في الواجهةمقالات قانونية

حفظ كُّلي المال ومتطلبات تعديل المادة 49 من مدونة الأسرة الدكتور : محمد نعناني،

 

حفظ كُّلي المال ومتطلبات تعديل المادة 49 من مدونة الأسرة
Preservation of the necessity of the money And the requirements for amending Article 49 of the Family Code
الدكتور : محمد نعناني،
أستاذ محاضر مؤهل  يكلية العلوم القانونية والسياسية
جامعة الحسن أول- سطات.
رابط DOI
https://doi.org/10.63585/LIWD9873
ملخص:
تتناول هذه الدراسة المعنونة بحفظ كلي المال ومتطلبات تعديل المادة 49 من مدونة الأسرة، مناقشة مطلب اقتسام الأموال المكتسبة أثناء فترة الزواج؛ انطلاقا من الأصول الشرعية والمبادئ الدستورية والقواعد القانونية المستقرة التي تراعي مصلحة الأسرة ولا تنحاز إلى طرف من أطرافها على حساب الآخر. وقد ركزت هذه الدراسة بالأساس على بيان أهمية حفظ المال وخضوعه لقواعد خاصة تنظمه من جهة التملك والاكتساب والتداول والتبادل بين الأفراد بما في ذلك الأزواج؛ مع استحضار الأحكام المتباينة لكل من المعاملات المالية والعلاقات الأسرية. وقد توقفنا في هذا البحث عند عرض المقتضى الحالي للمادة 49 من مدونة الأسرة والمطالب بشأن تعديله؛ مع مناقشة فتوى ابن عَرضون المتعلقة بالكد والسعاية وحجج من يتمسك بالأخذ بها في المطالبة باقتسام الأموال، مع بيان الموقف المختار بشأن مدى كفاية هذه المادة أو الحاجة إلى تعديلها.
Abstract:
This study, discusses the issue of dividing property acquired during the marriage period. It starts from the Sharia assets, constitutional principles, and legal rules that prioritize the interest of the family without favoring one party over the other. The study primarily focuses on emphasizing the importance of preserving the money on Islam and the application of specific rules that regulate its ownership, acquisition, circulation, and exchange among individuals, including spouses, while considering the divergent rulings on financial transactions and family relations. The research also examines the current provisions of Article 49 of the Family Code and the calls for its amendment, alongside a discussion of Ibn Aardhun’s fatwa on “ked seaaya” “labor and contribution”, including arguments from those advocating for its application in demanding the division money, and presents the chosen position of this article, is’ sufficient or requires modification.
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد؛
فإن الله سبحانه وتعالى شرع الزواج لحكمة بالغة وأودعه أسرارا كامنة فيه لا تتحقق في غيره من المؤسسات، وميزه عن غيره من العقود بكثير من الخصوصيات، فحصر عاقديه، وحدد أركانه، وقرر شروط انعقاده وبين شروط صحته وأمارات فساده؛ فلم يجعله واردا على المال كأغلب العقود وإنما على البضع  وحفظ العهود؛ فلم يكن المال فيه غاية ومقصدا بل وسيلة لتحقيق الاستقرار للأسرة وبث الألفة والمودة والرحمة والسكينة؛ فشرع الصداق عند العقد إظهارا للرغبة في الزواج وإنشاء أسرة مستقرة، وندب الشارع  إلى تيسيره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إِنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مَؤُونَةً” ؛ وأوجب على الزوج النفقة على زوجته وعياله فقال الله سبحانه وتعالى ﴿لِيُنفِقۡ ‌ذُو ‌سَعَةٖ مِّن سَعَتِهِۦۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيۡهِ رِزۡقُهُۥ فَلۡيُنفِقۡ مِمَّآ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُۚ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَاۚ سَيَجۡعَلُ ٱللَّهُ بَعۡدَ عُسۡرٖ يُسۡرٗا ﴾ ، بل جعل الإنفاق عليهم من أعظم القربات إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم “أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله” ، وحذر من التهاون في النفقة وتضييعها فقال “كفى بالمرء إِثما أن يُضَيِّع مَن يقوت” ؛ وقد تكفل الله سبحانه وتعالى بنفسه قسمة تركة المتوفى فحدد الأنصبة والمقادير قطعا لدابر الخلاف بشأنها والقطيعة بسببها؛ وشرع المتعة للزوجة عند الفراق جبرا لخاطرها فقال تعالى ﴿‌وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى ٱلۡمُوسِعِ قَدَرُهُۥ وَعَلَى ٱلۡمُقۡتِرِ قَدَرُهُۥ مَتَٰعَۢا بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾ ؛ وكرم الزوجة فجعلها مستقلة بمالها مستأثرة به بعدما كانت تورث، وحرم على الزوج الأخذ منه دون رضاها، وجعل لكل منهما ذمة مالية مستقلة عن غيره، منعا للظلم وأكل أموال الناس بالباطل؛ فكانت الأسر تعيش في هناء ورغد ورخاء.
وبناء عليه فإن الأسرة قديما لم يكن الاعتبار المالي حاضرا لديها إلا بحسب ما يقيم أمورها ويقوي بنيانها ويعزز تماسكها ويضمن استمرارها، بل إن الأجداد كانوا يتحرجون من مناقشة قدر الصداق والشوار بل يعتبرونه من خوارم المروءة وانتقاصا للمرأة، فخلف بعد الأجداد خلْف توقعوا الفراق قبل الزواج، والحصاد قبل الزرع فتطلعت رقابهم إلى أموال لم توجد بعد فنادوا باقتسام الأموال المكتسبة بعد الزواج عند انتهاء العلاقة الزوجية.
إن اقتسام الأموال المكتسبة بعد الزواج عند انتهاء العلاقة الزوجية لم تتطرق له مدونة الأحوال الشخصية في صيغتها الأولى الموضوعة سنة 1957-1958 ولا في تعديل 1993، وإنما ظهرت المطالبة به في مشروع خطة العمل الوطنية لإدماج المرأة في التنمية التي نادت في فقرته التاسعة بشكل صريح إلى “توزيع ممتلكات الزوجين بعد الطلاق احتراما للعدالة كمبدأ مؤسس للإسلام، واعترافا بتضحيات المرأة طول الحياة الزوجية، على القاضي الذي يعلن الطلاق أن يفصل في توزيع الممتلكات المحصلة خلال فترة الزواج، وأن يسمح للمرأة المطلقة بنصف هذه الممتلكات التي ساهمت فيها، سواء من خلال عملها داخل البيت أو عن طريق عمل مأجور” ؛ وبعد نقاش طويل صدرت مدونة الأسرة متضمنة المادة 49 التي نصت على أنه ” لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، غير أنه يجوز لهما في إطار تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية، الاتفاق على استثمارها وتوزيعها.
يضمن هذا الاتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج.
يقوم العدلان بإشعار الطرفين عند زواجهما بالأحكام السالفة الذكر.
إذا لم يكن هناك اتفاق فيرجع للقواعد العامة للإثبات، مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين وما قدمه من مجهودات وما تحمله من أعباء لتنمية أموال الأسرة”.
والملاحظ أن هذه المادة تركت الحرية والخيار للزوجين في تقرير كيفية تدبير الأموال المكتسبة خلال فترة الزواج في اتفاق مستقل عن العقد؛ غير أنه بعد عشرين سنة من تطبيق المدونة وإعراض الأزواج عن أي اتفاق بشأن تدبير هذا الأموال، بدأت بعض المطالب بتعديل المادة 49 من المدونة بما يسمح باقتسام الأموال بشكل مباشر وتلقائي دون الحاجة إلى اتفاق مسبق بين الزوجين؛ الأمر الذي يفرض علينا ضرورة مناقشة هذه المطالب التعديلية في ضوء القواعد العامة لحفظ مال الزوجين؛ وكذا الطبيعة الخاصة للزواج باعتباره مؤسسة شرعية ذات أهداف محددة، وذلك من خلال مطلبين اثنين نتناول في الأول منهما حفظ أموال الأسرة بين القواعد العامة والمطالب الخاصة، بينما نخصص الثاني منهما للنظر في تعديل المادة 49 بين الانضباط والتسيب.
المطلب الأول: حفظ أموال الأسرة بين القواعد العامة والمطالب الخاصة.
لقد تقرر من أصول الشريعة المعتبرة أن عقد الزواج من العقود التي لا ترد على المال، وعلى الرغم من ذلك فإن حفظ أموال الأسرة كان ولا زال من أولوياتها ومقاصدها الكبرى بما من شأنه أن يحفظ استقرارها ويضمن استمرارها ويتيح ازدهارها ويطور إنتاج أفرادها داخل المجتمع؛ فشرعت أحكاما تتحقق بها هذه المصالح وتدفع بها عنها المفاسد، مؤسسة لقواعد عامة في تداول الأموال ومراعية لطبيعة الزواج الخاصة في تدبير المكتسبات.
الفقرة الأولى: حفظ كلي المال وتحقيق مصلحة الأسرة.
إن مناقشة تعديل المادة 49 من مدونة الأسرة ومدى إمكانية السماح بسن أحكام تجيز اقتسام الأموال المكتسبة بعد انتهاء العلاقة الزوجية يفرض علينا بداية تحديد منطلقات النقاش وأصول ومرجعيات التعديل بما يسمح بوضع أرضية علمية مشتركة تضبط البحث العلمي وتؤطره وتنأى به عن الخوض في الموضوع انطلاقا من الأهواء أو الإيديولجيات أو التوصيات.
أولا: منطلقات أساسية مرجعية في تعديل المادة 49.
إن كل دراسة منضبطة لابد لها من اتخاذ منطلقات ثابتة راسخة مرجعا وحكما يؤطرها ويضبط آليات بحثها؛ وطالما أن تعديل المادة 49 من مدونة الأسرة من المواضيع التي أثارت الكثير من النقاش والجدل، فإنه من الضروري تحديد هذه المنطلقات المتفق عليها ابتداء.
إن أول منطلق يجب التسليم به عند دراسة ومناقشة تعديل أحكام مدونة الأسرة عموما والمادة 49 خصوصا الاقتناع بالطبيعة الدستورية لمؤسسة الأسرة، المعلن عنها في دستور المملكة المغربية الشريفة، والتي تجعل منها الخلية الأساسية للمجتمع المغربي، فالاهتمام بها وبقضاياها وأحكامها يعتبر شأنا دستوريا عاما يهم جميع أفراد المجتمع لا فئة دون أخرى.
 وبناء على ما سبق فإن ثاني المنطلقات يتحدد في ضرورة التقيد بالمقتضى الدستوري الذي يحدد الطبيعة الشرعية لمؤسسة الزواج والأسرة وذلك من خلال ما نص عليه دستور المملكة في الفصل 32 بأن “الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع”، الأمر الذي يلزم منه أن عقد الزواج الذي تنشأ به الأسرة في المغرب هو عقد ذو طبيعة شرعية لا مدنية، أي أنه عقد يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية إنشاء واستدامة وإنهاء؛ فالطبيعة الشرعية لمؤسسة الزواج هي حقيقة دستورية يتعين احترامها في كل بحث أو دراسة تهتم بقضايا الأسرة.
 واعتبارا لهذه الطبيعة الشرعية المستمدة من الحقيقة الدستورية فإن ثالث المنطلقات الأساسية يتحدد في التحديد التشريعي لتعريف الزواج؛ والذي عرفته المدونة في المادة الرابعة بأنه “ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام، غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة، برعاية الزوجين طبقا لأحكام هذه المدونة”، ذلك أنه من المقرر أن التعريف وظيفة الفقه، وعلى الرغم من ذلك تولى التشريع تعريف الزواج وضعا لهذه الحدود المهمة المؤثر على استقرار الأسرة محددا طبيعته في أنه ميثاق شرعي؛ واعتباره ميثاقا شرعيا يلزم منه اعتبار وصفه وحكمه وحكمته عند سن أحكامه أو تعديلها.
أما المنطلق الرابع والأهم، فإنه مترتب على المنطلقات السابقة، ويتحدد أساسا في أن اعتبار مؤسسة الزواج والأسرة مؤسسات شرعية دستورية يلزم منه وجوبا أن تكون الأحكام المنظمة لها مستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية موافقة لمقاصدها، ولأجل ذلك كانت المبادرة دائما وأبدا في ذلك لملوك المغرب بصفتهم أمراء للمؤمنين؛ بل إن جلالة الملك أمير المؤمنين محمد السادس حفظه الله في خطاب العرش شدد على أهمية أحكام الحل والحرمة في تعديل المدونة وأنها خط أحمر لا يمكن اقتحامه بقوله “وبصفتي أمير المؤمنين، وكما قلت في خطاب تقديم المدونة أمام البرلمان، لا يمكنني أن أحل حراما أو أحرم حلالا”؛ مؤكدا على أن التعديل يجب أن يتم “في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح، والتشاور والحوار، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية”.
وبناء على ما سبق فإن تعديل المادة 49 وغيرها من المواد يجب أن يتم في إطار أحكام الشريعة ومقاصدها الكبرى.
ثانيا: مقصد حفظ المال ومنع الخوض فيه بالأهواء.
لقد “اتفقت الأمة – بل سائر الملل – على أن ‌الشريعة ‌وضعت ‌للمحافظة على الضروريات الخمس -وهي: الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل، وعلمها عند الأمة كالضروري” ، والمقصود من هذه الضروريات تحقيق المصلحة للخلق “بالمحافظة على مقصود الشرع، ومقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن ‌يحفظ ‌عليهم ‌دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم، فكل ما يضمن حفظ هذه الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعه مصلحة” .
وبناء عليه تأسست نظرية حفظ كليات الشريعة على دعامتين: الأولى دعامة الحفظ من جانب الوجود، والثانية دعامة الحفظ من جانب العدم… والمقصود بحفظ كليات الشريعة من جانب الوجود مراعاتها في تشريع الأحكام بما يقيم أركان تلك الكليات، ويثبت قواعدها؛ أي أن الشريعة وضعت أحكاما شرعية وأرست تقريرات فقهية تدور في جوهرها على سبيل الإجمال على حفظ أصول كبرى ضرورية، اشتهرت لدى الأصوليين بكليات الشريعة؛ وهي المعروفة بكلية الدين والنفس والنسل والعقل والمال. وهذه الكليات الضرورية تقوم عليها الحياة الإنسانية، بحيث إذا اختلت واحدة منها عادت عليها بالإخلال، واستمرت الحياة على الفساد في الدنيا والخسران في الآخرة” ، وفي هذا يقول الإمام الشاطبي “فأما الضرورية، فمعناها أنها لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم، والرجوع بالخسران المبين والحفظ لها يكون بأمرين: أحدهما ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود. والثاني ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب العدم” ؛ “والمقصود بحفظ مقاصد الشريعة من جانب العدم مراعاة حفظ تلك الكليات الكبرى والمقصودة في النظر الفقهي فهما وتطبيقا وتنزيلا، بما يدرأ عنها الاختلال ويرفع عنها الخرم الذي قد يلحقها في الواقع الوجودي للإنسان” .
ولئن كانت الكليات الخمس مرتبط بعضها ببعض على النحو الذي بيناه أعلاه، فإننا سنقتصر على التوقف عند كلي المال لاتصاله المباشر بموضوع الدراسة.
ولكي نتبين وجه حفظ أموال الأسرة من جانب الوجود والعدم في علاقتها بمقتضيات المادة 49، لا بد لنا بداية التوقف عند هذا الكلي وحقيقته الشرعية والمقاصدية.
مما لا شك فيه “أن المال شيء لازم لا غنى عنه للإنسان وللمجتمع على السواء وهو من أجل نعم الله على الإنسان، وبه يستطيع تحقيق الخير والرفاهية له ولأسرته وللمجتمع الذي يعيش فيه. لذلك أثبت الإسلام حق تملكه، وأمر المسلم بالسعي في الأرض لكسبه كما يقول الله تعالى ﴿هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ‌لَكُمُ ‌ٱلۡأَرۡضَ ذَلُولٗا فَٱمۡشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزۡقِهِۦۖ وَإِلَيۡهِ ٱلنُّشُورُ﴾ . فالإسلام يأمر الإنسان بكسب المال عن طريق السعي في الأرض، والعمل الجالب للكسب ويبيح له تملك المال والاستمتاع به شريطة أن يكون ذلك كله بالطرق المشروعة التي أقرها الشرع وتكسب الإنسان ثواب الدنيا والآخرة. كما أن الشارع الحكيم أولى السياسة المالية حظا وافرا من العناية والرعاية حتى يكون المسلمون على بينة من أمرهم حين يمارسون تبادل المنافع فيما بينهم في هذه الدنيا، ولم تترك الشريعة هذا الموضوع الخطير لرأي الناس يتصرفون فيه كيف شاؤوا، حسب ما تملي لهم شهواتهم وأهواؤهم، ولكنها حددت لهم أحكامه، ووضعت طريقته ومنهاجه فجاءت نصوص الكتاب والسنة تحدد القوانين والأحكام التي ينبغي أن يسير الناس على هديها كي يسود العدل والحق ولا يقع الظلم والجور” .
ولقد اعتنت الشريعة الإسلامية بحفظ المال لأن به قوام مصالح الأمة والأفراد، بشكل لا تستقيم حياتهم بدونه؛ فلما كان “‌المقصد ‌الأهم ‌هو ‌حفظ ‌مال الأمة وتوفيره لها، وأن مال الأمة كان كُلًّا مجموعياً فحصول حفظه يكون بضبط أساليب إدارة عمومه، وبضبط أساليب حفظ أموال الأفراد وأساليب إدارتها . فإن حفظ المجموع يتوقّف على حفظ جزئياته، وإن معظم قواعد التشريع المالي متعلقة بحفظ أموال الأفراد وآيلة إلى حفظ مال الأمة، لأن منفعة المال الخاص عائدة إلى المنفعة العامة لثروة الأمة.
فالأموال المتداولة بأيدي الأفراد تعود منافعُها على أصحابها وعلى الأمة كلَّها، لعدم انحصار الفوائد المنجرَّة إلى المنتفعين بدوالها. وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ . فالخطاب للأمة أو لولاة الأمور منها. وأضاف الأموالَ إلى ضمير غير مالكيها لأن مالكيها هنا هم السفهاء المنهي عن إيتائهم إياها. وقوله: ﴿الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ يزيد الضميرَ وضوحاً ويزيد الغرضَ تبياناً، إذ وَصَفَ الأموال بأنها مجعولة قيامًا لأمور الأمة. فالمال الذي يدال بين الأمة ينظر إليه على وجه الجملة وعلى وجه التفصيل. فهو على وجه الجملة حقٌّ للأمة عائد عليها بالغنى عن الغير. فمن شأن الشريعة أن تضبط نظام إدارته بأسلوب يحفظه مُوزَّعاً بين الأمة بقدر المستطاع، وتعين على نمائه في نفسه أو بأعواضه بقطع النظر عن كون المنتفع به مباشرة أفراداً خاصة أو طوائف أو جماعات صغرى أو كبرى. ويُنظر إليه على وجه التفصيل باعتبار كل جزء منه حقاً راجعاً لمكتسبه ومعالجه من أفراد أو طوائف أو جماعات معيّنة أو غير معيّنة، أو حقّاً لمن ينتقل إليه من مكتسبه. وهو بهذا النظر ينقسم إلى مال خاص بآحاد وجماعات معيّنة، وإلى مال مرصود لإقامة مصالح طوائف من الأمة غير معيّنين.
فالأول من هذا النظر هو الأموال الخاصة المضافة إلى أصحابها. والثاني هو المسمّى في اصطلاح الشريعة بمال المسلمين أو مال بيت المال بمختلف موارده ومصارفه” .
وأيا كان المال عاما للدولة أو خاصا بالأفراد، فإن تحصيله يكون بأحد طريقين، سواء عن طريق التملك أو عن طريق التكسب.
“فالتملّك هو أصل الإثراء البشري. وهو اقتناء الأشياء التي يستحصل منها ما تسدّ به الحاجة بغلاته أو بأعواضه أي أثمانه. والأصل الأصيل في التملك الاختصاص. فقد كان من أصول الحضارة البشرية أن يدأب المرء إلى تحصيل ما يحتاج إليه لتقويم أَوْدِ حياته وسلامته… واعتبر تفرع أحوال التملك عن هذا الاختصاص ومراعاة جهود المرء في تملّكه فكانت أسباب التملك في الشرع هي:
– الاختصاص بشيء لا حقَّ لأحد فيه كإحياء الموات.
– والعمل في الشيء مع مالكه كالمغارسة.
– والتبادل بالعوض كالبيع، والانتقال من المالك إلى غيره كالتبرعات والميراث…
وأما التكسب فهو معالجة إيجاد ما يسد الحاجة إما بعمل البدن أو بالمراضاة مع الغير. وأصول التكسُّب ثلاثة: الأرض، والعمل، ورأس المال” .
فالطرق المشروعة لتحصيل المال سواء للدولة أو للأفراد يدور حول هذين السببين الكبيرين اللذان يتحددان في التملك أو التكسب، وقد بين العلامة الطاهر بن عاشور المقصد الشرعي في الأموال عموما بكلام مليح نورده مختصرا.
قال العلامة الطاهر بن عاشور “والمقصد الشرعي في الأموال كلها خمسة أمور: رواجها، ووضوحها، وحفظها، وثباتها، والعدل فيها. فالرواج دوران المال بين أيدي أكثر من يمكن من الناس بوجه حق… ‌وأما وضوح الأموال فذلك إبعادُها عن الضرر والتعرض للخصومات بقدر الإمكان. ولذلك شرع الإشهاد والرهن في التداين…وأما ‌حفظُ ‌الأموال فأصله قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ . وقول النبي – صلى الله عليه وسلم – في خطبة حجة الوداع: “إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا”، وقوله: “لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس”. وقوله: “من قتل دون ماله فهو شهيد”. وهو تنويه بشأن حفظ المال وحافظه، وعظم إثم المعتدي عليه. وإذا كان ذلك حكم حفظ مال الأفراد فحفظُ مال الأمة أجلُّ وأعظم… وأما إثبات الأموال فأردت به تقرّرها لأصحابها بوجه لا خطر فيه ولا منازعة. فمقصد الشريعة في ثبات التملك والاكتساب أمور:
الأول: أن يختص المالك الواحد أو المتعدد بما تملكه بوجه صحيح، بحيث لا يكون في اختصاصه به وأحقيته تردّد ولا خطر.
الثاني: أن يكون صاحبُ المال حرَّ التصرف فيما تملّكه أو اكتسبه تصرفاً لا يضر بغيره ضراً معتبراً، ولا اعتداءَ فيه على الشريعة. ولذلك حجّر على السفيه التصرف في أمواله. ولم يجز للمالك أن يفتح في ملكه ما فيه ضرر بمالك آخر مجاور له. ومُنِعت المعاملة بالربا لما فيه من الأضرار العامّة والخاصة.
الثالث: أن لا يُنتزعَ منه بدون رضاه. وفي الحديث: “ليس لعِرقٍ ظالمٍ حقّ”. فإذا تعلق حقّ الغير بالمالك وامتنع من أدائه أُلزم بأدائه. ومن هنا جاء بيع الحاكم، والقضاء بالاستحقاق” .
وبناء عليه فإن حفظ المال عموما  وأموال الزوجين خصوصا لا يخرج عن هذه الأصول المقررة والأحكام المعتبرة، التي تحيطه بالعناية من جانب الوجود ومن جانب العدم؛ فأما حفظها من جانب الوجود فبالإذن بتملكها واكتسابها إنشاء واستثمارا، وأما حفظها من جانب العدم فبمنع الاعتداء عليها والانتقاص منها بأي وجه من الأوجه التي تخالف أحكام الشريعة لا سيما تلك القائمة منها على الغصب أو الظلم أو الغرر أو غيرها من أوجه الاعتداء التي قد تمس بالمال وتعود عليه وعلى مكتسبه بالكسل والانصراف عن الكسب.
وبناء عليه فإن مال الزوجة حفظ في الشريعة الإسلامية من جانب الوجود بالسماح لها بالتملك والكسب والاستقلال بذمتها المالية عن الزوج، وذلك بالسماح لها بالتجارة والصناعة وغيرها وبفرض الصداق لها والنفقة عليها والمتعة والإرث من زوجها والترغيب في إكرامها والإهداء إليها، وحفظ من جانب العدم بمنع الاعتداء على مالها من أي شخص عموما، ومن الزوج خصوصا بمنعه من أخذ مالها بدون إذن منها ولا رضاها؛ وإلى جانب ذلك حفظ مال الزوج أيضا من جانب الوجود بما حفظ به مال الزوجة دون أن يكون له منها أي تملك ولا كسب باستثناء الإرث منها، وحفظ من جانب العدم بمنع أخذ ماله بدون إذن منه ولا رضا.
وقد قررت هذه الأحكام لأموال الزوجين للمقاصد التي قررها العلامة الطاهر بن عاشور بتحقيق رواجها، ووضوحها، وحفظها، وثباتها، والعدل فيها، ذلك أن السماح بالاعتداء عليها خلافا لأحكام الشريعة يعود على هذه المقاصد بالإلغاء ومن ثم يدخل على الزوجين الضرر والغرر ويؤدي إلى المفاسد العظيمة التي تلحق مؤسسة الأسرة وذلك للضرر الذي يلحق مؤسسيها الزوج والزوجة من هذا الجانب.
“ومجمل القول أن المقاصد هي المحافظة على مقاصد الشارع الحكيم، ولو خالف ذلك مقاصد الناس، لأن مقاصد البعض هي زينة النفوس بالشهوات والأهواء والعادات والتقاليد” . ومن ثم ولو حققت مصالح فإنها تكون مصالح ملغاة لا مصالح معتبرة، لأن المقاصد التي قامت عليها هي الأخرى مقاصد ملغاة؛ الأمر الذي يلزم منه أن المقاصد المعتبرة في تدبير أموال الزوجين هي تلك التي تقوم على حفظها من جانب الوجود ومن جانب العدم وفقا لما قررته أحكام الشريعة الغراء.
الفقرة الثانية: حفظ مال الزوجين والطبيعة الخاصة للزواج.
“يندرج العمل الإنساني المتفاعل داخل التجمع البشري ضمن العلاقات الإنسانية الرامية إلى حفظ الجنس البشري، تزاوجا وتناسلا، وكذا تحريك التداول القيمي المادي بقصد قضاء الحاجات الاجتماعية التي تضمن استمرار الحياة الإنسانية وتقويمها، لذلك فقد شرع التزاوج بأركانه وحبب إليه بشروطه الشرعية بما تعتريه الأحكام المختلفة، كما شرعت البيوع بكل أشكالها وانتقالات الأموال واستثمارها، وتداول المنافع المالية المتقومة بمقابل أو بغير مقابل، وكذا العقود بشتى صنوفها لأجل استقرار الحياة المالية بين الناس” ؛ فأساس الوجود البشري قائم على هذين الأمرين، ضرورة التكاثر الذي يتحقق بعقود الزواج، وضرورة التداول للقيم المالية وحفظها الذي يتحقق بالعقود المالية المختلفة،  وهو ما قرره الإمام الشاطبي بقوله “والمعاملات ‌ما ‌كان ‌راجعا إلى مصلحة الإنسان مع غيره، كانتقال الأملاك بعوض أو بغير عوض، بالعقد على الرقاب أو المنافع أو الأبضاع” ، فمصلحة الناس في الزواج الذي به وجودهم وحفظ نسلهم، وفي المعاملات المالية التي بها وجود أقواتهم ومختلف مقومات حياتهم.
غير أن اعتبار محورية كل من الزواج والمعاملات المالية في حياة الناس لا يعني أن لهما أحكاما واحدة تجمع بينهما، بل بالعكس من ذلك، فبقدر ما لهما من أهمية بقدر ما بين أحكامهما من تباين، وذلك لتحقيق مصالحهما الشرعية المعتبرة؛ فأما الزواج فالغرض منه حفظ النسل الذي به استمرار الجنس البشري وتحقيق الاستخلاف على وجه الأرض فكان الأصل فيه أن يكون مبنيا على المكارمة بين عاقديه؛ بينما المعاملات المالية التي الغرض منها حفظ المال وتحقيق الربح فكان الأصل فيها أن تكون مبنية على المشاحة والمكايسة؛ وقد أكد هذا الأمر أغلب الفقهاء الذين نذكر منهم ابن العربي المعافري المالكي الذي يقول “النِّكَاح مَبْنِيّ ‌على ‌المكارمة وَالْبيع مَبْنِيّ على المشاحة والمكايسة” ؛ ولأجل هذا منع زواج الشغار لما فيها من المبادلة بين الزوجين، والجمع بين الزواج ومختلف العقود المالية الأخرى لما في ذلك من الضرر والغرر والتنافي في الطبيعة بين العقدين المبرمين في تصرف واحد.
ولأجل ذلك قرروا “أن النكاح يفسد بسبب اجتماعه مع البيع في عقد؛ لأنه لا يدري ما يخص البضع أو لتنافر الأحكام لأن البيع مبني على المشاحة والنكاح مبني ‌على ‌المكارمة، ويمتنع ذلك ولو سعى لكل واحد من البيع والنكاح ما يخصه إذ قد يغتفر لأجل المصاحبة وكذا يفسد النكاح باجتماعه مع القرض أو القراض أو الشركة أو الجعالة أو الصرف أو المساقاة، وكما يفسد النكاح باجتماعه مع واحد من هذه الأمور الستة يفسد كل واحد منها جمع مع غيره منها، ولبعضهم:
عقود منعناها مع البيع ستة … ويجمعها في اللفظ جص مشنق
فجعل وصرف والمساقاة شركة … نكاح قراض منع هذا محقق
وذيلها بعضهم فقال:
كذا القرض أو أن يجمع اثنان يأخي … من الست إذ أحكامها تتفرق” .
وقد قالوا إن العلة في المنع، “تنافر العقدين وتضادهما… وكل عقدين متضادين وضعا لا يجوز أن يجتمعا شرعا، فعلى هذا يفسخ من غير اعتبار بالتسمية أن يكون سما لكل عقد منهما عوضا أم لا” .
وإنما أوردنا الكلام هنا على اختلاف الطبيعة الشرعية للزواج والبيع وغيره من التصرفات كالقرض أو القراض أو الشركة أو الجعالة أو الصرف أو المساقاة، للتأكيد على أنها رغم كونها تصرفات صحيحة في أصلها لكنها حينما اجتمعت مع عقد الزواج أثرت فيه وأثر فيها لتنافي العقدين وتضادهما وعدم إمكان حماية مصلحة العاقدين على أساس من العدل والحفظ في كل من الزواج من جهة والبيع أو القرض أو القراض أو الشركة أو الجعالة أو الصرف أو المساقاة من جهة أخرى؛ وكل ذلك لمصلحة حفظ المال من جانب الوجود بوضوح أسباب تحصيله في المعاملات التي تقع على الرقاب أو المنافع أو الأبضاع ومن جانب العدم بمنع الغرر في ذلك في جميع هذه العقود.
وبناء عليه إذا كان المنع واردا على الجمع بين الزواج والبيع أو القرض أو القراض أو الشركة أو الجعالة أو الصرف أو المساقاة، وهي تصرفات أرادها العاقدان بإرادتهما الحرة السليمة، فإن المنع من باب أولى وأحرى ينصرف إلى كل ما من شأنه أن ينال من مال أحد الزوجين بحمله دون رضاه على تفويته إلى الطرف الآخر سواء قبل العقد أو أثناءه أو بعده لما في ذلك من أكل لأموال الناس بالباطل واعتداء عليها بدون رضى أصحابها، ومناقضة الأصول التي تحفظ بها وتصان وبضدها تهدر وتستباح. وبعبارة أخرى فالطبيعة الشرعية لعقد الزواج المبني على مكارمة الزوج لزوجته ومكارمة الزوجة لزوجها تتنافى والمشاحة الحاصلة في بقية المعاملات المالية، ذلك أن هذه الأخيرة ستؤدي إلى الإضرار بالأولى وبالتالي الإضرار بمقاصد الزواج؛ وبالعكس أيضا قد يغلب الحياء والمكارمة فيضر بالمال عند العقد، وهما معا مفسدتان يتعين دفعهما؛ فإذا كان الأمر كذلك في عقود ومعاملات للأزواج الإرادة في إتيانها وعلى الرغم من ذلك منعت فإن منعها يكون أكد وأولى إذا اتجه الأمر إلى سلب الزوج أو الزوجة ماله وغصبه إياه ومنحه للطرف الآخر؛ فإنه في هذه الحالة لا محالة ستتأثر مقاصد الزواج التي ينبغي حفظها، وسيتأثر كذلك المال الذي ينبغي حفظه للاعتبارات المشار إليها أعلاه.
لأجل كان الجمع بين عقد الزواج وعقد شركة الزوجة لزوجها على اقتسام ما يتحصل من أموال غير موجودة، أمرا ممنوعا لمناقضته لعقد الزواج من جهة أولى، وإضراره بمصلحة حفظ المال من جهة ثانية، وإبرام عقد الشركة على أمر غير متحقق الوجود؛ الأمر الذي يلزم منه التفصيل في أحكام اقتسام الأموال المكتسبة بعد انتهاء العلاقة الزوجية بما يسمح بتكوين رؤية واضحة وتقديم مقترحات عادلة تقرر البقاء على مقتضى المادة 49 من مدونة الأسرة أو التحول عنه إلى غيره.
المطلب الثاني: تعديل المادة 49 من مدونة الأسرة بين الانضباط والتسيب.
لقد قررنا في المطلب السابق جملة من الأصول التي ينبغي اعتبارها واستحضارها عند الخوض في تعديل المادة 49 من مدونة الأسرة، والتي تتحدد أساسا في ضرورة التوقف عند الأحكام الشرعية والامتثال لها استنادا إلى الطبيعة الشرعية لمؤسسة الزواج التي تجعل منه مؤسسة خاصة تستقل بمجموعة من الخصوصيات التي تأبى الجمع بينه وبين أي عقد آخر من عقود المعاملات المالية؛ الأمر الذي يلزم منه أولا وقبل أي تعديل لهذه المادة استجلاء رأي الفقه والنظر في المقاصد والمآلات.
الفقرة الأولى: المادة 49 في ضوء الفقه ومقاصد الشريعة.
لقد تقرر لدينا في المنطلق الرابع من منطلقات الدراسة أن اعتبار مؤسسة الزواج والأسرة مؤسسات شرعية دستورية يلزم منه وجوبا أن تكون الأحكام المنظمة لها مستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية موافقة لمقاصدها، انسجاما مع قول جلالة الملك “وبصفتي أمير المؤمنين، وكما قلت في خطاب تقديم المدونة أمام البرلمان، لا يمكنني أن أحل حراما أو أحرم حلالا”؛ وتأكيده على أن التعديل يجب أن يتم “في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية”، الأمر الذي يلزم منه ضرورة التوقف والبحث في الحكم الشرعي لاقتسام الأموال المكتسبة بعد انتهاء العلاقة الزوجية.
إن مسألة اقتسام الأموال المكتسبة بعد انتهاء العلاقة الزوجية ليست بالمسألة الجديدة المستحدثة اليوم، وإنما هي من المسائل القديمة التي برز الحديث عنها مع فتوى العالم أبو العباس أحمد بن الحسن بن يوسف بن عمر بن يحيى المعروف والمشتهر بابن عَرضون، الزَّجَلي، المُوسوي، الصَّالحي، المغربي، المالكي، وهو من علماء القرن العاشر الهجري، وقد تناولها بالبحث والدراسة العديد من الباحثين والمتخصصين، لا سيما عقب صدور مشروع خطة العمل لإدماج المرأة في التنمية ودعوته إلى ضرورة قسمة المال المكتسب خلال فترة الزوجية وتمكين المرأة المطلقة من نصفه. الأمر الذي يؤكد أنها ليست قضية حديثة من النوازل التي تحتاج إلى رأي فقهي جديد، وإنما الحكم الشرعي فيها والخلاف الفقهي بشأنها محرر مسطر عند العديد من علماء المغرب المعاصرين؛ وممن أجاد البحث في هذه المسألة وأفاد وفصل وعلل وجمع بشأنها كل شاردة وواردة العلامة الدكتور سيدي محمد التاويل رحمة الله عليه في كتابه إشكالية الأموال المكتسبة مدة الزوجية ؛ لأجل ذلك سأورد جملة ما تناوله في هذا الكتاب مختصرا، وإلا فإن من أراد التفصيل الكامل فبإمكانه الرجوع إلى الكلام في مضانه.
إن من إنصاف العلامة محمد التاويل وتأصيله المنضبط للمسألة وفق أصول الشريعة المعتبرة وقواعدها المحررة، جعله يميز في بحثه بين أربعة أصناف من الزوجات؛ فأما الصنف الأول فهو الزوجة العاطلة عن العمل، وأما الصنف الثاني فالزوجة التي تعمل في غير مال زوجها مستقلة بعملها لا تشاركه ولا يشاركها، والصنف الثالث فالزوجة العاملة مع زوجها في مال غيرهما؛ أما الصنف الرابع فالزوجة التي تعمل في مال زوجها وحدها أو معه.
أولا: الزوجة العاطلة عن العمل.
هذه الزوجة لا تشارك في إنتاج المال بوجه من الوجوه، ولا تساهم في كسبه من قريب أو بعيد، فلا يمكن اعتبارها شريكة للزوج في الأموال المستفادة بعد الزواج، وليس من العدل إشراكها فيها بقليل أو كثير انطلاقا من الأدلة الصحيحة والحجج القاطعة، من الكتاب والسنة، وإجماع الأمه، جيلا بعد جيل من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا .
وقد قرر العلامة التاويل إلى أنه بالإضافة إلى الأدلة النقلية التي تثبت عدم اشتراكها في مال الزوج، “انعدام الشركة بينهما لأن الشركة في الفقه الإسلامي لا بد لها من أركان وشروط، إذا اختلت كلها أو بعضها لا تصح الشركة، ولا يترتب عليها أثرها إذا وجدت. وأهم أركان الشركة الإيجاب والقبول، وهما غير موجودين، ولا يمكن لأحد ادعاء وجودهما، لأن الواقع يكذبه، لأنهما لم يعقدا أي شركة بينهما عند النكاح، ولم يتراضيا إلا على الزواج، والزواج فقط. ولم يتفقا على شركة، لا في مال، ولا في عمل، وعقد الزواج لا يتضمن الشركة وينافيها، ولهذا يقول الفقهاء: لا يجوز الجمع بينهما في عقد واحد لتباين أحكامهما، لأن النكاح مبني على المكارمة والتأبيد، والشركة مبنية على المكايسة فلا يجتمعان. والشركة لا بد فيها من مساهمة كل الشركاء بحض من المال في شركة المال أو بالعمل المنتج في شركة العمل. وهذه لم تشارك بمال ولا بعمل في المال المكتسب” .
ثانيا: الزوجة التي تعمل في غير مال زوجها، مستقلة بعملها لا تشاركه ولا يشاركها فيه.
بالنسبة لهذه الزوجة فحكمها واضح جدا، فهي تنفرد بعملها، وتتقاضى أجرا خاصا بها مقابل عملها في القطاع العام أو الخاص، أو لها مهنتها الحرة فقد اتفق الفقهاء على اختصاصها بكسبها، وأنه لا حق لزوجها فيه بدعوى أنها زوجة، أو أن ذلك يشغلها عن القيام بواجباتها الزوجية .
ثالثا: الزوجة العاملة مع زوجها في مال غيرهما.
هذه الزوجة المشاركة لزوجها في العمل في مال الغير مقابل أجر واحد بينهما، أو الحصة واحدة لهما، مثل عملها في المساقاة بجزء من الغلة، أو المزارعة، أو مغارسة بجزء من الغرس، أو بحصة من الزرع، أو تجارة في مال الغير بنسبة من الربح، أو في نقل البضائع بسعر محدد ونحو ذلك، ومذهب المالكية أنها شريكة للزوج في النصيب أو الأجر المعين لهما لاشتراكهما في العمل والعقد .
رابعا: الزوجة التي تعمل في مال زوجها وحدها أو معه.
لقد قرر العلامة التاويل الرأي الفقهي المشهور في مذهب مالك من عدم إلزام الزوجة بالعمل والخدمة في مال زوجها ولو كانت عادة أهل البلد جارية على ذلك، ولو اشترطها الزوج عند العقد، وذلك لأنها في هذه الحالة تنزل منزلة الإجارة وهي منافية لعقد الزواج على النحو الذي بيناه سابقا، وإذا ما أراد الزوج إلزامها بالخدمة فعلى القضاء إنصافها. لكن إذا عملت الزوجة في مال زوجها وكان العمل صناعيا فهي شريكة له في المتاع المصنوع بقيمة عملها إلا أن تعمل تطوعا، وهناك من يرى أنها ليس لها إلا أجرة المثل؛ أما إذا كان العمل غير صناعي فهو موضوع خلاف لكن الصحيح فيه الذي تدل عليه الأدلة أن الزوجة لا تشارك الزوج في نماء ماله وغلة أصوله، إلا أن هناك من يرى أن لا أجرة لها، وهناك من يرى أن لها أجرة المثل، والرأي الثالث يرى أنها تشاركه فيما نتج عن عملها من نماء، ومن بين هؤلاء ابن عرضون الذي يتمسك بفتواه من يدعو إلى تعديل المادة 49 ويدعو إلى اقتسام الأموال المكتسبة مدة الزوجية.
ونص الفتوى ذكرها العلمي فقال “سئل أبو عبد الله سيدي محمد بن الحسن بن عرضون عمن تخدم من نساء البوادي خدمة الرجال من الحصاد والدراس وغير ذلك، فهل لهن حق في الزرع بعد وفاة الزوج لأجل خدمتهن أو ليس إلا الميراث؟ فأجاب: الذي أجاب به الشيخ القوري مفتي الحضرة الفاسية شيخ الإمام ابن غازي قال: “إن الزرع يقسم على رؤوس من نتج عن خدمتهم. زاد عليه مفتي البلاد الغمارية جدنا سيدي أبو القاسم خجو على قدر خدمتهم وبحسبها من اتفاقهم أو تفاوتهم، وزدت أنا – لله عبد- بعد مراعاة الأرض والبقر والآلة، فإن كانوا متساوين فيها أيضا فلا كلام وإن كانت لواحد حسب له ذلك والله تعالى أعلم” .
وقد نظم صاحب العمل الفاسي هذه الفتوى بقوله:
وخدمة النساء في البوادي *** للزرع بالدراس والحصاد
قال ابن عرضون لهن قسمة *** على التساوي بحساب الخدمة
لكن أهل فاس فيها خالفوا *** قالوا لهم في ذاك عرف يعرف
وقد أفاض العلامة التاويل في الرد على هذه الفتوى من عدة أوجه ربت على العشرة، نوردها بعضا منها مختصرة، ومن أراد تفصيلها فليرجع إليها في مضانها فهي عنده هنالك محررة.
فأما الوجه الأول فاستبعد نسبة الفتوى للقوري، إذ “من المستبعد أن يفتي القوري وهو مفتي فاس وشيخها بقسمة الزرع على الرؤوس ثم يجمع فقهاء فاس على خلافه، ولا ينسبون القول بقسمته على الرؤوس إلا لابن عرضون، ومن وافقه من شيوخ الجبل، متجاهلين فتوى القوري دون أن يذكرها أحد منهم أو يشير إليها. كما يبعد أن يخالف القوري عرف بلده ويفتي بخلافه، وهو العرف الذي أشار له في العمل الفاسي بقوله:
لكن أهل فاس فيها خالفوا *** قالوا لهم في ذاك عرف يعرف
والعرف المشار إليه هو أن المرأة لا تتشاح مع زوجها في خدمة الزرع، ولا تطالبه بشيء مقابل عملها له” .
وأما الوجه الثاني فيتحدد في أن من تمسك بالفتوى قاسها على عمل الخماس، وذلك بقولهم كما ثبتت الشركة للخماس بمجرد عمله فكذلك تثبت لغيره بمباشرة الزرع؛ وهو قياس فاسد لا يصح الاستدلال به لوجوه: أولها سبق الاتفاق مع الخماس وهو لا يثبت للزوجة، وثانيها أن الخماس أجنبي فلا يحمل عمله على التطوع كالزوجة، وثالثها أن الخماس مختلف في حكمه والراجح أنه يعطى أجرة المثل، ورابعها أنه قياس في محل النص لمخالفته لحديث الخراج بالضمان.
ومن جهة أخرى فقد تمسك بالفتوى من قال بأن مسألة الزوجة العاملة في مال زوجها ليس فيها صريح عقد حتى يقال إنها فاسدة، إنما هي شركة حكمية بمقتضى العادة، كما هو الشأن في الإبن مع أبيه. وجواب لا يصح لأن الفساد كما يعتري العقود الصريحة، يعتري العقود الحكمية، أو غير اللفظية من باب لا فارق.
أما من قال بأن مردها إلى العرف فأجيب بأن العرف المعتبر في تأسيس الأحكام وبنائها عند القائلين بحجيته هو العرف في الأمور المسكوت عنها شرعا. كما أن العرف في هذه الحالة يؤدي إلى نسخ الشريعة، والحال أن الشريعة حاكمة عليه وهو الذي يجب أن يتبعها ويلتزم بأحكامها، لا أن تتبعه هي كما يحلو لبعض دعاة التجدد والتجديد.
كما أن هنالك من تمسك بهذه الفتوى بشبهة تحقيق العدل للزوجة، “فالعدل في الإسلام حق للزوج وللزوجة، وليس حقا لأحدهما دون الآخر أو على حسابه. كما أنه ليس من حق أي واحد أن يفسر العدل بما يشاء ويطبقه كما يريد، أو يقيس المساواة بالمقاييس البشرية حتى لا نقع فيما وقع فيه الفكر الشيوعي والاشتراكي، ولكن الذي أمر بالعدل وشرعه، وحرم الظلم على نفسه، وجعله محرما بين عباده هو الذي له الحق وحده في تفسير العدل الواجب في هذه النازلة وغيرها من النوازل، وهو الذي جعل النماء تابعا لأصله، وقضى بالغلة لمالك الأصل وحده، كائنا من كان، زوجا أو زوجة أو غيرهما، وهو الذي قال على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم “الخراج بالضمان”” .
وقد ناقش العلامة محمد التاويل هذه الفتوى وانتهى إلى مخالفتها لنصوص الشريعة والقواعد العامة والعرف وفتاوى ابن عرضون نفسه، فضلا على مخالفة علماء المغرب لها وعدم إفتائهم بمقتضاها. وسنورد هنا مناقشة العلامة على طولها لأهميتها في تحقيق المسألة .
قال رحمه الله “مخالفة الفتوى لنصوص الشريعة وتتمثل في:
1- مخالفتها لحديث “الخراج بالضمان” ، ومعناه الغلة لمن عليه الضمان، وهو عام في جميع الأموال والأحوال، والمال الذي تعمل فيه الزوجة ملك للزوج وحده وضمانه منه وحده، إذا تلف أو ضاع فتكون غلته ونماؤه له وحده لأنه الضامن له.
2- مخالفتها لحديث النهي عن ربح ما لم يضمن، وهو مثل الذي قبله، فإن الزوجة لا ضمان عليها في مال الزوج الذي تعمل فيه فلا يكون لها ربحه وغلته.
3- مخالفتها للحديث المتفق عليه عليه “والمرأة راعية في بيت زوجها”  وفي رواية “في مال زوجها” فجعلها راعية مؤتمنة والراعي غير شريك فيما يرعاه، والحديث عام في كل امرأة، وكل مال، وكل حالة، حتى يقوم الدليل على تخصيصه، وهو غير موجود.
4- مخالفتها لحديث البخاري في الأدب المفرد “بين يدي الساعة سلام الخاصة، وفشو التجارة، حتى تساعد المرأة زوجها في التجارة” . وهو نص في كونها مجرد مساعدة، ومعينة لزوجها، وليست شريكة له في تجارته رغم مشاركتها له في التجارة، وعملها معه فيها، وغير التجارة مقيس عليها وملحق بها.
5- مخالفتها لما ثبت بالتواتر المعنوي من طلاق بعض الأزواج لزوجاتهم، ووفاة بعض آخر منهم عن نسائهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعلم أنه أعطى للمطلقة شيئا من مال زوجها الذي طلقها مقابل عملها فيه. ولا أعطى للمتوفى عنها أكثر من ميراثها المقدر لها شرعا مقابل عملها، مع ما علم بالضرورة من أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يخرجون للجهاد، ويمكثون الشهر والشهرين، وأقل وأكثر من ذلك، وربما خرجوا أكثر من مرة في السنة الواحدة، والمدينة بلد فلاحي. فكانت النساء هن اللواتي يقمن بشؤون البت المالية بما فيها الفلاحية مدة غياب الأزواج، ولا يعلم أنهن شاركن أزواجهن فيما نتج عن أعمالهن.. وهذه أسماء بنت يزيد تسأل الرسول صلى الله عليه وسلم وتقول: إذا خرج الرجال للجهاد حفظنا لهم أموالهم وربينا أولادهم، أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟ فسألته عن المشاركة في ثواب الجهاد ولم تسأله عن المشاركة في أموال الأزواج.
6- مخالفتها لما ثبت بالتواتر المعنوي أيضا من أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا ينسبون أموالهم وأملاكهم إلى أنفسهم وحدهم، وينسبها الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم، وكانوا يتصرفون فيها بمفردهم تصرف المالك في ملكه من غير استشارة زوجاتهم، يبيعون ويتصدقون، ويوصون بمحضر الرسول صلى الله عليه وسلم وعلمه وتقريره من غير استفسارهم هل نتجت تلك الأموال عن عمل الزوجات أم لا؟ وترك الاستفصال ينزل منزلة العموم كما يقول الأصوليون.
أما مخالفتها للقواعد العامة فتتجلى فيما يلي:
1- مخالفتها للقاعدة الفقهية المشهورة “الغنم بالغرم” ولقاعدة “من ملك شيئا ملك غلته” أو ما يعبر عنه بعض الفقهاء بقاعدة التولد، وهي قاعدة مستمدة من حديث الخراج بالضمان، وهي من القواعد المتفق عليها، وكلها تقتضي اختصاص الزوج بنماء ماله وغلته لأنه ملكه وضمانه منه، فيكون نماؤه له وحده.
2- مخالفتها للقاعدة الفقهية المشهورة “أن كل من عمل لغيره عملا من شأنه أن يعمله صاحبه بنفسه أو عبيده” فإن العامل لا يستحق شيئا على عمله، والأعمال التي تقوم بها الزوجة في مال زوجها من حصاد ودرس ونحو ذلك كلها من شأن أعمال الرجل، ولا يأنف من تعاطيها، والزوجة لم تقم عنه بواجب عليه حتى تستحق أجر. وهي قاعدة لا خلاف فيها كما قال المازري.
3- مخالفتها للقاعدة الأصولية أن الفاسد لا يترتب عليه أثر، وأنه يلزم من انتفاء ركن من أركان العقد انتفاء العقد. والزوجة العاملة في مال زوجها ليس بينها وبينه شركة معقودة، وحتى ولو وقعت لكانت فاسدة، لأنه لا يمكن تكييفها بشركة المفاوضة أو العنان، ولا يصح إدخالها فيهما حتى ولو صرحا بذلك، لأن من أركانها مساهمة كل شريك، بحصة من ماله في رأس مال الشركة، والزوجة لم تساهم بشيء من المال، ولأن الشركة تقتضي الاتجار في عين المال وترويجه للحصول على الربح، ومال الزوج لا يتجر فيه ولا يفوت، وإنما يستغل وهو قائم بعينه.
كما أنه لا يمكن اعتبار ذلك مزارعة أو مساقاة، لانتفاء شروطها المقررة فيهما. وعملها في رعي الماشية لا يصح اعتباره شركة في النتاج أيضا، لما هو معلوم من منع إعطاء الحيوان لمن يقوم عليه بجزء من نتاجه، أو غلته للغرر والجهل.
وأما مخالفتها للعرف فإن العرف الجاري بين الناس والمتعارف عليه بين الزوجين، أن الزوجة تساعد زوجها في ماله على وجه الصلة والتودد ولا تطالبه بأجر ولا نصيب، وهو عرف قديم منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، علمه وأقره ولم ينكره، كما في حديث أسما بنت يزيد، وكما جاء في حديث البخاري عن أسماء بنت أبي بكر الصديق أيضا أنها قالت: “تزوجني الزبير ‌وما ‌له ‌في ‌الأرض ‌من ‌مال ولا مملوك ولا شيء، غير ناضح وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء، وأخرز غربه وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز، وكان يخبز جارات لي من الأنصار، وكن نسوة صدق، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي، وهي مني على ثلثي فرسخ، فجئت يوما والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار، فدعاني، ثم قال: إخ إخ. ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته، وكان أغير الناس، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييت، فمضى فجئت الزبير فقلت: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب، فاستحييت منه وعرفت غيرتك، فقال: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه، قالت: حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني” .
فهذه أسماء بنت صديقه صلى الله عليه وسلم وأخت زوجته رآها بعينه تحمل النوى على رأسها. وعلم ما تعانيه من العمل داخل البيت وخارجه، ولم ينكر على زوجها، ولم تشتك هي من ذلك، بل تحملته وصبرت عليه، نظرا للعرف المتعارف بينهم، وهو عرف مستمر ما زال معمولا به، كما نبه على ذلك الرهوني والوزاني وغيرهما”.
وبناء على ما سبق يتبين ما في الأخذ بفتوى ابن عرضون من مخالفة لنصوص الشريعة وقواعدها والعرف المعتبر عند الناس، في عدم مشاركة الزوجة التي تعمل في مال زوجها فيما يحصل منه من نماء وزيادة.
الفقرة الثانية: المادة 49 من مدونة الأسرة بين الحقيقة الشرعية ومطالب التعديل.
لقد مر معنا في الفقرة الماضية مخالفة فتوى ابن عرضون ــ التي يعتمد عليها من ينادي بالقسمة التامة والمطلقة لجميع الأموال المكتسبة مدة الزوجية ــ لأحكام الشريعة ومقاصدها والأعراف المعمول بها في المغرب قديما وحديثا؛ الأمر الذي يلزم منه عدم صلاحية اعتمادها في تعديل المادة 49 التي وضعت في وقت سابق كانت فيه الفتوى متاحة والتمسك بها شديد وظروف الأسرة المغربية أحسن مما هي عليه اليوم.
هذا وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن المطالبة بتعديل المادة 49، ينصب على إقرار تمكين الزوجة من نصف ممتلكات الزوجة بعد انقضاء العلاقة الزوجية، استنادا إلى فتوى ابن عرضون وذلك باعتبارها شريكة في المال المكتسب؛ الأمر الذي يطرح ابتداء أكثر من سؤال:
1- “إذا كان هؤلاء يعتبرون الزوجة شريكة فلماذا لا يعطونها حقها في حالة الحياة قبل الطلاق؟ لتتصرف فيه بحرية كسائر أموالها انطلاقا من مبدأ حق الشريك في المقاسمة متى شاء. ولماذا يمنعونها منه حتى يموت زوجها أو يطلقها؟ أليس في هذا إغراء للزوجة بالسعي في الطلاق، وتخريب بيتها بنفسها للوصول إلى حقها؟ فهل يقول هؤلاء أيضا العرف جار باستمرار الشركة بين الزوجين وعدم المقاسمة إلا في حالة الموت والطلاق، فيخالفون أصول الشريعة وقواعدها للمحافظة على عرف آخر مخالف للشرع فلا يبقى لمبادئ الشرع وقواعده أي استقرار، وتصبح الكلمة الأولى والأخيرة للعرف ولو كان فاسدا بنسخ الشرع، ويقضي عليه.
2- إذا كانت الزوجة شريكة فلماذا لا يعطونها حق الاعتراض على تصرفات الزوج ومنعه من تفويت نصيبها بغير إذنها ورضاها؟ فإن قالوا هما متفاوضان، وتصرفات أحدهما لازمة للآخر، فلماذا لا يعطونها حق التصرف والتفويت مثله؟ ولماذا لا يعطونها حق محاسبته بما ينفقه من أموالهما المشتركة؟ والشريك لا حق له في التبرع بمال الشركة. ولماذا لا يعطونها حق الرجوع عليه بما ينوبها في المال الذي ينفقه عليها وعلى أبنائه؟ لأن نفقة الزوجة والأولاد واجبة على الزوج على الزوج في ماله الخاص به، وهو قد أنفق عليهم من المال المشترك” .
إن إقرار قسمة الأموال المكتسبة مدة الزوجية بشكل كلي ومطلق دون مراعاة التصنيفات المشار إليها أعلاه يضر بمقصد حفظ المال ويدخل الفساد على الأسرة من جهة عدم التحفز للإنتاج من قبل الأزواج والتشجيع على طلب التطليق من قبل الزوجات طمعا في اقتسام الأموال، وقد أبانت التجربة عن فساد هذا الاعتبار عند توجه القضاء المغربي إبان صدور مدونة الأسرة حيز التطبيق إلى الرفع من قيمة المتعة ما أثر سلبا على استقرار الأسرة وشجع كثيرا من النساء إلى اللجوء إلى طلب التطليق للشقاق طمعا في مبلغ متعة كبير؛ الأمر الذي انتبهت لخطورته محكمة النقض فأصدرت قرارا متميزا سنة 2010 قررت فيه أن الزوجة متى كانت هي المسؤولة عن التطليق للشقاق فإنها لا تستحق المتعة وعممت هذا التوجه على مختلف محاكم الموضوع حماية للأسرة المغربية. فكذلك الشأن في إقرار الاقتسام المطلق للأموال من شأنه أن يؤثر على استقرار الأسرة المغربية المهزوز أصلا.
ثم إنه ينبغي الانتباه من قبل اللجنة المكلفة بإعداد مقترحات التعديل إلى أن فتوى ابن عرضون نفسها التي يتمسك بها من يطالب بتعديل المادة 49 على أساسها هي فتوى محلية، وبالتالي فإن “الدعوة إلى تعميم هذه الفتوى، وإخراجها من دائرة المحلية إلى الوطنية، مخالف لمقتضى القواعد والأصول، إذ الأصل في الفتوى أنها مرتبطة دائما بظروفها وحيثياتها وملابساتها، ولا يجوز بحال إخراجها عن إطارها الحالي والزماني والمكاني وتعميم إفتاء الناس بها” ، بل وحملهم على العمل بمقتضاها بإقرار نص قانوني يلزم بها، وهذا ما قرره القرافي بقوله “إذا ‌جاءك ‌رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك لا تجره على عرف بلدك واسأله عن عرف بلده وأجره عليه وأفته به دون عرف بلدك ودون المقرر في كتبك فهذا هو الحق الواضح. والجمود على المنقولات أبدا ضلال في الدين وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين” .
“وبناء على هذا، يمكن القول بأن ما جرى به العمل في مسألة الكد والسعاية قاصر على بعض بلاد سوس وغمارة، وأما تعميم الحكم به وإعطاؤه بعدا وطنيا عاما فخطأ من القول” ، وقد أكد على هذا الأمر محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي وهو يتحدث عن ما جرى به العمل في فاس قائلا “ولينتبه لأمور، منها أن عمل فاس قاصر عليها لا يجوز أن يفتى به في غيرها من البلدان، إلا إذا كان نص على التعميم” ، ثم قال معللا هذا التنبيه “نبهنا على هذا؛ لأن بعض المفتين والقضاة يغفلون، ويعممون الحكم، وهو غلط لا يحل السكوت عنه” .
هذا وتجدر الإشارة إلى أن من أفتى بالكد والسعاية في تلك المناطق المحلية لم يفت بها مطلقا، بل قيدها بضوابط معتبرة جمعها بعضهم  فيما يلي:
الضابط الأول: لا تجب السعاية إلا لمن أسهم في تنمية الثروة؛ ومن لم يعمل ولم يكد في مراكمة الثروة لا سعاية له.
الضابط الثاني: لا حظ للساعي في السعاية إلا في عين المال الذي أسهم في إنمائه. فمن عمل في الغزل فلا سعاية له إلا في الغزل، ومن عمل في الزرع فلا سعاية له إلا في الزرع، فكونه أسهم في جزء من الثروة لا يوجب له حق السعاية في كلها، لما في ذلك من ظلم واعتداء على حقوق الآخرين. وفي هذا يقول الجشتيمي في العمل السوسي:
تمييز ما فيه نصيب سعيا *** من غيره مخافة من بغيها
إذ أخذها من غير ما قد عملت *** ظلم مبين إثمه قد حملت
الضابط الثالث: أن تكون الثروة مكتسبة خلال الحياة الزوجية، فما اكتسبه كل من الزوجين، أو آل إليهما بطريق الميراث أو غيره سواء قبل الزواج أم بعده لا يعتبر في السعاية.
الضابط الرابع: ألا تكون مدة الحياة الزوجية قصيرة كالأسبوع والأسبوعين، بل حتى الشهر والشهرين.
الضابط الخامس: ألا تأخذ من الثروة المتراكمة إلا بمقدار سعيها وكدها.
الضابط السادس: لا حظ في السعاية إلا إذا استقر العرف على ذلك، وجرى به العمل. فالفقهاء إنما أفتوا بالسعاية لأنهم وجدوا عرفا يقضي بذلك للزوجة وغيرها من السعاة.
الضابط السابع: إثبات السعي في المال المتراكم، إذ ليس كل من ادعى السعاية في المال يحكم له بذلك حتى يثبت السعي والكسب؛ والقاعدة المقررة “البينة على المدعي، واليمين على من أنكر” “.
وبناء على هذه الاعتبارات فإن المناداة بتعديل المادة 49 مطلقا ودون تمييز بين أصناف الزوجات وطبيعة عملهن ولا ضوابط استحقاقهن للسعاية، فيه ما فيه من الفساد الذي يلحق بالمال من جهة الإضرار بالزوج وغصب ماله بدون وجه حق وحمله على الكسل وعدم التحفز للعمل والإنتاج لسبق علمه بوجود من سيقاسمه هذا المال ولو بدون عمل ولا جهد منه، كما أن فيه ضررا على الأسرة بتشجيع الزوجات على طلب التطليق وإغرائهن باقتسام الأموال إن هن فارقن الأزواج، وفي ذلك ما فيه من الفساد العظيم الذي يلحق بالأسرة.
لأجل ذلك واستحضارا لكل ما سبق فإننا نرى بأن المادة 49 من مدونة الأسرة بصيغتها الحالية كافية لتدبير الأموال المكتسبة بعد الزواج؛ ذلك أن هذه المادة تنص على ما يلي “لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، غير أنه يجوز لهما في إطار تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية، الاتفاق على استثمارها وتوزيعها.
يضمن هذا الاتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج.
يقوم العدلان بإشعار الطرفين عند زواجهما بالأحكام السالفة الذكر.
إذا لم يكن هناك اتفاق فيرجع للقواعد العامة للإثبات، مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين وما قدمه من مجهودات وما تحمله من أعباء لتنمية أموال الأسرة”.
فالملاحظ أن هذه المادة تراعي الأصل الأصيل المقرر في الشريعة الإسلامية والذي يجعل الذمة المالية للزوجة مستقلة عن الزوج، وبالتالي فإنه يقرر للزوجة التي تعمل في غير مال زوجها مستقلة بعملها لا تشاركه ولا يشاركها، وكذلك الزوجة العاملة مع زوجها في مال غيرهما، وكذلك الزوجة التي تملك مالا عن طريق أي وسيلة من وسائل التبرع، الحق بالاستئثار بمالها أو المطالبة بنصيبها في عملها مع زوجها بلا ضرر ولا ضرار وفي إطار ما يحفظ استقرار الأسرة.
وبالإضافة إلى ما سبقت الإشارة إليه من مقتضى مهم، فإن هذه المادة حمت الزوجة التي يمكن لها التفكير قبل الزواج في العمل في مال زوجها وحدها أو معه، بإتاحة اتفاقها مع زوجها على تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية، وكذا إمكانية الاتفاق على استثمارها وتوزيعها، شريطة أن يضمن هذا الاتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج للعلة التي أشرنا إليها سابقا وهي تنافي عقد الزواج مع غيره من العقود الأخرى، وهذا الاتفاق بهذا الشكل المستقل سوف لن يضر بالأسرة لأن الزوج والزوجة يسعيان إليه بإرادتها وباستقلال عن عقد الزواج.
فإذا لم يتم هذا الاتفاق فإن هذه المادة قد سمحت بالرجوع إلى القواعد العامة لإثبات مشاركة الزوجة في تنمية الثروة وعملها وفق ما قررناه سابقا وبما تسمح به الإحالة في المادة 400 من مدونة الأسرة  بإمكانية الرجوع إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف، وذلك مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين وما قدمه من مجهودات وما تحمله من أعباء لتنمية أموال الأسرة.
خاتمة:
لقد تناولنا في هذه الدراسة جملة من الاعتبارات الفقهية والقانونية والواقعية التي تجعل من المادة 49 من مدونة الأسرة في صيغتها الحالية كافية ولا تحتاج إلى تعديل، لمخالفة المقترحات الموصى بها لأحكام الشريعة ومقاصدها، لما يرجح عند اعتمادها من إدخال الفساد على استقرار الأسرة واختلال الأوضاع الاقتصادية للبلاد التي لا يمكن حمايتها إلا من خلال حماية أموال الأفراد أزواجا وزوجات وغيرهم.
ولا أدل على وجاهة ما ذهبنا إليه من أن الحاجة إلى تعديل هذه المادة في هذه الظرفية لا تعدو أن تكون حاجة متوهمة غير حقيقية ولا نابعة من مطالب أفراد المجتمع الذين يسعون إلى إقرارها، لا سيما وقد علمنا أنه لا مصلحة في هذا التعديل للبلاد بل فيه المفسدة والضرر بالأسرة المغربية واقتصادها على النحو الذي بيناه في هذا البحث. زد على ذلك أن إقرار المادة 49 كان قبل 20 سنة من الآن ورغم مرور هذه المدة الطويلة فإننا لا نكاد نجد اتفاقا بين زوج وزوجة على تدبير الأموال المكتسبة مدة الزوجية، الأمر الذي يعني أن الأسرة والمرأة المغربية إلى يومنا هذا ليست في حاجة إلى هذه الأحكام ولا هي متشوفة إلى هذه التعديلات التي قد تهز كيانها بقدر ما هي متشوفة إلى تعديلات تحسن من وضعها المعيشي وترفع الخلل عن واقعها الاقتصادي والاجتماعي على حد سواء، بما يضمن لها الاستقرار ورغد العيش.
لائحة المصادر والمراجع:
أولا – المصادر.
– القرآن الكريم.
– صحيح البخاري.
– صحيح مسلم.
– سنن النسائي.
– سنن أبي داوود.
– سنن ابن ماجة.
– سنن البيهقي.
– سنن الدارقطني.
– مسند الإمام أحمد.
– مصنف ابن أبي شيبة.
– مستدرك الحاكم.
ثانيا – المراجع.
1- المراجع الفقهية والأصولية.
– أبو إسحاق الشاطبي، الموافقات، مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان، ط 1، 1417 هـ – 1997 م، ج 1.
– أبو الحسن علي بن سعيد الرجراجي، منَاهِجُ التَّحصِيلِ ونتائج لطائف التَّأْوِيل في شَرحِ المدَوَّنة وحَلِّ مُشكِلاتها، اعتنى به: أبو الفضل الدّميَاطي – أحمد بن عليّ، دار ابن حزم، ط 1، 1428 هـ – 2007 م، ج 3.
– الميلود كعواس، حق الزوجة في الكد والسعاية – دراسة في التراث الفقهي المالكي، منشورات الرابطة المحمدية للعلماء، مطبعة المعارف الجديدة، الراباط، ط 2، 1434 هـ – 2008 م.
– شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، الفروق، عالم الكتب، ج 1.
– عيسى بن علي العلمي الحسني، كتاب النوازل، تحقيق المجلس العلمي بفاس، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، 1406 هـ ـ 1986 م، ج 2.
– محمد التاويل، إشكالية الأموال المكتسبة مدة الزوجية – رؤية إسلامية، مطبعة آنفو برانت، فاس، 2006.
– محمد الطاهر بن عاشور، مقاصد الشريعة الإسلامية، تحقيق محمد الحبيب ابن الخوجة، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، 1425 هـ – 2004 م، ج 3.
– محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي، الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط 1، 1416هـ- 1995م، ج 2.
– محمد بن عبد الله بن العربي المعافري، المحصول في أصول الفقه، تحقيق حسين علي اليدري – سعيد فودة، دار البيارق – عمان، ط 1، 1420هـ – 1999، ص 142.
– محمد بن محمد سالم المجلسي الشنقيطي، لوامع الدرر في هتك أستار المختصر، دار الرضوان، نواكشوط- موريتانيا، ط 1، 1436 هـ – 2015 م، ج 6.
– محمد بن موسى بن عيسى بن علي الدَّمِيري، النجم الوهاج في شرح المنهاج، دار المنهاج، جدة، ط 1، 1425هـ – 2004م، ج 7، ص 103. – بدر الدين الزركشي، تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي، دراسة وتحقيق: د سيد عبد العزيز – د عبد الله ربيع، المدرسان بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث – توزيع المكتبة المكية، ط 1، 1418 هـ – 1998 م، ج 3.
– نور الدين بن مختار الخادمي، علم المقاصد الشرعية، مكتبة العبيكان، ط 1، 1421هـ- 2001م.
2- المقالات والمداخلات.
– أحمد ديدي، رعاية المقاصد الشرعية تحفظ النسيج الاجتماعي، مداخلة مشارك بها في الندوة الدولية التي نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء يومي 5 و6 يونيو 2012 م بالرباط تحت عنوان “مقاصد الشريعة والسياق الكوني المعاصر، سلسلة ندوات علمية، العدد 5، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، ط 1، 2013، ص 541.
– الحسان شهيد، دراسات في الفكر المقاصدي من التأصيل إلى التنزيل، منشورات الرابطة المحمدية للعلماء – سلسلة كتاب الإحياء، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 1436 هـ – 2014 م، ص 93.
– عبد الرحيم بن جلون، المقاصد الشرعية في التصرفات المالية، مداخلة مشارك بها في الندوة الدولية التي نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء يومي 5 و6 يونيو 2012 م بالرباط تحت عنوان “مقاصد الشريعة والسياق الكوني المعاصر، سلسلة ندوات علمية، العدد 5، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، ط 1، 2013، ص 609.
3- المشاريع.
– مشروع خطة العمل الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، إعداد كتابة الدولة المكلفة بالرعاية الاجتماعية والأسرة والطفولة، ص 130.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى