ملخص البحث :
هدفت الدراسة الي تقييم البيئة القانونية "المؤسسات ـ القوانين " والتي من خلالها يعمل الإعلام في السودان ، بقصد تعريف المهتمين بالإعلام والاتصالات سواءَ كانوا مواطنين مسئولين بالحكومة أو منظمات المجتمع المدني، وتأتي أهمية الدراسة في أن القوانين المنظمة للعمل الاعلامي في السودان لم تحظي بالبحث والدراسة الكافية ، وقد خلصت الدراسة الي النتائج التالية :
- أن البيئة القانونية "المؤسسات ـ القوانين " للاعلام في السودان بحاجة الي مراجعة القوانين والتشريعات.
- لم تراعي القوانين والتشريعات التوازن المناسب بين حريات الصحافة والقيم والمصالح العامة والخاصة.
- وجود تداخل في معظم النواحي الموضوعية والقانونية بين الجهات التنفيذية مثل الهيئة القومية للاتصالات ووزارة الثقافة والاعلام.
The Abstract:
The study aimed at Legal Environmental Assessment "laws institutions" through which the media operates in Sudan, with a view definition interested in media and communications, whether they are government officials, civil society organizations and citizens, and the importance of the study in the laws regulating the work of the media in Sudan did not have the research and study of adequate , the study concluded the following results:
- The legal environment "laws institutions" to the media in Sudan need to review laws and legislation.
- laws and legislation did not take into account the appropriate balance between press freedom and the values of public and private interests.
- an overlap in the most objective and legal aspects between the executive bodies such as the National Authority for Communications and the Ministry of Culture and Information.
المقدمة :
تعتبر الثقافة القانونية من الأمور والمواضيع المهمة للمواطنين بشكل عام وللعاملين في الحقل العام وخاصة الصحفيين والإعلاميين ذلك لأن الجهل بالقانون "لايعتبر عذراً لمن يرتكب أي جرم" كما ينص على ذلك القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م .
إن الثقافة القانونية مهمة للصحفي والاعلامي لأنها تعرفه على حقوقه فيستطيع ممارستها الى الحد الأقصى وعدم تجاوز حقه والتعدي على حقوق الأخرين وتساعده على توجيه أسئلة دقيقة . كما أنه في ظل ضغط العمل والحاجة الى إتخاذ قرارات سريعة من الصعوبة استشارة القانونيين في كل صغيرة وكبيرة وفي أي وقت كما تساعده على إبداء الرأي وبعد كل ذلك فإن معرفة حقوقه هى أول وسائل دفاعه إذا تم اتهامه وتحويله للقضاء .
أهمية الموضوع :
تأتي أهمية البحث في أن القوانين والتشريعات الخاصة بالإعلام في السودان لم تجد نصيبها من التحليل والدراسة الكافية بصورة منفصلة مثلما وجدت القوانين والتشريعات الخاصة بالملكية والعقوبات وفروع القانون الأخري .
أهداف البحث :
إن الهدف من هذا البحث هو دراسة وتقييم البيئة القانونية "المؤسسات ـ القوانين " والتي من خلالها يعمل الإعلام في السودان ، بقصد تعريف المهتمين بالإعلام والاتصالات سواءَ كانوا مواطنين مسئولين بالحكومة أو منظمات المجتمع المدني . حيث أسعى لشرح منظومة التشريعات والقوانين بما فيه الحقوق الأساسية والتي تؤثر بالطريقة التي يتم بها اختيار وتجميع واستلام المعلومات والأفكار حول الشئون العامة ، وذلك في محاولة لوضع الأحكام والأنظمة في سياقها سياقاً عاماً على الأقل .
مشكلة البحث :
تتلخص مشكلة البحث في أن التشريعات والقوانين غالباًما ينظرإليها بمعزل ، كما أن التشريعات والقوانين غالباً ما تحلل وتناقش بالنظر فقط الى تعبيراتها اللفظية . إلا أن لكل مجتمع مجموعة من تفاعلات القوانين والظروف المعاشة التي تجعل هذه القوانين والتشريعات تتراوح في تأثيراتها الأمر الذي دفع الدول بالتفكير في تصميم وتركيب البيئة التي يعمل من خلالها الإعلام .وهنا نحن نسعي الى بيان القوانين والتشريعات الخاصة بالسودان المتعلقة ببيئة العمل الإعلامي في السودان .
منهج البحث :
سوف يتبع الباحث إن شاء الله تعالى في تناوله لهذا الموضوع المنهج الموضوعي التحليلي وذلك من خلال تحليل التشريعات والقوانين الخاصة بالعمل الإعلامي في السودان ، على اعتبارها أنسب المناهج في مثل هذه الدراسات والبحوث.
حدود البحث :
سوف يتناول الباحث موضوع بحثه في إطار قوانين العمل الصحفي والإعلامي في السودان ، وهذا ما يمثل الإطار النظري لهذا البحث .
المبحث الأول
البيئة القانونية الداعمة للإعلام
المطلب الأول : متطلبات البيئة القانونية الداعمة للإعلام :
1- تطبيق قيم الصحافة الحرة :
ينظر العالم المصنع إلي الإعلام اليوم نظرة تطغى عليها النزعة المادية بدون اعتبار للعوامل الاجتماعية والثقافية التي ينبغي ان تكون في الواقع هي الأساس . وقد أصبح الإعلام فعلاً وقفاً على بعض الكيانات التي تسعى تحت شعار مبدأ حرية الصحافة إلى احتكار وسائل الإعلام الكبرى والهيمنة على نسبة مرتفعة من تداول المعلومات . وهي لم تعد تراعي حتى المبادئ التي يقوم عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وخاصة المادة (19) المتعلقة بحق الإعلام . وأن التطور في هذا الاتجاه ليدعونا الى التعمق في طرق هذا الموضوع المهم حتى نبحث عن إمكانية إعطاء مفهوم جديد لحرية الصحافة ولحق الإعلام وتعويض الحق المشار إليه بحق الاتصال ، فنمكن مختلف الأفراد وجميع الشعوب من الإسهام في العمل الإعلامي والتمتع بحرية التعبير في مفهومها الواسع الصحيح (1) .
إن تحقيق حرية الصحافة هو عنصر اساسي من عناصر أنظمة الحكم الديمقراطي وحسبما اعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في إحدى قراراتها : "إن حرية التعبير تشكل واحدة من الأركان الأساسية في المجتمع الديمقراطي ومن الشروط الرئيسية لتقدمها ، وتحقيق الذات لكل فرد وهذه المبادئ لها اهمية قصوى للصحافة التي من واجبها نشر المعلومات والآراء في القضايا السياسية وغيرها التي تهم المصلحة العامة وحرية الصحافة تقدم للجمهور واحدة من أهم الوسائل لاكتشاف وتشكيل الرأي العام واتجاهات القادة السياسيين"
ومع ذلك فإن حقوق وسائل الإعلام ليست مطلقة ، بمعنى أن نشاط وسائل الإعلام يتبع الكثير من القيم الفردية والمجتمعية التي تجعل منه نشاطاً مقبولاً فعلى سبيل المثال يعتبر التدخل الحكومي في العمل الصحفي مبدأ لايتفق وقيم الصحافة الحرة إلا أنه يجوز فرض عقوبات على النشاط الصحفي الذي يسئ الى سمعة وشرف وإعتبار الأفراد . وهو أمر موجود في مختلف الأنظمة القانونية رغم تقييده لمبدأ حرية التعبير وهذا يمثل واحداً من خصائص البيئة القانونية الداعمة التي تراعي تطبيق قيم الصحافة الحرة وبنفس الوقت تحترم الحق في الخصوصية بحيث تعمل على إيجاد التوازن بين المصالح المتناقضة بشكل لاينتقص من قيمة أي منها . (2)
2- تطبيق مبدأ سيادة القانون :
يعتبر مبدأ سيادة القانون متطلباً هاماً لإيجاد التوازن بين القيم والمصالح المتناقضة في أي مجتمع ونقصد هنا بمبدأ سيادة القانون : النظام القانوني الذي يجمع صفتين أساسيتين :
أولاً : ثقة الأفراد بحكم القانون .
ثانياً : إلتزام النظام بمعاملة منصفة لجميع الأطراف .
إن دولة سيادة القانون هي التي تلتزم نصاً وروحاً بالديمقراطية وبدستورها وقوانينها والتي يجب أن تتناغم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان . ومن هنا تبرز ضرورة وضع اتفاقية دولية بشأن الحق في الاتصال من شأنها أن تضمن ما يترتب عليها من واجبات والتزام باحترامها من لدن المسئولين عن وسائل الاعلام .
وقد ورد في كتاب "من أجل نظام دولي جديد" لمحمد البجاوي ، أنه يتعين على القانون الدولي أن يواجه تحدي الفوضي البنيوية للأقتصاد الدولي والتطلعات العميقة لجميع الشعوب في آن واحد .
ولاريب أن في تكليف القانون الدولي بمهمة تدعيم السياسات الإنمائية وجعل التنمية واجباً قانونياً دولياً في الدول الغنية وواجباً ذاتياً دولياً في الدول النامية عمليتين تشكلان ثورة قانونية ذات أهمية كبرى .
وبما أن جذور اختلال التوازن في المجال الإعلامي بارزة كما هو الشأن في مختلف القطاعات الاقتصادية فإن ما ينطبق على الصعيد الاقتصادي ينطبق ايضاً على المجال الإعلامي . وهذا ما يوحي ليس بضرورة وضع إطار قانوني ملائم في المستوى الوطني فحسب بل بالحاجة الملحة لإطار قانوني دولي كفيل بضمان الحق في الاتصال . وينبغي ان يتركز هذا الحق أساساً على الأوجه الأربعة التالية :
أولاً : الحرية ـ إن الأمر يتعلق بفهم هذه العبارة فهماً صحيحاً دقيقاً وذلك في حدود احترام المعاملة بالمثل ، والتوازن والحفاظ على السلم والأمن ، فهي حرية التفكير والتعبير والإعلام وحرية الانتفاع بالإعلام واستخدام حق الرد وحماية الحياة الخاصة وصون التكتم ووقاية الذاتية الثقافية وحتى حرية رفض الاتصال .ومهما يكن من أمر فلا ينبغي أن تكون الدول الكبرى أو الشركات العالمية هي التي تفرض تصورها لمفهوم الحريات الإعلامية على الصعيد الدولي على حساب المجتمعات الضعيفة.
ثانياً : المسئولية ـ المقصود بالمسئولية في هذا الاطار الاعتراف بالواجبات إزاء الغير ، على مستويات الأفراد والجماعات والأمم . والى جانب مبدأ التنوع الثقافي والسياسي فإنه ينبغي مراعاة مسئولية وسائل الإعلام بالنسبة للدول النامية وبخاصة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية . وصون الوحدة الوطنية من أجل إقامة السلام الاجتماعي والذي يمثل أحد العوامل الأساسية لهذه التنمية . كما أن هذه المسئولية تتطور وتتسع بحسب تطور واتساع رقعة انتشار وسائل الإعلام .
ثالثاً : الوسائل والإمكانيات ـ لايمكن للتغيير أن يتم إلا بضمان مبادئ التعاون والتبادل وتوافر الموارد على أساس عادل حتى يمكن ممارسة هذا الحق ، وإلا فإنه يكون لفائدة المحظوظين على حساب غيرهم وبالتالي على حساب الديمقراطية والحرية الحقة .
رابعاً : الأدوات ـ يفترض الأمر تشريعات دولية ملائمة ، وقواعد سلوك وأخلاق تحظى بكامل الأحترام على الصعيد الدولي كما يفترض وجود هيئة دولية لضمان احترام هذه القواعد .
يرى الباحث أن القانون الدولي يتعين تبنيه لإقرار هذا الحق في الاتصال على مختلف المستويات ينبغي أن ينطلق اساساً من المبادئ التالية :
- احترام حق جميع الشعوب في المشاركة في تبادل المعلومات على المستوي الدولي على أساس الإنصاف والعدل وتكافل المصالح .
- حق كل أمة من الأمم في استخدام مواردها الخاصة من المعلومات لحماية سياستها والدفاع عن قيمها السياسية والاخلاقية والثقافية ، واطلاع العالم على مصالحها وتطلعاتها .
- احترام حق التجمعات الاجتماعية المختلفة والأفراد في الانتفاع بمصادر المعلومات والإشتراك على نحو فعال في عملية الاتصال .
- الحق في احترام قيم الشعوب وحياة الأفراد خاصة . لذلك فإنه يتعين علينا الآن القيام بعمل مكثف من البحوث القانونية . والأمر يتعلق بجعل القانون الدولي ذاته يسهم في تحقيق النظام الجديد ، سواء كان ذلك في مجال الاقتصاد أو الثقافة أو الاعلام أو الاتصال . ويشكل التفكير القانوني بذلك جهداً يضاف الى الجهود الأخري في المجالات السياسية والفنية ويدعم جميع العوامل التي تساعد على تحقيق النظام الدولي الجديد. ونحن نتمنى أن يعلن في يوم قريب عن ميلاد قانون دولي للاتصال يحمل في طياته حريات جديدة لاتتنكر للحريات القديمة ، بل تتجاوزها وتتمها لتستجيب لمبدأ الديمقراطية والعدل والاستقلال الحقيقي لكل أمة وفقاً لاحتياجاتها وتطلعاتها .
وعلي ذات السياق نجد أن القانون الدولي لحقوق الإنسان قد رتب حماية إيجابية لحرية التعبير وتدفق المعلومات بإعتبارها حجر الزاوية في بناء جميع الحريات والتعبير . فهناك أولاً فئة من الدول تؤمن بمبدأ آحادية القانون . وبالتالي فهي تعد القانون الدولي ملزم (الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية) جزءاً من القانون الوطني وتعطيه إمتيازاً وسمواً على غيره من القوانين الصادرة عن جهازها التشريعي المحلي في حالة وقوع تناقض .
وهنالك فئة من الدول تنظر للقانون الدولي على أنه مصدر عرفي لقانونها المحلي (وغالبية هذه الأخيرة تسمى دول القانون العام) من حيث أن القانون الدولي يعين المقاييس المحترمة للحريات في (الأمم المتحضرة) ، وهناك فئة ثالثة تعتبر القانون الدولي مرجعاً لتفسير القانون الوطني من جانب المحاكم الوطنية (3).
ويرى الباحث أنه طالما النظام القانوني في السودان يسير على هدي نظرية آحادية القانون ، فإن النصوص ذات الصلة ، وخاصة نص المادة (19) من العهد الدولي لحقوق الإنسان يعد جزءاً لايتجزأ من التشريعات والقوانين الوطنية وله سمو في التطبيق أمام المحاكم الوطنية .
وبالتالي حتى يتحقق لنا مبدأ سيادة القانون فيجب أن تتوافر العناصر الأساسية الأربعة التالية :
- وجود نصوص قانونية واضحة ويمكن الوصول إليها : ذلك حتى تتمتع النصوص القانونية بقوة التنفيذ فيجب أن تصدر طبق الإجراءات النظامية وأن تكون واضحة المعني وفي متناول الجميع وفي حال سمح للسلطة التنفيذية بتطبيق أحكام أو نصوص غير واضحة المعني ومعروفة فقط لأعضائها فإن مثل هذه النصوص ستفتقر الى الإنصاف وإمكانية التنبؤ بنتائج تطبيقها أو مخالفتها .
- التزام السلطات العامة بحكم القانون : حيث يفترض هذا الشرط التزام السلطات العامة "الدوائر الحكومية وأصحاب القرار في الشأن التنظيمي للإعلام" بأحكام القانون سارية المفعول عند النظر في أي من المسائل المتعلقة بتنظيم قطاع الإعلام وهذا يتطلب من المسئولين واصحاب القرار عند تطبيق القانون عدم التعسف في إتخاذ القرارات أو الخروج عن حدود القانون .
- المساواة في تطبيق الإجراءات الإدارية والقضائية : ويتطلب هذا الشرط خضوع كافة الأفراد لنفس الإجراءات القضائية والإدارية دون تمييز ويأتي هذا الشرط استجابة لنص المادة (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (والمتعلقة بالمحاكمة العادلة) وكذلك بالنسبة لما جاء في المادة (31) من الدستور الإنتقالي لسنة 2005م ، وهناك أهمية خاصة لهذه المادة بالنسبة للتشريعات الإعلامية في السودان من حيث متطلبات الترخيص للمطبوعات والإعلام المرئي والمسموع والعقوبات الجزائية على وسائل الاعلام .
- نظام قضائي مستقل وفعال : يتطلب هذا الشرط وجود قضاء مستقل عن المؤسسات الإدارية للدولة بحيث يتمتع القضاة بالإستقلالية والاختصاص والقدرة على مراجعة مدي قانونية القرارات الإدارية والممارسات الحكومية ، كما يفترض هذا الشرط وجود ثقافة قانونية تحترم فيها أحكام القضاء وتنفذ خصوصاً وأن السودان من الدول التي لا تعرف قضاءً إدارياً منفصلاً عن القضاء العادي كما في بعض الدول .
المطلب الثاني : العناصر الضرورية لقيام حرية الصحافة والإعلام :
من المفهوم أنه لايمكن لحرية الصحافة أن تتنفس إلا في مجتمع ديمقراطي يتم فيه ضمان حريات أخرى وثيقة الصلة بحرية الصحافة كالتجمع السلمي والإنضمام الطوعي للمنظمات وعدم وضع حواجز أمام إنشاء الصحف وبالإستناد الى متطلبات البيئة القانونية الداعمة للإعلام الواردة أعلاه فإنه يمكن أن نعتبر المحاور التالية من أهم العناصر الضرورية لقيام حرية الصحافة والإعلام .
1- حرية إصدار الصحف والمطبوعات وحرية البث الإذاعي والتلفزيوني :
توجد علاقة مباشرة بين حرية التعبير وحرية إصدار الصحف والمطبوعات وحرية البث الإذاعي والتلفزيوني فلو تم تكبيل الصحف والمطبوعات بالعديد من الشروط مثل شرط الترخيص المسبق وشرط رأس المال المطلوب لغايات الترخيص فلا يمكن القول بوجود حرية كاملة للصحافة فمثلاً أصبحت معظم الدول والبلدان الديمقراطية تأخذ بنظام الإشعار دون الأخذ بنظام الترخيص المسبق للصحف والمطبوعات ، وإن كان الأمر يتطلب ترخيصاً للإذاعة والتلفزيون ولا يتطلب أي بلد من البلدان الأوروبية ولا الولايات المتحدة الأمريكية أو أستراليا أي شكل من أشكال الموافقة الحكومية على إصدار الصحف سواء كانت تلك الصحف دورية أم غير دورية وعلي سبيل المثال تفرض فرنسا وأسبانيا والمملكة المتحدة شروطاً للتسجيل لكنها لا تملك حق رفض هذا التسجيل (4). وتعتمد حرية إصدار الصحف وحرية البث الإذاعي والفضائي لتشمل عاملين اساسيين هما :
- حرية الطبع والنشر والتوزيع والعرض بالنسبة للصحافة المكتوبة.
- حظر أي شكل من اشكال الرقابة المسبقة على الصحف والمطبوعات ومحطات البث الإذاعي والفضائي وذلك وفقاً لحرية الراي والتعبير ولحرية الصحافة والطباعة أيضاً ومن الطبيعي أن لايمنع ذلك مقاضاة وسائل الإعلام بعد النشر أو البث .
2- حرية الوصول الى المعلومات والحصول عليها وتداولها :
أن ممارسة حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الإعلام ، المعترف بها كجزء لايتجزاء من حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ، هي عامل جوهري في دعم السلام والتفاهم الدولي ، فيجب ضمان حصول الجمهور على المعلومات عن طريق تنوع مصادر ووسائل الإعلام المهيأة له ، مما يتيح لكل فرد التأكد من صحة الوقائع وتكوين رأيه بصورة موضوعية في الأحداث . ولهذا الغرض يجب أن يتمتع الصحفيون بحرية الإعلام وأن تتوفر لديهم أكبر التسهيلات الممكنة للحصول على المعلومات . وكذلك ينبغي أن تستجيب وسائل الإعلام لاهتمامات الشعوب والأفراد ،مهيئة بذلك مشاركة الجمهور في تشكيل الإعلام .(5)
لقد اصبح حق الوصول الى المعلومات الحجر الأساسي في ضمان حرية التعبير والرأي والصحافة حيث لايمكن إعمال حق حرية التعبير بدون حق الوصول الى المعلومات ومن المعلوم أن أغلب المعلومات موجودة عند السلطة التنفيذية ومؤسساتها . ولترجمة مبدأ الشفافية والمشاركة في اتخاذ القرار يجب التسهيل على الصحفي الحصول على المعلومات لنشرها وإيجاد سوق حر لمناقشتها والحصول على أكبر قدر من الاتفاق عليها.(6)
إلا أنه وبالرغم مما ورد أعلاه ، فإن هنالك استثناءات تطبق على الحق في تداول المعلومات، وقد جاء في الفقرة الثالثة من نص المادة (19) من العهد الدولي لحقوق الإنسان المدنية والسياسية . وهي في مجموعها تحمي حقوق وسمعة الآخرين ، والأمن القومي أو النظام العام أو الصحة والأخلاق العامة : تعتبر حماية هذه الأغراض قيوداً مشروعة على حق التعبير وخاصة حرية الصحافة. (7)
يرى الباحث أن حماية الأمن القومي والسلامة العامة وغيرها من المصطلحات الفضفاضة ليست مبرراً دائماً لفرض قوانين سرية المعلومات ، حيث يجب أن يكون الأصل هو المنح والأستثناء هو المنع وليس العكس ، وذلك لما يمكن أن يقوم به الإعلام من رفع وتلقين للحس الأمني لدي جمهور المتعاملين وذلك في الحدود المسئولة التي لاتعرض حياة الناس للخطر.
المبحث الثاني
البيئة القانونية المنظمة للإعلام
المطلب الأول : الدستور :
إن الدستور هو القانون الأسمى والأعلى في أي دولة وعلى الدولة بجميع سلطاتها الخضوع لمبدأ سيادة الدستور وبالتالي فإنه يكون لزاماً على أي سلطة عامة أياً كان شأنها وأياً كان وظيفتها وطبيعة الاختصاصات المسندة إليها النزول عند قواعد الدستور ومبادئه وإلتزام حدوده وقيوده.
إن دولة القانون هي التي تلتزم نصاً وروحاً بدستورها وقوانينها التي يجب أن تتناغم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان ولضمان حريات الأفراد في مواجهة سلطات الدولة هنالك ما يعرف بحريات المعارضة مثل حرية التعبير وحرية الصحافة والتجمع السلمي والإنضمام للنقابات والمشاركة في الانتخابات (8).
يعيش السودان الآن في وضع إنتقالي بدأ منذ التوقيع على إتفاقية السلام الشامل في التاسع من يناير لسنة 2005م بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان هذا الاتفاق الذي أدي بدوره لتجميد دستور السودان الدائم لسنة 1998م والعمل بموجب الدستور الإنتقالي سنة 2005م والذي تضمن في طياته المبادئ الدستورية الواردة في الأتفاقية ، وفي حالة حصول تعارض فإن أحكام أتفاقية السلام تسود طالما ظل ذلك التعارض قائماً .
ومن المعروف أن الاتفاق الشامل يتكون من عدة اتفاقيات جزئية في المقدمة (إعلان مشاكوس ـ إتفاق قسمة السلطة ـ إتفاق قسمة الثروة ـ إتفاق الترتيبات الأمنية ـ إتفاق الوضع الخاص لمنطقة أبيي ـ إتفاق وضع جبال النوبة والنيل الأزرق) وبالرغم من وجود نصوص عامة عن الحريات والوضع الديمقراطي والمساواة ، إلا أن النصوص التي تهمنا في هذا السياق ما جاء في وثيقة الحقوق .
ومن المعروف أن الصحافة والإعلام بشكل عام هما مظهران أساسيان لحرية الرأي والتعبير بل هما عنصران ضروريان لوجود حرية الرأي والتعبيروينص الدستور الإنتقالي لسنة 2005م على حرية الراي والتعبير وحرية الصحافة والطباعة حيث تنص وثيقة الحقوق في المادة ( 27) منه على :
(1) تكون وثيقة الحقوق عهداً بين كافة أهل السودان، وبينهم وبين حكوماتهم على كل مستوى، والتزاماً من جانبهم بأن يحترموا حقوق الإنسان والحريات الأساسية المضمنة في هذا الدستور وأن يعملوا على ترقيتها؛ وتعتبر حجر الأساس للعدالة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية في السودان.
(2) تحمى الدولة هذه الوثيقة وتعززها وتضمنها وتنفذها.
(3) تعتبر كل الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان جزءً لا يتجزأ من هذه الوثيقة.
(4) تنظم التشريعات الحقوق والحريات المضمنة فى هذه الوثيقة ولا تصادرها أو تنتقص منها.(9)
المطلب الثاني : الاتفاقيات والمعاهدات الدولية :
من المعروف أن المعاهدة أو الاتفاقية الدولية أو الميثاق أو العهد الدولي جميعها عبارة عن نصوص دولية ثنائية أو متعددة الأطراف (إقليمية أو دولية) تتضمن مجموعة من الحقوق والالتزامات التي يجب على الدول أن تحترمها وتعمل على تنفيذها بعد المصادقة عليها ، وعليه فإن أي دولة توقع باختيارها على أي معاهدة دولية تكون قد إلتزمت قانونياً بموجب أحكام هذه المعاهدة الدولية .
وقد تراوح الموقف الرسمي السوداني من الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية بين التجاوب والإهمال بحسب نوع النظام الحاكم وبرامجه السياسية ، وقد شهدت فترة النصف الأخير من ثمانينيات القرن الماضي افضل الموافق من هذه المواثيق والاتفاقيات(10) . حيث تم التوقيع والمصادقة على عدد كبير منها علي سبيل المثال :
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ـ تمت المصادقة عليه عام 1986م.
- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية ـ تمت المصادقة عليه في العام 1986م.
- الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب ـ تمت المصادقة عليه عام 1986م .
- إتفاقية مناهضة التعذيب ـ تم التوقيع عليها عام 1986م ـ لم يتم المصادقة عليها حتى الآن .
- إتفاقيات جنيف الأربعة للقانون الدولي الإنساني لعام 1949م ـ تمت المصادقة عليها.
ولما كانت الصحافة تعتبر أحد أهم أشكال حرية الرأي والتعبير وهذه الحرية من أهم حقوق الإنسان التي تعتبر لصيقة بشخص الإنسان ، وقد وضعت الأمم المتحدة وبعض الوكالات المتخصصة منذ نشأتها نظاماً لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها .
وقد كفلت العديد من المعاهدات والمواثيق الدولية والإعلانات حرية الرأي والتعبير كضمانة أساسية لحرية الصحافة والإعلام ومن أهم هذه المعاهدات والمواثيق الدولية في هذا المجال :
أولاً : الإعلان العالمي لحقوق الإنسان(11) :
تنص المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل ، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية" . وبدون الخوض في التفاصيل يشكل الإعلان جزءاً من القانون الدولي العرفي ويصلح كقاعدة تفسيرية للعديد من المواثيق التي انبثقت عنه . كما أن بعض التشريعات والمعاهدات نصت على احترام بنوده .
ثانياً : العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية(12):
كفلت المادة (19) من هذا العهد حرية الرأي والتعبير ، وتعتبر هذه المادة بمثابة دستور عالمي يكفل حرية الرأي والتعبير حيث تنص على أن :
- "لكل إنسان حق في إعتناق آراء دون مضايقة" .
- "لكل إنسان حق في حرية التعبير ، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها الى أخرين دونما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني باي وسيلة أخرى يختارها .
على أن تلك المادة لاتعترف بتلك الحرية بشكل مطلق ولكنها تضع لها بعض الضوابط القانونية وهذا ما نصت عليه الفقرة الثالثة من نفس المادة.
- تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة (2) من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية :
- لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة .
- للأحترام حقوق الأخرين أو سمعتهم .
وفضلاً عن ذلك فإن المادة (20) من العهد تضع قيدين أساسيين على حرية التعبير هما منع الدعاية الى الحرب والمنع الدعوة الى الكراهية فتنص المادة على أنه : "تحظر بالقانون أي دعاية للحرب ، كما تحظر بالقانون أي دعوة الى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف" .
غير أن الأمر الجوهري في هذا المجال هو أن تلك الاستثناءات محددة ونسبية وليست مطلقة بأي حال من الأحوال ، وقد أكدت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة هذا المعني بالتأكيد على أنه "عندما تشاء الدول فرض قيود معينة على ممارسة حرية التعبير ، لاينبغي أن تؤدي هذه القيود الى شل الحق نفسه ، فالفقرة الثالثة من المادة (19) حددت شروطاً لاعمال القيود" . أي أن هذه الشروط يجب أن تحدد في قانون ، وأنها يجب أن تفرض فقط في حدود الأغراض التي عينتها الفقرة المعنية وأنها يجب أن تكون مبررة بإعتبارها "ضرورية" بالنسبة للدولة في مجال الأغراض المحددة التي شرعت لها .
وتسمى هذه الشروط "الاختبار الثلاثي" لشرعية القيود التي قد ترد على حرية الرأي والتعبير ، وخاصة في الصحافة . ويعد إلتزام الحكومات والمحاكم الوطنية بهذا الاختبار الثلاثي لشرعية القيود والاستثناءات جزءاً لايتجزأ من إلتزامها بأحكام الأتفاقيات ذاتها(13).
ثالثاً : الميثاق العربي لحقوق الإنسان (14):
أعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار مجلس جامعة الدول العربية رقم (5427) بتاريخ 15 ديسمبر 1997م ، و أقره مؤتمر القمة العربية في تونس 2004م الميثاق العربي لحقوق الإنسان وبدأ نفاذ الميثاق بداية عام 2008م ، وتنص المادة (32) من الميثاق :
- يضمن هذا الميثاق الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها الى الأخرين بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود الجغرافية .
- تمارس هذه الحقوق والحريات في إطار المقومات الأساسية للمجتمع ولا تخضع إلا للقيود التي يفرضها احترام حقوق الأخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة .
وبموجب الميثاق تتعهد كل دولة طرف فيه بأن تكفل لكل شخص خاضع لولايتها حق التمتع بالحقوق والحريات المنصوص عليها فيه (15).
المبحث الثالث
القوانين والتشريعات المنظمة للعمل الإعلامي بشكل مباشر
المطلب الأول : قانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة لسنة 1996م:
في إطار تناولنا للقوانين و التشريعات التي تنظم العمل الإعلامي بشكل مباشر كان لابد لنا أن نتناول قانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة لسنة 1996م وذلك لما له من علاقة وثيقة بالعمل الإعلامي ، والذي يدور حول حرية تبادل ونقل المعلومات . خصوصاً مع تنامي عدد القضايا التي تنظرها المحاكم في هذا المجال وإزدياد تعقيدها وسنستعرض أهم ملامح هذا القانون في الأتي .
المصنفات التي تشملها الحماية :
المصنفات التي تشملها الحماية هي :
- المصنفات المكتوبة كالكتب والمجلات والنشرات الدورية والمقالات ونحو ذلك .
- مصنفات الفنون الجميلة نحتاً أو رسماً أو تلويناً أو زخرفة أو من أعمال الفنون التطبيقية والمصنفات من الفنون الحرفية ونحوها .
- المسرحيات والمسرحيات الموسيقية والمصنفات الموسيقية الناطقة وغير الناطقة والتمثيليات الموسيقية والتمثيليات الاستعراضية والعروض الاستعراضية التي تؤدي بحركات أو خطوات .
- المصنفات السمعية والبصرية .
- مصنفات التصوير الفتوغرافي .
- مصنفات الفن المعماري .
- برامج الحاسب الآلي (الكمبيوتر) .
- بنك المعلومات الإلكترونية .
- الخرط بأنواعها والمخططات المتعلقة بالجغرافيا وغيرها .
- كل المصنفات الأخرى المعلومة أو غير المعلومة .
ودون المساس بحماية المصنفات الأصلية فإن الحماية المقررة بموجب أحكام هذا القانون تمتد لتشمل المصنفات الفرعية الأتية :
- التراجم والاقتباس والترتيبات والتحويرات للمصنفات الأصلية .
- جميع المصنفات المحمية أو من المواد غير المحمية بشرط أن يكون اختيارها وترتيب محتواها هو الذي يجعلها مجهود فكري أصيل .
المصنفات التي لاشملها الحماية :
لاتشمل الحماية المقررة بمقتضى أحكام هذا القانون :
- المصنفات التي آلت الى الملك العام .
- الوثائق الرسمية .
- الصحف اليومية وماتنشره الصحف والمجلات والنشرات الدورية والاذاعة والتلفزيون من الأخبار اليومية أو الحوادث ذات الصيغة الخبرية.
- الأفكار والمناهج وشعارات الدول ورموزها .
هذا ويعتبر الفلكلور الوطنى للمجتمع السوداني ملكاً عاماً للدولة ، وتعمل الدولة ممثلة في وزير الثقافة على حماية الفلكلور الوطنى بكل السبل والوسائل القانونية وتمارس صلاحيات المؤلف بالنسبة للمصنفات الفلكلورية في مواجهة التشويه والتحوير والاستغلال التجاري .
حق المؤلف :
تكون للمؤلف على مؤلفه الحقوق الأدبية والمالية الأتية :
(أ) الحقوق الأدبية وتشمل :
أولاً : كشف المصنف للجمهور .
ثانياً : نسبة مصنفه لنفسه ونسبة اسم مصنفه متى ما أستعمل ذلك المصنف .
ثالثاً : نشر وتقديم مصنفه للجمهور باسمه الحقيقي أو تحت اسم مستعار أو بدون اسم.
رابعاً : الاعتراض على أي تحريف أو تشويه لمصنفه أو لأي مصنف آخر مشتق منه.
خامساً : سحب مصنفه من التداول اذا كان ذلك لايعكس أو يتطابق مع ما يحمله من معتقدات بشرط أن يحدد الأطراف المعنية التي تضررت من جراء تصرفه ذلك .
(ب) الحقوق المالية والحقوق التي يجوز له أن يفوض يموجبها ما يلي :
أولاً : نشر ونسخ المصنف بأي وسيلة معلومة أو غير معلومة أو بتوزيع المصنف على الجمهور عن طريق البيع أو الايجار أو التسليف على اساس تجاري .
ثانياً : التمثيل والأداء العلني للمصنف .
ثالثاً : اذاعة المصنف عبر الاتصال والتوابع الصناعية .
رابعاً : ايصال المصنف للجمهور بواسطة السلك الذي يشمل الكيبل أو الوسائل البصرية أو أي مادة ناقلة .
خامساً : الترجمة الى لغات أخرى .
سادساً : الاقتباس أو إعادة توزيع أو تحوير المصنف .
سابعاً : عرض المصنف علناً والسماح باي افعال أخرى وذلك بهدف الاستغلال التجاري للمصنف بواسطة الوسائل المتوفرة أو باي وسائل أخرى تكون معلومة .
ملكية حق المؤلف :
تؤول الحقوق المقررة بموجب أحكام هذا القانون ابتداء للشخص أو الأشخاص الطبيعيين الذين ابتكروا المصنف .
اسم المؤلف :
في المصنفات التي لاتحمل اسما لأي مؤلف أو تحمل اسماً مستعاراً أو تنشر بدون اسم يعتبر الناشر مالكاً لحقوق المؤلف المالية وذلك لأغراض ممارسة هذه الحقوق لحين ظهور المؤلف الحقيقي والكشف عن هويته .
المصنفات المشتركة :
اذا اشترك عدة أشخاص في ابتكار مصنف بحيث لايمكن تمييز مساهمة أي منهم في المصنف ، يعتبر الجميع شركاء بالتساوي في ملكية حق المؤلف للمصنف ولايجوز لأي منهم أن ينفرد بمباشرة حقوق المؤلف المقدرة بمقتضي احكام هذا القانون ما لم يتفق الشركاء كتابة على خلاف ذلك .
واذا اشترك عدة أشخاص في ابتكار مصنف بحيث يمكن تمييز دور كل منهم في المصنف المشترك كان لكل منهم الحق في استغلال الجزء الخاص به شريطة الا يضر استغلال الجزء الخاص به باستغلال المصنف المشترك ، ويجوز لا منهم مباشرة حقوق المؤلف المقررة بمقتضي أحكام هذا القانون مع عدم الاخلال بحقوق الشريك أو الشركاء الأخرين في العائد المادي.
اذا امتنع أحد المؤلفين عن اتمام ما يخصه في المؤلف المشترك فلا يترتب على ذلك منع بقية الشركاء من استغلال الجزء الذي انجزه وذلك مع عدم الاخلال بما للشريك الممتنع من حقوق مترتبة على اشتراكه في التأليف .
وتؤول الحقوق المالية للمصنفات للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي بادر وقام بتحمل المسئولية المالية لابتكار المصنف الجماعي كالموسوعة أو المعجم أو نحو ذلك .
انتقال ملكية حق المؤلف :
انتقال الحقوق الأدبية والمالية :
لاتخضع الحقوق الأدبية والمالية الممنوحة للمؤلف للتقادم ، ويجوز للمؤلف أن ينقل لأي شخص كل أو أياً من حقوقه الأدبية والمالية ولايكون ذلك الانتقال صحيحاً ما لم يكن مكتوباً وبتوقيع مالك الحقوق أو من ينوب عنه ومسجلاً بمكتب المسجل كما يجب أن يتضمن الانتقال صراحة وبالتفاصيل اللازمة الحق المنقول ومدة ومكان استغلاله ومقدار مكافأة المؤلف والشروط الضرورية الأفضل لجراء ملكية حق المؤلف .
استعمال حق المؤلف :
يجب على المستعملين لحق المؤلف الالتزام التام باستغلال المصنف وفق شروط وبنود عقد انتقال حقوق المؤلف ، وعلي المؤلف أن يمتنع عن أي عمل من شأنه تعطيل استعمال الحق المأذون به مع ذلك يجوز للمؤلف سحب مصنفه من التداول أو اجراء أي تعديل أو حذف أو اضافة فيه بعد الاتفاق مع الأشخاص المأذون لهم بمباشرة الحق ، وفي حالة عدم الاتفاق يلزم المؤلف بتعويض ذلك الشخص المأذون له تعويضاً عادلاً تقدره المحكمة ، وتكون باطلة التصرفات الخاصة بانتقال حقوق المؤلف المالية في المصنفات المستقبلية .
هذا ويجوز أن يكون إذن المؤلف الذي يمنحه عند استعمال مصنفه على سبيل التخصيص أو دون تخصيص وفقاًً للأتي :
- انتقال حق المؤلف المستعمل بتخصيص يخول لمن أنتقل إليه الحق في استعمال المصنف وإستبعاد بقية الأشخاص بما فيه المؤلف ، كما يخول له منح حق المؤلف بدون تخصيص لبقية الأشخاص الأخرين .
- إنتقال حق المؤلف لمستعمله دون تخصيص يخوله الحق في إستعمال المصنف في ذات الوقت مع المؤلف بالكيفية المذكورة في العقد .
إنتقال ملكية حق المؤلف بعد وفاته :
عند وفاة المؤلف بإستثناء الحق في نسبة المصنف إليه ينتقل حقه الأدبي الى روثته الشرعيين إلا إذا حدد المؤلف أشخاص أخرين أو منظمات بعينها لذلك الغرض في وثيقة وصيته .
وتكون الحقوق المالية للمؤلف ملكاً خاصاً لورثته أو للأشخاص الأخرين الذين يحددهم المؤلف في وثيقة وصيته بالشروط الأتية :
- إذا أبرم المؤلف عقداً مكتوباً مع طرف ثالث ، فيما يتعلق بإستعمال الحق فيجب تنفيذ الأحكام المضمنة في ذلك العقد .
- إذا حدد المؤلف المتوفى حدود رفضه للنشر أو حدد حدود معينة له ، فتكون هذه الوصية واجبة التنفيذ في نطاق تلك الحدود .
أما في حالات الأعمال المشتركة ، وعند وفاة أحد المؤلفين دون أن يترك ورثة فيؤول نصيبه الى الدولة ما لم يكن هنالك إتفاق مكتوب بخلاف ذلك .
هذا ولايعني تحويل الإنتاج المادي للعمل تحويلاً ضمنياً للحقوق المالية الخاصة بصاحب الإنتاج المادي مالم ينص على تحويلها بموجب العقد .
المحكمة المختصة :
تختص المحكمة من الدرجة الأولي بنظر دعاوي التعويض للأعتداء المقصود أو غير المقصود على حق المؤلف .
يجوز لمالك حق المؤلف أو وكيله أن يطلب اصدار أمر من المحكمة بوقف الاعتداء على حق المؤلف في الصنف أو حجز صور أو نسخ أو مستخرجات منه ، أو حصر العائد المادي الذي تم تحصيله نتيجة للأعتداء على حق المؤلف وحجز تلك الأموال في خزينة المحكمة أو اصدار أي أمر آخر لحماية حقوقه حتى يتم الفصل في الدعوى .
يجوز لمالك حق المؤلف أو وكيله أن يطلب من المحكمة اصدار أمر تفتيش لأي مباني يكون استعملها مرتكب جريمة الاعتداء على حق المؤلف وضبط أي نسخ أو صور لأي مواد تتعلق بالاعتداء المدعى به كما يجوز للمحكمة أن تأمر المتهم بجريمة الاعتداء على حق المؤلف بالكشف عن أسماء وعناوين الجهات التي أمدته بالمؤلف وزبائنه والأماكن التي توجد فيها المواد المتعلقة بالاعتداء على ذلك الحق .
يجوز لكل شخص صدر ضده أمر بموجب أحكام هذا القانون استئنافه أمام المحكمة المختصة خلال عشرة أيام من تاريخ صدور ذلك الأمر ويكون قرارها بتأييد ذلك الأمر أو إلغائه أو تعديله نهائياً .
العقوبات والجزاءات :
- يعاقب كل من يرتكب جريمة الاعتداء على حق المؤلف بغرامة يترك تقديرها للمحكمة أو السجن لمدة لاتتجاوز ثلاث سنوات أو بالعقوبتين معاً .
- (أ) يجوز للمحكمة أن تأمر بمصادرة أو إبادة نسخ ذلك المصنف اذا كان من راي المحكمة أن تلك النسخ ناتجة من الاعتداء على حق المؤلف كما يجوز لها مصادرة كل المواد المساعدة أو التي استعملت في ارتكابه ولها أن تأمر بإحالة هذه المواد لمالك حق المؤلف أو اتلافها والتخلص منها بالطريقة التي تراها المحكمة مناسبة .
(ب) تضاعف الغرامة أو مدة العقوبة في حالة استلام مرتكب جريمة حق المؤلف أموالاً نتيجة للاعتداء على حق المؤلف .
(ج) ينشر حكم المحكمة في واحدة أو أكثر من الصحف اليومية على نفقة المحكوم ضده .
تطبيق العقوبات على أصحاب الحقوق المجاورة :
تطبيق العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون في حالة الاعتداء على حقوق اصحاب الحقوق المجاورة .
التعويض المدني للاعتداء على حق المؤلف :
يجوز لمالك حق المؤلف أن يطالب في دعواه بجميع الحقوق المتعلقة بالتعويض المالي ويجوز أن يكون التعويض على فوات الكسب وعلى الاعتداء على سمعة مالك المؤلف.
مدة الحماية لحق المؤلف :
تكون الحماية فيما يتعلق باي عمل لمدة خمسين سنة تبدأ من اليوم الأول من شهر يناير من العام الذي تم فيه أداء ذلك المصنف .
تبدأ مدة الخمسين سنة بالنسبة للمنتجين لأعمال التسجيلات المرئية والمسموعة من أول شهر يناير من السنة التالية للنسة التي تم فيها التسجيل .
تبدأ مدة الخمسين سنة بالنسبة لهيئات البث من اليوم الأول من شهر يناير من السنة التالية للسنة التي تمت فيها اذاعة المصنف (17) .
المطلب الثاني : قانون الرقابة علي المصنفات الفنية والأدبية لسنة 2000م:
في إطار تناولنا للقوانين و التشريعات التي تنظم العمل الإعلامي بشكل مباشر كان لابد لنا أن نتناول قانون الرقابة على المصنفات الفنية والأدبية لسنة 2000م وذلك لما له من علاقة وثيقة بالعمل الإعلامي والفني والصحافة والمطبوعات .
إنشاء مجلس المصنفات الأدبية والفنية :
ينشأ مجلس يسمي مجلس المصنفات الأدبية والفنية ويكون له الشخصية الاعتبارية .ويكون مسئولاً مباشرة لدى وزير الثقافة .
أهداف المجلس :
تكون للمجلس الأهداف الآتية :
- تهيئة البيئة الصالحة للإبداع والابتكار والتأليفي والنشر في مجال الإنتاج الفني والأدبي والثقافي .
- توثيق الإنتاج الثقافي الوطني لتمكين نشره محلياً وخارجياً .
- حماية الأمن الثقافي الوطني .
- التعاون مع تنظيمات مؤلفي المصنفات الأدبية والفنية والعمل على توعيتها وإرشادها لحماية ورعاية مصالح أعضائها الأدبية والمادية .
- التنسيق مع التنظيمات والمنظمات الإقليمية والدولية ذات الصلة بإختصاصات المجلس.
إختصاصات المجلس وسلطاته :
يكون للمجلس الاختصاصات الآتية :
- وضع الخطط والسياسات العامة اللازمة لتحقيق أهدافه .
- وضع الأسس والمعايير والشروط اللازمة للتسجيل والتصديق وفقاً لأحكام هذا القانون وقانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة لسنة 1996م ، حسبما يكون الحال .
- تمثيل السودان في تعامه مع الدول والتنظيمات والهيئات المشابهة .
- الموافقة على الهيكل الإداري والتنظيمي ورفعه للجهات المختصة لإجازته .
- رفع تقارير دورية للوزير عن سير العمل بالمجلس ومده بالبيانات اللازمة متى ما طلب منه ذلك .
- اقتراع التشريعات المختلفة بالمصنفات ومراجعة القائم منها ورفعها لوزير الثقافة .
- تنفيذ أحكام قانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة لسنة 1996م .
- الإشراف والرقابة على كافة المناشط المتعلقة بالمصنفات .
- الإشتراك في لجان إجازة الأعمال الأدبية والفنية بالهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون وأي هيئات أخرى مشابهة تعمل في مجال إنتاج المصنفات الأدبية والفنية.
تكون للمجلس السلطات الآتية :
- إجازة الموازنة السنوية .
- تعيين واستخدام العاملين ووضع شروط خدمتهم وفقاً لما تحدده اللوائح .
- إبرام العقود .
- تملك الأموال باي كيفية قانونية والتصرف فيها بما يحقق أهدافه .
- تكوين لجان للاستعانة بها في أداء أعماله سواء من داخل المجلس أو خارجه.
- التوصية بالانضمام للاتفاقيات الدولية والإقليمية ومتابعة إجراءات إجازتها .
- منح التصديق لتسجيل أو طباعة أو نشر أي مصنف .
- الموافقة على إستيراد المصنفات وتصديرها .
- حجز ومصادرة أي مصنفات مستوردة أو مُصدرة بواسطة أي شخص لايحمل تصديقاً بذلك ، أو كانت مُخالفة لشروط التصديق .
- إيقاف بيع أو تداول أي مصنف لم يتبع في تسجيله أو بيعه أو تداوله الإجراءات القانونية المبينة في هذا القانون أو اللوائح أو الأوامر أو القواعد الصادرة بموجبه .
- استلام الأشرطة المُسجلة أو الفيديو أو الأفلام أو الأقراص المدمجة أو الأسطوانات وغيرها من وسائل التسجيل الصوتي أو المرئي الواردة لداخل البلاد من شرطة الجمارك أو الهيئة العامة للبريد والبرق ، وذلك بغرض فحصها ومراجعتها بالتنسيق مع قوات شرطة الجمارك والتأكد من عدم مخالفتها لأحكام هذا القانون أو أي قانون أخر .
- فرض رسوم التسجيل والتصديق وفقاً لما تُحدده اللوائح .
- التصديق للمطابع لمزاولة عملها وفقاً للشروط والضوابط التي تُحددها اللوائح.
- الموافقة للطابع بنشر أي مطبوعة بعد إجازتها من المجلس ومنحها رقم الإيداع القانوني .
- إصدار اللوائح الداخلية لتنظيم اعماله .
يجوز للمجلس أن يُفوض أي من سلطته لرئيسه أو الأمين العام أو لأي لجنة يشكلها.
الرقابة على المصنفات :
المصنفات المحظورة :
لايجوز استيراد أو إدخال أو نشر أو طبع او تداول أي مصنفات أو التعامل فيها في أي من الحالات الاتية :
- الإخلال بالقيم الدينية أو الآداب العامة .
- الإساءة الى المعتقدات أو الأعراف أو الأديان .
- الإساءة على اللون أو الجنس أو تمجيد أو تفضيل جنس على أخر .
- التعارض مع سياسات الدولة وأمنها القومي .
- الإنتاج المشترك إذا كان مع دولة معادية أو دعاية لدولة معادية .
- المصنفات التي يصدر قرار من المجلس بمنع دخولها .
المصادرة :
إذا رأي المجلس أن أي مصنف مما لا يجوز استيراده أو نشره أو طبعه فيجب عليه أن يأمر بمصادرته فوراً وذلك دون الإخلال باي عقوبات اخرى في هذا القانون أو أي قانون أخر .
الإستئناف :
يجوز للشخص المُتضرر من المصادرة أن يتقدم باستئناف للمجلس خلال أسبوعين من تاريخ المصادرة .
ويجوز للمجلس أن يأمر بإبادة جميع المصنفات التي تخالف أحكام هذا القانون بعد مضي فترة الإستئناف .
وهذا للشخص المتضرر من إلغاء التصديق وفق أحكام هذا القانون أن يستأنف قرار الإلغاء أو الإيقاف لدي المجلس وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغه بالقرار ويكون قرار المجلس في هذا الشأن نهائياً .
إستثناء :
يُستثنى من أحكام هذا الفصل الأفلام السينمائية التعليمية الجادة التي تُعرض داخل أي مؤسسة .
المحكمة المختصة :
- تختص المحكمة الجنائية الثانية أو أي محكمة جنائية اعلى بالنظر في أي مخالفة لأحكام هذا القانون .
- تأمر المحكمة بمصادرة المعروضات موضوع المخالفة لأحكام هذا القانون لمصلحة المجلس أو المجلس الولائي بحسب الحال .
العقوبات :
مع عدم الإخلال باي عقوبة اشد منصوص عليها في أي قانون أخر ، كل من يخالف أحكام هذا القانون أو اللوائح أو الأوامر أو القواعد الصادرة بموجبه ، يُعاقب بالسجن لمدة لاتتجاوز سنتين أو الغرامة أو العقوبتين معاً (18).
المطلب الثالث : قانون الاتصالات لسنة 2001م:
نحن الأن في مستهل ثورة الاتصالات والشبكات التي تتمثل في التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي يشبه ما حدث خلال الثورة الصناعية في بداية القرن العشرين ، وتعكس هذه الثورة الحديثة النامية هجرة كمية ضخمة من النشاط الاقتصادي والاجتماعي من الواقع الطبيعي الراهن الى شبكات تفاعلية ورقمية مبنية على المعايير المفتوحة كما هو حادث في شبكة الانترنت وبعض خدمات المعلومات على الخط المباشر بالإضافة الى بعض النظم التلفزيونية التفاعلية (19).
وقد أدت هذه الثورة الى بزوغ نوعية جديدة من الاقتصاد وخلق تحديات وفرص هامة جداً للحكومات والأعمال والأفراد ، وقد أضحت هذه الثورة من أهم التحديات التي تواجه المجتمع السوداني بصفة خاصة والمجتمعات العربية بصفة عامة وذلك لما لها من تأثير كبير على الاقتصاد ، وما لها من وظائف جديدة معتمدة على التفكير العقلي وتلغي وظائف أخرى ذات توجه يدوي تقليدي ، كان لابد للمشرع أن يفطن لهذه الثورة ويوليها من الاهتمام ، وقد جاء هذا الاهتمام في قانون الاتصالات لعام 2001م والذي تمثلت أهم جوانبه في بعض الموضوعات نوجزها فيما يلي :
إنشاء الهيئة السودانية للاتصالات :
(1) تُنشأ هيئة تُسمي "الهيئة القومية للإتصالات " وتكون لها الشخصية الإعتبارية .
(2) يكون المقر الرئيسي للهيئة بولاية الخرطوم ويجوز لها إنشاء فروع في ولايات السودان المختلفة .
(3) تكون الهيئة مسئولة عن أداء أعمالها وممارسة إختصاصاتها وسلطاتها لدي الوزير المختص وتعمل وفقاً للموجهات الاساسية التي يصدرها بغرض تطوير الرسالة الإعلامية ونظم الإتصالات .
(4) يُحدد الوزير المختص موجهات السياسات العامة للهيئة ، وفق سياسات الدولة وخُططها.
أغراض الهيئة :
تهدف الهيئة إلى تحقيق الأغراض الآتية :-
( أ ) ترقية قطاع الإتصالات وتنظيمه ليواكب التطور والعولمة .
(ب) تهيئة المناخ الملائم لترقية خدمات الإتصالات وتشجيع الإستثمار في هذا المجال .
(ج ) تأمين وإشاعة التنافس الحر البناء وإستيعاب ذوي القدرات والكفاءات في مجال الإتصالات.
( د ) تأمين وربط شبكات الإتصالات العامة المرخصة بعضها ببعض .
إختصاصات وسلطات الهيئة :
تكون للهيئة الإختصاصات والسلطات الآتية :-
( أ ) وضع خطط وسياسات ونظم تقديم خدمات الإتصالات وإنشائها علي المستوي القومي وذلك مع مراعاة التنمية المتوازنة وخدمة الأهداف القومية والإجتماعية .
(ب) إقرار نظم وتكلفة خدمات الإتصالات وتنظيم تعريفة الخدمات بالتنسيق مع الجهات المُقدمة لتلك الخدمات ومراقبتها .
(ج ) الترخيص بالعمل في مجال خدمات وأنشطة الإتصالات المختلفة .
( د ) وضع أسس تنظيم وتوزيع وترخيص إستخدام الترددات والأجهزة اللاسلكية ومحطات البث مع مراعاة الجوانب الأمنية المتعلقة بها .
(هـ) التنسيق مع الجهات المختصة فيما يتعلق بتجميع وإستيراد وتصنيع أجهزة ومعدات ومواد نظم الإتصالات المختلفة .
( و ) وضع المواصفات للنظم والأجهزة والمعدات المستخدمة في مجال الإتصالات وإرساء أساليب القياس والإختبارات اللازمة لها .
( ز ) حماية إلتزامات الدولة ومتطلباتها في مجال الأمن والدفاع الوطني والطوارئ والسياسات الإقليمية والدولية بالتنسيق مع الجهات المقدمة لخدمات الإتصالات .
(ح ) تملك العقارات والمنقولات وبيعها بالقدر الضروري والمناسب لأعمالها والتصرف فيها بأي طريقة قانونية .
(ط ) إستخدام من تري من العاملين وفقاً للموازنة المصدقة لتحقيق أغراضها وفقاً لقوانين الخدمة العامة .
إستخدام أجهزة اللاسلكي ومحطات البث :
(1) يخضع إستخدام أي جهاز لاسلكي أو محطة لاسلكية أو محطة بث للشروط التي يقررها المجلس عند إصدار الترخيص وتشمل تلك الشروط بوجه خاص مكان المحطة ونوعها والترددات المخصصة لأغراض الإستخدام والأشخاص العاملين وتاريخ الترخيص وسداد الرسوم المقررة .
(2) لا يجوز للمُرخص له إستخدام أي محطة بث أو جهاز لاسلكي أو تردد في غير الغرض المحدد في الترخيص .
(3) لا يجوز لأي شخص بعد صدور الترخيص إجراء تعديل في البيانات والأغراض التي منح الترخيص بموجبها إلا بعد موافقة المجلس كتابة .
التفتيش والرقابة والإلتزام بشروط الترخيص:
لأغراض التفتيش يجوز للهيئة التحقق من إلتزام المرخص له بشروط الترخيص علي أن يتخذ المدير العام كافة الإجراءات المتعلقة بالتفتيش ، ومع عدم الإخلال بعموم ما تقدم يقوم المدير العام بالإجراءات التالية :-
( أ ) التفتيش علي مواقع شبكة الإتصالات وأجهزة الإتصال ومحطات البث.
(ب) فحص السجلات الفنية والأنظمة المتبعة لإصدار الفواتير .
(ج ) مراجعة مستوي الخدمة المقدمة وفعاليتها .
الجــزاءات والعقوبات :
(1) يجوز للمجلس أن يوقع علي كل من يخالف أحكام هذا القانون أو اللوائح الصادرة بموجبه أي من الجزاءات المنصوص عليها في اللوائح .
(2) يجوز للوزير المختص توقيع أي من الجزاءات المنصوص عليها في اللوائح علي أي شخص مرخص له في حالة مخالفته للموجهات أو المبادئ الأساسية التي يضعها الوزير المختص .
(3) مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد يكون منصوصاً عليها في أي قانون آخر ، يُعاقب كل شخص يخالف أحكام هذا القانون أو اللوائح أو الأوامر الصادرة بموجبه بالسجن مدة لا تزيد عن ستة أشهر أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً .
(4) في جميع الأحوال التى ترتكب فيها مخالفة لأحكام هذا القانون يجوز للمحكمة أن تأمر:-
(أ) بمصادرة المواد والأجهزة أو المعدات موضوع المخالفة لصالح الهيئة .
(ب) بإلغاء الترخيص .
سلطة نظر المخالفات الواردة في هذا القانون :
تختص محكمة القاضي الجزئي من الدرجة الثانية أو أي محكمة أعلي بنظر المخالفات المنصوص عليها في هذا القانون .
المطلب الرابع : قانون الصحافة والمطبوعات لسنة 2009م :
تعتبر الصحافة من اقوى وأخطر الوسائل المؤثرة في الرأي العام ، بل وتعتبر عاملاً من عوامل تكوينه ، فماذا تعني كلمة الصحافة وكيف نشأت وتطورت في العالم عامة وفي السودان خاصة ، وماهية الصحافة ، ورسالتها ووظيفتها في المجتمع البشري .
وقد شرح ابن منظور في "لسان العرب" الصحافة ، أنها لغةً مشتقة من الصحف ، جمع صحيفة ، والصحيفة هي التي يكتب فيها ، وفي القرآن الكريم وردت هذه الآية "إن هذا لفي الصحف الأولي ، صحف إبراهيم وموسى" والصحف هنا بمعني الكتب المنزلة ، وفي "الصحاح" للجوهري أن الصحيفة وجمعها صحف وصحائف هي الكتاب بمعني الرسالة ، وفي الحديث الشريف "اتراني حاملاً الى قومي كتاباً كصحيفة المتلمس" ، ومنها اشتق المصحف بضم الميم أو كسرها بمعنى الكتاب الذي جمعت فيه الصحف أي الأوراق والرسائل (20) .
أما الصحافة السودانية فيجمع المؤرخون على أن البداية الحقيقية للصحافة في السودان ، بمعناه المتعارف عليه كان في عام 1903م ، عندما أوحت السلطات الإنجليزية لأصحاب دار المقطم في مصر ، شاهين مكاريوس وفارس نمر ، بإصدار صحيفة في الخرطوم ، وهكذا صدرت صحيفة "السودان" كأول صحيفة تصدر بالسودان ، وأعقبها صدور "سودان هيرالد" ثم "راند السودان" ، حتى جاء التاريخ المهم الثاني في تاريخ الصحافة بصدور أول صحيفة سودانية الملكية والتحرير والقراء وهي صحيفة "حضارة السودان" عام 1918م (21) .
وقد انداحت بعد ذلك حركة اصدار الصحف بصدور المجلات الأدبية والاجتماعية مثل النهضة والفجر ، ثم بدأت صحافة الكتل والمنظمات الجماهيرية بالصدور ، واصدرت السلطات الإنجليزية أول قانون لتنظيم الصحافة عام 1930م ، وقد ساهمت الصحافة الوطنية في معركة الإستقلال والتحرر الوطني بإعتبارها المنبر الوحيد المتاح آنذاك ، وعمل معظم رموز وقادة الحركة الوطنية في بعض سنين حياتهم بالصحافة .
وكانت الصحافة تزدهر في العصور الديمقراطية وتنكمش بفعل القمع والقهر والقوانين المقيدة للحريات خلال العهود العسكرية ، حيث تختلف أشكال المضايقات التي وجدتها الصحف في العهود العسكرية ، ففي عهد الفريق عبود تعرضت الصحف للملاحقة والإيقاف والرقابة ، واصدرت الحكومة صحيفة واحدة هي "الثورة" جعلتها ناطقاً رسمياً باسمها ، لكن تطور الأمر في فترة حكم المشير جعفر نميري حيث تم تأميم كل الصحف عام 1970م ، وآلت ملكيتها للحكومة التي كانت تحدد سياستها العامة وميزانياتها وتعين رؤساء التحرير ولم يسمح بصدور صحف الملكية الخاصة إلا في بداية الثمانينات وإن كانت الترخيصات قد حصرت في الصحف الرياضية والفنية ، واستمر هذا الوضع حتى سقوط النظام عام 1985م.
بعد الانتفاضة الشعبية التي اسقطت نظام جعفر نميري عام 1985م ، انفتح الباب واسعاً أمام الصف السياسية والثقافية والاجتماعية والفنية والرياضية ، وشهدت البلاد تجربة صحفية مميزة ، وصدرت خلال هذه الفترة عدد من الصحف الجديدة "الخرطوم ، السياسة ، الجريدة ، الأسبوع ..الخ" مثلما عاودت بعض الصحف القديمة للصدور مثل "الأيام ، التلغراف" كما صدرت أكثر من عشر صحف حزبية (22).
وما أن صدر البيان العسكري الأول للحكم العسكري الأخير في 30 يونيو1989م ، حتى كان أول قراراته حل الأحزاب السياسية والنقابات وإيقاف كل الصحف عن الصدور ، وبدأ النظام الجديد بإصدار صحفه الخاصة منذ اليوم الأول ، وفي منتصف التسعينات صدر أول قانون للصحافة سمح بصدور صحف خاصة ، لكن نسبة للتضييقات الأمنية لم تصدر سوي صحيفتين ، ثم مع تطور الأوضاع السياسية في البلاد والإنفراج التدريجي وتعديل قانون الصحافة تزايد ظهور الصحف الخاصة ، في الوقت الذي تراجعت فيه حظوظ الصحف الحكومية .
وفي خلال الأعوام السابقة صدرت عدة قوانين لتنظيم مهنة الصحافة ، كان أخرها قانون الصحافة والمطبوعات لسنة 2009م ، وهو القانون الساري حالياً وقد صدر ليخلف قانون الصحافة لعام 2004م . وسوف نتناول في مسرد حديثنا هذا القانون بالتفصيل :
حرية الصحافة والصحافيين :
تمارس الصحافة:
- مهامها بحرية واستقلالية وتهدف الى تطوير المجتمع ورفاهية الأمة ومواطنيها وتلتزم بحماية خصوصية وشرف وسلامة وأمن المجتمع.
- لا حظر على الصحافة الا في الحالات التي يحددها الدستور والقانون.
- لا تتعرض الصحف للمصادرة او تغلق مقارها الا وفقاً للقانون.
- لا يجوز حبس او اعتقال الناشر الصحفي في المسائل المتعلقة بممارسة مهنته عدا الحالات التي يحددها القانون.
المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية :
- ينشأ مجلس يسمى المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية وتكون له شخصية اعتبارية وخاتم عام وله حق التقاضي باسمه.
- يكون مقر المجلس الخرطوم .
- يكون المجلس مستقلاً في اداء اعماله وموازنته
- يكون المجلس تحت رعاية واشراف رئاسة الجمهورية ولها في ذلك:
- اخطار المجلس بالسياسات العامة للدولة المقررة في استراتيجياتها فيما يتعلق بمهنة الصحافة.
- طلب المعلومات والتقارير من المجلس .
-
تلقي التوصيات والمقترحات من المجلس فيما يتعلق بأعماله
يتولى الوزير مهمة الصلة بين المجلس ورئاسة الجمهورية دون التدخل في شؤون المجلس.
استئناف جزاءات وقرارات المجلس :
يجوز للمتضرر من اي جزاء يوقعه او قرار يصدره المجلس الاستئناف لدى المحكمة المختصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ اخطاره به.
اصدار الصحف والنشرات والمطبوعات الصحفية :
تصدر الصحف عن:
«أ» شركة مسجلة وفقا لاحكام قانون الشركات لسنة 1925.
«ب» اي تنظيم سياسي مسجل قانوناً شريطة ان يكون مسؤولاً عن الصحيفة
رئيس تحرير وفقا للشروط الواردة في المادة 26 من هذا القانون.
«ج» اي هيئة اجتماعية او مؤسسة علمية او وحدة حكومية لتطوير النشاط العلمي او التخصصي شريطة ان يكون مسؤولاً عن المطبوعة رئيس تحرير وفقا للشروط الواردة في المادة 26 من هذا القانون.
«د» يجوز للجاليات الاجنبية المقيمة في السودان اصدار النشرات والمطبوعات الخاصة بها، بعد الحصول على الترخيص اللازم من المجلس وفقا للشروط والضوابط التي تحددها اللوائح.
ترخيص الصحف والنشرات والمطبوعات الصحفية :
«1» يشترط لاصدار اي صحيفة او نشرة او اي مطبوعة صحافية الحصول على ترخيص بذلك من المجلس بعد دفع الرسوم التي تحددها اللوائح.
«2» يجدد الترخيص سنويا بعد دفع رسوم تجديد الترخيص التي تحددها اللوائح.
شروط منح الترخيص لاصدار الصحف او النشر الصحفي:
يمنح المجلس الترخيص باصدار اي صحيفة وفقاً للشروط الآتية:
«أ» ان يكون اصدار الصحف او النشر الصحفي او صناعة المعلومات من الاغراض الاساسية للمؤسسة الصحافية.
«ب» ان تودع المؤسسة الصحافية مبلغا من المال في حساب مصرفي مستقل يحدده المجلس في لائحة تطوير العمل الصحافي مع التعهد بعدم الصرف من المبلغ المودع لغير اغراض الاصدار ويجوز للمجلس بقرار منه رفع الحد الادنى للايداع متى ما اقتضت الظروف او المصلحة العامة ذلك.
«ج» ان تتعاقد المؤسسة الصحافية مع عدد كاف من الصحافيين ذوي الكفاءة والخبرة على ان لا يقل الحجم والتأهيل للقوة عن الوفاء بالحدود الدنيا الواردة في لائحة تطوير العمل الصحافي.
«د» ان يكون للمؤسسة الصحفية مقرا لممارسة النشاط الصحفي وتحدد اللوائح شروطه ومواصفاته.
«هـ» ان يكون للمؤسسة الصحفية مركزاً معتمدا للمعلومات وتحدد اللوائح شروطه ومواصفاته.
«و» ان تلتزم الصحيفة او المؤسسة الصحفية بالتخصص الذي اجيز لها.
حقوق الصحفي وحصانته:
«1» يتمتع الصحفي بالحقوق والحصانات الآتية:
«أ» عدم تعريضه لاي فعل بغرض التأثير على ادائه او نزاهته او التزامه بواجباته المهنية .
«ب» حماية مصادر معلوماته الصحفية.
«ج» عدم تعرضه للمساءلة عند نقله للمعلومات العامة او تعبير عن رأيه الا وفقا لاحكام القانون فيما عدا حالات التلبس لا يجوز القبض على الصحفي بشأن اي تهمة تتصل بممارسته لمهنته الصحفية الا بعد اخطار رئيس الاتحاد العام للصحافيين.
«2» يجوز لاي موظف عام او شخص او جهة ممن في حيازته معلومات عامة بالدولة والمجتمع اتاحة تلك المعلومات للصحافيين ما لم يكن قد سبق تصنيفها بموجب قانون او بقرار من اي جهة مختصة على انها معلومات لا يجوز نشرها.
«3» على المجلس اتخاذ الاجراءات المناسبة لكفالة حقوق الصحفي وحصاناته.
«4» لا يجوز فصل الصحفي الا بعد اخطار الاتحاد العام للصحافيين بمبررات الفصل واذا انقضت مدة شهر وفشل خلالها الاتحاد في التوفيق بين الصحيفة والصحفي يحتكم الاطراف لاحكام قانون العمل الساري.
الجزاءات الواردة في القانون :
(1) يجوز للمجلس توقيع أي من الجزاءات الاتية على الاشخاص الاعتبارية أو الطبيعية المرخص لها وفق احكام هذا القانون في حالة مخالفتها لأي من احكامه:
(أ) التأنيب .
(ب) الزام الصحيفة بالاعتذار ونشر قرار المجلس بشأن المخالفة.
(ج) الانذار.
(د) الحرمان من الامتيازات التي يخصصها المجلس.
(هـ) لفت النظر.
(و) التأنيب المنشور.
(ز) ايقاف الصحيفة لفترة لا تتجاوز سبعة أيام.
(ح)الغاء الترخيص في حالة مخالفة الشروط الممنوحة بموجبه .
(2) يجب على المجلس قبل ايقاع أي جزاء في حق أي شخص ان يتيح له حق السماع والدفاع.
(3) يجوز لرئيس المجلس اسداء النصح للناشر او رئيس التحرير حول أي مادة يرى ان نشرها قد شكل مخالفة لهذا القانون.
(4) يجوز لأي متضرر من أي جزاء يوقعه المجلس الاستئناف لدى المحكمة المختصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ اخطاره بقرار الجزاء.
(5) يجوز للمجلس ان يفوض سلطاته بموجب هذه المادة لاحد لجانه المتخصصة.
العقوبات الواردة في القانون :
(1) كل من يخالف احكام هذا القانون واللوائح يعد مرتكباً مخالفة ويعاقب عند الادانة بالغرامة التي لا تزيد عن (50.000) خمسين ألف جنيه سوداني.
(2) بالرغم من احكام البند (1) يجوز للمحكمة توقيع العقوبات الآتية في حال مخالفة الصحفي أو المؤسسة الصحفية أو مراكز الخدمات والمطابع الصحفية أحكام هذا القانون واللوائح الصادرة بموجبه.
(أ) ايقاف المطبوعة لفترة لا تتجاوز شهرين.
(ب) الغاء الترخيص اذا حكم بايقاف المطبوعة لمرتين.
(ج) مصادرة المطابع والمطبوعات الصحفية في حالة تكرار المخالفة وفقاً لاحكام هذا القانون لاكثر من مرتين.
المحكمة المختصة :
(1) يحدد رئيس القضاء محكمة تكون مختصة بالنظر في الجرائم والمخالفات وفقاً لاحكام هذا القانون.
(2) تعتبر كل القضايا المتعلقة بالصحافة والنشر المستعجل.
المبحث الرابع
القوانين المنظمة للعمل الإعلامي بشكل غير مباشر
يعتبر حق الجمهور في المعرفة وفي الاطلاع على المعلومات من أحد أهم ركائز البناء الديمقراطي لأي دولة في العالم كما ويعتبر حق الوصول للمعلومات أحد أهم أركان حرية الصحافة التي لا تقوم إلا عليها .
وقد أصبح حق الوصول الى المعلومات الحجر الأساسي في ضمان حرية التعبير والرأي وحرية الصحافة ، حيث لايمكن إعمال حق حرية التعبير بدون حق الوصول الى المعلومات .
ومن المعلوم أن أغلب المعلومات موجودة عند السلطة التنفيذية ومؤسساتها ولترجمة مبدأ الشفافية والمشاركة في اتخاذ القرار يجب التسهيل على الصحفي للحصول على المعلومات لنشرها وايجاد سوق حر لمناقشتها والوصول الي أكبر قدر من الاتفاق عليها .
ولما كان غني عن البيان ان أغلب المعلومات متوفرة لدي السلطة التنفيذية ومؤسساتها ، ولترجمة مبدأ الشفافية والمشاركة في إتخاذ القرار كان لابد من اتخاذ الخطوات التشريعية والتنفيذية التي من شأنها التسهيل على الصحفي والمواطن للحصول على المعلومات وتداولها وذلك بما لايتعارض مع حرية التعبير وضمان حماية المعلومات الواردة في التشريعات .
المطلب الأول : القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م :
جاء القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م الحالي مختلفاً كلياً عن التشريع الملغي من حيث الصياغة والتبويب وترتيب النصوص فقد تم تبويب مشروع القانون في قسمين ، قسم عام في صدر المشروع تضمن الأحكام التمهيدية وسريان القانون وأساس المسئولية الجنائية وموانعها والشروع والاشتراك الجنائي ثم مبادئ الجزاء الجنائي وقسم منفصل خاص يتضمن أعيان جرائم الحدود والقصاص والتعازير مرتبة ترتيباً موضوعياً ، وقد تم ضبط وإحكام الضياغة والتعبير عن المعاني ومراعاة الفقه الجنائي المتطور واستدركت العيوب التي أظهرتها تجارب التطبيق للقوانين السابقة والتزم بغثبات الأحكام الاسلامية الأساسية والاستغناء عن الاسراف في تشقيق الصور المتعددة للجريمة الواحدة ، مما يتيح للمحكمة مراعاة تفاصيل الوقائع المعنية والظروف المشددة والمخففة .
وقد استحدث المشروع أحكاماً جديدة ابرزها استحداث جرائم كجرائم حماية البيئة وجرائم الأرهاب وجرائم الاعتداء على الحرية الشخصية وتدابير الرعاية والإصلاح بشان الأحداث والمرضى العقليين والشيوخ(23) .
وسوف أتناول بشئ من التفصيل جريمة انتهاك الخصوصية وهي من الجرائم التي لا مقابل لها في القوانين السابقة حيث نصت المادة (166) من القانون الجنائي على الآتي :
"من ينتهك خصوصية شخص بأن يطلع عليه في بيته دون إذن أو يقوم دون وجه مشروع بالنتصنت عليه أو بالإطلاع على رسائله أو أسراره ، يعاقب بالسجن مدة لاتتجاوز ستة أشهر أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً" .
تعد هذه الجريمة من الجرائم المستحدثة في سياق القانون الجنائي لسنة 1991م ، إذ أنها لم ينص عليها في القوانين السابقة ، وانتهاك الخصوصية كجريمة بينتها الآيات الأتية : قال تعالي ( يأيها الذين أمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ) (24) .
الآيات التي اطلعت عليها توضح أن الإطلاع على عورات الناس بهتك ستورهم نوع من الأجرام الذي يعزر صاحبه، إن إنتهاك خصوصية الأخر بالتصنت عليه أو بالإطلاع على رسائله أو أسراره جريمة ، يعاقب عليها القانون بالسجن مدة لاتتجاوز ستة اشهر أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً .
وقد نص الدستور الانتقالي السوداني لسنة 2005م على حرمة الاتصال والخصوصية حيث جاء النص التالي :
"لا يجوز انتهاك خصوصية أي شخص, ولا يجوز التدخل في الحياة الخاصة أو الأسرية لأي شخص في مسكنه أو في مراسلاته، إلا وفقاً للقانون" (25).
وما نص عليه الدستور يتماشى مع نص القانون الجنائي في المادة (166) وتنحصر جريمة انتهاك الخصوصية فيما يلي :
- الإطلاع على البيوت أو التصنت واستراق السمع سواء أكان ذلك التصنت بآلة أم بغيرها والإطلاع على الرسائل والأسرار .
- أن يكون الإطلاع أو التصنت بغير إذن أو بغير ضرورة قانونية .
- القصد الجنائي .
لم تكن النصوص السابقة الذكر في القانون الجنائي مواكبة للاعتداءات على الحياة الشخصية التي تحدث في ظل عالم تقنية المعلومات المستحدثة ، ولذلك تنبه المشرع السوداني لخطورة هذا الأمر فتوجهه لتعديل بعض نصوص مواد القانون الجنائي بإصدار مشروع القانون الجنائي (تعديل) لسنة 2001م وذلك بإضافة بعض المواد لقانون 1991م. حيث تنص المادة 166/أ:. (1) على أنه "كل من يقوم بالاطلاع على المعلومات السريه لأي شخص المحفوظة آلياً أو يقوم بتعييبها أو التصرف فيها بسوء قصد أو بأي وجه يعدمها أو يخل بقيمتها ، يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز ثلاث سنوات أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً."
(2) إذا كان الجاني موظفاً عاماً أو مستخدماً مؤتمناً على تلك المعلومات أو كانت المعلومات متعلقة بأسرار الدوله ؛ يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز خمس سنوات أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً.
أما بالنسبه للقضاء السوداني فإن مسألة الاعتداء على الحياة الخاصة لم يكن لها نبض محسوس، ويرجع السبب إلى الظروف التي فرضها التطور التكنولوجي المستحدث، وعلى الرغم من عدم وجود التشريع المتخصص الذي يحمي الحياة الخاصة نجد أن المحاكم السودانية قد واجهت مسألة حماية الحق في حرمة الحياة الخاصة منذ زمن بعيد ولأول مرة في دعوى رفعت في إطار القانون المدني وفصل فيها في عام 1970م ما بين محمد أحمد النعيم ضد عادل عثمان . حيث أقرت المحكمة العليا في هذه القضية بالحق في حرمة الحياة الخاصة، ونادى رئيس المحكمة في حيثياته بضرورة حماية الحق في حرمة الحياة الخاصة وأنه يجب وضع قواعد لهذه الحمايه وأضاف" إن طابع هذا العصر وأخلاقياته تجعل حماية حرمة الحياة الخاصة في درجة وأهمية حماية ممتلكات الناس الأخرى"(26).
المطلب الثاني : قانون المعاملات الإلكترونية لسنة 2007م :
يعد الحق في الخصوصية أو الحق في حماية الحياة الخاصة واحداً من بين حقوق الإنسان المعترف بها، وقد أثرت تقنية المعلومات على هذا الحق على نحو أظهر إمكان المساس به إذا لم تنظم أنشطة تجميع ومعالجة وتبادل البيانات الشخصية.
أظهر الواقع العملي وجوب التدخل التشريعي لتنظيم أنشطة معالجة البيانات المتصلة بالشخص وتنظيم عمليات تخزينها في بنوك وقواعد المعلومات وعمليات تبادلها، هذا التنظيم التشريعي ليس مجرد إفراد قواعد ذات محتوى تنظيمي، بل امتد إلى إقرار قواعد تتصل بالمسئولية المدنية والجنائية عن أنشطة مخالفة قواعد التعامل مع البيانات الشخصية سواء ما يرتكب من قبل القائمين على هذه الأنشطة أم من قبل الغير، إضافة إلى التدخل التشريعي لتنظيم استخدام ونقل وتبادل وكشف المعلومات المتصلة بالمصالح الحكومية. ولم يقتصر مثل هذا الأثر على البيانات الشخصية فقط، بل تعداه إلى تنظيم المعلوماتية ومعاييرها في المصالح والمؤسسات الحكومية، وما يتصل به من التحديات المثارة بشأن تشفير البيانات أثناء نقلها، وما نشهده في الوقت الحاضر من حركة تشريعية لتنظيم معايير سرية البيانات والأنماط التقنية المقترحة أو المستخدمة لضمان السرية والخصوصية، ومن جانب آخر لضمان حرية انسياب المعلومات والوصول إلى السجلات الحكومية والبحثية .
الأمر الذي دفع بالمشرع السوداني لتبني مشروع قانون المعاملات الإلكترونية لسنة 2007م تماشياً مع تلك الثورة التشريعة والتكنولوجية الهائلة وسوف نستعرض بعض ملامح هذا القانون ونوجزها فيما يلي :
أهداف قانون المعاملات الإلكترونية السوداني لسنة 2007م :
يهدف قانون المعاملات الإلكترونية لسنة 2007م الى إيجاد قواعد قانونية لتبادل البيانات إلكترونياً وتسهيل استعمال الوسائل الإلكترونية بصفة عامة ، وإجراء المعاملات على المستوي المصرفي والتجاري والأنشطة الأخرى المصاحبة على وجه الخصوص ، وبصدروه يكون المشرع السوداني قد وضع الأساس القانوني للأعمال الإلكترونية .
يمكن الإشارة الى تلك الأهداف بشئ من التفصيل على النحو التالي :
- تيسير استخدام التعاملات والتوقيعات الإلكترونية على الصعيدين المحلي والدولي للإستفادة منها في جميع المجالات كالدفع المالي الإلكتروني والإجراءات الحكومية ، التجارة ، التعليم ، الإعلام ، الخ .
- إرساء قواعد نظامية موحدة لإستخدام التعاملات والتوقيعات الإلكترونية وتسهيل تطبيقها في القطاعين العام والخاص بواسطة سجلات إلكترونية يعول عليها .
- الإعتراف القانوني بإجراء المعاملات من خلال الوسائل الإلكترونية ، إذ أن المراسلة الإلكترونية تتم عن طريق إرسال واستقبال الرسالة عن طريق وسيلة إلكترونية ، وهذه الوسيلة قد تكون الفاكس أو التلكس وكذلك الإنترنت .
- الإعتراف بالوسائل الإلكترونية في التعاقد والأثبات ومنحها الحجية والمقبولية المقررة لوسائل التعاقد والإثبات القائمة في البينة غير الإلكترونية ، عن طريق إزالة العوائق والعقبات التي تعترضها ، كألتحول من الكتابة الخطية إلي الكتابة الإلكترونية ومن التوقيع العادي الى التوقيع الإلكتروني وذلك من خلال إيراد الأحكام اللازمة لإبرام العقد وكيفية تنفيذه ووسائل الأمان لحماية سرية المعلومات والبيانات لطرفي العقد أو غيرهم وذلك بهدف إكمال المعاملة الإلكترونية بصورة مضمونة وأمنة ، إذ انه لا إجتهاد في وجود النصوص .
- توفير الحماية الجنائية للتبادل الإلكتروني للبيانات ، ومنع إساءة الإستخدام والإحتيال في التعاملات والتوقيعات الإلكترونية .
- ضمان توثيق وسلامة المراسلات الإلكترونية ، حيث يحتاج ذلك الى التأكد من مبدأين :
الأول : توثيق هذه المراسلات وما تحتويه من بيانات ومعلومات حتى يمكن استرجاعها عند طلبها ، بالصورة التي حفظت بها ، وهو ما يسمى بالأرشيف الإلكتروني .
الثاني : سلامة هذه المعلومات والبيانات وتحصينها ضد السطو والإختراق عن طريق تشفيرها وتحويلها من صورة مقروءة الى صورة رمزية بحيث يصعب على الأخرين الوصول الى حقيقتها ، ولا يفك شفرة هذه البيانات إلا من له الحق في ذلك ، ولديه مفاتيح هذه الشفرة وهو ما لا يعرفه سوى أطراف المعاملة ، أو عن طريق إتباع برامج حمائية خاصة تحمي البيانات من الإختراق والإستيلاء عليها (27).
عندما تم إعداد مشروع قانون للمعاملات الالكترونية سنة 2007م، وعرّف المعاملات الإلكترونية بأنها "يقصد بها أي معاملات أو عقود أو اتفاقات يتم إبرامها أو يتم تنفيذها كلياً أو جزئياً عن طريق رسالة البيانات الإلكترونية".و نص مشروع القانون في المادة (3) على الآتي:
تطبق أحكام هذا القانون على جميع المعاملات الإلكترونية، وبهذا تسري أحكام هذا القانون على جميع المعاملات الإلكترونية. والمعاملات تشمل جميع المعاملات التي ينظمها قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م والذي نص في المادة (4) منه على أن أحكامه تطبيق على جميع الالتزامات والحقوق الناشئة من المصادر الآتية، ومنها: العقد , والمسئولية التقصيرية , والإثراء بلا سبب , والبيع , والهبة, الشركة, والقرض, والصلح, والإيجار, والإعارة, والمقاولة, والعمل, والوكالة, والوديعة , والحراسة ….
اتجهت المادة (5) من مشروع القانون نحو الاعتراف بصحة العقود الإلكترونية، حيث ذكرت أنه ومع مراعاة أحكام قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م يكون العقد صحيحاً إذا اتفق أطرافه على أن ينعقد كلياً أو جزئياً إلكترونياً.
أما المادة (4) من المشروع فقد اعتبرت رسالة البيانات وسيلة للتعبير كلياً أو جزئياً عن إرادة الأطراف لإبداء الإيجاب والقبول بقصد إنشاء التزام تعاقدي.
المطلب الثالث : قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007م :
فرضت المعلوماتية مشكلات استدعت تدخلات عاجلة ومدروسة من جهات التشريع ومن رجال القانون لتحقيق التوازن بين حقوق المبدعين ومن يجاورهم من جانب ، وحقوق المتلقين ومستخدمي هذا الإبداع من جانب آخر في عالم تلاشت فيه الحدود ويتم فيه تداول المعلومات بكل صورها وأشكالها بسهولة ويسر وبغير قيود .
هذه المتغيرات جميعها تتطلب دعم (الوعي المعلوماتي) لدى العامة بهدف تحقيق هذا التوازن بين الحق المترتب للمبدعين في مقابل جهدهم وبين الحق في المعرفة ، وهو توازن صعب المنال فر إطار ثورة الاتصالات الحالية التي لا تكف كل يوم عن أن تقدم لنا الدليل على عجز الإنسان عن ملاحقتها ، خاصة أن هنالك منافسة شرسة بين دول العالم في سرعة الاستفادة من نتائج تطور التقنية وإذا ما كانت الدول المتقدمة تعي الآثار السلبية للتقنيات الحديثة للمعلومات وترشد من استخدامها بين الجماهير ، إلا أن العديد من الدول النامية والتي مازالت تعاني من مشاكل الأمية والتخلف العلمي والتقني تواجه مشاكل الآثار السلبية لنقل العديد من التقنيات الحديثة في مجال المعلومات منها تهديد تراثها الثقافي وقيمها الأخلاقية الى جانب المخاطر الصحية التي تحيط بالجماهير نتيجة الأستخدام غير المرشد وغير الواعي لهذه التقنيات (28).
وقد أدي انتشار التعامل بالأساليب التكنولوجية الحديثة مثل الحاسب الآلي والإنترنت الى ظهور العديد من الأساليب الإجرامية المستحدثة التي لم تكن معروفة من قبل والتي أصبحت تهدد مصالح المجتمع والأفراد وتحتاج الى حماية قانونية .
ويزيد انتشار هذه الوسائل المعلوماتية الحديثة من فرص انتشار هذا النوع الجديد من الجرائم (جرائم نظم المعلومات) ، وهي الجرائم التي تتصل بالمعلوماتية . وهذه الجرائم يمكن ارتكابها عن طريق أساليب إجرامية مستحدثة لم تكن معروفة من قبل كفيروس الحاسب الذي يستخدم في تدمير البرامج ، أو أسلوب السحب الآلي من الرصيد ممن ليس له صفة شرعية ، كذلك جرائم التجسس عن بعد وسرقة بيانات تتعلق بالأمن القومي ، فضلاً عما يمكن حدوثه من مساس بحياة الأفراد الخاصة وانتهاكها ، أو وقوع جرائم تمس الآداب عن طريق شبكة الإنترنت .
الأمر الذي أدي بدوره لوضع جرائم نظم المعلومات على بساط البحث ومناقشة الأساليب الإجرامية المستحدثة ، واستحداث القوانين والتشريعات المنظمة للمعلومات الأمر الذي دفع بالمشرع السوداني لتبني مشروع قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007م تماشياً مع تلك الثورة التشريعة والتكنولوجية الهائلة وسوف نستعرض بعض ملامح هذا القانون الذي قام بتقسيم الجرائم الى ست مجموعات نوجزها فيما يلي :
أولاً : جرائم نظم ووسائط وشبكات المعلومات :
وتشتمل على الجرائم الأتية :
- جريمة دخول الموقع أو أنظمة المعلومات المملوكة للغير .
- جريمة دخول المواقع وأنظمة المعلومات من موظف عام .
- جريمة التنصت أو إلتقاط أو إعتراض الرسائل .
- جريمة دخول المواقع عمداً بقصد الحصول على بيانات أو معلومات أمنية .
- جريمة إيقاف أو تعطيل أو إتلاف البرامج أو البيانات أو المعلومات .
- جريمة إعاقة أو تشويش أو تعطيل الوصول للخدمة .
ثانياً : الجرائم الواقعة على الأموال والبيانات والأتصالات :
وتشتمل على الجرائم الأتية :
- التهديد أو الإبتزاز .
- الاحتيال أو انتحال صفة غير صحيحة .
- الحصول على أرقام أو بيانات بطاقات الإئتمان .
- الإنتفاع دون وجه حق بخدمات الإتصال .
ثالثاً : جرائم النظام العام والآداب :
وتشتمل على الجرائم الأتية :
- الاخلال بالنظام العام والآداب .
- إنشاء أو نشر المواقع بقصد ترويج أفكار وبرامج مخالفة للنظام العام أو الآداب .
- انتهاك المعتقدات الدينية أو حرمة الحياة الخاصة .
- إشانة السمعة .
رابعاً : جرائم الإرهاب والملكية الفكرية :
وتشتمل على الجرائم الأتية :
- إنشاء أو نشر المواقع للجماعات الإرهابية .
- جريمة نشر المصنفات الفكرية دون وجه حق .
خامساً : جرائم الإتجار في الجنس البشري والمخدرات وغسل الأموال :
وتشتمل على الجرائم الأتية :
- الاتجار في الجنس البشري .
- الإتجار أو الترويج للمخدرات أو المؤثرات العقلية .
- غسيل الأموال .
سادساً : أحكام عامة :
وتشتمل على الجرائم الأتية :
- التحريض أو الإتفاق أو الإشتراك .
- الشروع .
المحكمة المختصة :
ينشئ رئيس القضاء وفقاً لقانون الهيئة القضائية لسنة 1986م محكمة مختصة للجرائم المنصوص عليها في هذا القانون .
المبحث الخامس
الإعلام والمسئولية القانونية
كما تبين سابقاً فإن النشاط الإعلامي والإعلاميين يخضعون لعدد من القوانين والتي تخضعهم للمسئولية القانونية في حال إرتكابهم أي من الجرائم أو الإنتهاكات المنصوص عليها في تلك القوانين وتفرض عليهم أنواعاً مختلفة من العقوبات الجزائية والمدنية .
المطلب الأول :القضاء :
يتشكل النظام القضائي في السودان من عدد من المحاكم ذات الاختصاصات المختلفة ، فهنالك المحاكم في السودان من: المحكمة العليا، محكمة الاستئناف، والمحكمة العامة، والمحاكم الجزئية، ومجالس القضاء وتختص كل من هذه المحاكم بنظر المسائل التي يجب أن ترفع إليها طبقاً للقانون.
من الثابت أن التقاضي في السودان على درجتين: محاكم الدرجة الأولى، ومحاكم الدرجة الثانية. وقد وزع المشرع ولاية القضاء بينهما. هذا وقد طرأ تغيير ملحوظ على الجهاز القضائي إذ أصبح لكل إقليم جهاز قضائي يرأسه رئيس محكمة الاستئناف، الذي يجب ألا تقل خبرته عن خمسة وعشرين عاماً.
ويتكون كل جهاز قضائي من: محكمة للاستئناف، ومحاكم عامة، ومحاكم جزئية، ومجالس للقضاة كما يمكن أن تٌكوَّنَ أية محكمة أخرى تنشأ بموجب أمر تأسيس، يصدره رئيس القضاء بتوصية من رئيس الجهاز القضائي المختص، والذي يبيّن كيفية تكوينها وتعيين مقرها وتحديد اختصاصها.
وقد سلب قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م السلطات الاستئنافية من قضاة المحاكم العامة، بحيث أصبح اختصاصها ابتدائياً فحسب. وذلك فيما يخرج عن اختصاص المحاكم الجزئية.
وتختص محكمة الاستئناف بنظر الطعون بالنسبة لأحكام المحاكم الجزئية والمحكمة العامة حيث ينتهي النزاع عندها، إلاّ إذا كان هناك عيب في القانون. وعندئذٍ يرفع الأمر إلى المحاكمة العليا لا بوصفها درجة ثالثة للتقاضي، وإنما بوصفها محكمة قانون أما الأحكام التي تصدرها مجالس القضاة، فيرفع بشأنها لمحكمة قاضي الدرجة الأولى، وينتهي النزاع فيها(29).
الاختصاص القيمي :
قد حدد المشرع نصاباً مالياً معيناً لكل محكمة ابتدائية. وأصبح لزاماً على المحاكم مراعاة ذلك النصاب، بالنسبة للقضايا المعروضة عليها. وهذا ما يسمى بالاختصاص القيمي.
الاختصاص النوعي :
وللاختصاص النوعي قواعد معينة تقوم بتوزيع وتحديد المنازعات، التي تختص بها كل محكمة على حدة. وترجع أهمية الاختصاص النوعي إلى أن المشرع قد أوجد درجات مختلفة للمحاكم، وزّع بينها القضايا مراعياً في ذلك مصلحة المتقاضين، بالإضافة إلى المصلحة العامة. وذلك لتوفير أكبر قدر من الضمانات، سواء أكان ذلك في ترتيب درجاتها، أو في مركز وقوعها، أو في تخصصها.
الاختصاص المحلي :
يقصد بالاختصاص المحلي " المكاني" وجود حدود مكانية، أو محلية، تستطيع المحكمة مباشرة سلطاتها داخلها ولا تتعداها إلى غيرها. ونظراً لتعدد محاكم الدرجة الواحدة، واستقلال كل منها بدائرة إقليمية تنفرد بالفصل في منازعاتها؛ فقد أصبح من المتعين معرفة المحكمة المختصة لإمكان إقامة الدعوى. والاختصاص المحلي يعني انفراد أي محكمة من محاكم الدرجة الواحدة بنظر المنازعات في حدود مكانية معينة.
وأصل الاختصاص المكاني هو تقسيم اقليم الدولة إلى وحدات مكانية تستطيع كل محكمة أن تباشر من خلالها سلطاتها القانونية. مما يؤدى إلى تنظيم العمل داخل الدولة.
وفيما يتعلق بالقضايا المتعلقة بالإعلام والصحافة والمطبوعات والنشر فقد ، ترك أمر القضاء للسيد رئيس السلطة القضائية لتكوين محاكم مختصة استناداً للقوانين المنظمة لهذه الأعمال .
المطلب الثاني :المسئولية القانونية عن مخالفة قانون الصحافة والمطبوعات لسنة 2009م :
حدث تحول كبير في سياسة التجريم والعقاب في مختلف دول العالم ، ولم يعد عقاب مخالفي القانون إنتقاماً لهم وثأراً منهم ، بل أصبح هدف العقاب الردع : ردع المخالف نفسه ، وردع الأخرين عن القيام بالمخالفة . ولهذا أصبح مبدأ التناسبية معروفاً في الدول الديمقراطية وذلك بأن تتناسب العقوبة مع خطورة الفعل المخالف للقانون .
من الملاحظ أنه وبالرغم من وجود محكمة مختصة أنشئت بمقتضى أحكام هذا القانون إلا أنه يجوز لمجلس المصنفات الأدبية والفنية إجراء وتوقيع بعض الجزاءات الواردة في القانون على الأشخاص الإعتباريين والطبيعيين عند مخالفتهم لأي من أحكام هذا القانون .
كما أنه يجب على المجلس قبل ايقاع أي جزاء في حق أي شخص ان يتيح له حق السماع والدفاع ، وذلك يعطي المجلس سلطات قضائية وتنفيذية واجرائية .
و يرى الباحث أن هذا الأمر يعطي المجلس سلطات كثيرة ويجمع ما بين السلطات في يد المجلس الأمر الذي يتنافي مع مبدأ الفصل بين السلطات والذي يعتبر من المبادئ العامة للقانون الدستوري .
المطلب الثالث:الإعلام الإلكتروني :
من المعروف والمتداول أن الإعلام الالكترونى بات يحظى بحصة متنامية في سوق الإعلام نتيجة لسهولة الوصول إليه وسرعة إنتاجه وتطويره وتحديثه كما يتمتع بمساحات أكبر من الحرية البعيدة عن الرقابة القبلية أو القدرة على التحكم والمصادرة. ورغم أن نشأة أي وسيلة إعلامية جديدة لا تلغي ما سبقها من وسائل ، إلا أن الملاحظ أن الإعلام الالكترونى قد فرض واقعاً مختلفاً تماماً، فظهور الانترنت لا يعد تطويراً فقط لوسائل الإعلام السابقة وإنما هو وسيلة احتوت كل ما سبقها من وسائل، بل إن الدمج بين كل هذه الأنماط والتداخل بينها أفرز قوالب إعلامية متنوعة ومتعددة بما لا يمكن حصره أو التنبؤ بإمكانياته، مثل الإعلام التفاعلى الذى يمكن المستخدم على البعد من أن يتحول إلى فاعل مباشر ويسهم فى نقد وتقييم الاطروحات القائمة وأحيانا كثيرة يناقضها ويسعى الى تقديم بديل لها .
ولم يتوقف التغير على والوسيلة الإعلامية فقط أو كم الجمهور وإنما تعداه لطبيعة هذا الجمهور وموقعه من العملية الإعلامية المكونة من مرسل ومستقبل ووسيلة ورسالة وتغذية راجعة أو مرتدة ، إذ تغيرت تماماً عناصر هذه العملية في ظل ثورة الإعلام الإلكتروني وصار بينها نوع من التداخل والتطور النوعي أهمه إختفاء الحدود بين المرسل والمستقبل.. فأصبح الجمهور هو صانع الرسالة الإعلامية. وأبرز مثال على ذلك ظاهرة المواطن الصحفى والتي مثلت اتجاهاً كاسحاً في الإعلام الإلكتروني الغربي.
ولعل أهمية الإعلام الإلكترونى وإنعكاساته السياسية ظاهرة بشكل واضح فى السودان حيث التعددية السياسية والثقافية والاثنية والجهوية تجد لها متنفساً واسعاً فى الاعلام الالكترونى لم يكن متاحا لها من قبل. وغنى عن القول ان الاعلام الالكترونى بامكانياته غير المحدودة يمكن ان يكون وسيلة للتحفيز على بناء التكامل القومى واستكمال بناء مشروع الدولة الوطنية، واستكشاف المشترك بين الثقافات المتعددة من اجل البناء عليه.
يرى الباحث أنه وبالرغم من وجود آليات وبيئة قانونية إعلامية في السودان ، وقانون للمعاملات الإلكترونية صادر في العام 2007م ، إلا أن هذه القوانين لم تتناول بصورة واضحة ما ينشر خلال هذه الوسيلة التي لها علاقة وثيقة بكل من المطبوعات والمصنفات والاتصالات والاعلام حيث تشكل منظومة كبيرة وبوابة واسعة للإعلام الألكتروني الأمر الذي يتطلب مراجعة لنصوص هذه القوانين حتى تواكب الثورة الكبيرة في هذا المجال .
النتائج :
وقد خلص البحث الي النتائج التالية :
- أن البيئة القانونية "المؤسسات ـ القوانين " للاعلام في السودان بحاجة الي مراجعة القوانين والتشريعات.
- لم تراعي القوانين والتشريعات التوازن المناسب بين حريات الصحافة والقيم والمصالح العامة والخاصة.
- وجود تداخل في معظم النواحي الموضوعية والقانونية بين الجهات التنفيذية مثل الهيئة القومية للاتصالات ووزارة الثقافة والاعلام.
التوصيات :
وعليه نوصي بالأتي :
- إدراك أن الرقابة الأمنية على الإعلام والثقافة أوشكت على التلاشي في ظل العولمة الكونية المعاصرة وطفرة وسائل الإتصال .
- العمل على تبني دراسات وأبحاث خاصة عن النواحي القانونية المتعلقة بالإعلام ومعرفة آثارها وتحليلها وأثرها على المواطنين .
- العمل على توعية وتثقيف الإعلاميين بقضايا ومفاهيم حقوق الإنسان وترابط مجالاتها المدنية والسياسية والاقتصادية ، وحرية امتلاك الوسائل الإعلامية والدعوة لتعديل القوانين ذات الصلة بما يتناسب مع المعايير الدولية .
- العمل على الأستفادة من وسائل التقنية الحديثة سريعة الوصول وقليلة التكلفة (الإنترنت) لتزويد وسائل الإعلام بالمعلومات وربطها مع الجهات التنفيذية ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني .
- تسليط الضوء على مواقف السودان من الاتفاقيات الدولية ومدى التزام الحكومة بما وقعت عليه ، عبر وسائل الإعلام الإلكترونية .
- العمل على وضع نظام واضح لتصنيف الوثائق والمعلومات المحمية، والنص على اختصاص القضاء بتقييم إن كانت الوثائق المصنفة تستحق التصنيف أم لا .
- أن يتضمن القانون حماية واضحة للأشخاص والأفراد الذين يدلون بمعلومات بحسن نية حول الفساد أو سوء الإدارة في المؤسسات العامة .
المصادر والمراجع :
(1) د.مصطفي المصمودي ، النظام الإعلامي الجديد ، الكويت أكتوبر 1985م ص : (107) .
(2) التشريعات والسياسة الإعلامية في الأردن ، اعداد برنامج تدعيم الإعلام في الأردن ،تحرير : يحي شقير ،بدون تاريخ طبع .ص : (15) .
(3) حرية الصحافة من منظور حقوق الإنسان ، مطبوعات مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ، تقديم د.محمد السيد سعيد ص: (12).
(4) المرجع السابق نفسه ، ص: (12).
(5) الإعلان بشأن المبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام والتفاهم الدولي ، وتعزيز حقوق الإنسان ومكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض على الحرب ، صادر عن المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في دورته العشرين يوم 28 تشرين الثاني / نوفمبر1978م (المادة الثانية) .
(6) التشريعات والسياسة الإعلامية في الأردن ، اعداد برنامج تدعيم الإعلام في الأردن ،تحرير : يحي شقير ،بدون تاريخ طبع .ص : (17) .
(7) حرية الصحافة من منظور حقوق الإنسان ، مطبوعات مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ، تقديم د.محمد السيد سعيد ص: (14).
(8) التشريعات والسياسة الإعلامية في الأردن ، اعداد برنامج تدعيم الإعلام في الأردن ،تحرير : يحي شقير ،بدون تاريخ طبع .ص : (21) .
(9) الدستور الإنتقالي لجمهورية السودان لسنة 2005م .
(10) فيصل محمد صالح ، مقال بعنوان (الصحافة السودانية وحقوق الإنسان) ، احترام ، المجلة السودانية لثقافة حقوق الإنسان وقضايا التعدد الثقافي العدد الأول ، نوفمبر 2005م .
(11) أعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217(دـ3) في 10 ديسمبر 1948م .
(12) اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (2200) في 16 ديسمبر 1966م ، ودخل الى حيز النفاذ في 1976م .
(13) حرية الصحافة من منظور حقوق الإنسان ، مطبوعات مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ، تقديم د.محمد السيد سعيد ص: (14).
(14) د. محمود شريف بسيوني ، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الإنسان ، المجلد الثاني الوثائق الإسلامية والإقليمية ، دار الشروق ،الطبعة الأولي 2003م .
(15) الميثاق العربي لحقوق الإنسان ، المادة (3/أ) .
(17) د. الواثق عطا المنان محمد أحمد ، قوانين العمل المصرفي والتجاري في السودان ، الطبعة الأولي 2005م ، دار جامعة إفريقيا العالمية للطباعة ص : 381 ـ 395 .
(18) المرجع السابق نفسه ، ص : 396 ـ 401 .
(19) أ.د. محمد محمد الهادي ، تكنولوجيا الاتصالات وشبكات المعلومات ، الطبعة الأولي 2001م المكتبة الأكاديمية القاهرة ، ص : 23 .
(20) فتحي الأبياري ، صحافة المستقبل والتنظيم السياسي ، دار المعرفة الجامعية ، الأسكندرية ، الطبعة الثالثة ص : 11 .
(21) محجوب محمد صالح ، الصحافة السودانية في نصف قرن ، دار نشر جامعة الخرطوم الطبعة الأولي 1970م .
(22) فيصل محمد صالح ، مقال بعنوان (الصحافة السودانية وحقوق الإنسان) ، احترام ، المجلة السودانية لثقافة حقوق الإنسان وقضايا التعدد الثقافي العدد الأول ، نوفمبر 2005م .
(23) د. محمد الفاتح إسماعيل ،القانون الجنائي السوداني (أسسه ومبادئه ونظرياته العامة) ، الطبعة الأولي ، دار جامعة إفريقيا العالمية للطباعة ص : (د ـ هـ) .
(24) سورة النور الآية : (27) .
(25) المادة (37) من الدستور الإنتقالي السوداني لسنة 2005م .
(26) د.عزة علي محمد الحسن ، قانون الحاسوب مطبوعات جامعة السودان المفتوحة ، الطبعة الأولي 2007م ص : (199 ـ 200) .
(27) المرجع السابق نفسه ، ص : (20 ـ21)
(28) المهندس : حسن طاهر داود ، جرائم نظم المعلومات ، مطبوعات أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية ، الرياض ، الطبعة الأولي 2000م ، ص : (200) .
(29) أ.د. محمد الشيخ عمر ، قانون الاجراءات المدنية الجزء الأول (الدعوى) ، مطبوعات جامعة السودان المفتوحة الطبعة الأولي 2006م ص : (60) .
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل