المجتمع المدني و حماية المال العام بالمغرب – فخار عبد الواحد
المجتمع المدني و حماية المال العام بالمغرب
فخار عبد الواحد
طالب باحث بسلك الماستر بالكلية متعددة التخصصات بالراشيدية
ملخص
يعتبر المال العام العمود الفقري لكل السياسات التنموية، باعتباره أحد الركائز الأساسية لتنزيل كافة البرامج و المخططات سواء على الصعيد الوطني أو الجهوي. ومن أجل حمايته من كل الجرائم التي تمسه، فقد أحاطه المشرع المغربي بحماية قانونية و قضائية وأخرى سياسية، وهذه الأخيرة يلعب فيها المجتمع المدني دورا محوريا،اعتمادا على مجموعة من الأليات المختلفة و المتنوعة (الهيئات،الجمعيات،المنظمات،الشبكات…} التي أقرتها القوانين المعمول بهافي هذا المجال. وبالرغم من هذه الأهمية إلا أن هناك مجموعة من التحديات التي تحول دون فعالية هذه الرقابة، منها ما يتعلق بالجانب المالي والبشري وكذا الجانب السياسي والتنظيمي، مما يحتم علينا التفكير في إيجاد الحلول للإرتقاء بدور المجتمع المدني في الرقابة على المال العام تحقيقا للحكامة الجيدة في ميدان التدبير المالي.
الكلمات المفتاحية: حمايةالمال العام_المجتمع المدني_اليات الرقابة_الحكامة.
Abstract:
Public money is considered the backbone of all development policies, as it is one of the basic pillars for implementing all programs and plans, whether at the national or regional levels. In order to protect public money from all crimes affecting it, the Moroccan legislator has surrounded it with legal judicial and political protection, the latter in which civil society plays a pivotal role, by relying on a group of different and diverse mechanisms {bodies, associations, organizations, networks…} approved by the internal laws of the Kingdom. Despite this importance, there are a number of challenges that prevent the effectiveness of this oversight, whether related to the financial aspect or the political aspect, which requires us to think about finding solutions to enhance the role of civil society in monitoring public funds to achieve good governance.
Key words: protecting public money civil society oversight mechanisms governance.
مقدمة
تتجلى أهمية المال العام في مدى تأثيره على الدولة في كافة النواحي السياسية والإقتصادية والإجتماعية، لذا إستلزم الأمر إحاطته بنوع من الحماية حتى لا يتم العبث به سواء بالتبذير أو الإختلاس أو سوء التدبير، خصوصا وأن ظاهرة الفساد المالي وإن كانت ملازمة للتصرف المالي على مر التاريخ، فقد اتخذت أبعادا خطيرة في السنوات الأخيرة، حين تنوعت وسائل وطرق التلاعب بالمال العام نتيجة التطور العلمي والتقني لأساليب التدبير الإداري والمالي[1].
إن هذه المعطيات تستلزم حمايةالمال العام من خلال فرض الرقابة القانونية عليه، ويمكن تعريف الرقابة لغة هي المحافظة و الإنتظار و الإطلاع على الأحوال[2]، أما الرقابة المالية فهي حزمة من العمليات المتعددة التي تمارس بهدف التأكد من صحة و سلامة التصرفات المالية من كافة النواحي بغية المحافظة على الأموال العمومية ورفع كفاءة استخدامها و تحقيق أعلى درجة من الفعالية في النتائج المرجوة من إنفاق المال العام أو تحصيله[3]. سواء كانت الرقابة داخلية أو خارجية مستقلة، وبعبارة أخرى فهي مجموعة من الإجراءات و العمليات اللازمة لتحقق من الحفاظ على المال العام وحمايته من الإختلاس.
في هذا الإطار تقوم المؤسسةالبرلمانية أو المؤسسة القضائية بهذه المهمة بالإضافةإلى السلطة التنفيذية كجزء من مسؤوليتها على الأموال العامة. كما نجد المجتمع المدني كمساهم و فاعل في الرقابة على المال العام ومحاربة الفساد المالي باعتباره كل عمل يتضمن سوء استخدام للسلطة العامةلأغراض خاصة، و هو أيضا خروج عن النظام و القانون أو استغلال غيابهما و تجاوز السياسة و الأهداف المعلنة و المعتمدة من قبل السلطة السياسية و غيرها من المؤسسات الشرعية وذلك بغية تحقيق منفعة شخصية سواء أكانت سياسية أو اجتماعية أو مالية للفرد أو للجماعة[4].
وتزداد أهمية الموضوع من الناحية العملية بما واكبه المغرب من محاربة عمليات الفساد المالي و الإداري، كما تناولته الإخباريات الوطنية و الدولية، يكفي الإشارة إلى قضية “سياش” حيث اختفى مبلغ 15 مليار درهم من خزينة بنك القرض العقاري و السياحي، ثم قضية الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي التي نهب منه مبلغ 115 مليار درهم، وتوبع من أجلها 11 مشتبها فيهم، أدين المتهم الرئيسي بأربع سنوات سجنا موقوفة التنفيد مع إرجاع مبلغ 31 مليار درهم لفائدة الدولة[5]، وكل هذه القضايا لعب فيه المجتمع المدني دورا مهما من خلال فضح و تبليغ كل الجرائم التي تمس بالمال العام.
يعد المجتمع المدني من المفاهيم الحديثة نسبيا والتي برزت بشكل واضح على الساحة السياسية والإجتماعية خاصة في المجتمعات الغربية، بوصفه أهم الوسائل الحديثة التي تنظم العلاقة بين الدولة والمجتمع وفق الضوابط والقيم الديمقراطية المبنية على أساس الاحترام والتسامح ونبذ العنف والإقصاء والتهميش[6].
إن مفهوم المجتمع المدني عبارة عن جمعيات تعمل بكل استقلالية عن النشاط السياسي الصرف، و تسعى للدفاع عن مبادئ ذات صيغة انسانية تهم سائر المواطنين دون نية الوصول إلى الحكم نفسه[7].
ومع المفكر الإيطالي “أنطونيو غرامشي” فقد تبلور المفهوم مع ظهور الحركات الفاشية والنازية واستيلائها على مقاليد السلطة في إيطاليا وألمانيا بتلاحمها مع المجتمع المدني، بذلك لا يكفي للوصول للسلطة عند غرامشي السيطرة على أجهزة الدولة بل الهيمنةعلى منظمات المجتمع المدني وعبر العمل الثقافي ومشاركة المثقف وفاعليته[8].
كما عرفه حسن توفيق إبراهيم بأنه مجموعة من الأبنية السياسية و االإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية و القانونية، التي تنتظم في إطار شبكة معقدة من العلاقات و الممارسات بين القوى و التكوينات الإجتماعية في المجتمع. ويحدث ذلك بصورة ديناميكية مستمرة من خلال مجموعة من المؤسسات التطوعية التي تنشأ و تعمل باستقلالية عن الدولة[9].
أما فيما يخص مفهوم المجتمع المدني في الفكر السياسي المغربي[10] فقد عرفه مجموعة من المفكرين المغاربة من بينهم المفكر ” عبد الله حمودي” الذي يعتبر المجتمع المدني ذلك الفضاء الخاص الذي يتموقع بين الأسرة والدولة، لكنه منفصل عنهما، وبالتالي فكل الإسقاطات التي تمت من قبل بعض الباحثين الانكلوساكسونيين مثل أرنست غيلينر ودافيد هارت وجون واتربوري في تحليل بنية حياة القبيلة المغربية، هي مجانبة للصواب، وذلك لعدم الإعتناء بخصوصية الدولة المغربية وتركيبتها، وضرورة إعادة تفكيك مفهوم المجتمع المدني في علاقته بالظروف التاريخية فبدلا من التمسك بتراث أو ثقافة أحاديين يخفيان ويحجبان أكثر مما يظهران، يستحسن منح وإعطاء الأولوية لما كان موجودا وقائما في مجتمعاتنا، وعلى أساس منهج يتبنى رؤية مجتمعنا لنفسه واستشرافه لمستقبله .
وتتحدد وظيفة المجتمع المدني حسب عبد الله حمودي في تحقيق مجموعة من الأهداف المحددة مثل تقليص الهوة بين الفقراء والأغنياء الدفاع عن مصالح مهنة أو حرفة معينة هذا هدف محدد تنشأ له مؤسسات خاصة، تعمل بأساليب معينة (نوادي جمعيات اجتماعية …)[11]
إن مسالة ربط المجتمع المدني بالإسهام في الرقابة على المال العام ليس وليد اللحظة، بل بدأت بوادرها خلال الاحداث التي عرفها المغرب في العقدين الأخيرين، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد، التي سارع المغرب الى التوقيع عليها سنة 2003 و المصادق عليها سنة 2007، حيث أصبح ملزما بتحريك الآليات في هذا المجال بما فيها المجتمع المدني و تعزيز المنظومة القانونية و المؤسسية ذات الصلة[12]. كذلك الأحداث الإقليمية التي عرفت بالربيع العربي، و التي وصل صداها المغرب بشكل سمح بتشكيل حركة احتجاجية عفوية أطلق عليها ” حركة 20 فبراير” والتي رفعت محاربة الفساد و الإستبداد كشعار لمطالبها. و قد ترتب عن ذلك الخطاب الملكي في 9 مارس 2011، و الشروع في حوار وطني مع مختلف العناصر المكونة للساحة السياسية و الإجتماعية حول التوقعات المنتظرة من الإصلاح السياسي و المؤسساتي للدولة، و الذي جاء إلى حد ما متوافقا مع مطالب الشارع في ما يخص محاربة الفساد، حيث تضمن دستور 2011 نقلة نوعية في ما يتعلق بمجال النهوض بالحكامة و مكافحة الفساد، كما نص عن مساهمة جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها[13].
إن المجتمع المدني اليوم أصبح فاعلا ثانويا في حماية المال العام وتوجيهه نحو تحقيق المصلحة العامة، مما يفرض على المشرع الإرتقاء بالقوانين المنظمة لتدخله في المجال المالي.
من خلال هذه التوطئة تتضح لنا معالم إشكالية الموضوع:
ما مدى فعالية مساهمة المجتمع المدني في حماية المال العام؟
وتتفرع على هذه الاشكالية مجموعة من التساؤلات الفرعية من قبيل:
ما المقصود بالمجتمع المدني؟
ماهي الاسس القانونية و الدولية المنظمة للمجتمع المدني؟
ما هي الوسائل و الأليات التي يعتمد عليها المجتمع المدني لحماية المال العام؟
ولمعالجة هاته الإشكاليةاعتمدنا على التصميم التالي:
المحورالأول: الاطار العام المنظم للمجتمع المدني والرقابة المال العام
المحورالثاني: أليات المجتمع المدني في الرقابة على المال العام والاكراهات التي تعترضه
المحورالأول: الإطار العام المنظم للمجتمع المدني والرقابة على المال العام
سنتطرق في هذا المطلب إلى المرجعية الدولية و القانونية للمجتمع المدني (الفقرة الأولى) وكذا بعض الجمعيات والهيئات التي تهتم بحماية المال العام (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: المرجعية الدولية و القانونية للمجتمع المدني
للحديث عن المجتمع المدني لابد أولا من التطرق إلى المرجعيات والمنطلقات الدولية للمجتمع المدني(أولا)، ثم التأطير الدستوري و القانوني للمجتمع المدني بالمغرب(ثانيا).
أولا: المرجعية الدولية للمجتمع المدني
لعبت المواثيق الدولية[14] دورا أساسيا في تكريس مجموعة من الحقوق، كما لها انعكاس كبير على المستوى العالمي، حيث ساعدت المجتمع المدني وبالخصوص الجمعيات على القيام بأدوارها عبر تحديد موقعها وموقفها من قضايا ومشكلات مجتمعاتها والإنسانية جمعاء، وتطوير رؤيتها وتجديد مقاربتها وترشيد خططها وبرامجها[15].
لقد أكد ميثاق الأمم المتحدة على إجراء الترتيبات المناسبة للتشاور مع الهيئات غير الحكومية، كمؤشر دال على العناية الهامة التي يوليها الميثاق للفعل المدني عبر آليات الحوار والتشاور، كما أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[16] نص على تمكين كل شخص من حرية الإشتراك والإنتماء إلى الإجتماعات والجمعيات السليمة[17]، إلى جانب حقه في حرية تكوين الجمعيات مع الآخرين، بما في ذلك الحق في إنشاء النقابة والإنضمام إليها لخدمة مصالحه ومساهمة الجمعيات في البناء الديمقراطي[18]. أماالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر في سنة 1966[19]، قد حث على عنصر الكرامة والحرية والحق في الإنسانية والإعتراف بالشخصية القانونية للإنسان وعلى حرية الفكر وحرية تكوين الجمعيات مع الآخرين حماية لحقوق الذات والغير[20] .
ومن جانب أخر أكد إعلان برنامج عمل فييناسنة 1993، على أهمية مواصلة الحوار والتعاون بين الحكومات والمنظمات غير الحكوميةوالجماعات، وحث على إعمال مبدأالديمقراطية التشاركية، وتمكين المنظمات غير الحكومية من القيام بدور رئيسي على الصعيدين الوطني والدولي والمحلي في المناقشات والأنشطة وإجراءات التنفيذ المتعلقة بالحق في التنمية وبالتعاون مع الحكومات.
استنادا إلى هذه المرجعيات وأمام تزايد المخاطر بشتى أشكالها الاجتماعية والأخلاقية والسياسية والثقافية والبيئية والدينية، وأمام عجز الدول وحدها عن القضاء على رياح الفساد وسوء التدبير والإنحرافات والملوثات التي تجوب العالم الذي أصبح ” قرية صغيرة”، وأمام قصور الوعي الرسالي للمجتمع المدني في أداء رسالته الفاعلة في بناء المجتمع وتطوره، عملت المنظمات الدولية على توعية مؤسسات المجتمع المدني بمسؤوليتها في تخليق الحياة العامة، وتعزيز قيم المواطنة المنفتحة والروح التشاركية لمواجهة آفات الفساد والفقر والتلوث … جسدتها منظمة المجتمع الدولية لقيم المواطنة والتنمية والحوار، تفعيلا للمواثيق الدولية والقرارات والتوصيات والبيانات المحاربة لكل أشكال الظلم والفساد والتطرف والاستبداد …[21].
إن هاته المحطات الكبرى تعد المنهاج الأساس المتين لفعاليات المجتمع المدني، في تعزيز دورها في التدبير الأمثل للشأن العام من جهة وللشأن الترابي من جهة أخرى، على جميع المستويات، إلى جانب مد جسور التواصل والتعايش والتحالف بين المجتمعات والثقافات والحضارات والأديان [22].
إذا كان صحيحا أن ترسيخ دعائم المجتمع المدني عبر هيأته كان وليد اهتمامات المواثيق الدولية، إلى جانب المنظمات الدولية غير الحكومية، فإن التوجهات الإستراتيجية للمملكة ركزت على تأهيل المجتمع المدني بالإرتقاء به إلى مصاف شريك أساسي في التنمية.
ثانيا: التأطير الدستوري للمجتمع المدني
ساهم المجتمع المدني باعتباره شريكا أساسيا للدولة ومؤسساتها في تدبير الشأن العام، نظرا لمكانته داخل منظومة السياسات العمومية، فقد أصبح يتمتع بقوة اقتراحية كبيرة في التقدم باقتراحات ومشاريع عمل إلى الجهات المعنية، قصد اتخاذها والعمل بها فعلى المستوى الوطني ينص الفصل 12 من دستور 2011 على أن جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية تساهم في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها[23].
كما أكد الفصل 13 من الدستور على أن السلطات العمومية تعمل على إحداث هيئات للتشاور قصد إشراك مختلف الفاعلين الإجتماعيين في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها. ووسع الفصلين 14 و15 منه دائرة الفعل المدني لتشمل عموم المواطنات والمواطنين، وتضمن لهم الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع وكذا الحق في تقديم عرائض إلى السلطات العمومية، ضمن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي. وفي الباب الثاني من الدستور المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية أضاف الفصل 27 حق المواطنات والمواطنين في الحصول على المعلومة نظرا للمكانة الدستورية التي يمتاز بها المجتمع المدني[24].
أما على المستوى الترابي نجد الفصل 136 ينص على أنه يرتكز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر، وعلى التعاون والتضامن؛ ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم، والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة، بعد ذلك يأتي الفصل 139 ليشير على أن مجالس الجهات، والجماعات الترابية الأخرى، تعتمد على آليات تشاركية للحوار والتشاور، لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها.كمايمكن للمواطنات والمواطنين والجمعيات تقديم عرائض الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله وفقا الشروط المنصوص عليها في الفصل 146 من دستور 2011.
كما تجدر الإشارة إلى أن المجتمع المدني تتعاظم مسؤوليته في موضوع المال العا، عن طريق تقوية اليقظة المدنية ضد السلوك المالي للأشخاص العامة، مع ضرورة التصدي بكل الوسائل المدنية لكل حالات الإعتداء التي تستهدف حرمة المال العام حيث يبقى المجتمع المدني شريكا ضروريا لمكافحة الفساد، ففي كثير من الأحيان لا تقوم الحكومات لوحدها بإجراء الإصلاحات حتى عند وجود قيادة قوية تدعم هذه التغيرات وهذه المسؤولية تتعزز من خلال انتساب مبدأ الحق في محاربة الفساد إلى المجتمع مباشرة، الهادف إلى تعزيز المناعة المجتمعية، بغية الوقوف ضد كل الفرص المشجعة على ممارسة الفساد المالي في الشأن العام[25].
فمشاركة المجتمع المدني وتدخله خلال مختلف مراحل دورة الميزانية يشكل فرصا لتقديم الإقتراحات وتشخيص طريقة ممثلي المواطنين ومساءلة الفاعلين العموميين عن أي قصور قد يلاحظ بهذا الصدد. فقد أثبتت جمعيات المجتمع المدني مقدرتها على إغناء النقاش العام الدائر حول أولويات المواطن بمعلومات جديدة إضافة إلى تعزيز قدرات المجتمع المحلي على المشاركة في هذه العملية من خلال ما تنظم من دورات تدريبية[26].
ومن ضمن المجتمع المدني نجد المنظمات المدنية والجمعيات المهنية، ووسائل الإعلام، التي تسعى إلى استخدام المعلومات بصورة فعالة. فالموارد المالية يجب أن تكون لها قيود سياسية ضرورية لتمكين المجتمع المدني من القيام بوظائفه في جمع المعلومات، وتثقيف الناس، وبناء التحالفات والإستفادة من مستوى الخبرات المطلوبة[27].
وبهذا فإن تجربة المجتمع المدني المتخصص في الدفاع عن المال العام بالمغرب قد استغرقت أكثر من عقدين ومع ذلك مازالت في بداياتها، مقارنة مع بعض الدول التي توجد في نفس وضعية المغرب، بحيث عرف العقد الأول من القرن 21 ظهور بعض الجمعيات التي جعلت من اهتمامها فكرة الدفاع عن المال العام، على اعتبار أن ملكية هذا المال هي ملكية مفترضة لعموم أبناء المجتمع، والدولة لا تملك إلا تفويضا من هذا المجتمع في التصرف فيه، وإدارة شؤونه[28].
فما يميز المجتمع المدني هو كونه ألية وقائية تحد بشكل تدريجي من جرائم المال العام، وبتزايد الوعي الشعبي وانتشار موجة الديمقراطية على المستوى العالمي تزايدت المطالب بتحقيق عدالة التوزيع واستغلال أفضل للموارد المتوفرة، والذي لن يتأتى إلا بتكريس منظومة قانونية متكاملة للحد من مظاهر المساس بالمال العام والحيلولة دون استحواذ الفساد على جميع مفاصل الحياة العامة والخاصة[29].
ودستور 2011 إستند إلى بعض مقتضيات “إتفاقية مكافحة الفساد” الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة سنة 2003، والتي اعتمدها المغرب عبر إصداره الظهير شريف رقم 1.07.58 في 19 ذي القعدة 1428هـ موافق لـ 30 نونبر 2007 بنشر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في الجريدة الرسمية[30].
وقد تطرقت هذه الإتفاقية الأممية للعديد من تمظهرات الفساد وأشكاله مثل الرشوة، واختلاس المال العام والاتجار بالنفوذ والفساد في صفقات الدولة ومؤسساتها، وغيرها من صور الفساد المالي والإداري وكل هذه القضايا تتقاطع مع إرادة المجتمع في العيش الكريم، وتحسين ظروفه المادية والمعنوية[31].
الفقرة الثانية:منظمات المجتمع المدني والرقابة على المال العام
رغبة في حضور مجتمع مدني متخصص في محاربة الفساد المالي، أحدثت مجموعة من الهيئات والجمعيات التي تشتغل على هذا الموضوع، من حيث ترشيد التعامل مع موضوع المال العام، ومحاربة كل سياسات الفساد[32]، وفيما ما يلي بعض هذه الجمعيات.
أولا: الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة
تأسست الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة وهي جمعية تتمتع بصفة المنفعةالعامة بموجب المرسوم رقم 2.09.391 الصادر بتاريخ 11 يونيو 2009، من طرف مجموعة من المواطنين بهدف مواجهة الوضعية المقلقة للرشوة ونقص الشفافية والأخلاقيات والحكامة الجيدة. إنها منظمة غير حكومية تتبنى المبادئ الواردة في ميثاق منظمة الشفافية الدولية التي حددت لنفسها هدف محاربة الرشوة والفساد في جميع أنحاء العالم بشكل عام، ومن خلال مختلف المشاريع التي تُنفذها أو عبر اللجان التي تُحدِثها، تحاول الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة دراسة ظاهرة الرشوة وفهمها بشكل أفضل وتقديم المعلومات بهذا الصدد، وتوجيه مختلف الفاعلين في تحليلاتهم وأعمالهم. وتتجلى مهمتها بوجه عام في محاربة الرشوة بكل أشكالها والمساهمة عبر ذلك في تحقيق ما يلي:
نظام وطني للنزاهة؛
بيئة ديمقراطية من أجل احترام حقوق الفرد وكرامته؛
تنمية اقتصادية واجتماعية منسجمة؛
الإنصاف في توزيع مداخيل التنمية الإقتصادية والإجتماعية[33].
وتستمد ترانسبرانسي المغرب أفكارها من المنطلقات المبدئية لترانسبرانسي الدولية[34]، والتي تسمى أيضا منظمة الشفافية الدولية والتي تتبنى أطروحة مفادها:”استراتيجية مكافحة الرشوة لا تقوم على التشهير بحالات فساد فردية، بقدر ما تقوم باقتراح منافذ للخروج من الفساد”. ولإثبات فاعلية هذا المبدأ تقوم ترانسبرانسي الدولية بشرحه وتعليله حيث تقول:” هدف عملنا هو خلق مناخ قادر على جعل التعاون الشفاف ممكنا على أرض الواقع، فواجب منظمتنا لا يكمن في البحث عن مذنبين بل في خلق وعي عالمي بحجم الأضرار التي تبلغ قيمتها البلايين والناتجة عن تأخر عملية التطور في المجال التعليمي وفي مجال البينية التحتية في الدول النامية”[35].
و باستقرائنا لحصيلة ترانسبرانسي المغرب في مجال محاربة الفساد و مراقبة المال العام، نجدها قد راكمت معرفة مهمة في هذا المجال سواء فيما يتعلق بظاهرة الرشوة من خلال البيانات التي يعالجهاالمرصد من خلال توفره على قاعدة معطيات خاصة بهذه الظاهرة، ويتمثل عمل المرصد أساسا في جرد المعلومات انطلاقا من مصادر مختلفة صحافة، مؤسسات مختصة، جمعيات مهنية أبحاث وأعمال جامعية، نصوص تشريعية وتنظيمية شهادات مباشرة… كما تتوفر الهيئة على اليات و أدوات وامكانيات تتيح لها فضح جرائم الفساد حيث قامت بإعداد مجموعة من المشاريع على راسها مشروع الشفافية الضريبية، مشروع تأثير الرشوة على النساء، مشروع تمكين المجتمع المدني و المواطنين من اجل تعزيز المسالة الاجتماعية. كما تعمل على اصدار مجموعة من البلاغات و الدراسات و التقارير في مجال حماية المال العام و كذا اعداد حملات تحسيسية و ندوات علمية حيث كانت اخر ندوة عقدتها بتاريخ 9 نونبر 2023 حول موضوع ” مشروع قانون المالية 2024 بين خطاب الدولة الاجتماعية و حقيقة القطاعات الاجتماعية. كما تتوفر على مركزين مكلفان بمهمة دعم الضحايا وتقديم الاستشارة القانونية و تساعد المواطنين على تقديم شكاية المتعلقة بالفساد و متابعتها اذ يمكن لاي شخص تقديم شكايته فقط عبر الموقع الالكتروني الرسمي للهيئة.
ثانيا: الشبكة المغربية لحماية المال العام
تأسست الشبكة المغربية لحماية المال العام (الهيئة الوطنية لحماية المال العام سابقا)، تحولت سنة 2012 الى الإسم الجديد بمبادرة من 44 منظمة حقوقية وشبابية ونسائية ونقابية وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والنضال، وذلك بهدف النضال الجماعي لحماية المال العام والثروات الوطنية. ولقد إنطلق عملها منذ 24 مارس 2002 وهو تاريخ جمعها التأسيسي، الذي توج بانتخاب سكرتارية وطنية عملت على تنفيذ توصيات مقرراته من خلال إعداد تصور عام للإشتغال وإعادة تجديد المفاهيم، حيث ركزت عملها على الملفات التي كانت معروضة على القضاء في مرحلة التحقيق وأخرى جامدة إضافة إلى الملفات التي توصلت بها من طرف المواطنين والمناضلين وهيآت غيورة على ثروات البلاد[36].
و تكتسي أهدافها مجموعة من الأبعاد، منها ما هو حقوقي حيث تدعو إلى إقرار الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية، و منها ما هو قانوني حيث تدعو إلى وضع ترسانة قانونية عصرية في مجال الرقابة على الأموال العمومية، ووضع الأليات اللازمة لتفعيلها إداريا و قضائيا، كذلك بعد مؤسساتي من خلال بناء مؤسسات ذات مصداقية و شرعية شعبية في مجال التخطيط و التشريع و الرقابة الإدارية و القضائية.
في إطار تتبعها لملفات نهب وتبذير المال العام, طالبت الشبكة المغربية لحماية المال العام مجددا من وزير العدل فتح تحقيق حول الاختلالات المالية التي تشهدها قناة مدي1 تي في.
في هذا الصدد أشارت الشبكة في بلاغ لها إلى ما تنشره الصحافة الوطنية من شبهة خروقات مالية تشوب تسيير القناة “من قبيل التعاقد مع مؤسسات وهمية بمبالغ مالية هائلة، واكتراء محل للسكن وتزويده بأثاث فخم دون الحاجة لاستعماله، وكذا التعاقد مع شركات للأمن يمتلك فيها مسؤول بالقناة حصة كبيرة من الأسهم، وهو ما يمثل استغلالا للنفوذ وتضاربا للمصالح التي تجرمها الاتفاقية الدولية لمكافحةالفساد”.
وبناءا عليه التمست الشبكة من وزير العدل فتح تحقيق حول هذه الاتهامات والوقوف على الحقيقة وتقديم المتورطين الى العدالة، بما يضمن صون المال العام والحفاظ على التوازنات المالية لهذه القناة الوطنية ويسهم في استمرار أداء رسالتها الإعلامية.[37]
لكن بالرغم من تزايد نشاط هذه الجمعية في محاربة الفساد المالي، إلا أن السلطة القضائية بالمملكةأقرت على أنه لن يتم قبول أية شكاية من طرف الجمعية المغربية لحماية المال العام حول الفساد وتبديد المال العام، تحت مبرر عدم توفرها على وصل الايداع النهائي. وبالتالي يجب على وزارة الداخلية التفاعل مع هذا القرار الجديد ومنح الوصل النهائي للجمعية باعتباره حقا دستوريا و تمكينها من ممارسة مهامها وتقوية دورها في حماية المال العام.
و ما يلاحظ بخصوص حصيلة هاته الهيئة في المجال المالي، أنهاتحاول القيام بتشخيص عام لأبرز الجرائم الاقتصادية، وتكتفي في غالب الأحيان بتجميع المعطيات الرسمية التي تتضمنها تقارير لجان تقصي الحقائق حول الإختلالات التي تعرفهاالمؤسسات والإدارات العمومية، أو تقارير المجلس الأعلى للحسابات، وغيرها من المعطيات الصادرة عن الدولة. دون أن يكون لها السبق أو المبادرة في مجال تعميق المعرفة بالفساد وتشخيص واقع إستشراءه وامتداده في الدولة والمجتمع[38].
ثالثا: الجمعية المغربية لحماية المال العام بالمغرب
هي الأخرى إنشقت من الهيئة الوطنية لحماية المال العام[39]، تأسست وفقا لظهير15 نونبر1958الخاص بالجمعيات يوم 10 يونيو 2006 حيث تمت المصادقة على القانون الاساسي[40]. رئيسها الحالي هو محمد الغلوسي، ومن أهم الأهداف التي تطمع لها هذه الجمعية ما يلي :
- العمل من أجل حماية المال العام والثروات الوطنية من أيّ شكل من أشكال التلاعب قد يعرضها للإختلاس والهذر، أو الإستحواذ والمصادرة غير المشروعين؛
- التصدي لناهبي المال العام كيفما كان موقعهم وصفتهم، ولأي صاحب منصب يسعى إلى الإغتناء بالاختلاس أو الحصول على أية منفعة غير مشروعة، وبأية رغبة في التملك والسيطرة بسلب حقوق الآخرين؛
- حث السلطات المختصة والترافع لتصديق المغرب على كافة المواثيق الدولية للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية وإدماج مقتضياتها في التشريع المغربي؛
- اعتبار الجرائم الاقتصادية جرائم مشينة وخطيرة لا تقبل التقادم؛
- العمل على إلغاء نظام الإمتيازات وخلق نظام وطني للتقييم و الإفتحاص؛
- سن قانون جديد للتصريح بالممتلكات يتضمن إبراء الذمة؛
- المطالبة باسترجاع الأموال والأراضي المنهوبة، وإرساء قواعد عادلة وشفافة في استخلاص وصرف المال العام، وسن سياسة ضريبية منصفة تساهم في التوزيع العادل للثروات؛
- تفعيل دور وتوسيع اختصاصات المجلس الأعلى للحسابات وتمكين قضاته من القيام بمهامهم القضائية؛
- التذكير بالدور الدستوري للمجتمع المدني في مكافحة الفساد و الرشوة و نهب المال العام سواء بالفضح او التحسيس بخطورته و التبليغ عن ذلك لدى كل الجهات المعنية و خاصة السلطة القضائية؛
- حماية كاشفي جرائم الرشوة ونهب المال العام.
و من أهم ما جاء في حصيلة هاته الهيئة على مستوى حماية المال العام إنشاء المرصد الوطني لمراقبة استعمال المال العام في الانتخابات يوم الجمعة 23 فبراير 2007، لمتابعة ورصد تحركات المرشحين وفضح الخروقات الإنتخابية المتعلقة باستعمال المال العام في الحملات الإنتخابية تحصينا لها من الشوائب والفساد الإنتخابي ، ومن أجل احترام الارادة الشعبية.
رابعا: الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب
وتهدف الهيئة حسب قانونها الأساسي إلى الدفاع و الترافع على القضايا التي تمس ثوابت الدولة المغربية، حماية المال العام و الثروات الوطنية و الإقتصاد الوطني والتراث من أيّ شكل من أشكال التّلاعب، أو الإختلاس أو الإستحواذ أو المصادرة الغير المشروعة، التصدي لناهبي المال العام كيفما كان موقعهم وكيفما كانت صفتهم، و محاربة كل أشكال الإغتناء غير المشروع، و محاربة التملص الضريبي، المشاركة الفعلية في تأطير برامج تكوينية او تحسيسية على أهمية الحفاظ على المال العام، العمل على تصديق المغرب على كافة المواثيق الدولية للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية وإدماج مقتضياتها في التشريع المغربي وملاءمته معها كما ترمي الهيئة الوليدة إلى اعتبار الجرائم الإقتصادية جرائم مشينة وخطيرة ومعرقلة للتنمية، لا يطالها التقادم .[41]
في هذا السياق إلتمست هذه الهيئة من النيابة العامة فتح تحقيق حول ما تضمنه تقرير المجلس الأعلى للحسابات، و المتعلق بتدقيق الحسابات المالية السنوية للأحزاب السياسية لسنة 2022.
و أكدت الهئية في مراسلة لها لرئيس النيابة العامة، على ضرورة تفعيل مذكرة التعاون في 30 يونيو 2021 بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية و رئاسة النيابة العامة و المجلس الأعلى للحسابات لمكافحة الفساد و تنزيل مبدا ربط المسؤولية بالمحاسبة[42].
ولكي تؤدي هذه الجمعيات أدورها كما هو منصوص في القانون الداخلي لهايجب ألا تجعل من العمل الجمعوي وسيلة لتبادل المصالح والوصول إلى مراكز اتخاد القرارات، بل يجب عليها الحرص على العمل بكل شفافية واستحضار الوازع الأخلاقي و المصلحة العامة للمواطنين.
المحورالثاني :أليات المجتمع المدني في الرقابة على المال العام والاكراهات التي تعترضه
أصبحت حركات المجتمع المدني عنصرا فاعلا دائم الحضور يعول عليه حاضرا ومستقبلا من أجل المساهمة في تجويد الرقابة على المال العام.
وفي إطار اهتمام الجمعيات بالمال العام ومحاربة الفساد في هذا المجال حققت مجموعة من التراكمات على مستوى التعبير عن الإحتياجات المجتمعية في مجال الرقابة على المال العام (الفقرة الأولى)،وهو الأمر الذي يعرف تعثرات ناتجة عن خصوصية المجال الذي تشتغل فيه او مترتبة عن المشاكل المستعصية التي تتقاسمها مع كل مكونات النسيج الجمعوي الوطني (الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى : أليات المجتمع المدني في الرقابة على المال العام
أكدت التجارب الدولية في مجال مكافحة الفساد والرشوة، ضرورة إشراك المجتمع المدني في محاربة الظاهرة. إنّ العمل مع المجتمع المدني سيجعل من مكافحة الفساد تخطو من مرحلة الوعود السياسية إلى الواقع، و سوف يكون نجاح هيئات مكافحة الفساد محدودا دون دور للمجتمع المدني في تشكيل وتنفيذ أنشطة مكافحة الفساد والدفاع عن استقلالية الهيئات. لذلك حاولنا رصد بعض الجوانب المحيطة بعمل المجتمع المدني في مجال مكافحة الفساد[43].
أولا: الإهتمام بالواجهة الإعلامية
تعتبر وسائل الإعلام أحد أبرز أعمدة نظام النزاهة سواء على المستوى الوطني أو حتى على المستوى العالمي، لذا فهي تؤدي دورا مهما في تعزيز منظومة مكافحة الفساد، وفي ظل ثورة المعلومات والاتصال التي يشهدها عالم اليوم، فان وسائل الإعلام الحرة تشكل أداة رئيسية فعالة في عملية المحاسبة والمساءلة سواء بشكل مباشر أو من خلال ما تقدمه من دعم للأجهزة الرقابية العامة، وذلك من خلال فضحها لحالات الفساد وجمع المعلومات ورصد الإنتهاكات المتعلقة بالفساد المالي[44]. وبالتالي فوسائل الإعلام المقروءة أو المسموعة أو المرئية تعتبر ألية حديثة في مكافحة الفساد المالي، على اعتبار أنها تمثل السلطة الرابعة في المجتمع أي أنها سلطة شعبية تعبر عن ضمير المجتمع وتحافظ على مصالحه.
وبتقدم الخوصصة في العالم وظهور عدة صحف مستقلة وإذاعات وفضائيات تغير المشهد الإعلامي ولم يبق للإحتكار العمومي إمكانية السيطرة على المعلومات والإعلام، وبهذا أصبح الإعلام سلطة رابعة بالفعل كما أضحى يلعب دور سلطة مضادة تساعد على التوازن[45].
وفي هذا الصدد يلاحظ أن جمعية ترانسبرانسي هي الجمعية الوحيدة التي دأبت على إصدار نشرة تسمى “أخبار ترانسبارنسي” ، إلى جانب أنها تحاول أن تغطي ما تنشره الصحف حول موضوع الرشوة، وترسله بانتظام إلى العديد من الجهات (أعضاء الحكومة، البرلمانيون، منظمات غير حكومية، صحافيون، سفارات، شركاء ترانسبارنسي المغرب) ويتم أيضا انتقاء قصاصات أخبار من المقالات الصحفية وإرسالها لبعض الجهات المختارة[46] .
وتقوم الجمعيات بالتركيز على الأشخاص بدل توجيه الإنتباه إلى القضايا والملفات الكبرى، وهي منهجية تفرغ المجهودات التي تقوم بها الجمعيات من محتواها، حيث يتم الإكتفاء بخلق فقاعات إعلامية غالبا ما تنتهي بتسوية سياسية، وهو ما اتضح جليا من خلال بعض القضايا التي تناولها الإعلام والرأي العام كقضية تعويضات صلاح الدين مزوار[47] ، وقضية تلقيحات ياسمينة بادو[48]،والوزير محمد أوزين بخصوص قضية ملعب الأمير مولاي عبد الله، وغيرها من القضايا التي يكون الشخص هو مركز الإهتمام أكثر من الموضوع أو القضية المرتبطة بتدبير المال العام.
إن الإهتمام بالواجهة الإعلامية كأحد أهم الأليات لفضح الفساد المالي، ينتج عنه زيادة الوعي الجماعي للمغاربة بوجود فساد مالي وتبيان أوجهه المهمة و الغامضة ومدى تأثيره الفعلي على البلد ككل اقتصاديا و ماليا و تنمويا.
ثانيا: الشفافية وفضح جرائم المال العام
يقصد بالشفافية أن يتم استبعاد وإزالة أي تشكيك أو خداع أو غموض، واستبدالها بمبدأ الوضوح الذي يعطي الحق للمواطنين في معرفة المعلومات والإطلاع على البيانات بما يخص عملية اتخاذ القرار المالي، وتتم الشفافية عن طريق وضع مبادئ ومقاييس، تعمل على تعزيز الوضوح وسهولة الفهم وتحارب الفساد[49].
فبالنسبة لمرصد الرشوة والنهوض بالشفافية بالمغرب، يعد من بين أهم منجزات ترانسبرانسي المغرب والتي تهدف من ورائه إلى تدعيم الحق في الوصول إلى المعلومة وتتبع ظاهرة الرشوة من خلال توفره على قاعدة معطيات خاصة بهذه الظاهرة، ويتمثل عمل المرصد أساسا في جرد المعلومات انطلاقا من مصادر مختلفة،صحافة، مؤسسات مختصة، جمعيات مهنية، أبحاث وأعمال جامعية نصوص تشريعية وتنظيمية شهادات مباشرة…)، كما يعتمد على نهج مقاربة تشاركية وإدماج فاعلين اقتصاديين واجتماعيين[50].
في هذا الصدد نشيرإلى أن محمد الغلوسي رئيس الجمعيةالمغربية لحماية المال العام بفتح بحث معمق حول شبهة فساد واختلالات مالية تشوب تدبير جهة العيون الساقية الحمراء. كما دعا الغلوسي المجلس الجهوي للحسابات إلى القيام بإجراء افتحاص شامل لميزانية مجلس الجهة التي تستفيد بشكل أكبر من دعم الدولة، فالميزانية المخصصة فقط للجانب الاجتماعي تشكل ما مجموعه 16 مليار سنتيم، وهو مبلغ يفرض على المجلس التحرك.
وتوقف الغلوسي على ما نشره الملياردير و البرلماني ورئيس جماعة المرسى العيون حسن الدرهم المتابع بدوره بتهم “الاختلاس والتبديد والتزوير” من أرقام كبيرة حول ميزانية الجهة، مؤكدا على ضرورة تحرك مجلس الحسابات من أجل الوقوف على حجم المبالغ التي صرفت ومجال صرفها والتأكد من مدى صرفها طبقا للقانون والمستندات التي تثبت صرف تلك المبالغ وذلك في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة.[51]
وهو ما حدث فعلا حيث قام قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال لدى محكمة الإستئناف بمدينة مراكش، يوسف الزيتوني بمتابعة حسن الدرهم رئيس جماعة المرسى بالعيون هو ونائبه وبعض الموظفين في نفس الجماعة. وبالتالي يمكن اعتبار أن ألية فضح الجرائم المالية تلعب دورا مهما في تحقيق الشفافية و محاربة ظاهرة الرشوة كمعبر ضروري لتحقيق شفافية العمليات المالية.
ثالثا: التحسيس والتوعية
إن حماية المال العام في المغرب تستدعي نشر الوعي الثقافي والسوسيولوجيا بالمبادئ القانونية والقيم الأخلاقية لحماية وترشيد المال العام كواجب وطني وديني نحو أموال الأمة المغربية، وعلى هذا الأساس فالفاعل في الأحزاب السياسية والجمعيات ذات النفع العام هو معني بشكل مباشر بإعمال الشفافية والمحاسبة وترشيد دعم الدولة والحد من هدر المال العام، والتحسيس بخطورة الرشوة ونشر التربية على المواطنة وحقوق الإنسان، وذلك في علاقة متلازمة مع المحاسبة والنزاهة واحترام ضوابط العمل الجدي يكون أساسه سيادة القانون واحترامه واتباع نظام المراجعة المالية.
وفي هذا المستوى يلاحظ تميز الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة التي انخرطت في برنامج التربية على قيم المواطنة والنزاهة ومحاربة الرشوة، من خلال اتفاقية تم إبرامها مع وزارة التربية الوطنية في عهد الوزير محمد المالكي بتاريخ 10 دجنبر 2003 ، حيث التزم الطرفان ووعيامنهما بكون ترسيخ الثقافة الشفافية ومحاربة الرشوة رهين بقدر كبير بتربية الأجيال الصاعدة على القيم الأخلاقية وحقوق الإنسان وقيم المواطنة وتجذيرها في المجتمع، بإعداد برامج وأنشطة للتحسيس والتكوين في هذا الموضوع تستهدف التلاميذ والتلميذات وكافة الأطر التربوية كماتسعى إلى تنمية وإرساء الممارسات القويمة في التدبير الإداري والتربوي ومكافحة الرشوة داخل المرافق الإدارية وفي العلاقات التربوية والعمل على ترسيخ ثقافة الشفافية ومحاربةالرشوة في البرامج والمناهج التربوية، وخاصة عبر الكتب والدعائم البيداغوجية”[52].
في هذا الصددنظمت جمعية افريكا لحقوق الإنسان بكلميمة ندوة فكرية حقوقية تزامنت مع الذكرى التاسعة عشر على تأسيس فرع مدينة كلميمة، و ذلك بمقر دار الشباب بكلميمة مساء أمس على الساعة الرابعة زوالا، و امتد فيها النقاش إلى حدود السابعة مساءا.
و اتفق كل المتدخلين على أن الفساد ظاهرة تمس مفاصل الدولة و يترتب عليها اضرار تُقوض أسس الديمقراطية و سيادة القانون، و يؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان، و يخلق الأجواء المناسبة لتفشي الجريمة المنظمة و يساعد على المساس بالقيم الاخلاقية و التنمية المستدامة، كونه يُعدُّ عقبة أساسية على طريق التنمية، و على نحو خاص في مناطق المغرب العميق بجهة درعا تافيلالت، و هي الجهة التي اتفق المحاضرون على انها الجهة المقصية من برامج التنمية القاعدية رغم أنها تزخر بموارد بشرية ذات كفاءة عالية في مختلف المجالات، كما تزخر كذلك بموارد معدنية و طبيعية قد تؤهلها لتكون من الجهات الكبرى اقتصاديا و تنمويا، لكن تغوُّل الفساد في الجهة له كلمة أخرى في مؤسسات درعا تافيلالت و جماعاتها الترابية و بعض منتخبيها البرلمانيين، الذين استطاعوا بفضل المال السياسي اختراق بعض الجهات و تعطيل مساطر البحث و التحقيق القضائي في محكمة جرائم الأموال بفاس، في الوقت الذي تمّ فيه التحقيق و اعتقال و سجن و منع مغادرة التراب الوطني لكثير من البرلمانيين على صعيد التراب الوطني[53].
كما تقوم الجمعيات بإنتاج خطاب تواصلي مواز للخطاب الرسمي للدولة، فمقابل هذاالخطاب الأخير الذي يراهن على تسويق الحصيلة الإيجابية للدولة في مجال الوقاية ومحاربة الفساد، فإن الخطاب التواصلي للجمعيات يأخذ في أغلب الأحيان طابعا احتجاجيا، ويتجه نحو القيام بوظيفة المعارضة السياسية، من خلال تسليط الضوء على نقط ضعف سياسة الدولة في مجال ترسيخ الحكامة والشفافية[54].
لكن التساؤل الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو مدى فعالية هذه الألية التي يشتغل بها المجتمع المدني في فضح الجرائم الماسة بالمال العام؟
في محاولة الإجابة على هذا التساؤل الجوهري تجدر الإشارة إلى أن توعية المواطنين من خلال الندوات و اللقاءات يعد الركيزة الأساسيةلحماية المال العام، لما تلعبه هذه الألية في زيادة نسبة المواطنين المهتمين بتدبير الشأن العام الوطني أوالمحلي، والانخراط في العمل الجمعوي الهادف وتقوية دورالمجتمع المدني في التصدي للفساد المالي.
رابعا: القوة الاقتراحية والترافع
أبانت هذه الجمعيات عن حضورها البارز خصوصافي مجال الإهتمام بالمال العام كقوة اقتراحية وسلطة معنوية، فإنها تتجاوز وظائف الكشف والفضح والتحسيس والتواصل إلى طرح الأفكار والمقترحات والبدائل الممكنة، حيث تحرص على رفع توصيات إلى السلطات العمومية بالموازاة مع ترويج وتسويق أطروحاتها في الفضاء العام والدفع بها في اتجاه التفعيل والتنزيل[55].
وتكمن اقتراحات الشبكة المغربية لحماية المال في مجال محاربة الفساد و التي تقتضي إصلاح شمولي يتضمن مجموعة من المستويات، حيث تنطلق من المستوى السياسي والتشريعي والقضائي إلى المستوى المالي والاقتصادي[56]. لضبط كل العمليات المرتبطة بتدبير المال العام لتحقيق الاهداف التي تأسست من أجلها.
أما بالنسبة لترانسبرانسي، فيمكن اعتبارها القوة الاقتراحية الأولى في هذا المجال، وذلك لاعتبار كونها تنطلق من مرجعيتها الدولية لترانسبرانسي الدولية التي تتوفر على خبرة وتجربة مهمة في مجال الاقتراح وتقديم البدائل في مجموع البلدان التي تتوفر على فروع بها، إلى جانب أنها تتوفر على السبق سواء من ناحية كونها أول جمعية تعنى بالرشوة والفساد وأيضا لكونها قد واكبت كل الخطوات التي قام بها المغرب في مجال محاربة الفساد وتعزيز الشفافية والنزاهة الذي انطلق في حكومة التناوب (علما أن الجمعية تأسست قبل الحكومة بسنتين)، وبالتالي تتوفر لها المقدرة على تقييم الإجراءات والتدابير العمومية ومواكبتها بالاقتراحات والتوصيات التي ترى أنها ضرورية لتحقيق الوقاية ومحاربة الفساد واستدراك نقائص المنظومة الوطنية للنزاهة والشفافية.
وتتجلى الفلسفة العامة للقوة الاقتراحية لجمعية ترانسبرانسي في مطالبة الحكومة باتخاذ إجراءات ملموسة كفيلة بالحد من الإفلات من العقاب، وتفعيل أدوار المؤسسات والمفتشيات في محاربة الفساد، والقيام بخطوات عملية للحد من الفساد والرشوة في القطاعات والمصالح التي توجد في اتصال مباشر مع المواطنين، والتفاعل مع الدور الاقتراحي والرقابي لمؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص في هذا المجال وحماية المناضلين[57] .
إن تخويل المجتمع المدني حق الرقابة المالية ينسجم مع مبادئ و قواعد الحكامة الجيدة، وتفعيلا للديمقراطية بمعناها الصحيح باعتبارها أحد المداخل الأساسية في التدبير المالي الناجع وتدعيما لشفافية التدبير المالي، بشكل يسهم في تحقيق التنمية في مختلف أبعادها و الإستجابة لكل متطلبات المواطنين، في هذا السياق فإن الحومة قامت بإنشاء فضاء المجتمع المدني ضمن البوابة الوطنية للحكومة المنفتحة، من أجل تعزيز دور المجتمع المدني في ورش الحكومة المنفتحة و التفاعل مع المواطنين ومنظمات المجتمع المدني وتلقي الإقتراحات و الملاحظات و المشاركة في إعداد خطط العمل الوطنية.
الفقرة الثانية: الإكراهات التي تواجه المجتمع المدني في الرقابة على المال العام
كثيرة هي المشاكل التي تعترض عمل الجمعيات المهتمة بالمال العام ومحاربة الفساد، لكن عموما يمكن إجمال هذه الإكراهات في ضعف الإمكانيات البشرية والتقنية، والإكراهات القانونية والسياسية زيادة على الإكراهات المالية من تمويل وتدبير.
أولا: ضعف الإمكانيات البشرية والتقنية
باعتبار أن السمة الغالبة لمكونات الحقل الجمعوي الوطني هو نقص الموارد البشرية وصعوبة الولوج إلى الموارد المالية وانعدام المقرات والتجهيزات والإمكانيات بشكل عام ونقص على مستوى الحكامة الجيدة[58]،إن هذه المعطيات تبرز بشكل أكثر استفحالا بالنسبة لجمعيات حمايةالمال العام. وربما أن العائق الأساسي الذي يحول دون قيام الجمعيات بأدوارها في الترافع والكشف والفضح والتحسيس هو النقص الفادح على مستوى الإمكانيات البشرية والتقنية. فبالنسبة للإمكانيات البشرية تفتقد الجمعيات إلى خبراء في مجال المالية والتدقيق والمحاسبة، خاصة الملفات التي تتعلق بقضايا تبذير المال العام وسوء تسيير المؤسسات والإدارات العمومية التي تتطلب خبرة قانونية وضبط للمساطر والإجراءات القضائية.
والمثال البارز على مدى استفحال إشكال ضعف التمكين البشري واللوجستيكي، هو أن الشبكة المغربية لحماية المال العام[59]، التي لا زالت لا تتوفر لحد الآن على مقر عام، وتكتفي بعقد اجتماعاتها في إحدى مقرات الجمعيات المكونة لها، ومثال آخر أن الشبكة سبق أن تلقت دعوة لحضور المؤتمر الدولي الذي انعقد بالدوحة حول” وضع آليات تفعيل الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد”، لكنها لم تستطع الحضور بسبب غياب الإمكانيات واكتفت فقط بإرسال تقرير في موضوع الأشغال إلى الجهة المنظمة مع الإشارة إلى أن الشبكة راسلت كل من الوزارة الأولى آنذاك والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة لتحمل تكاليف الدعوة دون الاستجابة لطلبها[60].
كما لم تستطع الشبكة خلال نهاية سنة 2014 من دفع مستحقات الموقع الإلكتروني ما أدى إلى إغلاقه، مع عدم توفر الإمكانيات لنشر التقارير، وإصدار الدوريات[61] والمنشورات في حين لا تتوفر كل من الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب والجمعية المغربية لحماية المال العام على موقع إلكتروني و يتم استدراك هذا النقص بالاعتماد على الوسائط الاجتماعية خاصة الفيسبوك الذي لا يتطلب رسوم أو أتعاب مقابل النشر و التواصل[62].
غير أن واقع المشاركة المدنية يؤكد نقصا صارخا في التجهيزات و الموارد البشرية، فحسب الدراسة التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط حول ظروف عمل جمعيات المجتمع المدني، لا يتوفر أكثر من نصف الجمعيات على مقر و أن أكثر من ٪94 منها لا تمسك محاسبة، حسب المعايير الجاري بها العمل، وأن نسبة٪ 78 منها غير منخرطة في أي شبكة، وأن 8 من أصل 10 جمعيات ليس لها حاسوب، ونفس التشخيص ينصب على الموارد البشرية حيث أن نسبة ٪31.4 فقط منها تلجأ إلى التشغيل المؤدي عنه، و لم يتجاوز عدد العاملين الموضوعين رهن إشارة الجمعيات نسبة ٪16.5 من مجموع المداومين المهنين[63]. كما أن عدد كبير من الجمعيات تواجه مشكل جوهري يتمثل في ضعف العنصر البشري المؤهل لخوض غمار العمل التطوعي بكل مسؤولية وحرفية بالرغم من أن المنخرطين في هذه الجمعيات يتوفرون على مستوى دراسي جيد، إلا أنها تفتقر إلى الخبرة والتجربة التي تمكنها من العمل الفعال والمثمر، بالإضافة إلى ذلك فإننا نجد داخل الجمعية فئات تحركهم مصالح شخصية تجعلهم يفتقرون إلى الحس الجمعوي، الشيء الذي يؤثر سلبا على عمل النسيج الجمعوي ويهدر حقوق المستفيدين ويحد من مساهمته الفعالة داخل هيئات المبادرة[64]، كما أن انشغال المواطن بالتعقيدات المعيشية اليومية أدى إلى عدم اهتمامه و عزوفه عن الانضمام إلى هيئة من هيئات المجتمع المدني من أجل المشاركة في الرقابة على أعمال الإدارة في مجال تسيير المال العام.
ثانيا: إكراهات قانونية وسياسية
سجل المغرب في المجال التشريعي و التنظيمي المتعلق بالحريات العامة تقدما مهما على مستوى تبسيط المساطر و الإجراءات الخاصة بممارسة حرية تأسيس الجمعيات، و على مستوى توسيع قاعدة المشاركة المدنية في الحياة العامة، بيد أن ذلك لم يمنع من وجود صعوبات قانونية و ممارسات إدارية، تحد من هامش الحركة لدى عدة جمعيات، و يكرس لدى فئات عريضة من المجتمع النظرة الاحترازية غير المشجعة على العمل التطوعي[65]. إذا كانت الجمعيات المشكلة قانونيا بالمغرب تتوفر على صفة الشخصية القانونية الاعتبارية، فإن هذه الشخصية تبقى جد محدودة بفعل غياب اجتهاد يدعم الجمعيات بالمقتضيات الضرورية لمفهوم العصر للجمعية، فبالعودة إلى الظهير الشريف رقم 1.58.376 الصادر في 15 نوفمبر 1958، و الذي يضبط حق تأسيس الجمعيات، والذي عدل و تمم بالقانون الجديد رقم 75.00 يتضح بجلاء الرقابة التي تمارسها الدولة على الجمعيات،إنطلاق من إجراءات التأسيس[66] التي تعرف عدة عراقيل منها “التعامل المزاجي الانتقامي” لبعض رجال السلطة مع العمل الجمعوي، و امتناعهم على تسليم وثائق التصريح بتأسيس الجمعيات و التأخر البين في تسليم الوصولات النهائية و ثقل مسطرة التصريح بإنشاء الفروع المحلية و الإقليمية للجمعيات الوطنية….. ممارسات أدت في أحيان كثيرة إلى التضييق، بدون موجب قانوني على حرية الممارسة المدنية[67]. تفاعل مع الخرجة الأخيرة لوزير العدل عبد اللطيف وهبي بمجلس المستشارين، الذي قال إن الحكومة ستعمل على تضمين مجموعة القانون الجنائي بعض التعديلات من أجل منع الجمعيات الناشطة في المجال حماية المال العام من رفع دعاوي قضائية ضد المديرين الجماعيين تتعلق بالفساد ونهب المال العام، وأضاف أن مراقبة المال العام مسؤولية وزارة الداخلية لأنها مصدر الأموال موضوع المتابعة، والذي اعتبرته الجمعيات حرمان من حقها في ممارسة الرقابة على المال العام والتي كفلها لها الدستور[68].
ليس من قبيل الصدفة أن يكون الفاعلون الأساسيون في حماية المال العام من ذوي السوابق السياسية، بل نجد أن هذا الواقع من المعطيات الأساسية التي تؤطر مجال الممارسة الجمعوي، لا سيما في القضايا التي تأخد بعد احتجاجي كحقوق الإنسان وحقوق المرأة وقضايا الهوية ومحاربة الفساد وحماية المال العام، وفي المجال الاخير تبرز إشكالية جدلية السياسي والجمعوي من خلال مستويين من التداخل: الأشخاص، والهياكل.
فعلى مستوي الأشخاص: يلاحظ أن مسؤولي جمعيات حماية المال العام على الصعيد الوطني لديهم انتماءات حزبية سابقة مثل: محمد الغلوسي رئيس سابق للجمعية المغربية لحماية المال العام ينتمي لحزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي[69].
أما على المستوى الهياكل: فالمثال البارز هو الشبكة المغربية لحماية المال العام بالمغرب التي تضم كتابته الوطنية، ممثلين عن 13 عضوا من بين الممثلين للجمعيات الأساسية التي ساهمت في تأسيس الهيئة، ومن ضمنها خمس شبيبات حزبية موازية للأحزاب التقدمية والوطنية ويتعلق الأمر بالشبيبة الاستقلال، الشبيبة الاتحاد، الشبيبة الاشتراكية، الشبيبة الطليعية، حركة الشبيبة الديمقراطية[70]. كذلك الأمر بالنسبة للجمعية المغربية لحماية المال العام حيث ينتمي أغلب أعضاءها لحزب الطليعية الديمقراطية الاشتراكية، و هو ما يفرز تداعيات على مستوى الحركة الاحتجاجية المشتركة بين الحزب و الجمعية، من خلال تنظيم أنشطة ووقفات احتجاجية بتنسيق مشترك[71] وبالنسبة للهيئة الوطنية لحماية المال العام، فإن سبعة أعضاء من المكتب التنفيذي ينتمون إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو المعطي الذي تم الكشف عنه بمناسبة الدعوى التي رفعها مجلس بلدية بكلميم ضد الهيئة، حيث اعتبر أن الأمر يتعلق بتصفية حسابات، داخلية بين التيارات السياسية المنتمية لهذه الهيئة[72].
إن هذا الطابع التدخلي للأحزاب والممارس على بعض الجمعيات نظرا للإرتباط بها إيديولوجيا أو تنظيميا مما يحد من فعالية أي عمل تنموي حقيقي ويؤدي كذلك إلى ضعف الانخراط الجاد للجمعيات في العمل الجمعوي، نظرا لوجود هفوة بين هذا الأخير والسياسة، وتتمثل في أن الأحزاب السياسية تهتم فقط بالمشاريع التي تدعم موقفهم في الحملات الانتخابية، وهي غالبا ما تكون مشاريع ملموسة لكونها مشاريع مادية الوجود وتستهدف عدد أكثر من المستفيدين، ولا تولي أهمية للبرامج التنموية والثقافية والتي تهدف إلى التكوين والتأطير الإداري والثقافي، وفي بعض الحالات يلجأ المنتخبين إلى محاربة أو تجاهل بعض الجمعيات خصوصا التي تضم في تشكيلتها نخبة محلية قوية، وتلجأ في مقابل ذلك إلى الهيمنة على الجمعيات الناشئة منها[73].
ثالثا: الإكراهات المالية بين التمويل وإشكالية التدبير
إذا كانت جمعيات حماية المال العام تضع كهدف استراتيجي لها، تعزيز قيم النزاهة والشفافية و الحكامة، فإنها بالمقابل مطلوب منها أن تعطي القدوة في تدبير الشأن الداخلي و حكامة تنظيمها الإداري، وحسب التقارير الصادرة في الموضوع[74]،فقد بات من المؤكد أن أهم نقط اختلال في النسيج الجمعوي هي هشاشة التدبير و نقص الحكامة و ضعف الشفافية، ذلك أن التنظيم الإداري للجمعيات لا زال يخضع لمساطر إدارية و قواعد تقليدية لا تستحضر عنصر التحفيز و التنمية في العمل الجمعوي،وغياب إطار قانوني و ضح و دقيق يحدد آليات و شكليات الاستفادة من الأموال العمومية في إطار الإعانات أوعقود الشراكة، بالإضافةإلى عدم تلاؤم الإطار الجبائي الحالي مع خصوصيات الجمعيات و منظمات المجتمع المدني وغياب الوضوح و التنظيم اللازم لضبط شكليات مراقبة أموال الجمعيات التي تستفيد من الدعم العمومي و الخارجي[75]. فقد سبق و صرح وزير العلاقات مع البرلمان و المجتمع المدني بأن أقل من% 10 من الجمعيات يحصل على أكثر من% 80 يحصل على تسعة مليارات سنتيم تمنح للجمعيات سنويا، و أن أزيد من % 97 من هذه الجمعيات لا تقدم أية وثيقة رسمية عن مصاريفها او أعمالها أو ما نفذته من مبادرات و أنشطة وبرامج و ما سواها، يستفاد من هذا أن توزيع ما يخصص من المال العام لدعم هذه الجمعيات، لا يتم وفق معايير موضوعية بل يتم وفق معايير أخرى كالزبونية والمحسوبية و الولاء، إضافة إلى أن هذه الجمعيات في مأمن عن كل مراقبة و أن ما تحصل عليه هذه الجمعية أو تلك، هو بمحصلة بمثابة مال عام يحول إلى مال خاص يتصرف فيه باسم الجمعية[76].
غير أن هذه الموارد ذاتية أو خارجية تتسم بالمحدودية والضعف بالنسبة لبعض الجمعيات لكونها بعيدة عن السلطة أو الحزب المسير للجماعات، أو عدم توفرها على أطر فنية وإدارية متخصصة لها الخبرة والحنكة على التفاوض، واستخدام عدة وسائل للحصول على مصادر لتمويلها.[77] وهذه الإكراهات المالية تعرقل العمل الجاد للجمعيات وتقزم دورها التنموي.
خاتمة
و بناء على ماسبق يتضح لناجلياأن المجتمع المدني حظي باهتمام كبير من قبل دستور 2011 حيث اصبح له دور فعال سواء في مجال السياسات العمومية بصفة عامة، و المجال المالي و الرقابي بصفة خاصة. وهذا ما تبين من خلال مختلف الهيئات و الجمعيات التي أصبح لهااهتمام كبيرا في الإسهام في الشأن المالي المغربي من خلال مجموعة من الأليات و الوسائل، و بالرغم من هذا لا يزال المجتمع المدني يعاني من مجموعة من الإكراهات و المعيقات التي تحد من فعاليته.
و في هذا الإطار نود أن نقترح بعض السبل لتعزيز فعالية المجتمع المدني في مجال حماية المال العام :
- توفير الحماية الكافية لكاشفي جرائم نهب و إختلاس المال العام: حيث تتعرض هذه الفئة الى مجموعة من الابتزازات و المضايقات من طرف مرتكبي الفساد المالي؛
- تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؛
- التصدي لكل محاولة لتسييس المجتمع المدني؛
- تحديد طرق واضحة للتمويل و التدابير المالية : حيث أن مسألة التمويل و التدبير المالي تعد من أهم الإشكالات و المعيقات التي تواجه العمل الجمعوي؛
- توفير التجهيزات الأساسية لجمعيات المجتمع المدني؛
- إرساء دعائم إستقلال المجتمع المدني؛
- توفير التجهيزات الرئيسية لجمعيات المجتمع المدني؛
- مواكبة المجتمع المدني بالدعم المالي والمعنوي؛
- اعتبار الترشيح للإنتخابات يتنافى مع الإنخراط في الجمعيات؛
- وضع منصات إلكترونية رهن إشارة المواطنين للتبليغ عن كل الجرائم المالية؛
- الأخد بعين الإعتبار مقترحات و أراء المجتمع المدني من طرف مؤسسات الدولة؛
- تسهيل إجراءات تكوين الجمعيات؛
- التنسيق و التعاون بين الجمعيات التي لها نفس الأهداف على الصعيد الوطني و المحلي.
[1] امل العلوي الإسماعيلي، إشكالية أجهزة الرقابة المالية بالمغرب، بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية فاس، السنة الجامعية 2008-2009، ص 5.
[2] الجرحاني علي بن محمد، التعريفات، دار الكتب العلمية بيروت لبنان،1983، ص210.
[3] ساجدة أحمد عاطف حرارة، أثر كفاءة وفعالية الرقابة المالية على ترشيد الانفاق، رسالة لاستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجيستر في المحاسبة، جامعة الشرق الأوسط، كلية إدارة الأعمال، السنة الدراسية 2016_2017، ص9.
[4] رشيدة قاعدة، دور المحاكم المالية في تكريس الشفافية و محاربة الفساد الإداري و المالي، منصة المنهل، مكتبة دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع و الترجمة، ص11.
[5] سعيد بوتشكوشت، جرائم الفساد المالي بين الواقع و القانون، المجلة الإلكترونية للأبحاث القانونية،2021،العدد8، ص2.
[6] محمد حجاجي: مساهمة المجتمع المدني في تعزيز البناء الديمقراطي بالمغرب، مجلة العلوم القانونية، سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية، العدد الثالث سنة 2015، ص 52.
[7] سعد الدين ابراهيم، المجتمع المدني و التحول الديمقراطي في الوطن العربي، مقدمة كتاب المجتمع المدني و التحول الديمقراطي في البحرين، مركز إبن خلدون للدراسات الإنمائية، سنة 1995،ص5.
[8] علي عبد الصادق المجتمع المدني: دراسة في تطور المفهوم وإشكالياته في الخطاب العربي المعاصر، دولة الإمارات العربية المتحدة، مايو. 2005 .ص:27.
[9] واصف منصور، المجتمع المدني الضرورات و المحادير، دار النشر المغربية، الدار البيضاء 2007، ص:14.
[10] زكرياء أقنوش ، مفهوم المجتمع المدني في الفكر السياسي ، مجلة مسالك في الفكر و السياسة والاقتصاد، العدد 55،66 بتاريخ 2019، ص 60.
[11] عبد الله حمودي ، مصير المجتمع المدني رؤية أنثروبولوجية لقضايا الثقافة والسياسة والدين والعنف”، مجلة وجهة نظر. عبد الله حمودي مصير المجتمع المدني سلسلة دفاتر وجهة نظر العدد 5 السنة 2004، ص 42.
[12] محمد القنطري، المجتمع المدني و حماية المال العام بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه، وحدة علم السياسة و القانون الدستوري، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية أكدال، الرباط، السنة الجامعية 2015-2016، ص 9.
[13] نص دستور 2011 على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، و تضمن بابا خاص بالحكامة، كما تضمن الباب الثاني عشر، مقتضيات عام تروم الزام المرافق العمومية بمقتضيات النزاهة و الشفافية والحكامة، أيضا نص الدستور على مجموعة من المؤسسات التي اطلق عليها ” مؤسسات و هيئات حماية الحقوق والحريات و الحكامة الجيدة”.
[14] عادلة الوردي: الحماية القانونية والقضائية للحرية تأسيس الجمعيات بالمغرب على ضوء المقتضيات الدستورية الجديدة، المجلة المغربية للسياسات العمومية، العدد الثالث، 2015، ص:167.
[15] واصف منصور: المجتمع المدني الضرورات والتحديات والمحاذير، مركز الدراسات للوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت، 2007، ص 25.
[16] المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948.
[17] عادلة الوردية مرجع سابق، ص 169.
[18] المادة 22 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948.
[19] صادق عليه المغرب والمنشور في الجريدة الرسمية بموجب ظهير شريف رقم 1.79.186 الذي يحدد معيار الحق في حرية تأسيس الجمعيات والتجمعات، و تنص المادتان 21 و 22 منه على ما يلي:
المادة 21 “يعترف بالحق في التجمع السلمي، ولا يجوز وضع القيود على ممارسة هذا الحق غير ما منها متماشيا مع القانون والتي تستوجبها في مجتمع ديمقراطي ، مصلحة الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الأخلاق أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم”.
المادة 22: ” لكل فرد الحق في حرية المشاركة مع الآخرين بما في ذلك حق تشكيل النقابات أو الانضمام إليها لحماية مصالحة”.
[20] عادلة الوردي: مرجع سابق، ص 169.
[21] مصطفى الزباخ : استراتيجية الحوار والمواطنة والتنمية في برامج المجتمع المدني، منظمة المجتمع المدني الدولية لقيم المواطنة والتنمية والحوار، مطابع الرباط نت، الرباط ، 2015 ، ص 5.
[22] استرشاد بوثيقة ” التوجهات الاستراتيجية لمنظمة المجتمع المدني الدولية قيم المواطنة والتنمية والحوار وبتوصيات ندوتها ومؤتمراتها وخاصة المؤتمر الدولي الأول ” نحو تعايش اجتماعي راشد و حوار حضاري متكافئ المنعقدة بمقر منظمة الإيسيسكو خلال 27 – 26 أبريل 2011 ، والمؤتمر الدولي الثاني ” أي مسؤولية للشباب في تعزيز القيم والمواطنة والتنموية والحوارية ” المنعقد خلال 19 – 21 ديسمبر 2012 ، تأسست ” منظمة المجتمع المدني الدولية لقيم المواطنة والتنمية والحوارية.
[23] دستور 2011، ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432، الموافق ل 29 يوليو 2011، بتنفيذ الدستور، منشور في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432، الموافق ل 30 يوليو سنة 2011، ص: 3604.
[24] معاد السبيسب، منظومة الرقابة المالية بالمغرب بين الإصلاح وتقوية الحكامة، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، جامعة عبد المالك السعدي، الكلية المتعددة التخصصات تطوان، السنة الجامعية 2014/2015، ص 170.
[25] صالح النشاط، التخصص المدني في قضايا المال العام بالمغرب، مجلة الفرقان، العدد 74، 2014، ص 73.
[26] معاد السبيسب، مرجع سابق، ص 176.
[27] محمد زين الدين، مداخل محاربة الفساد بالديمقراطيات الناشئة، مقاربة قانونية وسياسية في التجربة المغربية، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، العدد 7، سنة 2007، ص 26.
[28] صالح النشاط، مرجع سابق، ص 73.
[29] مزهود حنان: ” دور المجتمع المدني في حماية الأموال العامة “، المجلة الأكاديمية للبحث القانوني، المجلد 11، العدد 2، عدد خاص، 2020، ص87.
[30] ظهير شريف رقم 1.07.58 صادر بتاريخ 19 ذي القعدة 1428هـ الموافق لـ 30 نونبر 2007 بنشر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الموقعة بنيويورك بتاريخ 31 أكتوبر 2003، منشورة بالجريدة الرسمية عدد 5596 في 8 محرم 1429 الموافق ل 17 يناير 2008.
[31] صالح النشاط، مرجع سابق، ص 74.
[32] صالح النشاط مرجع سابق، ص 74.
[34] منظمة الشفافية الدولية هي مجموعة من 100 فرع محلي، مع سكرتارية دولية في برلين، بألمانيا. تأسست في عام 1993 بألمانيا كمؤسسة غير ربحية، وهي الآن منظمة عالمية غير حكومية، وتدعو لأن تكون منظم ة ذات نظام هيكلي ديمقراطي متكامل. وتقول المنظمة عن نفسها: “الشفافية الدولية هي منظمة مجتمع مدني عالمية تقود الحرب ضد الفساد. تجمع الناس معاً في تجمع عالمي قوي للعمل على إنهاء الأثر المدمر للفساد على الرجال و النساء والاطفال حول العالم. مهمة الشفافية الدولية هي خلق تغيير نحو عالم من دون فساد”
[35] محمد القنطري، مرجع سابق، ص 241.
[36] معاد السبيسب، مرجع سابق، ص 178.
[37] الموقع الالكتروني https://marsadhouriyat.org/reports/view/1095 نم الاطلاع عليه بتاريخ 7-8-2024 على الساعة 12:53
[38] محمد القنطري، مرجع سابق، ص 267.
[39] محمد القنطري، مرجع نفسه، ص 242.
[40] الموقع الالكترونيhttps://www.oujdacity.net ، تم الاطلاع عليه بتاريخ 02-12-2023، على الساعة 8:55.
[41] منشور بالموقع الالكتروني: https://scopresse.com/، تم الاطلاع عليه بتاريخ 1\12\2023، على الساعة 13:24.
[42] منشور بالموقع الالكتروني:https://almostakilla.ma/74499.html تم الإطلاع عليه بتاريخ 7\8\2024 على الساعة 14:05
[43]سمير شوقي، دور المجتمع المدني في حماية المال العام جرائم الفساد والرشوة، مقال منشور بمجلة الأستاذ الباحث للدراسات القانونية و السياسية، رقم الإيداع القانوني 2016-857، ص 129.
[44] أحمد أبودية، دور وسائل الاعلام في دعم أنظمة المساءلة والرقابة والمحاسبة في الأقطار العربية، في إطار ندوة أقامتها المنظمة العربية لمكافحة الفساد، تحت عنوان: المساءلة والمحاسبة تشريعاتها وآلياتها في الأقطار العربية، المنعقدة يومي 7و8 فبراير 2007، ببيروت، منشورات المجلة العربية لمكافحة الفساد، الطبعة الأولى، 2007، ص 545
[45] ا حمد براو: الشفافية والمساءلة والرقابة العليا على المال العام في سياق الحكامة الرشيدة، الطبعة 2010، ص 69.
[46] الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، التقرير الأدبي 2009.
[47] – تعرف هذه القضية لدى الرأي العام بقضية تبادل التعويضات بين وزير المالية في حكومة عباس الفاسي، صلاح الدين مزوار، ونور الدين بن سودة، الخازن العام للمملكة، والتي توبع خلالها موظفان بتهمة إفشاء السر المهني، وتعود تفاصيل القضية، التي تحدثت عنها وسائل الإعلام كونها “فضيحة سياسية” همّت تبادل منافع الدولة دون سند قانوني، بعد قامت بعض الجرائدُ الوطنية بنشر وثائق وصفت بـ”السرية والحساسة” على صفحاتها، تهمّ تعويضاتٍ حصل عليها كل من وزير المالية الأسبق، صلاح الدين مزوار، وبلغت قيمتها 80 ألف درهم شهريّا، وكذا خازن المملكة، نور الدين بنسودة، بقيمة 98 ألف درهم شهريا.
[48] – يتعلق الأمر بصفقة اللقاءات الشهيرة التي جرت في عهد الوزيرة الاستقلالية السابقة بوزارة الصحة، ياسمينة بادو، وأثارت كثيرا من النقاشات حول سلامتها القانونية.
[49] فلاح السبعي، اثار تطبيق الشفافية الإدارية في الحد من الفساد الاداري في الشركات المالية السعودية، المجلة العربية للإدارة، مقال منشور بالموقع الالكتروني: https://mawdoo3.com، اطلع عليه بتاريخ18/07/2024.
[50] الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، مرصد الرشوة، دليل المواطن، اعرف حقوقك وواجباتك واحمي نفسك ومجتمعك من الرشوة، ص 5.
[51] على الرابط: https://lakome2.com/corruption/296034 تم التصفح بتاريخ 6 _8 _2024 على الساعة21:06.
[52] المملكة المغربية، اتفاقية الشراكة والتعاون بين وزارة التربية الوطنية والشباب، والجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، الرباط في 10 دجنبر 2003.
[53]على الموقع: https://www.bayanemarrakech.com تم التصفح بتاريخ 6_8_2024 على الساعة21:27.
[54] محمد القنطري، مرجع سابق، ص 274.
[55] محمد القنطري، مرجع نفسه،ص 276 .
[56]- القيام بافتحاص شامل ودقيق لكل الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية من طرف أجهزة الافتحاص تتمتع بالاستقلالية والصلاحيات اللازمة للكشف عن الاختلالات المتعلقة بالانحرافات المالية باعتبارها ظاهرة بنيوية تعم جميع المرافق العمومية. نفس المرجع.
[57] جاء ذلك في رسالة ترانسبرانسي المغرب إلى رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، والتي حررت بتاريخ 6 دجنبر 2012 بالمكتب التنفيذي، نشرة مرصد الرشوة، أخبار ترانسبرانسي، العدد 14 يناير 2013، ص 2.
[58] توصيات حول الجوانب المالية والجبائية والمحاسبة المتعلقة بالجماعات ومنظمات المجتمع المدني، اللجنة الوطنية للحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، مارس 2004.
[59] سبق للشبكة المغربية لحماية المال العام أن تقدمت بطلب رسمي الحصول على المنفعة العامة لكن دون أن تلقى ردا ايجابيا من الحكومة.
[60] الشبكة المغربية لحماية المال العام، السكرتارية الوطنية، التقرير السنوي، ص 22.
[61] الدورية هي أي مطبوعة تصدر بشكل يومي أو أسبوعي أو سنوي أو ربع سنوي، المهم أن يتم إصدار إصدارات جديدة منها وفقا لجدول زمني محدد، وتعد الجرائد والمجلات أمثلة على الدوريات.
[62] محمد القنطري، مرجع سابق، ص: 286.
[63] الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، أبريل 2014، ص 34.
[64] ماهير حكيمة، المجتمع المدني بالمغرب: بين نصوص الدستور وإكراهات الواقع، مجلة القانون والأعمال، العدد 45 ص :206
[65] التقرير التركيبي للحوار الوطني. مرجع سابق، ص 33.
[66] هند عروب، المجتمع المدني المغربي: فعالية أم أوهام الفعالية في المغرب في مفترق الطرق تو فيق بعشرين ( المحرر)، الرباط، دفاتر و جهة نظر :2004 _2005، ص 17.
[67] التقرير تركيبي للحوار الوطني. مرجع سابق ، ص 35.
[68] منع جمعيات حماية المال العام من تقديم شكايات يثير الشكوك والمخاوف، مقال منشور على الموقع الإلكتروني www.pjd.ma تاريخ الاطلاع 30/11/2023 على الساعة 15.21.
[69] الصفحة الرسمية في الفايسبوك لحزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي، نشر في 31 مارس 2019 اختتام أشغال المؤتمر الوطني للجمعية المغربية لحماية المال العام بانتخاب أجهزتها الوطنية.
[70]محمد القنطري، مرجع سابق، ص 287.
[71] المثال البارز هو أن الجمعية المغربية لحماية المال العام وحزب الطليعية الاشتراكية، سبق وأصدر بلاغ من أجل المشاركة في الوقفات الاحتجاجية التي نظمت يوم 25 يناير 2015 للمطالبة بإلغاء رواتب النواب البرلمانيين والوزراء.
[72] أنظر، بلفقيه يقاضي الهيئة والسباعي “يتبورد” بتصريح مثير نشر يوم 26 فبراير 2015، بموقع البديل أنفو.
[73] ماهير حكيمة، مرجع سابق، ص 208.
[74] يتعلق الأمر على الخصوص، بتقرير اللجنة الوطنية للحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة و تقرير المجلس لسنة 2007 الذي تناول مجموعة من الملاحظات و التوصيات، و على الخصوص الاختلالات التي تميز التدبير المالي للجمعيات.
[75] محمد القنطري، مرجع سابق، ص 293.
[76] عادل بن لحبيب، إكراهات وتحديات المجتمع المدني بالمغرب، الموقع الإلكتروني www.chrononews.ma اطلعت عليه يوم 30 نونبر 2023 على الساعة 15:53.
[77] ماهير حكيمة، مرجع سابق، ص: 207.