في الواجهةمقالات قانونية

مسؤولية المشغل في الحفاظ على صحة و سلامة الأجراء داخل المقاولة

 

مسؤولية المشغل في الحفاظ على صحة و سلامة الأجراء داخل المقاولة

بقلم الدّكتورة أمينة رضوان

باحثة في العلوم القانونية

 

لقد كان الشغل و ما يزال محفوفا بالكثير من المخاطر التي من شأنها أن تعرّض الأجير للكثير من الأضرار و المخاطر، و إذا كانت جلّ التشريعات عملت على إقرار تعويضات له إثر إصابته بمرض مهني أو حادثة شغل فإنها عملت كذلك على سن قواعد تهدف إلى ذرء ما من شأنه أن يعرّض الأجراء إلى الخطر، و كذلك إلى سنّ القواعد التي ترمي إلى المحافظة على صحّتهم، و هو ما من شأنه أن يخفّف من المخاطر المحدقة عادة بالعمل، ويساهم إلى حد ما في ضمان سلامة الأجراء (1)

والصحة المهنية هي علم مهم جدّا يهدف إلى حماية العاملين بالمصانع ومنشآت العمل من الحوادث المحتملة التي قد تسبب إصابات و أضرار للأجير أو وفاة أو تتلف ممتلكات المنشأة.

وهذا العلم يترسّخ بعدة معايير واشتراطات يجب إتباعها للحفاظ على السلامة العامة، وعندما يقال السلامة للجميع فيقصد بها أنها مسؤولية الجميع حتى يعيشوا في بيئة عمل آمنة ومطمئنة.

وتدخل السلامة والصحة المهنية في كل مجالات الحياة، فمثلا عند التعامل مع الكهرباء والأجهزة المنزلية فلا غنى عن اتباع اشتراطات السلامة العامة وكذلك يجب قراءة الكتيّب الخاص بالأجهزة المراد استخدامها عند التعامل مع الكهرباء وكذلك عند قيادة السيارة فإنه يجب إتباع قواعد السلامة المرورية (2) .

وتعرّف الصحة والسلامة المهنية بأنها المجال الذي يهدف إلى حماية العاملين من مختلف أنواع المخاطر المرتبطة بالعمل أو ظروفه، وذلك من خلال معالجة العوامل الشخصية أو التقنية التي يمكن أن تؤدي إلى هذه المخاطر، الأمر الذي يفيد في تحسين بيئة العمل وشروطه، بحيث يبقى العمال بصحة بدنية وعقلية دائمة.

وقد أصبح مجال الصحة المهنية علماً قائماً بحد ذاته، يرمي إلى وضع قواعد ونظم ضمن إطار تشريعي من أجل الحفاظ على صحة وحياة الإنسان من خطر الإصابة وعلى ممتلكاته من الضياع والتلف (3) .

وهناك قلق متزايد بسبب الارتفاع المتواصل في عدوى فيروس كورونا كوفيد – 19 في جلّ أنحاء العالم، فضلا عن القلق في الحفاظ على معدلات الانخفاض فيها في مناطق أخرى من العالم. وتواجه الحكومات والمشغلين والأجراء ومنظماتهم تحديات هائلة في أثناء محاولة الجميع التصدي لهذه الجائحة والحفاظ على تدابير السلامة والصحة في أماكن العمل. وفضلا عن الأزمة الجارية، توجد مخاوف كذلك بشأن استئناف النشاطين الاقتصادي والاجتماعي بطريقة تدعم التقدم المحرز في الحد من انتشار العدوى ( 4)  .

وقد هيمنت الكثير من المخاوف من تأثير فيروس كورونا المستجد COVID-19  على فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للسلامة والصحة في مكان العمل، والذي تحتفل به الأمم المتحدة، في الثامن والعشرين من شهر أبريل من كل سنة. وقد ركز الاحتفال باليوم العالمي للصحة في مكان العمل هذا العام على مكافحة تفشي الأمراض المعدية، في مكان العمل، ولا سيما جائحة كوفيد-19.

وتحتفل منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، منذ عام 2003، بيوم الصحة في مكان العمل، وتتخذه مناسبة للتشديد على الوقاية من مختلف الأمراض والحوادث في مكان العمل، عبر تطبيق إرشادات صحة وسلامة، يتم تحديثها باستمرار، تبعاً لما يتم الإبلاغ عنه، من مختلف الدول، عن حالات إصابات في أمكنة عمل العمال والموظفين. (5)

ويعتبر موضوع حفظ صحة و سلامة الأجراء داخل المقاولة من أهم المواضيع التي تستهوي الباحث في علاقات الشغل الفردية، فالأمر يتعلّق بتدبير مجموعة أخطار يمكن أن تصيب صحة و سلامة العامل داخل المنظومة الشغلية، من أجل ذلك عزمت الخوض في غمار هذا البحث للتنقيب عن مسؤولية المشغل في الحفاظ على صحة و سلامة الأجراء داخل المقاولة، من خلال البحث عن التدابير التي يتخذها  المشغل في هذا الصدد، وذلك من خلال التطرق إلى المحاور التالية:

  • أولا: التدابير المتعلقة بالوقاية و السلامة المهنية  داخل المقاولة.
  • ثانيا : إحداث المصالح الطبية للشغل.
  • ثالثا: إحداث مجلس طب الشغل والوقاية من المخاطر المهنية.
  • رابعا: إحداث لجان السلامة و حفظ الصحة.

 

 

أولا: التدابير المتعلقة بالوقاية و السلامة المهنية داخل المقاولة

كانت منظمة العمل الدولية، قد أعلنت في شهر أبريل من هذه السنة  أن وباء كوفيد-19 قد تسبب بخسائر مدمّرة في ساعات العمل والوظائف، متوقعة حصول خسائر فادحة في مختلف فئات الدخل. ، و استطردت قائلة أن 81% من القوى العاملة العالمية، ستتأثر جراء الإغلاق الكلي أو الجزئي لأماكن العمل، بعد إجراءات الوقاية من كورونا والحد من تفشيه. ووصفت المنظمة الوباء بأنه أسوأ أزمة عالمية منذ الحرب العالمية الثانية. ونوّهت بضرورة تبني سياسات ترتكز على دعم الشركات والوظائف والدخل وتحفيز الاقتصاد وفرص العمل وحماية العاملين في أمكنة العمل، و في سياق الاحتفال باليوم العالمي للسلامة والصحة في مكان العمل صرّح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أن  جميع الدول مدعوة لضمان ظروف محددة بوضوح ولائقة وآمنة لكافة العاملين. كما حثت منظمة العمل الدولية، الحكومات على اتخاذ تدابير لحماية الأجراء في أماكن العمل، للوقاية من كوفيد-19، مؤكدة أن العودة الآمنة إلى العمل، وبعد تصاعد الضغط على الدول، لتخفيف قيود الإغلاق، يتطلب تقييم مخاطر العدوى، واتخاذ تدابير تقلل مخاطر تفشي الفيروس، وتقليل الاتصال الجسدي بين الموظفين والعمال والزبائن، وتحسين التهوية، وتنظيف الأسطح، وتقديم أدوات الوقاية مجاناً ( 6)

وقد عملت منظمة العمل الدولية على إصدار اتفاقيات تهتم ب “الصحة و السلامة المهنية” كما هو الحال بالنسبة للاتفاقية رقم 155 الصادرة سنة 1981 التي جاء في مادتها الثالثة ما يلي:” تقوم كل دولة عضو بصياغة و تنفيذ سياسة وطنية متسقة بشان السلامة و الصحة المهنية في بيئة العمل” ( 7)

وسعيا من الدول لحفظ صحة و سلامة مواطنيها فقد قنّنت هذه الحماية في صلب دساتيرها ، و المغرب مسايرة منه لهذه المنظومة التشريعية نص في صلب دستوره – كأسمى قانون في البلاد- على حفظ السلامة الجسدية و المعنوية لمواطنيه. وفي ذلك ورد الفصلين 21 و 22 من دستور المملكة الغربية لفاتح يوليوز   2011.  (8 )

وقد أسّس المشرع المغربي لقواعد حفظ الصحة و السلامة المهنية بالفصل 749 من ظهير 9 رمضان 1331  الموافق ل 12 غشت 1913 الذي جاء فيه “المعلم أو المخدوم، و على العموم كل رب عمل، يلتزم: – أوّلا: بأن يعمل على أن تكون الغرف، و محلات الشغل، و على العموم كل الأماكن التي يقدمها لعماله و خدمه و مستخدميه مستوفية كل الشروط اللازمة لعدم إلحاق الضرر بصحتهم و لتأمينهم من كل خطر كما أنه يلتزم بصيانتها لتبقى على نفس هذه الحالة طوال مدة العقد،

-ثانيا: بأن يعمل على أن تكون الأجهزة و الآلات و الأدوات و على العموم كل الأشياء التي يقدمها ، و التي يلتزم بواسطتها أداء الشغل في حالة من شأنها أن تقي من يستخدمهم من كل خطر يهدد حياتهم أو صحتهم في الحدود التي تقتضيها طبيعة الخدمات التي يؤدونها، كما أنه يلتزم بصيانتها لتبقى على نفس هذه الحالة طوال مدة العقد،

-ثالثا: بأن يتخذ كل ما يلزم من الاجراءات الوقائية لكي يؤمن لعماله و خدمه و مستخدميه حياتهم و صحتهم في أدائهم الأعمال التي يباشرونها تحت توجيهه أو لحسابه،

ويسأل المخدوم عن كل مخالفة لأحكام هذا الفصل وفقا للقواعد المقررة للجرائم و شبه الجرائم”

والفصل أعلاه واضح في كون المشرع أسّس لقواعد السلامة و الصحة المهنية، مفرّقا في ذلك بين تدابير الوقاية و اجراءات السلامة.

وقد سار تشريع الشغل من خلال مدونة الشغل على هذا المنوال عند فرضه على المشغل اتخاذ تدابير الوقاية و السلامة من أخطار الشغل، و هكذا أوجب المشرع على المشغل بداية أن يعرض للفحص الطبي الأجراء الذين ينوي تشغيلهم للقيام بأشغال أو لشغل مناصب تستوجب إجراء فحص طبّي مسبق ، و ويكون ذلك بصفة دورية (9) و بأن يسهر على نظافة أماكن الشغل، و بأن يحرص على أن تتوفر فيها شروط الوقاية الصحية ومتطلبات السلامة اللاّزمة للحفاظ على صحة الأجراء، وخاصة فيما يتعلق بأجهزة الوقاية من الحرائق و الإنارة و التدفئة و التهوية و التخفيض من الضجيج و استعمال المراوح و الماء الشروب و آبار المراحيض و تصريف مياه الفضلات و مياه الغسل و الأتربة و الأبخرة و مستودعات ملابس الأجراء و مغتسلاتهم و مراقدهم، و يجب على المشغل أن يضمن تزويد الأوراش بالماء الشروب بكيفية عادية و أن يوفر فيها للأجراء مساكن نظيفة و ظروفا صحية ملائمة (10) ، كما أوجب عليه أن تكون أماكن الشغل مجهّزة تجهيزا يضمن سلامة الأجراء و يسهل شغل الأجراء المعاقين المشتغلين بها ، و بأن تكون الآلات و أجهزة التوصيل ووسائل التدفئة و الإنارة و الأدوات الخفيفة و الأدوات الثقيلة مجهزة بوسائل للوقاية ذات فعالية معترف بها، و أن توفر لها أضمن شروط الأمان الممكنة تفاديا لما قد يترتب عن استعمالها من خطر على الأجراء (11) وللمزيد من الاحتياطات فإنه يمنع على المشغل كذلك شراء أو استئجار الآلات أو أجزاء الآلات التي تشكل خطرا على الأجراء و التي تتوفر أصلا على وسائل للوقاية ذات فعالية معترف بها دون أن تكون هذه الآلات أو أجزاء الآلات مجهّزة بهذه الوسائل (12) و يمنع على أيّ أجير أن يستعمل آلة من غير أن تكون وسائلها الوقائية مثبتة في مكانها المناسب ، كما يمنع عليه أيضا أن يعطّل هذه الوسائل التي جهزت بها الآلة التي يشتغل عليها و يمنع تكليف أي أجير باستعمال آلة من غير أن تكون وسائلها الوقائية التي جهزت بها مثبتة عليها في مكانها المناسب ، وأيضا يمنع عليه تكليف أيّ أجير بأن يحمل يدويا أية حمولات من شأنها أن تعرّض صحته أوسلامته للخطر  (13) . و نظرا لكون بعض الأجراء يشتغلون في بعض المهن الخطيرة فقد أوجب تشريع الشغل على المشغل كذلك أن يكون الأجراء الذين يشتغلون في الآبار وأنابيب الغاز و قنوات الدخان و آبار المراحيض و الأحواض و عموما أية أجهزة قد تحتوي على غازات ضالّة مشدودين برباط و محميين بأيّة وسيلة أخرى من وسائل الأمان بما فيها الأقنعة الواقية (14) . هذا و يجب أن تضمن شروط السلامة و حفظ الصحة التي تباشر في إطارها الأشغال في المناجم و المقالع و المنشآت الكيماوية ظروفا صحية و أمنية للأجراء، تكتسي طابعا خصوصيا و تتلاءم و المقتضيات المحددة بنصوص تنظيمية (15) و فضلا عن ذلك يجب أن تكون الآبار و المنافذ و فتحات الهبوط محاطة بسياجات،  وأن تكون المحركات محاطة بعوازل و محمية بحواجز واقية ، كما يجب أن تكون السلالم متينة و مجهزة بدرابيز صلبة قوية، و أن تكون سقالات البناء محاطة بحواجز صلبة يبلغ ارتفاعها تسعين سنتمترا على الأقل، (16) وأن تكون القطع المتحركة من الآلات كسواعد المحرك و دواليبه و العجلات و أذرع التوصيل و المسننات و مخاريط او أساطين الاحتكاك مجهزة بوسائل للوقاية أو معزولة عن الأجراء، و تقاس على ذلك السيور و الحبال المعدنية إذا كانت تعبر أماكن الشغل أو تستعمل مرفوعة من الأرض بأقل من مترين بواسطة بكرات ناقلة، و يجب توفير أجهزة ملائمة للآلات و أن توضع هذه الأجهزة رهن إشارة الأجراء لتجنيبهم ملامسة السيور و هي في حالة اشتغال. (17) و لمّا كانت في بعض المهن تستعمل مواد خطيرة فإن المشرع منع على المشغل السّماح لأجرائه باستعمال مستحضرات أو مواد أو أجهزة أو آلات ترى السلطة المختصة بأنها قد تلحق الضرر بصحتهم أو تعرّض سلامتهم للخطر، و يحرص صاحب الشغل استعمال أجرائه بشروط تتنافى و الشروط المحددة بنص تنظيمي مستحضرات ومواد وأجهزة و آلات تضر بصحتهم و تعرض سلامتهم للخطر، (18) كما أنه يجب عليه إذا كانت تركيبة المنتجات المستعملة تتضمن موادّا و مستحضرات خطيرة أن يتأكد من أن غلاف تعبئتها يحمل تحذيرا مكتوبا ينبّه إلى خطورة استعمال تلك المواد و المستحضرات (19). و من المسؤوليات الملقاة على عاتق المؤاجر كذلك نجد مسؤولية اطلاعه الأجراء على الأحكام القانونية المتعلقة بالاحتراس من خطر الآلات، بحيث يجب عليه أن يلصق في مكان مناسب من أماكن الشغل التي اعتاد الأجراء دخولها إعلانا سهل القراءة يحذّر فيه من مخاطر استعمال الآلات و يشير فيه إلى الاحتياطات التي يجب اتخاذها في هذا الشأن (20)

ولا شك أن قواعد حفظ الصحة و السلامة المهنية تعتبر من القواعد الآمرة التي لا يجوز مخالفتها لتعلقها بالنظام العام الاجتماعي، خاصة أنّ السهر على “حماية الصحة و السلامة الجسدية” بشكل مطلق يتعلّق ب”حق دستوري” أوصت به الاتفاقيات الدولية و العربية. و لأجله فإنّه يمنع منعا باتّا عدم الامتثال له ، سواء من طرف الأجير أو المشغل. و هكذا يعدّ عدم امتثال الأجراء للتعليمات الخصوصية المتعلقة بقواعد السلامة و حفظ الصحة و هم يؤدون بعض الأشغال الخطيرة بالمفهوم الذي يعنيه هذا القانون والمقتضيات الصادرة في شأن تطبيقه “خطأ جسيما ” يمكن أن يترتب عنه فصلهم من الشغل دون إخطار و لا تعويض عن الفصل و لا عن الضرر إذا سبق إطلاعهم بكيفية قانونية على تلك التعليمات وفق الشكليات المنصوص عليها في هذا القانون، (21)  وفي المقابل يعاقب المشغل بغرامات مالية على خرقه قواعد حفظ السلامة و الصحة المهنية تصل إلى عشرون ألف درهم مع مضاعفة الغرامات في حالة العود متى تم ارتكاب أفعال مماثلة داخل السنتين المواليتين لصدور حكم نهائي، كما يمكن للمحكمة في حالة خرق المشغل للمقتضيات التشريعية أو التنظيمية المتعلّقة بمراعاة شروط السلامة و حفظ الصحة أن تصدر حكمها بالإدانة مقرونا بقرار الإغلاق المؤقت للمؤسسة طيلة مدة لا يمكن أن تقل عن عشرة أيام و لا تتجاوز ستة أشهر و في حالة العود يمكن للمحكمة أن تصدر حكمها بالإغلاق النهائي للمؤسسة.

ومغادرة الأجير عمله لعدم تجهيز أماكن الشغل بما يضمن سلامته لا يعتبر مغادرة تلقائية منه و إنّما فصلا من العمل “مقنعا ” من جانب المشغل لكون الأجراء لم يغادروا بمحض إرادتهم العمل بل تحت تأثير الظروف الغير الصحية و الغير ملائمة في مكان العمل. و في هذا  الصدد صدر قرار الغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض رقم 1203 بتاريخ 14 ماي 2015 في الملف الاجتماعي عدد 661/5/1/2014 الذي جاء فيه “حيث ثبت صحة ما نعته الطالب على القرار المطعون فيه، ذلك أن الحفاظ على صحة و سلامة الأجراء و صحتهم من الاصابات الناجمة عن العمل و تجنبيهم مخاطر العمل في أماكن غير مأمونة هي من الالتزامات الرئيسية الملقاة على عاتق المشغل، أصبغ عليها المشرع صفة النظام العام، و رتّب على عدم احترامها جزاءات زجرية، و جاء بمقتضيات قانونية تعزز الضمانات الممنوحة للأجراء كلّما تعلّق الأمر بسلامتهم وصحتهم منصوص عليها في المواد 24 و 281 إلى 344 من مدونة الشغل، و الثابت من وثائق القضية أن الأجير رفقة أجراء آخرين كانوا يشتغلون تحت أشعة الشمس الحارقة، و هو ما يتنافى مع ضرورة تجهيز أماكن الشغل تجهيزا يضمن سلامة الأجراء المنصوص عليها في المادة 281 من المدونة و منصوص عليها أيضا في نصوص قانونية دولية كاتفاقية الصحة و السلامة المهنية الصادرة عن مؤتمر العمل الدولي في يونيو 1981، و القرار المطعون فيه اعتبر أن الأجير غادر العمل تلقائيا دون أن يبحث في ما أثير حول ظروف العمل خاصة و أن الشهود أكدوا على أن الأجراء احتجّوا على تشغيلهم فوق سطح المقاولة و تحت أشعة الشمس، بل إن الشاهد …صرح أن المسؤول أخبرهم بأن العامل الذي لم يرقه الأمر ما عليه إلا أن يغادر، و هو ما لا يمكن اعتباره إلا طردا مقنعا لكون الأجراء لم يغادروا بمحض إرادتهم بل تحت تأثير الظروف الغير الصحية و الغير ملائمة في مكان العمل، و هو ما يجعل القرار فاسد التعليل وخارق للمقتضيات القانونية المشار إليها اعلاه مما يعرضه للنقض” (22).

وبهذا نسجّل أن تشريع الشغل كان واعيا بخطورة الأشغال الخطيرة التي قد يشتغل فيها الأجراء وأضرار بعض المواد  و المستحضرات المستعملة في بعض المهن، فنسج مجموعة تدابير وقائية و احترازية  يجب على المشغّل ضمان توفرها داخل المقاولة الشغلية حفاظا على الصحة و السلامة المهنية ، يترتب عن خرقها من كلا طرفي العلاقة الشغلية جزاءات مختلفة. وقد منحت مدونة الشغل للأعوان المكلفين بتفتيش الشغل صلاحيات واسعة للوقوف على هذه الخروقات المتّصلة بعدم حفظ الصحة و السلامة المهنية للأجراء داخل المقاولة(23)  . و لأهمية المراقبة من أجل الوقوف على الخروقات التي تحول دون التطبيق السلم لأحكام و مقتضيات مدونة الشغل فقد نصّ الفصل 16 من الاتفاقية رقم 109-81 على حرية مفتشي الشغل الدخول لكل مؤسسة تدخل في نطاق دائرتين دون إعلام أو تحديد للوقت، كما نصت المادة 13 من الاتفاقية الدولية رقم 811 على منح مفتشي الشغل سلطة اتخاذ الخطوات الرامية إلى معالجة النواقص التي تلاحظ في التركيبات أو التخطيطات أو أساليب العمل التي يكون لديهم سبب معقول للاعتقاد بأنها تشكل تهديدا لصحة العمال المكلفين بتفتيش الشغل مباشرة بكل أنواع الرقابة و البحث و التحري للتأكد من أن القواعد القانونية قد وقع تطبيقها على وجه صحيح ومن حق المفتش أن يستفسر المشغل أو الأجراء كل واحد على حدة أو إحضار شهود ومن حقهم الإطلاع على جميع الوثائق و الدفاتر و اللوائح حتى يتأكد من مطابقتها للقانون.

ثانيا: إحداث المصالح الطبية للشغل.

لا يكفي أن يتّخذ المشغّل مجموعة من التدابير لحفظ الصحة و السلامة المهنية لأجرائه داخل المقاولة ، و إنما ألزمه المشرع كذلك بإحداث مصالح طبية للشغل، وهو ما يجعلنا نتساءل عن نطاق تطبيق هذه المصالح الطبية والتزاماتها واختصاصاتها و حقوق المصالح الطبية للشغل داخل المقاولة..

أ/نطاق تطبيق المصالح الطبية

يجب إحداث مصالح طبية مستقلة للشغل لدى:

المقاولات الصناعية و التجارية و مقاولات الصناعة التقليدية و الاستغلالات الفلاحية و الغابوية و توابعها، اذا كانت تشغل ما لا يقل عن خمسين أجيرا، لمقاولات الصناعية و التجارية و مقاولات الصناعة التقليدية و الاستغلالات الفلاحية و الغابوية و توابعها، و المشغلين الذين يباشرون أشغالا تعرض الأجراء لمخاطر الأمراض المهنية، التي حددها التشريع المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل و الامراض المهنية (24)

وبالنسبة للمقاولات الصناعية و التجارية و مقاولات الصناعة التقليدية و الاستغلالات الفلاحية و الغابوية و توابعها التي تشغل أقل من خمسين أجيرا فيجب عليها أن تحدث إما مصالح طبية للشغل مستقلة أو مصالح طبية مشتركة  وفق الشروط المحدّدة من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالشغل.

و يوافق المندوب الاقليمي المكلف بالشغل على اختصاص هذه المصالح الطبية الترابي و المهني بعد موافقة الطبيب المكلف بتفتيش الشغل. و قد أوجب المشرع على المصلحة الطبية المشتركة بين المقاولات أن تقبل عضوية كل مقاولة داخلة في نطاق اختصاصها مالم ير المندوب الاقليمي المكلف بالشغل خلاف ذلك(25)

ب- التزامات الإطار البشري للمصالح الطبية

يسهر على سير المصالح الطبية للشغل طبيب أو أكثر يطلق علهم “أطبّاء الشغل” الذين يتعين عليهم أن يباشروا مهامهم بأنفسهم، و يشترط فيهم أن يكونوا حاصلين على شهادة تثبت أنهم مختصّون في طب الشغل (26) ، و أن يكونوا مسجلين في جدول هيئة الأطباء و مرخصا لهم بمزاولة الطب (27) ، و إذا كان الطبيب أجنبيا يضاف له إلى هذين الشرطين أن يكون حاصلا على الترخيص المنصوص عليه في المقتضيات الخاصة بتشغيل الأجانب (28) ، و متى استجمع الطبيب الذي ينوي الاشتغال داخل مقاولة هذه الشروط فإنه يرتبط بالمشغل أو برئيس المصلحة الطبية المشتركة بين المقاولات بعقد شغل تراعى فيه القواعد التي تقوم عليها أخلاقيات المهنة (29) ، و يتعين عليه أن يؤدي مهمّته بكل استقلال و حرية سواء إزّاء المشغّل أو تجاه الأجراء و ألاّ يراعي إلا الاعتبارات الخاصة بمهنته (30) ويجب عليه أن يحفظ أسرار المعدّات الصناعية و التقنية و أسرار تركيبة المنتجات المستعملة (31)  و تبقى مسؤولية الطبيب قائمة في التصريح وفق الشروط المنصوص عليها في التشريع الشغل بكل حالة من حالات الأمراض المعنية التي علم بها و بالأعراض أو الأمراض التي يمكن أن تكون لها صبغة مهنية، كما يقع عليه مسؤولية مسك بطاقة المقاولة التي يعمل على تحيينها باستمرار ، و هي تتضمن لائحة الأخطار و الأمراض المهنية إن وجدت وعدد الأجراء المعرضين لهاته الأخطار و الأمراض، بحيث يعمل على توجيهها للمشغل و للجنة حفظ الصحة و السلامة داخل المقاولة، و التي تكون رهن إشارة العون المكلف بتفتيش الشغل و الطبيب مفتش الشغل (32) و يتولى رئيس المصلحة الطبية المستقلة أو المشتركة بين المقاولات إدارة المصلحة، و يجب عليه أن يوجّه سنويا تقريرا حول تنظيم المصلحة و سيرها و تدبيرها المالي عن السنة الفارطة إلى كل من العون المكلف بتفتيش الشغل و إلى الطبيب المكلف بتفتيش الشغل و إلى مندوبي الأجراء و الممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم و إلى مناديب السلامة إذا تعلّق الأمر بالمقاولات المنجمية التي يسري عليها النظام المنجمي ( 33)

كما يجب أيضا على المصالح الطبية للشغل المستقلة أو المشتركة بين المقاولات أن تستعين في جميع أوقات الشغل بمساعدين اجتماعيين أو ممرضين حاصلين على إجازة الدولة و مرخص لهم وفقا للتشريع الجاري به العمل في ممارسة اشغال المساعدة الطبية (34) كما يجب تلقين أجيرين على الأقل من الأجراء الذين يعلمون داخل كل ورشة تنجز فيها أشغال خطيرة تقنيات و أساليب الاسعاف الأولي المستعجل (35)

ت- اختصاصات المصالح الطبية للشغل

يسهر على سير المصالح الطبية للشغل طبيب أو اكثر يطلق عليهم اسم أطبّاء الشغل، و يجب عليهم أن يباشروا مهامهم بأنفسهم، ويمكن تقسيم اختصاصات المصالح الطبية للشغل إلى: اختصاصات وقائية و اختصاصات استشارية، كالآتي:

  • الاختصاصات الوقائية للمصالح الطبية:

يؤدي طبيب الشغل دورا وقائيا يتمثل في إجراء الفحوص الطبية الواجبة على الأجراء، خاصة الفحص الطبي،  الرامي إلى التأكد من ملاءمة مناصب الشغل للحالة الصحية للأجراء عند بداية تشغيلهم و إلى تجنيبهم كل ما قد يضر بصحتهم بسبب الشغل، و لا سيما بمراقبة شروط النظافة في مكان الشغل ومخاطر العدوى و الحالة الصحية للأجراء (36) . كما يكون طبيب الشغل مؤهلا لاقتراح تدابير فردية كالنقل من شغل إلى آخر أو تحويل منصب الشغل إذا كانت تلك التدابير تبررها اعتبارات تتعلق خاصة بسن الأجير و قدرته البدنية على التحمل وحالته الصحية، بحيث يجب على رئيس المقاولة أخذ تلك المقترحات بعين الاعتبار، و يجب عليه إذا رفض العمل بها بيان الأسباب التي حالت دون الأخذ بها، و في حالة حدوث صعوبات أو عدم اتفاق فإن العون المكلف بتفتيش الشغل يتولّى إصدار قرار في الموضوع بعد أخذ رأي الطبيب مفتش الشغل (37) (38)

  • الاختصاصات الاستشارية للمصالح الطبية:

يضطلع طبيب الشغل بدور استشاري خصوصا بالنسبة للإدارة و رؤساء المصالح و رئيس المصلحة الاجتماعية لا سيما فيما يتعلق بالحرص على تطبيق تدابير مراقبة شروط النظافة العامة في لمقاولة ووقاية الأجراء من الحوادث و جميع الأضرار التي تهدّد صحتهم و مراقبة مدى ملاءمة منصب الشغل للحالة الصحية للأجير، و تحسين ظروف الشغل خاصة فيما يتعلق بالبنايات و التجهيزات المستحدثة، و مدى ملاءمة تقنيات الشغل للتكوين الجسمي للأجير، و استبعاد المستحضرات الخطيرة و دراسة وتيرة الشغل (39) و عموما يجب استشارة طبيب الشغل في كل المسائل المتعلقة بالتنظيم التقني للمصلحة الطبية و التقنيات الجديدة للنتاج و المواد و المستحضرات الجديدة (40)

ث- حقوق المصالح الطبية للشغل داخل المقاولة:

يجب على رئيس المقاولة أن يطلع طبيب الشغل على تركيبة المنتجات التي يستعملها في مقاولته (41) ، و أن يقدم له جميع التسهيلات التي تتيح له من جهة مراقبة مدى استيفاء المقاولة لشروط الشغل و في مقدمتها التعليمات الخاصة التي تحث على التمسك بتدابير السلامة و حفظ الصحة عند إنجاز أشغال خطيرة  و تتيح له من جهة أخرى التعاون مع الأطباء القائمين على علاج الأجراء ومع كل ما يمكن أن يفيده في شغله (42) وتتحمل المقاولة أو المصلحة الطبية المشتركة بين المقاولات مصارف تنظيم المصلحة الطبية و مراقبتها و تتكفل بأداء الاجر المخصص لطبيب الشغل (43) و يؤدى الأجر عن الوقت الذي استلزمته الفحوص الطبية المجراة على الأجراء باعتباره وقتا عاديا من أوقات الشغل (44) هذا و تتولى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل تحديد الحد الأدنى من الوقت الذي يجب على طبيب أو أطبّاء الشغل تكريسه للأجراء مع التمييز بين المقاولات التي لا يخشى فيها على صحة الأجراء و بين تلك التي يجب إخضاعها لرقابة خاصة (45) و يجب أن يكون كل إجراء تأديبي يعتزم المشغل أو رئيس المصلحة الطبية المشتركة بين المقاولات اتخاذه في حق طبيب الشغل موضوع قرار يوافق عليه العون المكلف بتفتيش الشغل بعد أخذ رأي الطبيب مفتش الشغل (46)

وحتىّ يضمن احترام تطبيق المقتضيات المتعلقة بالمصالح الطبية للشغل فإن المشرع رتّب على خرقها مقتضيات زجرية في شكل غرامات مالية تتراوح ما بين 2000 و 5000 درهم (47)

ثالثا: إحداث مجلس طب الشغل و الوقاية من المخاطر المهنية.

يحدث لدى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل مجلس استشاري يسمى “مجلس طب الشغل و الوقاية من المخاطر المهنية ” الذي يراسه الوزير المكلف بالشغل او من ينوب عنه و يتكون من ممثلين عن الإدارة و عن المنظمات المهنية للمشغلين و المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا و يمكن لرئيس المجلس أن يدعو للمشاركة في أشغاله كل شخص يراعى في اختياره ما يتوفر عليه من كفاءات في مجال اختصاص المجلس.

وتتحدد مهمة المجلس في تقديم الاقتراحات و الآراء من أجل النهوض بمفتشية طب الشغل و المصالح الطبية للشغل، و في كل ما يخص حفظ الصحة و السلامة المهنية و الوقاية من حوادث الشغل و الأمراض المهنية (48)

رابعا: إحداث لجان السلامة و حفظ الصحة

كانت لجان السلامة و حفظ الصحة مقررة لفائدة المقاولات المنجمية بمقتضى ظهير 24 دجنبر 1960 من خلال ما كان يعرف بمندوبي السلامة و الأمن، و نظرا لأهمية الصحة و السلامة المهنية للأجراء داخل المقاولة فقد تقرر تعميم هذه اللّجان على جميع المقاولات كما سيتم تحديدها أدناه (49) ونعرض لهذه اللجان من خلال الآتي:

الإطار البشري  للجان السلامة و حفظ الصحة: تتكون لجنة السلامة و حفظ الصحة من:

المشغل او من ينوب عنه، رئيسا،

رئيس مصلحة السلامة، و عند عدم وجوده، مهندس او اطار تقني يعمل بالمقاولة، يعينه المشغل.

طبيب الشغل بالمقاولة، مندوبين اثنين للأجراء يتم انتخابهما من قبل المندوبين المنتخبين،

ممثل أو ممثلين نقابيين اثنين بالمقاولة عند وجودهما.

يمكن للجنة، أن تدعو للمشاركة في أشغالها كل شخص ينتمي إلى المقاولة يتوفر على الكفاءة و الخبرة في مجال الصحة و السلامة المهنية، خاصة رئيس مصلحة المستخدمين أو مدير إدارة الانتاج بالمقاولة. (50)

وهكذا يتبين لنا أن الإطار البشري الذي تتكون منه لجنة السلامة و حفظ الصحة داخل المقاولة متنوع و غني بكل العناصر التي يمكن أن تغني هذه اللجنة، و إن تمثيل الأجراء عن طريق ممثليهم ضمانة كبرى لاحترام قواعد السلامة و الوقاية من مخاطر الشغل المتعددة، كما أن تشريع الشغل كان حكيما حينما فسح المجال للجنة المذكورة بالدعوة إلى أشغالها  كل شخص يتوفر على الكفاءة و الخبرة في مجال الصحة و السلامة المهنية.

اختصاصات لجان السلامة و حفظ الصحة: يعهد إلى لجنة السلامة و حفظ الصحة، القيام خاصة باستقصاء المخاطر المهنية التي تهدد أجراء المقاولة، والعمل على تطبيق النصوص التشريعية و التنظيمية في مجال السلامة و حفظ الصحة، والسهر على حسن صيانة استعمال الأجهزة المعدة لوقاية الأجراء من المخاطر المهنية، والسهر على الحفاظ على البيئة داخل المقاولة و محيطها، والايعاز باتخاذ كل المبادرات التي تهم على الخصوص مناهج الشغل و طرقه و انتفاء المعدات و اختيار الأدوات و الآلات الضرورية للشغل الملائمة للشغل، وتقديم الاقتراحات بشأن إعادة تأهيل المعاقين من أجراء المقاولة، وإبداء الرأي حول سير المصلحة الطبية للشغل، وتنمية الإحساس بضرورة اتقاء المخاطر المهنية و روح الحفاظ على السلامة داخل المقاولة. (51) و هذه المهام ذكرت على سبيل المثال لا الحصر، على اعتبار أن تشريع الشغل ترك المجال لإيراد اختصاصات أخرى قد تدخل ضمن صميم عمل هذه اللجان.

التزامات لجان السلامة و حفظ الصحة: تعقد لجنة السلامة و حفظ الصحة اجتماعاتها باستدعاء من رئيسها مرة كل ثلاثة اشهر و كلّما دعت الضرورة إلى ذلك و يجب على اللجنة أيضا أن تجتمع على إثر كل حادثة ترتّبت أو كان من الممكن أن تترتب عنها عواقب خطيرة بحيث تعقد الاجتماعات داخل المقاولة في مكان ملائم و خلال أوقات الشغل كلّما كان ذلك ممكنا ( 52)

ويجب على اللجنة إجراء تحقيق عند وقوع كل حادثة شغل لأحد الأجراء أو إصابته بمرض مهني أو بمرض ذي طابع مهني، و يتولّى إجراء التحقيق عضوان من أعضاء اللجنة يمثل أحدهما المشغل و يمثل الآخر الأجراء، و يتعيّن عليهما أن يضعا تقريرا مطابقا للنموذج المحدد من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالشغل حول الظروف التي وقعت فيها حادثة الشغل أو الاصابة بالمرض المهني أو بالمرض ذي الطابع المهني  (53) ، ويجب على اللجنة ان تضع تقريرا سنويا في نهاية كل سنة شمسية حول تطور المخاطر المهنية بالمقاولة (54)

وبطبيعة الحال فإنّ تشريع الشغل ضمن احترام تطبيق المقتضيات المتعلقة بلجان السلامة و حفظ الصحة بمقتضيات زجرية، عبارة عن غرامة تترواح ما بين 2000 و 5000 درهم. (55)

وختاما نسجّل أن المشرع المغربي اعتنى بصحة وسلامة الأجراء أيّما اعتناء في تشريع الشغل، عندما أفرد لهم ترسانة تشريعية قوية من المواد القانونية التي احتواها القسم الرابع من الكتاب الثاني من مدونة الشغل  والمؤطّرة بالمواد من 281 الى 344 تحت عنوان “حفظ صحة الأجراء وسلامتهم” (56) ، إلا أنه هناك محدودية في هذه الحماية بالنسبة للقطاع الفلاحي، و هو ما نسجله كذلك في قرار وزير التشغيل و التكوين المهني رقم 93.08 المتعلق بتحديد التدابير العامة و الخاصة المتعلقة بالمبادئ المنصوص عليها في المواد من 281 إلى 291 من مدونة الشغل بخصوص الصحة و السلامة المهنية لسنة 2008 الذي لم يراع خصوصية الأنشطة الفلاحية، و الحال أن هذا الأخير يعرف مخاطر كثيرة تظهر في تعرض الأجراء في هذا القطاع لمخاطر مثل أشعة الشمس الحارقة و لذغات الأفاعي و العقارب السامة و استعمال المبيدات بدون ارتداء اللباس الواقي و الاشتغال في الدفيئات الزراعية و الحرارة المفرطة التي تكون بداخلها و الاشتغال في مزارع الفراولة بما يصاحبها من عملية انحناءة لمدة طويلة ( 57) مما يجعلنا نناشد المشرع إلى تعميم كل المقتضيات التي تهم الحفاظ على صحة و سلامة الأجراء على جميع القطاعات سواء كانت فلاحية أو غير فلاحية ، مادام الخطر واحد و الأجراء كالقطعة الواحدة التي ينبغي إسباغ الحماية عليهم متى تعلق الأمر بالصحة و السلامة الجسدية، كما نناشد المشرع إلى تبني مقتضيات جديدة تهم زمن الأوبئة،  و في انتظار ذلك يتعين على المشغلين بالإضافة إلى التزامهم هذه التدابير الصحية التي قال بها تشريع الشغل أن يجتهدوا في اتخاذ تدابير أخرى صحية كتوفير الكمامات و الأقنعة الواقية و توفير المواد المعقمة داخل المقاولة و العمل عمل توفير ظروف عمل صحية تقي الأجراء عدوى كورونا.

الهوامش.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى