوق على الرغم من توفرها على بعض المقتضيات التي لا تسمن و لا تغني من جوع

ليبقى السؤال مطروح لماذا المشرع المغربي أو مشرع المدونة لم يعمل على حماية هذه الحقوق على الرغم أنه في  الكثير من  الأحيان يتم الإعتداء عليها

 صحيح و لا ننكر أن مدونة الشغل جاءت ببعض المقتضيات الحمائية في هذا الصدد  لكن تبقى نسبية بشكل كبير و نضرب لكم مثلا من أجل تأكيد وجهة النظر  المادة 9 م ش أكدث على أنه يمنع التمييز بين الأجراء بسبب الحالة الزوجية في نظركم كيف يمكن للأجير أن يتبت أن عدم قبوله أو ترقيته أو شيء من هذا القبيل كان بسبب الحالة الزوجية  أذن نعود و نؤكد أن مشرعنا المغربي مطالب باصدار نصوص  صريحة تحمي كل هذه الحقوق لكن بالشكل أوبالحد الذي لا يلحق ضرر بالمشغل

المشرع الفرنسي كان حكيما في تنظيمها لهذه الحقوق مع الحفاظ و عدم الاضرار بالمشغل

و أمام هذا الفراغ الترشيعي وجهة الأجير من أجل حماية و صيانة  هذا النوع من الحقوق هو قانون الالتزامات و العقود و السلطة القضائية سيأتي معنا في المطلب التاني  لنفصل في هذه النقطة .

         الفقرة التانية : مظاهر قصور بعض القواعد القانوني ذات البعد الإجرائي   

في هذه الفقرة سنقف حقا عن الإخلالات التي تعاني منها مدونة الشغل و التي من شأنها ستأتر حتما على حمياة الأجير و تتمثل أساسا في مسطرة الفصل  من جهة وفي التعويضات الممنوحة بمقتضى هذه المدونة

         أولا : على مستوى مسطرة الفصل التأديبي  

تعبتبر هذه المسطرة من أهم الضمانات الممنوحة للأجير بمقتضى مدونة الشغل و نظرا لخطورة الفصل في حياة  الأجير حاول المشرع أن يتقن سن هذه المسطرة إلا أنه لم يفلح بحيت لا زلنا نسجل العديد من الاختلالات التي من شأنها تجعل من هذه الضمانة مجرد حبر على ورق ، ليبقى السؤال مطروحا اين يتجلى ذلك ؟

سأقتصر الحديت عن القاعدة أو القواعد  الواردة في المادة  62 [5] و ما أتارته  من ظجة لا على مستوى الفقه أو القضاء

قبل البدء في أشكالات هذه المادة  لا بد و أن أشير الى مسألة مهمة موجودة في المادة 61 التي تؤكد إمكانية  سلوك مسطرة الفصل مباشرة عند إرتكاب الأجير خطأ جسيم السؤال الذي يطرح هل من تعريف في مدونة الشغل للخطأ الجسيم ؟ و هل من معاير يعتمد عليه القضاء لتككيف هذا الخطأ؟

إذا ما رجعنا الى مدونة الشغل لن نجدالجواب بل هناك بعض الأخطاء المنصوص عليها في  م 39

و التي هي على سبيل المتال إذن على ماذا سنحتكم من أجل  تكييف الخطأ على إعتبار أنه  من أخطر الإشكالات القانونية و القضائية هي مسألة التكييف مع عدم وجود معيار

تخبط الفقه في هذا الإتجاه هناك من ينادي بتوفر عنصر العمد و هناك من ينادي بأن يكون السبب جديا و حقيقيا و هناك من  يقول لا بل حتى مجرد الإهمال يمكن أن يكيف بأنه خطأ جسيم

لمن يبقى الحسم؟ في ظل غياب أي قاعدة أو مقتضى قانوني نعتمد عليه ليكون مخرجا بالطبيعة الحال و جهتنا أيضا القضاء

بخصوص م 62 و ما تتيره من إشكالات

نعلم أن هذه المادة تنظم مسطرة الإستماع التي تعتبر من أهم الإجراءات في مسطرة الفصل بحيث يتعين على المشغل وجوبا إتاحة الفرصة للأجير للدفاع عن نفسه بحضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي

أول الغموض هو أن مدونة الشغل لم تبين كيفية إستدعاء الأجير للاستماع و لم تبين كيفية الإستماع عليه و هذا على خلاف المشرع الفرنسي الذي حدد الطريقة كتابة كما حدد البيانات التي يجب ان تتضمنها هذه الاستدعاء من موضوع اللقاء و ساعة اللقاء …[6]

تانيا ، هناك من المقاولات من لا يحق لها قانونا أن تعين مندوب الأجراء أوممثل النقابي لأن عدد أجرائها يقل عن 10 أجير[7] ليبقى السؤال مطروحا ماهو الحل ؟ إنتظرنا لسنوات ليسمح المشرع أخيرا بأن يرفق معه شخصا من الغير يساعده أثناء الدفاع عن نفسه

تالثا ،الغموض الذي أتارته الفقرة الأخيرة  من نفس المادة حول من هو المسؤول عن إتارة مسطرة الفصل هل المشغل وحده أم الطرفين معا : إذا وقفنا على صياغة النص نستنتج على أن كلا الطرفين مسؤولين و لكن من الناحية المنطقيةلا يمكن تصورها،هنا ظهر فريقين فريق يرى أن المشغل هو وحده المسؤول عن إتارة مسطرة الإستماع و إذا لم يترها يعتبر فصله فصلا تعسفيا

و الفريق التاني يرى أن الأجير مادام تم إستدعائه و لم يتم التوجه الى مفتش الشغل فيعتبر بمتابة تنازله عن حقه في الإستماع و يجعل من المسؤولية مشتركة بين الطرفين

أستاذ  محمد بنحساين يرى معتمدا على معيار المنطق أن الذي عليه أن يبادر الى إثارة مسطرة الإستماع هو المشغل مؤكدا أنه من غير المعقولتصور أجير ارتكب خطأ جسيم و يتوجه الى مسطرة فصله

رابعا : أوكلت المادة 62 الإستماع الى الأجير من طرف المشغل أو من ينوب عنه المشكل هو أن المشرع لم يحدد طبيعة هذا النائب اذ كان عليه و ضمانا للحياد أن يشرط على من ينوب عن المشغل في هذه الحالة أن لا يكون من ادعى إقتراف الأجير للخطأ

         ثانيا: على مستوى التعويضات الممنوحة  

لن أتحدث عن طريقة إحتسابها أو طرق تحصيلها لكن سأناقش الإشكالات التي تطرحها مقتضياتها :

الاشكال الاول :  المتعلق بالتعويض عن الإخطار لنتصور أن الأجير قدم استقالته و قبلت الإستقالة من طرف المشغل  هل هنا يبقى الأجير ملزما بمنح المشغل أجل الإخطار

إذا توجهنا الى  مدونة الشغل لن نجد جوابا  فتدخل هنا ايضا القضاء لحسم النقاش سيأتي معنا و سنرى ما الحل الذي جاء به قضاؤنا

الإشكال التاني : و يتعلق بالتعويض عن الفصل السؤال هل هذا التعويض يمنح عن كل سنة من 5 سنوات أم يمنح عن 5 سنوات بأكملها ؟؟

ما يلاحظ كلما إنتقلنا من مقتضى الى آخر الإ و نجد المشرع تعتريه العديد من الإخلالات مما تشكل تهديد للحماية التي جاء بها  مدونة الشغل للاجير،نفس الأمر المشرع ساكت بهذا الخصوص و القضاء هو الحل

بخصوص التعويض عن الضرر قبل صدور مدونة الشغل كان تحديده من إختصاص القضاء المشكل هو أن القاضي كا يغلب عليه مبدأ التعاطف مع الأجير و نسي مصلحة المشغل بعد صدور مدونة الشغل أصبح يخضع هذا التعويض لنصوص قانونية محددة بمقتضى مدونة الشغل للحد من سلطة القاضي

و لن أتحدث عن التعويض عن فقدان الشغل لأنه غير منظم بمدونة الشغل فقط أتير مسألة تعدد الأسباب للاستفادة من هذا التعويض مما قد يشكل إحراج  للقاضي من طرف الدفاع على المشرع التدخل و يوحد السبب

لا حظنا من خلال بسط هذه المشاكل التي تعاني منها مدونة الششغل أن حماية الأجير تبقى مهددة لكل إعتداء أو استغلال ولكن مدام القضاء موجودا فلا خوفا على الأجير لذلك فعلى كل المستوايات التي رأيناها إلا و نجد القضاء واقفا مسلحا من تفسير كل قاعدة قانونية التي من شأنها أن تخلخل هذا الحماية لهذا سنرى في المطلب التاني الدور العلاجي و التفسير ي للقضاء في مدونة الشغل

         المطلب التاني : التدخل القضائي لمعالجة العراقيل التي تتخبط بها مدونة الشغل  

لتكون أجوبتنا فيها نوع من الدقة سنقف حول مظاهر التدخل للقضاء على مختلف الأبع  التي رأيناها

         الفقرة الاولى : على مستوى مقتضيات نطاق تطبيق مدونة الشغل و الحقوق الشخصية للأجير

صحيح أن القضاء له دور لا يستهان به في مختلف المجلات كيف ما كانت طبيعتها ، و أفرد وجوده أيضا  على المستوى الإجتماعي :

         أولا التدخل القضائي في مجال تطبيق مدونة الشغل  

نسجل هنا قلةالأحكام و القرارت القضائية بهذا الخصوص ،فقط نجد  قرارات عدة تؤكد على أن الأجراء الذين لا تسري عليه أحكام مدونة الشغل يبقونا خاضعيين للشريعة العامة  ق ل ع

و لكن من الملاحظ بخصوص خدم البيوت كما أشرنا أن القضاء كان أنانيا و متكبرا  في عدم إخضاع هذه الطبقة لمدونة الشغل لأسباب غير جدية و واهية

         تانيا على مستوى الحقوق الشخصية لأجير

لا يمكن أن ينكر أحد  الدور الذي لعبه القضاء بخصوص هذه النقطة المتعلقة بالحقوق الشخصية هو الذي حمى الحق في الزواج[8]  و جاءنا بمفهوم جديد للنظام العام و جعل من هذه الحماية لهذا الحق السند الأساسي لإعتماده لكل من سولت له نفسه الإعتداء على كل حق من الحقوق الأخرى

كما أنهأعطى التفسير الصحيح للمادة 109 من ق ل ع  باعتبارها المادة الوحيدة التي كان يعتمدها القضاء لحماية حقوق الأجير ،حيث فسرها لصالح الأجير   و خاصة و نحن أمام ضآلة الضمانات القانونية  التي جاءت بها مدونة الشغل من جهة و من جهة تانية عدم جدوى تطبيق بعض فصول ق ل ع التي من شان تطبيقها الزيادة في تأزيم وضع الأجير[9]

لن أدخل في التفاصيل فقط أقف على أهم المظاهر التي يتدخل فيها القضاء كمنقد و معالج لمواد مدونة الشغل للوقوف عن المرض و تشخيصها و الوصول الى الدواء

         الفقرة التانية:  التدخل القضائي على مستوى مسطرة الفصل التأديبي و التعويضات الممنوحة

في هذه الفقرة سنقف حقا على هذا الدور  :

         أولا : على مستوى مسطرة الفصل التأديبي

 من بين مظاهر التدخل القضائي ما يتعلق بكيفية إستدعاء الأجير و الإستماع إليه ، سبقنا و أكدنا أن مشرع مدونة الشغل  لم يعمل على تحديد  الكيفية،هنا القضاء أكد على ضرورة توجيه الإستدعاء كتابة لما فيه من ضمانات كبيرة لصالح الأجير

و هناك من ناد بأن يكون التبليغ عبر المفوض القضائي و نحن نعلم جدوى هذه الطريقة و مدى الضمانات التي توفرها

المظهر التاني بخصوص مسألة التكييف للخطأ الجسيم تدخلت محكمة النقض لتحدد لنا معنى الخطأ الجسيم أمام الفراغ التشريعي لتقول أن الخطأ الجسبم هو ذلك الخطأ الذي لا يمكن معه إستمرار العلاقة الشغلية و به تكون قد حددت لنا المعيار المعتمد ليكون الأجير على علم به و لا يتعرض للتعسف من طرف مشغله

أيضا المشكل الذي يخص الفقرة الأخيرة من المادة 62 تدخل المجلس الأعلى سابقا لحسم الخلاف و  إعتبر أن التفسير الصحيح الذي يجب أن يعطى للمادة 62 هو أن المشغل  وحده المسؤول عن إتارة المسطرة و إن لم يحترمها فيعتبر فصله تعسفيا لانهمن غير المعقول أن الأجير سيرتكب خطأ ولا ينتبه إليه مشغله أو انتبه وصرف النظر عنه، وأن يبادر إلى إثارة الأمر !!!، ففي هذه الحالة على الأجير أن يبقى في عمله إلى أن يتعرض للفصل، وإذا ما تعرض للفصل عليه أن يتوجه إلى المحكمة للمطالبة بحقه مع الإدلاء بكافة الحجج التي تؤكد إدعاؤه.[10]

و نسجل أيضا  تدخل القضاء بخصوص مسطرة الإستماع في حالة عدم حضور مندوب الأجراء حيث إعتبر القضاء في هذا الصدد أنه يشكل خرقا لمقتضيات م ش[11]62

أما بخصوص مسألة الأجل التي حددها المشرع في  8 أيام و السؤال الذي كان مطروحا ، ماذا لو قدمها خارج هذا الأجل للأسف لا المشرع و لا القضاء حسم في هذا الأمر …

عموما هذه بعض صور التدخل الإيجابي للقضاء على الرغم من كترتها

 

         تانيا : على مستوى التعويضات الممنوحة للأجير

كانت للقضاء الكلمة في تفسير العديد من المقتضيات المتعلقة بهذا الأمر و كإجابة عن الإشكالات التي طرحناها سابقا بهذا الخصوص

فقد فسر القضاء الإشكال الأول المتعلق بالتعويض عن الإخطار و الذي يدور حول مسألة الإستقالة ومدى توجيه الإخطار من طرف الأجير العمل القضائي هنا حسم الأمر حيت اعإبر في إحدى القرارات أن تقديم الإستقالة من طرف الأجير و قبول المشغل الإستقالة فهذا لا يعني اعفاءه من توجيه  الإخطار بل يبقى ملزما بإتارته [12]

أما بخصوص الإشكال المتعلق بالتعويض عن الفصل هناك قرارات عدة أكدت أن تحديد التعويض عن الفصل يتم تحديده على كل سنة قضاها الأجير في خدمة المشغل و ليس لخمس سنوات كما ذهب البعض …

و بهذا نكون قد  كشفنا عن دور الريادي و الفعال للقضاء في حياة الأجير إن لم نقل دور القضاء على المستوى الإجتماعي ككل

 

 

 

خاتمة :

 

و ختاما يمكن القول على أن مدونة الشغل جاءت من منطلق يتعلق بالصراع الدائم بين المشغل و الأجير فالأول يطالب بالمرونة في التشغيل و الآخر يطالب بإستقرار الشغل و الحماية الإجتماعية

فالأكيد ثم الأكيد مهما بلغ ذكاء المشرع فلا يمكن أن يحيط بجميع الحالات و سد جميع الثغرات  لذا لا يبقى الا الاستغاثة و الاستنجاد  بالقضاء ،لكن مهما يكن فأن قاضي الشغل لا يجب ان ينسى واجبه نحو المجتمع ككل و عليه لا يمكنه ان يذهب في حماية الأجير بالحد الذي يهدد مصلحة المشغل و من خلالها مصلحة المجتمع

لذلك نرى من وجهة نظر متواضعة نعم مع استمرار القضاء في حماية الأجير لكن مع ضرورة الحفاظ على المركز القانوني للمشغل و عدم تهديده . ليبقى السؤال مطروحا هل فعلا قضاؤنا المغربي عمل بهذه المعادلة القانونية ام ضرب بها خارج مبادئه ؟؟؟؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع

الكتب

ذعبدالقادر بوبكري – صباح كوتو ” دروس في القانون الإجتماعي ” الطبعة 2019 المطبعة سجلماسة

ذ.محمد بنحساين ” حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل  طبعة 2015 مطبعة تطوان

 

الرسائل

سمية عازء : رسالة لنيل دبلوم الماستر ” الرقابة القضائية على الفصل التأديبي للأجراء ” السنة الجامعية 2007/ 2008 كلية الحقوق السويس-الرباط-

المقالات

عبد الواحد حليمي  مقال تحت عنوان ” اشكالية مسطرة الإستماع في حالة الفصل التأديبي و دور العمل القضائي منشور بمجلة القانون و الأعمال الدولية

محمد بنحساين، أي حماية للعمال المترليين في مشروع قانون رقم 12.19؟،

مقال منشور في مجلة القضاء المدني –العدد السادس شتاء:ربيع 2015 ،-مطبعة

المعارف الجديدة- الرباط، 2015.

 

-محمد بنحساين، ملاحظالت بشأن القانون رقم 12.19 بتحديد شروط

الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المترليين، مقال منشور بالمجلة المغربية في

الفقه والقضاء، العدد الرابع 2016 ،مطبعة الأمنية الرباط.

 

 

[1]القانونرقم 66.29 المتعلقبمدونةالشغل: ظهيرشريفرقم1.03.194صادرفي 14منرجب1424

11سبتمبر 2003)بتنفيذالقانونرقم 66.29 المتعلقبمدونة الشغل

[2]المادة 3 من مدونة الشغل : تظلفئاتالأجراءالآتيذكرها،خاضعةلأحكامالأنظمةالأساسيةالمطبقةعليها،والتيلايمكنبأيحالمنالأحوال،أنتقلعماتنصعليهمدونةالشغلمنضمانات:

1 – أجراءالمقاولاتوالمؤسساتالعموميةالتابعةللدولةوالجماعاتالمحلية؛

2 – البحارة؛

3 – أجراءالمقاولاتالمنجمية؛

4 – الصحفيونالمهنيون؛

5 – أجراءالصناعةالسينمائية؛

6 – البوابونفيالبناياتالمعدةللسكنى .

تخضعالفئاتالمذكورةأعلاه،لأحكامهذاالقانون،فيكلمالميردالنصعليهفيالأنظمةالأساسيةالمطبقةعليها.

يخضعأيضالأحكامهذاالقانون،الأجراءالمشتغلونفيالمقاولاتالمنصوصعليهافيهذهالمادة،والذينلاتسريبشأنهمأنظمتهاالأساسية.

كمايخضعلأحكامهذاالقانونأجراءالقطاعالعامالذينلايسريعليهمأيقانون.

 

[3]للاطلاع على هذا الموضوع يمكن الرجوع الى عدة مقالات للاستاذ محمد بنحساين :

-محمد بنحساين، أي حماية للعمال المترليين في مشروع قانون رقم 12.19؟،

مقال منشور في مجلة القضاء المدني –العدد السادس شتاء:ربيع 2015 ،-مطبعة

المعارف الجديدة- الرباط، 2015.

-محمد بنحساين، ملاحظالت بشأن القانون رقم 12.19 بتحديد شروط

الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المترليين، مقال منشور بالمجلة المغربية في

الفقه والقضاء، العدد الرابع 2016 ،مطبعة الأمنية الرباط.

[4]للاطلاع على هذا الموضوع يمكن الرجوع الى كتاب ذ محمد بنحساين ” حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل  طبعة 2015 مطبعة تطوان

[5]المادة 62 من مدونة الشغل “يجب،قبلفصلالأجير،أنتتاحلهفرصةالدفاععننفسهبالاستماعإليهمنطرفالمشغلأومنينوبعنهبحضورمندوبالأجراءأوالممثلالنقابيبالمقاولةالذييختارهالأجيربنفسه،وذلكداخلأجللايتعدىثمانيةأيامابتداءمنالتاريخالذيتبينفيهارتكابالفعلالمنسوبإليه.

يحررمحضرفيالموضوعمنقبلإدارةالمقاولة،يوقعهالطرفان،وتسلمنسخةمنهإلىالأجير.

إذارفضأحدالطرفينإجراءأوإتمامالمسطرة،يتماللجوءإلىمفتشالشغل

[6]سمية عازء : رسالة لنيل دبلوم الماستر ” الرقابة القضائية على الفصل التأديبي للأجراء ” السنة الجامعية 2007/ 2008 كلية الحقوق السويس-الرباط- ص16

[7]عبدالقادر بوبكري – صباح كوتو ” دروس في القانون الإجتماعي ” الطبعة 2019 المطبعة سجلماسة ص 46 -47

[8]وفي هـذا السياق جـاء التدخل الإيجابي للقضاء حيث أزاح شرط العزوبة (La Célibat la contractuel) من خلال تأييده لحق المضيفة الجوية للطيران “هيلينا باطسطا” في الزواج التي كانت تشتغل لحساب شركة الخطوط الجوية المغربية وتم فصلها لزواجها، وهذا وسام يعلق على صدر القضاء المغربي من خلال هذا التكريس القضائي لحماية ابرز الحقوق الشخصية للأجير التي لا يمكن حرمانه منها.وقد تم صدور هذا القرار من طرف(المجلس الأعلى) محكمة النقض حاليا بتاريخ 20 يوليوز 1983

 

 

[9]الفصل 109 الذي جاء به قانون الالتزامات و العقود، والذي يعتبر كوحدة قياس لحماية باقي الحقوق الشخصية الأخرى في عقد الشغل

[10]عبد الواحد حليمي  مقال تحت عنوان ” اشكالية مسطرة الإستماع في حالة الفصل التأديبي و دور العمل القضائي منشور بمجلة القانون و الأعمال الدولية

[11]سمية عازء : رسالة لنيل دبلوم الماستر ” الرقابة القضائية على الفصل التأديبي للأجراء ” السنة الجامعية 2007/ 2008 كلية الحقوق السويس-الرباط- ص 17

[12]سمية عازء : مرجع سابق  ص22

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى