في الواجهةمقالات قانونية

الرقـــابـة  على مــيزانية الجمــاعــات التـرابية بـالمغـــرب

 

 

الرقـــابـة  على مــيزانية الجمــاعــات التـرابية بـالمغـــرب

إعداد الطالب الباحث : ضياء الرحمان سبوليdiaa errahmane sabouli

طالب باحث بسلك ماستر المالية العامة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية سطات

 

 

 

 

تعتبر الرقابة أحد العناصر الأساسية التي تقوم عليها منظومة الحكامة الترابية ،لكونها وسيلة تساعد لضبط التدبير المالي الجيد للجماعات الترابية و الحرص على أدائه إنفاقا و تحصيلا[1] . إذ يكمن الهدف من إقرار الرقابة على مستوى تنفيذ الايرادات في التأكد من استخلاص كل أنواع الموارد الجبائية و غير الجبائية المنصوص عليها في الميزانية المحلية مع إزالة كل العراقيل التي تعيق عملية تحصيلها . بينما تكمن الغاية من وراء إقرار الرقابة على تنفيذ النفقات المحلية في التأكد من أن صرف نفقات التسيير و التجهيز يتم بالشكل الذي ارتضاه المجلس التداولي ، لكونه ممثل السكان الممولين الأصليين لميزانية الجماعات الترابية . و من أجل تحقيق هذه الأهداف و الغايات ، فقد أناط المشرع المغربي مهمة الرقابة على المالية المحلية للعديد من الأجهزة خاصة و أن كل جهاز يتميز بمجموعة من الأدوار التي ينفرد بها عن الآخر ،علاوة على التوقيت الزمني الذي تمارس فيه منها رقابتها [ الرقابة القبلية و الموازية و البعدية ] . و عليه ، يمكن تصنيف الرقابة التي تخضع لها الميزانية المحلية ، إما إلى رقابة ذات طبيعة سياسية و إدارية كما هو الحال بالنسبة لتلك التي تمارسها الهيئات التابعة لوزارتي الداخلية و المالية [ المطلب الأول ] ، أو رقابة ذات صبغة قضائية تتمثل في تلك التي تمارسها بشكل بشكل خاص المحاكم المالية [ المطلب الثاني ] .

 

المطلب الأول : الرقابة ذات الطبيعة السياسية و الادارية

تشكل الرقابة النظامية ممثلة في الرقابة السياسية و الادارية مجموعة من العناصر التي تؤثر و تتأثر فيما بينها داخل محيط الجماعات الترابية ، حيث تقوم برصد اختلالاتها و تتبعها و القيام بالتصرف الرقابي المناسب الذي يتلاءم وحجم الاختلال المرصود [2] .

و غالبا ما تكون ردود الأفعال في هذا الإطار التفاعلية حيث تجد الرقابة الادارية في إطارها العام الصدى و الاستجابة المناسبة في الرقابة السياسية ،و نفس الشيء بالنسبة لهذه الأخيرة ، التي تتحرك عجلتها في معظم الأحيان اضطرادا و تلازما مع نظيرتها الإدارية ، الأمر الذي يجعل منهما مجموعة متكاملة و مترابطة و متفاعلة فيما بينها ، و يختص كل جزء منها بجانب معين من جوانب العملية الرقابية ، مع وجود درجة من التأثير و التأثر المتبادل بين مختلف الأجهزة و الجهات المكونة و الممارسة لها في أدائها لوظائفها [3] .

تتعدد صور و أنماط الرقابة النظامية على مستوى الترابي في شقيها السياسي و الإداري ، كما تتعدد الجهات و الأجهزة المتداخلة في ممارسة ذلك ، حيث يمارس الرقابة السياسية كل من الأجهزة و المنتخبون بعضهم على البعض الآخر خاصة تلك التي تقوم بها المعارضة على الأغلبية [ الفقرة الأولى ] ، في يقوم بالرقابة الإدارية كل من سلطة الإشراف ممثلة في وزارة الداخلية بأجهزتها المركزية و الترابية ، حيث يعود الاختصاص فيها إلى مصالحها المختلفة المختصة في هذا المجال [ الفقرة الثانية ] .

الفقرة الأولى : الرقابة السياسية للمجالس التداولية

ـ تندرج الرقابة التي تجريها المجالس التداولية على تنفيذ ميزانية الجماعات الترابية ضمن الرقابة ذات الطبيعة السياسية ، إذ يقوم الجهاز التداولي بدوره الرقابي من خلال تقنية الميزانية عن طريق الرقابة السابقة التي تتمثل في اعتمادها ، و رقابة موازية بتتبع تنفيذها عن طريق تعديلها و حصرها ، حيث أقر المشرع بإمكانية تعديل الميزانية خلال تنفيذها السنوي ـ إذا ما دعت الضرورة إلى ذلك و ذلك وفق الشروط و الشكليات المتبعة في اعتمادها و التأشير عليها ، ذلك إجرائية التعديل هاته ، تسمح بالقيام بتحويلات للاعتمادات داخل نفس البرنامج أو داخل نفس الفصل [4] .

إلى جانب ذلك ، فقد تم تنظيم عملية حصر الميزانية و هذه الأجرأة عبارة عن بيان لتنفيذها ، يثبت في أجل أقصاه 31 يناير من السنة الموالية ، المبلغ النهائي للمداخيل المقبوضة و النفقات المأمور بصرفها ، أو المتعلقة بنفس السنة ، كما تحصر فيه بالتالي النتيجة العامة للميزانية[5] . و يدرج الفائض في حالة وجوده ، في ميزانية السنة الموالية برسم مداخيل الجزء الثاني ، تحت عنوان *فائض السنة السابقة*[6] .

و باستقراء القوانين التنظيمية للجماعات الترابية نجد إلغاء المشرع المغربي للرقابة اللاحقة التي كانت تجريها المجالس التداولية عن طريق الحساب الإداري و إقراره لوسائل جديدة من قبيل التدقيق و الرقابة الداخليتين اللتان تعرفتان للهيئات المنتخبة ترابيا بالحق في مسائلة الأجهزة التنفيذية عن الطريقة التي تم بها الصرف و الانفاق الفعلي للاعتمادات المالية المحلية ذلك أن مسؤولية الآمر بالصرف مثلا ، تعتبر ذات طابع سياسي بالدرجة الأولى ، قبل أن تكون مسؤولية مالية إدارية أو قضائية ، لأنه شخص منتخب يتموقع في مركز المسؤولية من وجهة نظر الناخبين سواء كانوا مستشارين جهويين أو إقليميين أو جماعيين [ انتخبوه كرئيس عليهم ] أو كانوا مواطنين كمنتخبين بالدرجة الأساس و معنيين بالتدبير المالي المحلي. فهي من جهة رقابية ذات داخلي و سياسي محض ، يمارسها أعضاء المجالس التداولية على الهيئة التنفيذية [ الرئيس ] بصفتها الآمر بالصرف . و من جهة أخرى تتمحور في جزء مهم حول الامكانيات القانونية و الواقعية المخولة للمواطنين في سياق رقابة الرأي العام على التدبير المالي المحلي [7] .

و تدعيما لقواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبير الحر ، فقد أكد المشرع المغربي على وجوب اعتماد الجهات و العمالات و الأقاليم و الجماعات، تحت إشراف رئيسها ، التقييم لأدائها و المراقبة الداخلية و الافتحاص الداخلي و تقييم حصيلة تدبيرها . كما تقوم الجماعات الترابية ببرمجة تقارير التقييم و الافتحاص والمراقبة و تقديم الحصيلة في جدول أعمال مجالسها ، و تنشر هذه التقارير بجميع الوسائل الملائم ليضطلع عليها العموم [8] . ذلك أن وضع منظومة شاملة للمراقبة مؤسسة على نشاط الافتحاص الداخلي و تدبير المخاطر وكذا الرقابة الداخلية سيمكن هذه الوحدات الترابية من تطوير أدائها بغية تحقيق الأهداف المتعلقة بقانونية القرارات المتخذة و العمليات المنجزة ، بالامتثال للأهداف المسطرة و لمبادئ حسن التدبير و كذلك المتعلقة بفعالية و نجاعة أداء الجماعات الترابية [9] .

أولا ـ التدقيق الداخلي

يعتبر التدقيق الداخلي أحد أوجه الرقابة السياسية التي تمارسها المجالس التداولية على النشاط المالي للجماعات الترابية ، و هو نشاط مستقل موضوعي ، يلحق تنظيميا برؤساء الجهات و العمالات و الأقاليم و الجماعات من أجل ضمان الجودة ، و يهدف إلى تأدية مهام التوكيد و الأنشطة الاستشارية المختلفة من أجل تحسين و إضافة قيمة للعمليات في الجماعات الترابية المعنية . و هو يساعد هذه الأخيرة في تحقيق أهدافها من خلال تطبيق أساليب آلية و منضبطة من أجل تطوير و تقييم فعالية أنشطة إدارة المخاطر و الضوابط و الحكامة المؤسسية . و يشمل نطاق التدقيق الداخلي فحص و تقييم مدى كفاية و أنظمة الرقابة الداخلية بالجماعة الترابية المعنية و جودة الأداءعند تأدية المجالس التداولية ترابيا لأنشطتها و مهامها المختلفة .

و في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة في التدبير المالي للجماعات الترابية ، خول المشرع المغربي لمجالسها المنتخبة أو لرؤسائها ، بعد إخبار والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم أو بمبادرة من هذا الأخير إخضاع تدبير الجهات و العمالات و الأقاليم و الجماعات و الهيئات التابعة لها أو التي تساهم فيها لعمليات التدقيق ،بما في ذلك التدقيق المالي . حيث تتولى مهمة القيام بهذا التدقيق الهيئات المؤهلة قانونا لذلك ، و توجه وجوبا تقريرا إلى والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم و إلى أعضاء المجلس المعني و رئيسه . إذ يتوجب على هذا الأخير عرض تقارير التدقيق على المجلس بمناسبة انعقاد الدورة الموالية لتاريخ التوصل بتقرير التدقيق . ذلك أنه في حالة وجود اختلالات ، و بعد تمكين المعني بالأمر من الحق في الجواب يحيل والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم التقرير إلى المحكمة المختصة [10] .

و على أساس ما سلف ، فإن اللجوء إلى آلية التدقيق الداخلي بمختلف جوانب التدخل و مجالات الاختصاص ، أصبح يشكل ضرورة استراتيجية ، خاصة في ظل ديناميكية الاصلاحات الكبرى التي يعرفها المغرب و التي تهدف إلى اعتماد مبادئ الحكامة الجيدة كرافعة أساسية لتخليق مجال تدبير الشأن العام على المستوى الوطني و الترابي.و تطبيق هذه الآلية على مستوى الجماعات الترابية ، يعبر عن ثقافة رقابية تساعد على قاعدة المساءلة و التقويم و التقييم ، و تعكس الرغبة في تحقيق تدبير جيد و فعال للمالية الترابية . لأن التدقيق الداخلي يسمح بامتلاك تصور حقيقي عن العملية التدبيرية و بالتالي تمكين رئيس المجلس التداولي كمدبر للشأن الترابي من الوقوف على مكامن القوة و الضعف و كذا التعرف على الايجابيات و النواقص التي تعتري تدخلاته مما يسمح بتقويم الاختلالات و اتخاذ القرارات المطلوبة بالسرعة و الفعالية و النجاعة اللازمة .هذا يعتبر مجال التدقيق الداخلي المالي مجالا رقابيا يمتاز بطابعه الخاص ، و يختص بعناصر تميزه عن باقي الأنماط الرقابية العادية أو الكلاسيكية ، و يعد اللجوء إليه كرقابة حديثة دالا على تطوير الأداء العام للجماعات الترابية ، و مؤشرا على تحديث التدبير المالي ذاته ، و ذلك بالنظر للأهمية العملية و الوظيفية التي تتميزها بها تلك الآلية الرقابية . و إذا المشرع المغربي قد نص على التدقيق القوانين التنظيمية ، و جعل المطالبة به من اختصاص وزارة الداخلية أو المجلس التداولي أو الآمر بالصرف ، فإنه يعتبر من الإنجازات التي يتعين المحافظة عليها . و بالتالي تعميمه كمقاربة شمولية لمختلف المجالات التنموية الترابية و تطبيقه على جميع أوجه النشاط المالي بجميع الجهات و العمالات و الأقاليم و الجماعات . و إذا كان التدقيق الداخلي أيضا كآلية رقابية مستحدثة و مستجدة ، قد لاقت ترحيبا كبيرا من مختلف المتدخلين و الفاعلين بالتدبير المالي الترابي ، فإنها عرفت نوعا من الجدل بخصوص ضبط جوانبه النظرية و التأسيسية و المفاهمية ، و كذا بخصوص كيفية إرسائه و تكريسه واقعيا[11] .

إن التدقيق الداخلي ينصب على الجانب المالي بالدرجة الأولى ، و ذلك نظرا لأهمية الرقابة بالنسبة للحفاظ على الموارد المالية . و هو الأمر الذي يجعله من التدقيق الداخلي المالي عبارة عن منهجية علمية لدراسة و تحليل المعطيات بدقة متناهية . فإن الجانب الأحرى بذلك هو المستوى المالي لجماعة ترابية معينة ، على أن تكون تلك الدراسة معمقة و شديدة الحساسية و الدقة ، هدفها النهائي صياغة تقرير مالي محقق و معتمد ليصبح في ما بعد مرجعا أساسيا يمكن أن يعول عليه ، في حالة الانحراف أو الاختلال من طرف الجماعات الترابية نفسها ، أو من طرف الجهات الرقابية المؤهلة لمحاسبة المسؤولين عن ذلك . حيث يجب أن يقوم المسؤولون عن  التدقيق بتوفير معطيات واضحة عن البيانات المالية ، بحيث تكون مقدمة بصورة عادلة و شاملة الإدارات المعنية من كافة النواحي المادية ، ثم بعد ذلك لابد في الأخير من إعطاء صورة صادقة و نزيهة عن الجهات و العمالات و الأقاليم و الجماعات المعنية بالتدقيق الداخلي المالي [12] .

ثانيا ـ الرقابة الداخلية :

تشكل الرقابة الداخلية أحد آليات الرقابة السياسية التي تمارسها المجالس التداولية على المالية المحلية ، باعتبارها وسيلة ضرورية لتحسين مستوى الشفافية داخلا الجماعات الترابية و تكريس ثقة المواطنين في الهيئات المنتخبة و تقوية  مشاركتهم في خدمة الحكامة الترابية ، و التي تتلخص في مختلف العمليات اللازمة لضمان تحقيق أهداف المؤسسة بفعالية و كفاءة و إصدار تقارير مالية موثوق بها ، و الامتثال للقوانين و اللوائح و السياسات . حيث تتعلق أهداف الرقابة الداخلية على المستوى التنظيمي بمصداقية التقارير المالية و ردود الفعل في الوقت المناسب على تحقيق الأهداف التشغيلية أو الاستراتيجية استنادا إلى مجموعة من المعطيات المتعلقة بـ :

ـ سلامة المعلومات و البيانات المالية ؛

ـ التطابق مع السياسات و الخطط و الإجراءات و القوانين و التعليمات و العقود؛

ـ حماية الأصول المالية ؛

ـ الاستخدام الاقتصادي و الكفء للموارد المالية ؛

ـ إنجاز و تحقيق الأهداف الموضوعة للعمليات و الأنشطة ،

ـ مراقبة الأقسام و آلية العمل فيها و التأكد من عدم وجود أي خطأ يسمح بالغش

أو التحايل .

و على أساس ذلك ، يعتبر إعمال تقنيات الرقابة الداخلية لمالية الجماعات الترابية في المغرب  ، من بين الإجراءات المصاحبة لأنماط الرقابة الكلاسيكية التي يتم اقتراحها للنهوض بالإطار الرقابي ، و لتحقيق تدبير عمومي ترابي فعال . فمن أجل تتبع و تقييم العمل المحلي بنوع من الفعالية و النجاعة ، و من حيث معرفة مظاهر القوة لتعزيزها ، و الوقوف على مظاهر الضعف لتجاوزها ، و لتجسيد بعض مظاهر الضعف لتجاوزها ، و لتجسيد بعض مظاهر التدبير الحكماتي على أرض الواقع و في الممارسة العملية بالمالية المحلية ، لعل أهمها كل من تحقيق السرعة الرقابية ، كميزة من المميزات التي ينبغي أن تتميز بها الرقابة الحديثة ، و كدعامة من دعامات الحكامة الترابية . ثم الرفع من المردودية الإنتاجية ، كغاية من الغايات الأساسية للرقابة التي ينبغي أن تسعى كل رقابة إلى تحقيقها . فالتحكم في محيط ترابي أصبح أكثر دينامية و تعقيدا و تحركا باستمرار ، إلى جانب التمكن من استغلال الموارد المالية للجماعات الترابية التي أصبحت أكثر قلة و نذرة بطريقة عقلانية و بالاقتصاد فيها ، و الاستغلال الأمثل لها ، يعتبران من الدواعي و الدوافع الأساسية لاعتماد الرقابة الداخلية على المستـوى المـالي الترابي .

الفقرة الثانية : الرقابة الادارية أو رقابة سلطة الوصاية

إذا كانت الرقابة الإدارية أو رقابة سلطة الوصاية بشكلها التقليدي تركز بالأساس على الجوانب المادية و المحاسبية ، فإن تعدد أوجه النشاط المالي المحلي و الدور التنموي للجماعات الترابية يفرضان استعمال مجموعة من الآليات و الأساليب الرقابية الحديثة التي تركز بالأساس على ضمان دقة البيانات المالية المقدمة لها بما يساعد على اتخاد القرارات الإدارية الصائبة و الكشف عن الانحرافات تمهيدا لاتخاد الإجراءات التصحيحية بشأنها[13] .

لذلك فإن المشرع المغربي قد أخضع العمليات المالية و المحاسبية للجماعات الترابية لتدقيق خارجي سنوي تنجزه إما المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشية العامة للمالية أو بشكل مشترك بينهما ، أو من قبل هيئة للتدقيق يتم انتداب أحد أعضائها و تحدد صلاحياتها بشكل مشترك للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية و السلطة الحكومية المكلفة بالمالية . و ينجز لهذه الغاية تقرير تبلغ نسخ منه إلى رئيس مجلس الجماعة الترابية المعينة و إلى والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم و كذا إلى المجلس الجهوي للحسابات المعني الذي يتخذ ما يراه مناسبا في ضوء خلاصات تقارير التدقيق . إذ يتعين على الرئيس تبليغ نسخة من التقرير المشار إليه أعلاه إلى مجلس الجماعة الترابية المعنية الذي يمكنه التداول في شأنه دون اتخاذ مقرر[14] .

أولا ـ المفتشية العامة للإدارة الترابية

أناط المشرع المغربي مهمة الرقابة الإدارية اللاحقة على مالية الجماعات الترابية بعد تنفيذ ميزانيتها ، بوزارة الداخلية بدرجة أولى بصفتها سلطة الوصاية الأصلية على المجالس المنتخبة ، غير أنه تم التفكير في إحداث أجهزة متخصصة تابعة لها ، تبقى المفتشية العامة للإدارة الترابية أهمها [15] ، كهيئة إدارية عليا تابعة لوزير الداخلية تم إحداثها بموجب المرسوم المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بالمفتشين العامين للإدارة الترابية بوزارة الداخلية [16] ، تتكون  من هيئة للتفتيش العام للإدارة الترابية ، و التي تشمل كل من درجة مفتش ، و درجة مفتش رئيس بعثة ، و مفتش من الدرجة الممتازة ، و المنصب السامي من المفتش العام . و قد أسندت إليها مهمة المراقبة و التحقق من التسيير الإداري و التقني و المحاسبي للمصالح التابعة لوزارة الداخلية و الجماعات الترابية و مجموعاتها على أن تراعى في ذلك الاختصاصات المخولة للمفتشيات التابعة للوزارات الأخرى .كما يمكنها أن تتكلف بأية مهمة من مهام الدراسة أو التخطيط [17] .فالمفتشية العمة للإدارة الترابية تشتغل وفق برنامج عمل دوري يحدده وزير الداخلية بناء على اقتراح من المفتش العام المكلف بإدارة مصالح المفتشية العامة أو في إطار أعمال التفتيش الإستثنائية التي يقررها وزير الداخلية . حيث يقوم مفتشيها بالمهام المسندة إليهم قانونا بعد تلقي رسائل القيام بمأموريات موقعة من طرف الوزير ، و يطلع كل واحد منهم هذا الأخير على نتائج أعمال التفتيش أو المأموريات التي قام بها ، بواسطة تقارير مكتوبة . و في مقابل ذلك ، يتمتع هؤلاء المفتشين الحق في المطالبة بجميع الوثائق التي تمكنهم من القيام بمأمورياتهم ، و يجوز لهم القيام بجميع الأبحاث و التحريات التي يرونها ضرورية [18] .

ثانيا ـ المفتشية العامة للمالية

تشكل المفتشية العامة للمالية هيئة إدارية تقع خارج التسلسل الإداري لوزارة المالية ، و الخاضعة مباشرة لنفوذ وزير المالية ، من أهم الهيئات الإدارية المختصة في ممارسة الرقابة على مالية الجماعات الترابية ، لكونها تجري رقابة بعدية لتنفيذ الميزانية العامة المحلية ، لذلك أولى لها المشرع المغربي أهمية خاصة من حيث تنظيمها و اختصاصاتها [19] .

1ـ تنظيم المفتشية العامة للمالية

مند السنوات الأولى للاستقلال ، أحدث المشرع المغربي المفتشية العامة للمالية بموجب ظهير 14 أبريل 1960 [20] ، كأهم الهيئات الإدارية التي تعنى بالرقــابـة و التفتيش على الإدارات و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية …، حيث يقوم بهذه الاختصاصات مختلف مفتشوا المالية الذي يخضعون لنظام أساسي   مؤطر بموجب مرسوم 3 ماي 2006 [21]  ، و يعرفون بهيئة التفتيش العام للمالية التي تتألف من :

المفتش العام للمالية ؛

مفتشي المالية ؛

و تمارس هيئة التفتيش العام للمالية المسندة إليها قانونا وفقا برنامج أشغال التفتيش الذي يتم تحديده من طرف الوزير المكلف بالمالية باقتراح من المفتش العام و اعتبارا لطلبات التحقيق التي يقدمها الوزراء الآخرون [ كما هو الحال بالنسبة لوزير الداخلية كسلطة وصاية على الجماعات الترابية ] أو تقدمها مصالحها الخصوصية .غير أنه  يجوز للمفتش العام أن يأمر خارجا عن هذا البرنامج بإجراء كل تحقيق يراه مفيدا بعد إخبار الوزير بعد ذلك . حيث تناط بمفتشي المالية مأمورية يوقع عليها الوزير المكلف بالمالية و يحدد موضوع مهمتهم المستمرة و يؤهلهم لإجراء التحقيقات اللازمة ، التي تسمح لهم بطلب جميع الوثائق و المستندات التي تساعدهم على القيام بمأموريتهم . كما يسوغ لهم إجراء الأبحاث و التحريات التي يرونها ضرورية و طلب الإيضاحات عن المصالح أو المستخدمين المعنيين بالأمر دون أن يعترض هؤلاء متعللين بالسر المهني .

2ـ مهام المفتشية العامة للمالية

تعتبر المفتشية العامة للمالية هيئة عليا تابعة لوزارة المالية ، بل هي أهم جهة في ترسانتها الرقابية ، لكونها جهاز افتحاص و تفتيش مستقل و مخصص في الرقابة على المالية العمومية و المالية المحلية ، من خلال جملة المهام و المجالات التي تدخل ضمن دائرة اختصاصها ، و المحددة بشكل دقيق في إجراءات تحقيقات بخصوص مصالح الصندوق و محاسبة النقود و المواد التي يمسكها المحاسبون العموميون ، و التحقق من تسيير المحاسبين العموميين و المراقبين ، ثم مراقبة تسيير المحاسبين العموميين و المراقبين ، ثم مراقبة تسيير الامرين بالصرف بصفة عامة و مستخدمي الدولة و الجماعات الترابية [22] . كما يدخل ضمن دائرة الاختصاصات التي تمارسها المفتشية العامة للمالية مجموعة من المهام لها طابع رقابي وقائي وأخرى ذات طابع رقابي زجري . حيث يستهدف الطابع الأول إلى تقنين أساليب و طرق التدبير من خلال التقارير المقدمة من طرف مفتشي المالية و التي تتضمن الاقتراحات و الملاحظات اللازمة بشأن الأخطاء المسجلة في التدبير المالي الترابي من جهة . بينما يتجلى الطابع الزجري في إعطاء نتائج ملموسة لعمليات التفتيش لتحريك المتابعات اللازمة تبعا للمخالفات الخطيرة المسجلة في مختلف العمليات المالية و المحاسبية ، و ذلك بإرسال التقارير المحضرة بشأن هذه المخالفات إلى المجلس الأعلى للحسابات أو إلى الجهات القضائية المختصة [23] .

المطلب الثاني: الرقابة بواسطة هيئات مستقلة (الرقابة القضائية)

تحيل الرقابة القضائية على مالية الجماعات الترابية تلك الرقابة التي تمارسها هيئة مستقلة على تنفيذ الميزانية المحلية، والتي تتولى سلامة عمليات الموارد والنفقات المحلية طبقا لما أجازته المجالس المنتخبة وما تقتضيه النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل وتتميز التجربة المغربية في هذا الإطار بتواجد هيئة عليا للرقابة المالية تتمثل في المجلس الأعلى للحسابات[24]، الذي تم إحداثه منذ سنة 1979 والذي تمت دسترته بواسطة التعديل الدستوري لسنة 1996 إلى جانب الارتقاء أيضا بالمجالس الجهوية للحسابات إلى هيئة دستورية. وهذا ما تم تنصيص عليه بموجب دستور فاتح يوليوز 2011، في الفصل 149 حيث نص على أنه: “تتولى المجالس الجهوية للحسابات مراقبة حسابات الجهات والجماعات الترابية الأخرى وهيئاتها، وكيفية قيامها بشؤونها”. وبهذا يتم إقرار آلية للمراقبة تشكل امتداد موضوعي للرقابة العليا للمالية المحلية[25].

وتستند المجالس الجهوية للحسابات في تسيير شؤونها إلى مجموعة من البنيات (الفقرة الأولى)، وتسهر على ممارسة اختصاصات ذات الطبيعة القضائية والإدارية التي اوكلها القانون (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: بنيات وهياكل المجالس الجهوية للحسابات

تتألف المجالس الجهوية للحسابات من قضاة يسري عليهم النظام الأساسي الخاص المنصوص عليه في الكتاب الثاني من مدونة المحاكم المالية، وهم رئيس المجلس ووكيل الملك والمستشارون، كما تتوفر هذه لمجالس كذلك على كتابة عامة وكتابة الضبط إلى جانب إداريون وتقنيون[26].

أولا: الرئيس

يتولى الرئيس الإشراف العام على المجلس الجهوي وتنظيم أشغاله ويترأس جلسات المجلس الجهوي كما يجوز له أن يترأس جلسات فروعه.

ويحدد البرنامج السنوي لأشغال المجلس الجهوي بمشاركة رؤساء الفروع وبتنسيق مع وكيل الملك فيما يخص المسائل المتعلقة بالاختصاصات القضائية للمجلس الجهوي، ويقوم بتوزيع الأشغال على المستشارين[27]، ويمارس اختصاصاته بمقرر أو أمر. وإذا تغيب أو عاقه عائق ناب عنه أحد رؤساء الفروع الذي يعينه سنويا، وإلا اقدم مستشار بالمجلس الجهوي.

ثانيا: وكيل الملك

يعين وكيل الملك لدى المجلس الجهوي للحسابات لتمثيل النيابة العامة لديه بأمر من الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات بناء على اقتراح الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات، من بين المستشارين من الدرجة الثانية وبعد موافقة مجلس قضاء المحاكم المالية، ويجوز تعيين نائب أو نواب لوكيل الملك بنفس طريقة وكيل الملك[28]. ويمارس هذا الأخير مجموعة من المهام ذات الطبيعة القضائية، حيث تبلغ له التقارير المتعلقة بالاختصاصات القضائية، ثم إيداع المستنتجات والملتمسات وتقديم الملاحظات الجديدة، وإحالة قضايا التأديب المالي وعمليات التسيير بحكم الواقع على المجلس الجهوي، وتوجيه ملتمس إلى رئيس المجلس من أجل تطبيق الغرامة والغرامة التهديدية، وحضور الجلسات وله أن يعين من ينوب عنه، والمشاركة في تحديد الأشغال السنوية في البرنامج السنوي للأشغال المجلس الجهوي، ثم يطلع الوكيل العام للملك بسير أعمال النيابة العامة بالمجلس الجهوي[29].

ثالثا: المستشارون

يعتبر المستشارون أحد مكونات المجلس الجهوي للحسابات، وتحدد وضعيتهم في النظام الأساسي لقضاة المحاكم المالية، يتم تعيينهم بناء على اقتراح من الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات بعد موافقة قضاء المحاكم المالية، ويختار من بينهم من يمارس مختلف الوظائف التي تم إعدادها قانونا[30].

مع الإشارة إلى أنه تطبق عليهم المقتضيات المطبقة على القضاة المستشارين في المحاكم المالية، أخذا بعين الاعتبار لخصوصيات المستشارين للمجلس الجهوي للحسابات ودرجاتهم الإدارية[31].

رابعا: الكتابة العامة

تعتبر الكتابة العامة بالمجالس الجهوية للحسابات أحد الهيئات التي تسهر على أن تقدم الحسابات في الآجال القانونية وتخبر وكيل الملك لدى المجلس بكل تأخير في هذا الصدد، ويرأس هذه الهيئة كاتب عام، يعين بمقتضى ظهير ملكي بناء على اقتراح من الرئيس الأول، بعد موافقة مجلس قضاة المحاكم المالية، ويتم اختياره من بين المستشارين المشرفين، وتحدد وضعيته الإدارية بمرسوم …الخ[32]. وفي هذا الإطار يقوم بمساعدة رئيس المجلس في تحضير البرامج وتنسيق أشغال المجلس الجهوي للحسابات وتنظيم جلسات التابعة له، ويتولى تحت سلطة الرئيس تسيير كتابة والمصالح الإدارية للمحاكم المالية الجهوية[33].

خامسا: كتابة الضبط

أوكل المشرع المغربي لكتابة الضبط مهمة تسجيل الحسابات وكل الوثائق المحاسبية الأخرى المقدمة إلى المجلس الجهوي للحسابات وتتولى توزيعها حسب برامج أشغال هذا الأخير[34]. ثم تقوم بحفظ تلك الحسابات والوثائق المذكورة، وتبلغ كذلك أحكام وأعمال المجلس الجهوي وتشهد على مطابقة نسخ ومستخرجات الأعمال القضائية[35].

سادسا: الموظفون الإداريون والتقنيون

تتوفر المحاكم المالية على موظفين وأعوان إداريين يسري عليهم نظام خاص، حيث يتكلفون بالقيام بالأعمال الإدارية بمصالح الإدارية، بما فيها مصالح المجالس الجهوية للحسابات، ويشاركون مع باقي مكونات هذه المجالس في قيام آلياتها بالمهام المنوطة بها[36].

 

 

سابعا: تشكيلات المجلس

نص المشرع المغربي على إمكانية تقسيم المجلس الجهوي للحسابات إلى فروع بأمر من الرئيس الأول يعرض على تأشيرة وزير المالية والوزير المكلف بالوظيفة العمومية ثم اجتماع جلسات المجلس وفروعه بحضور خمسة قضاة من بينهم الرئيس أو رئيس الفرع[37].

الفقرة الثانية: اختصاصات المجالس الجهوية للحسابات

تتولى المجالس الجهوية للحسابات طبقا لمدونة المحاكم المالية اختصاصا قضائيا، والذي تتضح ملامحه من خلال تدخل هذه الوحدات الرقابية في البت في حسابات المحاسبين العموميين من جهة، والتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية من جهة أخرى[38]، كما تناط بالمجالس الجهوية للحسابات اختصاصات إدارية التي تتوزع بين مراقبة القرارات المتعلقة بالميزانية ومراقبة التسيير وكذا مراقبة استعمال الموال العمومية.

أولا: البت والتدقيق في الحسابات

يعتبر التدقيق والبت في الحسابات أهم اختصاص عام تمارسه المجالس الجهوية للحسابات، فهي تبت في حسابات الهيئات الخاضعة موضوعيا لاختصاصاتها ويتعلق الأمر أساسا بمساطر التحقيق والبت في حسابات محاسبي الجماعات الترابية ومجموعاتها وباقي المؤسسات الخاضعة لرقابة المحاكم المالية الجهوية، بالإضافة إلى مباشرته إلى المسطرة المتعلقة بالتسيير بحكم الواقع. حيث تتم ممارسة هذا الاختصاص وفق نفس المساطر والإجراءات المحددة بالنسبة للمجلس العلى للحسابات[39].

  • إجراءات التدقيق والبت في الحسابات

أوكل المشرع لمغربي للمجالس الجهوية مهمة القيام في حدود دائرة اختصاصها بالتدقيق والبت في حسابات الجماعات الترابية ومجموعاتها وكذا في حسابات المؤسسات العمومية الخاضعة لوصيتها، ومن تم فإن الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات ملزمة سنويا بتقديم حساباتها إلى المحاكم المالية الجهوية، في توجيه إليها المستندات المثبتة للمداخيل والنفقات على رأس كل ثلاثة أشهر، وبالنسبة لمحاسبي الأجهزة الخاضعة لرقابة المجلس الجهوي للحسابات، فإنهم ملزمون سنويا بتقديم محاسبي يبين عمليات المداخيل والنفقات والصندوق، أما بخصوص السندات المثبتة فيمكن الاطلاع عليها في عين المكان[40]. أما بخصوص مسطرة التحقيق فهي كتابية ومماثلة لتلك المتبعة من قبل المجلس الأعلى للحسابات، من جهة أخرى بعد قيام المستشار المقرر بالتحريات اللازمة يهيئ تقريرين:

  • التقرير الأول: يتضمن نتائج التحقيق المتعلقة بالحساب ويبرز عند الاقتضاء الملاحظات المتعلقة بالوقائع التي من شأنها أن تثبت بالخصوص مسؤولية الأمر بالصرف والمراقب والمحاسب العمومي في المجالات القضائية التي يتدخل فيها المجلس الجهوي.
  • التقرير الثاني: فيتضمن فيه ملاحظاته حول تسيير الجماعات الترابية ومجموعتها والمقاولة العمومية أو المؤسسة المعنية التي لها علاقة باختصاص المجلس الجهوي للحسابات في مجال مراقبة التسيير.

وفي ضوء ذلكن يتم تسليم التقرير الأول إلى مستشر يعين من طرف رئيس المجلس الجهوي ليعطي رأيه حوله في أجل شهر واحد، ويجهه إلى ويكل الملك لدى المجلس الذي يرجعه إلى رئيس المجلس مصحوبا بمستنتجاته من أجل إدراجه ضمن جدول الجلسات، ويبت المجلس الجهوي في الوثائق وفي جلسة سرية بعد دراسة التقرير وأجوبة المحاسب العمومي وراي المستشار المراجع وكذا مستنتجات وكيل الملك.

وتبت في القضية هيئة الحكم اليت تتكون من خمسة قضاة بما فيهم الرئيس وذلك بأغلبية الأصوات، وإذا لم يلاحظ المجلس الجهوي أية مخالفة في الحساب يبت فيه بحكم نهائي، أما في حالة وجود مخالفات فإنه يأمر المحاسب العمومي بحكم تمهيدي بتقديم المبررات كتابة أو بإرجاع المبالغ التي يعتبرها مستحقات لفائدة الجهاز العمومية المعني وذلك في أجل ثلاثة أشهر، ويبت المجلس الجهوي بحكم نهائي في لا يتعدى سنة كاملة يبتدئ من تاريخ الحكم التمهيدي ويثبت الحكم النهائي فيما إذا كان المحاسب العمومي بريء الذمة أو في حسابه فائض  أو عجز.

  • إجراءات التسيير بحكم الواقع

أسندت مدونة المحاكم المالية إلى المجالس الجهوية للحسابات ممارسة مهمة قضائية أخرى اتجاه كل شخص يباشر، من غير أن يكون مؤهلا لذلك من لدن السلطة المختصة، عمليات تحصيل الموارد ودفع النفقات وحيازة واستعمال أموال أو قيم في ملك الأجهزة العمومية، أو يقوم بدون أن يتوفر على صفة محاسب عمومي بعمليات تتعلق بأموال أو بقيم ليست في ملك الأجهزة العمومية، ولكن المحاسب العمومي هو المختص وحده بإنجازها وفقا قوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

ويحيل وكيل الملك إلى المجلس الجهوي العمليات التي تشكل تسييرا بحكم الواقع وذلك إما من تلقاء نفسه، أو بطلب من وزير الداخلية أو الوزير المكلف بالمالية أو الممثل القانوني للجماعة الترابية أو المحاسب العمومي. وإذا صرح المجلس الجهوي بأن شخصا ما محاسبا بحكم الواقع[41] أمره في نفس الحكم بتقديم حسابه داخل أجل لا يقل عن شهرين. مع الإشارة إلى أن تصفية الحسابات المقدمة من طرف المحاسبين بحكم الوقاع وكذا البت فيها تخضع لنفس لمسطرة المطبقة على المحاسبين بحكم القانون.

ثانيا: التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية

يمارس المجلس الجهوي نفس الاختصاصات التي يمارسها المجلس الأعلى للحسابات مركزيا، وذلك طبق المواد 54-55 و56 من القانون 99-62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية والتي تتمثل في إخضاع للعقوبات المنصوص عليها كل آمر بالصرف أو أمر مساعد بالصرف أو مسؤول وكذا كل موظف أو عون يعمل تحت سلطتهم، أو لحسابهم، إذا ارتكبوا أثناء مزاولة مهامهم إحدى المخالفات المنصوص عليها بالمادة 54 من نفس المدونة[42].

وعلى مستوى المسطري أو الإجرائي، يمكن أن تستأنف القرارات الصادرة عن المجالس الجهوية أمام الغرفة المختصة بالمجلس، يخول الحق في الاستئناف للمعني بالأمر ووزير الداخلية والوزير لمكلف بالمالية ووكيل الملك[43].

وعلى غرار المجلس الأعلى للحسابات، ولضبط مسؤوليات أكثر فإن المخالفات المتعلقة بقواعد تنفيذ المداخيل والنفقات أو بتسيير الأملاك العامة تم إفرادها  على صعيد المتدخلين الأساسيين الثلاثة في مسلسل تنفيذ لعمليات المالية العمومية، ويتعلق الأمر بالآمرين بالصرف والمراقبين[44] والمحاسبين، يمكن أن يصل مبلغ الغرامة في أقصى حده إلى ما يعادل الأجرة السنوية عن كل مخالفة واحدة، وفي حالة ارتكاب مخالفات متعددة، فإن مجموع مبالغ الغرامات لا يمكن أن يتجاوز أربع مرات مبلغ الجرة السنوية الصافية للمعني. ولقد نظم المشرع العلاقات القائمة بين التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية والمتابعات الجنائية والتأديبية.

ثالثا: مراقبة التسيير واستخدام الأموال العمومية

تعتبر مراقبة التسيير ومراقبة استخدام الأموال العمومية من الاختصاصات الإدارية للمجالس الجهوية للحسابات، حيث أنه تقوم المحاكم المالية الجهوية بمراقبة تسيير الأجهزة العمومية التي تدخل في دائرة اختصاصاته وذلك من أجل تقيمه من حيث الكيف والإدلاء عند الاقتضاء باقتراحات حول الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه والزيادة في فعاليته ومردوديته. ويؤهل المجلس الجهوي كذلك للقيام بمهام تقييم مشاريع الأجهزة التي تخضع لرقابته، حيث يخضع لهذا النوع من المراقبة كل من الجماعات الترابية ومجموعاتها والمقاولات والشركات والمؤسسات العمومية الخاضعة لوصايتها، وكذا المقاولات المخولة الامتياز في مرفق عام محلي أو المعهود لها بتسييره.

وفي إطار[45] تقوية دور المجلس الجهوي للحسابات فيها يتعلق بتقديم المساعدة والإرشاد، خول المشرع لوزير الداخلية أو الوزير المكلف بالمالية في أن يطلب إدراج قضية تهم تسيير الأجهزة الخاضعة لمراقبته ضمن البرنامج السنوي لأشغاله.

أما بخصوص مراقبة استخدام الأموال العمومية فهي المستجدات التي أتت بها المدونة على مستوى المجالس الجهوية للحسابات، فتتعلق بمراقبة استعمال الأموال العمومية التي تتلقاها المقاولات والجمعيات وكل الأجهزة الأخرى التي تستفيد من مساعدة مالية كيفما كان شكلها من طرف جماعة محلية أو هيئة خاضعة لرقابة المجلس الجهوي[46]. حيث يهدف المشرع لمغربي من إقرار هذه المراقبة إلى التأكد من مدى مطابقة استخدام الأموال العمومية التي تم تلقيها للأهداف المتوخاة من المساعدة أو المساهمة المالية[47].

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع :

ـ كريم لحرش : تدبير مالية الجماعات الترابية بالمغرب ، الطبعة الثالثة 1493 هـ / 2017 م ، مطبعة النجاح الجديدة ـ الدار البيضاء .

 

ـ عماد أبركان : نظام الرقابة على الجماعات الترابية و متطلبات الملائمة ، مجلة العلوم القانونية ، سلسلة البحث الأكاديمي ، العدد 13 ، 2016  .

 

ـ  القانون التنظيمي المتعلق بالجهات .

ـ القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات و الأقاليم .

ـ القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات .

 

ـ عبد اللطيف بروحو : مالية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة و متطلبات التنمية ، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية ، سلسلة مواضيع الساعة ، العدد 70 ، 2011.

 

ـ دليل منتخبي الجهات على ضوء مقتضيات القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات ، المديرية العامة للجماعات المحلية ، وزارة الداخلية ، الرباط ، 2016.

 

ـ مرسوم رقم 2.97.176 صادر في 14 من شعبان 1418 [ ديسمبر 1997 ] في شأن اختصاصات و تنظيم وزارة الداخلية ، الجريدة الرسمية عدد 4558 ، 5 فبراير 1998 ، الصفحة 500 . كما تم تتميمه و تعديله عدة مرات كان آخرها ما تم بمقتضى المرسوم رقم 2.08.159 صادر في19 من محرم 1430 [ 16 يناير 2009 ] ، الجريدة الرسمية ، عدد 5707 ، 9 فبراير 2009 .

 

ـ مرسوم رقم 2.94.100 صادر في 6 من محرم 1415 [ 16 يونيو 1994 ] في شأن النظام الأســــــاسي الخاص بالمفتشين العـــامين للإدارة الترابية بوزارة الداخلية ، الجريدة الرسمية ، عدد 4264 ، 20 يوليوز 1994  .

ـ المرسوم المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بالمفتشين العامين للإدارة الترابية بوزارة الداخلية .[1]

ـ عبد القادر باينة : الرقابة المالية على النشاط الإداري : الرقابة المالية ، مطبعة دار القلم ، الرباط ، الطبعة الأولى ، 2011 .

ـ ظهير شريف رقم 269.59.1 صادر في 17 من شوال1379 [ 14 أبريل 1960 ] المتعلق بالمفتشية العامة للمالية ، الجريدة الرسمية ، عدد 2678 ، 22 أبريل 1960.

ـ مرسوم رقم 2.05.1004 صادر في 5 من ربيع الآخر 1427 [ 3 ماي 2006 ] في شأن تغيير الجدول الملحق بالمرسوم المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بهيئة التفتيش العام للمالية ، الجريدة الرسمية ، عدد 5421 ، 15 ماي 2006.

ـ محمد براو:  “القواعد القانونية والقضائية للتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية للمسرولية والموظفين والأعوان العموميين”، الطبعة الأولى 2017 .

ـ نجيب جيري: “الرقابة المالية بالمغرب بين لحكامة المالية ومتطلبات التنمية”، الطبعة الولى 2012.

 

 

 

 

 

ـ كريم لحرش : تدبير مالية الجماعات الترابية بالمغرب ، الطبعة الثالثة 1493 هـ / 2017 م ، مطبعة النجاح الجديدة ـ الدار البيضاء ، الصفحة :[1]

239 .

ـ كريم لحرش : المرجع نفسه .                                                                                                                               [2]

ـ عماد أبركان : نظام الرقابة على الجماعات الترابية و متطلبات الملائمة ، مجلة العلوم القانونية ، سلسلة البحث الأكاديمي ، العدد 13 ، 2016 ،[3]

الصفحة : 50 .

ـ المادة 214 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات .                                                                                                       [4]

ـ المادة 192 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات و الأقاليم .

ـ المادة 201 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات .

ـ المادة 215 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات .                                                                                                       [5]

ـ المادة 194 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات و الأقاليم .

ـ المادة 203 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات .

ـ المادة 216 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات .                                                                                                    [6]

ـ المادة 195 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات و الأقاليم .

ـ المادة 204 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات .

ـ عبد اللطيف بروحو : مالية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة و متطلبات التنمية ، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية ، سلسلة مواضيع [7]

الساعة ، العدد 70 ، 2011 ، الصفحة 126 .

ـ المادة 246 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات .                                                                                                       [8]

ـ المادة 216 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات و الأقاليم .

ـ المادة 272 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات .

 

ـ دليل منتخبي الجهات على ضوء مقتضيات القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات ، المديرية العامة للجماعات المحلية ، وزارة الداخلية ،[9]

الرباط ، 2016 ، الصفحة 140 .

ـ المادة 248 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات .[10]

ـ المادة 218 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات و الأقاليم .

ـ المادة 274 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات .

 

ـ عبد اللطيف بروحو : مالية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة و متطلبات التنمية ، مرجع سابق ، الصفحة 124 .[11]

12ـ كريم لحرش : تدبير مالية الجماعات الترابية بالمغرب ، المرجع السابق ، الصفحة 245 .أخد من عماد أبركان : نظام الرقابة على الجماعات الترابية و متطلبات الملائمة ، مجلة العلوم القانونية ، سلسلة البحث الأكاديمي ، العدد 13 ، 2016 ، الصفحة 413 .

 

 

ـ عبد اللطيف بروحو : مالية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة و متطلبات التنمية ، مرجع سابق ، الصفحة 96 .                                 [13]

ـ المادة 227 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات .                                                                                                     [14]

ـ المادة 205 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات و الأقاليم .

ـ المادة 214 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات .

ـ مرسوم رقم 2.97.176 صادر في 14 من شعبان 1418 [ ديسمبر 1997 ] في شأن اختصاصات و تنظيم وزارة الداخلية ، الجريدة الرسمية [15]

عدد 4558 ، 5 فبراير 1998 ، الصفحة 500 . كما تم تتميمه و تعديله عدة مرات كان آخرها ما تم بمقتضى المرسوم رقم 2.08.159 صادر في

19 من محرم 1430 [ 16 يناير 2009 ] ، الجريدة الرسمية ، عدد 5707 ، 9 فبراير 2009 ، الصفحة 440 .

ـ مرسوم رقم 2.94.100 صادر في 6 من محرم 1415 [ 16 يونيو 1994 ] في شأن النظام الأســــــاسي الخاص بالمفتشين العـــامين للإدارة [16]

الترابية بوزارة الداخلية ، الجريدة الرسمية ، عدد 4264 ، 20 يوليوز 1994 ، الصفحة 171 .

ـ المادة 5 من المرسوم المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بالمفتشين العامين للإدارة الترابية بوزارة الداخلية .[17]

ـ المادة 7 من المرسوم المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بالمفتشين العامين للإدارة الترابية بوزارة الداخلية .[18]

ـ عبد القادر باينة : الرقابة المالية على النشاط الإداري : الرقابة المالية ، مطبعة دار القلم ، الرباط ، الطبعة الأولى ، 2011 الصفحة : 132 .[19]

ـ ظهير شريف رقم 269.59.1 صادر في 17 من شوال1379 [ 14 أبريل 1960 ] المتعلق بالمفتشية العامة للمالية ، الجريدة الرسمية ، عدد[20]

2678 ، 22 أبريل 1960 الصفحة 843 .

ـ مرسوم رقم 2.05.1004 صادر في 5 من ربيع الآخر 1427 [ 3 ماي 2006 ] في شأن تغيير الجدول الملحق بالمرسوم المتعلق بالنظام [21]

الأساسي الخاص بهيئة التفتيش العام للمالية ، الجريدة الرسمية ، عدد 5421 ، 15 ماي 2006 ، الصفحة 1266 .

ـ عماد أبركان : نظام الرقابة على الجماعات الترابية و متطلبات الملاءمة ، مرجع سابق ، الصفحة 95 .[22]

ـ عبد القادر باينة  : الرقابة المالية على النشاط الإداري : الرقابة المالية ، مطبعة دار القلم ، الرباط ، الطبعة الأولى ، الصفحة : 135 .[23]

[24] – كريم لحرش:: “تدبير المالي للجماعات الترابية بالمغرب”، طبعة الثالثة 1439هـ /2017 م، ص251.

[25] – ذ. نجيب جيري: “الرقابة المالية بالمغرب بين لحكامة المالية ومتطلبات التنمية”، الطبعة الولى 2012، ص110.

[26] – المادة 119 من مدونة المحاكم المالية.

[27] – المادة 120 من مدونة المحاكم المالية

[28] – المادة 121 من مدونة المحاكم المالية.

[29] – المادة 122 من مدونة المحاكم المالية.

[30] – المادة 166 من مدونة المحاكم المالية.

[31] – الكتاب الثالث (المواد من 165 إلى 249) من مدونة المحاكم المالية.

[32] – المادة 166 من مدونة المحاكم المالية.

[33] – المادة 123 من مدونة المحاكم المالية.

[34] – المادة 120 من مدونة المحاكم المالية.

[35] – المادة 124 من مدونة المحاكم المالية.

[36] – المادة 106 من مدونة المحاكم المالية.

[37] – المادة 125 من مدونة المحاكم المالية.

[38] – نجيب جيري: “الرقابة المالية بالمغرب”، مرجع سباق، ص110-111.

[39] – عبد اللطيف بروحو: “مالية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية”، مرجع سابق، ص112.

[40] – كريم لحرش: “التدبير المالي للجماعات الترابية بالمغرب”، مرجع سابق، ص257.

[41] – نفس المرجع، ص258.

[42] – نجيب جيري: “الرقابة المالية بالمغرب”، مرجع سابق، ص112.

[43] – نفس المرجع، ص112.

[44] – محمد براو:  “القواعد القانونية والقضائية للتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية للمسرولية والموظفين والأعوان العموميين”، الطبعة الأولى 2017، ص37.

[45] – كريم لحرش: “التدبير المالي للجماعات الترابية”، مرجع سابق، ص260.

[46] – انظر المادة 154 من مدونة المحاكم المالية.

[47] – كريم لحرش: “التدبير المالي للجماعات الترابية بالمغرب”، مرجع سابق، ص260.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى